فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن

رقم الحديث 128 [128] .

     قَوْلُهُ  ( نَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْقَافِ اسْمُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو الْقَيْسِيُّ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ مِنْ رِجَالِ السِّتَّةِ قَالَ النَّسَائِيُّ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَتَيْنِ ( نَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ) التَّمِيمِيُّ أَبُو الْمُنْذِرِ الخرساني سَكَنَ الشَّامَ ثُمَّ الْحِجَازَ رِوَايَةُ أَهْلِ الشَّامِ عَنْهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ فَضُعِّفَ بِسَبَبِهَا قَالَ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَحْمَدَ كَانَ زُهَيْرٌ الَّذِي يَرْوِي عَنْهُ الشَّامِيُّونَ آخَرَ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ حَدَّثَ بِالشَّامِ مِنْ حِفْظِهِ فَكَثُرَ غَلَطُهُ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ.

     وَقَالَ  فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ الْبُخَارِيُّ لِلشَّامِيِّينَ عَنْهُ مَنَاكِيرُ وَهُوَ ثِقَةٌ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ ( عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ) التَّيْمِيِّ الْمَدَنِيِّ ثِقَةٌ وَكَانَ يُسَمَّى أَسَدَ قُرَيْشٍ ( عَنْ عَمِّهِ عِمْرَانَ بْنِ طَلْحَةَ) بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ الْمَدَنِيِّ لَهُ رُؤْيَةٌ ذَكَرَهُ الْعِجْلِيُّ فِي ثِقَاتِ التَّابِعِينَ ( عَنْ أُمِّهِ حَمْنَةَ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَبِالنُّونِ ( ابْنَةِ جَحْشٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ هِيَ أُخْتُ زَيْنَبَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَامْرَأَةُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ .

     قَوْلُهُ  ( كُنْتُ أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَهُوَ مَصْدَرُ أُسْتَحَاضُ عَلَى حَدِّ أَنْبَتَهُ اللَّهُ نَبَاتًا وَلَا يَضُرُّهُ الْفَرْقُ فِي اصْطِلَاحِ الْعُلَمَاءِ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ إِذِ الْكَلَامُ وَارِدٌ عَلَى أَصْلِ اللُّغَةِ ( كَبِيرَةً) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَثِيرَةً وَكَذَا في رواية أبي داود ( شديدة) قال القارىء كَثِيرَةٌ فِي الْكَمِّيَّةِ شَدِيدَةٌ فِي الْكَيْفِيَّةِ ( أَسْتَفْتِيهِ وَأُخْبِرُهُ) الْوَاوُ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ وَإِلَّا كَانَ حَقُّهَا أَنْ تَقُولَ أُخْبِرُهُ وَأَسْتَفْتِيهِ ( فَوَجَدْتُهُ فِي بَيْتِ أُخْتِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ) أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ( فَمَا تَأْمُرُنِي) مَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ ( فِيهَا) أَيْ فِي الْحَيْضَةِ يعني فيحَالِ وُجُودِهَا ( فَقَدْ مَنَعَتْنِي الصِّيَامَ وَالصَّلَاةَ) أَيْ عَلَى زَعْمِهَا ( أَنْعَتُ) أَيْ أَصِفُ ( الْكُرْسُفَ) بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَضَمِّ السِّينِ أَيِ الْقُطْنَ ( فَإِنَّهُ) أَيِ الْكُرْسُفَ ( يُذْهِبُ الدَّمَ) مِنَ الْإِذْهَابِ أَيْ يَمْنَعُ خُرُوجَهُ إِلَى ظَاهِرِ الْفَرْجِ أَوْ مَعْنَاهُ فَاسْتَعْمِلِيهِ لَعَلَّ دَمَكِ يَنْقَطِعُ ( هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ) أَيِ الدَّمُ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يَنْقَطِعَ بِالْكُرْسُفِ ( قَالَ فَتَلَجَّمِي) أَيْ شُدِّي اللِّجَامَ يَعْنِي خِرْقَةً عَلَى هَيْئَةِ اللِّجَامِ كَالِاسْتِثْفَارِ ( قَالَ فاتخذي ثوبا) أي تحت اللجام وقال القارىء أَيْ مُطْبِقًا ( إِنَّمَا أَثُجُّ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ ( ثَجًّا) مِنْ ثَجَّ الْمَاءُ وَالدَّمُ لَازِمٌ ومتعدي أي أنصب أو أصبه فعلى الثاني تقديره أَثُجُّ الدَّمَ وَعَلَى الْأَوَّلِ إِسْنَادُ الثَّجِّ إِلَى نَفْسِهَا لِلْمُبَالَغَةِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ النَّفْسَ جُعِلَتْ كَأَنَّ كُلَّهَا دَمٌ ثَجَّاجٌ وَهَذَا أَبْلَغُ فِي الْمَعْنَى ( سَآمُرُكِ) السِّينُ لِلتَّأْكِيدِ ( بِأَمْرَيْنِ) أَيْ بِحُكْمَيْنِ أَوْ صِنْفَيْنِ ( أَيَّهُمَا صَنَعْتِ) قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ فِي إِعْرَابِهِ إِنَّهَا بِالنَّصْبِ لَا غَيْرُ وَالنَّاصِبُ لَهَا صَنَعْتِ كَذَا فِي قُوتِ الْمُغْتَذِي ( وَإِنْ قَوِيتِ) أَيْ قَدَرْتِ ( فَأَنْتِ أَعْلَمُ) بِمَا تَخْتَارِينَهُ مِنْهُمَا فَاخْتَارِي أَيَّهمَا شِئْتِ ( فَقَالَ إِنَّمَا هِيَ) أي الثجة أو العلة ( ركضة من مِنَ الشَّيْطَانِ) قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ أَصْلُ الرَّكْضِ الضَّرْبُ بِالرِّجْلِ وَالْإِصَابَةُ بِهَا كَمَا تَرْكُضُ الدَّابَّةُ وَتُصَابُ بِالرِّجْلِ أَرَادَ الْإِضْرَارَ بِهَا وَالْإِيذَاءَ لِمَعْنَى إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ وَجَدَ بِذَلِكَ طَرِيقًا إِلَى التَّلْبِيسِ عَلَيْهَا فِي أَمْرِ دِينِهَا وَطُهْرِهَا وَصَلَاتِهَا حَتَّى أَنْسَاهَا ذَلِكَ عَادَتَهَا وَصَارَ فِي التَّقْدِيرِ كَأَنَّهُ رَكَضَهُ بِآلَةٍ مِنْ رَكَضَاتِهِ انْتَهَى ( فَتَحَيَّضِي) أَيِ اجْعَلِي نَفْسَكِ حَائِضًا يُقَالُ تَحَيَّضَتِ الْمَرْأَةُ أَيْ قَعَدَتْ أَيَّامَ حَيْضِهَا مِنَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ ( سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ التَّحْدِيدِ مِنَ السِّتَّةِ وَالسَّبْعَةِ لَكِنْ عَلَى مَعْنَى اعْتِبَارِ حَالِهَا بِحَالِ مَنْ هِيَ مِثْلُهَا وَفِي مِثْلِ سِنِّهَا مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ بَيْتِهَا فَإِنْ كَانَتْ عَادَةُ مِثْلِهَا أَنْ تَقْعُدَ سِتًّا قَعَدَتْ سِتًّا وَإِنْ سَبْعًا فَسَبْعًا وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ قَدْ ثَبَتَ لَهَا فِيمَا تَقَدَّمَ أَيَّامٌ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ إِلَّا أَنَّهَا قَدْ نَسِيَتْهَا فَلَا تَدْرِي أَيَّتَهُمَا كَانَتْ فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَحَرَّى وَتَجْتَهِدَ وَتَبْنِيَ أَمْرَهَا عَلَى مَا تَيَقَّنَتْهُ مِنْ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَيْ فِيمَا عَلِمَ اللَّهُ مِنْ أَمْرِكِ سِتَّةً أَوْ سَبْعَةً انْتَهَى ( فِي عِلْمِ اللَّهِ) أَيْ فِي عِلْمِ اللَّهِ مِنْ أَمْرِكِ مِنَ السِّتِّ أَوِ السَّبْعِ أَيْ هَذَا شَيْءٌ بَيْنَكِ وَبَيْنَ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلِينَ مِنَ الْإِتْيَانِ بِمَا أَمَرْتُكِ بِهِ أَوْ تَرْكِهِ وَقِيلَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَيْ في علم الله أي حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ مَا أَمَرْتُكِ فَهُوَ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَيْ أَعْلَمَكِ اللَّهُ مِنْ عَادَةِ النِّسَاءِ مِنَ الست أو السبع قاله بنرسلان قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ قِيلَ أَوْ لِلشَّكِّ مِنَ الرَّاوِي وَقَدْ ذَكَرَ أَحَدَ الْعَدَدَيْنِ اعْتِبَارًا بِالْغَالِبِ مِنْ حَالِ نِسَاءِ قَوْمِهَا وَقِيلَ لِلتَّخْيِيرِ بَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْعَدَدَيْنِ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ الظَّاهِرُ وَالْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِ النِّسَاءِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ أَوْ لِلتَّقْسِيمِ أَيْ سِتَّةً إِنِ اعْتَادَتْهَا أَوْ سَبْعَةً إِنِ اعْتَادَتْهَا إِنْ كَانَتْ مُعْتَادَةً لَا مُبْتَدَأَةً أَوْ لَعَلَّهَا شَكَّتْ هَلْ عَادَتُهَا سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ فَقَالَ لَهَا سِتَّةً إِنْ لَمْ تَذْكُرِي عَادَتَكِ أَوْ سَبْعَةً إِنْ ذَكَرْتِ أَنَّهَا عَادَتُكِ أَوْ لَعَلَّ عَادَتَهَا كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فِيهِمَا فَقَالَ سِتَّةً فِي شَهْرِ السِّتَّةِ وَسَبْعَةً فِي شَهْرِ السَّبْعَةِ انتهى وقيل هو الظَّاهِرُ إِنَّهَا كَانَتْ مُعْتَادَةً وَنَسِيَتْ أَنَّ عَادَتَهَا كانت ستا أو سبعا فذكر القارىء مِثْلَ مَا ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ بِقَوْلِهِ وَفِيهِ وَجْهٌ آخر إلخ ثم قال القارىء وَمَعْنَاهُ أَيْ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي عِلْمِ اللَّهِ عَلَى قَوْلِ الشَّكِّ فِي عِلْمِهِ الَّذِي بَيَّنَهُ وَشَرَعَهُ لَنَا كَمَا يُقَالُ فِي حُكْمِ اللَّهِ وَفِي كِتَابِ اللَّهِ وَقِيلَ فِيمَا أَعْلَمَكِ اللَّهُ مِنْ عَادَاتِ النِّسَاءِ مِنَ السِّتِّ أَوِ السَّبْعِ وَفِي قَوْلٍ التَّخْيِيرُ فِيمَا عَلِمَ اللَّهُ مِنْ سِتَّةٍ أَوْ سَبْعَةٍ انْتَهَى مَا فِي الْمِرْقَاةِ ( ثُمَّ اغْتَسِلِي) أَيْ بَعْدَ السِّتَّةِ أَوِ السَّبْعَةِ مِنَ الْحَيْضِ ( فَإِذَا رَأَيْتِ) أَيْ عَلِمْتِ ( أَنَّكِ قد ظهرت وَاسْتَنْقَأْتِ) قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ كَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِالْأَلِفِ وَالصَّوَابُ وَاسْتَنْقَيْتِ لِأَنَّهُ مِنْ نَقَى الشَّيْءُ وَأَنْقَيْتُهُ إِذَا نَظَّفْتُهُ وَلَا وَجْهَ فيه للألف ولا الهمزة انتهى وقال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ قَالَ فِي الْمُغْرِبِ الِاسْتِنْقَاءُ مُبَالَغَةٌ فِي تَنْقِيَةِ الْبَدَنِ قِيَاسٌ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  إِذَا رَأَيْتِ أَنَّكِ طَهُرْتِ وَاسْتَنْقَيْتِ الْهَمْزَةُ فِيهِ خَطَأٌ انْتَهَى قَالَ وَهُوَ فِي النُّسَخِ كُلِّهَا يَعْنِي نسخ الْمُشَكَّلَةَ بِالْهَمْزِ مَضْبُوطٌ فَيَكُونُ جُرْأَةً عَظِيمَةً مِنْ صَاحِبِ الْمُغْرِبِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعُدُولِ الضَّابِطِينَ الْحَافِظِينَ مَعَ إِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى الشُّذُوذِ إِذِ الْيَاءُ مِنْ حَرْفِ الْإِبْدَالِ وَقَدْ جَاءَ شِئْمَةٌ مَهْمُوزًا بَدَلًا مِنْ شِيمَةٍ شَاذًّا عَلَى مَا فِي الشَّافِيَةِ ( فَصَلِّي أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً) يَعْنِي أَيَّامَهَا إِنْ كَانَتْ مُدَّةُ الْحَيْضَةِ سِتَّةً أَوْ ثَلَاثًا ( وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَأَيَّامَهَا) إِنْ كَانَتْ مُدَّةُ الْحَيْضِ سَبْعَةً ( فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُكِ) أَيْ يَكْفِيكِ يُقَالُ أَجْزَأَنِي الشَّيْءُ أَيْ كَفَانِي ( فَإِنْ قَوِيتِ عَلَى أَنْ تُؤَخِّرِي الظُّهْرَ وَتُعَجِّلِي الْعَصْرَ ثُمَّ تَغْتَسِلِينَ حِينَ تَطْهُرِينَ وَتُصَلِّينَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ ثُمَّ تَغْتَسِلِي وَتُصَلِّي بِحَذْفِ النُّونِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَهَذَا هُوَ الْأَمْرُ الثَّانِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَهُوَ أَعْجَبُ الْأَمْرَيْنِ إِلَيَّ.
وَأَمَّا الْأَمْرُ الْأَوَّلُ فَقَالَ صَاحِبُ سُبُلِ السَّلَامِ هُوَ الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ بَعْدَ الِاغْتِسَالِ عَنِ الْحَيْضِ بِمُرُورِ السِّتَّةِ أَوِ السَّبْعَةِ الْأَيَّامِ فَإِنَّ فِي صَدْرِ الْحَدِيثِ سَآمُرُكِ بِأَمْرَيْنِ ثُمَّ ذَكَرَ لَهَا الْأَمْرَ الْأَوَّلَ أَنَّهَا تَحِيضُ سِتًّا أَوْ سَبْعًا ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهَا تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صلاة لأناسْتِمْرَارَ الدَّمِ نَاقِضٌ فَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي غَيْرِهَا ثُمَّ ذَكَرَ الْأَمْرَ الثَّانِيَ مِنْ جَمْعِ الصَّلَاتَيْنِ انْتَهَى وَقَالَ القارىء وَغَيْرُهُ الْأَمْرُ الْأَوَّلُ هُوَ الِاغْتِسَالُ لِكُلِّ صَلَاةٍ قُلْتُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ إِمَّا الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ أَوِ الِاغْتِسَالُ لِكُلِّ صَلَاةٍ لَا غَيْرُهُمَا وَأَعْجَبُهُمَا إِلَيَّ هُوَ الثَّانِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ( ثُمَّ تُؤَخِّرِينَ الْمَغْرِبَ وَتُعَجِّلِينَ الْعِشَاءَ ثُمَّ تَغتْسِلِينَ وَتَجْمَعِينَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فَافْعَلِي) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِحَذْفِ النُّونِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَكَذَلِكَ فَافْعَلِي ( وَصُومِي) أَيْ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ الَّتِي تُصَلِّي ( إِنْ قَوِيتِ عَلَى ذَلِكَ) بَدَلٌ مِنَ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ ( وَهُوَ أَعْجَبُ الْأَمْرَيْنِ إِلَيَّ) أَيِ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ أَحَبُّ الْأَمْرَيْنِ إِلَيَّ وَالْأَمْرُ الْأَوَّلُ هُوَ الِاغْتِسَالُ لِكُلِّ صَلَاةٍ أَوِ الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ كَمَا تَقَدَّمَ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وأحمد وبن مَاجَهْ وَالدّارَقُطْنيُّ وَالْحَاكِمُ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي تَلْخِيصِهِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ قَدْ تَرَكَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْقَوْلَ بهذا الحديث لأن بن عَقِيلٍ رَاوِيَهُ لَيْسَ بِذَاكَ.

     وَقَالَ  أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ هذا آخر كلامه وقد أخرجه الترمذي وبن مَاجَهْ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

     وَقَالَ  أَيْضًا وَسَأَلْتُ مُحَمَّدًا يَعْنِي الْبُخَارِيَّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ انْتَهَى قَالَ صَاحِبُ سُبُلِ السَّلَامِ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ الْمُنْذِرِيِّ هَذَا فَعَرَفْتُ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ حَدِيثٌ غَيْرُ صَحِيحٍ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ قَدْ صَحَّحَهُ الْأَئِمَّةُ انتهىقلت عبد الله بن محمد بن عقيل مُتَكَلَّمٌ فِيهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ يَعْنِي الْبُخَارِيَّ يَقُولُ كَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَالْحُمَيْدِيُّ يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ مُقَارِبُ الْحَدِيثِ انْتَهَى كَلَامُ التِّرْمِذِيِّ.

     وَقَالَ  الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَرْجَمَتِهِ بَعْدَ ذِكْرِ أَقْوَالِ الْجَارِحِينَ وَالْمُعَدِّلِينَ حَدِيثُهُ فِي مَرْتَبَةِ الْحَسَنِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ إِذَا كَانَتْ تَعْرِفُ حَيْضَهَا بِإِقْبَالِ الدَّمِ وَإِدْبَارِهِ فَإِقْبَالُهُ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِقْبَالُهُ بِالْوَاوِ وَهُوَ الظَّاهِرُ ( أَنْ يَكُونَ أَسْوَدَ وَإِدْبَارُهُ أَنْ يَتَغَيَّرَ إِلَى الصُّفْرَةِ) كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ إِذَا كَانَ دَمُ الْحَيْضَةِ فَإِنَّهُ أَسْوَدُ يُعْرَفُ إِلَخْ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَخْرِيجُهُ وَلَفْظُهُ ( فَالْحُكْمُ لَهَا عَلَى حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ) أَيِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَقَدْ عَرَفْتَ هُنَاكَ أَنَّ فِيهِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا مَيَّزَتْ دَمَ الْحَيْضِ مِنْ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ تَعْتَبِرُ دَمَ الْحَيْضِ وَتَعْمَلُ عَلَى إِقْبَالِهِ وَإِدْبَارِهِ فَإِذَا انْقَضَى قَدْرُهُ اغْتَسَلَتْ منه ( وإن كان الْمُسْتَحَاضَةُ لَهَا أَيَّامٌ مَعْرُوفَةٌ قَبْلَ أَنْ تُسْتَحَاضَ فَإِنَّهَا تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَتُصَلِّي) كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي بَابِ مَا جَاءَ أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَكَذَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا تَخْرِيجَهُ وَلَفْظَهُ فِي بَابِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا حَدِيثُ عَائِشَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ جَحْشٍ وَفِيهِ امْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ ثُمَّ اغْتَسِلِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ ( وَإِذَا اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا أَيَّامٌ مَعْرُوفَةٌ) بِأَنْ كَانَتْ مُبتْدَأَةً غَيْرَ مُعْتَادَةٍ ( وَلَمْ تَعْرِفِ الْحَيْضَ بِإِقْبَالِ الدَّمِ وَإِدْبَارِهِ فَالْحُكْمُ لَهَا عَلَى حَدِيثِ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ) فَتَرْجِعُ إِلَى حَالِ مَنْ هِيَ مِثْلُهَا وَفِي مِثْلِ سِنِّهَا مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ بَيْتِهَا فَإِنْ كَانَتْ عَادَةُ مِثْلِهَا أَنْ تَقْعُدَ سِتًّا قَعَدَتْ سِتًّا وَإِنْ سَبْعًا فَسَبْعًا كَمَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَوْ تَرْجِعُ إِلَى الْحَالَةِ الْغَالِبَةِ فِي النِّسَاءِ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ فَحَمَلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ حَدِيثَ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ عَلَى عَدَمِ مَعْرِفَتِهَا لِعَادَتِهَا وَعَدَمِ التَّمْيِيزِبِصِفَاتِ الدَّمِ وَمُحَصَّلُ مَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ مُعْتَادَةً تَرْجِعُ إِلَى عَادَتِهَا الْمَعْرُوفَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُمَيِّزَةً أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُعْتَادَةٍ وَهِيَ مُمَيِّزَةٌ أَعْنِي تَعْرِفُ حَيْضَهَا بِإِقْبَالِ الدَّمِ وَإِدْبَارِهِ تَعْتَبِرُ دَمَ الْحَيْضِ وَتَعْمَلُ عَلَى إِقْبَالِهِ وَإِدْبَارِهِ لِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ وَإِنْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً غير مميزة لاعادة لها ولا تمييز ترجع إِلَى الْحَالَةِ الْغَالِبَةِ فِي النِّسَاءِ سِتًّا أَوْ سَبْعًا لِحَدِيثِ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ وَهَذَا الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ هُوَ جَمْعٌ حَسَنٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَالَ الطِّيبِيُّ قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ يَعْنِي فِي اعْتِبَارِ التَّمْيِيزِ فَأَبُو حَنِيفَةَ مَنَعَ اعْتِبَارَ التَّمْيِيزِ مُطْلَقًا وَالْبَاقُونَ عَمِلُوا بِالتَّمْيِيزِ فِي حَقِّ الْمُبْتَدَأَةِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا تَعَارَضَتِ الْعَادَةُ وَالتَّمْيِيزُ فَاعْتَبَرَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا التمييز ولم ينظروا إلى العادة وعكس بن خَيْرَانَ انْتَهَى كَلَامُ الطِّيبِيِّ ( وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْمُسْتَحَاضَةُ إِذَا اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فِي أَوَّلِ مَا رَأَتْ فَدَامَتْ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهَا تَدَعُ الصَّلَاةَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِذَا طَهُرَتْ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا أَيَّامُ حَيْضٍ) بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ طَهَارَتُهَا بَعْدَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِنَّهَا إِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَا يَكُونُ ذَلِكَ الدَّمُ حَيْضًا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ( فَإِذَا رَأَتِ الدَّمَ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنَّهَا تَقْضِي صَلَاةَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا) وَذَلِكَ لِأَنَّ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَيْضِ عِنْدَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَكْثَرُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَلَمَّا رَأَتْ مُبْتَدَأَةٌ الدَّمَ فَمَا لَمْ يَزِدْ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَكُلُّهُ حَيْضٌ ومتى زاد على خمسة عشرة فَالزَّائِدُ دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ أَلْبَتَةَ وَوَقَعَ بِهِ الشَّكُّ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ انْقِطَاعُ الْحَيْضِ بَعْدَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مِنْ أَوَّلِ مَا رَأَتْ أَوْ بَعْدَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ إِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَبَنَى الْأَمْرَ عَلَى الْيَقِينِ وَطَرَحَ الشَّكَّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ كَذَا في بعض الحواشي وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ هَذَا فِي الْمُسْتَحَاضَةِ الْمُبْتَدَأَةِ الَّتِي لَا تَمْيِيزَ لَهَا.
وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ ذَاتَ تَمْيِيزٍ بِأَنْ تَرَى فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ دَمًا أَسْوَدَ وَفِي بَعْضِهَا دَمًا أَحْمَرَ أَوْ أَصْفَرَ فَالدَّمُ الْأَسْوَدُ حَيْضٌ بِشَرْطِ أَنْ لاينقص عن يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا يَزِيدَ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَذَا حَرَّرَهُ الشَّافِعِيُّ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ .

     قَوْلُهُ  ( فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ وَأَكْثَرِهِ فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثٌ وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةٌ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ وَبِهِ يأخذ بن المبارك) قال بن قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي قَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وصاحباه أقله ثلاثة أيام وأكثره عشر لِمَا رَوَى وَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةٌ.

     وَقَالَ  أَنَسٌ قُرْءُ الْمَرْأَةِ ثَلَاثٌ أَرْبَعٌ خَمْسٌ سِتٌّ سَبْعٌ ثَمَانٍ تِسْعٌ عَشَرَةٌ وَلَا يَقُولُ أَنَسٌ ذَلِكَ إِلَّا توقيفا ثم قال بن قُدَامَةَ مُجِيبًا عَنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ وَأَثَرِ أَنَسٍ مَا لَفْظُهُ وَحَدِيثُ وَاثِلَةَ يَرْوِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الشَّامِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ حَمَّادِ بْنِ الْمُنْهَالِ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَحَدِيثُ أَنَسٍ يَرْوِيهِ الْجَلْدُ بن أيوب وهو ضعيف قال بن عُيَيْنَةَ هُوَ مُحْدَثٌ لَا أَصْلَ لَهُ.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ لَيْسَ هُوَ شَيْئًا هَذَا مِنْ قِبَلِ الْجَلْدِ بْنِ أَيُّوبَ قِيلَ إِنَّ أَحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ رَوَاهُ.

     وَقَالَ  مَا أَرَاهُ سَمِعَهُ إِلَّا مِنَ الْحَسَنِ بْنِ دِينَارٍ وَضَعَّفَهُ جِدًّا قَالَ.

     وَقَالَ  يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ذَاكَ أَبُو حَنِيفَةَ لَمْ يَحْتَجَّ إِلَّا بِالْجَلْدِ بْنِ أَيُّوبَ وَحَدِيثُ الْجَلْدِ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مَا يُعَارِضُهُ فَإِنَّهُ قَالَ مَا زَادَ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ اسْتِحَاضَةٌ وَأَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ انْتَهَى مَا فِي الْمُغْنِي وَاسْتَدَلَّ لَهُمْ أَيْضًا بِحَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَقَلُّ الْحَيْضِ لِلْجَارِيَةِ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ ثَلَاثٌ وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَإِذَا زَادَ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْهُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ مَجْهُولٌ وَالْعَلَاءُ بْنُ كَثِيرٍ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ وَمَكْحُولٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي أُمَامَةَ وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ أُخْرَى كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ ذَكَرَهَا الحافظ الزيلعي في نصب الراية والحافظ بن حَجَرٍ فِي الدِّرَايَةِ مَعَ بَيَانِ ضَعْفِهَا ( وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ أَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عشرة وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي عُبَيْدَةَ) وَاسْتَدَلَّ عَلَى هَذَا بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَقَالَ تَمْكُثُ إِحْدَاكُنَّ شَطْرَ دَهْرِهَا لَا تُصَلِّي قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ لَا أَصْلَ لَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بن منده فيما حكاه بن دَقِيقِ الْعِيدِ فِي الْإِمَامِ عَنْهُ ذِكْرُ بَعْضِهِمْ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يَثْبُتُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ هَذَا الْحَدِيثُ يَذْكُرُهُ بَعْضُ فُقَهَائِنَا وَقَدْ طَلَبْتُهُ كَثِيرًا فَلَمْ أَجِدْهُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ أَوْ وَلَمْ أجد له إسنادا وقال بن الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ هَذَا لَفْظٌ يَذْكُرُهُ أَصْحَابُنَا وَلَا أَعْرِفُهُ.

     وَقَالَ  الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي الْمُهَذَّبِ لَمْ أَجِدْهُ بِهَذَا اللَّفْظِ إِلَّا فِي كُتُبِ الْفُقَهَاءِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ بَاطِلٌ لَا يُعْرَفُ انْتَهَى مَا فِي التَّلْخِيصِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ قُلْتُ لَمْ أَجِدْ حَدِيثًا لَا صَحِيحًا وَلَا ضَعِيفًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ بَلْ هُوَ بَاطِلٌ.
وَأَمَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ لَكِنَّهَا كُلَّهَا ضَعِيفَةٌ كَمَا عرفت تنبيه قال بن قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي أَقَلُّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ قَالَ مُسْتَدِلًّا عَلَى هَذَا مَا لَفْظُهُ وَلَنَا أَنَّهُ وَرَدَ فِي الشَّرْعِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَلَا حَدَّ لَهُ فِي اللُّغَةِ وَلَا فِي الشَّرِيعَةِ فَيَجِبُ الرُّجُوعُ فِيهِ إِلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ كَمَا فِي الْقَبْضِ وَالْإِحْرَازِ وَالتَّفَرُّقِ وَأَشْبَاهِهَا وَقَدْ وُجِدَ حَيْضٌ مُعْتَادٌ يَوْمًا.

     وَقَالَ  عَطَاءٌ رَأَيْتُ مِنَ النِّسَاءِ مَنْ تَحِيضُ خَمْسَةَ عَشَرَ.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ سَمِعْتُ شَرِيكًا يَقُولُ عِنْدَنَا امْرَأَةٌ تَحِيضُ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَةَ عشر يوما حيضا مستقيما وقال بن الْمُنْذِرِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ عِنْدَنَا امْرَأَةٌ تَحِيضُ غَدْوَةً وَتَطْهُرُ عَشِيًّا يَرَوْنَ أَنَّهُ حَيْضٌ تَدَعُ لَهُ الصَّلَاةَ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ رَأَيْتُ امْرَأَةً أُثْبِتَ لِي عَنْهَا أَنَّهَا لَمْ تَزَلْ تَحِيضُ يَوْمًا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ وَأُثْبِتَ لِي عَنْ نِسَاءٍ أَنَّهُنَّ لَمْ يَزَلْنَ يَحِضْنَ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَذَكَرَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ تَحِيضُ امْرَأَتِي يَوْمَيْنِ.

     وَقَالَ  إِسْحَاقُ قَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِنَا مَعْرُوفَةٌ لَمْ أُفْطِرْ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إِلَّا يَوْمَيْنِ وَقَولُهُنَّ يَجِبُ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ( وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ) فَلَوْلَا أَنَّ قَوْلَهُنَّ مَقْبُولٌ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِنَّ الْكِتْمَانُ وَجَرَى ذَلِكَ مَجْرَى قَوْلِهِ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَلَمْ يُوجَدْ حَيْضٌ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ عَادَةً مُسْتَمِرَّةً فِي عَصْرٍ مِنَ الْأَعْصَارِ فَلَا يَكُونُ حَيْضًا بِحَالٍ انْتَهَى مَا فِي الْمُغْنِي قلت كلام بن قُدَامَةَ هَذَا يَدُلُّ صَرَاحَةً عَلَى أَنَّهُ مَنْ قَالَ إِنَّ أَقَلَّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ أَوْ أَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَيْسَ لَهُ دَلِيلٌ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِنَّمَا اعْتِمَادُهُ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ وَهِيَ مُخْتَلِفَةٌ حَتَّى قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ عِنْدَنَا امْرَأَةٌ تَحِيضُ غَدْوَةً وَتَطْهُرُ عَشِيًّا فَتَفَكَّرْ95 - ( باب ما جاء في المستحاضة أنها تغتسل عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ)