فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في الصلاة على الحصير

رقم الحديث 1788 [1788] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ يُونُسَ) هُوَ الْإِسْكَافُ كَمَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَوَقَعَ في رواية بن مَاجَهْ عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ الْإِسْكَافِ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَهُوَ بَصْرِيٌّ وَثَّقَهُ أحمد وبن معين وغيرهما وقال بن عدي ليس بالمشهور وقال بن سعد كان معروفا وله أحاديث وقال بن حِبَّانَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ كَذَا قال ومن وثقه أعرف بحاله من بن حِبَّانَ وَالرَّاوِي عَنْهُ هِشَامٌ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ وَهُوَ مِنَ الْمُكْثِرِينَ عَنْ قَتَادَةَ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ هَذَا انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( عَلَى خِوَانٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَيُضَمُّ أَيْ مَائِدَةٍ قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ الْخِوَانُ الَّذِي يُؤْكَلُ عَلَيْهِ مُعَرَّبٌ وَالْأَكْلُ عَلَيْهِ لَمْ يَزَلْ مِنْ دَأْبِ الْمُتْرَفِينَ وَصَنِيعِ الْجَبَّارِينَ لِئَلَّا يَفْتَقِرُوا إِلَى التَّطَأْطُؤِ عِنْدَ الْأَكْلِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي الْعُمْدَةِ .

     قَوْلُهُ  على الخوان بسكر الخاء المعجمة وهو المشهور ورجاء ضَمُّهَا وَفِيهِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ إِخْوَانٌ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْخَاءِ وَهُوَ مُعَرَّبٌ قَالَ الْجَوَالِقِيُّ تَكَلَّمَتْ به العرب قديما وقال بن فَارِسٍ إِنَّهُ اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ وَعَنْ ثَعْلَبٍ سُمِّيَ بذلك لأنه يتخون ما عليه أي ينتقص وَقَالَ عِيَاضٌ إِنَّهُ الْمَائِدَةُ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ طَعَامٌ وَيُجْمَعُ عَلَى أَخْوِنَةٍ فِي الْقِلَّةِ وخوون بِالضَّمِّ فِي الْكَثْرَةِ قَالَ الْعَيْنِيُّ لَيْسَ فِيمَا ذُكِرَ كُلُّهِ بَيَانُ هَيْئَةِ الْخِوَانِ وَهُوَ طَبَقٌ كَبِيرٌ مِنْ نُحَاسٍ تَحْتَهُ كُرْسِيٌّ مِنْ نُحَاسٍ مَلْزُوقٍ بِهِ طُولُهُ قَدْرُ ذِرَاعٍ يُرَصُّ فِيهِ الزباد ويوضع بين يديكبير مِنَ الْمُتْرَفِينَ وَلَا يَحْمِلُهُ إِلَّا اثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا انْتَهَى ( وَلَا سُكُرُّجَةٍ) بِضَمِّ السِّينِ وَالْكَافِ وَالرَّاءِ وَالتَّشْدِيدِ إِنَاءٌ صَغِيرٌ يُؤْكَلُ فِيهِ الشَّيْءُ الْقَلِيلُ مِنَ الْأُدْمِ وَهِيَ فَارِسِيَّةٌ وَأَكْثَرُ مَا يُوضَعُ فِيهِ الْكَوَامِخُ وَنَحْوُهَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ قِيلَ وَالْعَجَمُ كَانَتْ تَسْتَعْمِلُهَا فِي الْكَوَامِيخِ وَمَا أَشْبَهَهَا مِنَ الْجَوَارِشَاتِ يَعْنِي الْمُخَلَّلَاتِ عَلَى الْمَوَائِدِ حول الأطعمة للتشهي والهضم فأخبر النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْكُلْ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ قَطُّ قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ تَرْكُهُ الْأَكْلَ فِي السُّكُرُّجَةِ إِمَّا لِكَوْنِهَا لَمْ تَكُنْ تُصْنَعُ عِنْدَهُمْ إِذْ ذَاكَ أو استصغارا لها لِأَنَّ عَادَتَهُمْ لِلِاجْتِمَاعِ عَلَى الْأَكْلِ أَوْ لِأَنَّهَا كَانَتْ تُعَدُّ لِوَضْعِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُعِينُ عَلَى الْهَضْمِ وَلَمْ يَكُونُوا غَالِبًا يَشْبَعُونَ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَاجَةٌ بِالْهَضْمِ انْتَهَى ( وَلَا خُبِزَ) مَاضٍ مَجْهُولٌ ( لَهُ) أَيْ لِأَجْلِهِ ( مُرَقَّقٌ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَيْ مُلَيَّنُ مُحَسَّنٌ كَخُبْزِ الْحُوَّارَى وَشَبَهِهِ وَالتَّرْقِيقُ التَّلْيِينُ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ مَنَاخِلُ وَقَدْ يَكُونُ الْمُرَقَّقُ الرَّقِيقُ الْمُوَسَّعُ انْتَهَى قَالَ الْحَافِظُ هذا هو المتعارف وبه جزم بن الْأَثِيرِ قَالَ الرِّقَاقُ الرَّقِيقُ مِثْلُ طِوَالٍ طَوِيلٍ وهو الرغيف الواسع الرقيق وقال بن الْجَوْزِيِّ هُوَ الْخَفِيفُ كَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الرِّقَاقِ وَهِيَ الْخَشَبَةُ الَّتِي يُرَقَّقُ بِهَا انْتَهَى ( فَقُلْتُ) الْقَائِلُ هُوَ يُونُسُ ( فَعَلَى مَا) وَكَذَا فِي أَكْثَرِ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ وَفِي بَعْضِهَا فَعَلَامَ بِمِيمٍ مُفْرَدَةٍ أَيْ فَعَلَى أَيِّ شَيْءٍ وَاعْلَمْ أَنَّ حَرْفَ الْجَرِّ إِذَا دَخَلَ عَلَى مَا الِاسْتِفْهَامِيَّةِ حُذِفَ الْأَلِفُ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ لَكِنْ قَدْ تَرِدُ فِي الِاسْتِعْمَالَاتِ الْقَلِيلَةِ عَلَى الْأَصْلِ نَحْوُ قَوْلِ حَسَّانَ عَلَى مَا قَالَ يَشْتُمُنِي لَئِيمٌ ثُمَّ.
اعْلَمْ أَنَّهُ إِذَا اتَّصَلَ الْجَارُّ بِمَا الِاسْتِفْهَامِيَّةِ الْمَحْذُوفَةِ الْأَلِفِ نَحْوُ حَتَّامَ وَعَلَامَ كُتِبَ مَعَهَا بِالْأَلِفِ لِشِدَّةِ الِاتِّصَالِ بِالْحُرُوفِ ( قَالَ) أَيْ قَتَادَةُ ( عَلَى هَذِهِ السُّفَرِ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ جَمْعُ سُفْرَةٍ فِي النِّهَايَةِ السُّفْرَةُ الطَّعَامُ يَتَّخِذُهُ الْمُسَافِرُ وَأَكْثَرُ مَا يُحْمَلُ فِي جِلْدٍ مُسْتَدِيرٍ فَنَقَلَ اسْمَ الطَّعَامِ إِلَى الْجِلْدِ وَسُمِّيَ بِهِ كَمَا سُمِّيَتِ المزادة رواية وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْمَنْقُولَةِ انْتَهَى ثُمَّ اشْتُهِرَتْ لِمَا يُوضَعُ عَلَيْهِ الطَّعَامُ جِلْدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ مَا عَدَا الْمَائِدَةُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ شِعَارُ الْمُتَكَبِّرِينَ غَالِبًا .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَطْعِمَةِ والنسائي في الرقائق والوليمة وبن مَاجَهْ فِي الْأَطْعِمَةِ2 -

رقم الحديث 1789 [1789] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ) بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ ثِقَةٌ مِنَ الْخَامِسَةِ .

     قَوْلُهُ  ( أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا) بِفَاءٍ مَفْتُوحَةٍ وَجِيمٍ سَاكِنَةٍ أَيْ أَثَرْنَا يُقَالُ نَفَجَ الْأَرْنَبُ إِذَا ثَارَ وَعَدَا وَانْتَفَجَ كَذَلِكَ وَأَنْفَجْتَهُ إِذَا أَثَرْتَهُ مِنْ مَوْضِعِهِ وَيُقَالُ إِنَّ الِانْتِفَاجَ الِاقْشِعْرَارُ فَكَأَنَّ الْمَعْنَى جَعَلْنَاهَا بِطَلَبِنَا لَهَا تَنْتَفِجُ وَالِانْتِفَاجُ أَيْضًا ارْتِفَاعُ الشَّعْرِ وَانْتِفَاشُهُ ( بِمَرِّ الظَّهْرَانِ) مَرِّ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَالظَّهْرَانِ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ بِلَفْظِ تَثْنِيَةِ الظَّهْرِ اسْمُ مَوْضِعٍ عَلَى مَرْحَلَةٍ مِنْ مَكَّةَ وَقَدْ يُسَمَّى بِإِحْدَى الْكَلِمَتَيْنِ تَخْفِيفًا وَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِي تُسَمِّيهِ عَوَامُّ الْمِصْرِيِّينَ بَطْنَ مَرْوٍ وَالصَّوَابُ مَرٍّ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ ( فَذَبَحَهَا بِمَرْوَةٍ) بِفَتْحِ مِيمٍ وَسُكُونِ رَاءٍ حَجَرٌ أَبْيَضُ وَيُجْعَلُ مِنْهُ كَالسِّكِّينِ ( فَبَعَثَ مَعِي بِفَخِذِهَا أَوْ بِوَرِكِهَا) هُوَ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَالْوَرِكُ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ وَكَكَتِفٍ مَا فَوْقَ الْفَخِذِ مُؤَنَّثَةٌ كَذَا فِي الْقَامُوسِ ( فَأَكَلَهُ فَقُلْتُ أَكَلَهُ قَالَ قَبِلَهُ) قَالَ الطِّيبِيُّ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى الْمَبْعُوثِ أَوْ بِمَعْنَى اسْمِ الْإِشَارَةِ أَيْ ذَاكَ انْتَهَى وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى الْمَذْكُورِ وَهَذَا التَّرْدِيدُ لِهِشَامِ بْنِ زَيْدٍ وَقَفَ جَدَّهُ أَنَسًا عَلَى قَوْلِهِ أَكَلَهُ فَكَأَنَّهُ تَوَقَّفَ فِي الْجَزْمِ بِهِ وَجَزَمَ بِالْقَبُولِ وَقَدْ أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْنَبٌ وَأَنَا نَائِمَةٌ فَخَبَّأَ لِي مِنْهَا الْعَجُزَ فَلَمَّا قُمْتُ أَطْعَمَنِي وَهَذَا لَوْ صَحَّ لَأَشْعَرَ بِأَنَّهُ أَكَلَ مِنْهَا لَكِنَّ سَنَدَهُ ضَعِيفٌ وَوَقَعَ فِي الْهِدَايَةِ لِلْحَنَفِيَّةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ مِنْ أَرْنَبٍ حِينَ أُهْدِيَ إِلَيْهِ مَشْوِيًّا وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالْأَكْلِ مِنْهُ وَكَأَنَّهُ تَلَقَّاهُ مِنْ حَدِيثَيْنِ فَأَوَّلُهُ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ.

     وَقَالَ  ظَهَرَ مَا فِيهِ وَالْآخَرُ مِنْ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّإِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْنَبٍ قَدْ شَوَاهَا فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَمْسَكَ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَأْكُلُوا وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ اخْتِلَافًا كَثِيرًا .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ وَعَمَّارٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ وَيُقَالُ مُحَمَّدُ بْنُ صَيْفِيٍّ) أَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ الذبح بالمروة وأخرجه أيضا بن حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَمَّارٍ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ فَأَخْرَجَهُ أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وبن ماجه وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ عَنْهُ أَنَّهُ صَادَ أَرْنَبَيْنِ فَذَبَحَهُمَا بِمَرْوَتَيْنِ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُ بِأَكْلِهِمَا كَذَا فِي الْمُنْتَقَى وَالنَّيْلِ وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ هَذَا وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ صَيْفِيٍّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ مَنْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ صَيْفِيٍّ فَقَدْ وَهِمَ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ كَمَا فِي الْمُنْتَقَى .

     قَوْلُهُ  ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يَرَوْنَ بِأَكْلِ الْأَرْنَبِ بَأْسًا) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَكْلُ الْأَرْنَبِ حَلَالٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَالْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وبن أَبِي لَيْلَى أَنَّهُمَا كَرِهَاهَا دَلِيلُ الْجُمْهُورِ هَذَا الْحَدِيثُ يَعْنِي حَدِيثَ الْبَابِ مَعَ أَحَادِيثَ مِثْلِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي النَّهْيِ عَنْهَا شَيْءٌ انْتَهَى ( وَقَدْ كَرِهَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَخْ) كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مِنَ الصَّحَابَةِ وَعِكْرِمَةَ مِنَ التَّابِعِينَ وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي لَيْلَى مِنَ الْفُقَهَاءِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ خُزَيْمَةَ بْنِ جَزْءٍ.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي الْأَرْنَبِ قَالَ لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ.

قُلْتُ فَإِنِّي آكُلُ مَا لَا تُحَرِّمُهُ وَلِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نُبِّئْتُ أَنَّهَا تَدْمَى قَالَ الْحَافِظُ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ وَلَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَلَهُ شَاهِدٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بِلَفْظِ جِيءَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَأْكُلْهَا وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا وَزَعَمَ أَنَّهَا تَحِيضُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَلَهُ شَاهِدٌ عَنْ عُمَرَ عِنْدَ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ انْتَهَى قُلْتُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي سَنَدِهِ خَالِدُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ قَالَ الْحَافِظُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَتِهِ قَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْهُ فَقَالَ لَا أعرفه وقال بن عَدِيٍّ إِذَا كَانَ يَحْيَى لَا يَعْرِفُهُ فَلَا يكون له شهرة ولا يعرف وذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِانْتَهَى وَفِي سَنَدِهِ أَيْضًا مُحَمَّدٌ ابْنُهُ وَهُوَ مَسْتُورٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ وَتَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ وَأَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ فَقَالَ الْحَافِظُ فِي بَابِ الضَّبِّ بَعْدَ ذِكْرِهِ سَنَدُهُ حَسَنٌ ( باب فِي أَكْلِ الضَّبِّ) قَالَ الْحَافِظُ هُوَ دُوَيْبَةٌ تُشْبِهُ الْجِرْذَوْنَ لَكِنَّهُ أَكْبَرُ مِنْهُ وَيُكْنَى أَبَا حَسْلٍ وَيُقَالُ لِلْأُنْثَى ضَبَّةٌ وَيُقَالُ إِنَّ لِأَصْلِ ذَكَرِ الضَّبِّ فَرَعَيْنِ وَلِهَذَا يُقَالُ لَهُ ذَكَرَانِ وذكر بن خَالَوَيْهِ أَنَّ الضَّبَّ يَعِيشُ سَبْعَمِائَةِ سَنَةٍ وَأَنَّهُ لَا يَشْرَبُ الْمَاءَ وَيَبُولُ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا قَطْرَةً وَلَا يَسْقُطُ لَهُ سِنٌّ وَيُقَالُ بَلْ أَسْنَانُهُ قِطْعَةٌ وَاحِدَةٌ وَحَكَى غَيْرُهُ أَنَّ أَكْلَ لَحْمِهِ يُذْهِبُ الْعَطَشَ وَمِنَ الْأَمْثَالِ لَا أفعل كذا حتى يرد الضب بقوله مَنْ أَرَادَ أَنْ لَا يَفْعَلَ الشَّيْءَ لِأَنَّ الضَّبَّ لَا يَرِدُ بَلْ يَكْتَفِي بِالنَّسِيمِ وَبَرْدِ الْهَوَاءِ وَلَا يَخْرُجُ مِنْ جُحْرِهِ فِي الشِّتَاءِ انْتَهَى وَيُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ سوسمار وَبِالْهِنْدِيَّةِ كوه

رقم الحديث 1790 [179] .

     قَوْلُهُ  ( لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ) فِيهِ جَوَازُ أَكْلِ الضَّبِّ قَالَ النَّوَوِيُّ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ أَكْلَ الضَّبِّ حَلَالٌ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ كَرَاهَتِهِ وَإِلَّا مَا حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ قَوْمٍ أَنَّهُمْ قَالُوا هُوَ حَرَامٌ وَمَا أَظُنُّهُ يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ وَإِنْ صَحَّ عَنْ أَحَدٍ فَمَحْجُوجٌ بِالنُّصُوصِ وَإِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ انْتَهَى فَإِنْ قُلْتَ لَمَّا لَمْ يَكُنِ الضَّبُّ حَرَامًا فَمَا سَبَبُ عَدَمِ أَكْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قُلْتُ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ مَيْمُونَةَ فَأُتِيَ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ فَقَالَ بَعْضُ النِّسْوَةِ أَخْبِرُوا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ فَقَالُوا هُوَ ضَبٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَرَفَعَ يَدَهُ فَقُلْتُ أَحَرَامٌ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ قَالَ خَالِدٌ فَاجْتَرَرْتُهُ فَأَكَلْتُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ قَالَ الْحَافِظُ .

     قَوْلُهُ  فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ أَيْ أَكْرَهُ أَكْلَهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَتَرَكَهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَالْمُتَقَذِّرِ لَهُنَّ وَلَوْ كُنَّ حَرَامًا لَمَا أُكِلْنَ عَلَى مَائِدَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمَا أَمَرَ بِأَكْلِهِنَّ كَذَا أَطْلَقَ الْأَمْرَ وَكَأَنَّهُ تَلَقَّاهُ مِنَ الْإِذْنِ الْمُسْتَفَادِ مِنَ التَّقْرِيرِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ إِلَّا فِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَإِنَّ فِيهَا فَقَالَلَهُمْ كُلُوا فَأَكَلَ الْفَضْلُ وَخَالِدٌ وَالْمَرْأَةُ وَكَذَا في رواية الشعبي عن بن عُمَرَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُوا وَأَطْعِمُوا فَإِنَّهُ حَلَالٌ أَوْ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ طَعَامِي وَفِي هَذَا كُلِّهِ بَيَانُ سَبَبِ تَرْكِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ بِسَبَبِ أَنَّهُ مَا اعْتَادَهُ وَقَدْ وَرَدَ لِذَلِكَ سَبَبٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ مَالِكٌ مِنْ مُرْسَلِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ فَذَكَرَ مَعْنَى حديث بن عَبَّاسٍ وَفِي آخِرِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلا يعني لخالد وبن عَبَّاسٍ فَإِنَّنِي يَحْضُرُنِي مِنَ اللَّهِ حَاضِرَةٌ قَالَ الْمَازِرِيُّ يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ وَكَانَ لِلَحْمِ الضَّبِّ رِيحًا فَتَرَكَ أَكْلَهُ لِأَجْلِ رِيحِهِ كَمَا تَرَكَ أَكْلَ الثُّومِ مَعَ كَوْنِهِ حَلَالًا قَالَ الْحَافِظُ وَهَذَا إِنْ صَحَّ يُمْكِنُ ضَمُّهُ إِلَى الْأَوَّلِ وَيَكُونُ لِتَرْكِهِ الْأَكْلَ مِنَ الضَّبِّ سَبَبَانِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وفي الباب عن عمر وأبي سعيد وبن عَبَّاسٍ وَثَابِتِ بْنِ وَدِيعَةَ وَجَابِرٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بن حسنة) أما حديث عمر فأخرجه مسلم وبن مَاجَهْ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ فِي الضَّبِّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُحَرِّمْهُ وَأَنَّ عُمَرَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَيَنْفَعُ بِهِ غَيْرَ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا طَعَامُ عَامَّةِ الرِّعَاءِ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ عِنْدِي طَعِمْتُهُ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَأَخْرَجَهُ أحمد ومسلم وبن مَاجَهْ عَنْهُ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا بِأَرْضٍ مُضِبَّةٍ فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ ذَكَرَ لِي أَنَّ أُمَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُسِخَتْ فلم يأمر ولم ينه وأما حديث بن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ عَنْهُ قَالَ أَهْدَتْ خَالَتِي أُمُّ حُفَيْدٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقِطًا وَسَمْنًا وَأَضُبًّا فَأَكَلَ مِنَ الْأَقِطِ والسمن وترك الأضب تقذرا قال بن عَبَّاسٍ فَأُكِلَ عَلَى مَائِدَتِهِ وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمَا أُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ وَأَمَّا حَدِيثُ ثَابِتِ بْنِ وَدِيعَةَ فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ عَنْهُ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَيْشٍ فَأَصَبْنَا ضِبَابًا قَالَ فَشَوَيْتُ مِنْهَا ضَبًّا فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ فَأَخَذَ عُودًا فَعَدَّ بِهِ أَصَابِعَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ أُمَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُسِخَتْ دَوَابًّا فِي الْأَرْضِ وَإِنِّي لَا أَدْرِي أَيُّ الدَّوَابِّ هِيَ قَالَ فَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَنْهَ قَالَ الْحَافِظُ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْهُ قَالَ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضَبٍّ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ.

     وَقَالَ  لَا أَدْرِي لعله من القرون التي مسخت وروى بن مَاجَهْ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُحَرِّمِ الضَّبَّ وَلَكِنْ قَذِرَهُ وَإِنَّهُ لَطَعَامُ عَامَّةِ الرِّعَاءِ وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَنْفَعُ بِهِ غَيْرَ وَاحِدٍ وَلَوْ كَانَ عِنْدِي لأكلته وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَنَةَ فَأَخْرَجَهُ أحمد وأبو داود وبن حِبَّانَ وَالطَّحَاوِيُّ عَنْهُ قَالَ نَزَلْنَا أَرْضًا كَثِيرَةَ الضباب الحديث وفيه أنهم طبخوا منها فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أُمَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُسِخَتْ دَوَابَّ فِي الْأَرْضِ فَأَخْشَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ فَأَكْفِئُوهَا قَالَ الْحَافِظُ وَسَنَدُهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ إِلَّا الضَّحَاكَ فَلَمْ يُخَرِّجَا لَهُ انْتَهَى.

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ ( وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَكْلِ الضَّبِّ فَرَخَّصَ فِيهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرُهُمْ) وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَهُوَ الرَّاجِحُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَقَدِ اسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَحَادِيثَ تَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ أكله فمنها حديث بن عمر المذكور في الباب ومنها أحاديث بن عَبَّاسٍ وَعُمَرَ وَجَابِرٍ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا التِّرْمِذِيُّ وَذَكَرْنَا أَلْفَاظَهَا وَمِنْهَا حَدِيثُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وقد تقدم لفظه ومنها حديث بن عُمَرَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْهُ قَالَ كَانَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ سَعْدٌ فَذَهَبُوا يَأْكُلُونَ مِنْ لَحْمٍ فَنَادَتْهُمُ امْرَأَةٌ مِنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَحْمُ ضَبٍّ فَأَمْسَكُوا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُوا وَأَطْعِمُوا فَإِنَّهُ حَلَالٌ أَوْ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَعَامِي كَذَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ وَمِنْهَا حَدِيثُ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالطَّحَاوِيُّ عَنْهُ قَالَ دَعَانَا عَرُوسٌ بِالْمَدِينَةِ فَقَرَّبَ إِلَيْنَا ثَلَاثَةَ عَشْرَ ضَبًّا فآكل وتارك فلقيت بن عَبَّاسٍ مِنَ الْغَدِ فَأَخْبَرْتُهُ فَأَكْثَرَ الْقَوْمُ حَوْلَهُ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا آكُلُهُ وَلَا أَنْهَى عنه ولا أحرمه فقال بن عَبَّاسٍ بِئْسَمَا قُلْتُمْ مَا بُعِثَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مُحَلِّلًا وَمُحَرِّمًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بَيْنَمَا هُوَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ وَعِنْدَهُ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَامْرَأَةٌ أُخْرَى إِذْ قُرِّبَ إِلَيْهِمْ خِوَانٌ عَلَيْهِ لَحْمٌ فَلَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْكُلَ قَالَتْ لَهُ مَيْمُونَةُ إِنَّهُ لَحْمُ ضَبٍّ فَكَفَّ يَدَهُ.

     وَقَالَ  هَذَا لَحْمٌ لَمْ آكُلْهُ قَطُّ وقال لهم كُلُوا فَأَكَلَ مِنْهُ الْفَضْلُ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَالْمَرْأَةُ .

     وَقَالَتْ  مَيْمُونَةُ لَا آكُلُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَيْءٌ يَأْكُلُ مِنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْهَا حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ الْمُرْسَلُ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا ضِبَابٌ فَقَالَ كُلُوا فَإِنِّي عَائِفُهُ وَمِنْهَا حَدِيثُ خُزَيْمَةَ بن جزء أخرجه بن ماجه عته قَالَ.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُك لِأَسْأَلَكَ عَنْ أَحْنَاشِ الْأَرْضِ مَا تَقُولُ فِي الضَّبِّ قَالَ لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ قَالَ.

قُلْتُ فَإِنِّي آكُلُ مِمَّا لَمْ تُحَرِّمْ وَلِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ وَرَأَيْتُ خَلْقًا رَابَنِي ( وَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ) قَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ وَقَدْ كَرِهَ قَوْمٌ أَكْلَ الضَّبِّ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْأَجْمَعِينَ وَاحْتَجَّ لَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُهْدِيَ لَهُ ضَبٌّ فَلَمْ يَأْكُلْهُ فَقَامَ عَلَيْهِمْ سَائِلٌ فَأَرَادَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنْ تُعْطِيَهُ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتُعْطِينَهُ مَا لَا تَأْكُلِينَ قَالَ مُحَمَّدٌ فَقَدْ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِهَ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ أَكْلَ الضَّبِّ قَالَ فَبِذَلِكَ نَأْخُذُ قَالَ الطَّحَاوِيُّ مَا فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَرِهَ لَهَا أَنْ تُطْعِمَهُ السَّائِلَ لِأَنَّهَا إِنَّمَا فَعَلَتْ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا عَافَتْهُ وَلَوْلَا أَنَّهَا عَافَتْهُ لَمَا أَطْعَمَتْهُ إِيَّاهُ وَكَانَ مَا تُطْعِمُهُ السَّائِلَ فَإِنَّمَا هُوَ لِلَّهِ تَعَالَى فَأَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يَكُونَ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا مِنْ خَيْرِ الطَّعَامِ كَمَا قَدْ نَهَى أَنْ يُتَصَدَّقَ بِالْبُسْرِ الرَّدِيءِ وَالتَّمْرِ الرَّدِيءِ قَالَ فَلِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا الصَّدَقَةَ بِالضَّبِّ لَا لِأَنَّ أَكْلَهُ حَرَامٌ انْتَهَى وَاسْتَدَلَّ لَهُمْ أيضا بحديث بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وددت أن عندي خبرة بَيْضَاءَ مِنْ بُرَّةٍ سَمْرَاءَ مُلَبَّقَةً بِسَمْنٍ وَلَبَنٍ فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَاتَّخَذَهُ فَجَاءَ بِهِ فَقَالَ فِي أَيْ شَيْءٍ كَانَ هَذَا قَالَ فِي عُكَّةِ ضَبٍّ قَالَ ارْفَعْهُ أَخْرَجَهُ أَبُو داود وبن مَاجَهْ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ أَبَا دَاوُدَ قَالَ بَعْدَ رِوَايَتِهِ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى تَحْرِيمِ أَكْلِ الضَّبِّ أَوْ عَلَى كَرَاهَتِهِ قَالَ الطِّيبِيُّ إِنَّمَا أَمَرَ بِرَفْعِهِ لِتَنَفُّرِ طَبْعِهِ عَنِ الضَّبِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ خَالِدٍ لَا لِنَجَاسَةِ جِلْدِهِ وَإِلَّا لَأَمَرَهُ بِطَرْحِهِ وَنَهَاهُ عَنْ تَنَاوُلِهِ وَاسْتَدَلَّ لَهُمْ أيضا بحديث عبد الرحمن بن حَسَنَةَ نَزَلْنَا أَرْضًا كَثِيرَةَ الضِّبَابِ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أنهم طبخوا منها فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أُمَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُسِخَتْ دَوَابَّ فِي الْأَرْضِ فَأَخْشَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ فَأَكْفِئُوهَا وَبِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ أَكْلِ لَحْمِ الضَّبِّ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ عِلَّةَ الْأَمْرِ بِالْإِكْفَاءِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْأَكْلِ إِنَّمَا هِيَ خَشْيَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَكُونَ الضِّبَابُ مِنَ الْأُمَّةِ الْمَمْسُوخَةِ وَعَدَمُ عِلْمِهِ بِأَنَّ الْأُمَّةَ الْمَمْسُوخَةَ لَا يَكُونُ لَهَا نَسْلٌ وَلَا عَقِبٌ فَلَمَّا عَلِمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُهْلِكْ قَوْمًا أَوْ يَمْسَخْ قَوْمًا فَيَجْعَلْ لَهُمْ نَسْلًا وَلَا عَاقِبَةً ارْتَفَعَتِ الْعِلَّةُ وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ إِذَا ارْتَفَعَتِ الْعِلَّةُ يَرْتَفِعُ الْمَعْلُولُ عَلَى أَنَّ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ لَا يُقَاوِمَانِ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ الَّتِي تَدُلُّ صَرَاحَةً عَلَى إِبَاحَةِ أَكْلِ الضَّبِّ وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَالْأَحَادِيثُ الْمَاضِيَةُ وَإِنْ دَلَّتْ عَلَى الْحِلِّ تَصْرِيحًا وَتَلْوِيحًا نَصًّا وَتَقْرِيرًا فَالْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهَذَا حَمْلُ النَّهْيِ فِيهِ عَلَى أَوَّلِ الْحَالِ عِنْدَ تَجْوِيزِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا مُسِخَ وَحِينَئِذٍ أَمَرَ بِإِكْفَاءِ الْقُدُورِ ثُمَّ تَوَقَّفَ فَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ وَحَمْلُ الْإِذْنِ فِيهِ عَلَى ثَانِي الْحَالِ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ الْمَمْسُوخَ لَا نَسْلَ لَهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ يَسْتَقْذِرُهُ فَلَا يَأْكُلُهُ وَلَا يُحَرِّمُهُ وَأُكِلَ عَلَى مَائِدَتِهِ فَدَلَّ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَتَكُونُ الْكَرَاهَةُ لِلتَّنْزِيهِ في حق من يتقذره وَتُحْمَلُ أَحَادِيثُ الْإِبَاحَةِ عَلَى مَنْ لَا يَتَقَذَّرُهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُكْرَهُ مُطْلَقًا انتهى ( ويروى عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ أُكِلَ الضَّبُّ إِلَخْ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُ ( بَاب مَا جَاءَ فِي أَكْلِ الضَّبُعِ) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ حَيَوَانٌ مَعْرُوفٌ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ كفتار وبالهندية بجو بكسر الجيم الْمُوَحَّدَةِ وَضَمِّ الْجِيمِ الْمُشَدَّدَةِ كَمَا فِي نَفَائِسِ اللُّغَاتِ وَمَخْزَنِ الْأَدْوِيَةِ وَغَيْرِهِمَا وَقِيلَ هُوَ بِالْهِنْدِيَّةِ هندار كَمَا فِي غِيَاثِ اللُّغَاتِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الضَّبُعَ مَعْرُوفٌ بِنَبْشِ الْقُبُورِ وَالْحَيَوَانُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بِالْهِنْدِيَّةِ هندار لَمْ يُعْرَفُ بِنَبْشِ الْقُبُورِ قَالَ فِي النَّيْلِ وَمِنْ عَجِيبِ أَمْرِهِ أَنَّهُ يَكُونُ سَنَةً ذَكَرًا وَسَنَةً أُنْثَى فَيُلَقِّحُ فِي حَالِ الذُّكُورَةِ وَيَلِدُ فِي حَالِ الْأُنُوثَةِ وَهُوَ مُولَعٌ بِنَبْشِ الْقُبُورِ لِشَهْوَتِهِ لِلُحُومِ بَنِي آدَمَ انْتَهَى

رقم الحديث 1791 [1791] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ) بِالتَّصْغِيرِ ( بْنِ عُمَيْرٍ بِالتَّصْغِيرِ أَيْضًا اللَّيْثِيِّ الْمَكِّيِّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ اسْتُشْهِدَ غَازِيًا سنة ثلاث عشرة ومائة ( عن بن أَبِي عَمَّارٍ) هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْمَكِّيُّ حَلِيفُ بَنِي جُمَحٍ الْمُلَقَّبُ بِالْقَسِّ ثِقَةٌ عَابِدٌ مِنَ الثَّالِثَةِ .

     قَوْلُهُ  ( الضَّبُعُ أَصَيْدٌ هِيَ قَالَ نَعَمْ) زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَيُجْعَلُ فِيهِ كَبْشٌ إِذَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ ( قُلْتُ آكُلُهَا) بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ ( قَالَ نَعَمْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الضَّبُعَ حَلَالٌ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أخرجه النسائي والشعبي وبن ماجه وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ فِي عِلَلِهِ قَالَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثٌ صَحِيحٌ انْتَهَى وَقَالَ الحافظ في التلخيص وصححه البخاري والترمذي وبن حبان وبن خزيمة والبيهقي وأعله بن عبد البربِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ فَوَهِمَ لِأَنَّهُ وثقه أبو زراعة وَالنَّسَائِيُّ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ أَحَدٌ ثُمَّ إِنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ انْتَهَى وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى هَذَا وَلَمْ يَرَوْا بَأْسًا بِأَكْلِ الضَّبُعِ ( وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ) وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ قَالَ الشَّافِعِيُّ مَا زَالَ النَّاسُ يَأْكُلُونَهَا وَيَبِيعُونَهَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَلِأَنَّ الْعَرَبَ تَسْتَطِيبُهُ وَتَمْدَحُهُ انْتَهَى ( وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَ فِي كَرَاهِيَةِ أَكْلِ الضَّبُعِ إِلَخْ) وَهُوَ حَدِيثُ خُزَيْمَةَ بْنِ جَزْءٍ الْآتِي بَعْدَ هَذَا ( وَقَدْ كَرِهَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَكْلَ الضَّبُعِ وَهُوَ قول بن الْمُبَارَكِ) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَاسْتَدَلَّ لهم بحديث خزيمة من جَزْءٍ وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ كَمَا سَتَقِفُ عَلَيْهِ وَاسْتَدَلَّ لَهُمْ أَيْضًا بِأَنَّهَا سَبُعٌ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَيُجَابُ بِأَنَّ حَدِيثَ الْبَابِ خَاصٌّ فَيُقَدَّمُ عَلَى حَدِيثِ كُلِّ ذِي نَابٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي أَكْلِ الضَّبُعِ فَرُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ الضَّبُعَ وَرُوِيَ عَنِ بن عَبَّاسٍ إِبَاحَةُ لَحْمِ الضَّبُعِ وَأَبَاحَ أَكْلَهَا عَطَاءٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَكَرِهَهُ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَمَالِكٌ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهَا سَبُعٌ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَقَدْ يَقُومُ دَلِيلُ الْخُصُوصِ فَيُنْزَعُ الشَّيْءُ مِنَ الْجُمْلَةِ وَخَبَرُ جَابِرٍ خَاصٌّ وَخَبَرُ تَحْرِيمِ السباع عام انتهى وقال بن رَسْلَانَ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الضَّبُعَ لَيْسَ لَهَا نَابٌ وَسَمِعْتُ مَنْ يَذْكُرُ أَنَّ جَمِيعَ أَسْنَانِهَا عَظْمٌ وَاحِدٌ كَصَفِيحَةِ نَعْلِ الْفَرَسِ فَعَلَى هَذَا لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ النَّهْيِ انْتَهَى ( وَحَدِيثُ بن جُرَيْجٍ) أَيِ الْمَرْفُوعُ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ ( أَصَحُّ) فإن بن جُرَيْجٍ قَدْ تَابَعَهُ عَلَى رَفْعِهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أمية عند بن مَاجَهْ.
وَأَمَّا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ فَلَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ عَلَى وَقْفِهِ .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ) اسمه محمد بن خاذم الضَّرِيرُ الْكُوفِيُّ ( عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ) هُوَ الْمَكِّيُّ أَبُو إِسْحَاقَ الْبَصْرِيُّ ( عَنْ حِبَّانَ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ( بْنِ جَزْءٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ بَعْدَهَا زايثُمَّ هَمْزَةٌ صَدُوقٌ مِنَ الثَّالِثَةِ قَالَهُ فِي التَّقْرِيبِ.

     وَقَالَ  فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَتِهِ أخرج له الترمذي وبن مَاجَهْ حَدِيثًا وَاحِدًا فِي السُّؤَالِ عَنِ الضَّبِّ وَالْأَرْنَبِ وَالضَّبُعِ وَالذِّئْبِ وَضَعَّفَ إِسْنَادَهُ التِّرْمِذِيُّ انْتَهَى ( عَنْ أَخِيهِ خُزَيْمَةَ بْنِ جَزْءٍ) صَحَابِيٌّ لَمْ يَصِحَّ الْإِسْنَادُ إِلَيْهِ قَالَهُ فِي التَّقْرِيبِ قَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَتِهِ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْهُ أَخَوَاهُ خَالِدٌ وَحِبَّانُ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَارُودِيُّ لَمْ يَثْبُتْ حَدِيثُهُ لِأَنَّهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَبِي أُمَيَّةَ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ لَمَّا ذَكَرَ حَدِيثَهُ فِي الْحَشَرَاتِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَالَ الْبَغَوِيُّ وَلَا أَعْلَمُ لَهُ غَيْرَهُ وَقَالَ الْأَزْدِيُّ لا يحفظ رَوَى عَنْهُ إِلَّا حِبَّانُ وَلَا يُحْفَظُ لَهُ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ وَفِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ الضَّبُعِ فَقَالَ وَيَأْكُلُ الضَّبُعَ أَحَدٌ) بِتَقْدِيرِ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ وَفِي الْمِشْكَاةِ أَوَ يَأْكُلُ الضَّبُعَ أَحَدٌ فِي رِوَايَةِ بن مَاجَهْ وَمَنْ يَأْكُلُ الضَّبُعَ ( وَسَأَلْتُهُ عَنْ أَكْلِ الذِّئْبِ) بِالْهَمْزِ وَيُبْدَلُ ( وَيَأْكُلُ) وَفِي الْمِشْكَاةِ أَوَ يَأْكُلُ أَيْ أَجَهِلْتَ حُكْمَهُ وَيَأْكُلُ ( الذِّئْبَ أَحَدٌ فِيهِ خَيْرٌ) أَيْ صَلَاحٌ وَتَقْوَى صِفَةُ أَحَدٌ واستدل بهذا الحديث من قال بحرمته الضَّبُعِ وَالْحَدِيثُ ضَعِيفٌ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَبِي أُمَيَّةَ وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي إِسْمَاعِيلَ وَعَبْدِ الْكَرِيمِ أَبِي أُمَيَّةَ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ بَعْدَ نَقْلِ كلام الترمذي هذا وضعفه بن حزم بأن إسماعيل بن مسلم ضعيف وبن أَبِي الْمُخَارِقِ سَاقِطٌ وَحِبَّانُ بْنُ جَزْءٍ مَجْهُولٌ انْتَهَى وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْمَكِّيُّ أَبُو إِسْحَاقَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ.

     وَقَالَ  فِي التَّلْخِيصِ.
وَأَمَّا مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ خُزَيْمَةَ بْنِ جَزْءٍ قَالَ أَيَأْكُلُ الضَّبُعَ أحد فضعيف لاتفاقهم عَلَى ضَعْفِ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَبِي أُمَيَّةَ وَالرَّاوِي عَنْهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ انْتَهَى ( وَهُوَ عَبْدُ الكريم بن قيس هو بن أَبِي الْمُخَارِقِ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَبِي الْمُخَارِقِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَبُو أُمَيَّةَ الْمُعَلِّمُ الْبَصْرِيُّ نَزِيلُمَكَّةَ وَاسْمُ أَبِيهِ قَيْسٌ وَقِيلَ طَارِقٌ ضَعِيفٌ مِنَ السَّادِسَةِ وَقَدْ شَارَكَ الْجَزَرِيَّ فِي بَعْضِ المشائخ فَرُبَّمَا الْتُبِسَ بِهِ عَلَى مَنْ لَا فَهْمَ لَهُ انْتَهَى ( وَعَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مَالِكٍ الْجَزَرِيُّ ثِقَةٌ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مَالِكٍ الْجَزَرِيُّ أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ وَهُوَ الْخَضْرَمِيُّ بِالْخَاءِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَتَيْنِ نِسْبَةً إِلَى قَرْيَةٍ مِنَ الْيَمَامَةِ ثِقَةٌ مُتْقِنٌ مِنَ السَّادِسَةِ انتهى تنبيه)
قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ مُعْتَرِضًا عَلَى قَوْلِ التِّرْمِذِيِّ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ مَا لَفْظُهُ وَفِيهِ أَنَّ الْحَسَنَ أَيْضًا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ اجْتِهَادَ الْمُسْتَنَدِ إِلَيْهِ سَابِقًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صَحِيحٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى إسناد واحد من المحدثين ويقويه رواية بن مَاجَهْ وَلَفْظُهُ وَمَنْ يَأْكُلُ الضَّبُعَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ ذُو نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ وَمَعَ تَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ فِي التَّحْرِيمِ وَالْإِبَاحَةِ فَالْأَحْوَطُ حُرْمَتُهُ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الضَّبُعُ لَسْتُ آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا فَيُفِيدُ مَا اخْتَارَهُ مَالِكٌ مِنْ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَكْلُهُ إِذِ الْمَكْرُوهُ عِنْدَهُ مَا أَثِمَ آكِلُهُ وَلَا يُقْطَعُ بِتَحْرِيمِهِ وَمُقْتَضَى قَوَاعِدِ أَئِمَّتِنَا أَنَّ أَكْلَهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ لَا أَنَّهُ حَرَامٌ مَحْضٌ لِعَدَمِ دَلِيلٍ قَطْعِيٍّ مَعَ اخْتِلَافٍ فِقْهِيٍّ انتهى كلام القارىء بلفظه قلت في كلام القارىء هَذَا أَوْهَامٌ وَأَغْلَاطٌ فَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  إِنَّ الْحَسَنَ أَيْضًا يُسْتَدَلُّ بِهِ فَفِيهِ أَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ الْحَدِيثَ الْحَسَنَ يُسْتَدَلُّ بِهِ لَكِنْ حَدِيثُ خُزَيْمَةَ بْنِ جَزْءٍ هَذَا لَيْسَ بِحَسَنٍ بَلْ هُوَ ضَعِيفٌ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ كَمَا عَرَفْتَ وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  إِنَّ اجْتِهَادَ الْمُسْتَنِدِ إِلَيْهِ سَابِقًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صَحِيحٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إِلَخْ فَفَاسِدٌ وَقَدْ بَيَّنَّا فَسَادَهُ فِيمَا سَبَقَ وأما قوله ويقويه رواية بن مَاجَهْ وَلَفْظُهُ وَمَنْ يَأْكُلُ الضَّبُعَ فَفِيهِ أَنَّ في رواية بن ماجه أيضا عبد الكريم فكيف تقويه وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  إِنَّهُ ذُو نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ فَمَمْنُوعٌ وَسَنَدُ الْمَنْعِ حَدِيثُ جَابِرٍ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ وَلَوْ سَلِمَ أَنَّهُ ذُو نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ فَحُرْمَتُهُ مَمْنُوعَةٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  وَمَعَ تَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ فِي التَّحْرِيمِ وَالْإِبَاحَةِ فَالْأَحْوَطُ حرمته ففيه أَنَّ هَذَا إِذَا كَانَ دَلِيلُ الْحُرْمَةِ وَدَلِيلُ الْإِبَاحَةِ كِلَاهُمَا صَحِيحَيْنِ.
وَأَمَّا إِذَا كَانَ دَلِيلُ الْحُرْمَةِ ضَعِيفًا وَدَلِيلُ الْإِبَاحَةِ صَحِيحًا كَمَا فِي مَا نَحْنُ فِيهِ فَكَوْنُ الْحُرْمَةِ أَحْوَطُ مَمْنُوعٌ وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  إِنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الضَّبُعُ لَسْتُ آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا يُفِيدُ إِلَخْ فَفِيهِ وَهْمٌ فَاحِشٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَرْوِ الشَّيْخَانِ وَلَا غَيْرُهُمَا الضَّبُعُ لَسْتُ آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ بَلْ رَوَوْا الضَّبُّ لَسْتُ آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ وَالضَّبُّ غَيْرُ الضَّبُعِ قال الحافظ بن الْقَيِّمِ فِي الْإِعْلَامِ.
وَأَمَّا الضَّبُعُ فَرُوِيَ عَنْهُ فِيهَا حَدِيثٌ صَحَّحَهُ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ فَذَهَبُوا إِلَيْهِ وَجَعَلُوهُ مُخَصِّصًا لِعُمُومِ أَحَادِيثِ التَّحْرِيمِ كَمَا خُصِّصَتِ الْعَرَايَا لِأَحَادِيثِ الْمُزَابَنَةِ وَطَائِفَةٌ لَمْ تُصَحِّحْهُ وَحَرَّمُوا الضَّبُعَ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ ذَاتِ الْأَنْيَابِ وَقَالُوا وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْآثَارُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّهْيِ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍمِنَ السِّبَاعِ وَصَحَّتْ صِحَّةً لَا مَطْعَنَ فِيهَا من حديث علي وبن عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالُوا.
وَأَمَّا حَدِيثُ الضَّبُعِ فَتَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن أبي عمارة وَأَحَادِيثُ تَحْرِيمِ ذَوَاتِ الْأَنْيَابِ كُلُّهَا تُخَالِفُهُ قَالُوا وَلَفْظُ الْحَدِيثِ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ جَابِرٌ رَفَعَ الْأَكْلَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْ يَكُونَ إِنَّمَا رَفَعَ إِلَيْهِ كَوْنَهَا صَيْدًا فَقَطْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا صيدا جواز أكلها فظن جَابِرٌ أَنَّ كَوْنَهَا صَيْدًا يَدُلُّ عَلَى أَكْلِهَا فأفتى به من قوله ورفع النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ مَا سَمِعَهُ مِنْ كَوْنِهَا صَيْدًا فَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عُمَارَةَ قَالَ.

قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ آكُلُ الضَّبُعَ قَالَ نَعَمْ.

قُلْتُ أَصَيْدٌ هِيَ قَالَ نَعَمْ.

قُلْتُ أَسَمِعْتَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَعَمْ وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَرْفُوعَ مِنْهُ هُوَ كَوْنُهَا صَيْدًا وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ جَرِيرَ بْنَ حَازِمٍ قَالَ عَنْ عُبَيْدِ بن عمير عن بن أَبِي عُمَارَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الضَّبُعِ فَقَالَ هِيَ صَيْدٌ وَفِيهَا كَبْشٌ قَالُوا وَكَذَلِكَ حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جابر يرفعه الضَّبُعُ صَيْدٌ إِذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ فَفِيهِ جَزَاءً كَبْشٌ مُسِنٌّ وَيُؤْكَلُ قَالَ الْحَاكِمُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَقَولُهُ وَيُؤْكَلُ يَحْتَمِلُ الْوَقْفَ وَالرَّفْعَ وَإِذَا احْتَمَلَ ذَلِكَ لَمْ يُعَارَضْ بِهِ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ الصَّرِيحَةَ الَّتِي تَبْلُغُ مَبْلَغَ التَّوَاتُرِ فِي التَّحْرِيمِ قَالُوا وَلَوْ كَانَ حَدِيثُ جَابِرٍ صَرِيحًا فِي الْإِبَاحَةِ لَكَانَ فَرْدًا وَأَحَادِيثُ تَحْرِيمِ ذَوَاتِ الْأَنْيَابِ مُسْتَفِيضَةٌ مُتَعَدِّدَةٌ ادَّعَى الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ تَوَاتُرَهَا فَلَا يُقَدَّمُ حَدِيثُ جَابِرٍ عَلَيْهَا قَالُوا وَالضَّبُعُ مِنْ أَخْبَثِ الْحَيَوَانِ وَأَشْرَهِهِ وَهُوَ مُغْرًى بِأَكْلِ لُحُومِ النَّاسِ وَنَبْشِ قُبُورِ الْأَمْوَاتِ وَإِخْرَاجِهِمْ وَأَكْلِهِمْ وَيَأْكُلُ الْجِيَفَ وَيَكْسِرُ بِنَابِهِ قَالُوا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ حَرَّمَ عَلَيْنَا الْخَبَائِثَ وَحَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَوَاتَ الْأَنْيَابِ وَالضَّبُعُ لَا يَخْرُجُ عَنْ هَذَا وَهَذَا قَالُوا وَغَايَةُ حَدِيثِ جَابِرٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا صَيْدٌ يُفْدَى فِي الْإِحْرَامِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَكْلُهَا وَقَدْ قَالَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الْإِمَامَ أَحْمَدَ عَنْ مُحْرِمٍ قَتَلَ ثَعْلَبًا فَقَالَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ هِيَ صَيْدٌ وَلَكِنْ لَا يُؤْكَلُ.

     وَقَالَ  جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنِ الثَّعْلَبِ فَقَالَ الثَّعْلَبُ سَبُعٌ فَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ سَبُعٌ وَأَنَّهُ يُفْدَى فِي الْإِحْرَامِ وَلَمَّا جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الضَّبُعِ كَبْشًا ظَنَّ جَابِرٌ أَنَّهُ يُؤْكَلُ فَأَفْتَى بِهِوَاَلَّذِينَ صَحَّحُوا الْحَدِيثَ جَعَلُوهُ مُخَصِّصًا لِعُمُومِ تَحْرِيمِ ذِي النَّابِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا حَتَّى قَالُوا وَيَحْرُمُ أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ إِلَّا الضَّبُعَ وَهَذَا لَا يَقَعُ مِثْلُهُ فِي الشَّرِيعَةِ أَنْ يُخَصِّصَ مَثَلًا عَلَى مَثَلٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ مِنْ غَيْرِ فُرْقَانٍ بَيْنَهُمَا وَبِحَمْدِ اللَّهِ إِلَى سَاعَتِي هَذِهِ مَا رَأَيْتُ فِي الشَّرِيعَةِ مَسْأَلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ أَعْنِي شَرِيعَةَ التَّنْزِيلِ لَا شَرِيعَةَ التَّأْوِيلِ وَمَنْ تَأَمَّلَ أَلْفَاظَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَرِيمَةَ تَبَيَّنَ لَهُ انْدِفَاعُ هَذَا السُّؤَالِ فَإِنَّهُ إِنَّمَا حَرَّمَ مَا اشْتَمَلَ عَلَى الْوَصْفَيْنِ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَابٌ وَأَنْ يَكُونَ مِنَ السِّبَاعِ الْعَادِيَةِ بِطَبْعِهَا كَالْأَسَدِ وَالذِّئْبِ وَالنَّمِرِ وَالْفَهْدِ.
وَأَمَّا الضَّبُعُ فَإِنَّمَا فِيهَا أَحَدُ الْوَصْفَيْنِ وَهُوَ كَوْنُهَا ذَاتَ نَابٍ وَلَيْسَتْ مِنَ السِّبَاعِ الْعَادِيَةِ وَلَا رَيْبَ أَنَّ السِّبَاعَ أَخَصُّ مِنْ ذَوَاتِ الْأَنْيَابِ وَالسَّبُعُ إِنَّمَا حُرِّمَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْقُوَّةِ السَّبُعِيَّةِ الَّتِي تُورِثُ الْمُغْتَذِيَ بِهَا شَبَهَهَا فَإِنَّ الْغَاذِيَ شَبِيهٌ بِالْمُغَذِّي وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْقُوَّةَ السَّبُعِيَّةَ الَّتِي فِي الذِّئْبِ وَالْأَسَدِ وَالنَّمِرِ وَالْفَهْدِ لَيْسَتْ فِي الضَّبُعِ حَتَّى تَجِبَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِي التَّحْرِيمِ وَلَا تُعَدُّ الضَّبُعُ مِنَ السِّبَاعِ لُغَةً وَعُرْفًا انْتَهَى مَا فِي الْإِعْلَامِ قُلْتُ فِي أَقْوَالِ الْمُحَرِّمِينَ التي نقلها الحافظ بن الْقَيِّمِ خَدَشَاتٌ أَمَّا .

     قَوْلُهُ مْ إِنَّ حَدِيثَ الضَّبُعِ انْفَرَدَ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ فَفِيهِ أَنَّهُ ثِقَةٌ وَلَمْ يَتَفَرَّدْ بِهِ قَالَ الحافظ في التلخيص وأعله بن عَبْدِ الْبَرِّ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ فَوَهِمَ لِأَنَّهُ وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَالنَّسَائِيُّ وَلَمْ يتكلم فيه أحذ ثُمَّ إِنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ انْتَهَى وَقَالَ فِي الْفَتْحِ وَقَدْ وَرَدَ فِي حِلِّ الضَّبُعِ أَحَادِيثُ لَا بَأْسَ بِهَا انْتَهَى وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ مْ لَفْظُ الْحَدِيثِ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ جَابِرٌ رَفَعَ الْأَكْلَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْ يَكُونَ إِنَّمَا رَفَعَ إِلَيْهِ كَوْنَهَا صَيْدًا فَقَطْ فَفِيهِ أَنَّ ظَاهِرَ لَفْظِ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ رَفَعَ الْأَكْلَ وَكَوْنَهَا صَيْدًا كِلَيْهِمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ أَحْمَدَ بِلَفْظِ سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الضَّبُعِ فَقَالَ حَلَالٌ فَقُلْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال نَعَمْ وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ مْ وَالضَّبُعُ لَا يَخْرُجُ عَنْ هَذَا وَهَذَا فَفِيهِ أَنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ الْمَذْكُورَ صَحِيحٌ ثَابِتٌ قَابِلٌ لِلِاحْتِجَاجِ فَخُرُوجُ الضَّبُعِ عَنْ هَذَا وَهَذَا ظَاهِرٌ وَلِلْفَرِيقَيْنِ مَقَالَاتٌ أُخْرَى فِي ذِكْرِهَا طُولٌ ( بَاب مَا جَاءَ فِي أَكْلِ لُحُومِ الْخَيْلِ)

رقم الحديث 1793 [1793] .

     قَوْلُهُ  ( قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) هُوَ بن عيينة.

     قَوْلُهُ  ( أَطْعَمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لُحُومَ الْخَيْلِ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ رَخَّصَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَذِنَ بدل رخص وفي حديث بن عَبَّاسٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ أَمَرَ قَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى كَرَاهَةِ أَكْلِ الْخَيْلِ وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ وَغَيْرُهُمَا وَاحْتَجُّوا بِالْأَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرَةِ فِي حِلِّهَا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَأْخُوذًا مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ لَمَا كَانَ بَيْنَ الْخَيْلِ وَالْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فَرْقٌ وَلَكِنِ الْآثَارُ إِذَا صَحَّتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوَاتَرَتْ أَوْلَى أَنْ يُقَالَ بِهَا مِنَ النَّظَرِ وَلَا سِيَّمَا إِذَا قَدْ أَخْبَرَ جَابِرٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَ لَهُمْ لُحُومَ الْخَيْلِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي مَنَعَهُمْ فِيهِ مِنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافِ حُكْمِهَا انْتَهَى كَلَامُ الطَّحَاوِيِّ قُلْتُ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقَوْلَ بِحِلِّ أَكْلِ لُحُومِ الْخَيْلِ مِنْ دُونِ كَرَاهَةٍ هُوَ الْحَقُّ لِأَحَادِيثِ الْبَابِ الَّتِي هِيَ صَحِيحَةٌ صَرِيحَةٌ فِي الْحِلِّ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدْ نَقَلَ الْحِلَّ بَعْضُ التَّابِعِينَ عَنِ الصَّحَابَةِ من غير استثناء أحد فأخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ لَمْ يَزَلْ سَلَفُكَ يَأْكُلُونَهُ قال بن جُرَيْجٍ.

قُلْتُ لَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ نَعَمْ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَالَ النَّوَوِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي إِبَاحَةِ لُحُومِ الْخَيْلِ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّهُ مُبَاحٌ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَبِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَفَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَأَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ وَسُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ وَعَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ وعطاء وشريح وسعد بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَحَمَّادُ بْنُ سَلْمَانَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَدَاوُدُ وَجَمَاهِيرُ الْمُحَدِّثِينَ وَغَيْرُهُمْ وَكَرِهَهَا طَائِفَةٌ مِنْهُمُ بن عَبَّاسٍ وَالْحَكَمُ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَأْثَمُ بِأَكْلِهِ وَلَا يُسَمَّى حَرَامًا انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ وَقَالَ الْحَافِظُ وَصَحَّ الْكَرَاهَةُ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ وَمَالِكٍ وَبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ وَعَنْ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ التَّحْرِيمُ وَقَالَ الْفَاكِهِيُّ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ الْكَرَاهَةُ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْهُمُ التَّحْرِيمُ انْتَهَى وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ لُحُومِ الْخَيْلِ قِيلَ الْكَرَاهَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ وَقِيلَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ.

     وَقَالَ  فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَأَبُو مَعِينٍ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ قَالَ وَأَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً خَرَجَ مَخْرَجَ الِامْتِنَانِ وَالْأَكْلُ مِنْ أَعْلَى مَنَافِعِهَا وَالْحَكِيمُ لَا يَتْرُكُ الِامْتِنَانَ بِأَعْلَى النِّعَمِ وَيَمْتَنُّ بِأَدْنَاهَا قَالَ وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أَكْلِ لُحُومِ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ وَالطَّحَاوِيُّ وَلَمَّا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ سَكَتَ عَنْهُ فَسُكُوتُهُ دَلَالَةُ رِضَاهُ بِهِ وَيُعَارِضُ حَدِيثَ جَابِرٍ وَالتَّرْجِيحُ لِلْمُحَرِّمِ انْتَهَى وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ مِثْلُ هَذَا.

     وَقَالَ  سَنَدُ حَدِيثِ خَالِدٍ جَيِّدٌ وَلِهَذَا لَمَّا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ حَسَنٌ عِنْدَهُ انْتَهَىقُلْتُ قَوْلُ الْعَيْنِيِّ سَنَدُ حَدِيثِ خَالِدٍ جَيِّدٌ لَيْسَ بِجَيِّدٍ وَلَيْسَ مِمَّا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ فَإِنَّ مَدَارَ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى صَالِحِ بْنِ يَحْيَى بن المقدام بن معد يكرب وَصَالِحٌ هَذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ فِيهِ نَظَرٌ كَمَا في تهذيب التهذيب وقال بن الْهُمَامِ فِي التَّحْرِيرِ إِذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ لِلرَّجُلِ فِيهِ نَظَرٌ فَحَدِيثُهُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَلَا يُسْتَشْهَدُ بِهِ وَلَا يَصِحُّ لِلِاعْتِبَارِ انْتَهَى فَحَدِيثُ خَالِدٍ هَذَا لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ وَلَا لِلِاسْتِشْهَادِ وَلَا لِلِاعْتِبَارِ وَقَدْ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ والدّارَقُطْنِيُّ والخطابي وبن عَبْدِ الْبَرِّ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَآخَرُونَ فَلَا يَصْلُحُ لِمُعَارِضَةِ حَدِيثِ جَابِرٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ فَإِنْ قُلْتَ قَالَ الْعَيْنِيُّ وَصَالِحٌ هَذَا وَثَّقَهُ بن حِبَّانَ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ صَحَّتِ الْمُعَارَضَةُ فَإِذَا تَعَارَضَا يُرَجَّحُ المحرم قلت توثيق بن حِبَّانَ صَالِحًا هَذَا وَسُكُوتُ أَبِي دَاوُدَ عَلَى حَدِيثِهِ لَا يَزِنُ بِشَيْءٍ فِي جَنْبِ قَوْلِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ نَظَرٌ وَتَضْعِيفِ الْأَئِمَّةِ الْمَذْكُورِينَ وَلِذَلِكَ لَمْ يَسْكُتْ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ فِي تَلْخِيصِ السُّنَنِ بَلْ قَالَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا مَنْسُوخٌ.

     وَقَالَ  الْإِمَامُ أَحْمَدُ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ صَالِحُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ بْنِ معد يكرب الْكِنْدِيُّ الشَّامِيُّ عَنْ أَبِيهِ فِيهِ نَظَرٌ وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَأَمَّا حَدِيثُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فَفِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ وَصَالِحُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ لَا يُعْرَفُ سَمَاعُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضِهِمْ وَقَالَ مُوسَى بْنُ هَارُونَ الْحَافِظُ لَا يُعْرَفُ صَالِحُ بْنُ يَحْيَى وَلَا أَبُوهُ إِلَّا بِجَدِّهِ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا هَذَا إِسْنَادٌ مُضْطَرِبٌ وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ لَا يَصِحُّ هَذَا لِأَنَّ خَالِدًا أَسْلَمَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ خَالِدٌ لَمْ يَشْهَدْ خَيْبَرَ وَكَذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَمْ يَشْهَدْ خَيْبَرَ إِنَّمَا أَسْلَمَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَقَالَ أَبُو عُمَرَ النَّمَرِيُّ وَلَا يَصِحُّ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ مَشْهَدٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الْفَتْحِ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ إِسْنَادُهُ مُضْطَرِبٌ وَمَعَ اضْطِرَابِهِ مُخَالِفٌ لِحَدِيثِ الثِّقَاتِ انْتَهَى ( وَنَهَانَا عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ) أَيِ الْأَهْلِيَّةِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ قَالَتْ ذَبَحْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ فَأَكَلْنَاهُ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا وفي الباب أيضا عن بن عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ وَلَفْظُهُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَأَمَرَ بِلُحُومِ الْخَيْلِ قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.

     قَوْلُهُ  ( وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرٍ) بِإِدْخَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بَيْنَ عَمْرٍو وَجَابِرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ هَذَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَهُوَ الْبَاقِرُ أَبُو جَعْفَرٍ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَخْرَجَهَا الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ.

     وَقَالَ  لَا أَعْلَمُ أَحَدًا وافق حمادا على ذلك ( ورواية بن عُيَيْنَةَ أَصَحُّ وَسَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَقُولُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ أَحْفَظُ مِنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ) لَكِنِ اقْتَصَرَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِ طَرِيقِ حَمَّادِ بن زيد وقد وافقه بن جُرَيْجٍ عَنْ عُمَرَ وَعَلَى إِدْخَالِ الْوَاسِطَةِ بَيْنَ عَمْرٍو وَجَابِرٍ لَكِنَّهُ لَمْ يُسَمِّهِ أَخْرَجَهُ أَبُو داود من طريق بن جُرَيْجٍ وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ جَابِرٍ أَخْرَجَهَا مسلم من طريق بن جُرَيْجٍ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادٍ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْهُ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ صَحِيحًا عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ أَيْضًا وَأَغْرَبَ الْبَيْهَقِيُّ فَجَزَمَ بِأَنَّ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ جَابِرٍ وَاسْتَغْرَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ دَعْوَى التِّرْمِذِيِّ أَنَّ رواية بن عُيَيْنَةَ أَصَحُّ مَعَ إِشَارَةِ الْبَيْهَقِيِّ إِلَى أَنَّهَا مُنْقَطِعَةٌ وَهُوَ ذُهُولٌ فَإِنَّ كَلَامَ التِّرْمِذِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ صَحَّ عِنْدَهُ اتِّصَالُهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ دَعْوَى الْبَيْهَقِيِّ انْقِطَاعَهُ كَوْنُ التِّرْمِذِيِّ يَقُولُ بِذَلِكَ وَالْحَقُّ أَنَّهُ إِنْ وُجِدَتْ رِوَايَةٌ فِيهَا تَصْرِيحُ عُمَرَ بِالسَّمَاعِ مِنْ جَابِرٍ فَتَكُونُ رِوَايَةُ حماد بن الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ وَإِلَّا فَرِوَايَةُ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ هِيَ الْمُتَّصِلَةُ وَعَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِ التَّعَارُضِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ فَلِلْحَدِيثِ طُرُقٌ أُخْرَى عَنْ جَابِرٍ غَيْرُ هَذِهِ فَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَهُ الْحَافِظُ ( بَاب مَا جَاءَ فِي لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ) أَيْ غَيْرِ الْوَحْشِيَّةِ وَيُقَالُ لَهَا الْحُمُرُ الْإِنْسِيَّةُ وَالْأَنَسِيَّةُ

رقم الحديث 1794 [1794] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ عبد الله والحسن بن محمد بن علي) أي بن أَبِي طَالِبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ هَذَا هُوَ الَّذِي يُعْرَفُ بِابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ يكنى بأبي هاشم وثقه بن سَعْدٍ وَالنَّسَائِيُّ وَالْعِجْلِيُّ وَابْنُهُالْحَسَنُ يُكْنَى بِأَبِي مُحَمَّدٍ ثِقَةٌ فَقِيهٌ ( عَنْ أَبِيهِمَا) أَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الْحَنَفِيَّةِ الْهَاشِمِيِّ أَبِي الْقَاسِمِ ثِقَةٌ عَالِمٌ مِنْ كبار التابعين ( عن علي) أي بن أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .

     قَوْلُهُ  ( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن مُتْعَةِ النِّسَاءِ) يَعْنِي نِكَاحَ الْمُتْعَةِ وَهُوَ تَزْوِيجَ الْمَرْأَةِ إِلَى أَجَلٍ فَإِذَا انْقَضَى وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ ( زَمَنَ خَيْبَرَ) قَدْ أُبِيحَتْ مُتْعَةُ النِّكَاحِ مِرَارًا ثُمَّ حُرِّمَتْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ ( وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى حُرْمَةِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَيُؤْخَذُ مِنَ التَّقْيِيدِ بِالْأَهْلِيَّةِ جَوَازُ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْوَحْشِيَّةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ صَرِيحًا فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ فِي الْحَجِّ وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ بَيَانُ عِلَّةِ الْحُرْمَةِ فَفِيهِ أَنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَاكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْوَحْشِيَّةِ فَإِنَّهَا رِجْسٌ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ بِتَحْرِيمِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصحابة فمن بعدهم ولم نجد أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا لَهُمْ إلا عن بن عَبَّاسٍ وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ ثَالِثُهَا الْكَرَاهَةُ وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ غالب بن الحر قَالَ أَصَابَتْنَا سَنَةٌ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي ما أطعم أهلي إلا سمان حمر فَأَتَيْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ إِنَّك حَرَّمْتَ لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَقَدْ أَصَابَتْنَا سَنَةٌ قَالَ أَطْعِمْ أَهْلَكَ مِنْ سَمِينِ حمرك فإنما حرمتها من أجل حوالي الْقَرْيَةِ يَعْنِي الْجَلَّالَةَ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَالْمَتْنُ شَاذٌّ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فَالِاعْتِمَادُ عَلَيْهَا وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أُمِّ نَصْرٍ الْمُحَارِبِيَّةِ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فَقَالَ أَلَيْسَ تَرْعَى الْكَلَأَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فأصب من لحومها وأخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مَنْ طَرِيقِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مُرَّةَ قَالَ سَأَلْتُ فَذَكَرَ نَحْوَهُ فَفِي السَّنَدَيْنِ مَقَالٌ وَلَوْ ثَبَتَ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ التَّحْرِيمِ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَحَدِيثُ عَلِيٍّ هَذَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا فِي بَابِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ مِنْ أَبْوَابِ النِّكَاحِ .

     قَوْلُهُ  ( قَالَ الزُّهْرِيُّ وَكَانَ أَرْضَاهُمَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ) وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ بِلَفْظِ وَكَانَ الْحَسَنُ أَوْثَقَهُمَا ( وَقَالَ غَيْرُ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ بن عُيَيْنَةَ وَكَانَ أَرْضَاهُمَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَمُحَمَّدٍ) كَذَا عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَلِأَحْمَدَ عَنْ سُفْيَانَ وَكَانَ الْحَسَنُ أَرْضَاهُمَا إِلَى أَنْفُسِنَا وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَتْبَعُ السَّبَئِيَّةَ انْتَهَى وَالسَّبَئِيَّةُ بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ يُنْسَبُونَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبَأٍ وَهُوَ مِنْ رُؤَسَاءِ الرَّوَافِضِ وكَانَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عبيد على رأيه ولما غالب عَلَى الْكُوفَةِ وَتَتَبَّعَ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ فَقَتَلَهُمْ أَحَبَّتْهُ الشيعة ثم فارق أَكْثَرُهُمْ لِمَا ظَهَرَ مِنْهُ مِنَ الْأَكَاذِيبِ وكَانَ مِنْ رَأْيِ السَّبَئِيَّةِ مُوَالَاةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَكَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ الْمَهْدِيُّ وَأَنَّهُ لَا يَمُوتُ حَتَّى يَخْرُجَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ ومِنْهُمْ مَنْ أَقَرَّ بِمَوْتِهِ وَزَعَمَ أَنَّ الْأَمْرَ بَعْدَهُ صَارَ إِلَى ابْنِهِ أَبِي هَاشِمٍ هَذَا ومَاتَ أَبُو هَاشِمٍ فِي آخِرِ وِلَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ سَنَةَ ثَمَانٍ أَوْ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ قَالَهُ الْحَافِظُ

رقم الحديث 1795 [1795] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ) بْنِ الْوَلِيدِ الْجُعْفِيُّ مَوْلَاهُمُ الْكُوفِيُّ المقرئ ثقة عابد سَنَةَ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَمِائَتَيْنِ وَلَهُ أَرْبَعٌ أَوْ خَمْسٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً قَالَ مُوسَى بْنُ داود كنت عند بن عُيَيْنَةَ فَجَاءَ حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ فَقَامَ سُفْيَانُ فَقَبَّلَ يَدَهُ وَكَانَ زَائِدَةُ يَخْتَلِفُ إِلَيْهِ إِلَى مَنْزِلِهِ يُحَدِّثُهُ فَكَانَ أَرْوَى النَّاسِ عَنْهُ وَكَانَ الثَّوْرِيُّ إذا رآه عانقه وقال ( هذا واهب الجعفي عن زائدة) هو بن قُدَامَةَ .

     قَوْلُهُ  ( حَرَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ كُلَّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ) قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ أَرَادَ بِكُلِّ ذِي نَابٍ مَا يَعْدُو بِنَابِهِ عَلَى النَّاسِ وَأَمْوَالِهِمْ كَالذِّئْبِ وَالْأَسَدِ وَالْكَلْبِ وَنَحْوِهَا ( وَالْمُجَثَّمَةَ) قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ هِيَ كُلُّ حَيَوَانٍ يُنْصَبُ وَيُرْمَى لِيُقْتَلَ إِلَّا أَنَّهَا تَكْثُرُ فِي الطَّيْرِ وَالْأَرَانِبِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ مِمَّا يَجْثُمُ فِي الْأَرْضِ أَيْ يَلْزَمُهَا وَيَلْتَصِقُ بِهَا وَجَثَمَ الطَّائِرُ جُثُومًا وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبُرُوكِ لِلْإِبِلِ انْتَهَى ( وَالْحِمَارَ الْإِنْسِيَّ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ مَنْسُوبٌ إِلَى الْإِنْسِ وَيُقَالُ فِيهِ الْأَنَسِيُّ بِفَتْحَتَيْنِ وَقَدْ صَرَّحَ الْجَوْهَرِيُّ أَنَّ الْأَنَسَ بِفَتْحَتَيْنِ ضِدُّ الْوَحْشَةِ وَالْمُرَادُ بِالْحِمَارِ الْإِنْسِيِّ الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الباب عن علي وجابر والبراء وبن أَبِي أَوْفَى وَأَنَسٍ وَالْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ وَأَبِي ثعلبة وبن عُمَرَ وَأَبِي سَعِيدٍ) أَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ فَأَشَارَ إِلَى غَيْرِ حَدِيثِهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ تَخْرِيجُهُ فِي الْبَابِ الْمُتَقَدِّمِ وَأَمَّا حَدِيثُ الْبَرَاءِ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَمَّا حَدِيثُ بن أبي أوفى أخرجه أَيْضًا الشَّيْخَانِ وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍفَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الشَّيْخَانِ وَأَمَّا حَدِيثُ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ كَرَاهِيَةِ أَكْلِ الْمَصْبُورَةِ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي ثَعْلَبَةَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وأما حديث بن عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ أَيْضًا.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ .

     قَوْلُهُ  ( وَإِنَّمَا ذَكَرُوا حَرْفًا وَاحِدًا) أَيْ جُمْلَةً وَاحِدَةً ( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ حَرْفًا وَاحِدًا يَعْنِي اقْتَصَرُوا عَلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ وَلَمْ يَذْكُرُوا النَّهْيَ عَنِ الْمُجَثَّمَةِ وَالْحِمَارِ الْإِنْسِيِّ ( بَاب مَا جَاءَ فِي الْأَكْلِ فِي آنِيَةِ الْكُفَّارِ)

رقم الحديث 1796 [1796] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ) بِمُعْجَمَتَيْنِ ( الطَّائِيُّ) النَّبْهَانِيُّ أَبُو طَالِبٍ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ حَافِظٌ مِنَ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ ( حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ الشَّعِيرِيُّ أَبُو قُتَيْبَةَ الخرساني نَزِيلُ الْبَصْرَةِ صَدُوقٌ مِنَ التَّاسِعَةِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ وَوَقَعَ فِي النُّسْخَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ مُسْلِمُ بْنُ قُتَيْبَةَ بِالْمِيمِ وَهُوَ غَلَطٌ ( عَنْ أَبِي قِلَابَةَ) قَالَ الْحَافِظُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ أَبُو قِلَابَةَ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ انْتَهَى فَفِي هَذَا الْإِسْنَادِ انْقِطَاعٌ ( عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ) الْخُشَنِيِّ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا .

     قَوْلُهُ  ( سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قُدُورِ الْمَجُوسِ) الْقُدُورُ جَمْعُ قِدْرٍ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْقِدْرُ بِالْكَسْرِ مَعْرُوفٌ وقال في الصراح قدر بالكسر ديك وَهِيَ مُؤَنَّثٌ وَتَصْغِيرُهَا قُدَيْرٌ بِغَيْرِ هَاءٍ عَلَى خِلَافِ قِيَاسٍ انْتَهَى ( أَنْقُوهَا) مِنَ الْإِنْقَاءِ ( غَسْلًا) أَيْ بِالْغَسْلِ ( وَاطْبُخُوا) الطَّبْخُ الْإِنْضَاجُ اشْتِوَاءً وَاقْتِدَارًا طَبَخَ كَنَصَرَ وَمَنَعَ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ ( فِيهَا) أَيْ فِي قُدُورِ الْمَجُوسِاعْلَمْ أَنَّ الْبُخَارِيَّ رح عَقَدَ بَابًا بِلَفْظِ بَابُ آنِيَةِ الْمَجُوسِ وَالْمَيْتَةِ وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي ثَعْلَبَةَ وَفِيهِ أَمَّا مَا ذَكَرْتُ أَنَّكُمْ بِأَرْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلَا تَأْكُلُوا فِي آنِيَتِهِمْ إِلَّا أَنْ لَا تَجِدُوا بُدًّا فَإِنْ لَمْ تجدوا فاغسلوا وكلوا قال الحافظ قال بن التِّينِ كَذَا تَرْجَمَ وَأَتَى بِحَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ وَفِيهِ ذِكْرُ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلَعَلَّهُ يَرَى أَنَّهُمْ أهل كتاب وقال بن الْمُنِيرِ تُرْجِمَ لِلْمَجُوسِ وَالْأَحَادِيثُ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ بُنِيَ عَلَى أَنَّ الْمَحْذُورَ مِنْ ذَلِكَ وَاحِدٌ وَهُوَ عَدَمُ تَوَقِّيهِمُ النَّجَاسَاتِ وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ أو حكمه على أحدها بِالْقِيَاسِ عَلَى الْآخَرِ وَبِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمَجُوسَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ قَالَ الْحَافِظُ وَأَحْسَنُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ مَنْصُوصًا عَلَى الْمَجُوسِ فَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قُدُورِ الْمَجُوسِ فَقَالَ أَنْقُوهَا غَسْلًا وَاطْبُخُوا فِيهَا وَفِي لَفْظٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أبي ثعلبة قلت إنا نمر بهذا اليهود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ فَلَا نَجِدُ غَيْرَ آنِيَتِهِمُ الْحَدِيثَ وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ يُكْثِرُ مِنْهَا الْبُخَارِيُّ فَمَا كَانَ فِي سَنَدِهِ مَقَالٌ يُتَرْجِمُ بِهِ ثُمَّ يُورِدُ فِي الْبَابِ مَا يُؤْخَذُ الْحُكْمُ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْإِلْحَاقِ وَنَحْوِهِ وَالْحُكْمُ فِي آنِيَةِ الْمَجُوسِ لَا يَخْتَلِفُ مَعَ الْحُكْمِ فِي آنِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّ الْعِلَّةَ إِنْ كَانَتْ لِكَوْنِهِمْ تَحِلُّ ذَبَائِحُهُمْ كَأَهْلِ الْكِتَابِ فَلَا إِشْكَالَ أَوْ لَا تَحِلُّ فَتَكُونُ الْآنِيَةُ الَّتِي يَطْبُخُونَ فِيهَا ذَبَائِحَهُمْ وَيَغْرِفُونَ قَدْ تَنَجَّسَتْ بِمُلَاقَاةِ الْمَيْتَةِ فَأَهْلُ الْكِتَابِ كَذَلِكَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُمْ لَا يَتَدَيَّنُونَ بِاجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ وَبِأَنَّهُمْ يَطْبُخُونَ فِيهَا الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُونَ فِيهَا الْخَمْرَ وَغَيْرَهَا وَيُؤَيِّدُ الثَّانِي مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْبَزَّارُ عَنْ جَابِرٍ كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُصِيبُ مِنْ آنِيَةِ الْمُشْرِكِينَ فَنَسْتَمْتِعُ بِهَا فَلَا يَعِيبُ ذَلِكَ عَلَيْنَا لَفْظُ أَبِي دَاوُدَ فِي رِوَايَةِ الْبَزَّارِ فَنَغْسِلُهَا وَنَأْكُلُ فِيهَا انْتَهَى قَالَ النَّوَوِيُّ قَدْ يُقَالُ هَذَا الْحَدِيثُ مُخَالِفٌ لِمَا يَقُولُ الْفُقَهَاءُ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ أَوَانِي الْمُشْرِكِينَ إِذَا غُسِلَتْ وَلَا كَرَاهَةَ فِيهَا بَعْدَ الْغَسْلِ سَوَاءٌ وُجِدَ غَيْرُهَا أَمْ لَا وَهَذَا الْحَدِيثُ يَقْتَضِي كَرَاهَةَ اسْتِعْمَالِهَا إِنْ وُجِدَ غَيْرُهَا وَلَا يَكْفِي غَسْلُهَا فِي نَفْيِ الْكَرَاهَةِ وَإِنَّمَا يَغْسِلُهَا وَيَسْتَعْمِلُهَا إِذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ النَّهْيُ عَنِ الْأَكْلِ فِي آنِيَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَطْبُخُونَ فِيهَا لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَيَشْرَبُونَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَإِنَّمَا نَهَى عَنِ الْأَكْلِ فِيهَا بَعْدَ الْغَسْلِ لِلِاسْتِقْذَارِ وَكَوْنِهَا مُعْتَادَةً لِلنَّجَاسَةِ كَمَا يُكْرَهُ الْأَكْلُ فِي الْمُحَجَّمَةِ الْمَغْسُولَةِ.
وَأَمَّا الْفُقَهَاءُ فَمُرَادُهُمْ مُطْلَقُ آنِيَةِ الْكُفَّارِ الَّتِي لَيْسَتْ مُسْتَعْمَلَةً فِي النَّجَاسَاتِ فَهَذِهِ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهَا قَبْلَ غَسْلِهَا فَإِذَا غُسِلَ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهَا لِأَنَّهَا طَاهِرَةٌ وَلَيْسَ فِيهَا اسْتِقْذَارٌ وَلَمْ يُرِيدُوا نَفْيَ الْكَرَاهَةِ عَنْ آنِيَتِهِمُ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي الْخِنْزِيرِ وَغَيْرِهِ مِنَ النَّجَاسَاتِ انْتَهَى وَقَالَ الْحَافِظُ في الفتح ومشى بن حَزْمٍ عَلَى ظَاهِرِيَّتِهِ فَقَالَ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ آنِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَجِدَ غَيْرَهُ وَالثَّانِي غَسْلُهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَمْرَهُ بِالْغَسْلِ عِنْدَ فَقْدِ غَيْرِهَا دَالٌّ عَلَى طَهَارَتِهَا بِالْغَسْلِ وَالْأَمْرُ بِاجْتِنَابِهَا عِنْدَ وُجُودِ غَيْرِهَا لِلْمُبَالَغَةِ فِي التَّنْفِيرِ عَنْهَا كَمَا فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ الْآتِي بَعْدُ فِي الْأَمْرِ بِكَسْرِ الْقُدُورِ التيطُبِخَتْ فِيهَا الْمَيْتَةُ فَقَالَ رَجُلٌ أَوْ نَغْسِلُهَا فَقَالَ أَوْ ذَاكَ فَأَمَرَ بِالْكَسْرِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي التَّنْفِيرِ عَنْهَا ثُمَّ أَذِنَ فِي الْغَسْلِ تَرْخِيصًا فَكَذَلِكَ يُتَّجَهُ هَذَا هُنَا انْتَهَى ( وَنَهَى عَنْ كُلِّ سَبُعٍ ذِي نَابٍ) النَّابُ السِّنُّ الَّذِي خلف الرباعية جمعه أنياب قال بن سِينَا لَا يَجْتَمِعُ فِي حَيَوَانٍ وَاحِدٍ قَرْنٌ وَنَابٌ مَعًا وَذُو النَّابِ مِنَ السِّبَاعِ كَالْأَسَدِ والذئب والنمر والفيل والقرد وكل ماله نَابٌ يَتَقَوَّى بِهِ وَيَصْطَادُ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ وَهُوَ يَفْتَرِسُ الْحَيَوَانَ وَيَأْكُلُ قَسْرًا كَالْأَسَدِ وَالنَّمِرِ وَالذِّئْبِ وَنَحْوِهَا قَالَ فِي الْقَامُوسِ السَّبُعُ بِضَمِّ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا الْمُفْتَرِسُ مِنَ الْحَيَوَانِ انْتَهَى وَوَقَعَ الْخِلَافُ فِي جِنْسِ السِّبَاعِ الْمُحَرَّمَةِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ كُلُّ مَا أَكَلَ اللَّحْمَ فَهُوَ سَبُعٌ حَتَّى الْفِيلُ وَالضَّبُّ وَالْيَرْبُوعُ وَالسِّنَّوْرُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَحْرُمُ مِنَ السِّبَاعِ مَا يَعْدُو عَلَى النَّاسِ كَالْأَسَدِ وَالذِّئْبِ وَالنَّمِرِ وَأَمَّا الضَّبُعُ وَالثَّعْلَبُ فَيَحِلَّانِ عِنْدَهُ لِأَنَّهُمَا لَا يَعْدُوَانِ كَذَا فِي النَّيْلِ .

     قَوْلُهُ  ( وَقَدْ ذُكِرَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ) أَيْ بِزِيَادَةِ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ بَيْنَ أَبِي قِلَابَةَ وَأَبِي ثَعْلَبَةَ فَهَذَا الْإِسْنَادُ مُتَّصِلٌ

رقم الحديث 1797 [1797] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَيْشِيُّ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ عُبَيْدُ اللَّهِ بن محمد بن عَائِشَةَ اسْمُ جَدِّهِ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُوسَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ التَّيْمِيُّ وقيل له بن عَائِشَةَ وَالْعَائِشِيُّ وَالْعَيْشِيُّ نِسْبَةً إِلَى عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ لِأَنَّهُ مِنْ ذُرِّيَّتِهَا ثِقَةٌ جَوَادٌ رُمِيَ بِالْقَدَرِ وَلَمْ يَثْبُتْ مِنْ كِبَارِ الْعَاشِرَةِ انْتَهَى وَوَقَعَ فِي النُّسْخَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ محمد القرشي بزيادة لفظ بن الْقُرَشِيِّ مَكَانَ الْعَيْشِيِّ وَهُوَ غَلَطٌ .

     قَوْلُهُ  ( فَارْحَضُوهَا) أَيِّ اغْسِلُوهَا قَالَ فِي الْقَامُوسِ رَحَضَهُ كَمَنَعَهُ غَسَلَهُ كَأَرْحَضَهُ انْتَهَى قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّهُ إِذَا كَانَ مَعْلُومًا مِنْ حَالِ الْمُشْرِكِينَ أَنَّهُمْ يَطْبُخُونَ فِي قُدُورِهِمُ الْخِنْزِيرَ وَيَشْرَبُونَ فِي آنِيَتِهِمُ الْخَمْرَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا إِلَّا بَعْدَ الْغَسْلِ وَالتَّنْظِيفِ فَأَمَّاثِيَابُهُمْ وَمِيَاهُهُمْ فَإِنَّهَا عَلَى الطَّهَارَةِ كَمِيَاهِ الْمُسْلِمِينَ وَثِيَابِهِمْ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا مِنْ قَوْمٍ لَا يَتَحَاشَوْنَ النَّجَاسَاتِ أَوْ كَانَ مِنْ عَادَاتِهِمُ اسْتِعْمَالُ الْأَبْوَالِ فِي طَهُورِهِمْ فَإِنَّ اسْتِعْمَالَ ثِيَابِهِمْ غَيْرُ جَائِزٍ إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهَا لَمْ يُصِبْهَا شَيْءٌ مِنَ النَّجَاسَاتِ انْتَهَى ( إِنَّا بِأَرْضِ صَيْدٍ) الْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ أَيْ بِأَرْضٍ يُوجَدُ فِيهَا الصَّيْدُ أَوْ يَصِيدُ أَهْلُهَا ( إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُكَلَّبَ) أَيِ الْمُعَلَّمَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْمُكَلَّبُ الْمُسَلَّطُ عَلَى الصَّيْدِ الْمُعَوَّدُ بِالِاصْطِيَادِ الَّذِي قَدْ ضَرِيَ بِهِ انْتَهَى ( فَذُكِّيَ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ التَّذْكِيَةِ أَيْ ذُبِحَ) .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ ( باب ما جاء في الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي السَّمْنِ)

رقم الحديث 1798 [1798] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) هُوَ الْمَخْزُومِيُّ ( وَأَبُو عَمَّارٍ) اسْمُهُ حُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ الْخُزَاعِيُّ ( حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) هو بن عُيَيْنَةَ ( عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ .

     قَوْلُهُ  ( أَنَّ فَأْرَةً وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ) وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ فِي سَمْنٍ جَامِدٍ ( فَمَاتَتْ) أَيْ فِيهِ ( فَسُئِلَ عَنْهَا) أَيْ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مَوْتِهَا ( فَقَالَ أَلْقُوهَا) أَيْ أَخْرِجُوا الْفَأْرَةَ وَاطْرَحُوهَا ( وَمَا حَوْلَهَا) أَيْ كَذَلِكَ إِذَا كَانَ جَامِدًا ( فَكُلُوهُ) أَيِ السَّمْنَ يَعْنِي بَاقِيَهُ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمَاءِ مِنَ الْمَائِعَاتِ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ يَنْجُسُ قَلَّ ذَلِكَ الْمَائِعُ أَوْ كَثُرَ بِخِلَافِ الْمَاءِ حَيْثُ لَا يَنْجُسُ عِنْدَ الْكَثْرَةِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ بِالنَّجَاسَةِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الزَّيْتَ إِذَا مَاتَ فِيهِ فَأْرَةٌ أَوْ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ يَنْجُسُ وَلَا يَجُوزُ أَكْلُهُ وَكَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَجَوَّزَ أَبُو حَنِيفَةَ بَيْعَهُ وَاخْتَلَفُوا فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا تَقْرَبُوهُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِالِاسْتِصْبَاحِ وَتَدْهِينِ السُّفُنِ وَنَحْوِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَظْهَرُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ ( فَلَا تَقْرَبُوهُ) أَكْلًا وَطُعْمًا لَا انْتِفَاعًا انْتَهَى قَالَ الْحَافِظُ وَقَدْ تمسك بن الْعَرَبِيِّ بِقَوْلِهِ وَمَا حَوْلَهَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ جَامِدًا قَالَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَائِعًا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَوْلٌ لِأَنَّهُ لَوْ نُقِلَ مِنْ أي جانب منها نُقِلَ لَخَلَفَهُ غَيْرُهُ فِي الْحَالِ فَيَصِيرُ مِمَّا حَوْلَهَا فَيُحْتَاجُ إِلَى إِلْقَائِهِ كُلِّهِ كَذَا قَالَ وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَأَمَرَ أَنْ يُقَوِّرَ مَا حَوْلَهَا فَيَرْمِيَ بِهِ قَالَ الْحَافِظُ وَهَذَا أَظْهَرُ فِي كَوْنِهِ جَامِدًا مِنْ قَوْلِهِ وَمَا حَوْلَهَا فَيُقَوِّي مَا تَمَسَّكَ بِهِ بن الْعَرَبِيِّ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْهُ مَرْفُوعًا إِذَا وَقَعَتِ الْفَأْرَةُ فِي السَّمْنِ فَإِنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وأبو داود والنسائي ( وحديث بن عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَصَحُّ إِلَخْ) قَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِي بَابِ مَا يَقَعُ مِنَ النَّجَاسَاتِ فِي السَّمْنِ وَالْمَاءِ مِنْ كِتَابِ الوضوء وجه كون حديث بن عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَصَحَّ وَكَذَا ذَكَرَ فِيهِ أَيْضًا وَجْهَ كَوْنِ حَدِيثِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ خَطَأً فَمَنْ شَاءَ الْوُقُوفَ عَلَى ذَلِكَ فَلْيُرَاجِعْهُ ( بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ بِالشِّمَالِ)