فهرس الكتاب
تحفة الاحوذي - باب ما جاء إذا التقى الختانان وجب الغسل
رقم الحديث 108
[108] قوله ( عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ) بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ التيمي المدني ثقة جليل قال بن عُيَيْنَةَ كَانَ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ عَنْ أَبِيهِ وَأَسْلَمَ الْعَدَوِيِّ وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَمَالِكٌ وَخَلْقٌ وَوَثَّقَهُ أحمد وبن سَعْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ مَاتَ سَنَةَ 621 سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ ( عَنْ أَبِيهِ) أَيْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ثِقَةٌ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ بِالْمَدِينَةِ قَالَ أَيُّوبُ مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْهُ مِنَ الثَّالِثَةِ مَاتَ سَنَةَ 601 سِتٍّ وَمِائَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ.
قُلْتُ هُوَ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ بِالْمَدِينَةِ رَوَى عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هريرة وبن عباس وبن عُمَرَ وَطَائِفَةٍ وَعَنْهُ الشَّعْبِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَخَلْقٌ قَالَ بن سَعْدٍ كَانَ ثِقَةًعَالِمًا فَقِيهًا إِمَامًا كَثِيرَ الْحَدِيثِ .
قَوْلُهُ مْ ( إِذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ) الْأَوَّلُ بِالرَّفْعِ وَالثَّانِي بِالنَّصْبِ وَالْخِتَانُ هُوَ مَوْضِعُ الْقَطْعِ مِنْ فَرْجِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَخْتُونًا أَمْ لَا وَالْمُرَادُ بِمُجَاوَزَةِ الْخِتَانِ الْخِتَانَ الْجِمَاعُ وَهُوَ غَيْبُوبَةُ الْحَشَفَةِ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بن عمرو بن العاصى إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَتَوَارَتِ الْحَشَفَةُ فَقَدْ وَجَبَ الغسل أخرجه بن مَاجَهْ ( وَجَبَ الْغُسْلُ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ اسْمٌ لِلِاغْتِسَالِ ( فَعَلْتُهُ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى مَصْدَرِ جَاوَزَ ( أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِالرَّفْعِ أَوْ النَّصْبِ ( فَاغْتَسَلْنَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَعْنِي بِغَيْرِ إِنْزَالٍ وَأَنَّهُ نَاسِخٌ لِمَفْهُومِ حَدِيثِ إِنَّمَا الماء من الماء قولهم ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَلَفْظُهُ إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَلِمُسْلِمٍ وَأَحْمَدَ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَأَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِ الِاعْتِبَارِ وَلَفْظُهُ قَالَ نَادَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا عَلَى بَطْنِ امْرَأَتِي فَقُمْتُ وَلَمْ أُنْزِلْ فَاغْتَسَلْتُ وَخَرَجْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا عَلَيْكَ الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ قَالَ رَافِعٌ ثُمَّ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْغُسْلِ قَالَ الْحَازِمِيُّ بَعْدَ رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ فِي تَحْسِينِهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ رِشْدِينَ وَلَيْسَ مِنْ رِجَالِ الْحَسَنِ وَفِيهِ أَيْضًا مَجْهُولٌ انْتَهَى قُلْتُ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ الشَّوْكَانِيُّ
رقم الحديث 109 [19] .
قَوْلُهُ ( عن علي بن زيد) بن جُدْعَانَ التَّيْمِيِّ الْبَصْرِيِّ أَصْلُهُ حِجَازِيٌّ ضَعِيفٌ رَوَى عن بن المسيب وعنه قتادة والسفيانان والحمادان وخلق قال أحمد وأبو زرعة ليس بالقوي وقال بن خزيمة سيء الْحِفْظِ.
وَقَالَ شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِطَ.
وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ صَدُوقٌ إِلَّا أَنَّهُ رُبَّمَا يَرْفَعُ الشَّيْءَ الَّذِي يُوقِفُهُ غَيْرُهُ .
قَوْلُهُ ( إِذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ) قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبِحَارِ أَيْ حَاذَى أَحَدُهُمَا الْآخَرَ سَوَاءٌ تَلَامَسَا أَوْ لَا كَمَا إِذَا لَفَّ الذَّكَرَ بِالثَّوْبِ وَأَدْخَلَ انْتَهَى قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَرَدَ الْحَدِيثُ بِلَفْظِ الْمُحَاذَاةِوَبِلَفْظِ الْمُلَاقَاةِ وَبِلَفْظِ الْمُلَامَسَةِ وَبِلَفْظِ الْإِلْصَاقِ وَالْمُرَادُ بِالْمُلَاقَاةِ الْمُحَاذَاةُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ إِذَا غَابَتِ الْحَشَفَةُ فِي الْفَرْجِ فَقَدْ وَقَعَتِ الْمُلَاقَاةُ قال بن سَيِّدِ النَّاسِ وَهَكَذَا مَعْنَى مَسِّ الْخِتَانِ الْخِتَانَ أي قاربه وداناه ومعنى إلزاق الختان بالختان إلصاقه به ومعنى المجاوزة ظاهر قال بن سَيِّدِ النَّاسِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ حَاكِيًا عَنِ بن الْعَرَبِيِّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ اللَّمْسِ وَلَا حَقِيقَةَ الْمُلَاقَاةِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْمَجَازِ وَالْكِنَايَةِ عَنِ الشَّيْءِ بِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُلَابَسَةٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَذَلِكَ أَنَّ خِتَانَ الْمَرْأَةِ فِي أَعْلَى الْفَرْجِ وَلَا يَمَسُّهُ الذَّكَرُ فِي الْجِمَاعِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ ذَكَرَهُ عَلَى خِتَانِهَا وَلَمْ يُولِجْهُ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ قَدْرٍ زَائِدٍ عَلَى الْمُلَاقَاةِ وَهُوَ مَا وَقَعَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ بِلَفْظِ إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَتَوَارَتِ الحشفة فقد وجب الغسل أخرجه بن أبي شيبة انتهى قلت وأخرجه بن مَاجَهْ أَيْضًا .
قَوْلُهُ ( حَدِيثُ عَائِشَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح) والحديث صححه بن حبان وبن الْقَطَّانِ وَأَعَلَّهُ الْبُخَارِيُّ بِأَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ أَخْطَأَ فِيهِ وَرَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ مُرْسَلًا وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ أَبَا الزِّنَادِ قَالَ سَأَلْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْئًا فَقَالَ لَا وَأَجَابَ مَنْ صَحَّحَهُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْقَاسِمُ كَانَ نَسِيَهُ ثُمَّ تَذَكَّرَ فَحَدَّثَ بِهِ ابْنَهُ أَوْ كَانَ حَدَّثَ بِهِ ثُمَّ نَسِيَ وَلَا يَخْلُو الْجَوَابُ عَنْ نَظَرٍ قَالَ الْحَافِظُ وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ بِلَفْظِ إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ.
وَقَالَ النووي هذا الحديث أصله صحيح لكنه فيه تغير وتبع في ذلك بن الصَّلَاحِ .
قَوْلُهُ ( وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ.
اعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ مُجْتَمِعَةٌ الْآنَ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ بِالْجِمَاعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِنْزَالٌ وَكَانَتْ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ إِلَّا بِالْإِنْزَالِ ثُمَّ رَجَعَ بَعْضُهُمْ وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ بَعْدَ الْآخَرِينَ انْتَهَى وقال بن الْعَرَبِيِّ إِيجَابُ الْغُسْلِ أَطْبَقَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَمَا خَالَفَ فِيهِ إِلَّا دَاوُدُ وَلَا عِبْرَةَ بِخِلَافِهِ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ.
وَأَمَّا نفي بن الْعَرَبِيِّ الْخِلَافَ فَمُعْتَرَضٌ فَإِنَّهُ مَشْهُورٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ ثبت عن جماعة منهم لكن ادعى بن الْقَصَّارِ أَنَّ الْخِلَافَ ارْتَفَعَ بَيْنَ التَّابِعِينَ وَهُوَ مُعْتَرَضٌ أَيْضًا فَقَدْ قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّهُقَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فَسَمَّى بَعْضَهُمْ قَالَ وَمِنَ التَّابِعِينَ الْأَعْمَشُ وَتَبِعَهُ عِيَاضٌ لَكِنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ بَعْدَ الصَّحَابَةِ غَيْرُهُ وَهُوَ مُعْتَرَضٌ أَيْضًا فَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ أبي سلمة بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ حَدِيثُ الْمَاءِ مِنَ الْمَاءِ ثَابِتٌ لَكِنَّهُ مَنْسُوخٌ إِلَى أَنْ قَالَ فَخَالَفَنَا بَعْضُ أَهْلِ نَاحِيَتِنَا يَعْنِي مِنَ الْحِجَازِيِّينَ فَقَالُوا لَا يَجِبُ الْغُسْلُ حَتَّى يُنْزِلَ اهـ فَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ الْخِلَافَ كَانَ مَشْهُورًا بَيْنَ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ لَكِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى إِيجَابِ الْغُسْلِ وَهُوَ الصَّوَابُ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ قُلْتُ لَا شَكَّ فِي أَنَّ مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ هُوَ الْحَقُّ وَالصَّوَابُ وَأَمَّا حَدِيثُ الْمَاءِ مِنَ الْمَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ فَهُوَ مَنْسُوخٌ وَيَأْتِي بَيَانُ النَّسْخِ فِي الْبَابِ الْآتِي - ( بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْمَاءَ مِنَ الْمَاءِ) مَقْصُودُ التِّرْمِذِيِّ مِنْ عَقْدِ هَذَا الْبَابِ أَنَّ حَدِيثَ الْمَاءِ مِنَ الْمَاءِ مَنْسُوخٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الْإِثْنَيْنِ إِلَى قُبَاءَ حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي بَنِي سَالِمٍ وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَابِ عِتْبَانَ فَصَرَخَ بِهِ فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْجَلْنَا الرَّجُلَ فَقَالَ عِتْبَانُ أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْجَلُ عَنِ امْرَأَتِهِ وَلَمْ يُمْنِ مَاذَا عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ وَالْمُرَادُ بِالْمَاءِ الْأَوَّلِ مَاءُ الْغُسْلِ وَبِالثَّانِي الْمَنِيُّ وَفِيهِ جِنَاسٌ تَامٌّ
قُلْتُ هُوَ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ بِالْمَدِينَةِ رَوَى عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هريرة وبن عباس وبن عُمَرَ وَطَائِفَةٍ وَعَنْهُ الشَّعْبِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَخَلْقٌ قَالَ بن سَعْدٍ كَانَ ثِقَةًعَالِمًا فَقِيهًا إِمَامًا كَثِيرَ الْحَدِيثِ .
قَوْلُهُ مْ ( إِذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ) الْأَوَّلُ بِالرَّفْعِ وَالثَّانِي بِالنَّصْبِ وَالْخِتَانُ هُوَ مَوْضِعُ الْقَطْعِ مِنْ فَرْجِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَخْتُونًا أَمْ لَا وَالْمُرَادُ بِمُجَاوَزَةِ الْخِتَانِ الْخِتَانَ الْجِمَاعُ وَهُوَ غَيْبُوبَةُ الْحَشَفَةِ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بن عمرو بن العاصى إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَتَوَارَتِ الْحَشَفَةُ فَقَدْ وَجَبَ الغسل أخرجه بن مَاجَهْ ( وَجَبَ الْغُسْلُ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ اسْمٌ لِلِاغْتِسَالِ ( فَعَلْتُهُ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى مَصْدَرِ جَاوَزَ ( أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِالرَّفْعِ أَوْ النَّصْبِ ( فَاغْتَسَلْنَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَعْنِي بِغَيْرِ إِنْزَالٍ وَأَنَّهُ نَاسِخٌ لِمَفْهُومِ حَدِيثِ إِنَّمَا الماء من الماء قولهم ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَلَفْظُهُ إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَلِمُسْلِمٍ وَأَحْمَدَ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَأَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِ الِاعْتِبَارِ وَلَفْظُهُ قَالَ نَادَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا عَلَى بَطْنِ امْرَأَتِي فَقُمْتُ وَلَمْ أُنْزِلْ فَاغْتَسَلْتُ وَخَرَجْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا عَلَيْكَ الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ قَالَ رَافِعٌ ثُمَّ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْغُسْلِ قَالَ الْحَازِمِيُّ بَعْدَ رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ فِي تَحْسِينِهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ رِشْدِينَ وَلَيْسَ مِنْ رِجَالِ الْحَسَنِ وَفِيهِ أَيْضًا مَجْهُولٌ انْتَهَى قُلْتُ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ الشَّوْكَانِيُّ
رقم الحديث 109 [19] .
قَوْلُهُ ( عن علي بن زيد) بن جُدْعَانَ التَّيْمِيِّ الْبَصْرِيِّ أَصْلُهُ حِجَازِيٌّ ضَعِيفٌ رَوَى عن بن المسيب وعنه قتادة والسفيانان والحمادان وخلق قال أحمد وأبو زرعة ليس بالقوي وقال بن خزيمة سيء الْحِفْظِ.
وَقَالَ شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِطَ.
وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ صَدُوقٌ إِلَّا أَنَّهُ رُبَّمَا يَرْفَعُ الشَّيْءَ الَّذِي يُوقِفُهُ غَيْرُهُ .
قَوْلُهُ ( إِذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ) قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبِحَارِ أَيْ حَاذَى أَحَدُهُمَا الْآخَرَ سَوَاءٌ تَلَامَسَا أَوْ لَا كَمَا إِذَا لَفَّ الذَّكَرَ بِالثَّوْبِ وَأَدْخَلَ انْتَهَى قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَرَدَ الْحَدِيثُ بِلَفْظِ الْمُحَاذَاةِوَبِلَفْظِ الْمُلَاقَاةِ وَبِلَفْظِ الْمُلَامَسَةِ وَبِلَفْظِ الْإِلْصَاقِ وَالْمُرَادُ بِالْمُلَاقَاةِ الْمُحَاذَاةُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ إِذَا غَابَتِ الْحَشَفَةُ فِي الْفَرْجِ فَقَدْ وَقَعَتِ الْمُلَاقَاةُ قال بن سَيِّدِ النَّاسِ وَهَكَذَا مَعْنَى مَسِّ الْخِتَانِ الْخِتَانَ أي قاربه وداناه ومعنى إلزاق الختان بالختان إلصاقه به ومعنى المجاوزة ظاهر قال بن سَيِّدِ النَّاسِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ حَاكِيًا عَنِ بن الْعَرَبِيِّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ اللَّمْسِ وَلَا حَقِيقَةَ الْمُلَاقَاةِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْمَجَازِ وَالْكِنَايَةِ عَنِ الشَّيْءِ بِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُلَابَسَةٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَذَلِكَ أَنَّ خِتَانَ الْمَرْأَةِ فِي أَعْلَى الْفَرْجِ وَلَا يَمَسُّهُ الذَّكَرُ فِي الْجِمَاعِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ ذَكَرَهُ عَلَى خِتَانِهَا وَلَمْ يُولِجْهُ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ قَدْرٍ زَائِدٍ عَلَى الْمُلَاقَاةِ وَهُوَ مَا وَقَعَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ بِلَفْظِ إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَتَوَارَتِ الحشفة فقد وجب الغسل أخرجه بن أبي شيبة انتهى قلت وأخرجه بن مَاجَهْ أَيْضًا .
قَوْلُهُ ( حَدِيثُ عَائِشَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح) والحديث صححه بن حبان وبن الْقَطَّانِ وَأَعَلَّهُ الْبُخَارِيُّ بِأَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ أَخْطَأَ فِيهِ وَرَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ مُرْسَلًا وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ أَبَا الزِّنَادِ قَالَ سَأَلْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْئًا فَقَالَ لَا وَأَجَابَ مَنْ صَحَّحَهُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْقَاسِمُ كَانَ نَسِيَهُ ثُمَّ تَذَكَّرَ فَحَدَّثَ بِهِ ابْنَهُ أَوْ كَانَ حَدَّثَ بِهِ ثُمَّ نَسِيَ وَلَا يَخْلُو الْجَوَابُ عَنْ نَظَرٍ قَالَ الْحَافِظُ وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ بِلَفْظِ إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ.
وَقَالَ النووي هذا الحديث أصله صحيح لكنه فيه تغير وتبع في ذلك بن الصَّلَاحِ .
قَوْلُهُ ( وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ.
اعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ مُجْتَمِعَةٌ الْآنَ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ بِالْجِمَاعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِنْزَالٌ وَكَانَتْ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ إِلَّا بِالْإِنْزَالِ ثُمَّ رَجَعَ بَعْضُهُمْ وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ بَعْدَ الْآخَرِينَ انْتَهَى وقال بن الْعَرَبِيِّ إِيجَابُ الْغُسْلِ أَطْبَقَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَمَا خَالَفَ فِيهِ إِلَّا دَاوُدُ وَلَا عِبْرَةَ بِخِلَافِهِ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ.
وَأَمَّا نفي بن الْعَرَبِيِّ الْخِلَافَ فَمُعْتَرَضٌ فَإِنَّهُ مَشْهُورٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ ثبت عن جماعة منهم لكن ادعى بن الْقَصَّارِ أَنَّ الْخِلَافَ ارْتَفَعَ بَيْنَ التَّابِعِينَ وَهُوَ مُعْتَرَضٌ أَيْضًا فَقَدْ قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّهُقَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فَسَمَّى بَعْضَهُمْ قَالَ وَمِنَ التَّابِعِينَ الْأَعْمَشُ وَتَبِعَهُ عِيَاضٌ لَكِنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ بَعْدَ الصَّحَابَةِ غَيْرُهُ وَهُوَ مُعْتَرَضٌ أَيْضًا فَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ أبي سلمة بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ حَدِيثُ الْمَاءِ مِنَ الْمَاءِ ثَابِتٌ لَكِنَّهُ مَنْسُوخٌ إِلَى أَنْ قَالَ فَخَالَفَنَا بَعْضُ أَهْلِ نَاحِيَتِنَا يَعْنِي مِنَ الْحِجَازِيِّينَ فَقَالُوا لَا يَجِبُ الْغُسْلُ حَتَّى يُنْزِلَ اهـ فَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ الْخِلَافَ كَانَ مَشْهُورًا بَيْنَ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ لَكِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى إِيجَابِ الْغُسْلِ وَهُوَ الصَّوَابُ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ قُلْتُ لَا شَكَّ فِي أَنَّ مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ هُوَ الْحَقُّ وَالصَّوَابُ وَأَمَّا حَدِيثُ الْمَاءِ مِنَ الْمَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ فَهُوَ مَنْسُوخٌ وَيَأْتِي بَيَانُ النَّسْخِ فِي الْبَابِ الْآتِي - ( بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْمَاءَ مِنَ الْمَاءِ) مَقْصُودُ التِّرْمِذِيِّ مِنْ عَقْدِ هَذَا الْبَابِ أَنَّ حَدِيثَ الْمَاءِ مِنَ الْمَاءِ مَنْسُوخٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الْإِثْنَيْنِ إِلَى قُبَاءَ حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي بَنِي سَالِمٍ وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَابِ عِتْبَانَ فَصَرَخَ بِهِ فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْجَلْنَا الرَّجُلَ فَقَالَ عِتْبَانُ أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْجَلُ عَنِ امْرَأَتِهِ وَلَمْ يُمْنِ مَاذَا عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ وَالْمُرَادُ بِالْمَاءِ الْأَوَّلِ مَاءُ الْغُسْلِ وَبِالثَّانِي الْمَنِيُّ وَفِيهِ جِنَاسٌ تَامٌّ