فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في الإمام ينهض في الركعتين ناسيا

رقم الحديث 3358 [3358] .

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ) بْنُ سَوَّارٍ الْمَدَائِنِيُّ ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلَاءِ) بْنِ زَبْرٍ بِفَتْحِ الزَّايِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ الدِّمَشْقِيِّ الرَّبْعِيِّ ثِقَةٌ مِنَ السَّابِعَةِ ( عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَرْزَمٍ الْأَشْعَرِيِّ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ الضَّحَّاكُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَرْزَبٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الزَّايِ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ وَقَدْ تُبْدَلُ مِيمًا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَوْ أَبُو زُرْعَةَ الطَّبَرَانِيُّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ مَا مَوْصُولَةٌ أَيْ أَوَّلُ شَيْءٍ يُحَاسَبُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ ( يَعْنِي الْعَبْدُ) تَفْسِيرٌ لِنَائِبِ الْفَاعِلِ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ أَنْ يُقَالَ لَهُ خَبَرُ إِنَّ أَلَمْ نُصِحَّ مِنَ الْإِصْحَاحِ وَهُوَ إِعْطَاءُ الصِّحَّةِ جِسْمَكَ أَيْ بَدَنَكَ وَصِحَّتُهُ أَعْظَمُ النِّعَمِ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَنُرْوِيكَ كَذَا فِي النُّسَخِ الْحَاضِرَةِ بِالْيَاءِ وَالظَّاهِرُ حَذْفُهَا لِأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى نُصِحَّ وَكَذَلِكَ فِي الْمِشْكَاةِ وَهُوَ مِنَ التَّرْوِيَةِ أَوْ مِنَ الْإِرْوَاءِ مِنَ الرِّيِّ بِالْكَسْرِ وَهُوَ عِنْدَ الْعَطَشِ مِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ أَيِ الَّذِي هُوَ مِنْ ضَرُورَةِ بَقَائِكَ وَلَوْلَاهُ لَفَنِيتَ بَلِ الْعَالَمُ بِأَسْرِهِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حديث غريب) وأخرجه بن حبان والحاكمأَحَدُهُمَا أَنَّ النَّعِيمَ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ سَيَكُونُ وَالثَّانِي أَنَّ السُّؤَالَ سَيَكُونُ عَنِ الْأَسْوَدَيْنِ فَإِنَّهُمَا نِعْمَتَانِ عَظِيمَتَانِ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  ( هذا حديث حسن) وأخرجه أحمد وبن ماجة وبن أبي حاتم

رقم الحديث 3359 [3359] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ أنس إنا أعطيناك الكوثر) أَيْ عَنْ أَنَسٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تعالى إنا أعطيناك الكوثر وَهُوَ عَلَى وَزْنِ فَوْعَلٍ مِنَ الْكَثْرَةِ سُمِّيَ بِهِ النَّهْرُ لِكَثْرَةِ مَائِهِ وَآنِيَتِهِ وَعِظَمِ قَدْرِهِ وَخَيْرِهِ وَالْعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ شَيْءٍ كَثِيرٍ فِي الْعَدَدِ أَوِ الْقَدْرِ وَالْخَطَرِ كَوْثَرًا حَافَتَيْهِ بِتَخْفِيفِ الْفَاءِ أَيْ فِي جَانِبَيْهِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ حَافَتَيِ الْوَادِي وَغَيْرِهِ جَانِبَاهُ وَالْجَمْعُ حَافَّاتٌ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ حَافَّتَاهُ بِالْأَلِفِ عَلَى أَنَّهُ مبتدأ وخيره قباب اللؤلو وَالْقِبَابُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْأُولَى جَمْعُ قُبَّةٍ وَهُوَ بِنَاءٌ سَقْفُهُ مُسْتَدِيرٌ مُقَمَّرٌ.

قُلْتُ مَا هَذَا أَيْ مَا هَذَا النَّهْرُ قَالَ هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَهُ اللَّهُ هَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَوْثَرِ فِي قوله تعالى إناأعطيناك الكوثر هُوَ هَذَا النَّهْرُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ سَأَلْتُهَا عَنْ قَوْلِهِ تعالى إنا أعطيناك الكوثر قَالَتْ نَهْرٌ أُعْطِيَهُ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ وَرُوِيَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بِشْرٍ وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير عن بن عَبَّاسٍ قَالَ الْكَوْثَرُ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ قَالَ أَبُو بِشْرٍ.

قُلْتُ لِسَعِيدٍ إِنَّ نَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ فَقَالَ سَعِيدٌ النَّهْرُ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ قَالَ الْحَافِظُ هَذَا تَأْوِيلٌ مِنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ جَمَعَ به بين حديثي عائشة وبن عَبَّاسٍ وَحَاصِلُ مَا قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أن قول بن عَبَّاسٍ إِنَّهُ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ لَا يُخَالِفُ قَوْلَ غَيْرِهِ إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ لِأَنَّ النَّهْرَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْخَيْرِ الْكَثِيرِ ولعل سعيدا أومأ إلى أن تأويل بن عَبَّاسٍ أَوْلَى لِعُمُومِهِ لَكِنْ ثَبَتَ تَخْصِيصُهُ بِالنَّهْرِ مِنْ لَفْظِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا معدل عنه انتهى قال الحافظ بن جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى الْكَوْثَرِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ أَعْطَاهُ اللَّهُ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ذَكَرَ مَنْ قَالَ بِهِ ثم قالوَقَالَ آخَرُونَ عَنَى بِالْكَوْثَرِ الْخَيْرَ الْكَثِيرَ ثُمَّ ذَكَرَ مَنْ قَالَ بِهِ ثُمَّ قَالَ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ هُوَ حَوْضٌ أُعْطِيَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ ثُمَّ قَالَ وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ عِنْدِي قَوْلُ مَنْ قَالَ هُوَ اسْمُ النَّهْرِ الَّذِي أُعْطِيَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ وَصَفَهُ اللَّهُ بِالْكَثْرَةِ لِعَظَمَةِ قَدْرِهِ وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ لِتَتَابُعِ الْأَخْبَارِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ انْتَهَى قُلْتُ الْأَمْرُ كَمَا قال الحافظ بن جرير والحافظ بن حجر رحمهما الله تعالى وقال الحافظ بن جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانحر اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّيَهَا بِهَذَا الْخِطَابِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَانْحَرْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ حَضَّهُ عَلَى الْمُوَاظَبَةِ عَلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَعَلَى الْحِفْظِ عَلَيْهَا فِي أَوْقَاتِهَا بِقَوْلِهِ فَصَلِّ لربك وانحر ثُمَّ ذَكَرَ مَنْ قَالَ بِهِ ثُمَّ قَالَ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ بَلْ عَنَى بِقَوْلِهِ فَصَلِّ لِرَبِّكَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ وَبِقَوْلِهِ وَانْحَرْ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ إِلَى النَّحْرِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَالدُّخُولِ فِيهَا ثُمَّ ذَكَرَ مَنْ قَالَ بِهِ ثُمَّ قَالَ وقال آخرون عنى بقوله فصل لربك الْمَكْتُوبَةَ وَبِقَوْلِهِ وَانْحَرْ نَحْرَ الْبُدْنِ ثُمَّ ذَكَرَ مَنْ قَالَ بِهِ ثُمَّ قَالَ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ بَلْ عَنَى بِذَلِكَ صَلِّ يَوْمَ النَّحْرِ صَلَاةَ الْعِيدِ وَانْحَرْ نُسُكَكَ ثُمَّ ذَكَرَ مَنْ قَالَ بِهِ ثُمَّ قَالَ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ قِيلَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ قَوْمًا كَانُوا يُصَلُّونَ لِغَيْرِ اللَّهِ وَيَنْحَرُونَ لِغَيْرِهِ فَقِيلَ لَهُ اجْعَلْ صَلَاتَكَ وَنَحْرَكَ لِلَّهِ إِذْ كَانَ مَنْ يَكْفُرُ بِاللَّهِ يَجْعَلُهُ لِغَيْرِهِ ثُمَّ ذَكَرَ مَنْ قَالَ بِهِ ثُمَّ قَالَ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ بَلْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ حِينَ حُصِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ وَصُدُّوا عَنِ الْبَيْتِ فَأَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَيَنْحَرَ الْبُدْنَ وَيَنْصَرِفَ فَفَعَلَ ثُمَّ ذَكَرَ مَنْ قَالَ بِهِ ثُمَّ قَالَ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ فَصَلِّ وَادْعُ رَبَّكَ وَسَلْهُ ثُمَّ ذَكَرَ مَنْ قَالَ بِهِ ثُمَّ قَالَ وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ مَعْنَى ذَلِكَ فَاجْعَلْ صَلَاتَكَ كُلَّهَا لِرَبِّكَ خَالِصًا دُونَ مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَنْدَادِ وَالْآلِهَةِ وَكَذَلِكَ نَحْرُكَ اجْعَلْهُ لَهُ دُونَ الْأَوْثَانِ شُكْرًا لَهُ عَلَى مَا أَعْطَاكَ مِنَ الْكَرَامَةِ وَالْخَيْرِ الَّذِي لَا كُفْءَ لَهُ وَخَصَّكَ بِهِ مِنْ إِعْطَائِهِ إِيَّاكَ الْكَوْثَرَ وَإِنَّمَا.

قُلْتُ ذَلِكَ أَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا أَكْرَمَهُ بِهِ مِنْ عَطِيَّتِهِ وَكَرَامَتِهِ وَإِنْعَامِهِ عَلَيْهِ بِالْكَوْثَرِ ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانحر فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّهُ خَصَّهُ بِالصَّلَاةِ لَهُ وَالنَّحْرِ عَلَى الشُّكْرِ لَهُ عَلَى مَا أَعْلَمَهُ مِنَ النِّعْمَةِ الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْهِ بِإِعْطَائِهِ إِيَّاهُ الْكَوْثَرَ فَلَمْ يَكُنْ لِخُصُوصِ بَعْضِ الصَّلَاةِ بِذَلِكَ دُونَ بَعْضٍ وَبَعْضِ النَّحْرِ دُونَ بَعْضٍ وَجْهٌ إِذَا كَانَ حَثًّا عَلَى الشُّكْرِ عَلَى النِّعَمِ فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إِذًا إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ الْكَوْثَرَ إِنْعَامًا مِنَّا عَلَيْكَ بِهِ وَتَكْرِمَةً مِنَّا لَكَ فَأَخْلِصْ لِرَبِّكَ الْعِبَادَةَ وَأَفْرِدْ لَهُ صَلَاتَكَ وَنُسُكَكَ خِلَافًا لِمَا يَفْعَلُهُ مَنْ كَفَرَ بِهِ وَعَبَدَ غَيْرَهُ وَنَحَرَ لِلْأَوْثَانِ انْتَهَى قُلْتُ وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَىقُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وأنا أول الْمُسْلِمِينَ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ)

رقم الحديث 3360 [336] .

     قَوْلُهُ  بَيْنَا أَنَا أَسِيرُ فِي الْجَنَّةِ أَيْ لَمَّا عُرِجَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَّمَاءِ كَمَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ قِبَابُ الدُّرِّ الْمُجَوَّفِ قَالَ هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَهُ اللَّهُ إِشَارَةً إلى قوله تعالى إنا أعطيناك الكوثر ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ أَيْ ضَرَبَ الْمَلَكُ بِيَدِهِ وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ فَأَهْوَى الْمَلَكُ بِيَدِهِ فَاسْتَخْرَجَ مِنْ طِينِهِ مِسْكًا أَذْفَرَ ثُمَّ رُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى أَيْ قُرِّبَتْ وَكُشِفَتْ وَعُرِضَتْ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ

رقم الحديث 3361 [3361] .

     قَوْلُهُ  حَافَتَاهُ مِنْ ذَهَبٍ لَا تَخَالُفَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ حَافَتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ لِأَنَّ حَافَّتَيْهِ تَكُونَانِ مِنَ الذَّهَبِ.
وَأَمَّا الْقِبَابُ مِنَ اللُّؤْلُؤِ فَتَكُونُ مَبْنِيَّةً عَلَيْهِمَا وَمَجْرَاهُ عَلَى الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ أَيْ جَرَيَانُ مَائِهِ عَلَيْهِمَا تُرْبَتُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ أَيْ تُرَابُهُ أَطْيَبُ رِيحًا مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وبن ماجة وبن أبي حاتم وبن جرير - باب وَمِنْ سُورَةِ الْفَتْحِ وَتُسَمَّى سُورَةَ النَّصْرِ أَيْضًا مدينة وهي ثلاث آيات

رقم الحديث 3362 [3362] قوله ( حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ) بْنِ الْجَارُودِ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ ( عَنْ أَبِي بِشْرٍ) اسْمُهُ جَعْفَرُ بْنُإياس قوله ( كان عمر) أي بن الْخَطَّابِ ( يَسْأَلُنِي مَعَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي التَّفْسِيرِ كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ وَفِي رِوَايَتِهِ فِي عَلَامَاتِ النبوة كان عمر بن الخطاب يدنى بن عَبَّاسٍ ( فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ) الزُّهْرِيُّ أَحَدُ الْمُبَشَّرَةِ ( وَلَنَا بَنُونَ مِثْلُهُ) أَيْ مثل بن عَبَّاسٍ فِي السِّنِّ لَا فِي الْفَضْلِ وَالْقَرَابَةِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ تَعْلَمُ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ عَالِمٌ وَكَانَ ذَلِكَ بِبَرَكَةِ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ ( فَسَأَلَهُ عَنْ هَذِهِ الاية) أي فسأل عمر بن عَبَّاسٍ عَنْ مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ ( إِذَا جَاءَ نصر الله) أَيْ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أعدائه ( إِنَّمَا هُوَ أَجَلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ إِيَّاهُ) أَيْ يَجِيءُ النَّصْرُ وَالْفَتْحُ وَدُخُولُ النَّاسِ فِي الدِّينِ عَلَامَةُ وَفَاةِ النبي صلى الله عليه وسلم أخير اللَّهُ رَسُولَهُ بِذَلِكَ ( مَا أَعْلَمُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ ( إِلَّا مَا تَعْلَمُ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي التَّفْسِيرِ مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مَا تَقُولُ وَفِي الْحَدِيثِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَتَأْثِيرٌ لِإِجَابَةِ دَعْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعَلِّمَهُ التَّأْوِيلَ وَيُفَقِّهَهُ فِي الدِّينِ وَفِيهِ جَوَازُ تَحْدِيثِ الْمَرْءِ عَنْ نَفْسِهِ بِمِثْلِ هَذَا لِإِظْهَارِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِعْلَامِ مَنْ لَا يَعْرِفُ قَدْرَهُ لِيُنْزِلَهُ مَنْزِلَتَهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمَقَاصِدِ الصَّالِحَةِ لَا لِلْمُفَاخَرَةِ وَالْمُبَاهَاةِ وَفِيهِ جَوَازُ تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ بِمَا يُفْهَمُ مِنَ الْإِشَارَاتِ وَإِنَّمَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ مَنْ رَسَخَتْ قَدَمُهُ فِي الْعِلْمِ وَلِهَذَا قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوْ فَهْمًا يُؤْتِيهِ اللَّهُ رَجُلًا فِي الْقُرْآنِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ قوله ( أتسأله ولنا بن مِثْلُهُ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُإياس قوله ( كان عمر) أي بن الْخَطَّابِ ( يَسْأَلُنِي مَعَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي التَّفْسِيرِ كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ وَفِي رِوَايَتِهِ فِي عَلَامَاتِ النبوة كان عمر بن الخطاب يدنى بن عَبَّاسٍ ( فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ) الزُّهْرِيُّ أَحَدُ الْمُبَشَّرَةِ ( وَلَنَا بَنُونَ مِثْلُهُ) أَيْ مثل بن عَبَّاسٍ فِي السِّنِّ لَا فِي الْفَضْلِ وَالْقَرَابَةِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ تَعْلَمُ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ عَالِمٌ وَكَانَ ذَلِكَ بِبَرَكَةِ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ ( فَسَأَلَهُ عَنْ هَذِهِ الاية) أي فسأل عمر بن عَبَّاسٍ عَنْ مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ ( إِذَا جَاءَ نصر الله) أَيْ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أعدائه ( إِنَّمَا هُوَ أَجَلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ إِيَّاهُ) أَيْ يَجِيءُ النَّصْرُ وَالْفَتْحُ وَدُخُولُ النَّاسِ فِي الدِّينِ عَلَامَةُ وَفَاةِ النبي صلى الله عليه وسلم أخير اللَّهُ رَسُولَهُ بِذَلِكَ ( مَا أَعْلَمُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ ( إِلَّا مَا تَعْلَمُ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي التَّفْسِيرِ مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مَا تَقُولُ وَفِي الْحَدِيثِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَتَأْثِيرٌ لِإِجَابَةِ دَعْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعَلِّمَهُ التَّأْوِيلَ وَيُفَقِّهَهُ فِي الدِّينِ وَفِيهِ جَوَازُ تَحْدِيثِ الْمَرْءِ عَنْ نَفْسِهِ بِمِثْلِ هَذَا لِإِظْهَارِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِعْلَامِ مَنْ لَا يَعْرِفُ قَدْرَهُ لِيُنْزِلَهُ مَنْزِلَتَهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمَقَاصِدِ الصَّالِحَةِ لَا لِلْمُفَاخَرَةِ وَالْمُبَاهَاةِ وَفِيهِ جَوَازُ تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ بِمَا يُفْهَمُ مِنَ الْإِشَارَاتِ وَإِنَّمَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ مَنْ رَسَخَتْ قَدَمُهُ فِي الْعِلْمِ وَلِهَذَا قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوْ فَهْمًا يُؤْتِيهِ اللَّهُ رَجُلًا فِي الْقُرْآنِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ قوله ( أتسأله ولنا بن مِثْلُهُ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُإياس قوله ( كان عمر) أي بن الْخَطَّابِ ( يَسْأَلُنِي مَعَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي التَّفْسِيرِ كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ وَفِي رِوَايَتِهِ فِي عَلَامَاتِ النبوة كان عمر بن الخطاب يدنى بن عَبَّاسٍ ( فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ) الزُّهْرِيُّ أَحَدُ الْمُبَشَّرَةِ ( وَلَنَا بَنُونَ مِثْلُهُ) أَيْ مثل بن عَبَّاسٍ فِي السِّنِّ لَا فِي الْفَضْلِ وَالْقَرَابَةِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ تَعْلَمُ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ عَالِمٌ وَكَانَ ذَلِكَ بِبَرَكَةِ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ ( فَسَأَلَهُ عَنْ هَذِهِ الاية) أي فسأل عمر بن عَبَّاسٍ عَنْ مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ ( إِذَا جَاءَ نصر الله) أَيْ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أعدائه ( إِنَّمَا هُوَ أَجَلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ إِيَّاهُ) أَيْ يَجِيءُ النَّصْرُ وَالْفَتْحُ وَدُخُولُ النَّاسِ فِي الدِّينِ عَلَامَةُ وَفَاةِ النبي صلى الله عليه وسلم أخير اللَّهُ رَسُولَهُ بِذَلِكَ ( مَا أَعْلَمُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ ( إِلَّا مَا تَعْلَمُ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي التَّفْسِيرِ مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مَا تَقُولُ وَفِي الْحَدِيثِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَتَأْثِيرٌ لِإِجَابَةِ دَعْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعَلِّمَهُ التَّأْوِيلَ وَيُفَقِّهَهُ فِي الدِّينِ وَفِيهِ جَوَازُ تَحْدِيثِ الْمَرْءِ عَنْ نَفْسِهِ بِمِثْلِ هَذَا لِإِظْهَارِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِعْلَامِ مَنْ لَا يَعْرِفُ قَدْرَهُ لِيُنْزِلَهُ مَنْزِلَتَهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمَقَاصِدِ الصَّالِحَةِ لَا لِلْمُفَاخَرَةِ وَالْمُبَاهَاةِ وَفِيهِ جَوَازُ تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ بِمَا يُفْهَمُ مِنَ الْإِشَارَاتِ وَإِنَّمَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ مَنْ رَسَخَتْ قَدَمُهُ فِي الْعِلْمِ وَلِهَذَا قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوْ فَهْمًا يُؤْتِيهِ اللَّهُ رَجُلًا فِي الْقُرْآنِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ قوله ( أتسأله ولنا بن مِثْلُهُ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُقُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وأنا أول الْمُسْلِمِينَ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ)

رقم الحديث 3363 [3363] .

     قَوْلُهُ  ( صَعِدَ) مِنَ التَّصْعِيدِ أَيْ رَقِيَ قَالَ فِي الْقَامُوسِ صَعِدَ فِي السُّلَّمِ كَسَمِعَ صُعُودًا وَصَعِدَ فِي الْجَبَلِ وَعَلَيْهِ تَصْعِيدًا رَقِيَ وَلَمْ يُسْمَعْ صَعِدَ فِيهِ يَا صَبَاحَاهُ هَذِهِ كَلِمَةٌ يَقُولُهَا الْمُسْتَغِيثُ وَأَصْلُهَا إِذَا صَاحُوا لِلْغَارَةِ لِأَنَّهُمْ أَكْثَرُ مَا كَانُوا يُغِيرُونَ بِالصَّبَاحِ وَيُسَمُّونَ يَوْمَ الْغَارَةِ يَوْمَ الصَّبَاحِ وَكَأَنَّ الْقَائِلَ يَا صَبَاحَاهُ يَقُولُ قَدْ غَشِينَا الْعَدُوَّ إِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ أَيْ قَبْلَ نُزُولِ عَذَابٍ عَظِيمٍ وَعِقَابٍ أَلِيمٍ وَالْمَعْنَى أَنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا بِي يَنْزِلْ عَلَيْكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ قَالَ الطِّيبِيُّ .

     قَوْلُهُ  بَيْنَ يَدَيْ ظرف لغد نَذِيرٌ وَهُوَ بِمَعْنَى قُدَّامَ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يَكُونُ قُدَّامَ أَحَدٍ يَكُونُ بَيْنَ الْجِهَتَيْنِ الْمُسَامِتَتَيْنِ لِيَمِينِهِ وَشِمَالِهِ وَفِيهِ تَمْثِيلٌ مَثَّلَ إِنْذَارَهُ لِقَوْمٍ بِعَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى النَّازِلِ عَلَى الْقَوْمِ بِنَذِيرِ قَوْمٍ يَتَقَدَّمُ جَيْشَ الْعَدُوِّ فَيُنْذِرُهُمْ أَرَأَيْتُمْ أَيْ أَخْبِرُونِي مُمَسِّيكُمْ أَوْ مُصَبِّحُكُمْ كِلَاهُمَا بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ مِنْ بَابِ تَفْعِيلٍ أَيْ مُغِيرُكُمْ فِي الْمَسَاءِ أَوِ الصَّبَاحِ ( فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ) هُوَ بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَاسْمُهُ عَبْدُ الْعُزَّى وَأُمُّهُ خُزَاعِيَّةٌ وَكُنِيَ أَبَا لَهَبٍ إِمَّا لِابْنِهِ لَهَبٍ وَإِمَّا لِشِدَّةِ حُمْرَةِ وَجْنَتِهِ وَقَدْ أَخْرَجَ الْفَاكِهِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ إِنَّمَا سُمِّيَ أَبَا لَهَبٍ لِأَنَّ وَجْهَهُ كَانَ يَتَلَهَّبُ مِنْ حُسْنِهِ انْتَهَى وَوَافَقَ ذَلِكَ مَا آلَ إِلَيْهِ أَمْرُهُ مِنْ أَنَّهُ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ وَلِهَذَا ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ بِكُنْيَتِهِ دُونَ اسْمِهِ وَلِكَوْنِهِ بِهَا أَشْهَرَ وَلِأَنَّ فِي اسْمِهِ إِضَافَةً إِلَى الصَّنَمِ وَمَاتَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ وَلَمْ يَحْضُرْهَا بَلْ أَرْسَلَ عَنْهُ بَدِيلًا فَلَمَّا بَلَغَهُ مَا جَرَى لِقُرَيْشٍ مَاتَ عَنْهَا ( أَلِهَذَا) الْهَمْزَةُ لِلِاسْتِفْهَامِ عَلَى وَجْهِ الْإِنْكَارِ ( تَبًّا لَكَ) أَيْ خُسْرَانًا وَهَلَاكًا وَنَصَبَهُ بِعَامِلٍ مُضْمَرٍ قَالَهُ الْقَاضِي فَهُوَ إِمَّا نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ وَالْمَعْنَى تَبَّ تَبًّا أَوْ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ أَيْ أَلْزَمَكَ اللَّهُ هَلَاكًا وَخُسْرَانًا وَأَلْزَمَ تَبًّا تَبَّتْ أَيْ خسرت يدا أبي لهب أَيْ جُمْلَتُهُ وَعَبَّرَ عَنْهَا بِالْيَدَيْنِ مَجَازًا لِأَنَّ أَكْثَرَ الْأَفْعَالِ تُزَاوَلُ بِهِمَا وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ دُعَاءٌوَتَبَّ أَيْ خَسِرَ هُوَ وَهَذِهِ خَبَرٌ كَقَوْلِهِمْ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ وَقَدْ هَلَكَ وَلَمَّا خَوَّفَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَذَابِ فَقَالَ إِنْ كان ما يقول بن أَخِي حَقًّا أَفْتَدِي مِنْهُ بِمَالِي وَوَلَدِي نَزَلَ ما أغنى عنه ماله ما للنفي وما كسب مرفوع وما موصولة أو مصدرية أي ومكسو به أَوْ وَكَسْبُهُ أَيْ لَمْ يَنْفَعْهُ مَالُهُ الَّذِي وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ وَالَّذِي كَسَبَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ ماله التالد والطارف وعن بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَا كَسَبَ وَلَدُهُ سيصلى أي سيدخل نارا ذات لهب أَيْ ذَاتَ تَوَقُّدٍ وَتَلَهُّبٍ وَامْرَأَتُهُ عَطْفٌ عَلَى ضَمِيرِ يَصْلَى سَوَّغَهُ الْفَصْلُ بِالْمَفْعُولِ وَصِفَتُهُ وَهِيَ أُمُّ جَمِيلٍ بِنْتُ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ أُخْتُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ عَمَّةُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَكَانَتْ فِي نِهَايَةِ الْعَدَاوَةِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ قَرَأَ الْجُمْهُورُ حَمَّالَةُ بِالرَّفْعِ عَلَى الْخَبَرِيَّةِ عَلَى أَنَّهَا جُمْلَةٌ مَسُوقَةٌ لِلْإِخْبَارِ بِأَنَّ امْرَأَةَ أَبِي لَهَبٍ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ.
وَأَمَّا عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ عَطْفِ وَامْرَأَتُهُ عَلَى الضَّمِيرِ فِي يَصْلَى فَيَكُونُ رَفْعُ حَمَّالَةَ عَلَى النَّعْتِ لِامْرَأَتِهِ وَالْإِضَافَةُ حَقِيقِيَّةٌ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْمُضِيِّ أَوْ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هِيَ حَمَّالَةٌ وَقَرَأَ عَاصِمٌ بِالنَّصْبِ عَلَى الذَّمِّ أَيْ أَعْنِي حَمَّالَةَ الْحَطَبِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ مِنَ امْرَأَتِهِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ حَمَّالَةَ الحطب فَقِيلَ كَانَتْ تَحْمِلُ الشَّوْكَ وَالْحَسَكَ وَالْعِضَاهَ بِاللَّيْلِ فَتَطْرَحُهُ فِي طَرِيقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ لِتُؤْذِيَهُمْ بِذَلِكَ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَقِيلَ كَانَتْ تَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ وَتَنْقُلُ الْحَدِيثَ وَتُلْقِي الْعَدَاوَةَ بَيْنَ النَّاسِ وَتُوقِدُ نَارَهَا كَمَا تُوقِدُ النَّارُ الْحَطَبَ يُقَالُ فُلَانٌ يَحْطِبُ عَلَى فلان إذا نم به في جيدها أي عنقها حبل من مسد أَيْ لِيفٍ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمُسْتَكِينِ فِي حَمَّالَةِ الْحَطَبِ الَّذِي هُوَ نَعْتٌ لِامْرَأَتِهِ أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مُقَدَّرٍ أَوْ خَبَرٌ ثَانٍ لِقَوْلِهِ وَامْرَأَتُهُ قَالَ الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى ( فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) قَالَ الْوَاحِدِيُّ الْمَسَدُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْفَتْلُ يُقَالُ مَسَدَ الْحَبْلَ يَمْسُدُهُ مَسْدًا إِذَا أَجَادَ قتله وَحَبْلٌ مَمْدُودٌ إِذَا كَانَ مَجْدُولَ الْخَلْقِ وَالْمَسَدُ مَا مُسِدَ أَيْ فُتِلَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ فَيُقَالُ لِمَا فُتِلَ مِنْ جُلُودِ الْإِبِلِ وَمِنَ اللِّيفِ وَالْخُوصِ مَسَدٌ وَلِمَا فُتِلَ مِنَ الْحَدِيدِ أَيْضًا مَسَدٌ إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ وُجُوهًا أَحَدُهَا فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِمَّا مُسِدَ مِنَ الْحِبَالِ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَحْمِلُ تِلْكَ الْحُزْمَةَ مِنَ الشَّوْكِ وَتَرْبِطُهَا فِي جِيدِهَا كَمَا يَفْعَلُ الْحَطَّابُونَ وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ خَسَاسَتِهَا تَشْبِيهًا لَهَا بِالْحَطَّابَاتِ إِيذَاءً لَهَا وَلِزَوْجِهَا وَثَانِيهَا أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ حَالَهَا يَكُونُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا حِينَ كَانَتْ تَحْمِلُ الْحُزْمَةَ مِنَ الشَّوْكِ فَلَا تَزَالُ عَلَى ظَهْرِهَا حُزْمَةٌ مِنْ حَطَبِ النَّارِ مِنْ شَجَرَةِ الزَّقُّومِ وَفِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ سَلَاسِلِ النَّارِ فَإِنْ قِيلَ الْحَبْلُ الْمُتَّخَذُ مِنَ الْمَسَدِ كَيْفَ يَبْقَى أَبَدًا فِي النَّارِ قُلْنَا كَمَا يَبْقَى الْجِلْدُ وَاللَّحْمُ وَالْعَظْمُ أَبَدًا فِي النَّارِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ ذَلِكَ الْمَسَدُ يَكُونُ مِنَ الْحَدِيدِ وَظَنُّ مَنْ ظَنَّ أَنَّ الْمَسَدَ لَا يَكُونُ مِنَ الْحَدِيدِ خَطَأٌ لِأَنَّ الْمَسَدَ هُوَ الْمَفْتُولُ سَوَاءٌ كَانَ مِنَ الْحَدِيدِ أَوْ مِنْ غيره .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ والنسائي 2 - بَاب وَمِنْ سُورَةِالْإِخْلَاصِ مَكِّيَّةٌ وَقِيلَ مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ أَرْبَعُ أَوْ خَمْسُ آيَاتٍ

رقم الحديث 3364 [3364] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ) اسْمُهُ عِيسَى بْنُ أَبِي عِيسَى .

     قَوْلُهُ  ( انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ) بِصِيغَةِ الْأَمْرِ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَضَرَبَ أَيْ صِفْهُ لَنَا يُقَالُ نَسَبَ الرَّجُلَ إِذَا وَصَفَهُ وَذَكَرَ نَسَبَهُ ( وَالصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يلد ولم يولد) قال الحافظ بن كَثِيرٍ قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ الصَّمَدُ هُوَ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ كَأَنَّهُ جَعَلَ مَا بَعْدَهُ تَفْسِيرًا لَهُ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  لَمْ يلد ولم يولد وَهُوَ تَفْسِيرٌ جَيِّدٌ وَحَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ صَرِيحٌ فِيهِ انْتَهَى وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ باب قوله الله الصمد وَالْعَرَبُ تُسَمِّي أَشْرَافَهَا الصَّمَدَ.

     وَقَالَ  أَبُو وَائِلٍ السَّيِّدُ الَّذِي انْتَهَى سُؤْدُدُهُ انْتَهَى قَالَ الْعَيْنِيُّ أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَنَّ مَعْنَى الصَّمَدِ عِنْدَ الْعَرَبِ الشَّرَفُ وَلِهَذَا يُسَمُّونَ رُؤَسَاءَهُمُ الْأَشْرَافَ بِالصَّمَدِ وعن بن عَبَّاسٍ هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِيهِ أَنْوَاعُ الشَّرَفِ وَالسُّؤْدُدِ وَقِيلَ هُوَ السَّيِّدُ الْمَقْصُودُ فِي الْحَوَائِجِ تَقُولُ الْعَرَبُ صَمَدْتُ فُلَانًا أَصْمُدُهُ صَمْدًا بِسُكُونِ الْمِيمِ إِذَا قَصَدْتُهُ وَالْمَصْمُودُ صَمَدَ وَيُقَالُ بَيْتٌ مَصْمُودٌ وَمُصْمَدٌ إِذَا قَصَدَهُ النَّاسُ في حوائجهم انتهى وقال الخازن قال بن عَبَّاسٍ الصَّمَدُ الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ وَوَجْهُ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ أَنَّ الصَّمَدَ الشَّيْءُ الْمُصْمَدُ الصُّلْبُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ رُطُوبَةٌ وَلَا رَخَاوَةٌ وَمِنْهُ يُقَالُ لِسَدَّادِ الْقَارُورَةِ الصِّمَادُ فَإِنْ فُسِّرَ الصَّمَدُ بِهَذَا كَانَ مِنْ صِفَاتِ الْأَجْسَامِ وَيَتَعَالَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ صِفَاتِ الْجِسْمِيَّةِ وَقِيلَ وَجْهُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الصَّمَدَ الَّذِي لَيْسَ بِأَجْوَفَ مَعْنَاهُ هُوَ الَّذِي لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ وَهُوَ الْغَنِيُّ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ فَعَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ هُوَ صِفَةُ كَمَالٍ وَالْقَصْدُ بِقَوْلِهِ اللَّهُ الصمد التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى بِخِلَافِ مَنْ أَثْبَتُوا له الإلهية وإليه الإشارة بقوله تعالى ما المسيح بن مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي أَفْرَادِهِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ الصَّمَدُ هُوَ السَّيِّدُ الذي انتهى سؤدده وهي رواية عن بن عَبَّاسٍ أَيْضًا قَالَ هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي كَمُلَ فِيهِ جَمِيعُ أَوْصَافِ السُّؤْدُدِ وَقِيلَ هُوَ السَّيِّدُ الْمَقْصُودُ فِي جَمِيعِ الْحَوَائِجِ الْمَرْغُوبِ إِلَيْهِ فِي الرَّغَائِبِ الْمُسْتَعَانُ بِهِ عِنْدَالْمَصَائِبِ وَتَفْرِيجِ الْكُرَبِ وَقِيلَ هُوَ الْكَامِلُ فِي جَمِيعِ صِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَتِلْكَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُ الْمُتَنَاهِي فِي السُّؤْدُدِ وَالشَّرَفِ وَالْعُلُوِّ وَالْعَظَمَةِ وَالْكَمَالِ وَالْكَرَمِ وَالْإِحْسَانِ وَقِيلَ الصَّمَدُ الدَّائِمُ الْبَاقِي بَعْدَ فَنَاءِ خَلْقِهِ وَقِيلَ الصَّمَدُ الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ أَحَدٌ وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي لَا تَعْتَرِيهِ الْآفَاتُ وَلَا تُغَيِّرُهُ الْأَوْقَاتُ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي لَا عَيْبَ فِيهِ وَقِيلَ الصَّمَدُ هُوَ الْأَوَّلُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ زَوَالٌ وَالْآخِرُ الَّذِي لَيْسَ لِمُلْكِهِ انْتِقَالٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ لَفْظُ الصَّمَدِ عَلَى كُلِّ مَا قِيلَ فِيهِ لِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ لَهُ فَعَلَى هَذَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْوُجُودِ صَمَدٌ سِوَى اللَّهِ تَعَالَى الْعَظِيمِ الْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَأَنَّهُ اسْمٌ خَاصٌّ بِاللَّهِ تَعَالَى انْفَرَدَ بِهِ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتُ الْعُلْيَا لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ انْتَهَى مَا فِي الْخَازِنِ مُخْتَصَرًا ( لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يُولَدُ إِلَّا سَيَمُوتُ الخ) هذا دليل لقوله لم يولد ( وَلَا عِدْلٌ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الدَّالِ أَيْ مِثْلٌ

رقم الحديث 3366 [3366] .

     قَوْلُهُ  ( عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) الْقُرَشِيِّ العامري خال بن أَبِي ذِئْبٍ صَدُوقٌ مِنَ الْخَامِسَةِ .

     قَوْلُهُ  اسْتَعِيذِي بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا أَيْ هَذَا الْقَمَرِ فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْغَاسِقُ إِذَا وَقَبَ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْغَسَقُ مُحَرَّكَةً ظُلْمَةُ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَغَسَقَ اللَّيْلُ غَسَقًا اشْتَدَّتْ ظُلْمَتُهُ وَالْغَاسِقُ الْقَمَرُ أَوِ اللَّيْلُ إِذَا غَابَ الشَّفَقُ.

     وَقَالَ  فِيهِ وَقَبَ الظَّلَامُ دَخَلَ وَالشَّمْسُ وَقْبًا وَوُقُوبًا غَابَتْ وَالْقَمَرُ دَخَلَ فِي الْخُسُوفِ وَمِنْهُ غَاسِقٌ إِذَا وَقَبَ انْتَهَى قَالَ الطِّيبِيُّ إِنَّمَا اسْتَعَاذَ مِنْ كُسُوفِهِ لِأَنَّهُ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ الدَّالَّةِ عَلَى حُدُوثِ بَلِيَّةٍ وَنُزُولِ نَازِلَةٍ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلَكِنْ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ وَلِأَنَّ اسْمَ الْإِشَارَةِ فِي الْحَدِيثِ كَوَضْعِ الْيَدِ فِي التَّعْيِينِ وَتَوْسِيطُ ضَمِيرِ الْفَصْلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الخبر المعروف يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِ هُوَ الْقَمَرُ لَا غَيْرُ انْتَهَى.

     وَقَالَ  الْخَازِنُ فِي تَفْسِيرِهِ بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا مَا لَفْظُهُ فَعَلَى هَذَا الْحَدِيثِ الْمُرَادُ بِهِ الْقَمَرُ إِذَا خَسَفَ وَاسْوَدَّ وَمَعْنَى وَقَبَ دَخَلَ فِي الْخُسُوفِ أَوْ أَخَذَ فِي الْغَيْبُوبَةِ وَقِيلَ سُمِّيَ بِهِ لأنه إذا خسف اسود وذهب ضوؤه وَقِيلَ إِذَا وَقَبَ دَخَلَ فِي الْمَحَاقِ وَهُوَ آخِرُ الشَّهْرِ وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يَتِمُّ السِّحْرُ الْمُورِثُ لِلتَّمْرِيضِ وَهَذَا مُنَاسِبٌ لِسَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ السورة وقال بن عَبَّاسٍ الْغَاسِقُ اللَّيْلُ إِذَا وَقَبَ أَيْ أَقْبَلَ بِظُلْمَتِهِ مِنَ الْمَشْرِقِ وَقِيلَ سُمِّيَ اللَّيْلُ غَاسِقًا لِأَنَّهُ أَبْرَدُ مِنَ النَّهَارِ وَالْغَسَقُ الْبَرْدُ وَإِنَّمَا أُمِرَ بِالتَّعَوُّذِ مِنَ اللَّيْلِ لِأَنَّ فِيهَا تَنْتَشِرُ الْآفَاتُ وَيَقِلُّ الْغَوْثُ وَفِيهِ يَتِمُّ السِّحْرُ وَقِيلَ الْغَاسِقُ الثُّرَيَّا إِذَا سَقَطَتْ وَغَابَتْ وَقِيلَ إِنَّ الْأَسْقَامَ تَكْثُرُ عِنْدَ وُقُوعِهَا وَتَرْتَفِعُ عِنْدَ طُلُوعِهَا فَلِهَذَا أُمِرَ بِالتَّعَوُّذِ مِنَ الثُّرَيَّا عِنْدَ سُقُوطِهَا انتهى وقال بن جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْتَعِيذَ مِنْ شَرِّ غَاسِقٍ وَهُوَ الَّذِي يُظْلِمُ يُقَالُ قَدْ غَسَقَ اللَّيْلُ يَغْسِقُ غُسُوقًا إِذَا أَظْلَمَ إِذَا وَقَبَ يَعْنِي إِذَا دَخَلَ فِيظَلَامِهِ وَاللَّيْلُ إِذَا دَخَلَ فِي ظَلَامِهِ غَاسِقٌ وَالنَّجْمُ إِذَا أَفَلَ غَاسِقٌ وَالْقَمَرُ غَاسِقٌ إِذَا وَقَبَ وَلَمْ يُخَصِّصْ بَعْدَ ذَلِكَ بَلْ عَمَّ الْأَمْرَ بِذَلِكَ فَكُلُّ غَاسِقٍ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤْمَرُ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْ شَرِّهِ إِذَا وَقَبَ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَخْرَجَهُ احمد والنسائي والحاكم وصححه وبن جَرِيرٍ

رقم الحديث 3367 [3367] .

     قَوْلُهُ  قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيَّ آيَاتٍ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ إِلَخْ قَدْ سَبَقَ هَذَا الحديث مع شرحه في فضائل القرآن 4 - باب

رقم الحديث 3368 [3368] .

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنَا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ) فِي التَّقْرِيبِ الْحَارِثُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَمُوَحَّدَتَيْنِ الدَّوْسِيُّ بِفَتْحِ الدَّالِ الْمَدَنِيُّ صَدُوقٌ يَهِمُ مِنَ الْخَامِسَةِ .

     قَوْلُهُ  عَطَسَ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَضَرَبَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَيْ فَأَرَادَ أَنْ يَقُولَ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَحَمِدَ اللَّهَ بِإِذْنِهِ أَيْ بِأَمْرِهِ وَحُكْمِهِ أَوْ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ أَوْ بِتَيْسِيرِهِ وَتَوْفِيقِهِ ( إِلَى مَلَأٍ مِنْهُمْ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا فَيَكُونُ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَالًا فَيَكُونُ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَانًا لِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ إِلَى الْحَالِ أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَى الْبَدَلِ يَعْنِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أُولَئِكَ مُشِيرًا بِهِ إِلَى مَلَأٍ مِنْهُمْ ( جُلُوسٍ) بِالْجَرِّ صِفَةُ مَلَأٍ أَيْ جَالِسِينَ أَوْ ذَوِي جُلُوسٍ فَقُلِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ قَالُوا وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ هَذَا اخْتِصَارٌ وَالتَّقْدِيرُ فَقُلِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَذَهَبَ آدَمُإِلَيْهِمْ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالَ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ قَالَ أَيِ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ إِنَّ هَذِهِ أَيِ الْكَلِمَاتِ الْمَذْكُورَةَ وَتَحِيَّةُ بَنِيكَ فِيهِ تَغْلِيبٌ أَيْ ذُرِّيَّتِكَ بَيْنَهُمْ أَيْ فِيمَا بَيْنَهُمْ عِنْدَ مُلَاقَاتِهِمْ فَهَذِهِ سُنَّةٌ قَدِيمَةٌ ( وَيَدَاهُ مَقْبُوضَتَانِ) الجملة حال والضمير لله قال القارىء مَذْهَبُ السَّلَفِ مِنْ نَفْيِ التَّشْبِيهِ وَإِثْبَاتِ التَّنْزِيهِ مَعَ التَّفْوِيضِ أَسْلَمُ انْتَهَى قُلْتُ بَلْ هُوَ الصَّوَابُ ( اخْتَرْ أَيَّهُمَا) أَيْ مِنَ الْيَدَيْنِ وَفِي الْمِشْكَاةِ أَيَّتَهُمَا وَهُوَ الظَّاهِرُ ( وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِينٌ) مِنْ كَلَامِ آدَمَ أَوْ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَولُهُ ( مُبَارَكَةٌ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ ( ثُمَّ بَسَطَهَا) أَيْ فَتَحَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَمِينَهُ ( فَإِذَا فِيهَا) أَيْ مَوْجُودٌ ( آدَمُ وَذُرِّيَّتُهُ) قَالَ الطِّيبِيُّ يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي رَأَى آدَمُ مِثَالَهُ وَمِثَالَ بَنِيهِ فِي عَالَمِ الْغَيْبِ ( هَؤُلَاءِ ذُرِّيَّتُكَ) الظَّاهِرُ مِنْ كَوْنِهِمْ فِي الْيَمِينِ اخْتِصَاصُهُمْ بِالصَّالِحِينَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَالْمُقَرَّبِينَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا كُلُّ إِنْسَانٍ إِلَخْ ( فَإِذَا فِيهِمْ رجل أضوؤهم) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ لِكُلِّهِمْ ضِيَاءً لَكِنَّهُ يَخْتَلِفُ فِيهِمْ بِحَسَبِ نُورِ إِيمَانِهِمْ ( أَوْ مِنْ أَضْوَئِهِمْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي ( مَنْ هَذَا) قَالَ الطِّيبِيُّ ذَكَرَ أَوَّلًا مَا هَؤُلَاءِ لِأَنَّهُ مَا عَرَفَ مَا رَآهُ ثُمَّ لَمَّا قِيلَ لَهُ هُمْ ذُرِّيَّتُكَ فَعَرَفَهُمْ فَقَالَ مَنْ هَذَا ( وَقَدْ كَتَبْتُ لَهُ عُمُرَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) قَالَ الطِّيبِيُّ .

     قَوْلُهُ  عُمُرَ أَرْبَعِينَ مَفْعُولُ كَتَبْتُ وَمُؤَدَّى الْمَكْتُوبِ لِأَنَّ الْمَكْتُوبَ عُمُرُهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَنَصَبَ أَرْبَعِينَ عَلَى الْمَصْدَرِ عَلَى تَأْوِيلِ كَتَبْتُ لَهُ أَنْ يُعَمَّرَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ( قَالَ يَا رَبِّ زِدْهُ فِي عُمُرِهِ) أَيْ مِنْ عِنْدِكَ وَفَضْلِكَ ( ذَاكَ الَّذِي كُتِبَ لَهُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَتَبْتُ بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ الْمَعْلُومِ قَالَ الطِّيبِيُّ ذَاكَ الَّذِي مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ مَعْرِفَتَانِ فَيُفِيدُ الْحَصْرَ أَيْ لَا مَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا نُقْصَانَ ( قَالَ) يَعْنِي آدَمَ ( أَيْ رَبِّ) أَيْ يَا رَبِّ ( فَإِنِّي) أَيْ إِذَا أَبَيْتَ مِنْ عِنْدِكَ فَإِنِّي ( قَدْ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ عمري) أي من جملة مدة عمري وسنيه ( سِتِّينَ سَنَةً) أَيْ تَكْمِلَةً لِلْمِائَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْخَبَرِ الدُّعَاءُ وَالِاسْتِدْعَاءُ مِنْ رَبِّهِ أَنْ يَجْعَلَهُ سُبْحَانَهُ كَذَلِكَ فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى هَذَا الْجُعْلِ وَقَولُهُ قَدْ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ عُمُرِي سِتِّينَ سَنَةً هُنَا يُخَالِفُ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَعْرَافِ بِلَفْظِ زِدْهُ مِنْ عُمُرِي أَرْبَعِينَ سَنَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ وَجْهُ الْجَمْعِ هُنَاكَ ( قال أنت وذاك) قال القارىء يَحْتَمِلُ الْبَرَاءَةَ وَيَحْتَمِلُ الْإِجَابَةَ وَقَالَ الطِّيبِيُّ هُوَ نَحْوُ قَوْلِهِمْ كُلُّإِلَيْهِمْ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالَ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ قَالَ أَيِ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ إِنَّ هَذِهِ أَيِ الْكَلِمَاتِ الْمَذْكُورَةَ وَتَحِيَّةُ بَنِيكَ فِيهِ تَغْلِيبٌ أَيْ ذُرِّيَّتِكَ بَيْنَهُمْ أَيْ فِيمَا بَيْنَهُمْ عِنْدَ مُلَاقَاتِهِمْ فَهَذِهِ سُنَّةٌ قَدِيمَةٌ ( وَيَدَاهُ مَقْبُوضَتَانِ) الجملة حال والضمير لله قال القارىء مَذْهَبُ السَّلَفِ مِنْ نَفْيِ التَّشْبِيهِ وَإِثْبَاتِ التَّنْزِيهِ مَعَ التَّفْوِيضِ أَسْلَمُ انْتَهَى قُلْتُ بَلْ هُوَ الصَّوَابُ ( اخْتَرْ أَيَّهُمَا) أَيْ مِنَ الْيَدَيْنِ وَفِي الْمِشْكَاةِ أَيَّتَهُمَا وَهُوَ الظَّاهِرُ ( وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِينٌ) مِنْ كَلَامِ آدَمَ أَوْ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَولُهُ ( مُبَارَكَةٌ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ ( ثُمَّ بَسَطَهَا) أَيْ فَتَحَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَمِينَهُ ( فَإِذَا فِيهَا) أَيْ مَوْجُودٌ ( آدَمُ وَذُرِّيَّتُهُ) قَالَ الطِّيبِيُّ يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي رَأَى آدَمُ مِثَالَهُ وَمِثَالَ بَنِيهِ فِي عَالَمِ الْغَيْبِ ( هَؤُلَاءِ ذُرِّيَّتُكَ) الظَّاهِرُ مِنْ كَوْنِهِمْ فِي الْيَمِينِ اخْتِصَاصُهُمْ بِالصَّالِحِينَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَالْمُقَرَّبِينَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا كُلُّ إِنْسَانٍ إِلَخْ ( فَإِذَا فِيهِمْ رجل أضوؤهم) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ لِكُلِّهِمْ ضِيَاءً لَكِنَّهُ يَخْتَلِفُ فِيهِمْ بِحَسَبِ نُورِ إِيمَانِهِمْ ( أَوْ مِنْ أَضْوَئِهِمْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي ( مَنْ هَذَا) قَالَ الطِّيبِيُّ ذَكَرَ أَوَّلًا مَا هَؤُلَاءِ لِأَنَّهُ مَا عَرَفَ مَا رَآهُ ثُمَّ لَمَّا قِيلَ لَهُ هُمْ ذُرِّيَّتُكَ فَعَرَفَهُمْ فَقَالَ مَنْ هَذَا ( وَقَدْ كَتَبْتُ لَهُ عُمُرَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) قَالَ الطِّيبِيُّ .

     قَوْلُهُ  عُمُرَ أَرْبَعِينَ مَفْعُولُ كَتَبْتُ وَمُؤَدَّى الْمَكْتُوبِ لِأَنَّ الْمَكْتُوبَ عُمُرُهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَنَصَبَ أَرْبَعِينَ عَلَى الْمَصْدَرِ عَلَى تَأْوِيلِ كَتَبْتُ لَهُ أَنْ يُعَمَّرَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ( قَالَ يَا رَبِّ زِدْهُ فِي عُمُرِهِ) أَيْ مِنْ عِنْدِكَ وَفَضْلِكَ ( ذَاكَ الَّذِي كُتِبَ لَهُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَتَبْتُ بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ الْمَعْلُومِ قَالَ الطِّيبِيُّ ذَاكَ الَّذِي مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ مَعْرِفَتَانِ فَيُفِيدُ الْحَصْرَ أَيْ لَا مَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا نُقْصَانَ ( قَالَ) يَعْنِي آدَمَ ( أَيْ رَبِّ) أَيْ يَا رَبِّ ( فَإِنِّي) أَيْ إِذَا أَبَيْتَ مِنْ عِنْدِكَ فَإِنِّي ( قَدْ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ عمري) أي من جملة مدة عمري وسنيه ( سِتِّينَ سَنَةً) أَيْ تَكْمِلَةً لِلْمِائَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْخَبَرِ الدُّعَاءُ وَالِاسْتِدْعَاءُ مِنْ رَبِّهِ أَنْ يَجْعَلَهُ سُبْحَانَهُ كَذَلِكَ فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى هَذَا الْجُعْلِ وَقَولُهُ قَدْ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ عُمُرِي سِتِّينَ سَنَةً هُنَا يُخَالِفُ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَعْرَافِ بِلَفْظِ زِدْهُ مِنْ عُمُرِي أَرْبَعِينَ سَنَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ وَجْهُ الْجَمْعِ هُنَاكَ ( قال أنت وذاك) قال القارىء يَحْتَمِلُ الْبَرَاءَةَ وَيَحْتَمِلُ الْإِجَابَةَ وَقَالَ الطِّيبِيُّ هُوَ نَحْوُ قَوْلِهِمْ كُلُّظَلَامِهِ وَاللَّيْلُ إِذَا دَخَلَ فِي ظَلَامِهِ غَاسِقٌ وَالنَّجْمُ إِذَا أَفَلَ غَاسِقٌ وَالْقَمَرُ غَاسِقٌ إِذَا وَقَبَ وَلَمْ يُخَصِّصْ بَعْدَ ذَلِكَ بَلْ عَمَّ الْأَمْرَ بِذَلِكَ فَكُلُّ غَاسِقٍ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤْمَرُ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْ شَرِّهِ إِذَا وَقَبَ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَخْرَجَهُ احمد والنسائي والحاكم وصححه وبن جَرِيرٍ