فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في الإمام ينهض في الركعتين ناسيا

رقم الحديث 3338 [3338] .

     قَوْلُهُ  مَنْ حُوسِبَ عُذِّبَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ مَنْ حُوسِبَ بِالْمُنَاقَشَةِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ .

     قَوْلُهُ  ( وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الضِّيَاءُ ( لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ) قَالَ الْحَافِظُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَةِ عَلِيِّ بْنِ أبي بكر أورد له بن عَدِيٍّ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ مَنْ حُوسِبَ عُذِّبَ.

     وَقَالَ  هُوَ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ مَا رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ عَنْ هَمَّامٍ عن أيوب عن بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ ثُمَّ قَالَ لَا أَعْرِفُ لَهُ خَطَأً غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الرَّاوِي عَنْهُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ الْهَمْدَانِيِّ انْتَهَى وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ وَاسْتَغْرَبَهُ انْتَهَى 6 - باب وَمِنْ سُورَةِ الْبُرُوجِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ آيَةً

رقم الحديث 3339 [3339] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ) الرَّبَذِيِّ ( عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدِ) بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أَوْسِ بْنِ جَابِرٍ الْأَنْصَارِيِّ الْمَدَنِيِّ ثُمَّ الْبَرْقِيِّ ويعرف بابن أبي أيوب لينه بن حَجَرٍ وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ كَذَا قَالَ الْخَزْرَجِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ وَأَرَادَ بِابْنِ حَجَرٍ الحافظ بن حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيَّ .

     قَوْلُهُ  الْيَوْمُ الْمَوْعُودُ أَيِ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ يَوْمُ الْقِيَامَةِ لِأَنَّ اللَّهَ وَعَدَ بِهِ النَّاسَ وَالْيَوْمُ الْمَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ لِأَنَّ النَّاسَ يَشْهَدُونَهُ أَيْ يَحْضُرُونَهُ وَيَجْتَمِعُونَ فِيهِ وَالشَّاهِدُ يَوْمُوَكَانَ عَابِدًا مِنَ التَّاسِعَةِ ( عَنْ هَمَّامِ) بْنِ يَحْيَى الْأَزْدِيِّ الْعَوْذِيِّ

رقم الحديث 3340 [334] .

     قَوْلُهُ  (عَنْ صُهَيْبِ) بْنِ سِنَانٍ الرُّومِيِّ الصَّحَابِيِّ الْمَشْهُورِ .

     قَوْلُهُ  (هَمَسَ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَيْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ خَفِيٍّ (وَالْهَمْسُ فِي قَوْلِ بعضهم يحرك شَفَتَيْهِ كَأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ) تَفْسِيرُ الْهَمْسِ هَذَا مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْهَمْسُ الْكَلَامُ الْخَفِيُّ لَا يَكَادُ يُفْهَمُ كَانَ أُعْجِبَ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْإِعْجَابِ بِأُمَّتِهِ أَيْ مِنْ جِهَةِ الْكَثْرَةِ يُقَالُ أُعْجِبَ بِالشَّيْءِ سَرَّهُ الشَّيْءُ وَعَجِبَ مِنْهُ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَيْ ذَلِكَ النَّبِيِّ أَنْ خَيِّرْهُمْ بَيْنَ أَنْ أَنْتَقِمَ مِنْهُمْ أَيْ أُعَاقِبَهُمْ فَاخْتَارُوا النِّقْمَةَ بِالْكَسْرِ وَبِالْفَتْحِ وَكَفَرْحَةٍ هِيَ الْمُكَافَأَةُ بِالْعُقُوبَةِ اعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ صُهَيْبٍ هَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ هَكَذَا مُخْتَصَرًا مُجْمَلًا وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مُطَوَّلًا مُفَصَّلًا فَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى همسشَيْئًا لَا أَفْهَمُهُ وَلَا يُخْبِرُنَا بِهِ قَالَ أَفَطِنْتُمْ لِي قُلْنَا نَعَمْ قَالَ إِنِّي ذَكَرْتُ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أُعْطِيَ جُنُودًا مِنْ قَوْمِهِ فَقَالَ مَنْ يُكَافِئُ هَؤُلَاءِ أَوْ مَنْ يَقُومُ لِهَؤُلَاءِ أَوْ غَيْرَهَا مِنَ الْكَلَامِ فَأُوحِيَ إِلَيْهِ أَنِ اخْتَرْ لِقَوْمِكَ إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ نُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ أَوِ الْجُوعَ أَوِ الْمَوْتَ فَاسْتَشَارَ قَوْمَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالُوا أَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ فَكُلُّ ذَلِكَ إِلَيْكَ خِرْ لَنَا فَقَامَ إِلَى الصَّلَاةِ وَكَانُوا إِذَا فَزِعُوا فَزِعُوا إِلَى الصَّلَاةِ فَصَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ قَالَ ثُمَّ قَالَ أَيْ رَبِّ أَمَّا عَدُوٌّ مِنْ غَيْرِهِمْ فَلَا أَوِ الْجُوعُ فَلَا وَلَكِنِ الْمَوْتُ فَسُلِّطَ عَلَيْهِمُ الْمَوْتُ فَمَاتَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا فَهَمْسِي الَّذِي تَرَوْنَ أَنِّي أَقُولُ اللَّهُمَّ بِكَ أُقَاتِلُ وَبِكَ أُصَاوِلُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَفَّانَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ صُهَيْبٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ أَيَّامَ حُنَيْنٍ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ بِشَيْءٍ لَمْ نَكُنْ نَرَاهُ يَفْعَلُهُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرَاكَ تَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ فَمَا هَذَا الَّذِي تُحَرِّكُ شَفَتَيْكَ قَالَ إِنَّ نَبِيًّا فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَعْجَبَتْهُ كَثْرَةُ أُمَّتِهِ فَقَالَ لَنْ يَرُومَ هَؤُلَاءِ شَيْءٌ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ خَيِّرْ أُمَّتَكَ بَيْنَ إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ نُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَسْتَبِيحَهُمْ أَوِ الْجُوعَ وَإِمَّا أَنْ أُرْسِلَ عَلَيْهِمُ الْمَوْتَ فَشَاوَرَهُمْ فَقَالُوا أَمَّا الْعَدُوُّ فَلَا طَاقَةَ لَنَا بِهِمْ.
وَأَمَّا الْجُوعُ فَلَا صَبْرَ لَنَا عَلَيْهِ وَلَكِنِ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَ عَلَيْهِمُ الْمَوْتَ فَمَاتَ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ سَبْعُونَ أَلْفًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنَا أَقُولُ الْآنَ حَيْثُ رَأَى كَثْرَتَهُمُ اللَّهُمَّ بِكَ أُحَاوِلُ وَبِكَ أُصَاوِلُ وَبِكَ أقاتل (قال وكان إذا حدث بها الْحَدِيثِ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْآخَرِ قَالَ كَانَ ملك من الملوك الخ) قال الحافظ بن كَثِيرٍ وَهَذَا السِّيَاقُ لَيْسَ فِيهِ صَرَاحَةٌ أَنَّ سِيَاقَ هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ صُهَيْبٍ الرُّومِيِّ فَإِنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ أَخْبَارِ النَّصَارَى انْتَهَى وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ صَرَّحَ بِرَفْعِ الْقِصَّةِ بِطُولِهَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ صُهَيْبٍ وَمِنْ طَرِيقِهِ أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ وَوَقَفَهَا مَعْمَرٌ عَنْ ثَابِتٍ وَمِنْ طَرِيقِهِ أَخْرَجَهَا التِّرْمِذِيُّ انْتَهَى قُلْتُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ صُهَيْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ مَلِكٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ إِلَخْ (غُلَامًا فَهِمًا) أَيْ سَرِيعَ الْفَهْمِ (أَوْ قَالَ فَطِنًا) أَيْ حَاذِقًا (لَقِنًا) أَيْ حَسَنَ التَّلَقُّنِ لِمَا يَسْمَعُهُ وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ الثَّلَاثَةُ بِوَزْنِ كَتِفٍ بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِ الْفَوْقِيَّةِ (فَنَظَرُوا لَهُ) أَيْ لِلْكَاهِنِ (عَلَى مَا وَصَفَ) أَيْ ذَكَرَ لَهُمُ الْكَاهِنُ (فَأَمَرُوهُ) أَيْ فَوَجَدُوا غُلَامًاعَلَى مَا وَصَفَهُ فَأَمَرُوهُ (وَأَنْ يَخْتَلِفَ إِلَيْهِ) أَيْ يَتَرَدَّدُ إِلَيْهِ (رَاهِبٌ فِي صَوْمَعَةٍ) الرَّاهِبُ وَاحِدُ رُهْبَانِ النَّصَارَى وَهُوَ مَنِ اعْتَزَلَ عَنِ النَّاسِ إِلَى دَيْرٍ طَلَبًا لِلْعِبَادَةِ وَالصَّوْمَعَةُ كَجَوْهَرَةٍ بَيْتٌ لِلنَّصَارَى يَنْقَطِعُ فِيهِ رُهْبَانُهُمْ (قَالَ مَعْمَرٌ أَحْسَبُ أَنَّ أَصْحَابَ الصَّوَامِعِ كَانُوا يَوْمَئِذٍ مُسْلِمِينَ) كما يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ هَذِهِ الْقِصَّةِ (فَلَمْ يَزَلْ بِهِ) أَيِ الْغُلَامُ بِالرَّاهِبِ (قَالَ فَأَخَذَ الْغُلَامُ حَجَرًا) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَقَالَ الْيَوْمَ أَعْلَمُ السَّاحِرُ أَفْضَلُ أَمِ الرَّاهِبُ أَفْضَلُ فَأَخَذَ حَجَرًا (قَالَ فَسَمِعَ بِهِ أَعْمَى) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَأَتَى الرَّاهِبَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ أَيْ بُنَيَّ أَنْتَ الْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّي قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى فَإِنِ ابْتُلِيَتْ فَلَا تَدُلَّ عَلَيَّ وَكَانَ الْغُلَامُ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَيُدَاوِي النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الْأَدْوَاءِ فَسَمِعَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ كَانَ قَدْ عَمِيَ فَأَتَاهُ بهدايا كثيرة (لأقتلن كل واحد منكم قتلة) بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ بِنَوْعٍ مِنَ الْقَتْلِ (لَا أَقْتُلُ بِهَا صَاحِبَهُ) صِفَةٌ لِقَوْلِهِ قِتْلَةً (فَوَضَعَ الْمِنْشَارَ) بِكَسْرِ الْمِيمِ آلَةٌ ذَاتُ أَسْنَانٍ يُنْشَرُ بِهَا الْخَشَبُ وَنَحْوُهُ (عَلَى مَفْرَقِ أَحَدِهِمَا) الْمَفْرَقُ كَمَقْعَدٍ وَمَجْلِسٍ وَسَطُ الرَّأْسِ وَهُوَ الَّذِي يُفْرَقُ فِيهِ الشَّعْرُ (وَقَتَلَ الْآخَرَ بِقِتْلَةٍ أُخْرَى) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَجِيءَ بِالرَّاهِبِفَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ فَأَبَى فَدَعَا بِالْمِنْشَارِ فَوَضَعَ الْمِنْشَارَ فِي مَفْرَقِ رَأْسِهِ فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ثُمَّ جِيءَ بِجَلِيسِ الْمَلِكِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ فَأَبَى فَوَضَعَ الْمِنْشَارَ فِي مَفْرَقِ رَأْسِهِ فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ فَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ هَذِهِ تُخَالِفُ رِوَايَةَ التِّرْمِذِيِّ مُخَالَفَةً ظَاهِرَةً وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ الْجَمْعِ فَتَفَكَّرْ وَتَأَمَّلْ (جَعَلُوا يَتَهَافَتُونَ مِنْ ذَلِكَ الْجَبَلِ) أَيْ يَتَسَاقَطُونَ مِنْهُ (وَيَتَرَدَّوْنَ) مِنَ التَّرَدِّي أَيْ يَسْقُطُونَ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَلَ فَقَالَ اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ فَرَجَفَ بِهِمُ الْجَبَلُ فَسَقَطُوا (فَانْطُلِقَ بِهِ إِلَى الْبَحْرِ فَغَرَّقَ اللَّهُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ وَأَنْجَاهُ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَذَهَبُوا بِهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اكفنيهم بم شِئْتَ فَانْكَفَأَتْ بِهِمُ السَّفِينَةُ فَغَرِقُوا وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ (حَتَّى تَصْلُبَنِي) أَيْ عَلَى جِذْعٍ كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ قَالَ فِي الْقَامُوسِ صَلَبَهُ كَضَرَبَهُ جَعَلَهُ مَصْلُوبًا كَصَلَّبَهُ (فَوَضَعَ الْغُلَامُ يَدَهُ عَلَى صُدْغِهِ حِينَ رُمِيَ ثُمَّ مَاتَ) وفي رواية مسلم ثم رماه فوضع السَّهْمُ فِي صُدْغِهِ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي صُدْغِهِ فِي مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ (أَجَزِعْتَ) بِكَسْرِ الزَّايِ مِنَ الْجَزَعِ مُحَرَّكَةٌ وَهُوَ نَقِيضُ الصَّبْرِ (أَنْ خالفك ثلاثة) أي الأعمى والراهب والغلام (فخذ) أَيْ شَقَّ (أُخْدُودًا) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ الشَّقُّ الْعَظِيمُ وَجَمْعُهُ أَخَادِيدُ (يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهِ) أَيْ فِي شَأْنِ هَذِهِ الْقِصَّةِ قُتِلَ أَيْ لُعِنَ وَهُوَ جَوَابُ الْقَسَمِ وَقِيلَ جوابه إن بطش ربك لشديد أصحاب الأخدود أَيِ الْمَلِكُ الَّذِي خَدَّ الْأُخْدُودَ وَأَصْحَابُهُ النَّارِ بدل اشتمال من الأخدود ذات الوقود وَصْفٌ لَهَا بِأَنَّهَا عَظِيمَةٌ لَهَا مَا يَرْتَفِعُ بِهِ لَهَبُهَا مِنَ الْحَطَبِ الْكَثِيرِ وَأَبْدَانِ النَّاسِ وبعده إذ ظرف لقتل أَيْ لُعِنُوا حِينَ أَحْرَقُوا بِالنَّارِ قَاعِدِينَ حَوْلَهَاهُمْ عَلَيْهَا أَيْ حَوْلَهَا عَلَى جَانِبِ الْأُخْدُودِ قُعُودٌ أَيْ جُلُوسٌ عَلَى الْكَرَاسِيِّ وَهُمْ أَيِ الَّذِينَ خَدُّوا الْأُخْدُودَ وَهُمُ الْمَلِكُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى ما يفعلون بالمؤمنين بِاللَّهِ مِنْ تَعْذِيبِهِمْ بِالْإِلْقَاءِ فِي النَّارِ إِنْ لَمْ يَرْجِعُوا عَنْ إِيمَانِهِمْ شُهُودٌ أَيْ حُضُورٌ رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ أَنْجَى الْمُؤْمِنِينَ الْمُلْقَيْنَ فِي النَّارِ بِقَبْضِ أَرْوَاحِهِمْ قَبْلَ وُقُوعِهِمْ فِيهَا فَخَرَجَتِ النَّارُ إِلَى مَنْ ثَمَّ فَأَحْرَقَتْهُمْ وَمَا نَقَمُوا منهم إلا أن يؤمنوا أَيْ مَا عَابُوا مِنْهُمْ وَمَا أَنْكَرُوا إِلَّا الْإِيمَانَ كَقَوْلِهِ وَلَا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ بِاللَّهِ العزيز الحميد) ذَكَرَ الْأَوْصَافَ الَّتِي يَسْتَحِقُّ بِهَا أَنْ يُؤْمَنَ بِهِ وَهُوَ كَوْنُهُ عَزِيزًا غَالِبًا قَادِرًا يُخْشَى عِقَابُهُ حَمِيدًا مُنْعِمًا يَجِبُ لَهُ الْحَمْدُ عَلَى نِعْمَتِهِ وَيُرْجَى ثَوَابُهُ (قَالَ فَيُذْكَرُ أَنَّهُ أُخْرِجَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَخْ) قَالَ بن إِسْحَاقَ وَحَدَّثَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّهُ حَدَّثَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ كَانَ زَمَانَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حَفَرَ خُرْبَةً مِنْ خُرَبِ نَجْرَانَ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ فَوُجِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ التَّامِرِ تَحْتَ دَفْنٍ فِيهَا قَاعِدًا وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى ضَرْبَةٍ فِي رَأْسِهِ مُمْسِكًا عَلَيْهَا بِيَدِهِ فَإِذَا أُخِذَتْ يَدُهُ عَنْهَا انْبَعَثَ دَمًا وَإِذَا أُرْسِلَتْ يَدُهُ رُدَّتْ عَلَيْهَا فَأَمْسَكَتْ دَمَهَا وَفِي يَدِهِ خَاتَمٌ مَكْتُوبٌ فِيهِ رَبِّي اللَّهُ فَكَتَبَ فِيهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يُخْبِرُهُ بِأَمْرِهِ فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَيْهِمْ أَنْ أَقِرُّوهُ عَلَى حَالِهِ وَرُدُّوا عَلَيْهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فَفَعَلُوا .

     قَوْلُهُ  (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ مِنْهُ 7 - باب وَمِنْ سُورَةِ الْغَاشِيَةِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ سِتٌّ وَعِشْرُونَ آيَةً

رقم الحديث 3341 [3341] .

     قَوْلُهُ  أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِلَخْ سَبَقَ شَرْحُهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِالإيمان إنما أنت مذكر أَيْ لَيْسَ عَلَيْكَ إِلَّا التَّذْكِيرُ وَالْوَعْظُ لَسْتَ عليهم بمصيطر وَفِي قِرَاءَةٍ بِالسِّينِ بَدَلَ الصَّادِ أَيْ بِمُسَلَّطٍ حَتَّى تُكْرِهَهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ مَعْنَاهُ إِنَّمَا أَنْتَ وَاعِظٌ وَلَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرَ إِذْ ذَاكَ إِلَّا بِالتَّذْكِيرِ ثُمَّ أُمِرَ بَعْدُ بِالْقِتَالِ وَالْمُسَيْطِرُ الْمُسَلَّطُ وَقِيلَ الْجَبَّارُ وَقِيلَ الرَّبُّ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ 8 - بَاب وَمِنْ سُورَةِ الْفَجْرِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ ثَلَاثُونَ آيَةً وَقِيلَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ

رقم الحديث 3342 [3342] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ) الْفَلَّاسُ ( وَأَبُو دَاوُدَ) الطَّيَالِسِيُّ ( قَالَا أَخْبَرَنَا هَمَّامُ) بن يحي الْأَزْدِيُّ الْعَوْذِيُّ ( عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عِصَامٍ) الضُّبَعِيِّ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَبِي عُمَارَةَ الْبَصْرِيِّ وَالِدِ أَبِي جَمْرَةَ بِالْجِيمِ قُتِلَ يَوْمَ الزَّاوِيَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ مِنَ الثَّانِيَةِ وَقِيلَ لَهُ صُحْبَةً كَذَا فِي التَّقْرِيبِ وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَتِهِ رَوَى عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَقِيلَ عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ فِي ذِكْرِ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ وَرَوَى عَنْهُ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ .

     قَوْلُهُ  بَعْضُهَا شَفْعٌ كَالرُّبَاعِيَّةِ وَالثُّنَائِيَّةِ وَبَعْضُهَا وَتْرٌ كَالْمَغْرِبِ فَإِنَّهَا ثَلَاثٌ وَهِيَ وَتْرُ النَّهَارِ وَكَذَلِكَ صَلَاةُ الْوَتْرِ فِي آخِرِ التَّهَجُّدِ مِنَ اللَّيْلِ وَفِيهِ أن المراد بقوله تعالى والشفع والوتر الشَّفْعُ مِنَ الصَّلَاةِ وَالْوَتْرُ مِنْهَا لَكِنِ الْحَدِيثُ فِي إِسْنَادِهِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ وَهُوَ الرَّاوِي لَهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَقِيلَ الْمُرَادُ شَفْعُ كُلِّ الْأَشْيَاءِ وَوَتْرُهَا كَالْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ وَالْهُدَى وَالضَّلَالِ وَالسَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ وَاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَالْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَقِيلَ شَفْعُ اللَّيَالِي وَوَتْرُهَا وَقِيلَ الشَّفْعُ يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَالْوَتْرُ لَيْلَةُ يَوْمِ النَّحْرِ وَقِيلَ الشَّفْعُ الْخَلْقُ وَالْوَتْرُ اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ وَقِيلَ الشَّفْعُ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ وَالْوَتْرُ أَيَّامُ مِنًى الثَّلَاثَةُ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ الْعَدَدُ كُلُّهُ لِأَنَّ الْعَدَّ لَا يَخْلُو عَنْهُمَا وَقِيلَ الشَّفْعُالْحَيَوَانُ لِأَنَّهُ ذَكَرٌ وَأُنْثَى وَالْوَتْرُ الْجَمَادُ وَفِيهِ أَقْوَالٌ أُخْرَى ذَكَرَهَا صَاحِبُ فَتْحِ الْبَيَانِ.

     وَقَالَ  وَلَا يَخْفَاكَ مَا فِي غَالِبِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ مِنَ السُّقُوطِ الْبَيِّنِ وَالضَّعْفِ الظَّاهِرِ وَالِاتِّكَالِ فِي التَّعْيِينِ عَلَى مُجَرَّدِ الرَّأْيِ الزَّائِفِ وَالَّذِي يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ وَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَعْنَى الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَهُمَا مَعْرُوفَانِ وَاضِحَانِ فَالشَّفْعُ عِنْدَ الْعَرَبِ الزَّوْجُ وَالْوَتْرُ الْفَرْدُ فَالْمُرَادُ بِالْآيَةِ إِمَّا نَفْسُ الْعَدَدِ أَوْ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَعْدُودَاتِ بِأَنَّهُ شَفْعٌ أَوْ وَتْرٌ وَإِذَا قَامَ دَلِيلٌ عَلَى تَعْيِينِ شَيْءٍ مِنَ الْمَعْدُودَاتِ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ فَإِنْ كَانَ الدَّلِيلُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ نَفْسُهُ دُونَ غَيْرِهِ فَذَاكَ وَإِنْ كَانَ الدَّلِيلُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِمَّا تَنَاوَلَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ تَنَاوُلِهَا لِغَيْرِهِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وبن جَرِيرٍ وَفِي سَنَدِهِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ ( وَقَدْ رَوَاهُ خالد بن قيس الحداني أيضا عن قتادة) رواه بن جَرِيرٍ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ قَالَ أَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عِصَامٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْقَطَ ذِكْرَ الرَّجُلِ الْمُبْهَمِ وَخَالِدُ بْنُ قَيْسٍ هَذَا هُوَ خَالِدُ بْنُ قَيْسِ بْنِ رَبَاحٍ الْأَزْدِيُّ الْحُدَّانِيُّ الْبَصْرِيُّ صَدُوقٌ يغرب من السابعة وقال الحافظ بن كَثِيرٍ وَعِنْدِي أَنَّ وَقْفَهُ عَلَى عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَشْبَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ هَذَا الْحَدِيثَ مَوْقُوفًا على عمران فهذا يقوي ما قاله بن كثير 9 - باب من سُورَةِ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا مَكِّيَّةٌ وَهِيَ خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً

رقم الحديث 3343 [3343] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ) بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ الْقُرَشِيِّ الْأَسَدِيِّ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ الدَّارِ مَعَ عُثْمَانَ .

     قَوْلُهُ  ( يَذْكُرُ النَّاقَةَ) أَيِ الْمَذْكُورَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ وسقياها وَهِيَ نَاقَةُ صَالِحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ ( وَالَّذِي عَقَرَهَا) أَيْ وَيَذْكُرُ الَّذِي عَقَرَالنَّاقَةَ أَيْ ضَرَبَ قَوَائِمَهَا بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا وَهُوَ قَدَّارُ بْنُ سَالِفٍ وَهُوَ أُحَيْمِرُ ثَمُودَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فعقر وذكر بن إِسْحَاقَ فِي الْمُبْتَدَأِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ سَبَبَ عَقْرِهِمُ النَّاقَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا اقْتَرَحُوهَا عَلَى صَالِحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ تَعَنَّتُوا فِي وَصْفِهَا فَأَخْرَجَ اللَّهُ لَهُ نَاقَةً مِنْ صَخْرَةٍ بِالصِّفَةِ الْمَطْلُوبَةِ فَآمَنَ بَعْضٌ وَكَفَرَ بَعْضٌ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يَتْرُكُوا النَّاقَةَ تَرْعَى حَيْثُ شَاءَتْ وَتَرِدَ الْمَاءَ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ وَكَانَتْ إِذَا وَرَدَتْ تَشْرَبُ مَاءَ الْبِئْرِ كُلَّهُ وَكَانُوا يَرْفَعُونَ حَاجَتَهُمْ مِنَ الْمَاءِ فِي يَوْمِهِمْ لِلْغَدِ ثُمَّ ضَاقَ بِهِمُ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ فَانْتُدِبَ تِسْعَةُ رَهْطٍ مِنْهُمْ قَدَّارٌ الْمَذْكُورُ فَبَاشَرَ عَقْرَهَا فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ صَالِحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ أَعْلَمَهُمْ بِأَنَّ الْعَذَابَ سَيَقَعُ بِهِمْ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَوَقَعَ كَذَلِكَ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وتعالى في كتابه وأخرج أحمد وبن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رَفَعَهُ أَنَّ النَّاقَةَ كَانَتْ تَرِدُ يَوْمَهَا فَتَشْرَبُ جَمِيعَ الْمَاءِ وَيَحْتَلِبُونَ مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي كَانَتْ تَشْرَبُ وَفِي سَنَدِهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَفِي رِوَايَتِهِ عَنْ غَيْرِ الشَّامِيِّينَ ضَعْفٌ وَهَذَا مِنْهَا كَذَا فِي الفتح إذ انبعث أَيْ قَامَ وَأَسْرَعَ أَشْقَاهَا أَيْ أَشْقَى ثَمُودَ وَهُوَ قَدَّارُ بْنُ سَالِفٍ انْبَعَثَ لَهَا أَيْ لِعَقْرِ النَّاقَةِ بِرِضَائِهِمْ رَجُلٌ عَارِمٌ بِالْعَيْنِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ أَيْ صَعْبٌ عَلَى مَنْ يَرُومُهُ كَثِيرُ الشَّهَامَةِ وَالشَّرِّ عَزِيزٌ أَيْ شَدِيدٌ قَوِيٌّ وَقِيلَ قَلِيلُ الْمِثْلِ مَنِيعٌ أَيْ قَوِيٌّ ذُو مَنَعَةٍ أَيْ رَهْطٍ يَمْنَعُونَهُ مِنَ الضَّيْمِ فِي رَهْطِهِ أَيْ قَوْمِهِ مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ أَيْ فِي عِزَّتِهِ وَمَنَعَتِهِ فِي قَوْمِهِ وَهُوَ الْأَسْوَدُ الْمَذْكُورُ جَدُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ وَكَانَ الْأَسْوَدُ أَحَدَ الْمُسْتَهْزِئِينَ وَمَاتَ عَلَى كُفْرِهِ بِمَكَّةَ وَقُتِلَ ابْنُهُ زَمْعَةُ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِرًا أَيْضًا وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ عَمِّ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَامِّ قَالَ الْحَافِظُ هُوَ عَمُّ الزُّبَيْرِ مَجَازًا لِأَنَّهُ الْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ والعوام بن خويلد بن أسد فنزل بن الْعَمِّ مَنْزِلَةَ الْأَخِ فَأُطْلِقَ عَلَيْهِ عَمًّا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ كَذَا جَزَمَ الدِّمْيَاطِيُّ بِاسْمِ أَبِي زَمْعَةَ هُنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ( ثُمَّ سَمِعْتُهُ) أَيِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( يَذْكُرُ النِّسَاءَ) أَيْ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِنَّ اسْتِطْرَادًا فَذَكَرَ مَا يَقَعُ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ إِلَى مَا يَعْمِدُ بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ يَقْصِدُ فَيَجْلِدُ امْرَأَتَهُ أَيْ فَيَضْرِبُهَا يُقَالُ جَلَدْتُهُ بِالسَّيْفِ وَالسَّوْطِ وَنَحْوِهِمَا إِذَا ضَرَبْتُهُ جَلْدَ الْعَبْدِ بِالنَّصْبِ أَيْ مِثْلَ جَلْدِ الْعَبْدِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ بِمَ يَضْرِبُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ ضَرْبَ الْفَحْلِ وَلَعَلَّهُ أَيِ الَّذِي يَجْلِدُهَا فِي أَوَّلِ اليوم أن يضاجعها أي يجامعها ويطؤها مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ أَيْ فِي آخِرِهِ فَكَلِمَةُ مِنْ هُنَا بِمَعْنَى فِي إِلَى مَا يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ يَعْنِي الضَّرْطَةَ وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ فِي مَجْلِسٍ يَضْحَكُونَ فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ لِمَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيُّ - بَاب وَمِنْ سُورَةِ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى مَكِّيَّةٌ وَهِيَ إِحْدَى وَعِشْرُونَ آيَةً .

     قَوْلُهُ 

رقم الحديث 3344 [3344] ( عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ) السُّلَمِيِّ ( عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ) بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ اللَّامِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبٍ .

     قَوْلُهُ  ( كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فِي الْبَقِيعِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَهُوَ مَقْبُرَةُ الْمَدِينَةِ ( وَمَعَهُ عُودٌ يَنْكُتُ) بِضَمِّ الْكَافِ مِنَ النَّكْتِ ( بِهِ فِي الْأَرْضِ) أَيْ يَضْرِبُ الْأَرْضَ بِطَرَفِهِ فِعْلَ الْمُتَفَكِّرِ فِي شَيْءٍ مُهِمٍّ مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ أَيْ مَوْلُودَةٍ يُقَالُ نَفَسَتِ الْمَرْأَةُ وَنَفِسَتْ فَهِيَ مَنْفُوسَةٌ وَنُفَسَاءُ إِذَا وَلَدَتْ إِلَّا قَدْ كُتِبَ مَدْخَلُهَا الَّذِي تَصِيرُ إِلَيْهِ مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَأَمَّا من أعطى أَيْ حَقَّ اللَّهِ وَبَذَلَ مَالَهُ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ وَاتَّقَى أَيِ اللَّهَ فَاجْتَنَبَ مَحَارِمَهُ وَصَدَّقَ بالحسنى قال بن عَبَّاسٍ بِقَوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَعَنْهُ صَدَّقَ بِالْخَلَفِ بِهِ أَيْ أَيْقَنَ أَنَّ اللَّهَ سَيَخْلُفُ عَلَيْهِ مَا أَنْفَقَهُ فِي طَاعَتِهِ وَقِيلَ صَدَّقَ بِالْجَنَّةِ وَقِيلَ صَدَّقَ بِمَوْعِدِ اللَّهِ الَّذِي وَعَدَهُ أَنْ يُثِيبَهُ فَسَنُيَسِّرُهُ أَيْ نُهَيِّئُهُ لِلْيُسْرَى أَيْ لِلْخَلَّةِ الْيُسْرَى وَهِيَ الْعَمَلُ بِمَا يَرْضَاهُ ربه وأما من بخل أَيْ بِحَقِّ اللَّهِوَاسْتَغْنَى أَيْ عَنْ ثَوَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يرغب فيه وكذب بالحسنى أَيْ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَكَذَّبَ بِمَا وَعَدَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْجَنَّةِ وَالثَّوَابِ فسنيسره للعسرى أَيْ لِلْخَلَّةِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى النَّارِ فَتَكُونُ الطَّاعَةُ أَعْسَرَ شَيْءٍ عَلَيْهِ وَأَشَدَّ أَوْ سَمَّى طَرِيقَةَ الْخَيْرِ بِالْيُسْرَى لِأَنَّ عَاقِبَتَهَا الْيُسْرُ وَطَرِيقَةَ الشَّرِّ بِالْعُسْرَى لِأَنَّ عَاقِبَتَهَا الْعُسْرُ أَوْ أَرَادَ بِهِمَا طَرِيقَيِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ عَلِيٍّ هَذَا مُخْتَصَرًا فِي بَابِ الشَّقَاءِ وَالسَّعَادَةِ مِنْ أَبْوَابِ الْقَدَرِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ 1 - باب وَمِنْ سُورَةِ وَالضُّحَى مَكِّيَّةٌ وَهِيَ إِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً

رقم الحديث 3345 [3345] .

     قَوْلُهُ  ( عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ) الْعَبْدِيِّ ( عن جندب) بضم أوله والدال وتفتح بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ ( الْبَجَلِيِّ) بِمُوَحَّدَةٍ وَجِيمٍ مَفْتُوحَتَيْنِ .

     قَوْلُهُ  ( كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَارٍ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالرَّاءِ وَكَذَا هُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ قَالَ النَّوَوِيُّ كَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ فِي غَارٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْكِنَانِيُّ لَعَلَّهُ غَازِيًا فَتُصَحَّفُ كَمَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فِي بَعْضِ الْمَشَاهِدِ وَكَمَا جَاءَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي إِذْ أَصَابَهُ حَجَرٌ قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ يُرَادُ بِالْغَارِ هُنَا الْجَمْعُ وَالْجَيْشُ لَا الْغَارُ الَّذِي هُوَ الْكَهْفُ فَيُوَافِقُ رِوَايَةَ بَعْضِ الْمَشَاهِدِ وَمِنْهُ قَوْلُ عَلِيٍّ مَا ظَنُّكَ بِامْرِئٍ جَمَعَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْغَارَيْنِ أَيِ الْعَسْكَرَيْنِ وَالْجَمْعَيْنِ انْتَهَى ( فَدَمِيَتْ إِصْبَعُهُ) يُقَالُ دَمِيَ الشَّيْءُ يَدْمِي دَمًا وَدَمْيًا فَهُوَ دَمٍ مِثْلُ فَرِقَ يَفْرِقُ فَرْقًا فَهُوَ فَرِقٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ أُصْبُعَهُ جُرِحَتْ فَظَهَرَ مِنْهَا الدَّمُ هَلْ أَنْتِ مَعْنَاهُ مَا أَنْتِ دَمِيتِ بِفَتْحِ الدَّالِ صِفَةٌ لِلْأُصْبُعِ وَالْمُسْتَثْنَى فِيهِ أَعَمُّ عَامٌّ الصِّفَةَ أَيْ مَا أَنْتِ يَا أُصْبُعُ مَوْصُوفَةٌ بِشَيْءٍ إِلَّا بِأَنْ دَمِيتِ كَأَنَّهَا لَمَّا تَوَجَّعَتْ خَاطَبَهَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ أَوِ الْحَقِيقَةِ مُعْجِزَةٌ تَسَلِّيًا لَهَا أَيْ تَثَبَّتِي فَإِنَّكِ مَا ابْتُلِيتِ بِشَيْءٍ مِنَ الْهَلَاكِ وَالْقَطْعِ سِوَى أَنَّكِ دَمِيتِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ أَيْضًا هَدَرًا بَلْ كَانَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَرِضَاهُ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ لَفْظُ مَا هُنَا بِمَعْنَى الَّذِي أَيْ الَّذِي لَقِيتِهِ مَحْسُوبٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ( وَأَبْطَأَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ) أَيْ تَأَخَّرَ وَاحْتَبَسَ قَالَ الْحَافِظُ وَالْحَقُّ أَنَّ الْفَتْرَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي سَبَبِ نُزُولِ وَالضُّحَى غَيْرُ الْفَتْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي ابْتِدَاءِ الْوَحْيِ فَإِنَّ تِلْكَ دَامَتْ أَيَّامًا وهذه لمتَكُنْ إِلَّا لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا قَدْ وُدِّعَ مُحَمَّدٌ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ التَّوْدِيعِ أَيْ تُرِكَ ما ودعك ربك وما قلى أي ما تركك وما أبغضك قاله بن عباس والقلاء الْبُغْضُ يُقَالُ قَلَاهُ يَقْلِيهِ قَلَاءً.

     وَقَالَ  وَمَا قلى ولم يقل وما قلاك لموافقة رؤوس الْآيِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ والنسائي وبن أبي حاتم وبن جرير 2 - باب وَمِنْ سُورَةِ أَلَمْ نَشْرَحْ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ ثَمَانِ آيَاتٍ

رقم الحديث 3346 [3346] .

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) الْمَعْرُوفُ بِغُنْدَرٍ ( عن سعيد) هو بن أَبِي عَرُوبَةَ ( عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ) الْأَنْصَارِيِّ الْمَازِنِيِّ صَحَابِيٌّ رَوَى عَنْهُ أَنَسٌ حَدِيثَ الْمِعْرَاجِ كَأَنَّهُ مَاتَ قَدِيمًا كَذَا فِي التَّقْرِيبِ وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ مَا لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ وَلَا فِي غَيْرِهِ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا يُعْرَفُ رَوَى عَنْهُ إِلَّا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ .

     قَوْلُهُ  بَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ الْبَيْتِ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ قَالَ النَّوَوِيُّ قَدْ يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ يَجْعَلُهَا رُؤْيَا نَوْمٍ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ إِذْ قَدْ يَكُونُ ذَلِكَ حَالَهُ أَوَّلَ وُصُولِ الْمَلَكِ إِلَيْهِ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ نَائِمًا فِي الْقِصَّةِ كُلِّهَا انْتَهَى وَقَالَ الْحَافِظُ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى ابْتِدَاءِ الْحَالِ ثُمَّ لَمَّا خَرَجَ بِهِ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَأَرْكَبَهُ الْبُرَاقَ اسْتَمَرَّ فِي يَقَظَتِهِ.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ شَرِيكٍ الْآتِيَةِ فِي التَّوْحِيدِ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ فَلَمَّا اسْتَيْقَظْتُ فَإِنْ قُلْنَا بِالتَّعَدُّدِ فَلَا إِشْكَالَ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ باستيقظت أَفَقْتُ أَيْ أَنَّهُ أَفَاقَ مِمَّا كَانَ فِيهِ مِنْ شُغْلِ الْبَالِ بِمُشَاهَدَةِ الْمَلَكُوتِ وَرَجَعَ إِلَى الْعَالَمِ الدُّنْيَوِيِّ انْتَهَى وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْتِيقَاظًا مِنْ نَوْمَةٍ نَامَهَا بَعْدَ الْإِسْرَاءِ لِأَنَّ إِسْرَاءَهُ لَمْ يَكُنْ طُولَ لَيْلَةٍ وَإِنَّمَا كَانَ فِي بَعْضِهَا انْتَهَى اعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ الْبَيْتِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ بَيْنَمَا أَنَا فِي الْحَطِيمِ وربماقَالَ فِي الْحِجْرِ وَفِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ فُرِجَ سَقْفُ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ وَفِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ بِأَسَانِيدِهِ أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ مِنْ شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ وَفِي حَدِيثِ أُمِّ هَانِئٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ أَنَّهُ بَاتَ فِي بَيْتِهَا قَالَ فَفَقَدَتْهُ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي قَالَ الْحَافِظُ وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَنَّهُ نَائِمٌ فِي بَيْتِ أُمِّ هَانِئٍ وَبَيْتُهَا عِنْدَ شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ فَفُرِجَ سَقْفُ بَيْتِهِ وَأَضَافَ الْبَيْتَ إِلَيْهِ لِكَوْنِهِ كَانَ يَسْكُنُهُ فَنَزَلَ مِنْهُ الْمَلَكُ فَأَخْرَجَهُ مِنَ الْبَيْتِ إِلَى الْمَسْجِدِ فَكَانَ بِهِ مَضْجَعًا وَبِهِ أَثَرُ النُّعَاسِ وَقَدْ وَقَعَ فِي مُرْسَلِ الْحَسَنِ عِنْدَ بن إِسْحَاقَ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَاهُ فَأَخْرَجَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَأَرْكَبَهُ الْبُرَاقَ وَهُوَ يُؤَيِّدُ هَذَا الْجَمْعَ إِذْ سَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ أَحَدٌ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ إِذْ سَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ قَالَ الْحَافِظُ الْمُرَادُ بِالرَّجُلَيْنِ حَمْزَةُ وَجَعْفَرٌ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ نَائِمًا بَيْنَهُمَا فَأُتِيتُ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ بِطَسْتٍ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَإِسْكَانِ السِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ إِنَاءٌ مَعْرُوفٌ وهي مؤنثة ويقال فيها طست بتشديد السين وحذف التاء وطست أَيْضًا فِيهَا أَيْ فِي الطَّسْتِ فَشُرِحَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مِنَ الشَّرْحِ أَيْ شُقَّ صَدْرِي إِلَى كَذَا وَكَذَا وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ فَشُقَّ مِنَ النَّحْرِ إِلَى مَرَاقِّ الْبَطْنِ ( ثُمَّ حُشِيَ) أَيْ ملىء ( إِيمَانًا وَحِكْمَةً) بِالنَّصْبِ عَلَى التَّمْيِيزِ وَهَذَا الْمَلْأُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَتَجْسِيدُ الْمَعَانِي جَائِزٌ كَمَا جَاءَ أَنَّ سُورَةَ الْبَقَرَةِ تَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهَا ظُلَّةٌ وَالْمَوْتُ فِي صُورَةِ كَبْشٍ وَكَذَلِكَ وَزْنُ الْأَعْمَالِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَحْوَالِ الْغَيْبِ وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ لَعَلَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ التَّمْثِيلِ إِذْ تَمْثِيلُ الْمَعَانِي قَدْ وَقَعَ كَثِيرًا كَمَا مُثِّلَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فِي عُرْضِ الْحَائِطِ وَفَائِدَتُهُ كَشْفُ الْمَعْنَوِيِّ بِالْمَحْسُوسِ وَقَالَ بن أَبِي جَمْرَةَ فِيهِ أَنَّ الْحِكْمَةَ لَيْسَ بَعْدَ الْإِيمَانِ أَجَلُّ مِنْهَا وَلِذَلِكَ قُرِنَتْ مَعَهُ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خيرا كثيرا وَأَصَحُّ مَا قِيلَ فِي الْحِكْمَةِ أَنَّهَا وَضْعُ الشَّيْءِ فِي مَحَلِّهِ أَوِ الْفَهْمُ فِي كِتَابِ الله فعلى التفسير الثاني قد يوجد الْحِكْمَةُ دُونَ الْإِيمَانِ وَقَدْ لَا تُوجَدُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَقَدْ يَتَلَازَمَانِ لِأَنَّ الْإِيمَانَ يَدُلُّ عَلَى الْحِكْمَةِ وَأَوْرَدَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي تَفْسِيرِ قوله تعالى ألم تشرح لك صدرك قال الحافظ بن كَثِيرٍ يَعْنِي إِنَّا شَرَحْنَا لَكَ صَدْرَكَ أَيْ نَوَّرْنَاهُ وَجَعَلْنَاهُ فَسِيحًا رَحِيبًا كَقَوْلِهِ فَمَنْ يُرِدِ الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام وَكَمَا شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ كَذَلِكَ جَعَلَ شَرْعَهُ فَسِيحًا وَاسِعًا سَمْحًا سَهْلًا لَا حَرَجَ فِيهِ وَلَا إِصْرَ وَلَا ضِيقَ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ ألم نشرح لك صدرك شَرَحَ صَدْرَهُ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَقَدْ أَوْرَدَهُ التِّرْمِذِيُّ ها هنا وَهَذَا وَإِنْ كَانَ وَاقِعًا لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ كَمَا رَوَاهُ مَالِكُ بْنُ صَعْصَعَةَ وَلَكِنْ لَا مُنَافَاةَ فَإِنَّ مِنْ جُمْلَةِ شَرْحِ صَدْرِهِ الَّذِي فُعِلَ بِصَدْرِهِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَمَا نَشَأَ عَنْهُ مِنَ الشَّرْحِ الْمَعْنَوِيِّ أَيْضًا انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَفِيالْحَدِيثِ قِصَّةٌ طَوِيلَةٌ) أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ هَذَا الْحَدِيثَ بِالْقِصَّةِ الطَّوِيلَةِ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ) أَخْرَجَ حَدِيثَهُ الشَّيْخَانِ 3 - بَاب وَمِنْ سُورَةِ والتين مَكِّيَّةٌ وَهِيَ ثَمَانِ آيَاتٍ

رقم الحديث 3347 [3347] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ) بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ الْأُمَوِيِّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ مِنَ السادسة قوله أليس الله بأحكم الحاكمين أَيْ أَقْضَى الْقَاضِينَ يَحْكُمُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ أَهْلِ التَّكْذِيبِ بِكَ يَا مُحَمَّدُ ( فَلْيَقُلْ بَلَى) أَيْ نَعَمْ ( وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ) أَيْ كَوْنِكَ أَحْكُمَ الْحَاكِمِينَ ( مِنَ الشَّاهِدِينَ) أَيْ أَنْتَظِمُ فِي سِلْكِ مَنْ لَهُ مُشَافَهَةٌ فِي الشَّهَادَتَيْنِ مِنْ أَنْبِيَاءِ الله وأوليائه قال بن حَجَرٍ وَهَذَا أَبْلَغُ مِنْ أَنَا شَاهِدٌ وَمِنْ ثم قالوا في وكانت من القانتين وفي إنه في الاخرة لمن الصالحين أَبْلَغُ مِنْ وَكَانَتْ قَانِتَةً وَمِنْ إِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ صَالِحٌ لِأَنَّ مَنْ دَخَلَ فِي عِدَادِ الْكَامِلِ وَسَاهَمَ مَعَهُمُ الْفَضَائِلَ لَيْسَ كَمَنِ انْفَرَدَ عَنْهُمْ انْتَهَى وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ هَكَذَا مُخْتَصَرًا وَزَادَ أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَتِهِ وَمَنْ قرأ لا أقسم بيوم القيامة فَانْتَهَى إِلَى أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أن يحي الموتى فَلْيَقُلْ بَلَى وَمَنْ قَرَأَ وَالْمُرْسَلَاتِ فَبَلَغَ فَبِأَيِّ حديث بعده يؤمنون فَلْيَقُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَاتِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقُولَ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا.
وَأَمَّا قَوْلُهَا لِلْمُقْتَدِي خَلْفَ الْإِمَامِ فَلَمْ أَقِفْ عَلَى حَدِيثٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ إِنَّمَا يُرْوَى بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَخْ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لجهالة الأعرابي6 - باب وَمِنْ سُورَةِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ وَتُسَمَّى سُورَةَ الْعَلَقِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ تِسْعَ عَشْرَةَ آيَةً