فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في الإمام ينهض في الركعتين ناسيا

رقم الحديث 3268 [3268] .

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنَا أَبُو زَيْدٍ صَاحِبُ الْهَرَوِيِّ) اسْمُهُ سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ الْعَامِرِيُّ الْحَرَشِيُّ الْهَرَوِيُّ الْبَصْرِيُّ كَانَ يَبِيعُ الثِّيَابَ الْهَرَوِيَّةَ ثِقَةٌ مِنْ صغار التاسعة قوله ولا تنابزوا بالألقاب أَيْ لَا يَدْعُو بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِلَقَبٍ يَكْرَهُهُ وَالتَّنَابُزُ التَّفَاعُلُ مِنَ النَّبْزِ بِالتَّسْكِينِ وَهُوَ الْمَصْدَرُ وَالنَّبَزُ بِالتَّحْرِيكِ اللَّقَبُ مُطْلَقًا أَيْ حَسَنًا كَانَ أَوْ قَبِيحًا خُصَّ فِي الْعُرْفِ بِالْقَبِيحِ وَالْجَمْعُ أَنْبَازٌ وَالْأَلْقَابُ جَمْعُ لَقَبٍ وَهُوَ اسْمٌ غَيْرُ الَّذِي سُمِّيَ بِهِ الْإِنْسَانُ وَالْمُرَادُ لَقَبُ السُّوءِ وَالتَّنَابُزُ بِالْأَلْقَابِ أَنْ يُلَقِّبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَالتَّدَاعِي بِهَا .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وأبو داود وبن مَاجَهْ .

     قَوْلُهُ  وَأَبُو جَبِيرَةَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَبَعْدَهَا رَاءٌ مُهْمَلَةٌ وَتَاءُ تَأْنِيثٍ لَا يُعْرَفُ لَهُ اسْمٌ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي صُحْبَتِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَهُ صُحْبَةٌ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ

رقم الحديث 3269 [3269] .

     قَوْلُهُ  ( عَنِ الْمُسْتَمِرِّ بْنِ الرَّيَّانِ) بِالتَّحْتَانِيَّةِ الْمُشَدَّدَةِ الْإِيَادِيِّ الزُّهْرَانِيِّ كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ عَابِدٌ مِنَ السَّادِسَةِ .

     قَوْلُهُ  وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ أَيِ اعْلَمُوا أَنَّ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ رَسُولَطَرِيقِ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ قال لما نزلت لا ترفعوا أصواتكم الْآيَةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ آلَيْتُ أَلَّا أُكَلِّمَكَ إِلَّا كَأَخِي السِّرَارِ انتهى قوله ( هذا حديث غريب حسن) وَأَصْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ

رقم الحديث 3270 [327] .

     قَوْلُهُ  إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ أَيْ أَزَالَ وَرَفَعَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِهَا وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ الْمُشَدَّدَتَيْنِ أَيْ نَخْوَتَهَا وَكِبْرَهَا وَفَخْرَهَا وَتَعَاظُمَهَا أَيْ تفاخرها فالناس رجلان الْإِيمَانِ عَلَى الْخَاتِمَةِ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بمن اتقى وفاجر أي كأفراد عَاصٍ شَقِيٌّ أَيْ غَيْرُ سَعِيدٍ هَيِّنٌ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ ذَلِيلٌ عَلَى اللَّهِ أَيْ عِنْدَهُ وَالذَّلِيلُ لَا يُنَاسِبُهُ التَّكَبُّرُ وَالنَّاسُ أَيْ كُلُّهُمْ بَنُو آدَمَ أَيْ أَوْلَادُهُ وَخَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مِنَ التُّرَابِ أَيْ فَلَا يليق بمن أصله التراب النخوة والتجبر أو إذا كان الأصل واحدا فالكل إخوة فلا وَجْهَ لِلتَّكَبُّرِ لِأَنَّ بَقِيَّةَ الْأُمُورِ عَارِضَةٌ لَا أَصْلَ لَهَا حَقِيقَةً يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى أي آدم وحواء وجعلناكم شعوبا جَمْعُ شَعْبٍ بِفَتْحِ الشِّينِ وَهُوَ أَعْلَى طَبَقَاتِ النَّسَبِ وَقَبَائِلَ هِيَ دُونَ الشُّعُوبِ وَبَعْدَهَا الْعَمَائِرُ ثُمَّ الْبُطُونُ ثُمَّ الْأَفْخَاذُ ثُمَّ الْفَصَائِلُ آخِرُهَا مِثَالُهُ خُزَيْمَةُ شَعْبٌ كِنَانَةُ قَبِيلَةٌ قُرَيْشٌ عِمَارَةٌ بِكَسْرِ الْعَيْنِ قُصَيٌّ بَطْنٌ هَاشِمٌ فَخِذٌ الْعَبَّاسُ فصيلة لتعارفوا حذف منه إحدى التائين أَيْ لِيَعْرِفَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا لَا لِتُفَاخِرُوا بِعُلُوِّ النَّسَبِ وَإِنَّمَا الْفَخْرُ بِالتَّقْوَى إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أتقاكم أَيْ إِنَّمَا تَتَفَاضَلُونَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّقْوَى لَا بِالْأَحْسَابِ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِكُمْ خَبِيرٌ ببواطنكم قوله ( هذا حديث غريب) وأخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي آخِرِ الْكِتَابِ وأما حديث بن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ

رقم الحديث 3271 [3271] .

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ) الْبَغْدَادِيُّ الْمُؤَدِّبُ ( عَنْ سَلَّامِ) بِفَتْحِ السِّينِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ ( بْنِ أَبِي مُطِيعٍ) الْخُزَاعِيِّ مَوْلَاهُمُ الْبَصْرِيِّ ثِقَةٌ صَاحِبُ سُنَّةٍ فِي رِوَايَتِهِ عن قتادة ضعف من السابقة ( عن الحسن) هو البصري قوله الحسب بفحتين الْمَالُ أَيْ مَالُ الدُّنْيَا الْحَاصِلُ بِهِ الْجَاهُ غالباوَالْكَرَمُ أَيِ الْكَرَمُ الْمُعْتَبَرُ فِي الْعَقِبِ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ الْإِكْرَامُ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى التَّقْوَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى إن أكرمكم عند الله أتقاكم قَالَ الطِّيبِيُّ الْحَسَبُ مَا يَعُدُّهُ مِنْ مَآثِرِهِ وَمَآثِرِ آبَائِهِ وَالْكَرَمُ الْجَمْعُ بَيْنَ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ وَالشَّرَفِ وَالْفَضَائِلِ وَهَذَا بِحَسَبِ اللُّغَةِ فَرَدَّهُمَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ بَيْنَ النَّاسِ وَعِنْدَ اللَّهِ أَيْ لَيْسَ ذِكْرُ الْحَسَبِ عِنْدَ النَّاسِ لِلْفَقِيرِ حَيْثُ لَا يُوَقَّرُ وَلَا يُحْتَفَلُ بِهِ بَلْ كُلُّ الْحَسَبِ عِنْدَهُمْ مَنْ رُزِقَ الثَّرْوَةَ وَوُقِّرَ فِي الْعُيُونِ وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ حَسَبِ الرَّجُلِ إِنْقَاءُ ثَوْبَيْهِ أَيْ إِنَّهُ يُوَقَّرُ لِذَلِكَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ دَلِيلُ الثَّرْوَةِ وَذُو الْفَضْلِ وَالشَّرَفِ عِنْدَ النَّاسِ وَلَا يُعَدُّ كَرِيمًا عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا الْكَرِيمُ عِنْدَهُ مَنِ ارْتَدَى بِرِدَاءِ التَّقْوَى وَأَنْشَدَ كَانَتْ مَوَدَّةُ سَلْمَانَ لَهُ نَسَبًا وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ نُوحٍ وَابْنِهِ رَحِمٌ انْتَهَى وَقِيلَ الْحَسَبُ مَا يَعُدُّهُ الرَّجُلُ مِنْ مَفَاخِرِ آبَائِهِ وَالْكَرَمُ ضِدُّ اللُّؤْمِ فَقِيلَ مَعْنَاهُ الشَّيْءُ الَّذِي يَكُونُ بِهِ الرَّجُلُ عَظِيمَ الْقَدْرِ عِنْدَ النَّاسِ هُوَ الْمَالُ وَالشَّيْءُ الَّذِي يَكُونُ بِهِ عَظِيمَ الْقَدْرِ عِنْدَ اللَّهِ التَّقْوَى وَالِافْتِخَارُ بِالْآبَاءِ لَيْسَ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أحمد وبن ماجه والحاكم - ( باب ومن سُورَةُ ق) مَكِّيَّةٌ إِلَّا وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ الْآيَةَ فَمَدَنِيَّةٌ وَهِيَ خَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ آيَةً

رقم الحديث 3272 [3272] .

     قَوْلُهُ  (أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ) بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّحْوِيُّ .

     قَوْلُهُ  لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) أَيْ مِنْ زِيَادَةٍ وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ يُلْقَى فِيهَا وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ أَيْ يُطْرَحُ فِيهَا مِنَ الْكُفَّارِ وَالْفُجَّارِ حَتَّى يَضَعَ فِيهَا رَبُّ الْعِزَّةِ أَيْ صَاحِبُ الْغَلَبَةِ وَالْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ قَدَمَهُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ فِي بَابِ خُلُودِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى إِذَا أُوعِبُوا فِيهَا وَضَعَ الرَّحْمَنُ قَدَمَهُ فِيهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَّامُ هُنَاكَ مَبْسُوطًا عَلَى وَضْعِهِ تَعَالَى قَدَمَهُ فِي النَّارِ فَتَقُولُ قَطْ قَطْ بِفَتْحِ الْقَافِوَسُكُونِ الطَّاءِ قَالَ الْحَافِظُ أَيْ حَسْبِي حَسْبِي وَثَبَتَ بِهَذَا التَّفْسِيرُ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَطْ بِالتَّخْفِيفِ سَاكِنًا وَيَجُوزُ الْكَسْرُ بِغَيْرِ إِشْبَاعٍ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ يَعْنِي بَعْضَ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قطي قطي باشباع وَقَطِنِي بِزِيَادَةِ نُونٍ مُشْبَعَةٍ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَرِوَايَةِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ بِالدَّالِ بَدَلَ الطَّاءِ وَهِيَ لُغَةٌ أَيْضًا وَكُلُّهَا بِمَعْنَى يَكْفِي وَقِيلَ قَطْ صَوْتُ جَهَنَّمَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ عند الجمهور انتهى (ويزوى) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ يُجْمَعُ .

     قَوْلُهُ  (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ (وَفِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَعْنِي وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَ حَدِيثَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ 1 - (باب ومن سُورَةُ الذَّارِيَاتِ) مَكِّيَّةٌ وَهِيَ سِتُّونَ آيَةً

رقم الحديث 3273 [3273] .

     قَوْلُهُ  (حدثنا سفيان) هو بن عُيَيْنَةَ (عَنْ سَلَّامٍ) بِفَتْحِ السِّينِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ بن سليمان المزني كنيته بن المنذر القارىء النَّحْوِيُّ الْبَصْرِيُّ نَزِيلُ الْكُوفَةِ صَدُوقٌ يَهِمُ قَرَأَ عَلَى عَاصِمٍ مِنَ السَّابِعَةِ (عَنْ أَبِي وَائِلٍ) اسْمُهُ شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ الْأَسَدِيُّ (عَنْ رَجُلٍ مِنْ رَبِيعَةَ) هُوَ الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ الْبَكْرِيُّ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ (فَذُكِرْتُ) بِضَمِّ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْكَافِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (وَافِدَ عَادٍ) مَفْعُولٌ ثَانٍ لِذُكِرْتُ أَيْ ذَكَرُوا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَافِدَ عَادٍ بحضرتي وعادهم قَوْمُ هُودٍ (عَلَى الْخَبِيرِ بِهَا سَقَطْتَ) أَيْ عَلَى الْعَارِفِ بِقِصَّةِ وَافِدِ عَادٍ وَقَعْتَ وَهُوَ مَثَلٌ سَائِرٌ لِلْعَرَبِ (لَمَّا أُقْحِطَتْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ يُقَالُ أُقْحِطَ الْقَوْمُ إِذَا انْقَطَعَ عَنْهُمُ الْمَطَرُ (بَعَثَتْ) أَيْ أَرْسَلَتْ عَادٌ (قَيْلًا) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَبِاللَّامِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ قَيْلٌ وَافِدُ عَادٍ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ فَبَعَثُوا وَافِدًا لهميُقَالُ لَهُ قَيْلٌ (فَنَزَلَ عَلَى بَكْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ) اسْمُ رَجُلٍ كَانَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ (وَغَنَّتْهُ الْجَرَادَتَانِ) قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ هُمَا مُغَنِّيَتَانِ كَانَتَا بِمَكَّةَ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ مَشْهُورَتَانِ بِحُسْنِ الصَّوْتِ وَالْغِنَاءِ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ فَمَرَّ بِمُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرٍ فَأَقَامَ عِنْدَهُ شَهْرًا يَسْقِيهِ الْخَمْرَ وَتُغَنِّيهِ جَارِيَتَانِ يُقَالُ لَهُمَا الْجَرَادَتَانِ فَلَمَّا مَضَى الشَّهْرُ خَرَجَ إِلَى جِبَالِ مَهْرَةَ (ثُمَّ خَرَجَ) أَيْ قَيْلٌ (يُرِيدُ جِبَالَ مَهْرَةَ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ مَهَرَةُ بْنُ حَيْدَانَ حَيٌّ (فَاسْقِ عَبْدَكَ) يُرِيدُ نَفْسَهُ مَعَ قَوْمِهِ (سَحَابَاتٌ) أَيْ قطعات من السحاب (خذها رمادا رمددا ال فِي النِّهَايَةِ الرِّمْدِدُ بِالْكَسْرِ الْمُتَنَاهِي فِي الِاحْتِرَاقِ وَالدِّقَّةِ كَمَا يُقَالُ لَيْلٌ أَلَيْلُ وَيَوْمٌ أَيْوَمُ إِذَا أَرَادُوا الْمُبَالَغَةَ (لَا تَذَرُ مِنْ عَادٍ أَحَدًا) أَيْ لَا تَدَعُهُ حَيًّا بَلْ تُهْلِكُهُ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ فَمَرَّتْ بِهِ سَحَابَاتٌ سُودٌ فَنُودِيَ مِنْهَا اخْتَرْ فَأَوْمَأَ إِلَى سَحَابَةٍ مِنْهَا سَوْدَاءَ فَنُودِيَ مِنْهَا خُذْهَا رَمَادًا رِمْدِدًا لَا تُبْقِي مِنْ عَادٍ أَحَدًا (وَذَكَرَ) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ثُمَّ قَرَأَ إِذْ أرسلنا عليهم) الْآيَةَ مَعَ تَفْسِيرِهَا هَكَذَا (وَفِي عَادٍ) أَيْ فِي إِهْلَاكِهِمْ آيَةٌ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ العقيم هِيَ الَّتِي لَا خَيْرَ فِيهَا لِأَنَّهَا لَا تَحْمِلُ الْمَطَرَ وَلَا تُلَقِّحُ الشَّجَرَ وَهِيَ الدَّبُورُ ما تذر من شيء أَيْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جعلته كالرميم أَيْ كَالْمَبَانِي الْمُتَفَتِّتِ

رقم الحديث 3275 [3275] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ أَبِيهِ) هُوَ كُرَيْبُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ مَوْلَى بن عَبَّاسٍ .

     قَوْلُهُ  إِدْبَارُ النُّجُومِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَنَصْبِ الرَّاءِ عَلَى الْحِكَايَةِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وإدبار النجوم وَيَجُوزُ الرَّفْعُ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ هُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ الرَّكْعَتَانِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الرَّكْعَتَيْنِ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ إِدْبَارَ النُّجُومِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْفَجْرِ أَيْ فَرْضِهِ وَالْإِدْبَارُ وَالدُّبُورُ الذَّهَابُ يَعْنِي عُقَيْبَ ذَهَابِ النُّجُومِ وَهُوَ سُنَّةُ الصُّبْحِ وَإِدْبَارُ السُّجُودِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا قِرَاءَتَانِ مُتَوَاتِرَتَانِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ وَمِنَ اللَّيْلِ فسبحه وإدبار السجود قَالَ الطِّيبِيُّ صَلَاةُ إِدْبَارِ السُّجُودِ وَإِدْبَارَ نَصَبَهُ بِسَبِّحْ فِي التَّنْزِيلِ أَوْقَعَهُ مُضَافًا فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْحِكَايَةِ انْتَهَى وَالْمُرَادُ بِالسُّجُودِ فَرِيضَةُ الْمَغْرِبِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ بن مردويه وبن أبي حاتم ( ما أقر بهما) صيغةتَعَجُّبٍ ( وَمُحَمَّدٌ عِنْدِي أَرْجَحُ) وَوَافَقَهُ أَبُو حَاتِمٍ فَقَالَ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَخِيهِ رِشْدِينَ ( وَسَأَلْتُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) هُوَ الدَّارِمِيُّ ( قَالَ) أَيْ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ ( مَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ) هُوَ كُنْيَتُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ ( وَأَقْدَمُهُ) أي أكبره 3 - ( باب ومن سورة والنجم) مكية وهي اثنتان وستون اية

رقم الحديث 3276 [3276] قوله ( عن مرة) هو بن شَرَاحِيلَ الْهَمْدَانِيُّ .

     قَوْلُهُ  ( لَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ ( سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى) قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ السِّدْرُ شَجَرُ النَّبْقِ وَسِدْرَةُ الْمُنْتَهَى شَجَرَةٌ فِي أَقْصَى الْجَنَّةِ إِلَيْهَا يَنْتَهِي عِلْمُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَلَا يَتَعَدَّاهَا قَالَ انْتَهَى إِلَيْهَا مَا يَعْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ أَيْ مَا يَصْعَدُ مِنَ الْأَعْمَالِ وَالْأَرْوَاحِ وهذا قول بن مَسْعُودٍ وَضَمِيرُ قَالَ رَاجِعٌ إِلَيْهِ وَفِي رِوَايَةِ مسلم إليها ينتهي ما يعرج به الْأَرْضِ فَيُقْبَضُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنْ فَوْقٍ أَيْ مِنَ الْوَحْيِ وَالْأَحْكَامِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَإِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يُهْبَطُ بِهِ مِنْ فَوْقِهَا فَيُقْبَضُ مِنْهَا ( فَأَعْطَاهُ اللَّهُ عِنْدَهَا) أَيْ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ( خَمْسًا) أَيْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ ( وَأُعْطِيَ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى آمن الرسول إِلَى آخِرِ السُّورَةِ قِيلَ مَعْنَى قَوْلِهِ أُعْطِيَ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ أَيْ أُعْطِيَ إِجَابَةَ دَعَوَاتِهَا ( وَغُفِرَ لِأُمَّتِهِ الْمُقْحِمَاتُ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَغُفِرَ لِمَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ مِنْ أُمَّتِهِ شَيْئًا المقحمات قالالنَّوَوِيُّ هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْحَاءِ وَمَعْنَاهُ الذُّنُوبُ الْعِظَامُ الْكَبَائِرُ الَّتِي تُهْلِكُ أَصْحَابَهَا وَتُورِدُهُمُ النَّارَ وَتُقْحِمُهُمْ إِيَّاهَا وَتُقْحِمُ الْوُقُوعَ فِي الْمَهَالِكِ وَمَعْنَى الْكَلَامِ مَنْ مَاتَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ غَيْرَ مُشْرِكٍ بِاللَّهِ غُفِرَ لَهُ الْمُقْحِمَاتُ وَالْمُرَادُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِغُفْرَانِهَا أَنَّهُ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ بِخِلَافِ الْمُشْرِكِينَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُعَذَّبُ أَصْلًا فَقَدْ تَقَرَّرَتْ نُصُوصُ الشَّرْعِ وَإِجْمَاعُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى إِثْبَاتِ بَعْضِ الْعُصَاةِ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَذَا خُصُوصًا مِنَ الْأُمَّةِ أَنْ يُغْفَرَ لِبَعْضِ الْأُمَّةِ الْمُقْحِمَاتُ وَهَذَا يَظْهَرُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ إِنَّ لَفْظَةَ مَنْ لَا تَقْتَضِي الْعُمُومَ مُطْلَقًا وَعَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ لَا تَقْتَضِيهِ فِي الْإِخْبَارِ وَإِنِ اقْتَضَتْهُ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ وَهُوَ كَوْنُهَا لِلْعُمُومِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ قَدْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى إِرَادَةِ الْخُصُوصِ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ النُّصُوصِ وَالْإِجْمَاعِ انْتَهَى ( قَالَ السِّدْرَةُ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ كَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ الْأُصُولِ السَّادِسَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الرِّوَايَاتِ الْأُخَرِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهَا فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ قَالَ الْقَاضِي كَوْنُهَا فِي السَّابِعَةِ هُوَ الْأَصَحُّ وَقَوْلُ الْأَكْثَرِينَ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَعْنَى وَتَسْمِيَتُهَا بِالْمُنْتَهَى قَالَ النَّوَوِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا فَيَكُونَ أَصْلُهَا فِي السَّادِسَةِ وَمُعْظَمُهَا فِي السَّابِعَةِ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّهَا فِي نِهَايَةٍ مِنَ الْعِظَمِ ( قَالَ سُفْيَانُ) أَيْ فِي بَيَانِ مَا يَغْشَى ( فَرَاشٌ) بِفَتْحِ الْفَاءِ الطَّيْرُ الَّذِي يُلْقِي نَفْسَهُ فِي ضَوْءِ السِّرَاجِ وَاحِدَتُهَا فَرَاشَةٌ ( فَأَرْعَدَهَا) أَيْ حَرَّكَهَا لَعَلَّهُ حَكَى تَحَرُّكَ الْفَرَاشِ واضطرابها .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ

رقم الحديث 3277 [3277] .

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنَا الشَّيْبَانِيُّ) هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ .

     قَوْلُهُ  فَكَانَ أَيْ جَبْرَائِيلُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَابَ أي قدر قوسين أو أدنى أَيْ أَقْرَبَ مِنْ ذَلِكَ زَادَ الْبُخَارِيُّ فِي رواية فأوحى إلى عبده ما أوحى ( فقال) أي ذر بْنُ حُبَيْشٍ ( رَأَى جَبْرَائِيلَ) أَيْ فِي صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِالْأَرْضِ فِي الْأُفُقِ الْأَعْلَى وَمَرَّةً فِي السَّمَاءِ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَىقال الحافظ الحاصل أن بن مَسْعُودٍ كَانَ يَذْهَبُ فِي ذَلِكَ إِلَى أَنَّ الَّذِي رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ جَبْرَائِيلُ كَمَا ذَهَبَتْ إِلَى ذَلِكَ عَائِشَةُ وَالتَّقْدِيرُ عَلَى رَأْيِهِ فَأَوْحَى أَيْ جَبْرَائِيلُ إِلَى عَبْدِهِ أَيْ عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ يَرَى أَنَّ الَّذِي دَنَا فَتَدَلَّى هُوَ جَبْرَائِيلُ وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَوْحَى إِلَى مُحَمَّدٍ وَكَلَامُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ مِنَ السَّلَفِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي أَوْحَى هُوَ اللَّهُ أَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مُحَمَّدٍ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِلَى جِبْرِيلَ انْتَهَى وَقَالَ بن الْقَيِّمِ فِي زَادِ الْمَعَادِ أَمَّا .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى في سورة النجم ثم دنا فتدلى فَهُوَ غَيْرُ الدُّنُوِّ وَالتَّدَلِّي فِي قِصَّةِ الْإِسْرَاءِ فَإِنَّ الَّذِي دَنَا فِي سُورَةِ النَّجْمِ هُوَ دنو جبريل وتدليه كما قالت عائشة وبن مَسْعُودٍ وَالسِّيَاقُ يَدُلُّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَالَ عَلَّمَهُ شديد القوى وَهُوَ جِبْرِيلُ ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الأعلى ثم دنا فتدلى فَالضَّمَائِرُ كُلُّهَا رَاجِعَةٌ إِلَى هَذَا الْمُعَلِّمِ الشَّدِيدِ الْقُوَى وَهُوَ ذُو الْمِرَّةِ أَيِ الْقُوَّةِ وَهُوَ الَّذِي اسْتَوَى بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى وَهُوَ الَّذِي دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْرَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَمَّا الدُّنُوُّ والتدلي الذي في حديث الإسراء فلذلك صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ دُنُوُّ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَتَدَلِّيهِ وَلَا تَعَرُّضَ فِي سُورَةِ النَّجْمِ لِذَلِكَ بَلْ فِيهَا أَنَّهُ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سدرة المنتهى وَهَذَا هُوَ جِبْرِيلُ رَآهُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً فِي الْأَرْضِ وَمَرَّةً عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ومسلم والنسائي

رقم الحديث 3278 [3278] قوله ( حدثنا سفيان) هو بن عيينة ( عن مجالد) هو بن سعيد ( لقي بن عَبَّاسٍ كَعْبًا) هُوَ كَعْبُ بْنُ مَانِعٍ الْحِمْيَرِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَعْرُوفُ بِكَعْبِ الْأَحْبَارِ ثِقَةٌ مِنَ الثَّانِيَةِ مُخَضْرَمٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَسَكَنَ الشَّامَ مَاتَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ وَقَدْ زَادَ عَلَى الْمِائَةِ ( فَسَأَلَهُ) أَيْ كَعْبًا ( فَكَبَّرَ) أَيْ كَعْبٌ ( حَتَّى جَاوَبَتْهُ الْجِبَالُ) أَيْ كَبَّرَ تَكْبِيرَةً مُرْتَفِعًا بِهَا صَوْتُهُ حَتَّى جَاوَبَتْهُ الْجِبَالُ بِالصَّدَى كَأَنَّهُ اسْتَعْظَمَ مَا سَأَلَ عَنْهُ فَكَبَّرَ لِذَلِكَ وَلَعَلَّ ذَلِكَ السُّؤَالَ رُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا سُئِلَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَفَّ لِذَلِكَ شَعْرُهَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ ( إِنَّا بَنُو هَاشِمٍ) قَالَ الطِّيبِيُّ هَذَا بَعْثٌ لَهُ عَلَى التَّسْكِينِ مِنْ ذَلِكَ الْغَيْظِ وَالتَّفَكُّرِ فِي الْجَوَابِ يَعْنِي نَحْنُ أَهْلُ عِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍ فَلَا نَسْأَلُ عَمَّا يُسْتَبْعَدُ هَذَا الِاسْتِبْعَادَ وَلِذَلِكَ فَكَّرَ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ إِلَى آخِرِهِ ( فَكَلَّمَ) أَيِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ( مَرَّتَيْنِ) أَيْ فِي الْمِيقَاتَيْنِ ( وَرَآهُ مُحَمَّدٌ) أَيْ فِي الْمِعْرَاجِ ( مَرَّتَيْنِ) كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أخرى فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ كَعْبٍ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي رَآهُ إِلَى اللَّهِ لَا إِلَى جِبْرِيلَ بِخِلَافِ قَوْلِ عَائِشَةَ ( فَدَخَلْتُ عَلَىعَائِشَةَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ كعب وبن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَسَمِعَ مَا جَرَى بَيْنَهُمَا ( قَفَّ لَهُ شَعْرِي) أَيْ قَامَ مِنَ الْفَزَعِ لِمَا حَصَلَ عِنْدَهَا مِنْ عَظَمَةِ اللَّهِ وَهَيْبَتِهِ وَاعْتَقَدَتْهُ مِنْ تَنْزِيهِهِ وَاسْتِحَالَةِ وُقُوعِ ذَلِكَ قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ الْقَفُّ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ كَالْقُشَعْرِيرَةِ وَأَصْلُهُ التَّقَبُّضُ وَالِاجْتِمَاعُ لِأَنَّ الْجِلْدَ يَنْقَبِضُ عِنْدَ الْفَزَعِ فَيَقُومُ الشَّعْرُ كَذَلِكَ ( قُلْتُ رُوَيْدًا) أَيْ أَمْهِلِي وَلَا تَعْجَلِي ( ثُمَّ قَرَأْتُ لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ قَرَأْتُ الْآيَاتِ الَّتِي خَاتِمَتُهَا هَذِهِ الْآيَةُ كَمَا تَشْهَدُ لَهُ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى أَعْنِي قَوْلَهُ.

قُلْتُ لِعَائِشَةَ فَأَيْنَ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ دَنَا انْتَهَى قُلْتُ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي أَخْرَجَهَا التِّرْمِذِيُّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ فَقُلْتُ يَا أم المؤمنين انظريني ولا تعجليني أَلَيْسَ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أخرى ولقد رآه بالأفق المبين فَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ الطِّيبِيُّ ( أَيْنَ يُذْهَبُ بِكَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَوْ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ أَيْنَ يَذْهَبُ بِكَ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى الَّذِي قَرَأْتَ وَفِي الْمِشْكَاةِ أَيْنَ تَذْهَبُ بِكَ قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ أَخْطَأْتَ فِيمَا فَهِمْتَ مِنْ مَعْنَى الْآيَةِ وَذَهَبْتَ إِلَيْهِ فَإِسْنَادُ الْإِذْهَابِ إِلَى الْآيَةِ مَجَازٌ ( إِنَّمَا هُوَ) أَيِ الْآيَةُ الْكُبْرَى وَذَكَرَ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ الْخَبَرِ ( فَقَدْ أَعْظَمَ الْفِرْيَةَ) بِكَسْرِ الْفَاءِ أَيِ الْكَذِبَ ( فِي جِيَادٍ) مَوْضِعٌ بِأَسْفَلَ مَكَّةَ قَالَهُ فِي الْمَجْمَعِ وَوَقَعَ فِي الْمِشْكَاةِ فِي أَجْيَادٍ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَجْيَادٌ مَوْضِعٌ بِأَسْفَلَ مَكَّةَ مَعْرُوفٌ مِنْ شِعَابِهَا ( قَدْ سَدَّ الْأُفُقَ) أَيْ مَلَأَ أَطْرَافَ السَّمَاءِ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ هَذَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مَعَ زِيَادَةٍ وَاخْتِلَافٍ وَفِي رِوَايَتِهِمَا قَالَ.

قُلْتُ لِعَائِشَةَ فَأَيْنَ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أو أدنى قَالَتْ ذَاكَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَأْتِيهِ فِي صُورَةِ الرَّجُلِ وَأَنَّهُ أَتَاهُ بِهَذِهِ الْمَرَّةِ فِي صُورَتِهِ الَّتِي هِيَ صُورَتُهُ فَسَدَّ الْأُفُقَ ( وَقَدْ رَوَى دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ إِلَخْ) أَخْرَجَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ التِّرْمِذِيُّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ هُنَاكَ مَبْسُوطًا فِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ أم لا