فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في الإمام ينهض في الركعتين ناسيا

رقم الحديث 3244 [3244] قوله (أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم) هو بن عُلَيَّةَ .

     قَوْلُهُ  (قَالَ أَعْرَابِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الصُّورُ إِلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا مَعَ شَرْحِهِ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ وَأَوْرَدَ الترمذي هذا الحديث والذي قبله ها هنا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا من شاء الله إلخ قوله (أخبرنا مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو) بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيُّ (أَخْبَرَنَا أَبُو سَلَمَةَ) هو بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ .

     قَوْلُهُ  (قَالَ يَهُودِيٌّ فِي سُوقِ الْمَدِينَةِ لَا وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَىالْبَشَرِ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ بَيْنَمَا يَهُودِيٌّ يَعْرِضُ سِلْعَتَهُ أُعْطِيَ بِهَا شَيْئًا كَرِهَهُ فَقَالَ لَا وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ وفي رواية لهما استب وجل مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ الْمُسْلِمُ والذي اصطفى موسى عَلَى الْعَالَمِينَ لِقَسَمٍ يُقْسِمُ بِهِ فَقَالَ الْيَهُودِيُّ وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ (فَصَكَّ بِهَا وَجْهَهُ) أَيْ لَطَمَ وَجْهَ الْيَهُودِيِّ قَالَ الْحَافِظُ وَإِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ لِمَا فَهِمَهُ مِنْ عُمُومِ لفظ العالمين فدخل فيه محمد وَقَدْ تَقَرَّرَ عِنْدَ الْمُسْلِمِ أَنَّ مُحَمَّدًا أَفْضَلُ فَلَطَمَ الْيَهُودِيَّ عُقُوبَةً لَهُ عَلَى كَذِبِهِ (فَقَالَ رسول الله) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى رسول الله فَقَالَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّ لِي ذِمَّةً وَعَهْدًا فَمَا بَالُ فُلَانٍ لَطَمَ وَجْهِي فَقَالَ لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سعد فدعا النبي الْمُسْلِمَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُ وَنُفِخَ فِي الصور أَيِ النَّفْخَةُ الْأُولَى فَصَعِقَ أَيْ مَاتَ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أَيْ فِي الصُّورِ أُخْرَى أَيْ مَرَّةً أُخْرَى وَهِيَ النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ فَإِذَا هُمْ أَيْ جَمِيعُ الْخَلَائِقِ الْمَوْتَى قِيَامٌ أَيْ مِنْ قُبُورِهِمْ يَنْظُرُونَ أَيْ يَنْتَظِرُونَ مَا يُفْعَلُ بِهِمْ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ وَفِي لَفْظٍ أَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ فَلَا أَدْرِي أَرَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلِي أَمْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ فَلَا أَدْرِي وَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ قَالَ الْحَافِظُ أَيْ فَلَمْ يَكُنْ مِمَّنْ صَعِقَ أَيْ فَإِنْ كَانَ أَفَاقَ قَبْلِي فَهِيَ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ وَإِنْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ فَلَمْ يُصْعَقْ فَهِيَ فَضِيلَةٌ أَيْضًا وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فَلَا أَدْرِي كَانَ فِيمَنْ صَعِقَ أَيْ فَأَفَاقَ قَبْلِي أَمْ حُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ الْأُولَى الَّتِي صُعِقَهَا لَمَّا سَأَلَ الرُّؤْيَةَ وبين ذلك بن الْفَضْلِ فِي رِوَايَتِهِ بِلَفْظِ أَحُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّورِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَوْ كَانَ ممن استثنى الله أن في رواية بن الْفَضْلِ وَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ بَيَانَ السَّبَبِ فِي اسْتِثْنَائِهِ وَهُوَ أَنَّهُ حُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّورِ فَلَمْ يُكَلَّفْ بِصَعْقَةٍ أُخْرَى وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ .

     قَوْلُهُ  إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ الْقَاضِي هَذَا مِنْ أَشْكَلِ الْأَحَادِيثِ لِأَنَّ مُوسَى قَدْ مَاتَ فَكَيْفَ تُدْرِكُهُ الصَّعْقَةُ وَإِنَّمَا تَصْعَقُ الْأَحْيَاءَ وَقَولُهُ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ حَيًّا وَلَمْ يَأْتِ أَنَّ مُوسَى رَجَعَ إِلَى الْحَيَاةِ وَلَا أَنَّهُ حَيٌّ كَمَا جَاءَ فِي عِيسَى وَقَدْ قال لَوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ قَالَ الْقَاضِي فَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذِهِ الصَّعْقَةَ صَعْقَةُ فَزَعٍ بَعْدَ الْبَعْثِ حِينَ تَنْشَقُّالْبَشَرِ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ بَيْنَمَا يَهُودِيٌّ يَعْرِضُ سِلْعَتَهُ أُعْطِيَ بِهَا شَيْئًا كَرِهَهُ فَقَالَ لَا وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ وفي رواية لهما استب وجل مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ الْمُسْلِمُ والذي اصطفى موسى عَلَى الْعَالَمِينَ لِقَسَمٍ يُقْسِمُ بِهِ فَقَالَ الْيَهُودِيُّ وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ (فَصَكَّ بِهَا وَجْهَهُ) أَيْ لَطَمَ وَجْهَ الْيَهُودِيِّ قَالَ الْحَافِظُ وَإِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ لِمَا فَهِمَهُ مِنْ عُمُومِ لفظ العالمين فدخل فيه محمد وَقَدْ تَقَرَّرَ عِنْدَ الْمُسْلِمِ أَنَّ مُحَمَّدًا أَفْضَلُ فَلَطَمَ الْيَهُودِيَّ عُقُوبَةً لَهُ عَلَى كَذِبِهِ (فَقَالَ رسول الله) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى رسول الله فَقَالَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّ لِي ذِمَّةً وَعَهْدًا فَمَا بَالُ فُلَانٍ لَطَمَ وَجْهِي فَقَالَ لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سعد فدعا النبي الْمُسْلِمَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُ وَنُفِخَ فِي الصور أَيِ النَّفْخَةُ الْأُولَى فَصَعِقَ أَيْ مَاتَ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أَيْ فِي الصُّورِ أُخْرَى أَيْ مَرَّةً أُخْرَى وَهِيَ النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ فَإِذَا هُمْ أَيْ جَمِيعُ الْخَلَائِقِ الْمَوْتَى قِيَامٌ أَيْ مِنْ قُبُورِهِمْ يَنْظُرُونَ أَيْ يَنْتَظِرُونَ مَا يُفْعَلُ بِهِمْ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ وَفِي لَفْظٍ أَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ فَلَا أَدْرِي أَرَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلِي أَمْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ وَفِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ فَلَا أَدْرِي وَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ قَالَ الْحَافِظُ أَيْ فَلَمْ يَكُنْ مِمَّنْ صَعِقَ أَيْ فَإِنْ كَانَ أَفَاقَ قَبْلِي فَهِيَ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ وَإِنْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ فَلَمْ يُصْعَقْ فَهِيَ فَضِيلَةٌ أَيْضًا وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فَلَا أَدْرِي كَانَ فِيمَنْ صَعِقَ أَيْ فَأَفَاقَ قَبْلِي أَمْ حُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ الْأُولَى الَّتِي صُعِقَهَا لَمَّا سَأَلَ الرُّؤْيَةَ وبين ذلك بن الْفَضْلِ فِي رِوَايَتِهِ بِلَفْظِ أَحُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّورِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَوْ كَانَ ممن استثنى الله أن في رواية بن الْفَضْلِ وَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ بَيَانَ السَّبَبِ فِي اسْتِثْنَائِهِ وَهُوَ أَنَّهُ حُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّورِ فَلَمْ يُكَلَّفْ بِصَعْقَةٍ أُخْرَى وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ .

     قَوْلُهُ  إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ الْقَاضِي هَذَا مِنْ أَشْكَلِ الْأَحَادِيثِ لِأَنَّ مُوسَى قَدْ مَاتَ فَكَيْفَ تُدْرِكُهُ الصَّعْقَةُ وَإِنَّمَا تَصْعَقُ الْأَحْيَاءَ وَقَولُهُ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ حَيًّا وَلَمْ يَأْتِ أَنَّ مُوسَى رَجَعَ إِلَى الْحَيَاةِ وَلَا أَنَّهُ حَيٌّ كَمَا جَاءَ فِي عِيسَى وَقَدْ قال لَوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ قَالَ الْقَاضِي فَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذِهِ الصَّعْقَةَ صَعْقَةُ فَزَعٍ بَعْدَ الْبَعْثِ حِينَ تَنْشَقُّنَحْوُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ .

     قَوْلُهُ  (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ (عَنِ الْحَسَنِ بْنِ شُجَاعِ) بْنِ رَجَاءٍ الْبَلْخِيِّ كُنْيَتُهُ أَبُو عَلِيٍّ أَحَدُ الْحُفَّاظِ مِنَ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ

رقم الحديث 3246 [3246] .

     قَوْلُهُ  (أَخْبَرَنِي أَبُو إِسْحَاقَ) هُوَ السَّبِيعِيُّ .

     قَوْلُهُ  يُنَادِي مُنَادٍ أَيْ فِي الْجَنَّةِ إِنَّ لَكُمْ بكسرقِصَّةٌ) لَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ مَعَ الْقِصَّةِ .

     قَوْلُهُ  (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أحمد وبن جرير 1 - (باب ومن سُورَةُ الْمُؤْمِنِ) وَتُسَمَّى سُورَةَ غَافِرٍ مَكِّيَّةٌ إِلَّا الذين يجادلون في آيات الله وَالَّتِي بَعْدَهَا وَهِيَ خَمْسٌ وَثَمَانُونَ آيَةً .

     قَوْلُهُ  الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ شَيْءٌ مِنْ شَرْحِهِ وَيَأْتِي فِي أَوَائِلِ أَبْوَابِ الدَّعَوَاتِ مَعَ بَقِيَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ 2 - (بَاب وَمِنْ سُورَةِ حم السَّجْدَةِ) وَتُسَمَّى سُورَةَ فُصِّلَتْ وَهِيَ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ ثَلَاثٌ وَخَمْسُونَ آيَةً

رقم الحديث 3248 [3248] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ) اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَخْبَرَةَ الْأَزْدِيُّ ( اخْتَصَمَ عِنْدَ الْبَيْتِ) أَيِ الْكَعْبَةِ ( قُرَشِيَّانِ وَثَقَفِيٌّ أَوْ ثَقَفِيَّانِ وَقُرَشِيٌّ) الشَّكُّ مِنْ أَبِي مَعْمَرٍ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْحَافِظِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ عَبْدُالرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ وَهْبِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ بن مَسْعُودٍ بِلَفْظِ ثَقَفِيٌّ وَخَتَنَاهُ قُرَشِيَّانِ وَلَمْ يَشُكَّ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ وَهْبٍ هَذِهِ وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهَا ( قَلِيلٌ) بِالتَّنْوِينِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ لِقَوْلِهِ ( فِقْهُ قُلُوبِهِمْ) بِإِضَافَةِ فِقْهُ إِلَى قُلُوبِهِمْ وَقِيلَ بِإِضَافَةِ قَلِيلٌ إِلَى فِقْهُ وَقُلُوبُهُمْ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ الْمُبْتَدَأُ أَيْ قُلُوبُهُمْ قَلِيلَةُ الْفِقْهِ وَكَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  ( كَثِيرٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ) وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْفِطْنَةَ قَلَّمَا تَكُونُ مَعَ الْبِطْنَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ مَا رَأَيْتُ سَمِينًا عَاقِلًا إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ ( أَتُرَوْنَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ أَيْ أَتَظُنُّونَ ( إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا فَهُوَ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا) وَجْهُ الْمُلَازَمَةِ فِيمَا قَالَ أَنَّ نِسْبَةَ جَمِيعِ الْمَسْمُوعَاتِ إِلَى اللَّهِ عَلَى السَّوَاءِ وَأَبْطَلَ الْقِيَاسَ الْفَاسِدَ فِي تَشْبِيهِهِ بِالْخَلْقِ فِي سَمَاعِ الْجَهْرِ دُونَ السِّرِّ وَأَثْبَتَ الْقِيَاسَ الصَّحِيحَ حَيْثُ شَبَّهَ السِّرَّ بِالْجَهْرِ لِعِلَّةِ أَنَّ الْكُلَّ إِلَيْهِ سَوَاءٌ وَإِنَّمَا جَعَلَ قَائِلَهُ مِنْ جُمْلَةِ قَلِيلِ الْفَهْمِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ بِهِ وَشَكَّ فِيهِ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سمعكم ولا أبصاركم وبعده ولا جلودكم أي أنكم تستترون والحيطان وَالْحُجُبِ عِنْدَ ارْتِكَابِ الْفَوَاحِشِ وَمَا كَانَ اسْتِتَارُكُمْ ذَلِكَ خِيفَةَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ جَوَارِحُكُمْ لِأَنَّكُمْ كُنْتُمْ غَيْرَ عَالِمِينَ بِشَهَادَتِهَا عَلَيْكُمْ بَلْ كُنْتُمْ جَاحِدِينَ بِالْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ أَصْلًا وَلَكِنَّكُمْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَيْ وَلَكِنَّكُمْ إِنَّمَا اسْتَتَرْتُمْ لِظَنِّكُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَهُوَ الْخَفِيَّاتُ مِنْ أَعْمَالِكُمْ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بربكم أرداكم أي وذلك الظن هو الذين أهلككم وذلكم مبتدأ وظنكم خبر والذي ظننتم بربكم صفته وأرداكم خَبَرٌ ثَانٍ أَوْ ظَنُّكُمْ بَدَلٌ مِنْ ذَلِكُمْ وأرداكم الخبرفأصبحتم من الخاسرين أَيْ فِي مَوَاقِفِ الْقِيَامَةِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ) بْنِ قَيْسٍ النَّخَعِيِّ ( قَالَ عَبْدُ اللَّهِ) بْنُ مَسْعُودٍ .

     قَوْلُهُ  ( قُرَشِيٌّ وَخَتَنَاهُ) تَثْنِيَةُ خَتَنٍ مُحَرَّكَةٌ وَهُوَ الصِّهْرُ أَوْ كُلُّ مَا كَانَ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ كَالْأَبِ وَالْأَخِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ وَهْبِ بْنِ رَبِيعَةَ) الْكُوفِيِّ قَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَتِهِ رَوَى عَنْ بن مَسْعُودٍ حَدِيثَ إِنِّي لَمُسْتَتِرٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَعَنْهُ عمارة بن عمير ذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ.

     وَقَالَ  فِي التَّقْرِيبِ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ انْتَهَى ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ نَحْوَهُ) أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ

رقم الحديث 3250 [325] .

     قَوْلُهُ  (إِنَّ الَّذِينَ قالوا ربنا الله وحده لا شريك له ثم استقاموا أَيْ دَامُوا أَوْ ثَبَتُوا عَلَى التَّوْحِيدِ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى إِلَهٍ غَيْرِ اللَّهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مَعْنَى الِاسْتِقَامَةِ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لله تعالى وقال قتادة وبن زَيْدٍ ثُمَّ اسْتَقَامُوا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَقَالَ الْحَسَنُ اسْتَقَامُوا عَلَى أَمْرِ اللَّهِ فَعَمِلُوا بِطَاعَتِهِ واجتنبوا معاصيه وقال بن عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ اسْتَقَامُوا عَلَى شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَتَّى مَاتُوا وَقِيلَ غير ذلك قلت قول بن عَبَّاسٍ وَمَنْ تَبِعَهُ هُوَ الظَّاهِرُ الْمُوَافِقُ لِحَدِيثِ أَنَسٍ الَّذِي نَحْنُ فِي شَرْحِهِ (قَدْ قَالَ النَّاسُ) وَفِي رِوَايَةِ أَبِي يَعْلَى قَدْ قَالَهَا أُنَاسٌ (ثُمَّ كَفَرَ أَكْثَرُهُمْ) يَعْنِي فَلَيْسَ هَؤُلَاءِ الْكَفَرَةُ مِمَّنِ اسْتَقَامُوا .

     قَوْلُهُ  (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي التَّفْسِيرِ وَأَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ وبن جَرِيرٍ .

     قَوْلُهُ  (سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُولُ رَوَى عَفَّانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ حَدِيثًا) عَفَّانُ هَذَا هُوَ عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَهُوَ مِنْ شُيُوخِ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ الْفَلَّاسِ وَرَوَى هُوَ عَنْهُ حَدِيثًا وَاحِدًا كَمَا أَنَّ الْبُخَارِيَّ مِنْ شُيُوخِ التِّرْمِذِيِّ وَرَوَى عَنْهُ حَدِيثَيْنِ كَمَا عَرَفْتَ فِي الْمُقَدِّمَةِ بَاب وَمِنْ سُورَةِ حم عسق وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ سُورَةُ حم عسق وَهِيَ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ ثَلَاثٌ وَخَمْسُونَ آيَةً .

     قَوْلُهُ  (عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ) الْهِلَالِيِّ أَبِي زَيْدٍ الْعَامِرِيِّ الْكُوفِيِّ الزَّرَّادِ ثِقَةٌ مِنَ الرَّابِعَةِ قُلْ لا أسألكم عليه43 - أَيْ عَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ في القربى أَيْ مَظْرُوفَةً فِيهَا بِحَيْثُ تَكُونُ الْقُرْبَى مَوْضِعًا للمودة وظرفا لها لَا يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنْ مَحَبَّتِكُمْ عَنْهَا وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ أَيْ إِلَّا أَنْ تَوَدُّونِي لِقَرَابَتِي بَيْنَكُمْ أَوْ تَوَدُّوا أَهْلَ قَرَابَتِي وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعًا قَالَ الزَّجَّاجُ إِلَّا الْمَوَدَّةَ اسْتِثْنَاءٌ لَيْسَ مِنَ الْأَوَّلِ أَيْ إِلَّا أَنْ تَوَدُّونِي لِقَرَابَتِي فَتَحْفَظُونِي وَالْخِطَابُ لِقُرَيْشٍ وَهَذَا قَوْلُ عِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدٍ وَأَبِي مَالِكٍ وَالشَّعْبِيِّ فَيَكُونُ الْمَعْنَى عَلَى الِانْقِطَاعِ لَا أَسْأَلُكُمْ أَجْرًا قَطُّ وَلَكِنْ أَسْأَلُكُمُ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَكُمُ ارْقُبُونِي فِيهَا وَلَا تُعَجِّلُوا إِلَيَّ وَدَعُونِي وَالنَّاسَ وَبِهِ قَالَ قتادة ومقاتل والسدي والضحاك وبن زيد وغيرهم وهو الثابت عن بن عَبَّاسٍ (فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قُرْبَى آلِ مُحَمَّدٍ) قَالَ الْحَافِظُ هَذَا الَّذِي جَزَمَ بِهِ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَدْ جَاءَ عَنْهُ مِنْ روايته عن بن عباس مرفوعا فأخرج الطبري وبن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ قَرَابَتُكَ الَّذِينَ وَجَبَتْ عَلَيْنَا مَوَدَّتُهُمْ الْحَدِيثَ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَهُوَ سَاقِطٌ لِمُخَالَفَتِهِ هَذَا الحديث الصحيح يعني حديث بن عَبَّاسٍ هَذَا الَّذِي نَحْنُ فِي شَرْحِهِ (فَقَالَ بن عَبَّاسٍ أَعَلِمْتَ) بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ لِلْإِنْكَارِ وَفِي رِوَايَةِ البخاري فقال بن عَبَّاسٍ عَجِلْتَ قَالَ الْحَافِظُ أَيْ أَسْرَعْتَ فِي التَّفْسِيرِ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ) الْبَطْنُ مَا دُونَ الْقَبِيلَةِ وَفَوْقَ الْفَخِذِ (لَهُ) أَيْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال إِلَّا أَنْ تَصِلُوا مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنَ الْقَرَابَةِ فَحَمَلَ الْآيَةَ عَلَى أَنْ تُوَادُّوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْلِ الْقَرَابَةِ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَكُمْ فَهُوَ خَاصٌّبِقُرَيْشٍ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ بن عباس أيضا عند بن أَبِي حَاتِمٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ في القربى قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَمَرَ اللَّهُ بِمَوَدَّتِهِمْ قَالَ فَاطِمَةُ وَوَلَدُهَا عَلَيْهِمُ السلام فقال بن كثير إسناده ضعيف فيه منهم لَا يُعْرَفُ إِلَّا عَنْ شَيْخٍ شِيعِيٍّ مُخْتَرِقٍ وَهُوَ حُسَيْنٌ الْأَشْقَرُ وَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَالْآيَةُ مَكِّيَّةٌ وَلَمْ يَكُنْ إِذْ ذَاكَ لِفَاطِمَةَ أَوْلَادٌ بِالْكُلِّيَّةِ فَإِنَّهَا لَمْ تُزَوَّجْ بِعَلِيٍّ إِلَّا بَعْدَ بَدْرٍ مِنَ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ وَتَفْسِيرُ الْآيَةِ بِمَا فَسَّرَ بِهِ حبر الأمة وترجمان القران بن عباس أحق وأولى ولا ننكر الْوَصَاةُ بِأَهْلِ الْبَيْتِ وَاحْتِرَامُهُمْ وَإِكْرَامُهُمْ إِذْ هُمْ مِنَ الذُّرِّيَّةِ الطَّاهِرَةِ الَّتِي هِيَ أَشْرَفُ بَيْتٍ وُجِدَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَخْرًا وَحَسَبًا وَنَسَبًا وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانُوا مُتَّبِعِينَ لِلسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ سَلَفُهُمْ كَالْعَبَّاسِ وَبَنِيهِ وَعَلِيٍّ وَآلِ بَيْتِهِ وَذُرِّيَّتِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَنَفَعَنَا بِمَحَبَّتِهِمْ قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ ورواه بن جَرِيرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ والقول بنسخ هذه الاية غير مرضي لِأَنَّ مَوَدَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَفَّ الْأَذَى عَنْهُ وَمَوَدَّةَ أَقَارِبِهِ مِنْ فَرَائِضِ الدِّينِ وَهُوَ قَوْلُ السَّلَفِ فَلَا يَجُوزُ الْمَصِيرُ إِلَى نَسْخِ هَذِهِ الْآيَةِ وَرَوَى أَحْمَدُ فِي مسنده عن بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَى مَا آتَيْتُكُمْ مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى أَجْرًا إِلَّا أَنْ تُوَادُّوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَنْ تَقَرَّبُوا إِلَيْهِ بِطَاعَتِهِ وَهَكَذَا رَوَى قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ البصري مثله قال الحافظ بن كَثِيرٍ وَهَذَا كَأَنَّهُ تَفْسِيرٌ بِقَوْلٍ ثَانٍ كَأَنَّهُ يَقُولُ إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى أَيْ إِلَّا أَنْ تَعْمَلُوا بِالطَّاعَةِ الَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ زُلْفَى انْتَهَى وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَى هَذَا الْبَلَاغِ وَالنُّصْحِ لَكُمْ ما لا تُعْطُونِيهِ وَإِنَّمَا أَطْلُبُ مِنْكُمْ أَنْ تَكُفُّوا شَرَّكُمْ عَنِّي وَتَذْرُونِي أُبَلِّغُ رِسَالَاتِ رَبِّي إِنْ لَمْ تَنْصُرُونِي فَلَا تُؤْذُونِي لِمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنَ الْقَرَابَةِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَعْنَى هَذِهِ الاية ويدل على ذلك حديث بن عَبَّاسٍ هَذَا الَّذِي نَحْنُ فِي شَرْحِهِ.
وَأَمَّا الْأَقْوَالُ الْبَاقِيَةُ فَمَرْجُوحَةٌ .

     قَوْلُهُ  (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ

رقم الحديث 3252 [3252] .

     قَوْلُهُ  (أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمِ) بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَازِعِ الْكِلَابِيُّ الْقَيْسِيُّ (أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَازِعِ) الْكِلَابِيُّ الْبَصْرِيُّ مَجْهُولٌ مِنَ السَّابِعَةِ .

     قَوْلُهُ  (فَأُخْبِرْتُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (عَنْ بِلَالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ) بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَاضِي الْبَصْرَةِ كَانَ ظَلُومًا وَذَكَرَهُ أَبُو الْعَرَبِ الصِّقِلِّيُّ فِي كِتَابِ الضعفاء وذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَتَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ (فَقُلْتُ إِنَّ فِيهِ) أَيْ فِيبِلَالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ (لَمُعْتَبَرًا) أَيْ عِبْرَةً وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ قَاضِيًا وَالْآنَ هُوَ مَحْبُوسٌ (قَالَ) أَيْ شَيْخُ بَنِي مُرَّةَ الْمَذْكُورُ (وَإِذَا) لِلْمُفَاجَأَةِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ بِلَالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ (فِي قُشَاشٍ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْقَشِيشُ كَأَمِيرٍ اللُّقَاطَةُ كَالْقُشَاشِ بِالضَّمِّ.

     وَقَالَ  فِيهِ اللُّقَاطَةُ بِالضَّمِّ مَا كَانَ سَاقِطًا مِمَّا لَا قِيمَةَ لَهُ (تُمْسِكُ بِأَنْفِكَ) أَيْ تَكَبُّرًا (هَاتِ) بِكَسْرِ التَّاءِ أَيْ أَعْطِ وَحَدِّثْنِي بِذَلِكَ الْحَدِيثِ (حَدَّثَنِي أَبِي أَبُو بُرْدَةَ) أَبُو بُرْدَةَ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ أَبِي (أَبِي مُوسَى) بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنْ أَبِيهِ نَكْبَةٌ أَيْ مِحْنَةٌ وَأَذًى وَالتَّنْوِينُ لِلتَّقْلِيلِ لَا لِلْجِنْسِ لِيَصِحَّ تَرَتُّبُ مَا بَعْدَهَا عَلَيْهَا بِالْفَاءِ وَهُوَ فَمَا فَوْقَهَا أَيْ فِي الْعِظَمِ أَوْ دُونَهَا أَيْ فِي الْمِقْدَارِ إِلَّا بِذَنْبٍ أَيْ يَصْدُرُ مِنَ الْعَبْدِ وَمَا يَعْفُو اللَّهُ مَا مَوْصُولَةٌ أَيِ الَّذِي يَغْفِرُهُ وَيَمْحُوهُ أَكْثَرُ أَيْ مِمَّا يُجَازِيهِ (قَالَ) أَيْ أَبُو مُوسَى (وَقَرَأَ) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَمَا أَصَابَكُمْ) خِطَابٌ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ مصيبة أي بلية وشدة (فيما كسبت أيديكم أَيْ كَسَبْتُمْ مِنَ الذُّنُوبِ وَعَبَّرَ بِالْأَيْدِي لِأَنَّ أَكْثَرَ الْأَفْعَالِ تُزَاوَلُ بِهَا وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ أَيْ مِنَ الذُّنُوبِ فَلَا يُجَازِي عَلَيْهِ وَهُوَ تَعَالَى أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُثَنِّيَ الْجَزَاءَ فِي الْآخِرَةِ.
وَأَمَّا غَيْرُ الْمُذْنِبِينَ فَمَا يُصِيبُهُمْ فِي الدُّنْيَا لِرَفْعِ دَرَجَاتِهِمْ فِي الْآخِرَةِ .

     قَوْلُهُ  (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) فِي سَنَدِهِ مَجْهُولَانِ كَمَا عَرَفْتَ44 - سُورَةُ الزُّخْرُفِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ تِسْعٌ وَثَمَانُونَ آيَةً

رقم الحديث 3253 [3253] .

     قَوْلُهُ  كَانُوا عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْهُدَى إِلَّا أوتوا الجدل أي أعطوه وهو حال وقد مُقَدَّرَةٌ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَعَمُّ عَامٌّ الْأَحْوَالَ وَصَاحِبُهَا الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي خَبَرِ كَانَ وَالْمَعْنَى مَا كَانَ ضَلَالَتُهُمْ وَوُقُوعُهُمْ فِي الْكُفْرِ إِلَّا بِسَبَبِ الْجِدَالِ وَهُوَ الْخُصُومَةُ بِالْبَاطِلِ مَعَ نَبِيِّهِمْ وَطَلَبِ الْمُعْجِزَةِ مِنْهُ عِنَادًا أَوْ جُحُودًا وَقِيلَ مُقَابَلَةُ الْحُجَّةِ بِالْحُجَّةِ وَقِيلَ الْمُرَادُ هُنَا الْعِنَادُ وَالْمُرَادُ فِي الْقُرْآنِ ضَرْبُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ لِتَرْوِيجِ مَذَاهِبِهِمْ وَآرَاءِ مَشَايِخِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ نُصْرَةٌ عَلَى مَا هُوَ الْحَقُّ وَذَلِكَ مُحَرَّمٌ لَا الْمُنَاظَرَةُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَإِظْهَارِ الْحَقِّ فَإِنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ ( ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ اسْتِشْهَادًا عَلَى مَا قرره ما ضربوه أَيْ هَذَا الْمَثَلَ لَكَ يَا مُحَمَّدُ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ مْ أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ أَرَادُوا بِالْآلِهَةِ هُنَا الْمَلَائِكَةَ يَعْنِي الْمَلَائِكَةُ خَيْرٌ أَمْ عِيسَى يُرِيدُونَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ خَيْرٌ مِنْ عِيسَى فَإِذَا عَبَدَتِ النَّصَارَى عِيسَى فَنَحْنُ نَعْبُدُ الْمَلَائِكَةَ أَيْ ما قالوا ذلك القول إلا جدلا أي إلا لمخاصمتك وإذائك بالباطل لا لطلب إلا الحق كذا قال بعض العلماء قال القارىء والأصح في معنى الاية أن بن الزِّبَعْرَى جَادَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حصب جهنم آلِهَتُنَا أَيِ الْأَصْنَامُ خَيْرٌ عِنْدَكَ أَمْ عِيسَى فَإِنْ كَانَ فِي النَّارِ فَلْتَكُنْ آلِهَتُنَا مَعَهُ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ هَذِهِ الشُّبْهَةِ فَأَوَّلًا أَنَّ مَا لِغَيْرِ ذَوِي الْعُقُولِ فَالْإِشْكَالُ نَشَأَ عَنِ الْجَهْلِ بِالْقَوَاعِدِ الْعَرَبِيَّةِ وَثَانِيًا أَنَّ عِيسَى وَالْمَلَائِكَةَ خُصُّوا عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ انتهى قلت بن الزِّبَعْرَى بِكَسْرِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْأَلِفِ الْمَقْصُورَةِ قَالَ الشهاب بن الزِّبَعْرَى هُوَ عَبْدُ اللَّهِ الصَّحَابِيُّ الْمَشْهُورُ وَهَذِهِ الْقِصَّةُ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهَا كَانَتْ قَبْلَ إِسْلَامِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَيَانِبل هم أي الكفار قوم خصمون أي كثير الْخُصُومَةِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وبن ماجه والحاكم وبن جَرِيرٍ ( إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ حَجَّاجِ بْنِ دينار) قال الحافظ بن كَثِيرٍ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ هَذَا مَا لَفْظُهُ كَذَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِزِيَادَةٍ فَذَكَرَهُ .

     قَوْلُهُ  ( وَأَبُو غَالِبٍ اسْمُهُ حَزَوَّرٌ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَالزَّايِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَآخِرُهُ راء 5 - ( باب ومن سورة الدخان) مكية وقيل إلا إنا كاشفو العذاب الْآيَةَ وَهِيَ سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ أَوْ تِسْعٌ وَخَمْسُونَ آيَةً

رقم الحديث 3254 [3254] .

     قَوْلُهُ  (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجُدِّيُّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمَكِّيُّ مَوْلَى بَنِي عَبْدِ الدَّارِ صَدُوقٌ مِنَ التَّاسِعَةِ (أَبَا الضُّحَى) هُوَ مُسْلِمُ بْنُ صُبَيْحٍ (إِلَى عبد الله) هو بن مَسْعُودٍ (إِنَّ قَاصًّا يَقُصُّ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ بَيْنَمَا رَجُلٌ يُحَدِّثُ فِي كِنْدَةَ (فَيَأْخُذُ بِمَسَامِعِ الْكُفَّارِ) جَمْعُ مَسْمَعٍ آلَةُ السَّمْعِ أَوْ جَمْعُ سَمْعٍ بِغَيْرِ قِيَاسٍ وَالْمَسْمَعُ بِالْفَتْحِ خَرْقُهَا وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَيَأْخُذُ بِأَسْمَاعِ الْمُنَافِقِينَ وَأَبْصَارِهِمْ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَيَأْخُذُ بِأَنْفَاسِ الْكُفَّارِ (فَغَضِبَ) أَيْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ (فَلْيَقُلْ بِهِ) أَيْ بِمَا يَعْلَمُ (فَإِنَّ مِنْ عِلْمِ الرَّجُلِ إِلَخْ) قوله من علم الرجل خبر مقدم لأن وَاسْمُهَا أَنْ يَقُولَ اللَّهُ أَعْلَمُ وَقَولُهُ إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ عِلْمِ الرَّجُلُ وفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الرُّومِ فَإِنَّ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لَا يَعْلَمُ لَا أَعْلَمُ قَالَ الْحَافِظُ يَعْنِي أَنَّ تَمْيِيزَ الْمَعْلُومِينَ الْمَجْهُولَ نَوْعٌ مِنَ الْعِلْمِ وَهَذَا مُنَاسِبٌ لِمَا اشْتُهِرَ مِنْ أَنَّ لَا أَدْرِي نِصْفُ الْعِلْمِ وَلِأَنَّ الْقَوْلَ فِيمَا لَا يُعْلَمُ قِسْمٌ مِنَ التَّكَلُّفِ (فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ لِنَبِيِّهِ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وما أنا من المتكلفين) في قول بن مَسْعُودٍ هَذَا وَفِيمَا قَبْلَهُ تَعْرِيضٌ بِالرَّجُلِ الْقَاصِّ الَّذِي كَانَ يَقُولُ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَا فأنكر بن مَسْعُودٍ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  لَا تَتَكَلَّفُوا فِيمَا لَا تَعْلَمُونَ وَبَيَّنَ قِصَّةَ الدُّخَانِ.

     وَقَالَ  إِنَّهُ كَهَيْئَةِ إِلَخْ وَذَلِكَ قَدْ كَانَ وَوَقَعَ قَالَ الْعَيْنِيُّ فيه خلاف فإنه روي عن بن عباس وبن عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ أَنَّهُ دُخَانٌ يَجِيءُ قَبْلَ قِيَامِ السَّاعَةِ انْتَهَى.

     وَقَالَ  الْحَافِظُ وهذا الذي أنكره بن مَسْعُودٍ قَدْ جَاءَ عَنْ عَلِيٍّ فَأَخْرَجَ عَبْدُ الرزاق وبن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ آيَةُ الدُّخَانِ لَمْ تَمْضِ بَعْدُ يَأْخُذُ الْمُؤْمِنَ كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ وَيُنْفَخُ الْكَافِرُ حَتَّى يَنْفَدَ وَيُؤَيِّدُ كَوْنَ آيَةِ الدُّخَانِ لَمْ تَمْضِ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي شُرَيْحَةَ رَفَعَهُ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَرَوْا عَشْرَ آيَاتٍ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَالدُّخَانَ وَالدَّابَّةَ الْحَدِيثَ وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ حَدِيثِ رِبْعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا فِي خُرُوجِ الْآيَاتِ وَالدُّخَانِ قَالَ حُذَيْفَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الدُّخَانُ فَتَلَا هَذِهِ الاية قال أما المؤمن فيصيبه مِنْهُ كَهَيْئَةِ الزَّكْمَةِ.
وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَخْرُجُ مِنْ مَنْخِرَيْهِ وَأُذُنَيْهِ وَدُبُرِهِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَذَكَرَ الْحَافِظُ رِوَايَاتٍ أُخْرَى ضَعِيفَةً ثُمَّ قَالَ لَكِنَّ تَضَافُرَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِذَلِكَ أَصْلًا انتهى قال العيني في العمدة وقال بن دِحْيَةَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ الصَّحِيحُ حَمْلُ أَمْرِ الدُّخَانِ عَلَى قَضِيَّتَيْنِ إِحْدَاهُمَا وَقَعَتْ وَكَانَتْ وَالْأُخْرَى سَتَقَعُ أَيْ بِقُرْبِ الْقِيَامَةِ (اسْتَعْصَوْا عَلَيْهِ) أَيْ أَظْهَرُوا الْعِصْيَانَ وَلَمْ يَتْرُكُوا الشِّرْكَ بِسَبْعٍ أَيْ بِسَبْعِ سِنِينَ فِيهَا جَدْبٌ وَقَحْطٌ فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ بِفَتْحِ السِّينِ وَهِيَ الْجَدْبُ وَالْقَحْطُ فَأَحْصَتْ كُلَّ شَيْءٍ أَيِ اسْتَأْصَلَتْهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَحَصَتْ كُلَّ شَيْءٍ أَيْ أَذْهَبَتْهُ وَالْحَصُّ إِذْهَابُ الشَّعَرِ عَنِ الرَّأْسِ بِحَلْقٍ أَوْ مَرَضٍ كَذَا فِي النِّهَايَةِ (وَقَالَ أَحَدُهُمَا) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى الْأَعْمَشِ وَمَنْصُورٍ (الْعِظَامَ) رَوَى مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ وَفِيهِ حَتَّى أَكَلُوا الْعِظَامَ وَرَوَاهُ من طريق مَنْصُورٍ وَفِيهِ حَتَّى أَكَلُوا الْجُلُودَ وَالْمَيْتَةَ (وَجَعَلَ يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ) وَكَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَهُ فَكَانَ يَقُومُ أَحَدُهُمْ فَكَانَ يَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ مِثْلَ الدُّخَانِ مِنَ الْجَهْدِ وَالْجُوعِ قَالَ الْحَافِظُ وَلَا تَدَافُعَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كان مبدأه مِنَ الْأَرْضِ وَمُنْتَهَاهُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَا مُعَارَضَةَ أَيْضًا بَيْنَ قَوْلِهِ يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ لِاحْتِمَالِ وُجُودِ الْأَمْرَيْنِ بِأَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْأَرْضِ بُخَارٌ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنْ شِدَّةِ حَرَارَةِ الْأَرْضِ وَوَهَجِهَا مِنْ عَدَمِ الْغَيْثِ وَكَانُوا يَرَوْنَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ مِثْلَ الدُّخَانِ مِنْ فَرْطِ حَرَارَةِ الْجُوعِ أَوِ الَّذِي كَانَ يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ بِحَسَبِ تَخَيُّلِهِمْ ذَلِكَ مِنْ غَشَاوَةِ أَبْصَارِهِمْ مِنْ فَرْطِالْجُوعِ أَوْ لَفْظُ مِنَ الْجُوعِ صِفَةُ الدُّخَانِ أَيْ يَرَوْنَ مِثْلَ الدُّخَانِ الْكَائِنِ مِنَ الْجُوعِ يوم تأتي السماء بدخان مبين الْآيَةَ بِتَمَامِهَا مَعَ تَفْسِيرِهَا هَكَذَا فَارْتَقِبْ أَيِ انْتَظِرْ يَا مُحَمَّدُ عَذَابَهُمْ فَحَذَفَ مَفْعُولَ فَارْتَقِبْ لِدَلَالَةِ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  عَذَابٌ أَلِيمٌ وَقِيلَ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ مَفْعُولُ فَارْتَقِبْ يُقَالُ رَقَبْتُهُ فَارْتَقَبْتُهُ نَحْوَ نَظَرْتُهُ فَانْتَظَرْتُهُ يَوْمَ تأتي السماء بدخان مبين أي ظاهر يغشى الناس أي يحيطهم هذا عذاب أليم يَقُولُ اللَّهُ ذَلِكَ وَقِيلَ يَقُولُهُ النَّاسُ رَبَّنَا اكشف عنا العذاب قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنِ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا أَصَابَهُمْ قَحْطٌ وَجَهْدٌ قَالُوا رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا العذاب وَهُوَ الْقَحْطُ الَّذِي أَكَلُوا فِيهِ الْمِيتَاتِ وَالْجُلُودَ إنا مؤمنون أي مصدقون بنبيك أنى لهم الذكرى أَيْ كَيْفَ يَتَذَكَّرُونَ وَيَتَّعِظُونَ بِهَذِهِ الْحَالَةِ وَقَدْ جاءهم رسول مبين مَعْنَاهُ وَقَدْ جَاءَهُمْ مَا هُوَ أَعْظَمُ وَأَدْخَلُ فِي وُجُوبِ الطَّاعَةِ وَهُوَ مَا ظَهَرَ عَلَى يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ وَالْمُعْجِزَاتِ الظَّاهِرَاتِ ثُمَّ تَوَلَّوْا عنه أي أعرضوا وقالوا معلم أي يعلمه القرآن بشر مجنون إنا كاشفو العذاب أَيِ الْجُوعِ عَنْكُمْ قَلِيلًا أَيْ زَمَنًا قَلِيلًا فكشف عنهم إنكم عائدون أَيْ إِلَى كُفْرِكُمْ فَعَادُوا إِلَيْهِ يَوْمَ نَبْطِشُ البطشة الكبرى هُوَ يَوْمُ بَدْرٍ وَالْبَطْشُ الْأَخْذُ بِقُوَّةٍ إِنَّا منتقمون أَيْ مِنْهُمْ (فَهَلْ يُكْشَفُ عَذَابُ الْآخِرَةِ) وَفِي رواية مسلم فيكشف بِالْهَمْزَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ عَلَى مَنْ يَقُولُ إِنَّ الدُّخَانَ يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ يَعْنِي الَّتِي فِيهَا قَالَ يَأْتِي النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ دخان فيأخذ بأنفساهم حتى يأخذهم منه كهيئة الزكام فقال بن مَسْعُودٍ هَذَا قَوْلٌ بَاطِلٌ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قال إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون وَمَعْلُومٌ أَنَّ كَشْفَ الْعَذَابِ ثُمَّ عَوْدَهُمْ لَا يَكُونُ فِي الْآخِرَةِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي الدُّنْيَا انتهى (قال) أي بن مَسْعُودٍ (مَضَى الْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ وَالدُّخَانُ.

     وَقَالَ  أَحَدُهُمُ الْقَمَرُ.

     وَقَالَ  الْآخَرُ الرُّومُ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ.

     وَقَالَ  أَحَدُهُمَا وَهُوَ الظَّاهِرُ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ خَمْسَةٌ قَدْ مَضَيْنَ الدُّخَانُ وَالْقَمَرُ وَالرُّومُ وَالْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا هَلَاكًا قَالَ الْعَيْنِيُّ .

     قَوْلُهُ  خَمْسٌ) أَيْ خَمْسُ عَلَامَاتٍ قَدْ مَضَيْنَ أَيْ وَقَعْنَ الْأُولَى الدُّخَانُ قَالَ تَعَالَى يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ الثَّانِيَةُ الْقَمَرُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وانشق القمر الثَّالِثَةُ الرُّومُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى الم غلبت الروم الرَّابِعَةُ الْبَطْشَةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ نبطش البطشة الكبرى وَهُوَ الْقَتْلُ الَّذِي وَقَعَ يَوْمَ بَدْرٍ الْخَامِسَةُ اللزامفسوف يكون لزاما قِيلَ هُوَ الْقَحْطُ وَقِيلَ هُوَ الْتِصَاقُ الْقَتْلَى بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ فِي بَدْرٍ وَقِيلَ هُوَ الْأَسْرُ فِيهِ وَقَدْ أُسِرَ سَبْعُونَ قُرَشِيًّا فِيهِ (قَالَ أَبُو عِيسَى اللِّزَامُ يَوْمُ بَدْرٍ) اخْتُلِفَ فِيهِ فذكر بن أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّهُ الْقَتْلُ الَّذِي أصابهم ببدر روي ذلك عن بن مَسْعُودٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ وَاحِدًا وَعَنِ الْحَسَنِ اللِّزَامُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَعَنْهُ أَنَّهُ الْمَوْتُ وَقِيلَ يَكُونُ ذَنْبُكُمْ عَذَابًا لَازِمًا لَكُمْ كَذَا فِي الْعُمْدَةِ .

     قَوْلُهُ  (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيُّ

رقم الحديث 3255 [3255] .

     قَوْلُهُ  وَلَهُ أَيْ مُخْتَصٌّ بِهِ بَابَانِ أَيْ مِنَ السَّمَاءِ يَصْعَدُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَيُضَمُّ أَيْ يَطْلُعُ وَيُرْفَعُ عَمَلُهُ أَيِ الصَّالِحُ إِلَى مُسْتَقَرِّ الْأَعْمَالِ وَهُوَ مَحَلُّ كِتَابَتِهَا فِي السَّمَاءِ بَعْدَ كِتَابَتِهَا فِي الْأَرْضِ وَفِي إِطْلَاقِهِ الْعَمَلَ إِشْعَارٌ بِأَنَّ عَمَلَهُ كُلَّهُ صَالِحٌ يَنْزِلُ بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ أَوِ الْمَفْعُولِ رِزْقُهُ أَيِ الْحِسِّيُّ أَوِ الْمَعْنَوِيُّ إِلَى مُسْتَقَرِّ الْأَرْزَاقِ مِنَ الْأَرْضِ بَكَيَا أَيِ الْبَابَانِ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى فِرَاقِهِ لِأَنَّهُ انْقَطَعَ خَيْرُهُ مِنْهُمَا بِخِلَافِ الْكَافِرِ فَإِنَّهُمَا يَتَأَذَّيَانِ بِشَرِّهِ فَلَا يبكان عليه قاله بن الْمَلَكِ وَهُوَ ظَاهِرٌ مُوَافِقٌ لِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى مَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيُّ أَنَّ لِلْأَشْيَاءِ كُلِّهَا عِلْمًا بِاللَّهِ وَلَهَا تَسْبِيحٌ وَلَهَا خَشْيَةٌ وَغَيْرُهَا وَقِيلَ أَيْ بَكَى عَلَيْهِ أَهْلُهُمَا.

     وَقَالَ  الطِّيبِيُّ انْكِشَافُ هَذَا تَمْثِيلٌ وَتَخْيِيلٌ مُبَالَغَةً فِي فِقْدَانِ مَنْ دَرَجَ وَانْقَطَعَ خَيْرُهُ وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ عن بن عَبَّاسٍ مِنْ بُكَاءِ مُصَلَّى الْمُؤْمِنِ وَآثَارِهِ فِي الْأَرْضِ وَمَصَاعِدِ عَمَلِهِ وَمَهَابِطِ رِزْقِهِ فِي السَّمَاءِ تَمْثِيلٌ وَنَفْيُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَمَا بكت عليهم السماء والأرض تَهَكُّمٌ بِهِمْ وَبِحَالِهِمُ الْمُنَافِيَةِ لِحَالِ مَنْ يَعْظُمُ فَقْدُهُ فَيُقَالُ فِيهِ بَكَتْ عَلَيْهِ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ انْتَهَى وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ وَلَا وَجْهَ لِلْعُدُولِ لِمُجَرَّدِ مُخَالَفَتِهِ ظَاهِرَ الْعُقُولِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ ( فَذَلِكَ) أَيْ مَفْهُومُ الْحَدِيثِ أَوْ مصداقه ( قوله فما بكت عليهم إِلَخْ) أَيْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ أَعْمَالٌ صَالِحَةٌ تَصْعَدُ فِي أَبْوَابِ السَّمَاءِ فَتَبْكِي عَلَى فَقْدِهِمْ ولا لهم في الأرض بقاء عَبَدُوا اللَّهَ تَعَالَى فِيهَا فَقَدَتْهُمْ فَلِهَذَا اسْتَحَقُّوا أَنْ لَا يُنْظَرُوا وَلَا يُؤَخَّرُوا لِكُفْرِهِمْ وَإِجْرَامِهِمْ وَعُتُوِّهِمْ وَعِنَادِهِمْ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أبو يعلى وبن أبي حاتم46 - ( باب ومن سُورَةُ الْأَحْقَافِ) مَكِّيَّةٌ إِلَّا ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كان من عند الله) الْآيَةَ وَإِلَّا ( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ من الرسل) وإلا ( ووصينا الإنسان بوالديه) الثَّلَاثَ آيَاتٍ وَهِيَ أَرْبَعٌ أَوْ خَمْسٌ وَثَلَاثُونَ آيَةً

رقم الحديث 3256 [3256] .

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَيَّاةَ) اسْمُهُ يَحْيَى بن يعلي التيمي ( عن بن أَخِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ) مَجْهُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ .

     قَوْلُهُ  ( لَمَّا أُرِيدَ عُثْمَانُ) أَيْ أُرِيدَ قَتْلُهُ ( جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ) بِتَخْفِيفِ اللَّامِ الصَّحَابِيُّ الْمَشْهُورُ ( اخْرُجْ إِلَى النَّاسِ) أَيِ الَّذِينَ حَاصَرُوهُ ( فَاطْرُدْهُمْ) مِنَ الطَّرْدِ وَهُوَ الْإِبْعَادُ أَيْ أَبْعِدْهُمْ ( فَإِنَّكَ خَارِجٌ خَيْرٌ لِي مِنْكَ دَاخِلٌ) أَيْ كَوْنُكَ خَارِجًا لِطَرْدِهِمْ خَيْرٌ لِي مِنْ كَوْنِكَ دَاخِلًا عِنْدِي ( إِنَّهُ كَانَ اسْمِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فُلَانٌ) الظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ فُلَانًا بِالنَّصْبِ مُنَوَّنًا لِأَنَّهُ خَبَرُ كَانَ وَفُلَانٌ وَفُلَانَةُ يُكَنَى بِهِمَا عَنِ الْعَلَمِ الَّذِي مُسَمَّاهُ مِمَّنْ يَعْقِلُ فَلَا تَدْخُلُ الْ عَلَيْهِمَا وَفُلَانَةُ مَمْنُوعَةٌ مِنَ الصَّرْفِ فَيُقَالُ جَاءَ فُلَانٌ وَلَكِنْ جَاءَتْ فُلَانَةُ وَيُكَنَى بِهِمَا أَيْضًا عَنِ الْعَلَمِ لِغَيْرِ الْعَاقِلِ فَتَدْخُلُ عَلَيْهِمَا الْ تَقُولُ رَكِبْتُ الْفُلَانَ وَحَلَبْتُ الْفُلَانَةَ.
وَأَمَّا الرَّفْعُ فَعَلَى أَنَّ فِي كان ضمير الشأن واسمي مبتدأ وفلان خَبَرُهُ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ كَانَ وَكَانَ اسْمُ عَبْدِ اللَّهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْحُصَيْنَ فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ أخرجه بن مَاجَهْ ( فِيَّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بني إسرائيل أَيِ الْعَالِمِينَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ وَقَبْلَهُ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ الله وكفرتم به وشهد إلخ ( على مثله فآمن) أَيْ عَلَى مِثْلِ الْقُرْآنِ مِنَ الْمَعَانِي الْمَوْجُودَةِ فِي التَّوْرَاةِ الْمُطَابِقَةِ لَهُ مِنْ إِثْبَاتِ التَّوْحِيدِ وَالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهَذِهِ الْمِثْلِيَّةُ هِيَ بِاعْتِبَارِ تَطَابُقِ الْمَعَانِي وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْأَلْفَاظُ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ مِثْلٌ صِلَةٌ وَالْمَعْنَى وَشَهِدَ شَاهِدٌ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَذَا قَالَ الْوَاحِدِيُّ فَآمَنَ الشَّاهِدُ بِالْقُرْآنِ لِمَا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ وَمِنْ جِنْسِمَا يُنَزِّلُهُ عَلَى رُسُلِهِ وَهَذَا الشَّاهِدُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ كَمَا قَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمْ وَفِي هَذَا نَظَرٌ فَإِنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ كَانَ إِسْلَامُهُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالشَّاهِدِ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ قَدْ آمَنَ بِالْقُرْآنِ فِي مَكَّةَ وَصَدَّقَهُ وَاخْتَارَ هذا بن جَرِيرٍ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَدَنِيَّةٌ لَا مَكِّيَّةٌ وَعَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَدَنِيَّةٌ فَيُخَصَّصُ بِهَا عُمُومُ قَوْلِهِمْ إِنَّ سُورَةَ الْأَحْقَافِ كُلَّهَا مَكِّيَّةٌ وَإِيَّاهُ ذَكَرَ الْكُرَاشِيُّ وَكَوْنُهُ إِخْبَارًا قَبْلَ الْوُقُوعِ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَلِذَا قِيلَ لَمْ يَذْهَبْ أَحَدٌ أَنَّ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ إِذَا فُسِّرَ الشَّاهِدُ بِابْنِ سَلَامٍ وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مَعْطُوفٌ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي يَصِيرُ بِهِ الْمَاضِي مُسْتَقْبَلًا فَلَا ضَرَرَ فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدِ بَعْدَ نُزُولِهَا وَادِّعَاءُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ مَعَ ذِكْرِهِ فِي شُرُوحِ الْكَشَّافِ لَا وَجْهَ لَهُ إِلَّا أَنْ يُرَادَ مِنَ السَّلَفِ الْمُفَسِّرُونَ قَالَهُ الشِّهَابُ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَيَانِ قُلْتُ حَدِيثُ عَبْدِ الله بن سلام وهذا صَرِيحٌ فِي أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِ وحديث عوف بن مالك عند بن حبان وحديث بن عباس عند بن مَرْدَوَيْهِ أَيْضًا يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ كَمَا فِي فَتْحِ الْبَارِي وَهُوَ الْقَوْلُ الرَّاجِحُ وَاسْتَكْبَرْتُمْ أَيْ آمَنَ الشَّاهِدُ وَاسْتَكْبَرْتُمْ أَنْتُمْ عَنِ الْإِيمَانِ وَجَوَابُ الشَّرْطِ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَلَسْتُمْ ظَالِمِينَ دَلَّ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظالمين فَحَرَمَهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْهِدَايَةَ بِظُلْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ الظَّاهِرَةِ عَلَى وُجُوبِ الْإِيمَانِ وَمَنْ فَقَدَ هِدَايَةَ اللَّهِ لَهُ ضَلَّ كَفَى بالله شهيدا بيني وبينكم أَيْ عَلَى صِدْقِي ( وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ) قِيلَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَقِيلَ هُمْ مُؤْمِنُو أَهْلِ الْكِتَابِ وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي آخِرِ سُورَةِ الرَّعْدِ ( مَغْمُودًا) أَيْ مَسْتُورًا فِي غِلَافِهِ ( فَاللَّهَ اللَّهَ) بِالنَّصْبِ فِيهِمَا أَيِ اتَّقُوا اللَّهَ ( فِي هَذَا الرَّجُلِ) أَيْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ( أَنْ تَقْتُلُوهُ) بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ ( لَتَطْرُدُنَّ) أَيْ لَتُبْعِدُّنَّ ( جِيرَانَكُمْ) بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ ( الْمَلَائِكَةَ) بِالنَّصْبِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ ( وَلَتَسُلُّنَّ) أَيْ لَتَنْتَزِعُنَّ ( فَلَا يُغْمَدُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ قَالَ فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ غَمَدَ السَّيْفَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَنَصَرَ جَعَلَهُ فِي غِمْدِهِ فَهُوَ مَغْمُودٌ وأغمده أيضا فهو مغمد وهما لغنان فَصِيحَتَانِ ( اقْتُلُوا الْيَهُودِيَّ) أَيْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سلام قوله( هذا حديث غريب) وأخرجه بن مردويه وبن جرير مختصرا قوله ( عن بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ فِي مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَعُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَرْجَمَةِ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ هَذَا

رقم الحديث 3257 [3257] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا عَبْدُ الرحمن بن الأسود) هو بن الْمَأْمُونِ .

     قَوْلُهُ  ( إِذَا رَأَى مَخِيلَةً) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَهِيَ السَّحَابَةُ الَّتِي يُخَالُ فِيهَا الْمَطَرُ ( أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ) زَادَ الْبُخَارِيُّ وَدَخَلَ وَخَرَجَ وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ أَيْ خَوْفًا أَنْ تُصِيبَ أُمَّتَهُ عُقُوبَةَ ذَنْبِ الْعَامَّةِ كَمَا أصاب الذين قالوا هذا عارض ممطرنا الْآيَةَ ( فَإِذَا مَطَرَتْ) أَيِ الْمَخِيلَةُ ( سُرِّيَ عَنْهُ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ بِلَفْظِ الْمَجْهُولِ أَيْ كُشِفَ عَنْهُ مَا خَالَطَهُ مِنَ الْوَجَلِ ( فَقُلْتُ لَهُ) أَيْ لِمَ تُقْبِلُ وَتُدْبِرُ وَيَتَغَيَّرُ وَجْهُكَ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْمَخِيلَةِ فَقَالَ وَمَا أَدْرِي لَعَلَّهُ أي المذكور من المخيلة فلما رأوه أي ما هو العذاب عارضا أَيْ سَحَابًا عَرَضَ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ مُسْتَقْبِلَ أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا أَيْ مُمْطِرٌ إِيَّانَا بَعْدَهُ بَلْ هُوَ أَيْ قَالَ تَعَالَى بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ مِنَ الْعَذَابِ رِيحٌ بَدَلٌ مِنْ مَا فِيهَا عذاب أليم أي مؤلم قال بن الْعَرَبِيِّ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَخْشَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعَذَّبَ الْقَوْمُ وَهُوَ فِيهِمْ مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى ( وَمَا كَانَ اللَّهُ ليعذبهم وأنت فيهم) وَالْجَوَابُ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ وَيَتَعَيَّنُ الْحَمْلُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى كَرَامَةٍ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِفْعَةٍ فَلَا يُتَخَيَّلُ انْحِطَاطُ دَرَجَتِهِ أَصْلًا قَالَ الْحَافِظُ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ أَنَّ آيَةَ الْأَنْفَالِ كَانَتْ فِي الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ كَانَ يُوَاظِبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ صَنِيعِهِ كَانَ إِذَا رَأَى فَعَلَ كَذَا وَالْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ إِنَّ فِي آيَةِ الْأَنْفَالِ احْتِمَالَ التَّخْصِيصِ بِالْمَذْكُورِينَ لَهُ بِوَقْتٍ دون وقت أو مقام الخوف يقتضي غلبته عَدَمِ الْأَمْنِ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ وَأَوْلَى مِنَ الْجَمِيعِ أَنْ يُقَالَ خَشِيَ عَلَى مَنْ لَيْسَ هُوَ فِيهِمْ أَنْ يَقَعَ بِهِمُ الْعَذَابُ أَمَّا الْمُؤْمِنُ فَشَفَقَتُهُ عَلَيْهِ لِإِيمَانِهِ.
وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلِرَجَاءِ إِسْلَامِهِ وَهُوَ بُعِثَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ