فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في الإمام ينهض في الركعتين ناسيا

رقم الحديث 3229 [3229] قوله وأرسلناه أَيْ يُونُسَ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ السَّلَامُ إلى مائة

رقم الحديث 3231 [3231] .

     قَوْلُهُ  وَيَافِثُ أَبُو الرُّومِ الْمُرَادُ بِالرُّومِ هَا هُنَا هُمُ الرُّومُ الْأُوَلُ وَهُمُ الْيُونَانُ الْمُنْتَسِبُونَ إِلَى رُومِيِّ بْنِ لَيْطِيِّ بْنِ يُونَانَ بْنِ نوح عليه السلام قاله بن كَثِيرٍ وَحَدِيثُ سَمُرَةَ هَذَا أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَحْمَدُ وأبو يعلى وبن الْمُنْذِرِ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ 9 - ( بَاب وَمِنْ سُورَةِ ص) مَكِّيَّةٌ وَهِيَ سِتٌّ أَوْ ثَمَانٍ وَثَمَانُونَ آيَةً

رقم الحديث 3232 [3232] .

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ) هُوَ الزُّبَيْرِيُّ ( عَنِ يَحْيَى) قَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ يَحْيَى بن عمارة ويقال بن عباد وقيل عبادة كوفي روى عن بن عَبَّاسٍ قِصَّةَ مَوْتِ أَبِي طَالِبٍ وَعَنْهُ الْأَعْمَشُ ذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ قَالَ الْحَافِظُ وَجَزَمَ بِكَوْنِهِ يَحْيَى بْنَ عُمَارَةَ وَكَذَا الْبُخَارِيُّ وَيَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ .

     قَوْلُهُ  ( مَرِضَ أَبُو طَالِبٍ فَجَاءَتْهُ قُرَيْشٌ وجاءه النبي) وفي رواية بن جَرِيرٍ وَغَيْرِهِ لَمَّا مَرِضَ أَبُو طَالِبٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَهْطٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِيهِمْ أَبُو جَهْلٍ فقالوا إن بن أَخِيكَ يَشْتُمُ آلِهَتَنَا وَيَفْعَلُ وَيَفْعَلُ وَيَقُولُ وَيَقُولُ فَلَوْ بَعَثْتَ إِلَيْهِ فَنَهَيْتَهُ فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَجَاءَ النبي فَدَخَلَ الْبَيْتَ ( مَجْلِسُ رَجُلٍ) أَيْ مَوْضِعُ جُلُوسِ رجل ( كي يمنعه) أي النبي عن الجلوس فيه وفي رواية بن جَرِيرٍ وَغَيْرِهِ وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَبِي طَالِبٍ قَدْرُ مَجْلِسِ رَجُلٍ فَخَشِيَ أَبُو جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ إِنْ جَلَسَ إِلَى جَنْبِ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يَكُونَ أَرَقَّ لَهُ عَلَيْهِ فَوَثَبَ فَجَلَسَ فِي ذلك المجلس ولم يجد رسول الله مَجْلِسًا قُرْبَ عَمِّهِ فَجَلَسَ عِنْدَ الْبَابِ ( وَشَكَوْهُ إِلَى أَبِي طَالِبٍ) أَيْ قَالُوا لَهُ إِنَّ بن أَخِيكَ يَشْتُمُ آلِهَتَنَا وَيَفْعَلُ وَيَفْعَلُ وَيَقُولُويقول كما في رواية بن جَرِيرٍ ( فَقَالَ) أَيْ أَبُو طَالِبٍ لِرَسُولِ اللَّهِ ( يا بن أَخِي مَا تُرِيدُ مِنْ قَوْمِكَ) وَفِي رِوَايَةِ بن جرير فقال له أبو طالب أي بن أَخِي مَا بَالُ قَوْمِكَ يَشْكُونَكَ وَيَزْعُمُونَ أَنَّكَ تَشْتُمُ آلِهَتَهُمْ وَتَقُولُ وَتَقُولُ أُرِيدُ مِنْهُمْ كَلِمَةً تَدِينُ لَهُمْ بِهَا الْعَرَبُ أَيْ تُطِيعُهُمْ وَتَخْضَعُ لَهُمُ الْعَرَبُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ وَتُؤَدِّي إِلَيْهِمُ الْعَجَمُ الْجِزْيَةَ أَيْ تُعْطِيهِمُ الْعَجَمُ الْجِزْيَةَ بِسَبَبِ تِلْكَ الْكَلِمَةِ ( قَالَ) أَيْ أَبُو طَالِبٍ كَلِمَةً وَاحِدَةً أَيْ تُرِيدُ كَلِمَةً وَاحِدَةً ( قَالَ) أَيِ النَّبِيُّ ( كَلِمَةً وَاحِدَةً) أَيْ أُرِيدُ مِنْهُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً ( فَقَالُوا إِلَهًا وَاحِدًا) أَيْ أَتَجْعَلُ الْآلِهَةَ إِلَهًا واحدا ما سمعنا بهذا أَيْ بِالَّذِي تَقُولُهُ مِنَ التَّوْحِيدِ فِي الْمِلَّةِ الآخرة وَهِيَ مِلَّةُ النَّصْرَانِيَّةِ فَإِنَّهَا آخِرُ الْمِلَلِ قَبْلَ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ كَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَقَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ وَالسُّدِّيُّ وَبِهِ قَالَ بن عَبَّاسٍ.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ يَعْنُونَ بِهِ مِلَّةَ قُرَيْشٍ أَيِ الَّتِي أَدْرَكْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَعَنْ قَتَادَةَ مثله إن هذا أي ما هذا إلا اختلاق أَيْ كَذِبٌ اخْتَلَقَهُ مُحَمَّدٌ ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذكر إِلَخْ الْآيَاتُ بِتَمَامِهَا مَعَ تَفْسِيرِهَا هَكَذَا ص اللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ بِهِ وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ أَيْ وَالْقُرْآنِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى مَا فِيهِ ذِكْرٌ لِلْعِبَادِ وَنَفْعٌ لَهُمْ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أي تذكيركم وقال بن عباس رضي الله عنهما ذي الذكر أَيْ ذِي الشَّرَفِ وَذِي الشَّأْنِ وَالْمَكَانَةِ قَالَ بن كَثِيرٍ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَإِنَّهُ كِتَابٌ شَرِيفٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى التَّذْكِيرِ انْتَهَى وَجَوَابُ هَذَا الْقَسَمِ مَحْذُوفٌ أَيْ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ كُفَّارُ مَكَّةَ مِنْ تَعَدُّدِ الْآلِهَةِ بَلِ الَّذِينَ كفروا في عزة أي حمية وتكبر عن الإيمان وشقاق أي خلاف وعداوة للنبي كم أَيْ كَثِيرًا أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ أَيْ أُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ فَنَادَوْا أَيْ بِالتَّوْحِيدِ حِينَ تَوَلَّتِ الدُّنْيَا عَنْهُمْ وَقِيلَ اسْتَغَاثُوا عِنْدَ نُزُولِ الْعَذَابِ وَحُلُولِ النِّقْمَةِ وَلَاتَ حِينَ مناص أَيْ لَيْسَ الْحِينُ حِينَ فِرَارٍ وَلَاتَ هِيَ لَا الْمُشَبَّهَةُ بِلَيْسَ زِيدَتْ عَلَيْهَا تَاءُ التَّأْنِيثِ كَمَا زِيدَتْ عَلَى رُبَّ وَثُمَّ لِلتَّوْكِيدِ وَتَغَيَّرَ بِذَلِكَ حُكْمُهَا حَيْثُ لَمْ تَدْخُلْ إِلَى عَلَى الْأَحْيَانِ وَلَمْ يَبْرُزْ إِلَّا أَحَدُ مُقْتَضَيَيْهَا إِمَّا الِاسْمُ أَوِ الْخَبَرُ وَامْتَنَعَ بُرُوزُهُمَا جَمِيعًا وَهَذَا مَذْهَبُ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ وَعِنْدَ الْأَخْفَشِ أَنَّهَا لَا النَّافِيَةُ لِلْجِنْسِ زِيدَتْ عَلَيْهَا التَّاءُ وَخُصَّتْ بِنَفْيِ الْأَحْيَانِ وَالْجُمْلَةُ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ نَادَوْا أَيِ اسْتَغَاثُوا وَالْحَالُ أَنْ لَا مَهْرَبَ لَهُمْ وَلَا منجا وعجبوا أن جاءهم منذر منهم أَيْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِهِمْ يُنْذِرُهُمْ وَيُخَوِّفُهُمْ بِالنَّارِ بعد البعث وهو النبي وقال الكافرون فِيهِ وَضَعَ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ هَذَا سَاحِرٌ كذاب أجعل الآلهة إلها واحداأَيْ أَزَعَمَ أَنَّ الْمَعْبُودَ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ حَيْثُ قَالَ لَهُمْ قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ أي عجيب وانطلق الملأ منهم أَيْ مِنْ مَجْلِسِ اجْتِمَاعِهِمْ عِنْدَ أَبِي طَالِبٍ وسماعهم من النبي قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَنِ امْشُوا أَيْ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ امْشُوا وَامْضُوا عَلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ وَلَا تَدْخُلُوا فِي دِينِهِ واصبروا على آلهتكم أَيِ اثْبُتُوا عَلَى عِبَادَتِهَا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يراد أَيْ إِنَّ هَذَا الَّذِي يَدْعُونَا إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ مِنَ التَّوْحِيدِ لَشَيْءٌ يُرِيدُ بِهِ الشَّرَفَ عَلَيْكُمْ والاستعلاء وأن يكون له منكم ابتاع وَلَسْنَا نُجِيبُهُ إِلَيْهِ مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق تَقَدَّمَ تَفْسِيرِهِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ وبن جرير وبن الْمُنْذِرِ .

     قَوْلُهُ  ( وَقَالَ) أَيِ الْأَعْمَشُ ( يَحْيَى بْنُ عُمَارَةَ) يَحْيَى بْنُ عُمَارَةَ هَذَا هُوَ يَحْيَى بن عباد المذكور في الإسناد المتقدم .

     قَوْلُهُ  أَتَانِي اللَّيْلَةَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ الظَّاهِرُ أَنَّ إِتْيَانَهُ تَعَالَى كَانَ فِي الْمَنَامِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الرَّاوِي أَحْسَبُهُ فِي الْمَنَامِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ الْآتِي فَفِيهِ فَنَعَسْتُ فِي صَلَاتِي فَاسْتَثْقَلْتُ فَإِذَا أَنَا بِرَبِّي تَبَارَكَ وتعالى في أحسن صورة قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ إِذَا كَانَ هَذَا فِي الْمَنَامِ فَلَا إِشْكَالَ فِيهِ إِذِ الرَّائِي قَدْ يَرَى غَيْرَ الْمُتَشَكِّلِ مُتَشَكِّلًا وَالْمُتَشَكِّلَ بِغَيْرِ شَكْلِهِ ثُمَّ لَمْ يُعَدَّ ذَلِكَ بِخَلَلٍ فِي الرُّؤْيَا وَلَا فِي خَلَدِ الرَّائِي بَلْ لَهُ أَسْبَابٌ أُخَرُ تُذْكَرُ فِي عِلْمِ الْمَنَامِ أَيِ التَّعْبِيرِ وَلَوْلَا تِلْكَ الْأَسْبَابُ لَمَا افْتَقَرَتْ رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ إِلَى تَعْبِيرٍ وَإِنْ كَانَ فِي الْيَقَظَةِ وَعَلَيْهِ ظَاهِرُ مَا رَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَإِنَّ فِيهِ فَنَعَسْتُ فِي صَلَاتِي حَتَّى اسْتَيْقَظْتُ فَإِذَا أَنَا بِرَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ الْحَدِيثَ فَذَهَبَ السَّلَفُ فِي أَمْثَالِ هَذَا الْحَدِيثِ إِذَا صَحَّ أَنْ يُؤْمَنَ بِظَاهِرِهِ وَلَا يُفَسَّرُ بِمَا يُفَسَّرُ بِهِ صِفَاتُ الْخَلْقِ بَلْ يُنْفَى عَنْهُ الْكَيْفِيَّةُ وَيُوَكَّلُ عِلْمُ بَاطِنِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ يُرِي رَسُولَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ وَرَاءِ أَسْتَارِ الْغَيْبِ بِمَا لَا سَبِيلَ لِعُقُولِنَا إِلَى إِدْرَاكِهِ لَكِنْ تُرْكُ التَّأْوِيلِ فِي هَذَا الزَّمَانِ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ فِي عَقَائِدِ النَّاسِ لِفُشُوِّ اعْتِقَادَاتِ الضَّلَالِ وَإِنْ تَأَوَّلَ بِمَا يُوَافِقُ الشَّرْعَ عَلَى وَجْهِ الِاحْتِمَالِ لَا الْقَطْعِ حَتَّى لَا يُحْمَلَ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ شَرْعًا فَلَهُ وَجْهٌ فَ.

     قَوْلُهُ  فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ رَأَيْتُ رَبِّي حَالَ كَوْنِي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ وَصِفَةٍ مِنْ غَايَةِ إِنْعَامِهِ وَلُطْفِهِ عَلَيَّ أَوْ حَالَ كَوْنِالرَّبِّ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ وَصُورَةُ الشَّيْءِ مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ سَوَاءً كَانَ عَيْنَ ذاته أو جزءه الْمُمَيِّزَ لَهُ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ صِفَتَهُ الْمُمَيِّزَةَ وَكَمَا يُطْلَقُ ذَلِكَ فِي الْجُثَّةِ يُطْلَقُ فِي الْمَعَانِي يُقَالُ فِي صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ كَذَا وَصُورَةِ الْحَالِ كَذَا فَصُورَتُهُ تَعَالَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ ذَاتُهُ الْمَخْصُوصَةُ الْمُنَزَّهَةُ عَنْ مُمَاثَلَةِ مَا عَدَاهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْبَالِغَةِ إِلَى أَقْصَى مَرَاتِبِ الْكَمَالِ أَوْ صِفَتُهُ الْمَخْصُوصَةُ بِهِ أَيْ كَانَ رَبِّي أَحْسَنَ إِكْرَامًا وَلُطْفًا مِنْ وَقْتٍ آخَرَ كَذَا نَقَلَهُ الطِّيبِيُّ وَالتُّورِبِشْتِيُّ انْتَهَى مَا فِي الْمِرْقَاةِ قُلْتُ الظَّاهِرُ الرَّاجِحُ أَنَّهُ كَانَ فِي الْمَنَامِ فَإِنَّ رِوَايَةَ التِّرْمِذِيِّ الْآتِيَةَ أَرْجَحُ مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ قال بن حَجَرٍ الْمَكِّيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ رِوَايَةَ حَتَّى اسْتَيْقَظْتُ تَصْحِيفٌ فَإِنَّ الْمَحْفُوظَ مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ حتى استثقلت انتهى وقال الحافظ بن كَثِيرٍ بَعْدَ نَقْلِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَهُوَ حَدِيثُ الْمَنَامِ الْمَشْهُورُ وَمَنْ جَعَلَهُ يَقَظَةً فَقَدْ غَلِطَ انْتَهَى وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ ذَلِكَ فِي الْيَقَظَةِ فَمَذْهَبُ السَّلَفِ فِي مِثْلِ هَذَا مِنْ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ إِمْرَارُهُ كَمَا جَاءَ مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَشْبِيهٍ وَلَا تَعْطِيلٍ وَالْإِيمَانُ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ لَهُ وَالسُّكُوتُ عَنْهُ وَعَنْ أَمْثَالِهِ مَعَ الِاعْتِقَادِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البصير وَمَذْهَبُ السَّلَفِ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ وَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّأْوِيلِ وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّ تَرْكَ التَّأْوِيلِ فِي هَذَا الزَّمَانِ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ فِي عَقَائِدِ النَّاسِ لِفُشُوِّ اعْتِقَادَاتِ الضَّلَالِ فَمِمَّا لَا الْتِفَاتَ إِلَيْهِ فِيمَ أَيْ فِي أَيْ شَيْءٍ يَخْتَصِمُ أَيْ يَبْحَثُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى أَيِ الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ والملأ هم الأشراف الذين يملأون الْمَجَالِسَ وَالصُّدُورَ عَظَمَةً وَإِجْلَالًا وَوُصِفُوا بِالْأَعْلَى إِمَّا لِعُلُوِّ مَكَانِهِمْ وَإِمَّا لِعُلُوِّ مَكَانَتِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَاخْتِصَامُهُمْ إِمَّا عِبَارَةٌ عَنْ تَبَادُرِهِمْ إِلَى إِثْبَاتِ تِلْكَ الْأَعْمَالِ وَالصُّعُودِ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ وَإِمَّا عَنْ تَقَاوُلِهِمْ فِي فَضْلِهَا وَشَرَفِهَا وَإِمَّا عَنِ اغْتِبَاطِهِمُ النَّاسَ بِتِلْكَ الْفَضَائِلِ لِاخْتِصَاصِهِمْ بِهَا وَتَفَضُّلِهِمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ بِسَبَبِهَا مَعَ تَهَافُتِهِمْ فِي الشَّهَوَاتِ وَإِنَّمَا سَمَّاهُ مُخَاصَمَةً لِأَنَّهُ وَرَدَ مَوْرِدَ سُؤَالٍ وَجَوَابٍ وَذَلِكَ يُشْبِهُ الْمُخَاصَمَةَ وَالْمُنَاظَرَةَ فَلِهَذَا السَّبَبِ حَسُنَ إِطْلَاقُ لَفْظِ الْمُخَاصَمَةِ عَلَيْهِ ( قَالَ) أي النبي فَوَضَعَ أَيْ رَبِّي يَدَهُ أَيْ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ تَخْصِيصِهِ إِيَّاهُ بِمَزِيدِ الْفَضْلِ عَلَيْهِ وَإِيصَالِ الْفَيْضِ إِلَيْهِ فَإِنَّ مِنْ شَأْنِ الْمُتَلَطِّفِ بِمَنْ يَحْنُو عَلَيْهِ أَنْ يَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ تَنْبِيهًا عَلَى أنه يريد بذلك تكريمه وتأييده قاله القارىء.

قُلْتُ قَدْ عَرَفْتَ مَذْهَبَ السَّلَفِ فِي مِثْلِ هَذَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ بِالتَّثْنِيَةِ وَالْإِضَافَةِ إِلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ أَيْ قَلْبِي أَوْ صَدْرِي ( أَوْ قَالَ فِي نَحْرِي) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي نعم الْكَفَّارَاتِ أَيْ يَخْتَصِمُونَ فِيويقول كما في رواية بن جَرِيرٍ ( فَقَالَ) أَيْ أَبُو طَالِبٍ لِرَسُولِ اللَّهِ ( يا بن أَخِي مَا تُرِيدُ مِنْ قَوْمِكَ) وَفِي رِوَايَةِ بن جرير فقال له أبو طالب أي بن أَخِي مَا بَالُ قَوْمِكَ يَشْكُونَكَ وَيَزْعُمُونَ أَنَّكَ تَشْتُمُ آلِهَتَهُمْ وَتَقُولُ وَتَقُولُ أُرِيدُ مِنْهُمْ كَلِمَةً تَدِينُ لَهُمْ بِهَا الْعَرَبُ أَيْ تُطِيعُهُمْ وَتَخْضَعُ لَهُمُ الْعَرَبُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ وَتُؤَدِّي إِلَيْهِمُ الْعَجَمُ الْجِزْيَةَ أَيْ تُعْطِيهِمُ الْعَجَمُ الْجِزْيَةَ بِسَبَبِ تِلْكَ الْكَلِمَةِ ( قَالَ) أَيْ أَبُو طَالِبٍ كَلِمَةً وَاحِدَةً أَيْ تُرِيدُ كَلِمَةً وَاحِدَةً ( قَالَ) أَيِ النَّبِيُّ ( كَلِمَةً وَاحِدَةً) أَيْ أُرِيدُ مِنْهُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً ( فَقَالُوا إِلَهًا وَاحِدًا) أَيْ أَتَجْعَلُ الْآلِهَةَ إِلَهًا واحدا ما سمعنا بهذا أَيْ بِالَّذِي تَقُولُهُ مِنَ التَّوْحِيدِ فِي الْمِلَّةِ الآخرة وَهِيَ مِلَّةُ النَّصْرَانِيَّةِ فَإِنَّهَا آخِرُ الْمِلَلِ قَبْلَ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ كَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَقَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ وَالسُّدِّيُّ وَبِهِ قَالَ بن عَبَّاسٍ.

     وَقَالَ  مُجَاهِدٌ يَعْنُونَ بِهِ مِلَّةَ قُرَيْشٍ أَيِ الَّتِي أَدْرَكْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَعَنْ قَتَادَةَ مثله إن هذا أي ما هذا إلا اختلاق أَيْ كَذِبٌ اخْتَلَقَهُ مُحَمَّدٌ ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذكر إِلَخْ الْآيَاتُ بِتَمَامِهَا مَعَ تَفْسِيرِهَا هَكَذَا ص اللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ بِهِ وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ أَيْ وَالْقُرْآنِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى مَا فِيهِ ذِكْرٌ لِلْعِبَادِ وَنَفْعٌ لَهُمْ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أي تذكيركم وقال بن عباس رضي الله عنهما ذي الذكر أَيْ ذِي الشَّرَفِ وَذِي الشَّأْنِ وَالْمَكَانَةِ قَالَ بن كَثِيرٍ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَإِنَّهُ كِتَابٌ شَرِيفٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى التَّذْكِيرِ انْتَهَى وَجَوَابُ هَذَا الْقَسَمِ مَحْذُوفٌ أَيْ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ كُفَّارُ مَكَّةَ مِنْ تَعَدُّدِ الْآلِهَةِ بَلِ الَّذِينَ كفروا في عزة أي حمية وتكبر عن الإيمان وشقاق أي خلاف وعداوة للنبي كم أَيْ كَثِيرًا أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ أَيْ أُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ فَنَادَوْا أَيْ بِالتَّوْحِيدِ حِينَ تَوَلَّتِ الدُّنْيَا عَنْهُمْ وَقِيلَ اسْتَغَاثُوا عِنْدَ نُزُولِ الْعَذَابِ وَحُلُولِ النِّقْمَةِ وَلَاتَ حِينَ مناص أَيْ لَيْسَ الْحِينُ حِينَ فِرَارٍ وَلَاتَ هِيَ لَا الْمُشَبَّهَةُ بِلَيْسَ زِيدَتْ عَلَيْهَا تَاءُ التَّأْنِيثِ كَمَا زِيدَتْ عَلَى رُبَّ وَثُمَّ لِلتَّوْكِيدِ وَتَغَيَّرَ بِذَلِكَ حُكْمُهَا حَيْثُ لَمْ تَدْخُلْ إِلَى عَلَى الْأَحْيَانِ وَلَمْ يَبْرُزْ إِلَّا أَحَدُ مُقْتَضَيَيْهَا إِمَّا الِاسْمُ أَوِ الْخَبَرُ وَامْتَنَعَ بُرُوزُهُمَا جَمِيعًا وَهَذَا مَذْهَبُ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ وَعِنْدَ الْأَخْفَشِ أَنَّهَا لَا النَّافِيَةُ لِلْجِنْسِ زِيدَتْ عَلَيْهَا التَّاءُ وَخُصَّتْ بِنَفْيِ الْأَحْيَانِ وَالْجُمْلَةُ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ نَادَوْا أَيِ اسْتَغَاثُوا وَالْحَالُ أَنْ لَا مَهْرَبَ لَهُمْ وَلَا منجا وعجبوا أن جاءهم منذر منهم أَيْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِهِمْ يُنْذِرُهُمْ وَيُخَوِّفُهُمْ بِالنَّارِ بعد البعث وهو النبي وقال الكافرون فِيهِ وَضَعَ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ هَذَا سَاحِرٌ كذاب أجعل الآلهة إلها واحداأَيْ أَزَعَمَ أَنَّ الْمَعْبُودَ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ حَيْثُ قَالَ لَهُمْ قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ أي عجيب وانطلق الملأ منهم أَيْ مِنْ مَجْلِسِ اجْتِمَاعِهِمْ عِنْدَ أَبِي طَالِبٍ وسماعهم من النبي قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَنِ امْشُوا أَيْ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ امْشُوا وَامْضُوا عَلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ وَلَا تَدْخُلُوا فِي دِينِهِ واصبروا على آلهتكم أَيِ اثْبُتُوا عَلَى عِبَادَتِهَا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يراد أَيْ إِنَّ هَذَا الَّذِي يَدْعُونَا إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ مِنَ التَّوْحِيدِ لَشَيْءٌ يُرِيدُ بِهِ الشَّرَفَ عَلَيْكُمْ والاستعلاء وأن يكون له منكم ابتاع وَلَسْنَا نُجِيبُهُ إِلَيْهِ مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق تَقَدَّمَ تَفْسِيرِهِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ وبن جرير وبن الْمُنْذِرِ .

     قَوْلُهُ  ( وَقَالَ) أَيِ الْأَعْمَشُ ( يَحْيَى بْنُ عُمَارَةَ) يَحْيَى بْنُ عُمَارَةَ هَذَا هُوَ يَحْيَى بن عباد المذكور في الإسناد المتقدم .

     قَوْلُهُ  أَتَانِي اللَّيْلَةَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ الظَّاهِرُ أَنَّ إِتْيَانَهُ تَعَالَى كَانَ فِي الْمَنَامِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الرَّاوِي أَحْسَبُهُ فِي الْمَنَامِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ الْآتِي فَفِيهِ فَنَعَسْتُ فِي صَلَاتِي فَاسْتَثْقَلْتُ فَإِذَا أَنَا بِرَبِّي تَبَارَكَ وتعالى في أحسن صورة قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ إِذَا كَانَ هَذَا فِي الْمَنَامِ فَلَا إِشْكَالَ فِيهِ إِذِ الرَّائِي قَدْ يَرَى غَيْرَ الْمُتَشَكِّلِ مُتَشَكِّلًا وَالْمُتَشَكِّلَ بِغَيْرِ شَكْلِهِ ثُمَّ لَمْ يُعَدَّ ذَلِكَ بِخَلَلٍ فِي الرُّؤْيَا وَلَا فِي خَلَدِ الرَّائِي بَلْ لَهُ أَسْبَابٌ أُخَرُ تُذْكَرُ فِي عِلْمِ الْمَنَامِ أَيِ التَّعْبِيرِ وَلَوْلَا تِلْكَ الْأَسْبَابُ لَمَا افْتَقَرَتْ رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ إِلَى تَعْبِيرٍ وَإِنْ كَانَ فِي الْيَقَظَةِ وَعَلَيْهِ ظَاهِرُ مَا رَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَإِنَّ فِيهِ فَنَعَسْتُ فِي صَلَاتِي حَتَّى اسْتَيْقَظْتُ فَإِذَا أَنَا بِرَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ الْحَدِيثَ فَذَهَبَ السَّلَفُ فِي أَمْثَالِ هَذَا الْحَدِيثِ إِذَا صَحَّ أَنْ يُؤْمَنَ بِظَاهِرِهِ وَلَا يُفَسَّرُ بِمَا يُفَسَّرُ بِهِ صِفَاتُ الْخَلْقِ بَلْ يُنْفَى عَنْهُ الْكَيْفِيَّةُ وَيُوَكَّلُ عِلْمُ بَاطِنِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ يُرِي رَسُولَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ وَرَاءِ أَسْتَارِ الْغَيْبِ بِمَا لَا سَبِيلَ لِعُقُولِنَا إِلَى إِدْرَاكِهِ لَكِنْ تُرْكُ التَّأْوِيلِ فِي هَذَا الزَّمَانِ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ فِي عَقَائِدِ النَّاسِ لِفُشُوِّ اعْتِقَادَاتِ الضَّلَالِ وَإِنْ تَأَوَّلَ بِمَا يُوَافِقُ الشَّرْعَ عَلَى وَجْهِ الِاحْتِمَالِ لَا الْقَطْعِ حَتَّى لَا يُحْمَلَ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ شَرْعًا فَلَهُ وَجْهٌ فَ.

     قَوْلُهُ  فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ رَأَيْتُ رَبِّي حَالَ كَوْنِي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ وَصِفَةٍ مِنْ غَايَةِ إِنْعَامِهِ وَلُطْفِهِ عَلَيَّ أَوْ حَالَ كَوْنِالرَّبِّ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ وَصُورَةُ الشَّيْءِ مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ سَوَاءً كَانَ عَيْنَ ذاته أو جزءه الْمُمَيِّزَ لَهُ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ صِفَتَهُ الْمُمَيِّزَةَ وَكَمَا يُطْلَقُ ذَلِكَ فِي الْجُثَّةِ يُطْلَقُ فِي الْمَعَانِي يُقَالُ فِي صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ كَذَا وَصُورَةِ الْحَالِ كَذَا فَصُورَتُهُ تَعَالَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ ذَاتُهُ الْمَخْصُوصَةُ الْمُنَزَّهَةُ عَنْ مُمَاثَلَةِ مَا عَدَاهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْبَالِغَةِ إِلَى أَقْصَى مَرَاتِبِ الْكَمَالِ أَوْ صِفَتُهُ الْمَخْصُوصَةُ بِهِ أَيْ كَانَ رَبِّي أَحْسَنَ إِكْرَامًا وَلُطْفًا مِنْ وَقْتٍ آخَرَ كَذَا نَقَلَهُ الطِّيبِيُّ وَالتُّورِبِشْتِيُّ انْتَهَى مَا فِي الْمِرْقَاةِ قُلْتُ الظَّاهِرُ الرَّاجِحُ أَنَّهُ كَانَ فِي الْمَنَامِ فَإِنَّ رِوَايَةَ التِّرْمِذِيِّ الْآتِيَةَ أَرْجَحُ مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ قال بن حَجَرٍ الْمَكِّيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ رِوَايَةَ حَتَّى اسْتَيْقَظْتُ تَصْحِيفٌ فَإِنَّ الْمَحْفُوظَ مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ حتى استثقلت انتهى وقال الحافظ بن كَثِيرٍ بَعْدَ نَقْلِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَهُوَ حَدِيثُ الْمَنَامِ الْمَشْهُورُ وَمَنْ جَعَلَهُ يَقَظَةً فَقَدْ غَلِطَ انْتَهَى وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ ذَلِكَ فِي الْيَقَظَةِ فَمَذْهَبُ السَّلَفِ فِي مِثْلِ هَذَا مِنْ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ إِمْرَارُهُ كَمَا جَاءَ مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَشْبِيهٍ وَلَا تَعْطِيلٍ وَالْإِيمَانُ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ لَهُ وَالسُّكُوتُ عَنْهُ وَعَنْ أَمْثَالِهِ مَعَ الِاعْتِقَادِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البصير وَمَذْهَبُ السَّلَفِ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ وَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّأْوِيلِ وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّ تَرْكَ التَّأْوِيلِ فِي هَذَا الزَّمَانِ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ فِي عَقَائِدِ النَّاسِ لِفُشُوِّ اعْتِقَادَاتِ الضَّلَالِ فَمِمَّا لَا الْتِفَاتَ إِلَيْهِ فِيمَ أَيْ فِي أَيْ شَيْءٍ يَخْتَصِمُ أَيْ يَبْحَثُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى أَيِ الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ والملأ هم الأشراف الذين يملأون الْمَجَالِسَ وَالصُّدُورَ عَظَمَةً وَإِجْلَالًا وَوُصِفُوا بِالْأَعْلَى إِمَّا لِعُلُوِّ مَكَانِهِمْ وَإِمَّا لِعُلُوِّ مَكَانَتِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَاخْتِصَامُهُمْ إِمَّا عِبَارَةٌ عَنْ تَبَادُرِهِمْ إِلَى إِثْبَاتِ تِلْكَ الْأَعْمَالِ وَالصُّعُودِ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ وَإِمَّا عَنْ تَقَاوُلِهِمْ فِي فَضْلِهَا وَشَرَفِهَا وَإِمَّا عَنِ اغْتِبَاطِهِمُ النَّاسَ بِتِلْكَ الْفَضَائِلِ لِاخْتِصَاصِهِمْ بِهَا وَتَفَضُّلِهِمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ بِسَبَبِهَا مَعَ تَهَافُتِهِمْ فِي الشَّهَوَاتِ وَإِنَّمَا سَمَّاهُ مُخَاصَمَةً لِأَنَّهُ وَرَدَ مَوْرِدَ سُؤَالٍ وَجَوَابٍ وَذَلِكَ يُشْبِهُ الْمُخَاصَمَةَ وَالْمُنَاظَرَةَ فَلِهَذَا السَّبَبِ حَسُنَ إِطْلَاقُ لَفْظِ الْمُخَاصَمَةِ عَلَيْهِ ( قَالَ) أي النبي فَوَضَعَ أَيْ رَبِّي يَدَهُ أَيْ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ تَخْصِيصِهِ إِيَّاهُ بِمَزِيدِ الْفَضْلِ عَلَيْهِ وَإِيصَالِ الْفَيْضِ إِلَيْهِ فَإِنَّ مِنْ شَأْنِ الْمُتَلَطِّفِ بِمَنْ يَحْنُو عَلَيْهِ أَنْ يَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ تَنْبِيهًا عَلَى أنه يريد بذلك تكريمه وتأييده قاله القارىء.

قُلْتُ قَدْ عَرَفْتَ مَذْهَبَ السَّلَفِ فِي مِثْلِ هَذَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ بِالتَّثْنِيَةِ وَالْإِضَافَةِ إِلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ أَيْ قَلْبِي أَوْ صَدْرِي ( أَوْ قَالَ فِي نَحْرِي) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي نعم الْكَفَّارَاتِ أَيْ يَخْتَصِمُونَ فِيحَاتِمٍ وَفِي سَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ كَلَامٌ مَعْرُوفٌ وَسَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ ضَعِيفٌ كَمَا عَرَفْتَ

رقم الحديث 3234 [3234] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنِي أَبِي) هُوَ هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّسْتَوَائِيُّ ( عَنْ خَالِدِ بْنِ اللَّجْلَاجِ) الْعَامِرِيِّ وَيُقَالُ مَوْلَى بَنِي زُهْرَةَ كُنْيَتُهُ أَبُو إِبْرَاهِيمَ الْحِمْصِيُّ وَيُقَالُ الدِّمَشْقِيُّ صَدُوقٌ فَقِيهٌ مِنَ الثانية قولهفَقُلْتُ لَبَّيْكَ مِنَ التَّلْبِيَةِ وَهِيَ إِجَابَةُ الْمُنَادِي أَيْ إِجَابَتِي لَكَ يَا رَبِّ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ لَبَّ بِالْمَكَانِ وَأَلَبَّ إِذَا أَقَامَ بِهِ وَأَلَبَّ عَلَى كَذَا لَمْ يُفَارِقْهُ وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ إِلَّا عَلَى لَفْظِ التَّثْنِيَةِ فِي مَعْنَى التَّكْرِيرِ أَيْ إِجَابَةً بَعْدَ إِجَابَةٍ وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ بِعَامِلٍ لَا يَظْهَرُ كَأَنَّكَ قُلْتَ أُلِبُّ إِلْبَابًا بَعْدَ إِلْبَابٍ وَالتَّلْبِيَةُ مِنْ لَبَّيْكَ كَالتَّهْلِيلِ مِنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبِّي بِحَذْفِ حَرْفِ النِّدَاءِ وَسَعْدَيْكَ أَيْ سَاعَدْتُ طَاعَتَكَ مُسَاعَدَةً بعد مساعدة وإسعادا بعد إسعاد ولهذا حدثني وَهُوَ مِنَ الْمَصَادِرِ الْمَنْصُوبَةِ بِفِعْلٍ لَا يَظْهَرُ فِي الِاسْتِعْمَالِ قَالَ الْجَرْمِيُّ لَمْ يُسْمَعْ سَعْدَيْكَ مُفْرَدًا رَبِّ بِحَذْفِ حَرْفِ النِّدَاءِ وَيَاءِ الْإِضَافَةِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِشٍ) أَمَّا حَدِيثُ مُعَاذٍ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ هَذَا.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِشٍ فَأَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ وَالْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ

رقم الحديث 3235 [3235] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ إِلَخْ) لَمْ يَقَعْ هَذَا الْحَدِيثُ فِي بَعْضِ نُسَخِ التِّرْمِذِيِّ ( حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هَانِئٍ أَبُو هَانِئٍ السُّكَّرِيُّ) الْقَيْسِيُّ وَيُقَالُ الْعَيْشِيُّ وَيُقَالُ الْيَشْكُرِيُّ وَيُقَالُ الْبَهْرَانِيُّ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ الْعَاشِرَةِ ( حَدَّثَنَا جَهْضَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) بْنِ أَبِي الطُّفَيْلِ الْقَيْسِيُّ مَوْلَاهُمُ الْيَمَانِيُّ وَأَصْلُهُ مِنْ خُرَاسَانَ صَدُوقٌ يُكْثِرُ عَنِ الْمَجَاهِيلِ مِنَ الثَّامِنَةِ ( عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ) بْنِ أَبِي سَلَّامٍ مَمْطُورٍالْحَبَشِيِّ ( عَنْ أَبِي سَلَّامٍ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ اسْمُهُ مَمْطُورٌ الْأَسْوَدُ الْحَبَشِيُّ ( عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عائش) بتحتانية ومعجمة ( الحضرمي) أو لسكسكي يُقَالُ لَهُ صُحْبَةٌ.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِمٍ مَنْ قال في روايته سمعت النبي فَقَدْ أَخْطَأَ .

     قَوْلُهُ  ( احْتَبَسَ) بِصِيغَةِ الْمَعْلُومِ وَرُوِيَ مَجْهُولًا ( ذَاتَ غَدَاةٍ) لَفْظُ ذَاتَ مُقْحَمَةٌ أَيْ غَدَاةً ( مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ) كَذَا فِي النُّسَخِ الْمَوْجُودَةِ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَفِي الْمِشْكَاةِ عَنْ صلاة الصبح بلفظ عن قال القارىء بَدَلُ اشْتِمَالٍ بِإِعَادَةِ الْجَارِّ ( حَتَّى كِدْنَا) أَيْ قَارَبْنَا ( نَتَرَاءَى) أَيْ نَرَى وَعَدَلَ عَنْهُ إِلَى ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ كَثْرَةِ الِاعْتِنَاءِ بِالْفِعْلِ وَسَبَبُ تِلْكَ الْكَثْرَةِ خَوْفُ طُلُوعِهَا الْمُفَوِّتِ لِأَدَاءِ الصُّبْحِ ( خَرَجَ سَرِيعًا) أَيْ مُسْرِعًا أَوْ خُرُوجًا سَرِيعًا ( فَثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ) مِنَ التَّثْوِيبِ أَيْ أُقِيمَ بِهَا ( وَتَجَوَّزَ فِي صَلَاتِهِ) أَيْ خَفَّفَ فِيهَا وَاقْتَصَرَ عَلَى خِلَافِ عَادَتِهِ ( دَعَا) أَيْ نَادَى عَلَى مَصَافِّكُمْ أَيِ اثْبُتُوا عَلَيْهَا جَمْعُ مَصَفٍّ وَهُوَ مَوْضِعُ الصَّفِّ كَمَا أَنْتُمْ أَيْ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ أَوْ ثُبُوتًا مِثْلَ الثُّبُوتِ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ قَبْلَ النِّدَاءِ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ وَتَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ ( ثُمَّ انْفَتَلَ إِلَيْنَا) أَيْ تَوَجَّهَ إِلَيْنَا وَأَقْبَلَ عَلَيْنَا أَمَا بِالتَّخْفِيفِ لِلتَّنْبِيهِ مَا حَبَسَنِي مَا مَوْصُولَةٌ فَنَعَسْتُ مِنَ النُّعَاسِ وَهُوَ النَّوْمُ الْخَفِيفُ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَفَتَحَ فَاسْتَثْقَلْتُ بِصِيغَةِ الْمَعْلُومِ أَوِ الْمَجْهُولِ أَيْ غَلَبَ عَلَيَّ النُّعَاسُ ( فَإِذَا) لِلْمُفَاجَأَةِ قَالَهَا ثَلَاثًا أَيْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْمَقُولَةَ ثَلَاثًا فَتَجَلَّى لِي أَيْ ظَهَرَ وَانْكَشَفَ لِيوَأَسَأَلُكَ حُبَّكَ قَالَ الطِّيبِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَسْأَلُكَ حُبَّكَ إِيَّايَ أَوْ حُبِّي إِيَّاكَ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ .

     قَوْلُهُ  وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ إِنَّهَا أَيْ هَذِهِ الرُّؤْيَا حَقٌّ إِذْ رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ فَادْرُسُوهَا أَيْ فَاحْفَظُوا أَلْفَاظَهَا الَّتِي ذَكَرْتُهَا لَكُمْ فِي ضِمْنِهَا أَوْ أَنَّ هَذِهِ الروايات حق فادرسوها أي اقرأوها ثُمَّ تَعَلَّمُوهَا أَيْ مَعَانِيَهَا الدَّالَّةَ هِيَ عَلَيْهَا قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ لِتَعَلَّمُوهَا فَحَذَفَ اللَّامَ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ وَمُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وبن مَرْدَوَيْهِ .

     قَوْلُهُ  ( وَهَذَا غَيْرُ مَحْفُوظٍ) أَيْ كَوْنُهُ من مسند عبد الرحمن بن عايش غَيْرَ مَحْفُوظٍ وَالْمَحْفُوظُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عايش عَنْ مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ( وَرَوَى بِشْرُ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ ( بْنُ بَكْرٍ) التِّنِّيسِيُّ الْبَجْلِيُّ دِمَشْقِيُّ الْأَصْلِ ثِقَةٌ يُغْرِبُ مِنَ التَّاسِعَةِ ( عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عائش عن النبي) أَيْ بِغَيْرِ لَفْظِ سَمِعْتُ ( وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عايش لم يسمع من النبي) قَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَتِهِ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي الْقَاسِمِ الْبَغَوِيِّ فِي إِسْنَادِ حَدِيثِهِ للتصريح بسماعه من النبي ولكن قال بن خُزَيْمَةَ قَوْلُ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِشٍ سَمِعْتُ النبي وَهْمٌ لِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ النبي تنبيه إعلم أن الترمذي أورد حديث بن عباس وحديث معاذ بن جبل المذكورين ها هنا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى مَا كَانَ لِيَ من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون لَكِنَّ الِاخْتِصَامَ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ غَيْرُ الاختصام المذكور في الحديثين المذكورين قال بن كَثِيرٍ وَلَيْسَ هَذَا الِاخْتِصَامُ ( يَعْنِي الْمَذْكُورَ فِي حديث معاذ بن جبل وحديث بن عَبَّاسٍ) هُوَ الِاخْتِصَامَ الْمَذْكُورَ فِي الْقُرْآنِ فَإِنَّ هَذَا قَدْ فُسِّرَ.
وَأَمَّا الِاخْتِصَامُ الَّذِي فِي الْقُرْآنِ فَقَدْ فُسِّرَ بَعْدَ هَذَا وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى ( إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بشرا من طين) إلخ - ( باب ومن سُورَةُ الزُّمَرِ) مَكِّيَّةٌ إِلَّا قُلْ يَا عِبَادِيَ الذين أسرفوا علىأنفسهم الْآيَةَ فَمَدَنِيَّةٌ وَهِيَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ آيَةً

رقم الحديث 3236 [3236] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ) كُنْيَتُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ أَوْ أَبُو بَكْرٍ الْمَدَنِيُّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ فِيمَا بَيْنَكُمْ مِنَ الْمَظَالِمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عند ربكم تختصمون قبله إنك ميت وإنهم ميتون قال الحافظ بن كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ إِنَّكُمْ سَتُنْقَلُونَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ لَا مَحَالَةَ وَسَتَجْتَمِعُونَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ وَتَخْتَصِمُونَ فِيمَا أَنْتُمْ فِيهِ فِي الدُّنْيَا مِنَ التَّوْحِيدِ وَالشِّرْكِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَيَفْتَحُ بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ فَيُنَجِّي الْمُؤْمِنِينَ الْمُخْلِصِينَ الْمُوَحِّدِينَ وَيُعَذِّبُ الْكَافِرِينَ الْجَاحِدِينَ الْمُشْرِكِينَ الْمُكَذِّبِينَ ثُمَّ إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ وَإِنْ كَانَ سِيَاقُهَا فِي الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ وَذِكْرِ الْخُصُومَةِ بَيْنَهُمْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ فَإِنَّهَا شَامِلَةٌ لِكُلِّ مُتَنَازِعَيْنِ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ تُعَادُ عَلَيْهِمُ الْخُصُومَةُ فِي الدار الاخرة قلت الأمر كما قال بن كَثِيرٍ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ الزُّبَيْرِ هَذَا وَأَحَادِيثُ أُخْرَى ذكرها بن كَثِيرٍ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَقِيلَ يَعْنِي الْمُحِقَّ وَالْمُبْطِلَ وَقِيلَ تُخَاصِمُهُمْ يَا مُحَمَّدُ وَتَحْتَجُّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَهُمْ وَأَنْذَرْتَهُمْ وَهُمْ يُخَاصِمُونَكَ أَوْ يُخَاصِمُ الْمُؤْمِنُ الْكَافِرَ وَالظَّالِمُ الْمَظْلُومَ ( أَتُكَرَّرُ) بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ الْمَجْهُولِ مِنَ التَّكْرِيرِ ( عَلَيْنَا الْخُصُومَةُ) أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّنَا .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وبن ماجه وبن أبي حاتم

رقم الحديث 3237 [3237] قوله ( عن ثابت) هو بن أسلم البنانييا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم أَيْ أَفْرَطُوا عَلَيْهَا وَتَجَاوَزُوا الْحَدَّ فِي كُلِّ فعل مذموم لا تقنطوا بِفَتْحِ النُّونِ وَبِكَسْرِهَا أَيْ لَا تَيْأَسُوا مِنْ رحمة الله أَيْ مِنْ مَغْفِرَتِهِ إِنَّ اللَّهُ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جميعا قال الحافظ بن كَثِيرٍ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ دَعْوَةٌ لِجَمِيعِ الْعُصَاةِ مِنَ الْكَفَرَةِ وَغَيْرِهِمْ إِلَى التَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ وَإِخْبَارٌ بِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا لِمَنْ تَابَ مِنْهَا وَرَجَعَ عَنْهَا وَإِنْ كَانَتْ مَهْمَا كَانَتْ وَإِنْ كَثُرَتْ وَكَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ هَذِهِ عَلَى غَيْرِ تَوْبَةٍ لِأَنَّ الشِّرْكَ لَا يُغْفَرُ لِمَنْ لَمْ يتب منه ثم ذكر حديث بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا وَزَنَوْا وأكثروا فأتوا محمدا فقالوا إن الذي تقول وتدعو إليه محسن لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً فَنَزَلَ والذين لا يدعون مع الله إلها وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بالحق ولا يزنون وَنَزَلَ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تقنطوا من رحمة الله أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ أَحَادِيثَ أُخْرَى مَا لَفْظُهُ فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَغْفِرُ جَمِيعَ ذَلِكَ مَعَ التَّوْبَةِ وَلَا يَقْنَطَنَّ عَبْدٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَإِنْ عَظُمَتْ ذُنُوبُهُ وَكَثُرَتْ فَإِنَّ بَابَ الرَّحْمَةِ وَالتَّوْبَةِ وَاسِعٌ انْتَهَى وَقَالَ صَاحِبُ فَتْحِ الْبَيَانِ نَقْلًا عَنِ الْقَاضِي الشَّوْكَانِيِّ وَالْحَقُّ أَنَّ الْآيَةَ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِالتَّوْبَةِ بَلْ هِيَ عَلَى إِطْلَاقِهَا قَالَ وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يشاء هُوَ أَنَّ كُلَّ ذَنْبٍ كَائِنًا مَا كَانَ ما عدا الشِّرْكَ بِاللَّهِ مَغْفُورٌ لِمَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ إِخْبَارَهُ لَنَا بِأَنَّهُ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَشَاءُ غُفْرَانَهَا جَمِيعًا وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ يَشَاءُ الْمَغْفِرَةَ لِكُلِّ الْمُذْنِبِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يَبْقَ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ تَعَارُضٌ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ انْتَهَى قُلْتُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَمَا قال بن كَثِيرٍ هُوَ الظَّاهِرُ عِنْدِي وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَلَا يُبَالِي أَيْ مِنْ أَحَدٍ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى اللَّهِ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا وَلَا يُبَالِي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَالظَّاهِرُ مِنْ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَا يُبَالِي كَانَ مِنَ الْقُرْآنِ وَلِذَا قَالَ صَاحِبُ الْمَدَارِكِ تَحْتَ هَذِهِ الْآيَةِ وَفِي قِرَاءَةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ولا يبالي وقال القارىء وَهُوَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْآيَةِ فَنُسِخَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ زِيَادَةً مِنْ عِنْدِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَالتَّفْسِيرِ لِلْآيَةِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌحسن غريب) وأخرجه أحمد وبن الْمُنْذِرِ وَالْحَاكِمُ ( لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ ثَابِتٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ) وَشَهْرٌ هَذَا صَدُوقٌ كَثِيرُ الْإِرْسَالِ وَالْأَوْهَامِ .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ إِبْرَاهِيمَ) هُوَ النَّخَعِيُّ ( عَنْ عَبِيدَةَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الموحدة بن عمر والسلواني ( عن عبد الله) هو بن مَسْعُودٍ .

     قَوْلُهُ  ( جَاءَ يَهُودِيٌّ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ جَاءَ حَبْرٌ ( إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ) أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا فِي رِوَايَةٍ ( وَالْخَلَائِقَ) أَيْ مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ وَفِي رِوَايَةٍ وَسَائِرَ الْخَلْقِ ( حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ) جَمْعُ نَاجِذٍ بِنُونٍ وَجِيمٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَهُوَ مَا يَظْهَرُ عِنْدَ الضَّحِكِ مِنَ الْأَسْنَانِ وَقِيلَ هِيَ الْأَنْيَابُ وَقِيلَ الْأَضْرَاسُ وَقِيلَ الدَّوَاخِلُ مِنَ الْأَضْرَاسِ الَّتِي فِي أَقْصَى الْحَلْقِ وَفِي الرِّوَايَةِ الاتية فضحك النبي تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَضَحِكَ رَسُولُ الله تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا لَهُ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ تَعَجُّبًا مِمَّا قَالَ الْحَبْرُ تَصْدِيقًا لَهُ وَفِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ عِنْدَهُ وَتَصْدِيقًا لَهُ بِزِيَادَةِ وَاوٍ قَالَ النووي ظاهر الحديث أن النبي صَدَّقَ الْحَبْرَ فِي قَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقْبِضُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرِضِينَ وَالْمَخْلُوقَاتِ بِالْأَصَابِعِ ثُمَّ قَرَأَ الْآيَةَ الَّتِي فِيهَا الْإِشَارَةُ إِلَى نَحْوِ مَا يَقُولُ قَالَ الْقَاضِي.

     وَقَالَ  بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ لَيْسَ ضحكة وَتَعَجُّبُهُ وَتِلَاوَتُهُ الْآيَةَ تَصْدِيقًا لِلْحَبْرِ بَلْ هُوَ رَدٌّ لِقَوْلِهِ وَإِنْكَارٌ وَتَعَجُّبٌ مِنْ سُوءِ اعْتِقَادِهِ فَإِنَّ مَذْهَبَ الْيَهُودِ التَّجْسِيمُ فَفُهِمَ مِنْهُ ذَلِكَ وَقَولُهُ تَصْدِيقًا لَهُ إِنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي عَلَى مَا فَهِمَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ انْتَهَى وَقَالَ التَّمِيمِيُّ تَكَلَّفَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ وَأَتَى فِي مَعْنَاهُ مَا لَمْ يَأْتِ بِهِ السَّلَفُ وَالصَّحَابَةُ كَانُوا أَعْلَمَ بِمَا رَوَوْهُ وَقَالُوا إِنَّهُ ضَحِكَ تَصْدِيقًا لَهُ وَثَبَتَ فِي السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَهُوَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أصابع الرحمن انتهى وقد اشتد إنكار بن خُزَيْمَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى أَنَّ الضَّحِكَ الْمَذْكُورَ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ أَوْرَدَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ مِنْ صَحِيحِهِ بِطَرِيقِهِ قَدْ أَجَلَّ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ عَنْ أَنْ يُوصَفَ رَبُّهُ بِحَضْرَتِهِ بِمَا لَيْسَ هُوَ مِنْ صِفَاتِهِ فَيَجْعَلُ بَدَلَ الْإِنْكَارِ وَالْغَضَبِ عَلَى الْوَاصِفِ ضَحِكًا بَلْ لَا يُوَصِّفُ النَّبِيَّ بِهَذَا الْوَصْفِ مَنْ يُؤْمِنُ بِنُبُوَّتِهِ انْتَهَى قُلْتُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ الضَّحِكَ الْمَذْكُورَ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ لَا شَكَّ عِنْدِي أَنَّهُ يستأهليا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم أَيْ أَفْرَطُوا عَلَيْهَا وَتَجَاوَزُوا الْحَدَّ فِي كُلِّ فعل مذموم لا تقنطوا بِفَتْحِ النُّونِ وَبِكَسْرِهَا أَيْ لَا تَيْأَسُوا مِنْ رحمة الله أَيْ مِنْ مَغْفِرَتِهِ إِنَّ اللَّهُ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جميعا قال الحافظ بن كَثِيرٍ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ دَعْوَةٌ لِجَمِيعِ الْعُصَاةِ مِنَ الْكَفَرَةِ وَغَيْرِهِمْ إِلَى التَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ وَإِخْبَارٌ بِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا لِمَنْ تَابَ مِنْهَا وَرَجَعَ عَنْهَا وَإِنْ كَانَتْ مَهْمَا كَانَتْ وَإِنْ كَثُرَتْ وَكَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ هَذِهِ عَلَى غَيْرِ تَوْبَةٍ لِأَنَّ الشِّرْكَ لَا يُغْفَرُ لِمَنْ لَمْ يتب منه ثم ذكر حديث بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا وَزَنَوْا وأكثروا فأتوا محمدا فقالوا إن الذي تقول وتدعو إليه محسن لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً فَنَزَلَ والذين لا يدعون مع الله إلها وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بالحق ولا يزنون وَنَزَلَ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تقنطوا من رحمة الله أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ أَحَادِيثَ أُخْرَى مَا لَفْظُهُ فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَغْفِرُ جَمِيعَ ذَلِكَ مَعَ التَّوْبَةِ وَلَا يَقْنَطَنَّ عَبْدٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَإِنْ عَظُمَتْ ذُنُوبُهُ وَكَثُرَتْ فَإِنَّ بَابَ الرَّحْمَةِ وَالتَّوْبَةِ وَاسِعٌ انْتَهَى وَقَالَ صَاحِبُ فَتْحِ الْبَيَانِ نَقْلًا عَنِ الْقَاضِي الشَّوْكَانِيِّ وَالْحَقُّ أَنَّ الْآيَةَ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِالتَّوْبَةِ بَلْ هِيَ عَلَى إِطْلَاقِهَا قَالَ وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يشاء هُوَ أَنَّ كُلَّ ذَنْبٍ كَائِنًا مَا كَانَ ما عدا الشِّرْكَ بِاللَّهِ مَغْفُورٌ لِمَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ إِخْبَارَهُ لَنَا بِأَنَّهُ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَشَاءُ غُفْرَانَهَا جَمِيعًا وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ يَشَاءُ الْمَغْفِرَةَ لِكُلِّ الْمُذْنِبِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يَبْقَ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ تَعَارُضٌ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ انْتَهَى قُلْتُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَمَا قال بن كَثِيرٍ هُوَ الظَّاهِرُ عِنْدِي وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَلَا يُبَالِي أَيْ مِنْ أَحَدٍ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى اللَّهِ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا وَلَا يُبَالِي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَالظَّاهِرُ مِنْ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَا يُبَالِي كَانَ مِنَ الْقُرْآنِ وَلِذَا قَالَ صَاحِبُ الْمَدَارِكِ تَحْتَ هَذِهِ الْآيَةِ وَفِي قِرَاءَةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ولا يبالي وقال القارىء وَهُوَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْآيَةِ فَنُسِخَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ زِيَادَةً مِنْ عِنْدِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَالتَّفْسِيرِ لِلْآيَةِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌحسن غريب) وأخرجه أحمد وبن الْمُنْذِرِ وَالْحَاكِمُ ( لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ ثَابِتٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ) وَشَهْرٌ هَذَا صَدُوقٌ كَثِيرُ الْإِرْسَالِ وَالْأَوْهَامِ .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ إِبْرَاهِيمَ) هُوَ النَّخَعِيُّ ( عَنْ عَبِيدَةَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الموحدة بن عمر والسلواني ( عن عبد الله) هو بن مَسْعُودٍ .

     قَوْلُهُ  ( جَاءَ يَهُودِيٌّ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ جَاءَ حَبْرٌ ( إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ) أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا فِي رِوَايَةٍ ( وَالْخَلَائِقَ) أَيْ مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ وَفِي رِوَايَةٍ وَسَائِرَ الْخَلْقِ ( حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ) جَمْعُ نَاجِذٍ بِنُونٍ وَجِيمٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَهُوَ مَا يَظْهَرُ عِنْدَ الضَّحِكِ مِنَ الْأَسْنَانِ وَقِيلَ هِيَ الْأَنْيَابُ وَقِيلَ الْأَضْرَاسُ وَقِيلَ الدَّوَاخِلُ مِنَ الْأَضْرَاسِ الَّتِي فِي أَقْصَى الْحَلْقِ وَفِي الرِّوَايَةِ الاتية فضحك النبي تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَضَحِكَ رَسُولُ الله تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا لَهُ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ تَعَجُّبًا مِمَّا قَالَ الْحَبْرُ تَصْدِيقًا لَهُ وَفِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ عِنْدَهُ وَتَصْدِيقًا لَهُ بِزِيَادَةِ وَاوٍ قَالَ النووي ظاهر الحديث أن النبي صَدَّقَ الْحَبْرَ فِي قَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقْبِضُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرِضِينَ وَالْمَخْلُوقَاتِ بِالْأَصَابِعِ ثُمَّ قَرَأَ الْآيَةَ الَّتِي فِيهَا الْإِشَارَةُ إِلَى نَحْوِ مَا يَقُولُ قَالَ الْقَاضِي.

     وَقَالَ  بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ لَيْسَ ضحكة وَتَعَجُّبُهُ وَتِلَاوَتُهُ الْآيَةَ تَصْدِيقًا لِلْحَبْرِ بَلْ هُوَ رَدٌّ لِقَوْلِهِ وَإِنْكَارٌ وَتَعَجُّبٌ مِنْ سُوءِ اعْتِقَادِهِ فَإِنَّ مَذْهَبَ الْيَهُودِ التَّجْسِيمُ فَفُهِمَ مِنْهُ ذَلِكَ وَقَولُهُ تَصْدِيقًا لَهُ إِنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي عَلَى مَا فَهِمَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ انْتَهَى وَقَالَ التَّمِيمِيُّ تَكَلَّفَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ وَأَتَى فِي مَعْنَاهُ مَا لَمْ يَأْتِ بِهِ السَّلَفُ وَالصَّحَابَةُ كَانُوا أَعْلَمَ بِمَا رَوَوْهُ وَقَالُوا إِنَّهُ ضَحِكَ تَصْدِيقًا لَهُ وَثَبَتَ فِي السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَهُوَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أصابع الرحمن انتهى وقد اشتد إنكار بن خُزَيْمَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى أَنَّ الضَّحِكَ الْمَذْكُورَ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ أَوْرَدَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ مِنْ صَحِيحِهِ بِطَرِيقِهِ قَدْ أَجَلَّ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ عَنْ أَنْ يُوصَفَ رَبُّهُ بِحَضْرَتِهِ بِمَا لَيْسَ هُوَ مِنْ صِفَاتِهِ فَيَجْعَلُ بَدَلَ الْإِنْكَارِ وَالْغَضَبِ عَلَى الْوَاصِفِ ضَحِكًا بَلْ لَا يُوَصِّفُ النَّبِيَّ بِهَذَا الْوَصْفِ مَنْ يُؤْمِنُ بِنُبُوَّتِهِ انْتَهَى قُلْتُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ الضَّحِكَ الْمَذْكُورَ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ لَا شَكَّ عِنْدِي أَنَّهُ يستأهلأنفسهم الْآيَةَ فَمَدَنِيَّةٌ وَهِيَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ آيَةً

رقم الحديث 3240 [324] .

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ) بْنِ الْحَجَّاجِ الْأَسَدِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ الْأَصَمُّ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ الْعَاشِرَةِ أَخْبَرَنَا ( أَبُو كُدَيْنَةَ) بِكَافٍ وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ وَنُونٍ مُصَغَّرًا اسْمُهُ يَحْيَى بْنُ الْمُهَلَّبِ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ صَدُوقٌ مِنَ السَّابِعَةِ ( عَنْ أَبِي الضُّحَى) اسْمُهُ مُسْلِمُ بْنُ صُبَيْحٍ بِالتَّصْغِيرِ .

     قَوْلُهُ  ( إِذَا وَضَعَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ عَلَى ذِهْ) وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ يَوْمَ يَجْعَلُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى السَّمَاءَ عَلَى ذِهْ وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ ( وَأَشَارَ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ أَبُو جَعْفَرٍ بِخِنْصَرِهِ أَوَّلًا ثُمَّ تَابَعَ حَتَّى بَلَغَ الْإِبْهَامَ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ نَقْلِ رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ مَا لَفْظُهُ وَوَقَعَ فِي مُرْسَلِ مَسْرُوقٍ عِنْدَ الْهَرَوِيِّ مَرْفُوعًاالْهَمْزَةِ أَيْ قَائِلًا إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا بِفَتْحِ الْيَاءِ أَيْ أَنْ تَكُونُوا أَحْيَاءً دَائِمًا أَنْ تَصِحُّوا بِكَسْرِ الصَّادِ وَتَشْدِيدِ الْحَاءِ أَيْ تَكُونُوا صَحِيحِي الْبَدَنِ دَائِمًا فَلَا تَسْقَمُوا مِنْ بَابِ سَمِعَ أَيْ لَا تَمْرَضُوا أَنْ تَشِبُّوا بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ تَدُومُوا شَبَابًا فَلَا تَهْرَمُوا مِنْ بَابِ سَمِعَ أَيْ لَا تَشِيبُوا أَنْ تَنْعَمُوا بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَيْ يدوم لكم النعيم فلا تبأسوا سكون الْمُوَحَّدَةِ فَالْهَمْزَةِ الْمَفْتُوحَةِ أَيْ لَا يُصِيبَكُمْ بَأْسٌ وَهُوَ شِدَّةُ الْحَالِ وَالْبَأْسُ وَالْبُؤْسُ وَالْبَأْسَاءُ وَالْبُؤْسَى بِمَعْنًى قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ بَئِسَ كَسَمِعَ اشْتَدَّتْ حَاجَتُهُ وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بما كنتم تعملون وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ التي أورثتموها بما كنتم تعملون الْآيَةُ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ.
وَأَمَّا الْآيَةُ الَّتِي فِي الْكِتَابِ فَهِيَ فِي سُورَةِ الزُّخْرُفِ وَكَانَ للترمذي أو يُورِدَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَعْرَافِ أَوْ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الزُّخْرُفِ وَهَذَا الْحَدِيثُ أخرجه أيضا مسلم في صحيحه مرفوعا

رقم الحديث 3241 [3241] .

     قَوْلُهُ  (عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدِ) بْنِ الضُّرَيْسِ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ مُصَغَّرًا الْأَسَدِيِّ أَبِي بَكْرٍ الْكُوفِيِّ قَاضِي الرَّيِّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّامِنَةِ .

     قَوْلُهُ  وَالْأَرْضُ جميعا حال أي السبع قبضته أَيْ مَقْبُوضَتُهُ وَفِي مُلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كيف يشاء يوم القيامة والسماوات مطويات أَيْ مَجْمُوعَاتٌ بِيَمِينِهِ وَبَعْدَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يشركون أَيْ بِنِسْبَةِ الْوَلَدِ وَالشَّرِيكِ إِلَيْهِ (قَالَ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ) وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ طَرِيقِ مَسْرُوقٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ هَذِهِ الْآيَةَ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الأرض قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ قَالَ عَلَى الصِّرَاطِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ ثَوْبَانَ عِنْدَ مُسْلِمٍ يَكُونُونَ فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ هُنَاكَ وَجْهُ الْجَمْعِ (وَفِي الْحَدِيثِنَحْوُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ .

     قَوْلُهُ  (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ (عَنِ الْحَسَنِ بْنِ شُجَاعِ) بْنِ رَجَاءٍ الْبَلْخِيِّ كُنْيَتُهُ أَبُو عَلِيٍّ أَحَدُ الْحُفَّاظِ مِنَ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ

رقم الحديث 3243 [3243] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ مطرف) هو بن طريف قوله ( قال رسول الله كَيْفَ أَنْعَمُ) أَيْ أَفْرَحُ وَأَتَنَعَّمُ وَحَنَى جَبْهَتَهُ أَيْ أَمَالَهَا وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْمُبَالَغَةِ فِي التَّوَجُّهِ لِإِصْغَاءِ السَّمْعِ وَإِلْقَاءِ الْأُذُنِ وَأَصْغَى سَمْعَهُ أَيْ أَمَالَ أُذُنَهُ لِيَسْمَعَ أَمْرَ اللَّهِ وَإِذْنَهُ بِالنَّفْخِ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ مَعَ شَرْحِهِ فِي بَابِ الصُّورِ مِنْ أَبْوَابِ صِفَةِ الْقِيَامَةِ