فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في الصلاة على الخمرة

رقم الحديث 1724 [1724] .

     قَوْلُهُ  ( مَا رَأَيْتُ مِنْ ذِي لِمَّةٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ الْجُمَّةُ مِنْ شَعْرِ الرَّأْسِ مَا سَقَطَ عَلَى الْمَنْكِبَيْنِ وَاللِّمَّةُ مِنْ شَعْرِ الرَّأْسِ دُونَ الْجُمَّةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا أَلَمَّتْ بِالْمَنْكِبَيْنِ وَالْوَفْرَةُ مِنْ شَعْرِ الرَّأْسِ إِذَا وَصَلَ إِلَى شَحْمَةِ الْأُذُنِ ( فِي حُلَّةٍ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْحُلَّةُ بِالضَّمِّ إِزَارٌ وَرِدَاءٌ بُرْدٌ أَوْ غَيْرُهُ وَلَا يَكُونُ حُلَّةً إِلَّا مِنْ ثَوْبَيْنِ أَوْ ثَوْبٍ لَهُ بِطَانَةٌ انْتَهَى وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْحُلَّةُ هِيَ ثَوْبَانِ إِزَارٌ وَرِدَاءٌ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ لَا تَكُونُ إِلَّا ثَوْبَيْنِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَحِلُّ عَلَى الْآخَرِ وَقِيلَ لَا تَكُونُ الْحُلَّةُ إِلَّا الثَّوْبَ الْجَدِيدَ الَّذِي يُحَلُّ مِنْ طَيِّهِ ( حَمْرَاءَ) قال بن الْهُمَامِ الْحُلَّةُ الْحَمْرَاءُ عِبَارَةٌ عَنْ ثَوْبَيْنِ مِنَ الْيَمَنِ فِيهَا خُطُوطٌ حُمْرٌ وَخُضْرٌ لَا أَنَّهُ أحمر بحت وقال بن الْقَيِّمِ غَلِطَ مَنْ ظَنَّ أَنَّهَا كَانَتْ حَمْرَاءَ بَحْتًا لَا يُخَالِطُهَا غَيْرُهَا وَإِنَّمَا الْحُلَّةَ الْحَمْرَاءَ بُرْدَانِ يَمَانِيَّانِ مَنْسُوجَانِ بِخُطُوطٍ حُمْرٍ مَعَ الْأَسْوَدِ كَسَائِرِ الْبُرُودِ الْيَمَانِيَّةِ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ بِهَذَا الِاسْمِ بِاعْتِبَارِ مَا فِيهَا مِنَ الْخُطُوطِ وَإِنَّمَا وَقَعَتْ شُبْهَةٌ مِنْ لَفْظِ الْحُلَّةِ الْحَمْرَاءِ انْتَهَى قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَلَا يَخْفَاكَ أَنَّ الصَّحَابِيَّ قَدْ وَصَفَهَا بِأَنَّهَا حَمْرَاءُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ وَالْوَاجِبُ الْحَمْلُ عَلَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ الْحَمْرَاءُ الْبَحْتُ وَالْمَصِيرُ إِلَى الْمَجَازِ أَعْنِي كَوْنَ بَعْضِهَا أَحْمَرَ دُونَ بَعْضٍ لَا يُحْمَلُ ذَلِكَ الْوَصْفُ عَلَيْهِ إِلَّا لِمُوجَبٍ فَإِنْ أَرَادَ يعني بن الْقَيِّمِ أَنَّ ذَلِكَ مَعْنَى الْحُلَّةِ الْحَمْرَاءِ لُغَةً فَلَيْسَ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ مَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ ذَلِكَ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ فِيهَا فَالْحَقَائِقُ الشَّرْعِيَّةُ لَا تَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى وَالْوَاجِبُ حَمْلُ مَقَالَةِ ذَلِكَ الصَّحَابِيِّ عَلَى لُغَةِ الْعَرَبِ لِأَنَّهَا لِسَانُهُ وَلِسَانُ قَوْمِهِ فَإِنْ قَالَ إِنَّمَا فَسَّرَهَا بِذَلِكَ التَّفْسِيرِ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ فَمَعَ كون كلامه آببا عَنْ ذَلِكَ لِتَصْرِيحِهِ بِتَغْلِيطِ مَنْ قَالَ إِنَّهَا الحمراء البحت لا ملجىء إِلَيْهِ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بِدُونِهِ مَعَ أَنَّحَمْلَهُ الْحُلَّةَ الْحَمْرَاءَ عَلَى مَا ذَكَرَ يُنَافِي مَا احْتَجَّ بِهِ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ مِنْ إِنْكَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ رَأَى عَلَى رَوَاحِلِهِمْ أَكْسِيَةً فِيهَا خُطُوطٌ حُمْرٌ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى كَرَاهِيَةِ مَا فِيهِ الْخُطُوطُ وَتِلْكَ الْحُلَّةُ كَذَلِكَ بِتَأْوِيلِهِ انْتَهَى ( لَهُ شَعْرٌ يَضْرِبُ مَنْكِبَيْهِ) أَيْ إِذَا تَدَلَّى شَعْرُهُ الشَّرِيفُ يَبْلُغُ مَنْكِبَيْهِ ( بَعِيدٌ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَرُوِيَ مُكَبَّرًا وَمُصَغَّرًا أَيْ عَرِيضُ أَعْلَى الظَّهْرِ وَوَقَعَ في حديث أبي هريرة عند بن سَعْدٍ رَحْبُ الصَّدْرِ ( لَيْسَ بِالْقَصِيرِ وَلَا بِالطَّوِيلِ) أَيِ الْمَعْيُوبَيْنِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ لُبْسِ الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ لِلرِّجَالِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا حَدِيثُ أَبِي جُحَيْفَةَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم في قُبَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مُشَمِّرًا صَلَّى إِلَى الْعَنَزَةِ بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ إِلَخْ وَحَدِيثُ هِلَالِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى يَخْطُبُ عَلَى بَغْلَةٍ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ أَحْمَرُ وَعَلِيٌّ أَمَامَهُ يُعَبِّرُ عَنْهُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَلِلطَّبَرَانِيِّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ طَارِقٍ الْمُحَارِبِيِّ نَحْوُهُ لَكِنْ قَالَ بِسُوقِ الْمَجَازِ وَحَدِيثُ جَابِرٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ أَنَّهُ كَانَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبٌ أَحْمَرُ يَلْبَسُهُ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ وروى بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ نَحْوَهُ بِدُونِ ذِكْرِ الْأَحْمَرِ وَحَدِيثُ بُرَيْدَةَ قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْبَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثِرَانِ وَيَقُومَانِ الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَبُو داود والترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَنَقَلَ الْمُنْذِرِيُّ تَحْسِينَ التِّرْمِذِيِّ وَأَقَرَّهُ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ قَدِ احْتَجَّ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ لُبْسِ الْأَحْمَرِ وَهُمُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ جَاءَ الْجَوَازُ مُطْلَقًا عَنْ عَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَالْبَرَاءِ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالنَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَأَبِي قِلَابَةَ وأبي وائل وطائفة من التابعين وَذَهَبَتِ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى الْكَرَاهَةِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ.

     وَقَالَ  مَرَّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَحْمَرَانِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَقَالَ الْحَافِظُ هُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ وَإِنْ وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ قَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو يَحْيَى الْقَتَّاتُ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ فَقِيلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ دِينَارٍ وَقِيلَ زَاذَانُ وَقِيلَ عِمْرَانُ وَقِيلَ مُسْلِمٌ وَقِيلَ زِيَادٌ وَقِيلَ يَزِيدُ وَهُوَ كُوفِيٌّ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ هَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى بِهَذَا اللَّفْظِ إِلَّا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَلَا نَعْلَمُ لَهُ طَرِيقًا إِلَّا هَذِهِ الطَّرِيقُ وَلَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ إِسْرَائِيلَ إِلَّا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٌوَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَرَأَى على رواحلنا وعلى إبلنا أكسية فيها خطوط عِهْنٍ حُمْرٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أَرَى هَذِهِ الْحُمْرَةَ قَدْ عَلَتْكُمْ فَقُمْنَا سِرَاعًا لِقَوْلِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَفَرَ بَعْضُ إِبِلِنَا فَأَخَذْنَا الْأَكْسِيَةَ فَنَزَعْنَاهَا عَنْهَا وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ لِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ رَجُلًا مَجْهُولًا وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ حَدِيثُ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بني أسد قالت قلت يَوْمًا عِنْدَ زَيْنَبَ امْرَأَةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَصْبُغُ ثِيَابًا لَهَا بِمَغْرَةٍ فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذَا طَلَعَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَأَى الْمَغْرَةَ رَجَعَ فَلَمَّا رَأَتْ زَيْنَبُ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَدْ كَرِهَ مَا فَعَلَتْ فَأَخَذَتْ فَغَسَلَتْ ثِيَابَهَا وَوَارَتْ كُلَّ حُمْرَةٍ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ فَاطَّلَعَ فَلَمَّا لَمْ يَرَ شَيْئًا دَخَلَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَالَ الْحَافِظُ وَفِي سَنَدِهِ ضَعْفٌ.

     وَقَالَ  الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ وَفِيهِمَا مَقَالٌ انْتَهَى وَمِنْ أَقْوَى حُجَجِهِمْ مَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنَ النَّهْيِ عَنِ الْمَيَاثِرِ الْحُمْرِ وَكَذَلِكَ مَا في سنن أبي داود والنسائي وبن مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن لُبْسِ الْقَسِّيِّ وَالْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ وَلَكِنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْكَ أَنَّ هَذَا الدَّلِيلَ أَخَصُّ مِنَ الدَّعْوَى وَغَايَةُ مَا فِي ذَلِكَ تَحْرِيمُ الْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى تَحْرِيمِ مَا عَدَاهَا مَعَ ثُبُوتِ لُبْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ مَرَّاتٍ وَمِنْ أَصْرَحِ أَدِلَّتِهِمْ حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ بُرْدٍ أَوْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ كَمَا قال بن قَانِعٍ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ إِنَّ الشَّيْطَانَ يُحِبُّ الْحُمْرَةَ فَإِيَّاكُمْ وَالْحُمْرَةَ وَكُلَّ ثَوْبٍ ذِي شُهْرَةٍ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْكُنَى وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمَعْرِفَةِ وبن قانع وبن السكن وبن منده وبن عَدِيٍّ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ إِيَّاكُمْ وَالْحُمْرَةَ فَإِنَّهَا أَحَبُّ الزِّينَةِ إِلَى الشَّيْطَانِ وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَهَذَا إِنْ صَحَّ كَانَ أَنَصَّ أَدِلَّتِهِمْ عَلَى الْمَنْعِ وَلَكِنَّكَ قَدْ عَرَفْتَ لُبْسَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحُلَّةِ الْحَمْرَاءِ فِي غَيْرِ مَرَّةٍ وَيَبْعُدُ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَلْبَسَ مَا حَذَّرَنَا مِنْ لُبْسِهِ مُعَلِّلًا ذَلِكَ بِأَنَّ الشَّيْطَانَ يُحِبُّ الْحُمْرَةَ وَلَا يَصِحُّ أن يقال ها هنا فِعْلُهُ لَا يُعَارِضُ الْقَوْلَ الْخَاصَّ بِنَا كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ أَئِمَّةُ الْأُصُولِ لِأَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ مُشْعِرَةٌ بِعَدَمِ اخْتِصَاصِ الْخِطَابِ بِنَا إِذْ تَجَنُّبُ مَا يُلَابِسُهُ الشَّيْطَانُ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ فَإِنْ قُلْتَ فَمَا الرَّاجِحُ إِنْ صَحَّ ذَلِكَ الْحَدِيثُ قُلْتُ قَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا فَعَلَ فِعْلًا لَمْ يُصَاحِبْهُ دَلِيلٌ خَاصٌّ يَدُلُّ عَلَى التَّأَسِّي بِهِ فِيهِ كَانَ مُخَصِّصًا لَهُ عَنْ عُمُومِ الْقَوْلِ الشَّامِلِ لَهُ بِطَرِيقِ الظُّهُورِ فَيَكُونُلُبْسُ الْأَحْمَرِ مُخْتَصًّا بِهِ وَلَكِنْ ذَلِكَ الْحَدِيثُ غَيْرُ صَالِحٍ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْحَافِظُ وَجَزَمَ بِضَعْفِهِ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ وَقَدْ بَالَغَ الْجَوْزَقَانِيُّ فَقَالَ بَاطِلٌ فَالْوَاجِبُ الْبَقَاءُ عَلَى الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ الْمُعْتَضَدَةِ بِأَفْعَالِهِ الثَّابِتَةِ فِي الصَّحِيحِ لَا سِيَّمَا مَعَ ثُبُوتِ لُبْسِهِ لِذَلِكَ بَعْدَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَلَمْ يَلْبَثْ بَعْدَهَا إِلَّا أَيَّامًا يَسِيرَةً وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي تَحْرِيمِ الْمَصْبُوغِ بِالْعُصْفُرِ قَالُوا لِأَنَّ الْعُصْفُرَ يَصْبُغُ صِبَاغًا أَحْمَرَ وَهِيَ أَخَصُّ مِنَ الدَّعْوَى وَسَتَعْرِفُ أَنَّ الْحَقَّ أَنَّ ذَلِكَ النَّوْعَ مِنَ الْأَحْمَرِ لَا يَحِلُّ لُبْسُهُ وَقَدِ احْتَجَّ مَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِ لُبْسِ الْأَحْمَرِ لِلرِّجَالِ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ وَاحِدٌ مِنْهَا لِلِاحْتِجَاجِ وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سَبْعَةَ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَالثَّانِي الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَالثَّالِثُ يُكْرَهُ لُبْسُ الثَّوْبِ الْمُشَبَّعِ بِالْحُمْرَةِ دُونَ مَا كَانَ صَبْغُهُ خَفِيفًا جَاءَ ذلك عن عطاء وطاؤس ومجاهد وكان الحجة فيه حديث بن عُمَرَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المفدم أخرجه بن مَاجَهْ وَالْمُفَدَّمُ بِالْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ وَهُوَ الْمُشَبَّعُ بِالْعُصْفُرِ فَسَّرَهُ فِي الْحَدِيثِ وَالرَّابِعُ يُكْرَهُ لُبْسُ الْأَحْمَرِ مُطْلَقًا لِقَصْدِ الزِّينَةِ وَالشُّهْرَةِ وَيَجُوزُ فِي البيوت والمهنة جاء ذلك عن بن عَبَّاسٍ وَالْخَامِسُ يَجُوزُ لُبْسُ مَا كَانَ صُبِغَ غَزْلُهُ ثُمَّ نُسِجَ وَيُمْنَعُ مَا صُبِغَ بَعْدَ النَّسْجِ جَنَحَ إِلَى ذَلِكَ الْخَطَّابِيُّ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الْحُلَّةَ الْوَارِدَةَ فِي الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي لُبْسِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحُلَّةَ الْحَمْرَاءَ إِحْدَى حُلَلِ الْيَمَنِ وَكَذَلِكَ الْبُرْدُ الْأَحْمَرُ وَبُرُودُ الْيَمَنِ يُصْبَغُ غَزْلُهَا ثُمَّ يُنْسَجُ وَالسَّادِسُ اخْتِصَاصُ النَّهْيِ بِمَا يُصْبَغُ بِالْعُصْفُرِ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْهُ وَلَا يمنع ماصبغ بِغَيْرِهِ مِنَ الْأَصْبَاغِ قَالَ الْحَافِظُ وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْمَغْرَةِ الْمُتَقَدِّمُ وَالسَّابِعُ تَخْصِيصُ الْمَنْعِ بِالثَّوْبِ الَّذِي يُصْبَغُ كُلُّهُ.
وَأَمَّا مَا فِيهِ لَوْنٌ آخَرُ غَيْرُ الْأَحْمَرِ مِنْ بَيَاضٍ وَسَوَادٍ وَغَيْرِهِمَا فَلَا وَعَلَى ذَلِكَ تُحْمَلُ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي الْحُلَّةِ الْحَمْرَاءِ فَإِنَّ الْحُلَلَ الْيَمَانِيَّةَ غَالِبًا تَكُونُ ذَاتَ خُطُوطٍ حُمْرٍ وَغَيْرِهَا وَقَالَ الطَّبَرِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ غَالِبَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الَّذِي أَرَاهُ جَوَازُ لُبْسِ الثِّيَابِ الْمُصْبَغَةِ بِكُلِّ لَوْنٍ إِلَّا أَنِّي لَا أُحِبُّ لُبْسَ مَا كَانَ مُشَبَّعًا بِالْحُمْرَةِ وَلَا لُبْسَ الْأَحْمَرِ مُطْلَقًا ظَاهِرًا فَوْقَ الثِّيَابِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ لِبَاسِ أَهْلِ الْمُرُوءَةِ فِي زَمَانِنَا فَإِنَّ مُرَاعَاةَ زِيِّ الزَّمَانِ مِنَ الْمُرُوءَةِ مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا وَفِي مُخَالَفَتِهِ الزِّيَّ ضَرْبٌ مِنَ الشُّهْرَةِ وَهَذَا يُمْكِنُ أَنْ يُلَخَّصَ مِنْهُ قَوْلٌ ثَامِنٌ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ قُلْتُ الرَّاجِحُ عِنْدِي مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ هُوَ الْقَوْلُ السَّادِسُ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْحَافِظِ وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْمَغْرَةِ الْمُتَقَدِّمُ فَفِيهِ أَنَّ فِي سَنَدِهِ ضَعْفًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَافِظُ نَفْسُهُ وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ وَفِيهِمَا مَقَالٌ انْتَهَى هَذَا مَا عِنْدِي وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَأَبِي رِمْثَةَ وَأَبِي جُحَيْفَةَ) أَمَّا حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ الرُّخْصَةِ فِي لُبْسِ الْحُمْرَةِ لِلرِّجَالِ مِنْ أَبْوَابِ الْأَدَبِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي رِمْثَةَ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ وأَمَّا حَدِيثُ أَبِي جُحَيْفَةَ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ وَفِي عِدَّةِ أَبْوَابٍ مِنْ صَحِيحِهِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وأبو داود والنسائي وبن مَاجَهْ ( بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الْمُعَصْفَرِ لِلرِّجَالِ)

رقم الحديث 1725 [1725] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ) الْهَاشِمِيِّ مَوْلَاهُمُ الْمَدَنِيِّ ( عَنْ أَبِيهِ) أَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ الْهَاشِمِيِّ مَوْلَاهُمْ مَدَنِيٌّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ .

     قَوْلُهُ  ( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ عَلَى الصَّحِيحِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ وَغَرِيبِ الْحَدِيثِ هِيَ ثِيَابٌ مُضَلَّعَةٌ بِالْحَرِيرِ تُعْمَلُ بِالْقَسِّ بِفَتْحِ الْقَافِ مَوْضِعٌ مِنْ بِلَادِ مِصْرَ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ قَرِيبٌ مِنَ التِّنِّيسِ وَقِيلَ إِنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إلى القز وهو ردئ الْحَرِيرِ فَأُبْدِلَتِ الزَّايُ سِينًا ( وَالْمُعَصْفَرِ) هُوَ الْمَصْبُوغُ بِالْعُصْفُرِ كَمَا فِي كُتُبِ اللُّغَةِ وَشُرُوحِ الْحَدِيثِ وَالْعُصْفُرُ يَصْبُغُ صِبَاغًا أَحْمَرَ وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ لِلرِّجَالِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّهْيِ التَّحْرِيمُ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ الرَّاجِحُ تَحْرِيمُ الثِّيَابِ الْمُعَصْفَرَةِ وَالْعُصْفُرُ وَإِنْ كَانَ يَصْبُغُ صبغا أحمر كما قال بن الْقَيِّمِ فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْبَسُ حُلَّةً حَمْرَاءَ لِأَنَّ النَّهْيَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ يَتَوَجَّهُ إِلَى نَوْعٍ خَاصٍّ مِنَ الْحُمْرَةِ وَهِيَ الْحُمْرَةُ الْحَاصِلَةُ عَنْ صِبَاغِ الْعُصْفُرِ انْتَهَى وَقَدْ عَقَدَ التِّرْمِذِيُّ فِي أَبْوَابِ الْآدَابِ بَابًا أَيْضًا بِلَفْظِ بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ لِلرِّجَالِ وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ مَرَّ رَجُلٌ وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَحْمَرَانِ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم السلام ثُمَّ قَالَ وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ كَرِهَ لُبْسَ الْمُعَصْفَرِ وَرَأَوْا أَنَّ مَا صُبِغَ بِالْحُمْرَةِ بِالْمَدَرِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُعَصْفَرًا انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو) أَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْهُ قَالَ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلَا تَلْبَسْهَا وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى قَالَ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فَقَالَ أُمُّكَ أَمَرَتْكَ بِهَذَا.

قُلْتُ أَغْسِلُهُمَا قَالَ بَلْ أَحْرِقْهُمَا وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ثَنِيَّةٍ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَعَلَيَّ رَيْطَةٌ مُضَرَّجَةٌ بِالْعُصْفُرِ فَقَالَ مَا هَذِهِ فَعَرَفْتُ مَا كَرِهَ فَأَتَيْتُ أَهْلِي وَهُمْ يَسْجُرُونَ تَنُّورَهُمْ فَقَذَفْتُهَا فِيهِ ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنَ الْغَدِ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا فَعَلَتِ الرَّيْطَةُ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ أَلَا كَسَوْتَهَا بَعْضَ أَهْلِكَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَكَذَلِكَ أَبُو دَاوُدَ وبن مَاجَهْ وَزَادَ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ لِلنِّسَاءِ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ عَلِيٍّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا الْبُخَارِيَّ وبن مَاجَهْ كَذَا فِي الْمُنْتَقَى ( بَاب مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْفِرَاءِ) بِكَسْرِ الْفَاءِ جَمْعُ فَرْوٍ وَهُوَ لُبْسٌ كَالْجُبَّةِ يُبَطَّنُ مِنْ جُلُودِ بَعْضِ الْحَيَوَانَاتِ كَالْأَرَانِبِ وَالسَّمُّورِ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ بوستين

رقم الحديث 1726 [1726] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ سَيْفِ بْنِ هَارُونَ) الْبُرْجُمِيِّ قَالَ فِي النَّيْلِ هُوَ ضَعِيفٌ مَتْرُوكٌ.

     وَقَالَ  فِي تَهْذِيبِالتهذيب في ترجمته روى له الترمذي وبن مَاجَهْ حَدِيثًا وَاحِدًا فِي السُّؤَالِ عَنِ الْفِرَاءِ وَالسَّمْنِ وَالْجُبُنِّ الْحَدِيثَ .

     قَوْلُهُ  ( عَنِ السَّمْنِ وَالْجُبُنِّ) كَعُتُلٍّ هُوَ لَبَنٌ يُجَمَّدُ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ بنير ( والفراء) قال القارىء بِكَسْرِ الْفَاءِ وَالْمَدِّ جَمْعُ الْفَرَاءِ بِفَتْحِ الْفَاءِ مَدًّا وَقَصْرًا وَهُوَ حِمَارُ الْوَحْشِ قَالَ الْقَاضِي وقيل هو ها هنا جَمْعُ الْفَرْوِ الَّذِي يُلْبَسُ وَيَشْهَدُ لَهُ صَنِيعُ بَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ كَالتِّرْمِذِيِّ فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ فِي بَابِ لبس الفرو وذكره بن مَاجَهْ فِي بَابِ السَّمْنِ وَالْجُبُنِّ.

     وَقَالَ  بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِنْ عُلَمَائِنَا وَقِيلَ هَذَا غَلَطٌ بَلْ جمع الفرو الذي يلبس وإنما سألوه عنها حَذَرًا مِنْ صَنِيعِ أَهْلِ الْكُفْرِ فِي اتِّخَاذِهِمُ الْفِرَاءَ مِنْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ مِنْ غَيْرِ دِبَاغٍ وَيَشْهَدُ لَهُ أَنَّ عُلَمَاءَ الْحَدِيثِ أَوْرَدُوا هَذَا الْحَدِيثَ فِي بَابِ اللِّبَاسِ انْتَهَى ( الْحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ) أَيْ بَيَّنَ تَحْلِيلَهُ ( فِي كِتَابِهِ وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ) أَيْ بَيَّنَ تَحْرِيمَهُ ( فِي كِتَابِهِ) يَعْنِي إِمَّا مُبَيَّنًا وَإِمَّا مُجْمَلًا بِقَوْلِهِ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فانتهوا لِئَلَّا يَشْكُلَ بِكَثِيرٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي صَحَّ تَحْرِيمُهَا بِالْحَدِيثِ وَلَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي الْكِتَابِ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَأَمْثَالِهَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى حَصْرِ التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ عَلَى الْكِتَابِ الْعَزِيزِ هُوَ بِاعْتِبَارِ اشْتِمَالِهِ عَلَى جَمِيعِ الْأَحْكَامِ وَلَوْ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ أَوِ الْإِشَارَةِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْأَغْلَبِ لِحَدِيثِ إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ انْتَهَى ( وَمَا سَكَتَ) أَيِ الْكِتَابُ ( عَنْهُ) أَيْ عَنْ بَيَانِهِ أَوْ وَمَا أَعْرَضَ اللَّهُ عَنْ بَيَانِ تَحْرِيمِهِ وَتَحْلِيلِهِ رَحْمَةً مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ ( فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ) أَيْ عَنِ اسْتِعْمَالِهِ وَأَبَاحَ فِي أَكْلِهِ وَفِيهِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما في الأرض جميعا تَنْبِيهٌ.
اعْلَمْ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدِ اسْتَدَلَّ عَلَى إِبَاحَةِ أَكْلِ التُّنْبَاكِ وَشُرْبِ دُخَانِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا في الأرض جميعا وَبِالْأَحَادِيثِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ قَالَ الْقَاضِي الشَّوْكَانِيُّ فِي إِرْشَادِ السائل إلى أدلة المسائل بعد ما أَثْبَتَ أَنَّ كُلَّ مَا فِي الْأَرْضِ حَلَالٌ إِلَّا بِدَلِيلٍ مَا لَفْظُهُ إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا عَلِمْتَ أَنَّ هَذِهِ الشَّجَرَةَ الَّتِي سَمَّاهَا بَعْضُ النَّاسِ التُّنْبَاكَ وَبَعْضُهُمُ التُّوتُونَ لَمْ يَأْتِ فِيهَا دَلِيلٌ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهَا وَلَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الْمُسْكِرَاتِ وَلَا مِنَ السُّمُومِ وَلَا مِنْ جِنْسِ مَا يَضُرُّ آجِلًا أَوْ عَاجِلًا فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهَا حَرَامٌ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ وَلَا يُفِيدُ مُجَرَّدُ الْقَالِ وَالْقِيلِ انْتَهَىقُلْتُ لَا شَكَّ فِي أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ لَكِنْ بِشَرْطِ عَدَمِ الْإِضْرَارِ.
وَأَمَّا مَا إِذَا كَانَتْ مُضِرَّةً فِي الْآجِلِ أَوِ الْعَاجِلِ فَكَلَّا ثُمَّ كَلَّا وَقَدْ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الشَّوْكَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ وَلَا مِنْ جِنْسِ مَا يَضُرُّ آجِلًا أَوْ عَاجِلًا وَأَكْلُ التُّنْبَاكِ وَشُرْبُ دُخَانِهِ بِلَا مِرْيَةٍ وَإِضْرَارُهُ عَاجِلًا ظَاهِرٌ غَيْرُ خَفِيٍّ وَإِنْ كَانَ لِأَحَدٍ فِيهِ شَكٌّ فَلْيَأْكُلْ مِنْهُ وَزْنَ رُبُعِ دِرْهَمٍ أَوْ سُدُسِهِ ثُمَّ لِيَنْظُرْ كَيْفَ يَدُورُ رَأْسُهُ وَتَخْتَلُّ حَوَاسُّهُ وَتَتَقَلَّبُ نَفْسُهُ حَيْثُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا أَوِ الدِّينِ بَلْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُومَ أَوْ يَمْشِيَ وَمَا هَذَا شَأْنُهُ فَهُوَ مُضِرٌّ بِلَا شَكٍّ فَقَوْلُ الشَّوْكَانِيِّ وَلَا مِنْ جِنْسِ مَا يَضُرُّ آجِلًا أَمْ عَاجِلًا لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا ظَهَرَ لَكَ أَنَّ إِضْرَارَهُ عَاجِلًا هُوَ الدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ إِبَاحَةِ أَكْلِهِ وَشُرْبِ دُخَانِهِ هَذَا مَا عِنْدِي وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنِ الْمُغِيرَةِ) لِيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَفِي سَنَدِهِ سَيْفُ بْنُ هَارُونَ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا عَرَفْتَ ( بَاب مَا جَاءَ فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ)

رقم الحديث 1727 [1727] .

     قَوْلُهُ  ( أَلَا نَزَعْتُمْ جِلْدَهَا ثُمَّ دَبَغْتُمُوهُ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ جُلُودَ الْمَيْتَةِ لَا يَجُوزُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا أَيَّ اسْتِمْتَاعٍ كَانَ إِلَّا بَعْدَ الدِّبَاغِ.
وَأَمَّا قَبْلَ الدِّبَاغِ فَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ كَالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْقَوْلُ الرَّاجِحُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقَعْ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَالنَّسَائِيِّ ذِكْرُ الدِّبَاغِ فَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الرِّوَايَةِ المقيدة بالدباغقوله ( وفي الباب عن سلمة بن المحبق) بِضَمٍّ وَفَتْحِ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَشَدَّةِ مُوَحَّدَةٍ مَكْسُورَةٍ وَبِقَافٍ وَالْمُحَدِّثُونَ يَفْتَحُونَ الْبَاءَ كَذَا فِي الْمُغْنِي ( وَمَيْمُونَةَ وَعَائِشَةَ) أَمَّا حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ فأخرجه بن حِبَّانَ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِبَاغُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ طُهُورُهَا وقد أخرج غير بن حِبَّانَ هَذَا الْحَدِيثَ بِأَلْفَاظٍ أُخْرَى ذَكَرهَا صَاحِبُ السُّبُلِ وَأَمَّا حَدِيثُ مَيْمُونَةَ فَأَخْرَجَهُ مَالِكٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَفِيهِ فَقَالَ لَوْ أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا فَقَالُوا إِنَّهَا مَيْتَةٌ فَقَالَ يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْقَرَظُ وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ إِلَّا التِّرْمِذِيَّ وَلَفْظُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَنْ يُنْتَفَعَ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دبغت قوله ( حديث بن عَبَّاسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا أن بن ماجه قال فيه عن ميمونة جعل مِنْ مُسْنَدِهَا .

     قَوْلُهُ  ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وبن الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ الله في موطأه بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ وَبِهَذَا نَأْخُذُ إِذَا دُبِغَ إِهَابُ الْمَيْتَةِ فَقَدْ طَهُرَ وَهُوَ ذَكَاتُهُ وَلَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعَامَّةُ مِنْ فُقَهَائِنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ انْتَهَى وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّهُ لَا يَطْهُرُ شَيْءٌ مِنَ الْجُلُودِ بِالدِّبَاغِ وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ الْآتِي وَهُوَ حَدِيثٌ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ كَمَا سَتَعْرِفُ

رقم الحديث 1728 [1728] .

     قَوْلُهُ  ( وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ الْمِصْرِيِّ صَدُوقٌ ( أَيُّمَاإِهَابٍ) كَكِتَابٍ الْجِلْدُ أَوْ مَا لَمْ يُدْبَغْ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ وَفِي الصِّحَاحِ الْإِهَابُ الْجِلْدُ مَا لَمْ يُدْبَغْ ( دُبِغَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ صِفَةُ الْإِهَابِ وَالدِّبَاغُ بِكَسْرِ الدَّالِ عِبَارَةٌ عَنْ إِزَالَةِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ وَالرُّطُوبَاتِ النَّجِسَةِ بِاسْتِعْمَالِ الْأَدْوِيَةِ أَوْ بِغَيْرِهَا وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ فِي كِتَابِ الْآثَارِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ كُلُّ شَيْءٍ يَمْنَعُ الْجِلْدَ مِنَ الْفَسَادِ فَهُوَ دِبَاغٌ ( فَقَدْ طَهُرَ) أَيْ ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْأَشْيَاءِ الْيَابِسَةِ وَالْمَائِعَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَغَيْرُهُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وبن مَاجَهْ ( وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ إِلَّا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ) اسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى استثناء الخنزير بقوله تعالى فإنه رجس وجعل الضمير عائذا إِلَى الْمُضَافِ إِلَيْهِ وَقَاسَ الْكَلْبَ عَلَيْهِ بِجَامِعِ النَّجَاسَةِ قَالَ لِأَنَّهُ لَا جِلْدَ لَهُ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ مُتَعَقِّبًا عَلَى الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ مَا لَفْظُهُ وَاحْتِجَاجُ الشَّافِعِيِّ بِالْآيَةِ عَلَى إِخْرَاجِ الْخِنْزِيرِ وَقِيَاسِ الْكَلْبِ عَلَيْهِ لَا يَتِمُّ إِلَّا بَعْدَ تَسْلِيمِ أَنَّ الضَّمِيرَ يَعُودُ إِلَى الْمُضَافِ إِلَيْهِ دُونَ الْمُضَافِ وَأَنَّهُ مَحَلُّ نِزَاعٍ وَلَا أَقَلَّ مِنَ الِاحْتِمَالِ إِنْ لَمْ يَكُنْ رُجُوعُهُ إِلَى الْمُضَافِ رَاجِحًا وَالْمُحْتَمَلُ لَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَى الْخَصْمِ وَأَيْضًا لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُقَالَ رِجْسِيَّةُ الْخِنْزِيرِ عَلَى تَسْلِيمِ شُمُولِهَا لِجَمِيعِهِ لَحْمًا وَشَعْرًا وَجِلْدًا وَعَظْمًا مُخَصَّصَةٌ بِأَحَادِيثِ الدِّبَاغِ انْتَهَى ( وَكَرِهَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لُبْسَ جُلُودِ السِّبَاعِ وَشَدَّدُوا فِي لُبْسِهَا وَالصَّلَاةِ فِيهَا) لِحَدِيثِ أَبِي الْمَلِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ينهى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ وَزَادَ التِّرْمِذِيُّ فِي رِوَايَةٍ أَنْ تُفْتَرَشَ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ أَمَّا الِاسْتِدْلَالُ بِأَحَادِيثِ النَّهْيِ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ عَلَى أَنَّ الدِّبَاغَ لَا يُطَهِّرُ جُلُودَ السِّبَاعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا مُخَصِّصَةٌ لِلْأَحَادِيثِ الْقَاضِيَةِ بِأَنَّ الدِّبَاغَ مُطَهِّرٌ عَلَى الْعُمُومِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهَا مُجَرَّدُ النَّهْيِ عَنِ الرُّكُوبِ عَلَيْهَا وَافْتِرَاشِهَا وَلَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ النَّجَاسَةِ كَمَا لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ النَّهْيِ عَنِ الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ وَنَجَاسَتِهِمَا فَلَا مُعَارَضَةَ بَلْ يُحْكَمُ بِالطَّهَارَةِ بِالدِّبَاغِ مَعَ مَنْعِ الرُّكُوبِ عَلَيْهَا وَنَحْوِهِ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ أَحَادِيثَ النَّهْيِ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ أَعَمُّ مِنْ وَجْهٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْقَاضِيَةِ بِأَنَّ الدِّبَاغَ مُطَهِّرٌ عَلَى الْعُمُومِ لِشُمُولِهَا لِمَا كَانَ مَدْبُوغًا مِنْ جُلُودِ السِّبَاعِ وَمَا كَانَ غَيْرَ مَدْبُوغٍ انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ ( قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ إِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَاإِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ إِنَّمَا يَعْنِي بِهِ جِلْدَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ هَكَذَا فَسَّرَهُ النَّضْرُ بن شميل وقال إنما يقال إهاب الجلد مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ) قَالَ الشَّوْكَانِيُّ هَذَا يُخَالِفُ مَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ إِنَّمَا يُسَمَّى إِهَابًا مَا لَمْ يُدْبَغْ فَإِذَا دُبِغَ لَا يُقَالُ لَهُ إِهَابٌ إِنَّمَا يُسَمَّى شَنًّا وَقِرْبَةً انْتَهَى فَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ تَخْصِيصُهُ بِجِلْدِ الْمَأْكُولِ وَرِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ عَنْهُ أَرْجَحُ لِمُوَافَقَتِهَا مَا ذَكَرَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ كَصَاحِبِ الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ وَالنِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا وَالْمَبْحَثُ لُغَوِيٌّ فَيُرَجَّحُ مَا وَافَقَ اللُّغَةَ وَلَمْ نَجِدْ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ أَهْلِ اللُّغَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَخْصِيصِ الْإِهَابِ بِإِهَابِ مَأْكُولِ اللَّحْمِ كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْهُ انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ.

قُلْتُ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ الشَّوْكَانِيُّ ( وكره بن الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالْحُمَيْدِيُّ الصَّلَاةَ فِي جُلُودِ السِّبَاعِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ مَدْبُوغَةً لِحَدِيثِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُبْسِ جُلُودِ السِّبَاعِ وَالرُّكُوبِ عَلَيْهَا

رقم الحديث 1729 [1729] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ) بِالتَّصْغِيرِ مُخَضْرَمٌ مِنَ الثَّانِيَةِ ( أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ) بِفَتْحَتَيْنِ قَالَ فِي شَرْحِ مَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ وَعَصَبُ الْمَيْتَةِ نَجَسٌ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ فِيهِ حَيَاةً بِدَلِيلِ تَأَلُّمِهِ بِالْقَطْعِ وَقِيلَ طَاهِرٌ فَإِنَّهُ عَظْمٌ غَيْرُ مُتَّصِلٍ قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ قِيلَ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ نَاسِخٌ لِلْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي الدِّبَاغِ لِمَا فِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَتَانَا كِتَابُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ لِأَنَّهُ لَا يُقَاوِمُ تِلْكَ الْأَحَادِيثَ صِحَّةً وَاشْتِهَارًا ثُمَّ إِنَّ بن عُكَيْمٍ لَمْ يَلْقَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا حَدَّثَ عَنْ حِكَايَةِ حَالٍ وَلَوْ ثَبَتَ فَحَقُّهُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى نَهْيِ الِانْتِفَاعِ قَبْلَ الدِّبَاغِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وأخرجه النسائي وبن ماجه وفي كونه حسنا كلا كَمَا سَتَقِفُ عَلَيْهِ ( وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ) قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّالدِّبَاغَ يُطَهِّرُ فِي الْجُمْلَةِ لِصِحَّةِ النُّصُوصِ بِهِ وخبر بن عُكَيْمٍ لَا يُقَارِبُهَا فِي الصِّحَّةِ وَالْقُوَّةِ لِيَنْسَخَهَا انْتَهَى ( ثُمَّ تَرَكَ أَحْمَدُ هَذَا الْحَدِيثَ لَمَّا اضْطَرَبُوا فِي إِسْنَادِهِ إِلَخْ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي تَلْخِيصِ السُّنَنِ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ هَذَا.

     وَقَالَ  أَبُو بَكْرِ بْنُ حَازِمٍ الْحَافِظُ وَقَدْ حَكَى الْخَلَّالُ فِي كِتَابِهِ أَنَّ أَحْمَدَ تَوَقَّفَ في حديث بن عُكَيْمٍ لَمَّا رَأَى تَزَلْزُلَ الرُّوَاةِ فِيهِ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ رَجَعَ عَنْهُ.

     وَقَالَ  أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ تَصْنِيفُهُ وحديث بن عُكَيْمٍ مُضْطَرِبٌ جِدًّا فَلَا يُقَاوِمُ الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ يَعْنِي حَدِيثَ مَيْمُونَةَ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ فِي كِتَابِ السُّنَنِ أَصَحُّ مَا فِي هَذَا الْبَابِ فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عن بن عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ ( بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ جَرِّ الْإِزَارِ)

رقم الحديث 1730 [173] .

     قَوْلُهُ  ( لَا يَنْظُرُ اللَّهُ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ أَيْ لَا يَرْحَمُهُ فَالنَّظَرُ إِذَا أُضِيفَ إِلَى اللَّهِ كَانَ مَجَازًا وَإِذَا أُضِيفَ إِلَى الْمَخْلُوقِ كَانَ كِنَايَةً وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ نَظَرَ رَحْمَةٍ وَقَالَ شَيْخُنَا يَعْنِي الْحَافِظَ الْعِرَاقِيَّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ عَبَّرَ عَنِ الْمَعْنَى الْكَائِنِ عِنْدَ النَّظَرِ بِالنَّظَرِ لِأَنَّ مَنْ نَظَرَ إِلَى مُتَوَاضِعٍ رَحِمَهُ وَمَنْ نَظَرَ إِلَى مُتَكَبِّرٍ مَقَتَهُ فَالرَّحْمَةُ وَالْمَقْتُ مُتَسَبِّبَانِ عَنِ النَّظَرِ وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ نِسْبَةُ النَّظَرِ لِمَنْ يَجُوزُ عَلَيْهِ النَّظَرُ كِنَايَةٌ لِأَنَّ مَنِ اعْتَدَّ بِالشَّخْصِ الْتَفَتَ إِلَيْهِ ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى صَارَ عِبَارَةً عَنِ الْإِحْسَانِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ نَظَرٌ وَلِمَنْ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ حَقِيقَةُ النَّظَرِ وَهُوَ تَقْلِيبُالْحَدَقَةِ وَاَللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ بِمَعْنَى الْإِحْسَانِ مَجَازٌ عَمَّا وَقَعَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ كِنَايَةً وَقَولُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ مَحَلُّ الرَّحْمَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ بِخِلَافِ رَحْمَةِ الدُّنْيَا فَإِنَّهَا قَدْ تَنْقَطِعُ بِمَا يَتَجَدَّدُ مِنَ الْحَوَادِثِ وَيُؤَيِّدُ مَا ذُكِرَ مِنْ حَمْلِ النَّظَرِ عَلَى الرَّحْمَةِ أَوِ الْمَقْتِ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَصْلُهُ فِي أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جُرَيٍّ أَنَّ رَجُلًا مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ لَبِسَ بُرْدَةً فَتَبَخْتَرَ فِيهَا فَنَظَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ فَمَقَتَهُ فَأَمَرَ الْأَرْضَ فَأَخَذَتْهُ الْحَدِيثَ انْتَهَى قُلْتُ الْأَوْلَى بَلِ الْمُتَعَيِّنُ أَنْ يُحْمَلَ مَا وَرَدَ مِنَ النَّظَرِ وَنَحْوِهِ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِرَارًا ( إِلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ) هُوَ شَامِلٌ لِلْإِزَارِ وَالرِّدَاءِ وَغَيْرِهِمَا وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ والنسائي وبن مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْإِسْبَالُ فِي الْإِزَارِ وَالْقَمِيصِ وَالْعِمَامَةِ مَنْ جَرَّ مِنْهَا شَيْئًا خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ( خُيَلَاءَ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَبِالْمَدِّ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ وَالْمَخِيلَةُ وَالْبَطَرُ وَالْكِبْرُ وَالزَّهْوُ وَالتَّبَخْتُرُ كُلُّهَا مُتَقَارِبَةٌ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ حُذَيْفَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَسَمُرَةَ وَأَبِي ذَرٍّ وَعَائِشَةَ وَهُبَيْبِ بْنِ مغفل) أما حديث حذيفة فأخرجه بن مَاجَهْ فِي بَابِ مَوْضِعِ الْإِزَارِ أَيْنَ هُوَ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وبن مَاجَهْ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَمَّا حَدِيثُ سَمُرَةَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن مَاجَهْ وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَفِيهِ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى مُسْبِلٍ وَأَمَّا حَدِيثُ هُبَيْبِ بْنِ مُغْفِلٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَأَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ وَهُبَيْبٌ بِضَمِّ الْهَاءِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مُصَغَّرًا وَمُغْفِلٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي التَّجْرِيدِ قِيلَ لِوَالِدِ هُبَيْبٍ مُغْفِلٌ لِأَنَّهُ أَغْفَلَ سِمَةَ إِبِلِهِ قوله ( حديث بن عُمَرَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مَالِكٌ وَالْبُخَارِيُّ ومسلم والنسائي وبن مَاجَهْ تَنْبِيهٌ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ إِسْبَالَ الْإِزَارِ لِلْخُيَلَاءِ كَبِيرَةٌ.
وَأَمَّا الْإِسْبَالُ لِغَيْرِ الْخُيَلَاءِ فَظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ تَحْرِيمُهُ أَيْضًا لَكِنِ اسْتُدِلَّ بِالتَّقْيِيدِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ بِالْخُيَلَاءِ عَلَى أَنَّ الْإِطْلَاقَ فِي الزَّجْرِ الْوَارِدِ فِي ذَمِّ الْإِسْبَالِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُقَيَّدِ هُنَا فَلَا يَحْرُمُ الْجَرُّ وَالْإِسْبَالُ إِذَا سَلِمَ مِنَ الخيلاء قال بن عَبْدِ الْبَرِّ مَفْهُومُهُ أَنَّ الْجَرَّ لِغَيْرِ الْخُيَلَاءِ لَا يَلْحَقُهُ الْوَعِيدُ إِلَّاأَنَّ جَرَّ الْقَمِيصِ وَغَيْرِهِ مِنَ الثِّيَابِ مَذْمُومٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْإِسْبَالُ تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ لِلْخُيَلَاءِ حَرَامٌ فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهَا فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَهَكَذَا نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْجَرِّ لِلْخُيَلَاءِ وَلِغَيْرِ الْخُيَلَاءِ قَالَ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْإِزَارُ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ وَالْجَائِزُ بِلَا كَرَاهَةٍ مَا تَحْتَهُ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مَمْنُوعٌ مَنْعَ تَحْرِيمٍ إِنْ كَانَ لِلْخُيَلَاءِ وَإِلَّا فَمَنْعُ تَنْزِيهٍ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي الزَّجْرِ عَنِ الْإِسْبَالِ مُطْلَقَةٌ فَيَجِبُ تَقْيِيدُهَا بالإسبال للخيلاء انتهى وقال بن الْعَرَبِيِّ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُجَاوِزَ بِثَوْبِهِ كَعْبَهُ وَيَقُولُ لَا أَجُرُّهُ خُيَلَاءَ لِأَنَّ النَّهْيَ قَدْ تَنَاوَلَهُ لَفْظًا وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ تَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ حُكْمًا أَنْ يَقُولَ لَا أَمْتَثِلُهُ لِأَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ لَيْسَتْ فِيَّ فَإِنَّهَا دَعْوَى غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ بَلْ إِطَالَتُهُ ذَيْلَهُ دَالَّةٌ عَلَى تَكَبُّرِهِ انْتَهَى وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِسْبَالَ يَسْتَلْزِمُ جَرَّ الثَّوْبِ وَجَرَّ الثَّوْبِ يَسْتَلْزِمُ الْخُيَلَاءَ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدِ اللَّابِسُ الْخُيَلَاءَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بْنُ منيع من وجه آخر عن بن عُمَرَ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ رَفَعَهُ وَإِيَّاكَ وَجَرَّ الْإِزَارِ فَإِنَّ جَرَّ الْإِزَارِ مِنَ الْمَخِيلَةِ وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا لَحِقَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ الْأَنْصَارِيُّ فِي حُلَّةٍ إِزَارٌ وَرِدَاءٌ قَدْ أَسْبَلَ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بناحية ثوبه ويتواضع لله ويقول عبدك وبن عَبْدِكَ وَأَمَتِكَ حَتَّى سَمِعَهَا عَمْرٌو فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي حَمْشُ السَّاقَيْنِ فَقَالَ يَا عَمْرُو إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خلقه يا عمرو وإن اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُسْبِلَ الْحَدِيثَ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرٍو نَفْسِهِ لَكِنْ قَالَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ فُلَانٍ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا فَقَالَ عَنْ عَمْرِو بْنِ زُرَارَةَ وَفِيهِ وَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْبَعِ أَصَابِعَ تَحْتَ رُكْبَةِ عَمْرٍو فَقَالَ يَا عَمْرُو هَذَا مَوْضِعُ الْإِزَارِ ثُمَّ ضَرَبَ بِأَرْبَعِ أَصَابِعَ تَحْتَ الْأَرْبَعِ فَقَالَ يَا عَمْرُو هَذَا مَوْضِعُ الْإِزَارِ الْحَدِيثَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَظَاهِرُهُ أَنَّ عَمْرًا الْمَذْكُورَ لَمْ يَقْصِدْ بِإِسْبَالِهِ الْخُيَلَاءَ وَقَدْ مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مَظِنَّتَهُ وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ الشَّرِيدِ الثَّقَفِيِّ قَالَ أَبْصَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا قَدْ أَسْبَلَ إِزَارَهُ فَقَالَ ارْفَعْ إِزَارَكَ فَقَالَ إِنِّي أَحْنَفُ تَصْطَكُّ رُكْبَتَايَ قَالَ ارْفَعْ إِزَارَكَ فَكُلُّ خَلْقِ اللَّهِ حَسَنٌ وَأَخْرَجَهُ مُسَدَّدٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طُرُقٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ لَمْ يُسَمَّ وَفِي آخِرِهِ وَذَاكَ أَقْبَحُ مما بساقك وأما ما أخرجه بن أبي شيبة عن بن مَسْعُودٍ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ أَنَّهُ كَانَ يُسْبِلُ إِزَارَهُ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّي حَمْشُ السَّاقَيْنِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَسْبَلَهُ زِيَادَةً عَلَى الْمُسْتَحَبِّ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ وَلَا يُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ جَاوَزَ بِهِ الْكَعْبَيْنِ وَالتَّعْلِيلُ يُرْشِدُ إِلَيْهِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَعَلَّهُ لَمْ تَبْلُغْهُ قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ زُرَارَةَ وَاَللَّهُ أعلم وأخرجه النسائي وبن ماجه وصححه بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِرِدَاءِ سُفْيَانَ بْنِ سُهَيْلٍ وَهُوَ يَقُولُ يَا سُفْيَانُ لَا تُسْبِلْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ المسبلين9 - ( باب ما جاء في جر ذيول النساء) قَالَ فِي الْقَامُوسِ الذَّيْلُ آخِرُ كُلِّ شَيْءٍ وَمِنَ الْإِزَارِ وَالثَّوْبِ مَا جُرَّ

رقم الحديث 1731 [1731] .

     قَوْلُهُ  ( يُرْخِينَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنَ الْإِرْخَاءِ وَهُوَ الْإِرْسَالُ أَيْ يُرْسِلْنَ مِنْ ثِيَابِهِنَّ ( شِبْرًا) أَيْ مِنْ نِصْفِ السَّاقَيْنِ ( إِذًا) بِالتَّنْوِينِ ( فَيُرْخِينَهُ) أَيِ الذَّيْلَ ( لَا يزدن عليه) أي على قدر الذارع قَالَ الطِّيبِيُّ الْمُرَادُ بِهِ الذِّرَاعُ الشَّرْعِيُّ إِذْ هُوَ أَقْصَرُ مِنَ الْعُرْفِيِّ تَنْبِيهٌ.
اعْلَمْ أَنَّ حديث بن عُمَرَ هَذَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَلَيْسَتْ فِيهِ زِيَادَةٌ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَكَيْفَ يَصْنَعُ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ إِلَخْ قَالَ الْحَافِظُ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا مَا لفظه قوله ومن يَتَنَاوَلُ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ فِي الْوَعِيدِ الْمَذْكُورِ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ الْمَخْصُوصِ وَقَدْ فَهِمَتْ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَكَيْفَ تَصْنَعُ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ فَقَالَ يُرْخِينَ شِبْرًا فَقَالَتْ إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ قَالَ فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ لَفْظُ التِّرْمِذِيِّ وَقَدْ عَزَا بَعْضُهُمْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لِمُسْلِمٍ فَوَهَمَ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ عِنْدَهُ وَكَأَنَّ مُسْلِمًا أَعْرَضَ عَنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهَا عَلَى نَافِعٍ فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ نَافِعٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ نَفْسِهَا وَفِيهِ اخْتِلَافَاتٌ أُخْرَى وَمَعَ ذَلِكَ فَلَهُ شَاهِدٌ من حديث بن عُمَرَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بكر الصديق عن بن عُمَرَ قَالَ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ شِبْرًا ثُمَّ اسْتَزَدْنَهُ فَزَادَهُنَّ شِبْرًا فَكُنَّ يُرْسِلْنَ إِلَيْنَا فَنَذْرَعُ لَهُنَّ ذِرَاعًا وَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ قَدْرَ الذِّرَاعِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَأَنَّهُ شِبْرَانِ بِشِبْرِ الْيَدِ الْمُعْتَدِلَةِ انْتَهَى.

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ ( وَفِي الْحَدِيثِ رُخْصَةٌ لِلنِّسَاءِ فِي جَرِّ الْإِزَارِ لِأَنَّهُ يَكُونُ أَسْتَرُ لَهُنَّ) قَالَ الْحَافِظُ إِنَّ لِلرِّجَالِ حَالَيْنِ حَالُ اسْتِحْبَابٍ وَهُوَ أَنْ يَقْتَصِرَ بِالْإِزَارِ عَلَى نِصْفِ السَّاقِ وَحَالُ جَوَازٍ وَهُوَ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَكَذَلِكَ لِلنِّسَاءِ حَالَانِ حَالُ اسْتِحْبَابٍ وَهُوَ مَا يَزِيدُ عَلَى مَا هُوَ جَائِزٌ لِلرِّجَالِ بِقَدْرِ الشِّبْرِ وَحَالُ جَوَازٍ بِقَدْرِ ذِرَاعٍ وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّفْصِيلَ فِي حَقِّ النِّسَاءِ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ مُعْتَمِرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَّرَ لِفَاطِمَةَ مِنْ عَقِبِهَا شِبْرًا.

     وَقَالَ  هَذَا ذَيْلُ الْمَرْأَةِ وَأَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى بِلَفْظِ شَبَّرَ مِنْ ذَيْلِهَا شِبْرًا أَوْ شِبْرَيْنِ.

     وَقَالَ  لَا تَزِدْنَ عَلَى هَذَا وَلَمْ يُسَمِّ فَاطِمَةَ قَالَ الطَّبَرَانِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ مُعْتَمِرٌ وأو شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَاَلَّذِي جَزَمَ بِالشِّبْرِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ يَعْنِي الَّذِي يَأْتِي بَعْدَ هَذَا

رقم الحديث 1732 [1732] قوله ( عن علي بن يزيد) هُوَ مَعْرُوفٌ بِعَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ ضَعِيفٌ مِنَ الرَّابِعَةِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ قُلْتُ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ صَدُوقٌ إِلَّا أَنَّهُ رُبَّمَا رَفَعَ الشَّيْءَ الَّذِي يُوقِفُهُ غَيْرُهُ يَرْوِي عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَأُمِّهِ خَيْرَةَ وَخَلْقٍ ( عَنْ أُمِّ الْحَسَنِ) الْحَسَنُ هَذَا هُوَ الْبَصْرِيُّ وَاسْمُ أُمِّهِ خَيْرَةُ قَالَ فِي التَّقْرِيبِ خَيْرَةُ أُمُّ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مَوْلَاةُ أُمِّ سَلَمَةَ مَقْبُولَةٌ مِنَ الثَّانِيَةِ ( شَبَّرَ) مِنَ التَّشْبِيرِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ شَبَّرَ تَشْبِيرًا قَدَّرَ ( لِفَاطِمَةَ شِبْرًا) بِكَسْرِ الشِّينِ هُوَ مَا بَيْنَ أَعْلَى الْإِبْهَامِ وَأَعْلَى الْخِنْصَرِ ( مِنْ نِطَاقِهَا) بِكَسْرِ النُّونِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ النِّطَاقُ كَكِتَابٍ شُقَّةٌ تَلْبَسُهَا الْمَرْأَةُ تَشُدُّ وَسَطَهَا فَتُرْسِلُ الْأَعْلَى عَلَى الْأَسْفَلِ إِلَى الْأَرْضِ وَالْأَسْفَلُ يَنْجَرُّ عَلَى الْأَرْضِ لَيْسَ لَهَا حُجْزَةٌ وَلَا نَيْفَقٌ وَلَا سَاقَانِ انْتَهَى وَالْمَعْنَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قدر لفاطمة النبي صلى الله عليه وسلم أَنْ تُرْخِيَ قَدْرَ شِبْرٍ مِنْ نِطَاقِهَا قَالَ النَّوَوِيُّ أَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ الْجَرِّ لِلنِّسَاءِ .

     قَوْلُهُ  ( وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ علي بن يزد عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّسَلَمَةَ) عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ يَرْوِي عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعَنْ أُمِّهِ أَيْضًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أُمِّ الْحَسَنِ بِوَاسِطَةِ الْحَسَنِ وَعَنْهَا بِلَا وَسَاطَةٍ أَيْضًا وَلَمْ يَحْكُمِ التِّرْمِذِيُّ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ بِشَيْءٍ مِنَ الصِّحَّةِ وَالضَّعْفِ وفي سنده علي بن يزيد وَقَدْ عَرَفْتَ حَالَهُ - ( بَاب مَا جَاءَ فِي لبس الصوف) قال في الصراح صوف يشم كوسيند قال بن بَطَّالٍ كَرِهَ مَالِكٌ لُبْسَ الصُّوفِ لِمَنْ يَجِدُ غيره لما فيه من الشهرة بالزهر لِأَنَّ إِخْفَاءَ الْعَمَلِ أَوْلَى قَالَ وَلَمْ يَنْحَصِرِ التَّوَاضُعُ فِي لُبْسِهِ بَلْ فِي الْقُطْنِ وَغَيْرِهِ مَا هُوَ بِدُونِ ثَمَنِهِ

رقم الحديث 1733 [1733] .

     قَوْلُهُ  ( كِسَاءً) بِكَسْرِ الْكَافِ هُوَ مَا يَسْتُرُ أَعْلَى الْبَدَنِ وَالْإِزَارُ مَا يَسْتُرُ أَسْفَلَهُ ( مُلَبَّدًا) اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ التَّلْبِيدِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ مُرَقَّعًا.

     وَقَالَ  الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَالَ الْمُهَلَّبُ يُقَالُ لِلرُّقْعَةِ الَّتِي يُرَقَّعُ بِهَا الْقَمِيصُ لُبْدَةٌ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ الَّتِي ضُرِبَ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ حَتَّى تَتَرَاكَبَ وَتَجْتَمِعَ ( قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَيْنِ) أَيْ فِي هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ وَكَأَنَّهُ إِجَابَةٌ لِدُعَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي أَمْثَالِ هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الزَّهَادَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْإِعْرَاضِ عَنْ مَتَاعِهَا وَمَلَاذِّهَا فَيَجِبُ عَلَى الْأُمَّةِ أَنْ يَقْتَدُوا وَأَنْ يَقْتَفُوا عَلَى أَثَرِهِ فِي جَمِيعِ سَيْرِهِ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عن علي وبن مَسْعُودٍ) أَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ فَأَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى ذَكَرَهُ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ فِي تَرْكِ التَّرَفُّعِ فِي اللِّبَاسِ تَوَاضُعًا وَاقْتِدَاءً بِأَشْرَفِ الْخَلْقِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وأما حديث بن مَسْعُودٍ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ عَائِشَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ