فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في كراهية الخروج من المسجد بعد الأذان

رقم الحديث 904 [904] قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْبَدَنَةُ مُحَرَّكَةً مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ الْبَدَنَةُ تَقَعُ عَلَى الْجَمَلِ وَالنَّاقَةِ وَالْبَقَرَةِ وَهِيَ بِالْإِبِلِ أَشْبَهُ وَقَالَ فِي الْفَتْحِ إِنَّ أَصْلَ الْبُدْنِ مِنَ الْإِبِلِ وَأُلْحِقَتْ بِهَا الْبَقَرَةُ شَرْعًا .

     قَوْلُهُ  ( الْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ) وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ اشْتَرَكْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي بَدَنَةٍ فَقَالَ رَجُلٌ لِجَابِرٍ أَيُشْتَرَكُ فِي الْبَقَرِ مَا يُشْتَرَكُ فِي الْجَزُورِ فَقَالَ مَا هِيَ إِلَّا مِنَ الْبُدْنِ .

     قَوْلُهُ  ( وفي الباب عن بن عمر وأبي هريرة وعائشة وبن عباس) أما حديث بن عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ وأما حديث بن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْرَكَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْبَقَرَةِ عَنْ سَبْعَةٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ كَذَا فِي التَّلْخِيصِ.

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ جَابِرٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مسلم قوله ( وهو قول سفيان والثوري وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ) وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ الباب وما في معناه ( وروى عن بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْجَزُورَ عَنْ عَشْرَةٍ) أَسْنَدَهُ التِّرْمِذِيُّ فِيمَا بَعْدُ بِقَوْلِهِ

رقم الحديث 905 [95] حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ إلخ ( وَهُوَ قَوْلِ إِسْحَاقَ) أَيِ بن راهويه ( واحتج بهذا الحديث) وَيَشْهَدُ لَهُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَمَ فَعَدَلَ عَشْرًا مِنَ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ 4 -

رقم الحديث 906 [96] قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ إِشْعَارُ الْبُدْنِ هُوَ أَنْ يُشَقَّ أَحَدُ جَنْبَيْ سَنَامِ الْبَدَنَةِ حَتَّى يَسِيلَ دَمُهَا وَيُجْعَلَ ذَلِكَ لَهَا عَلَامَةً تُعْرَفُ بِهَا أَنَّهَا هَدْيٌ انْتَهَى قَالَ الْحَافِظُ وَفَائِدَةُ الْإِشْعَارِ الْإِعْلَامُ بِأَنَّهَا صَارَتْ هَدْيًا لِيَتْبَعَهَا مَنْ يَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ وَحَتَّى لَوِ اخْتَلَطَتْ بِغَيْرِهَا تَمَيَّزَتْ أوضلت عُرِفَتْ أَوْ عَطِبَتْ عَرَفَهَا الْمَسَاكِينُ بِالْعَلَامَةِ فَأَكَلُوهَا مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَعْظِيمِ شِعَارِ الشَّرْعِ وَحَثِّ الْغَيْرِ عَلَيْهِ.

     قَوْلُهُ  ( قَلَّدَ نَعْلَيْنِ) أَيْ عَلَّقَهُمَا وَجَعَلَهُمَا فِي رَقَبَةِ الْهَدْيِ قَالَ الْعَيْنِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ التَّقْلِيدُ هُوَ تَعْلِيقُ نَعْلٍ أَوْ جِلْدٍ لِيَكُونَ عَلَامَةَ الهدى ( وأشعر الهدي في شق الْأَيْمَنِ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَأَشْعَرَهَا فِي صَفْحَةِ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ قَالَ النَّوَوِيُّ صَفْحَةُ السَّنَامِ جَانِبُهُ أَيْ فِي جَانِبِ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ ( وَأَمَاطَ عَنْهُ الدَّمَ) أَيْ مَسَحَهُ وَسَلَتَهُ عَنْهُ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَلَفْظُهُ هَكَذَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ دَعَا بِنَاقَتِهِ فَأَشْعَرَهَا فِي صَفْحَةِ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ وَسَلَتَ الدَّمَ وَقَلَّدَهَا نَعْلَيْنِ ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ عائشة أخرجه الشيخان قوله ( حديث بن عَبَّاسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ .

     قَوْلُهُ  ( اسمه مسلم) أي بن عَبْدِ اللَّهِ الْمَشْهُورِ بِكُنْيَتِهِ صَدُوقٌ رُمِيَ بِرَأْيِ الْخَوَارِجِ .

     قَوْلُهُ  ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ إلخ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ الْإِشْعَارِ وَالتَّقْلِيدِ فِي الْهَدَايَا مِنَ الْإِبِلِ وبهذا قال جماهير العلماء من السلف والخلف وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْإِشْعَارُ بِدْعَةٌ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ وَهَذَا يُخَالِفُ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ الْمَشْهُورَةَ فِي الْإِشْعَارِ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  إِنَّهَا مُثْلَةٌ فَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هَذَا كَالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَالْخِتَانِ وَالْكَيِّ وَالْوَسْمِ انْتَهَى قَالَ الْحَافِظُ وَأَبْعَدَ مَنْ مَنَعَ الْإِشْعَارَ وَاعْتَلَّ بِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ مَشْرُوعًا قَبْلَ النَّهْي عَنِ الْمُثْلَةِ فَإِنَّ النَّسْخَ لَا يُصَارُ إِلَيْهِ بِالِاحْتِمَالِ بَلْ وَقَعَ الْإِشْعَارُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَذَلِكَ بَعْدَ النَّهْيِ عَنِ الْمُثْلَةِ بِزَمَانٍ .

     قَوْلُهُ  ( قَالَ سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ عِيسَى) أَيْ قَالَ أَبُو عِيسَى سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ عِيسَى وَهُوَ مِنْ شُيُوخِ التِّرْمِذِيِّ ثِقَةٌ فَاضِلٌ مِنَ الْعَاشِرَة ( فَقَالَ لَا تَنْظُرُوا إِلَى قَوْلِ أَهْلِ الرَّأْيِ فِي هذا فإنالْإِشْعَارَ سُنَّةٌ وَقَوْلَهُمْ بِدْعَةٌ) قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ السِّنْدِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ أَشَارَ بِهَذَا إِلَى قَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ قِيلَ إِنَّ الْإِشْعَارَ عِنْدَهُ مَكْرُوهٌ وَقِيلَ بِدْعَةٌ انْتَهَى وَقَالَ صَاحِبُ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ لَفْظُ أَهْلِ الرَّأْيِ لَيْسَ لِلتَّوْهِينِ بَلْ يُطْلَقُ عَلَى الْفَقِيهِ إِلَّا أَنَّ أَوَّلَ إِطْلَاقِ هَذَا اللَّفْظِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ فإنه أول مِنْ دُونِ الْفِقْهِ قَالَ ثُمَّ يُسْتَعْمَلُ لَفْظُ أَهْلِ الرَّأْيِ فِي كُلِّ فَقِيهٍ انْتَهَى قُلْتُ لَا شَكَّ فِي أَنَّ مُرَادَ وَكِيعٍ بِأَهْلِ الرَّأْيِ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ وَكِيعٍ الْآتِي أَشْعَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ مُثْلَةٌ وَقَوْلُ وَكِيعٍ هَذَا وَقَولُهُ لَا تَنْظُرُوا إِلَى قَوْلِ أَهْلِ الرَّأْيِ إلخ كِلَاهُمَا للإنكار على الامام أبو حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ الْإِشْعَارُ مُثْلَةٌ أَوْ مَكْرُوهٌ فَأَنْكَرَ وَكِيعٌ بِهَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ عَلَيْهِ وَعَلَى أَصْحَابِهِ إِنْكَارًا شَدِيدًا وَرَدَّ عَلَيْهِ رَدًّا بَلِيغًا وَظَهَرَ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ وَكِيعًا لَمْ يَكُنْ حَنَفِيًّا مُقَلِّدًا لِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ حَنَفِيًّا لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ هَذَا الْإِنْكَارَ الْبَتَّةَ فَبَطَلَ قَوْلُ صَاحِبِ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ أَنَّ وَكِيعًا كَانَ حَنَفِيًّا فَإِنْ.

قُلْتُ قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ فِي تَرْجَمَةِ وَكِيعٍ قَالَ يَحْيَى مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْهُ يَعْنِي مِنْ وَكِيعٍ يَقُومُ اللَّيْلَ وَيَسْرُدُ الصَّوْمَ وَيُفْتِي بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ انْتَهَى فَقَوْلُ يَحْيَى هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَكِيعًا كَانَ حَنَفِيًّا قُلْتُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَيُفْتِي بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ هُوَ الْإِفْتَاءُ بِجَوَازِ شُرْبِ نَبِيذِ الْكُوفِيِّينَ فَإِنَّ وَكِيعًا كَانَ يَشْرَبُهُ وَيُفْتِي بِجَوَازِهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ مَا فِيهِ أَيْ مَا فِي وَكِيعٍ إِلَّا شُرْبُهُ نَبِيذَ الْكُوفِيِّينَ وَمُلَازَمَتُهُ لَهُ جَاءَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْهُ انْتَهَى وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ يُفْتِي بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الْخُصُوصُ لَا الْعُمُومُ وَلَوْ سَلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْعُمُومُ فَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الَّذِي لَيْسَ مُخَالِفًا لِلْحَدِيثِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلَاهُ الْمَذْكُورَانِ وَأَمَّا قَوْلُ صَاحِبِ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ لَفْظُ أَهْلِ الرَّأْيِ يُطْلَقُ عَلَى الْفَقِيهِ وَقَولُهُ يُسْتَعْمَلُ فِي كُلِّ فَقِيهٍ فَفِيهِ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَا يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ فَقِيهٍ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الْمُقَدَّمَةِ ( فَإِنَّ الْإِشْعَارَ سُنَّةٌ وَقَوْلَهُمْ بِدْعَةٌ) يَعْنِي أَنَّ الْإِشْعَارَ ثَابِتٌ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا قَوْلُ أَهْلِ الرَّأْيِ بِأَنَّ الْإِشْعَارَ مُثْلَةٌ فَهُوَ بِدْعَةٌ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَلَمْ يَفْهَمْ صَاحِبُ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ مَعْنَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ حَيْثُ قَالَ .

     قَوْلُهُ  بِدْعَةٌ إلخ لَمْ يُصَرِّحْ وَكِيعٌ بِأَنَّ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِذَا ذَكَرَ قوله لم يقله بِدْعَةٌ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهِ انْتَهَى كَلَامُهُ بِلَفْظِهِ ( وَيَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ مُثْلَةٌ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُقَالُ مَثَّلْتُ بِالْحَيَوَانِ أُمَثِّلُ بِهِ مَثَلًا إِذَا قَطَعْتَ أَطْرَافَهُ وَشَوَّهْتَ بِهِ وَمَثَّلْتَ بِالْقَتِيلِ إِذَا جَدَعْتَ أَنْفَهُ أَوْ أُذُنَهُ أَوْ مَذَاكِيرَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْ أَطْرَافِهِ.

     قَوْلُهُ  ( قَلَّدَ نَعْلَيْنِ) أَيْ عَلَّقَهُمَا وَجَعَلَهُمَا فِي رَقَبَةِ الْهَدْيِ قَالَ الْعَيْنِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ التَّقْلِيدُ هُوَ تَعْلِيقُ نَعْلٍ أَوْ جِلْدٍ لِيَكُونَ عَلَامَةَ الهدى ( وأشعر الهدي في شق الْأَيْمَنِ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَأَشْعَرَهَا فِي صَفْحَةِ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ قَالَ النَّوَوِيُّ صَفْحَةُ السَّنَامِ جَانِبُهُ أَيْ فِي جَانِبِ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ ( وَأَمَاطَ عَنْهُ الدَّمَ) أَيْ مَسَحَهُ وَسَلَتَهُ عَنْهُ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَلَفْظُهُ هَكَذَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ دَعَا بِنَاقَتِهِ فَأَشْعَرَهَا فِي صَفْحَةِ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ وَسَلَتَ الدَّمَ وَقَلَّدَهَا نَعْلَيْنِ ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ عائشة أخرجه الشيخان قوله ( حديث بن عَبَّاسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ .

     قَوْلُهُ  ( اسمه مسلم) أي بن عَبْدِ اللَّهِ الْمَشْهُورِ بِكُنْيَتِهِ صَدُوقٌ رُمِيَ بِرَأْيِ الْخَوَارِجِ .

     قَوْلُهُ  ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ إلخ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ الْإِشْعَارِ وَالتَّقْلِيدِ فِي الْهَدَايَا مِنَ الْإِبِلِ وبهذا قال جماهير العلماء من السلف والخلف وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْإِشْعَارُ بِدْعَةٌ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ وَهَذَا يُخَالِفُ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ الْمَشْهُورَةَ فِي الْإِشْعَارِ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  إِنَّهَا مُثْلَةٌ فَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هَذَا كَالْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ وَالْخِتَانِ وَالْكَيِّ وَالْوَسْمِ انْتَهَى قَالَ الْحَافِظُ وَأَبْعَدَ مَنْ مَنَعَ الْإِشْعَارَ وَاعْتَلَّ بِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ مَشْرُوعًا قَبْلَ النَّهْي عَنِ الْمُثْلَةِ فَإِنَّ النَّسْخَ لَا يُصَارُ إِلَيْهِ بِالِاحْتِمَالِ بَلْ وَقَعَ الْإِشْعَارُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَذَلِكَ بَعْدَ النَّهْيِ عَنِ الْمُثْلَةِ بِزَمَانٍ .

     قَوْلُهُ  ( قَالَ سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ عِيسَى) أَيْ قَالَ أَبُو عِيسَى سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ عِيسَى وَهُوَ مِنْ شُيُوخِ التِّرْمِذِيِّ ثِقَةٌ فَاضِلٌ مِنَ الْعَاشِرَة ( فَقَالَ لَا تَنْظُرُوا إِلَى قَوْلِ أَهْلِ الرَّأْيِ فِي هذا فإنالْإِشْعَارَ سُنَّةٌ وَقَوْلَهُمْ بِدْعَةٌ) قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ السِّنْدِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ أَشَارَ بِهَذَا إِلَى قَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ قِيلَ إِنَّ الْإِشْعَارَ عِنْدَهُ مَكْرُوهٌ وَقِيلَ بِدْعَةٌ انْتَهَى وَقَالَ صَاحِبُ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ لَفْظُ أَهْلِ الرَّأْيِ لَيْسَ لِلتَّوْهِينِ بَلْ يُطْلَقُ عَلَى الْفَقِيهِ إِلَّا أَنَّ أَوَّلَ إِطْلَاقِ هَذَا اللَّفْظِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ فإنه أول مِنْ دُونِ الْفِقْهِ قَالَ ثُمَّ يُسْتَعْمَلُ لَفْظُ أَهْلِ الرَّأْيِ فِي كُلِّ فَقِيهٍ انْتَهَى قُلْتُ لَا شَكَّ فِي أَنَّ مُرَادَ وَكِيعٍ بِأَهْلِ الرَّأْيِ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ وَكِيعٍ الْآتِي أَشْعَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ مُثْلَةٌ وَقَوْلُ وَكِيعٍ هَذَا وَقَولُهُ لَا تَنْظُرُوا إِلَى قَوْلِ أَهْلِ الرَّأْيِ إلخ كِلَاهُمَا للإنكار على الامام أبو حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ الْإِشْعَارُ مُثْلَةٌ أَوْ مَكْرُوهٌ فَأَنْكَرَ وَكِيعٌ بِهَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ عَلَيْهِ وَعَلَى أَصْحَابِهِ إِنْكَارًا شَدِيدًا وَرَدَّ عَلَيْهِ رَدًّا بَلِيغًا وَظَهَرَ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ وَكِيعًا لَمْ يَكُنْ حَنَفِيًّا مُقَلِّدًا لِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ حَنَفِيًّا لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ هَذَا الْإِنْكَارَ الْبَتَّةَ فَبَطَلَ قَوْلُ صَاحِبِ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ أَنَّ وَكِيعًا كَانَ حَنَفِيًّا فَإِنْ.

قُلْتُ قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ فِي تَرْجَمَةِ وَكِيعٍ قَالَ يَحْيَى مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْهُ يَعْنِي مِنْ وَكِيعٍ يَقُومُ اللَّيْلَ وَيَسْرُدُ الصَّوْمَ وَيُفْتِي بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ انْتَهَى فَقَوْلُ يَحْيَى هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَكِيعًا كَانَ حَنَفِيًّا قُلْتُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَيُفْتِي بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ هُوَ الْإِفْتَاءُ بِجَوَازِ شُرْبِ نَبِيذِ الْكُوفِيِّينَ فَإِنَّ وَكِيعًا كَانَ يَشْرَبُهُ وَيُفْتِي بِجَوَازِهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ مَا فِيهِ أَيْ مَا فِي وَكِيعٍ إِلَّا شُرْبُهُ نَبِيذَ الْكُوفِيِّينَ وَمُلَازَمَتُهُ لَهُ جَاءَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْهُ انْتَهَى وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ يُفْتِي بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الْخُصُوصُ لَا الْعُمُومُ وَلَوْ سَلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْعُمُومُ فَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الَّذِي لَيْسَ مُخَالِفًا لِلْحَدِيثِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلَاهُ الْمَذْكُورَانِ وَأَمَّا قَوْلُ صَاحِبِ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ لَفْظُ أَهْلِ الرَّأْيِ يُطْلَقُ عَلَى الْفَقِيهِ وَقَولُهُ يُسْتَعْمَلُ فِي كُلِّ فَقِيهٍ فَفِيهِ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَا يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ فَقِيهٍ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الْمُقَدَّمَةِ ( فَإِنَّ الْإِشْعَارَ سُنَّةٌ وَقَوْلَهُمْ بِدْعَةٌ) يَعْنِي أَنَّ الْإِشْعَارَ ثَابِتٌ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا قَوْلُ أَهْلِ الرَّأْيِ بِأَنَّ الْإِشْعَارَ مُثْلَةٌ فَهُوَ بِدْعَةٌ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَلَمْ يَفْهَمْ صَاحِبُ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ مَعْنَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ حَيْثُ قَالَ .

     قَوْلُهُ  بِدْعَةٌ إلخ لَمْ يُصَرِّحْ وَكِيعٌ بِأَنَّ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِذَا ذَكَرَ قوله لم يقله بِدْعَةٌ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهِ انْتَهَى كَلَامُهُ بِلَفْظِهِ ( وَيَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ مُثْلَةٌ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُقَالُ مَثَّلْتُ بِالْحَيَوَانِ أُمَثِّلُ بِهِ مَثَلًا إِذَا قَطَعْتَ أَطْرَافَهُ وَشَوَّهْتَ بِهِ وَمَثَّلْتَ بِالْقَتِيلِ إِذَا جَدَعْتَ أَنْفَهُ أَوْ أُذُنَهُ أَوْ مَذَاكِيرَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْ أَطْرَافِهِ.

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ جَابِرٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مسلم قوله ( وهو قول سفيان والثوري وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ) وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ الباب وما في معناه ( وروى عن بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْجَزُورَ عَنْ عَشْرَةٍ) أَسْنَدَهُ التِّرْمِذِيُّ فِيمَا بَعْدُ بِقَوْلِهِ

رقم الحديث 907 [97] قوله ( حدثنا بن الْيَمَانِ) اسْمُهُ يَحْيَى الْعِجْلِيُّ الْكُوفِيُّ صَدُوقٌ عَابِدٌ يخطىء كَثِيرًا وَقَدْ تَغَيَّرَ مِنْ كِبَارِ التَّاسِعَةِ ( عَنْ عبيد الله) هو بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْعُمَرِيُّ الْمَدَنِيُّ أَبُو عُثْمَانَ ثِقَةٌ ثَبْتٌ قَدَّمَهُ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ عَلَى مَالِكِ بْنِ نَافِعٍ .

     قَوْلُهُ  ( اشْتَرَى هَدْيَهُ مِنْ قُدَيْدٍ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ قُدَيْدٌ مُصَغَّرًا وَهُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ الْيَمَانِ) وَقَدْ عَرَفْتَ حَالَهُ ( وَهَذَا أَصَحُّ) أَيْ هَذَا الْمَوْقُوفُ مِنَ الْمَرْفُوعِ الَّذِي رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ عَنِ الثَّوْرِيِّ66 - ( باب ما جاء في تقليد الهدي للمقيم)

رقم الحديث 908 [98] أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَلَبَّسَ بِالْإِحْرَامِ وَالْهَدْيُ مَا يُهْدَى إِلَى الْكَعْبَةَ مِنَ النَّعَمِ لِتُنْحَرَ به وتقليدها أن يجعل فِي رِقَابِهَا شَيْءٌ كَالْقِلَادَةِ مِنْ لِحَاءِ الشَّجَرَةِ أَوِ الصُّوفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِيُعْلَمَ أَنَّهَا هَدْيٌ .

     قَوْلُهُ  ( فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَلَائِدُ جَمْعُ قِلَادَةٍ وَهِيَ مَا تُعَلَّقُ بِالْعُنُقِ ( ثُمَّ لَمْ يُحْرِمْ) أَيْ لَمْ يَصِرْ مُحْرِمًا ( وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا مِنَ الثِّيَابِ) أَيِ الَّتِي أَحَلَّهَا اللَّهُ لَهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ زِيَادَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ كَتَبَ إِلَى عَائِشَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ مَنْ أَهْدَى هَدْيًا حَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَاجِّ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيَهُ قَالَتْ عمرة فقالت عائشة ليس كما قال بن عَبَّاسٍ أَنَا فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيْهِ ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ .

     قَوْلُهُ  ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا إِذَا قَلَّدَ الرَّجُلُ الْهَدْيَ وَهُوَ يُرِيدُ الْحَجَّ إلخ) قَالَ النَّوَوِيُّ مَنْ بَعَثَ هَدْيَهُ لَا يَصِيرُ مُحْرِمًا وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً انْتَهَى ( وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِذَا قَلَّدَ الرَّجُلُ الْهَدْيَ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ مَا وَجَبَ عَلَى الْمُحْرِمِ) وَبِهِ قَالَ بن عَبَّاسٍ وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصحابة منهم بن عمر رواه بن أبي شيبة عن بن علية عن أيوب وبن المنذر من طريق بن جريج كلاهما عن نافع أن بن عُمَرَ كَانَ إِذَا بَعَثَ بِالْهَدْيِ يُمْسِكُ عَمَّا يُمْسِكُ عَنْهُ الْمُحْرِمُ إِلَّا أَنَّهُ لَا يُلَبِّي وَمِنْهُمْ قَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ طَرِيقِسعيد بن المسيب نحو ذلك وروى بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ أَنَّهُمَا قَالَا فِي الرَّجُلِ يُرْسِلُ بِبَدَنَةٍ أَنَّهُ يُمْسِكُ عَمَّا يمسك عنه المحرم وهذا منقطع قال بن المنذر قال عمر وعلي وبن عمر وبن عباس والنخعي وعطاء وبن سِيرِينَ وَآخَرُونَ مَنْ أَرْسَلَ الْهَدْيَ وَأَقَامَ حَرُمَ عليه ما يحرم على المحرم وقال بن مسعود وعائشة وأنس وبن الزُّبَيْرِ وَآخَرُونَ لَا يَصِيرُ بِذَلِكَ مُحْرِمًا وَإِلَى ذلك صار نقهاء الْأَمْصَارِ وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ بِمَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدَّ قَمِيصَهُ مِنْ جَيْبِهِ حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ رِجْلَيْهِ.

     وَقَالَ  إِنِّي أَمَرْتُ بِبُدْنِيِّ الَّتِي بَعَثْتُ بِهَا أَنْ تُقَلَّدَ الْيَوْمَ وَتُشْعَرَ عَلَى مَكَانِ كَذَا فَلَبِسْتُ قَمِيصِي وَنَسِيتُ فَلَمْ أَكُنْ لِأُخْرِجَ قَمِيصِي مِنْ رَأْسِي الْحَدِيثَ وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِضَعْفِ إِسْنَادِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي وَالْمَذْهَبُ الْقَوِيُّ هُوَ أَنَّ بَاعِثَ الْهَدْيِ لَا يَصِيرُ مُحْرِمًا لِثُبُوتِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأسانيد صحيحة وما ذهب إليه بن عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ واللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ 7 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي تَقْلِيدِ الْغَنَمِ)

رقم الحديث 909 [99] .

     قَوْلُهُ  ( كُنْتُ أَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّهَا) بِالنَّصْبِ تَأْكِيدٌ لِلْقَلَائِدِ أَوْ بِالْجَرِّ تَأْكِيدٌ لِهَدْيِ ( غَنَمًا) حَالٌ عَنِ الْهَدْيِ إِلَّا أَنَّهُ اشْتُرِطَ فِي الْحَالِ مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ صِحَّةُ وَضْعِهِ موضع المضاف وهو ها هنا مَفْقُودٌ إِلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إِذَا كَانَ الْمُضَافُ مِثْلَ جُزْءِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ فَيَجُوزُ الْحَالُ مِنْهُ وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ نَظَرًا إِلَى اتِّصَالِ الْقَلَائِدِ بِالْهَدْيِ كَجُزْئِهِ وَأَجَازَ بَعْضُ النُّحَاةِ مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ مُطْلَقًا فَحِينَئِذٍ لَا إِشْكَالَ كَذَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ لِأَبِي الطَّيِّبِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ .

     قَوْلُهُ  ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ إلخ) وَهُوَ قَوْلُ الْكَثِيرِينَ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِنَا وَمَذْهَبِالْكَثِيرِينَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَقْلِيدُ الْغَنَمِ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يُسْتَحَبُّ بَلْ خَصَّا التَّقْلِيدَ بِالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي دَلَالَتِهِ عليهما انتهى وقال بن الْمُنْذِرِ أَنْكَرَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ تَقْلِيدَ الْغَنَمِ وَلَمْ نَجِدْ لَهُمْ حُجَّةً إِلَّا قَوْلَ بَعْضِهِمْ إِنَّهَا تَضْعُفُ عَنِ التَّقْلِيدِ وَهُوَ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ التَّقْلِيدِ الْعَلَامَةُ وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا لَا تُشْعَرُ لِأَنَّهَا تَضْعُفُ عَنْهُ فَتُقَلَّدُ بِمَا لَا يُضْعِفُهَا وَالْحَنَفِيَّةُ فِي الْأَصْلَ يَقُولُونَ لَيْسَتِ الْغَنَمُ مِنَ الْهَدْيِ فَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى انْتَهَى 8 - ( بَاب مَا جَاءَ إِذَا عَطِبَ الْهَدْيُ مَا يُصْنَعُ بِهِ) عَطِبَ كَفَرِحَ هَلَكَ وَالْمُرَادُ قَرُبَ هَلَاكُهَا حَتَّى خِيفَ عَلَيْهَا الْمَوْتُ

رقم الحديث 910 [91] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ نَاجِيَةَ الْخُزَاعِيِّ) هو بن جندب بن كعب وقيل بن كَعْبِ بْنِ جُنْدُبٍ صَحَابِيٌّ تَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ السُّيُوطِيُّ لَيْسَ لَهُ فِي الْكُتُبِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ وَكَانَ اسْمُهُ ذَكْوَانَ فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاجِيَةَ حِينَ نَجَا مِنْ قُرَيْشٍ وَاسْمُ أَبِيهِ جُنْدُبٌ وَقِيلَ كَعْبٌ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا عَطِبَ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ عَطَبُ الْهَدْيِ هَلَاكُهُ وَقَدْ يُعَبِّرُ عَنْ آفَةٍ تَعْتَرِيهِ وَتَمْنَعُهُ عَنِ السَّيْرِ فَيُنْحَرُ انْتَهَى ( ثُمَّ اغْمِسْ نَعْلَهَا) إِنَّمَا يُفْعَلُ ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنْ يَعْلَمَ مَنْ مَرَّ بِهِ أَنَّهُ هَدْيٌ فَيَأْكُلَهُ ( ثُمَّ خَلِّ بين الناس وبينها فيأكلوها) وفي حديث ذويب أَبِي قَبِيصَةَ وَلَا تَطْعَمْهَا أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ قَالَ النَّوَوِيُّ وَفِي الْمُرَادِ بِالرُّفْقَةِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَحَدُهُمَا الَّذِينَ يُخَالِطُونَ الْمُهْدِي فِي الْأَكْلِ وَغَيْرِهِ دُونَ بَاقِي الْقَافِلَةِ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَصَحُّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّفْقَةِ جَمِيعُ الْقَافِلَةِ لِأَنَّ السَّبَبَ الَّذِي مُنِعَتْ بِهِ الرُّفْقَةُ هُوَ خَوْفُ تَعْطِيبِهِمْ إِيَّاهُ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي جَمِيعِ الْقَافِلَةِ فَإِنْ قِيلَ إِذَا لَمْ تُجَوِّزُوا لِأَهْلِ الرُّفْقَةِ أَكْلَهُ وَقُلْتُمْ بِتَرْكِهِ فِي الْبَرِّيَّةِ كَانَ طُعْمَةً لِلسِّبَاعِ وَهَذَا إِضَاعَةُ مَالٍ قُلْنَا لَيْسَ فِيهِ إِضَاعَةٌ بَلِ الْعَادَةُ الْغَالِبَةُ أَنَّ سُكَّانَ الْبَوَادِي يَتَتَبَّعُونَ مَنَازِلَ الْحَجِيجِ لِالْتِقَاطِ سَاقِطَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَقَدْ تَأْتِي قَافِلَةٌ إِثْرَ قَافِلَةٍ وَالرُّفْقَةُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ انْتَهَىقوله ( وفي الباب عن ذويب أبي قبيصة الخزاعي) أخرجه أحمد ومسلم وبن مَاجَهْ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْعَثُ مَعَهُ بِالْبُدْنِ ثُمَّ يَقُولُ إِنْ عَطِبَ مِنْهَا شَيْءٌ فَخَشِيتَ عَلَيْهَا مَوْتًا فَانْحَرْهَا ثُمَّ اغْمِسْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا ثُمَّ اضْرِبْ بِهِ صَفْحَتَهَا وَلَا تَطْعَمْهَا أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ نَاجِيَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) قَالَ فِي الْمُنْتَقَى رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ .

     قَوْلُهُ  ( وَيُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ) أَيْ يَتْرُكُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ ( يَأْكُلُونَهُ) قَالَ النَّوَوِيُّ وَلَا يَجُوزُ لِلْأَغْنِيَاءِ الْأَكْلُ مِنْهُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْهَدْيَ مُسْتَحَقٌّ لِلْمَسَاكِينِ فَلَا يَجُوزُ لغيرهم انتهى وقال القارىء فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ لِمُحَمَّدٍ.
اعْلَمْ أَنَّ هَدْيَ التَّطَوُّعِ إِذَا بَلَغَ الْحَرَمَ يَجُوزُ لِصَاحِبِهِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ لِأَنَّ الْقُرْبَةَ فِيهِ بِالْإِرَاقَةِ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْحَرَمِ وَفِي غَيْرِهِ التَّصَدُّقُ انْتَهَى ( وَقَدْ أَجْزَأَ عَنْهُ) أَيْ لَا بَدَلَ عَلَيْهِ ( وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَقَالُوا إِنْ أَكَلَ مِنْهُ شَيْئًا غَرِمَ مِقْدَارَ مَا أَكَلَ مِنْهُ) أَيْ تَصَدَّقَ قِيمَةَ مَا أَكَلَ مِنْهُ مِنَ الْغُرْمِ وَهُوَ أَدَاءُ شَيْءٍ لَازِمٍ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ إِنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَنْ سَاقَ بُدْنَهُ تَطَوُّعًا ثُمَّ عَطِبَتْ فَنَحَرَهَا فَلْيَجْعَلْ قِلَادَتَهَا وَنَعْلَهَا فِي دَمِهَا ثُمَّ يَتْرُكْهَا لِلنَّاسِ يَأْكُلُونَهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَإِنْ هُوَ أَكَلَ مِنْهَا أَوْ أَمَرَ بِأَكْلِهَا فَعَلَيْهِ الْغُرْمُ رَوَاهُ مُحَمَّدٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَقَولُهُ فَعَلَيْهِ الْغُرْمُ بِضَمِّ الْغَيْنِ أَيِ الْغَرَامَةُ وَهِيَ قِيمَةُ مَا أَكَلَ ( وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِذَا أَكَلَ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ شَيْئًا فَقَدْ ضَمِنَ) أَيْ عَلَيْهِ الْبَدَلُ وَهَذَا خِلَافُ مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ قَالَ عِيَاضٌ فَمَا عَطِبَ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ صَاحِبُهُ وَلَا سَائِقُهُ وَلَا رُفْقَتُهُ لِنَصِّ الْحَدِيثِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ وَقَالُوا لَا بَدَلَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ بَيَانٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ إِذَا عَطِبَ قَبْلَ مَحِلِّهِ فَيَأْكُلُ مِنْهُ صَاحِبُهُ وَالْأَغْنِيَاءُ لِأَنَّ صَاحِبَهُ يَضْمَنُهُ لِتَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهِ قَالَهُ الزرقاني69 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي رُكُوبِ الْبَدَنَةِ)

رقم الحديث 911 [911] .

     قَوْلُهُ  ( رَأَى رَجُلًا) قَالَ الْحَافِظُ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ بَعْدَ طُولِ الْبَحْثِ ( يَسُوقُ بَدَنَةً) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالدَّالِ وَالنُّونِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ مُقَلَّدَةً وَكَذَا فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ ( فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا بَدَنَةٌ) أَرَادَ أَنَّهَا بَدَنَةٌ مُهْدَاةٌ إِلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَلَوْ كَانَ مُرَادُهُ الْإِخْبَارَ عَنْ كَوْنِهَا بَدَنَةً لَمْ يَكُنِ الْجَوَابُ مُفِيدًا لِأَنَّ كَوْنَهَا مِنَ الْإِبِلِ مَعْلُومٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الرَّجُلَ ظَنَّ أَنَّهُ خَفِيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَوْنُهَا هَدْيًا فَقَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَمْ يَخْفَ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِهَا كَانَتْ مُقَلَّدَةً وَلِهَذَا قَالَ لَمَّا زَادَ فِي مُرَاجَعَتِهِ وَيْلَكَ ( وَيْحَكَ أَوْ وَيْلَك) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ وَيْحٌ كَلِمَةُ تَرَحُّمٍ وَتَوَجُّعٍ تُقَالُ لِمَنْ وَقَعَ فِي هَلَكَةٍ لَا يَسْتَحِقُّهَا وَقَدْ يُقَالُ بِمَعْنَى الْمَدْحِ وَالتَّعَجُّبِ وَهِيَ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الْمَصْدَرِ وَقَدْ ترتفع وتضاف ولا تضاف يقال ويح زيد وويحاله وَوَيْحٌ لَهُ انْتَهَى وَقَالَ الْوَيْلُ الْحُزْنُ وَالْهَلَاكُ وَالْمَشَقَّةُ مِنَ الْعَذَابِ وَكُلُّ مَنْ وَقَعَ فِي هَلَكَةٍ دَعَا بِالْوَيْلِ وَمَعْنَى النِّدَاءِ فِيهِ يَا حُزْنِي وَيَا هَلَاكِي وَيَا عَذَابِي احْضُرْ فَهَذَا وَقْتُكَ وَأَوَانُكَ فَكَأَنَّهُ نَادَى الْوَيْلَ أَنْ يَحْضُرَهُ لِمَا عَرَضَ لَهُ مِنَ الْأَمْرِ الْفَظِيعِ قَالَ وَقَدْ يَرِدُ الْوَيْلُ بِمَعْنَى التَّعَجُّبِ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرٍ) أَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ أَيَرْكَبُ الرَّجُلُ هَدْيَهُ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ قَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمُرُّ بِالرِّجَالِ يَمْشُونَ فَيَأْمُرُهُمْ بِرُكُوبِ هَدْيِهِ قَالَ لَا تَتْبَعُونَ شَيْئًا أَفْضَلَ مِنْ سُنَّةِ نَبِيّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ بِنَحْوِ حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رُكُوبِ الْهَدْيِ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ارْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ إِذَا أُلْجِئْتَ إِلَيْهَا حَتَّى تَجِدَ ظَهْرًا .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ أَنَسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ.

     قَوْلُهُ  ( وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ) وَحَكَى بن عَبْدِ الْبَرِّ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ كَرَاهَةَ رُكُوبِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَنَقَلَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ جَوَازَ الرُّكُوبِ مَعَ الْحَاجَةِ وَيَضْمَنُ مَا نَقَصَ مِنْهَا بِالرُّكُوبِ وَالطَّحَاوِيُّ أَقْعَدُ بِمَعْرِفَةِ مَذْهَبِ إِمَامِهِ وَقَدْ وَافَقَ أَبَا حَنِيفَةَ الشَّافِعِيُّ عَلَى ضَمَانِ النَّقْصِ فِي الْهَدْيِ الْوَاجِبِ كَذَا فِي النَّيْلِ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ لَا يَرْكَبُ مَا لَمْ يُضْطَرَّ إِلَيْهِ قَالَ فِي النَّيْلِ وَقَيَّدَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ الْجَوَازَ بِالِاضْطِرَارِ وَنَقَلَهُ بن أبي شيبة عن الشعبي وحكى بن الْمُنْذِرِ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَرْكَبُ إِذَا اضْطُرَّ ركوبا غير قادح وحكى بن الْعَرَبِيِّ عَنْ مَالِكٍ أَنْ يَرْكَبَ لِلضَّرُورَةِ فَإِذَا استراح نزل يعني إذا انتهب ضَرُورَتُهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى اعْتِبَارِ الضَّرُورَةِ مَا فِي حديث جابر المذكورة مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ إِذَا أُلْجِئْتَ إِلَيْهَا - ( بَاب مَا جَاءَ بِأَيِّ جَانِبِ الرَّأْسِ يَبْدَأُ فِي الْحَلْقِ)

رقم الحديث 912 [912] .

     قَوْلُهُ  ( نَحَرَ نُسُكَهُ) جَمْعُ نَسِيكَةٍ بِمَعْنَى ذَبِيحَةٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ نَسَكَ يَنْسُكُ نُسْكًا إِذَا ذَبَحَ وَالنَّسِيكَةُ الذَّبِيحَةُ ( ثُمَّ نَاوَلَ الْحَالِقَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْبُدَاءَةِ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ بِالشِّقِّ الْأَيْمَنِ مِنْ رَأْسِ الْمَحْلُوقِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَبْدَأُ بِجَانِبِهِ الْأَيْسَرِ لِأَنَّهُ عَلَى يَمِينِ الْحَالِقِ وَالْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ يَأْتِي فِي قَصِّ الشَّارِبِ قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ ( فَأَعْطَاهُ) أَيِ الشَّعْرَ الْمَحْلُوقَ ( فَقَالَ اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ) فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ التَّبَرُّكِ بِشَعْرِ أَهْلِ الْفَضْلِ وَنَحْوِهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى طَهَارَةِ شَعْرِ الْآدَمِيِّ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ.

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ تنبيه ذكر صاحب العرف الشذي ها هنا قِصَّةَ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْحَجَّامِ الْمَشْهُورَةَ فَقَالَ إِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَمَّا ذَهَبَ حَاجًّا فَفَرَغَ عَنْ حَجَّتِهِ وَأَرَادَ الْحَلْقَ فَاسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ قَالَ الْحَالِقُ اسْتَقْبِلْهَا ثُمَّ بَدَأَ أَبُو حَنِيفَةَ بِالْيَسَارِ قَالَ الْحَالِقُ ابْدَأْ بِالْيَمِينِ ثُمَّ بَعْدَ الْحَلْقِ أَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ أَنْ يَقُومَ وَمَا دَفَنَ الْأَشْعَارَ قَالَ الْحَالِقُ ادْفِنْهَا فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَخَذْتُ ثَلَاثَةَ مَسَائِلَ مِنَ الْحَالِقِ ثُمَّ قَالَ هَذِهِ الْحِكَايَةُ ثُبُوتُهَا لَا يُعْلَمُ انْتَهَى كَلَامُهُ بلفظه قلت قال الحافظ بن حَجَرٍ فِي التَّلْخِيصِ وَهِيَ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ أَخْرَجَهَا بن الْجَوْزِيِّ فِي مُثِيرِ الْعَزْمِ السَّاكِنِ بِإِسْنَادِهِ إِلَى وَكِيعٍ عَنْهُ انْتَهَى وَقَالَ الرَّافِعِيُّ وَإِذَا حَلَقَ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِالشِّقِّ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ وَأَنْ يَكُونَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَأَنْ يُكَبِّرَ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَأَنْ يَدْفِنَ شَعْرَهُ انْتَهَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ أَمَّا الْبُدَاءَةُ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَرَمَاهَا ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ بِمِنًى وَنَحَرَ ثُمَّ قَالَ لِلْحَلَّاقِ خُذْ وَأَشَارَ إِلَى جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَسَمَ شَعْرَهُ بَيْنَ مَنْ يَلِيهِ ثُمَّ أَشَارَ إِلَى الْحَلَّاقِ فَحَلَقَ الْأَيْسَرَ الْحَدِيثَ وَأَمَّا اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ فَلَمْ أَرَهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ صَرِيحًا وَقَدِ اسْتَأْنَسَ لَهُ بَعْضُهُمْ بِعُمُومِ حديث بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا خَيْرُ الْمَجَالِسِ مَا اسْتَقْبَلْتَ بِهِ الْقِبْلَةَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَأَمَّا التَّكْبِيرُ بَعْدَ الْفَرَاغِ فَلَمْ أَرَهُ أَيْضًا وَأَمَّا دَفْنُ الشَّعْرِ فَقَدْ سَبَقَ فِي الْجَنَائِزِ وَلَعَلَّ الرَّافِعِيَّ أَخَذَهُ مِنْ قِصَّةِ أَبِي حَنِيفَةَ عَنِ الْحَجَّامِ فَفِيهَا أَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَتَوَجَّهَ قِبَلَ الْقِبْلَةِ وَأَمَرَهُ أَنْ يُكَبِّرَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفِنَ وَهِيَ مَشْهُورَةٌ إِلَى آخِرِ مَا نَقَلْنَا آنِفًا 1 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ)

رقم الحديث 913 [913] .

     قَوْلُهُ  ( قَالَ رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ إلخ) لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلِلْمُقَصِّرِينَ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلِلْمُقَصِّرِينَ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِوَلِلْمُقَصِّرِينَ قَالَ وَلِلْمُقَصِّرِينَ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَلْقَ أَفْضَلُ مِنَ التَّقْصِيرِ لِتَكْرِيرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدُّعَاءَ لِلْمُحَلِّقِينَ وَتَرْكِ الدُّعَاءِ لِلْمُقَصِّرِينَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ مَعَ سُؤَالِهِمْ لَهُ ذَلِكَ وَظَاهِرُ صِيغَةِ الْمُحَلِّقِينَ أَنَّهُ يُشْرَعُ حَلْقُ جَمِيعِ الرَّأْسِ لِأَنَّهُ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الصِّيغَةُ إِذْ لَا يُقَالُ لِمَنْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ أَنَّهُ حَلَقَهُ إِلَّا مَجَازًا وَقَدْ قَالَ بِوُجُوبِ حَلْقِ الْجَمِيعِ أَحْمَدُ وَمَالِكٌ وَاسْتَحَبَّهُ الْكُوفِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّ وَيُجْزِئُ الْبَعْضُ عِنْدَهُمْ وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِهِ فَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ الرُّبْعُ إِلَّا أَنَّ أَبَا يُوسُفَ قَالَ النِّصْفُ وَعَنِ الشَّافِعِيِّ أَقَلُّ مَا يَجِبُ حَلْقُ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ وَفِي وَجْهٍ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ شَعْرَةٌ وَاحِدَةٌ وَهَكَذَا الْخِلَافُ فِي التَّقْصِيرِ كَذَا فِي النَّيْلِ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ بن عباس وبن أُمِّ الْحُصَيْنِ وَمَارِبَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي مَرْيَمَ وَحُبْشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ) أَمَّا حَدِيثُ بن عباس فأخرجه بن ماجه وأما حديث بن أُمِّ الْحُصَيْنِ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ نَعَمْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ أُمِّ الْحُصَيْنِ مَرْفُوعًا وَفِيهِ دَعَا للملحقين ثَلَاثًا وَلِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً وَاحِدَةً وَأَمَّا حَدِيثُ مَارِبَ ويقال له قارب فأخرجه بن مَنْدَهْ فِي الصَّحَابَةِ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فأخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مَرْيَمَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَأَمَّا حَدِيثُ حُبْشِيِّ بْنِ جنادة فأخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ الشيخان وقد ذكر العيني في عمدة القارىء أَلْفَاظَ حَدِيثِ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ مَعَ تَرَاجِمِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا .

     قَوْلُهُ  ( هُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنَ الْفَوَائِدِ أَنَّ التَّقْصِيرَ يُجْزِئُ عَنِ الْحَلْقِ وَهُوَ مُجْمَعٌ عليه انتهى72 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الْحَلْقِ لِلنِّسَاءِ)