فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في كراهية الخروج من المسجد بعد الأذان

رقم الحديث 873 [873] قوله ( حدثنا بن أَبِي عُمَرَ) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ نَزِيلُ مَكَّةَ صَدُوقٌصنف المسند وكان لازم بن عُيَيْنَةَ لَكِنْ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ فِيهِ غَفْلَةٌ مِنَ الْعَاشِرَةِ رَوَى عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ وَأَبِي مُعَاوِيَةَ وَخَلْقٍ وَعَنْهُ م ت ق وثقه بن حِبَّانَ.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِمٍ صَدُوقٌ حَدَّثَ بِحَدِيثٍ موضوع عن بن عُيَيْنَةَ قَالَ الْبُخَارِيُّ مَاتَ سَنَةَ 342 ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ وَالْخُلَاصَةِ ( وَهُوَ قَرِيرُ الْعَيْنِ) كِنَايَةٌ عَنِ السُّرُورِ وَالْفَرَحِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ لَوْ رَآكَ لَقَرَّتْ عَيْنَاهُ أَيْ لَسُرَّ بِذَلِكَ وَفَرِحَ وَحَقِيقَتُهُ أَبْرَدَ اللَّهُ دَمْعَةَ عَيْنَيْهِ لِأَنَّ دَمْعَةَ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ بَارِدَةٌ وَقِيلَ مَعْنَى أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَكَ بَلَغَكَ أَمْنِيَّتَكَ حَتَّى تَرْضَى نَفْسُكَ وَتَسْكُنَ عَيْنُكَ فَلَا تَسْتَشْرِفَ إِلَى غَيْرِهِ انْتَهَى ( فَقُلْتُ لَهُ) أَيِ اسْتَفْسَرْتُ وَجْهَ الْحُزْنِ وَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ فَعَلْتُ إلخ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَلَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا دَخَلْتُهَا إِنِّي أَخَافُ أَنْ أَكُونَ قَدْ شَقَقْتُ عَلَى أُمَّتِي قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ فِي غَيْرِ عَامِ الْفَتْحِ لِأَنَّ عَائِشَةَ لَمْ تَكُنْ مَعَهُ فِيهِ إِنَّمَا كَانَتْ مَعَهُ فِي غَيْرِهِ وَقَدْ جَزَمَ جَمْعٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ إِلَّا عَامَ الْفَتْحِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَدْخُلِ الْبَيْتَ فِي عُمْرَتِهِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ دَخَلَهُ فِي حَجَّتِهِ وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْبَيْهَقِيُّ وَقَدْ أَجَابَ الْبَعْضُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ غَزْوَةِ الْفَتْحِ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ دُخُولَ الْكَعْبَةِ لَيْسَ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ دُخُولَهَا مِنَ الْمَنَاسِكِ وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ دُخُولَهَا مُسْتَحَبٌّ وَيَدُلُّ عَلَى ذلك ما أخرج بن خزيمة والبيهقي من حديث بن عَبَّاسٍ مَنْ دَخَلَ الْبَيْتَ دَخَلَ فِي جَنَّةٍ وَخَرَجَ مَغْفُورًا لَهُ وَفِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّه بْنُ الْمُؤَمَّلِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِهِ مَا لَمْ يُؤْذِ أَحَدًا بِدُخُولِهِ انْتَهَى قُلْتُ وَيَدُلُّ على استحبابه حديث بن عُمَرَ فِي الْبَابِ الْآتِي .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو داود وبن ماجه أيضاصنف المسند وكان لازم بن عُيَيْنَةَ لَكِنْ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ فِيهِ غَفْلَةٌ مِنَ الْعَاشِرَةِ رَوَى عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ وَأَبِي مُعَاوِيَةَ وَخَلْقٍ وَعَنْهُ م ت ق وثقه بن حِبَّانَ.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِمٍ صَدُوقٌ حَدَّثَ بِحَدِيثٍ موضوع عن بن عُيَيْنَةَ قَالَ الْبُخَارِيُّ مَاتَ سَنَةَ 342 ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ وَالْخُلَاصَةِ ( وَهُوَ قَرِيرُ الْعَيْنِ) كِنَايَةٌ عَنِ السُّرُورِ وَالْفَرَحِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ لَوْ رَآكَ لَقَرَّتْ عَيْنَاهُ أَيْ لَسُرَّ بِذَلِكَ وَفَرِحَ وَحَقِيقَتُهُ أَبْرَدَ اللَّهُ دَمْعَةَ عَيْنَيْهِ لِأَنَّ دَمْعَةَ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ بَارِدَةٌ وَقِيلَ مَعْنَى أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَكَ بَلَغَكَ أَمْنِيَّتَكَ حَتَّى تَرْضَى نَفْسُكَ وَتَسْكُنَ عَيْنُكَ فَلَا تَسْتَشْرِفَ إِلَى غَيْرِهِ انْتَهَى ( فَقُلْتُ لَهُ) أَيِ اسْتَفْسَرْتُ وَجْهَ الْحُزْنِ وَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ فَعَلْتُ إلخ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَلَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا دَخَلْتُهَا إِنِّي أَخَافُ أَنْ أَكُونَ قَدْ شَقَقْتُ عَلَى أُمَّتِي قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ فِي غَيْرِ عَامِ الْفَتْحِ لِأَنَّ عَائِشَةَ لَمْ تَكُنْ مَعَهُ فِيهِ إِنَّمَا كَانَتْ مَعَهُ فِي غَيْرِهِ وَقَدْ جَزَمَ جَمْعٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ إِلَّا عَامَ الْفَتْحِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَدْخُلِ الْبَيْتَ فِي عُمْرَتِهِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ دَخَلَهُ فِي حَجَّتِهِ وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْبَيْهَقِيُّ وَقَدْ أَجَابَ الْبَعْضُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ غَزْوَةِ الْفَتْحِ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ دُخُولَ الْكَعْبَةِ لَيْسَ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ دُخُولَهَا مِنَ الْمَنَاسِكِ وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ دُخُولَهَا مُسْتَحَبٌّ وَيَدُلُّ عَلَى ذلك ما أخرج بن خزيمة والبيهقي من حديث بن عَبَّاسٍ مَنْ دَخَلَ الْبَيْتَ دَخَلَ فِي جَنَّةٍ وَخَرَجَ مَغْفُورًا لَهُ وَفِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّه بْنُ الْمُؤَمَّلِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِهِ مَا لَمْ يُؤْذِ أَحَدًا بِدُخُولِهِ انْتَهَى قُلْتُ وَيَدُلُّ على استحبابه حديث بن عُمَرَ فِي الْبَابِ الْآتِي .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو داود وبن ماجه أيضاجَزِيرَةِ الْعَرَبِ قَالَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى ( وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَعَهْدُهُ إِلَى مُدَّتِهِ وَمَنْ لَا مُدَّةَ لَهُ فَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ اسْتُدِلَّ بِهَذَا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى فَسِيحُوا فِي الأرض أربعة أشهر يختص بمن لم يمكن لَهُ عَهْدٌ مُؤَقَّتٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عهدا أَصْلًا.
وَأَمَّا مَنْ لَهُ عَهْدٌ مُؤَقَّتٌ فَهُوَ إلى مدته فروى الطبري من طريق بن إِسْحَاقَ قَالَ هُمْ صِنْفَانِ صِنْفٌ كَانَ لَهُ عَهْدٌ دُونَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَأُمْهِلَ إِلَى تَمَامِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَصِنْفٌ كَانَتْ لَهُ مُدَّةٌ عَهْدِهِ بِغَيْرِ أَجَلٍ فَقُصِرَتْ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَافِظُ كَلَامًا نَافِعًا مَنْ شَاءَ الْوُقُوفَ عَلَيْهِ فَلْيَرْجِعْ إِلَى تَفْسِيرِ سُورَةِ بَرَاءَةٌ مِنْ فَتْحِ الْبَارِي .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَفِيهِ أَلَا لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفَنَّ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ عَلِيٍّ حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالنَّسَائِيُّ وَالطَّبَرِيُّ قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ

رقم الحديث 874 [874] قوله ( قال بن عَبَّاسٍ لَمْ يُصَلِّ وَلَكِنَّهُ كَبَّرَ) وَفِي رِوَايَةٍ لمسلم عن بن عَبَّاسٍ يَقُولُ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ دَعَا فِي نَوَاحِيهِ كُلِّهَا وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ الْحَدِيثَ قَالَ النَّوَوِيُّ أَجْمَعَ أَهْلُ الْحَدِيثِ عَلَى الْأَخْذِ بِرِوَايَةِ بِلَالٍ لِأَنَّهُ مُثْبِتٌ فَمَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ فَوَجَبَ تَرْجِيحُهُ وَالْمُرَادُ الصَّلَاةُ الْمَعْهُودَةُ ذات الركوع والسجود ولهذا قال بن عُمَرَ وَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى.
وَأَمَّا نَفْيُ أُسَامَةَ فَسَبَبُهُ أَنَّهُمْ لَمَّا دَخَلُوا الْكَعْبَةَ أَغْلَقُوا الْبَابَ وَاشْتَغَلُوا بِالدُّعَاءِ فَرَأَى أُسَامَةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو ثُمَّ اشْتَغَلَ أُسَامَةُ بِالدُّعَاءِ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ نَوَاحِي الْبَيْتِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَاحِيَةٍ أُخْرَى وَبِلَالٌ قَرِيبٌ مِنْهُ ثُمَّ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَآهُ بِلَالٌ لِقُرْبِهِ وَلَمْ يَرَهُ أُسَامَةُ لِبُعْدِهِ وَاشْتِغَالِهِ مَعَ خِفَّةِ الصَّلَاةِ وَإِغْلَاقِ الْبَابِ وَجَازَ لَهُ نَفْيُهَا عَمَلًا بِظَنِّهِ.
وَأَمَّا بِلَالٌ فَحَقَّقَهَا فَأَخْبَرَ بِهَا انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أُسَامَةَ بن زيد) أخرجه أحمد في مسنده وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الشَّعْثَاءِ عن بن عُمَرَ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ وَمَكَثْتُ مَعَهُ عُمْرًا لَمْ أَسْأَلْهُ كَمْ صَلَّى قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي تَخْرِيجِهِ بَعْدَ ذِكْرِهِ هَذَا صَحِيحٌ انْتَهَى وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أُمَامَةَ خِلَافَ هَذَا كَمَا تَقَدَّمَ ( والفضل بن عباس) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ فِي مُسْنَدَيْهِمَا وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ بِلَفْظِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لَمْ يُصَلِّ فِي الْكَعْبَةِ وَلَكِنَّهُ لَمَّا دَخَلَهَا وَقَعَ سَاجِدًا بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ يَدْعُو كَذَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ ( وَعُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْبَيْهَقِيُّ وَأَحْمَدُ وَالضِّيَاءُ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ كَذَا فِي شَرْحِ سِرَاجِ أَحْمَدَ ( وَشَيْبَةَ بن عثمان) أخرجه بن عَسَاكِرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزَّجَّاجِ قَالَ أَتَيْتُ شَيْبَةَ بْنَ عُثْمَانَ فَقُلْتُ يَا أَبَا عُثْمَانَ زَعَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ فَلَمْ يُصَلِّ فَقَالَ كَذَبُوا وَأَبِي لَقَدْ صَلَّى بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ ثُمَّ أَلْصَقَ بِهِمَا بَطْنَهُ وَظَهْرَهُ كَذَا فِي شَرْحِ سِرَاجِ أَحْمَدَ.

     قَوْلُهُ  ( وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ النَّافِلَةِ فِي الْكَعْبَةِ) كَذَا أَطْلَقَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ مَالِكٍ جَوَازَ النَّافِلَةِ وَقَيَّدَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ بِغَيْرِ الرَّوَاتِبِ وَمَا تُشْرَعُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ ( وَكَرِهَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَكْتُوبَةَ فِي الْكَعْبَةِ) وَرُوِيَ عَنْهُ الْمَنْعُ وَكَذَا عَنْ أحمد لقوله تعالى فولوا وجوهكم شطره أَيْ قُبَالَتَهُ وَمَنْ فِيهِ مُسْتَدْبِرٌ لِبَعْضِهِ.
وَأَمَّا جَوَازُ النَّافِلَةِ فِيهِ فَإِنَّهُ يُسَامَحُ فِي النَّافِلَةِ مَا لَا يُسَامَحُ فِي الْفَرِيضَةِ ( وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَكْتُوبَةَ وَالتَّطَوُّعَ فِي الْكَعْبَةِ) وَبِهِ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ قَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي وَفِيهِ أَيْ فِي حَدِيثِ بِلَالٍ اسْتِحْبَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي النَّفْلِ وَيَلْتَحِقُ بِهِ الْفَرْضُ إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِقْبَالِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ انْتَهَى وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ بِلَالٍ وَإِذَا صَحَّتِ النَّافِلَةُ صَحَّتِ الْفَرِيضَةُ لِأَنَّهُمَا فِي الْمَوْضِعِ سَوَاءٌ فِي الِاسْتِقْبَالِ فِي حَالِ النُّزُولِ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِي الِاسْتِقْبَالِ فِي حَالِ السَّيْرِ فِي السفر انتهى قال الحافظ وعن بن عَبَّاسٍ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ دَاخِلَهَا مُطْلَقًا وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ اسْتِدْبَارُ بَعْضِهَا وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِاسْتِقْبَالِهَا فَيُحْمَلُ عَلَى اسْتِقْبَالِ جَمِيعِهَا.

     وَقَالَ  بِهِ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَالظَّاهِرِيَّةُ وَالطَّبَرِيُّ انْتَهَى قُلْتُ وَالظَّاهِرُ هُوَ مَا قَالَ بِهِ الْجُمْهُورُ وَهُوَ أَقْوَى الْمَذَاهِبِ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ 4 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي كَسْرِ الكعبة) أي هدمها

رقم الحديث 875 [875] قوله ( إن بن الزُّبَيْرِ) يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ الصَّحَابِيَّ الْمَشْهُورَ ( قَالَ لَهُ) أَيْ لِلْأَسْوَدِ ( بِمَا كَانَتْ تُفْضِي إِلَيْكَ) أَيْ تُسِرُّ إِلَيْكَ وَفِي رِوَايَةٍ فِي الْكَعْبَةِ ( لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ) بِالْإِضَافَةِ.

     وَقَالَ  الْمُطَرِّزِيُّ لَا يَجُوزُ حَذْفُ الْوَاوِ في مثل هذا والصواب حديث وعهد كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي وَقَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ النَّسَائِيِّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّ لَفْظَ الْقَوْمِ مُفْرَدٌ لَفْظًا وَجَمْعٌ مَعْنًى فَرُوعِيَ إِفْرَادُ اللَّفْظِ فِي جَانِبِ الْخَبَرِ كَمَا رُوعِيَ اللَّفْظُ فِي إِرْجَاعِ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى كِلْتَا الجنتين آتت حيث أفرد اتت للبخاري قال لي بن الزبير كانت عائشةانْتَهَى قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ الْحَدِيثُ ضِدُّ الْقَدِيمِ وَالْمُرَادُ بِهِ قُرْبُ عَهْدِهِمْ بِالْكُفْرِ وَالْخُرُوجُ مِنْهُ وَالدُّخُولُ فِي الْإِسْلَامِ وَأَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنِ الدِّينُ فِي قُلُوبِهِمْ فَلَوْ هَدَمْتُ الْكَعْبَةَ وَغَيَّرْتُهَا رُبَّمَا نَفَرُوا مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى ( وَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ) أَيْ بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا ( فَلَمَّا ملك بن الزُّبَيْرِ هَدَمَهَا وَجَعَلَ لَهَا بَابَيْنِ) أَحَدُهُمَا يُدْخَلُ مِنْهُ وَالْآخَرُ يُخْرَجُ مِنْهُ وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ قِصَّةَ هَدْمِهَا وَبِنَائِهَا مُطَوَّلًا قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ بُنِيَ الْبَيْتُ خَمْسَ مَرَّاتٍ بَنَتْهُ الْمَلَائِكَةُ ثُمَّ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ثُمَّ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَحَضَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْبِنَاءَ وَلَهُ خَمْسٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً وَقِيلَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ وَفِيهِ سَقَطَ عَلَى الْأَرْضِ حِينَ رَفَعَ إِزَارَهُ ثُمَّ بَنَاهُ الزُّبَيْرُ ثُمَّ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ وَاسْتَمَرَّ إِلَى الْآنَ عَلَى بِنَاءِ الْحَجَّاجِ وَقِيلَ بُنِيَ مَرَّتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلَا يُغَيَّرُ عَنْ هَذَا الْبِنَاءِ وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ هَارُونَ الرَّشِيدَ سَأَلَ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنْ هَدْمِهَا وَرَدِّهَا إلى بناء بن الزُّبَيْرِ لِلْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ فَقَالَ مَالِكٌ نَشَدْتُكَ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ لَا تَجْعَلَ هَذَا الْبَيْتَ لُعْبَةً لِلْمُلُوكِ لَا يَشَاءُ أَحَدٌ إِلَّا نَقَضَهُ وَبَنَاهُ فَتَذْهَبُ هَيْبَتُهُ مِنْ صُدُورِ النَّاسِ انْتَهَى قَالَ الْحَافِظُ وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَرْكُ الْمَصْلَحَةِ لِأَمْنِ الْوُقُوعِ فِي الْمَفْسَدَةِ وَمِنْهُ تَرْكُ إِنْكَارِ الْمُنْكَرِ خَشْيَةَ الْوُقُوعِ فِي أَنْكَرَ مِنْهُ وَأَنَّ الْإِمَامَ يَسُوسُ رَعِيَّتَهُ بِمَا فِيهِ إِصْلَاحُهُمْ وَلَوْ كَانَ مَفْضُولًا مَا لم يكن محرما انتهى 5 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ فِي الْحِجْرِ) بكسر المهملة وسكون الجيم وهو معروف على صفة نصف الدائرة كَذَا فِي فَتْحِالْبَارِي وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ الْحِجْرُ بِالْكَسْرِ الْعَقْلُ وَمَا حَوَاهُ الْحَطِيمُ الْمُدَارُ بِالْكَعْبَةِ شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ جَانِبِ الشَّمَالِ انْتَهَى وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ الْحِجْرُ بِالْكَسْرِ اسْمُ الْحَائِطِ الْمُسْتَدِيرِ إِلَى جَانِبِ الْكَعْبَةِ الْغَرْبِيِّ انْتَهَى.

قُلْتُ فِي قَوْلِهِ الغربي نظر كما لا يخفى

رقم الحديث 876 [876] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ) كَذَا فِي نُسَخِ التِّرْمِذِيِّ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ بِزِيَادَةِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّهِ .

     قَوْلُهُ  ( فَإِنَّمَا هُوَ قِطْعَةٌ مِنَ الْبَيْتِ) هَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّ الْحِجْرَ كُلَّهُ مِنَ الْبَيْتِ وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَةِ عَائِشَةَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ قَالَتْ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْجِدَارِ أَمِنَ الْبَيْتِ هُوَ قال نعم وبذلك كان يفتي بن عَبَّاسٍ كَمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِيهِ عن مرثد بن شرحبيل قال سمعت بن عَبَّاسٍ يَقُولُ لَوْ وُلِّيتُ مِنَ الْبَيْتِ مَا ولى بن الزُّبَيْرِ لَأَدْخَلْتُ الْحِجْرَ كُلَّهُ فِي الْبَيْتِ فَلَمْ يطاف بِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْبَيْتِ وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ رِوَايَاتٍ أُخْرَى تَدُلُّ بِإِطْلَاقِهَا عَلَى أَنَّ الْحِجْرَ كُلَّهُ مِنَ الْبَيْتِ ثُمَّ قَالَ وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا مُطْلَقَةٌ وَقَدْ جَاءَتْ رِوَايَاتٌ أَصَحُّ مِنْهَا مُقَيَّدَةٌ مِنْهَا لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي قَزَعَةَ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ حَتَّى أَزِيدَ فِيهِ مِنَ الْحِجْرِ وَلَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْحَارِثِ عَنْهَا فَإِنْ بَدَا لِقَوْمِكِ أَنْ يَبْنُوهُ بَعْدِي فَهَلُمِّي لِأُرِيَكِ مَا تَرَكُوا مِنْهُ فَأَرَاهَا قَرِيبًا مِنْ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ سَعْدِ بْنِ مِينَاءَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ وَزِدْتُ فِيهَا مِنَ الْحِجْرِ سِتَّةَ أَذْرُعٍ ثُمَّ ذَكَرَ رِوَايَاتٍ مُقَيَّدَةً أُخْرَى غَيْرَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ ثُمَّ حَقَّقَ أَنَّ الرِّوَايَاتِ الْمُطَلَّقَةَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمُقَيَّدَةِ وَقَدْ بَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ وَأَجَادَ .

     قَوْلُهُ  ( وَلَكِنَّ قَوْمَكِ اسْتَقْصَرُوهُ) أَيْ قَصَّرُوهُ عَنْ تَمَامِ بِنَائِهِ لِقِلَّةِ النَّفَقَةِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا ( وَعَلْقَمَةُ بْنُ أَبِي عَلْقَمَةَ هُوَ عَلْقَمَةُ بْنُ بِلَالٍ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَعَلْقَمَةُ هَذَا هُوَ مَوْلَى عَائِشَةَ تَابِعِيٌّ مَدَنِيٌّ احْتَجَّ بِهِالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأُمِّهِ حَكَى الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ اسْمَهَا مَرْجَانَةٌ انْتَهَى 6 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَالرُّكْنِ وَالْمَقَامِ)

رقم الحديث 877 [877] .

     قَوْلُهُ  ( وَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ ( فَسَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ) قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ أَيْ صَارَتْ ذُنُوبُ بَنِي آدَمَ الَّذِينَ يَمْسَحُونَ الْحَجَرَ سَبَبًا لِسَوَادِهِ وَالْأَظْهَرُ حَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى حَقِيقَتِهِ إِذْ لَا مَانِعَ نَقْلًا وَلَا عَقْلًا وَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِنْ عُلَمَائِنَا يَعْنِي الْحَنَفِيَّةَ هَذَا الْحَدِيثُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمُبَالَغَةُ فِي تَعْظِيمِ شَأْنِ الْحَجَرِ وَتَفْظِيعُ أَمْرِ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَجَرَ لِمَا فِيهِ مِنَ الشَّرَفِ وَالْكَرَامَةِ وَالْيُمْنِ وَالْبَرَكَةِ شَارَكَ جَوَاهِرَ الْجَنَّةِ فَكَأَنَّهُ نَزَلَ مِنْهَا وَأَنَّ خَطَايَا بَنِي آدَمَ تَكَادُ تُؤَثِّرُ فِي الْجَمَادِ فَتَجْعَلُ الْمُبْيَضَّ مِنْهُ أَسْوَدَ فَكَيْفَ بِقُلُوبِهِمْ أَوْ لِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ مُكَفِّرٌ لِلْخَطَايَا مَحَّاءٌ لِلذُّنُوبِ كَأَنَّهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَمِنْ كَثْرَةِ تَحَمُّلِهِ أَوْزَارَ بَنِي آدَمَ صَارَ كَأَنَّهُ ذُو بَيَاضٍ شَدِيدٍ فَسَوَّدَتْهُ الْخَطَايَا وَمِمَّا يُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ كَانَ فِيهِ نُقَطٌ بِيضٌ ثم لا زال السواد يتراكم عَلَيْهَا حَتَّى عَمَّهَا وَفِي الْحَدِيثِ إِذَا أَذْنَبَ الْعَبْدُ نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فَإِذَا أَذْنَبَ نُكِتَتْ فِيهِ نُكْتَةٌ أُخْرَى وَهَكَذَا حَتَّى يسود قلبه جيعه وَيَصِيرَ مِمَّنْ قَالَ فِيهِمْ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يكسبون وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَجَرَ بِمَنْزِلَةِ الْمِرْآةِ الْبَيْضَاءِ فِي غَايَةٍ مِنَ الصَّفَاءِ وَيَتَغَيَّرُ بِمُلَاقَاةِ مَا لَا يُنَاسِبُهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ حَتَّى يَسْوَدَّ لَهَا جَمِيعُ الْأَجْزَاءِ وَفِي الْجُمْلَةِ الصُّحْبَةُ لَهَا تَأْثِيرٌ بِإِجْمَاعِ العقلاء انتهى كلام القارىء قال الحافظ بن الحجر وَاعْتَرَضَ بَعْضُ الْمُلْحِدِينَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ كَيْفَ سَوَّدَتْهُ خَطَايَا الْمُشْرِكِينَ وَلَمْ تُبَيِّضْهُ طَاعَاتُ أهل التوحيد وأجيب بما قال بن قُتَيْبَةَ لَوْ شَاءَ اللَّهُ لَكَانَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا أَجْرَى اللَّهُ الْعَادَةَ بِأَنَّ السَّوَادَ يَصْبُغُ وَلَا يَنْصَبِغُ عَلَى الْعَكْسِ مِنَ الْبَيَاضِ وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي بَقَائِهِ أَسْوَدَ عِبْرَةٌ لِمَنْ لَهُ بَصِيرَةٌ فَإِنَّ الْخَطَايَا إِذَا أَثَّرَتْ فِي الْحَجَرِ الصَّلْدِ فَتَأْثِيرُهَا فِي الْقَلْبِ أَشَدُّ قَالَ وَرُوِيَ عن بن عَبَّاسٍ إِنَّمَا غَيَّرَهُ بِالسَّوَادِ لِئَلَّا يَنْظُرَ أَهْلُ الدُّنْيَا إِلَى زِينَةِ الْجَنَّةِ فَإِنْ ثَبَتَ فَهَذَا هو الجواب قال الحافظ بن حَجَرٍ أَخْرَجَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي فَضَائِلِ مَكَّةَ بِإِسْنَادٍ ضعيف انتهى.

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَخْرَجَهُ أحمد وصححه بن حِبَّانَ وَسَيَجِيءُ الْكَلَامُ عَلَيْهِ ( وَأَبِي هُرَيْرَةَ) أَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ فَاوَضَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فَكَأَنَّمَا يُفَاوِضُ يَدَ الرَّحْمَنِ وَفِي فَضَائِلِ مَكَّةَ للجندي من حديث بن جُرَيْجٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ عن بن عَبَّاسٍ إِنَّ هَذَا الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ هُوَ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ يُصَافِحُ بِهِ عِبَادَهُ مُصَافَحَةَ الرَّجُلِ أَخَاهُ وَمِنْ حَدِيثِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْهُ زِيَادَةٌ فَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ بَيْعَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ اسْتَلَمَ الْحَجَرَ فَقَدْ بَايَعَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَالْمَعْنَى كَوْنُهُ يَمِينَ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كُلُّ مَلِكٍ إِذَا قُدِمَ عَلَيْهِ قُبِّلَتْ يَمِينُهُ وَلَمَّا كَانَ الْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ أَوَّلَ مَا يَقْدَمَانِ يُسَنُّ لَهُمَا تَقْبِيلُهُ نَزَلَ مَنْزِلَةَ يَمِينِ الْمَلِكِ يَدُهُ وَلِلَّهِ الْمِثْلُ الْأَعْلَى وَلِذَلِكَ مَنْ صَافَحَهُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ كَمَا أَنَّ الْمَلِكَ يُعْطِي الْعَهْدَ بِالْمُصَافَحَةِ كَذَا فِي عمدة القارىء واعلم أن لابن عباس حديث آخَرَ فِي فَضْلِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ رواه في أواخر كتاب الحج مرفوع بِلَفْظِ وَاَللَّهِ لَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُ عينان الخ قوله ( حديث بن عَبَّاسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَفِيهِ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ وَهُوَ صَدُوقٌ لَكِنَّهُ اخْتَلَطَ وَجَرِيرٌ مِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ بَعْدَ اخْتِلَاطِهِ لَكِنْ لَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى فِي صَحِيحِ بن خُزَيْمَةَ فَيَقْوَى بِهَا وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءٍ مُخْتَصَرًا وَلَفْظُهُ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ مِنَ الْجَنَّةِ وَحَمَّادٌ مِمَّنْ سَمِعَ مِنْ عَطَاءٍ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ وَفِي صَحِيحِ بن خزيمة أيضا عن بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا إِنَّ لِهَذَا الْحَجَرِ لِسَانًا وَشَفَتَيْنِ يَشْهَدَانِ لِمَنِ اسْتَلَمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَقٍّ وَصَحَّحَهُ أيضا بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَيْضًا انْتَهَى مَا فِي الْفَتْحِ

رقم الحديث 878 [878] .

     قَوْلُهُ  (إِنَّ الرُّكْنَ وَالْمَقَامَ) أَيِ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَمَقَامَ إِبْرَاهِيمَ (يَاقُوتُتَانِ مِنْ يَاقُوتِ الْجَنَّةِ) الْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ فَالْمَعْنَى أَنَّهُمَا مِنْ يَوَاقِيتِ الْجَنَّةِ (طمس الله نورهما) أي أذهبه قال القارىء أَيْ بِمِسَاسِ الْمُشْرِكِينَ لَهُمَا وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي طَمْسِهِمَا لِيَكُونَ الْإِيمَانُ غَيْبِيًّا لَا عَيْنِيًّا (وَلَوْ لم يطمسعَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (لَأَضَاءَتَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) أَيْ لَأَنَارَتَاهُ .

     قَوْلُهُ  (وَفِيهِ عَنْ أَنَسٍ أَيْضًا) أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ كَمَا سَتَقِفُ عَلَيْهِ (وَهُوَ حَدِيثٌ غريب) وأخرجه أيضا بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ رَجَاءِ بْنِ صَبِيحٍ وَالْحَاكِمُ وَمِنْ طَرِيقِهِ الْبَيْهَقِيُّ كَذَا فِي التَّرْغِيبِ وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ مرفوعا أخرجه أحمد والترمذي وصححه بن حبان في إسناده رجى أَبُو يَحْيَى وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَيُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو موقوفا وقال بن أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَقْفُهُ أَشْبَهُ وَاَلَّذِي رَفَعَهُ لَيْسَ بِقَوِيٍّ انْتَهَى 7 - (بَاب مَا جَاءَ فِي الْخُرُوجِ إِلَى مِنًى وَالْمُقَامِ بِهَا) بِضَمِّ الْمِيمِ مِنَ الْإِقَامَةِ وَمِنًى مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ حَدُّهَا مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ بَطْنُ الْمَسِيلِ إِذَا هَبَطْتَ مِنْ وَادِي مُحَسِّرٍ وَمِنْ جِهَةِ الْمَغْرِبِ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي التَّهْذِيبِ وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ سُمِّيَ بِهِ لِمَا يُمْنَى فِيهِ مِنَ الدِّمَاءِ أَيْ يُرَاقُ وَهِيَ لَا تَنْصَرِفُ وَتُكْتَبُ بِالْيَاءِ إِنْ قُصِدَ بِهَا الْبُقْعَةُ ويصرف ويكتب بِالْأَلْفِ بِتَأْوِيلِ مَوْضِعٍ انْتَهَى

رقم الحديث 879 [879] .

     قَوْلُهُ  ( صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى) أَيْ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَهُوَ الْيَوْمُ الثَّامِنُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ( ثُمَّ غَدَا) مِنَ الْغَدْوِ وَهُوَ الْمَشْيُ أَوَّلَ النَّهَارِ أَيْ سَارَ غَدْوَةً بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِمَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ ( إِلَى عَرَفَاتٍ) بِفَتْحَتَيْنِ قَالَ النَّوَوِيُّ اسْمٌ لِمَوْضِعِ الْوُقُوفِ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ آدَمَ عَرَفَ حَوَّاءَ هُنَاكَ وَقِيلَ لِأَنَّ جِبْرِيلَ عَرَّفَ إِبْرَاهِيمَ الْمَنَاسِكَ هُنَاكَ.

     قَوْلُهُ  ( وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ قَدْ تُكُلِّمَ فِيهِ) إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ هَذَا هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ البصري المجاور المكي الفقيه ضعفه بن الْمُبَارَكِ وَقَالَ أَحْمَدُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ كَذَا فِي الخلاصة وحديث بن عباس هذا أخرجه بن مَاجَهْ أَيْضًا

رقم الحديث 880 [88] .

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَجْلَحِ) بِتَقْدِيمِ الْجِيمِ عَلَى الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ) أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ بِلَفْظِ قَالَ مِنْ سُنَّةِ الْحَجِّ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِمِنًى ثُمَّ يَغْدُو إِلَى عَرَفَةَ حَتَّى إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ خَطَبَ النَّاسَ ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا كَذَا فِي شَرْحِ سِرَاجِ أَحْمَدَ ( وَأَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ.

قُلْتُ أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ عَقَلْتَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ قَالَ بِمِنًى الْحَدِيثَ وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ فِي الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ فِي صِفَةِ الْحَجِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ الْحَدِيثَ وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عن بن عمر أخرجه بن مَاجَهْ مَرْفُوعًا وَأَخْرَجَهُ مَالِكٌ مَوْقُوفًا .

     قَوْلُهُ  ( وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا عَدَّ شُعْبَةُ) فَعَلَى هَذَا يَكُونُ هَذَا الْحَدِيثُ مُنْقَطِعًا وَلَكِنْ لَهُ شَوَاهِدُ صَحِيحَةٌ كَمَا عَرَفْتُ48 - ( بَاب مَا جَاءَ أَنَّ مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ)

رقم الحديث 881 [881] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ) بِفَتْحِ هَاءٍ وَبِكَافٍ تُرِكَ صَرْفُهُ وَعِنْدَ الْأَصِيلِيِّ مَصْرُوفٌ كَذَا فِي الْمُغْنِي ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ ( عَنْ أُمِّهِ مُسَيْكَةَ) بِالتَّصْغِيرِ الْمَكِّيَّةِ لَا يُعْرَفُ حَالُهَا مِنَ الثَّالِثَةِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ ذَكَرهَا الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ فِي الْمَجْهُولَاتِ .

     قَوْلُهُ  ( أَلَا نَبْنِي لَكَ بِنَاءً) وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ مَاجَهْ بَيْتًا ( قَالَ لَا) أَيْ لَا تَبْنُوا لِي بِنَاءً بِمِنًى لِأَنَّهُ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِأَحَدٍ إِنَّمَا هُوَ مَوْضِعُ الْعِبَادَةِ مِنَ الرَّمْيِ وَذَبْحِ الْهَدْيِ وَالْحَلْقِ وَنَحْوِهَا فَلَوْ أُجِيزَ الْبِنَاءُ فِيهِ لَكَثُرَتِ الْأَبْنِيَةُ وَتَضَيَّقَ الْمَكَانُ وَهَذَا مِثْلُ الشَّوَارِعِ وَمَقَاعِدِ الْأَسْوَاقِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَرْضُ الْحَرَمِ مَوْقُوفَةٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَهَا أَحَدٌ ( مِنًى) مُبْتَدَأٌ ( مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ وَالْمُنَاخُ بِضَمِّ الْمِيمِ مَوْضِعُ إِنَاخَةِ الْإِبِلِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وأخرجه بن مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ أَيْضًا وَمَدَارُ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مُسَيْكَةَ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ كَمَا عَرَفْتَ 9 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي تَقْصِيرِ الصَّلَاةِ بِمِنًى)

رقم الحديث 882 [882] .

     قَوْلُهُ  ( آمَنَ مَا كَانَ النَّاسُ) قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبِحَارِ بِمَدِّ هَمْزَةِ أَفْعَلَ مِنَ الْأَمْنِ ضِدُّ الْخَوْفِ وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ أَيْ صَلَّى بِنَا وَالْحَالُ أَنَّا أَكْثَرُ أَكْوَانِنَا فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ أَمْنًا مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَإِسْنَادُ الْأَمْنِ إِلَى الْأَوْقَاتِ مَجَازٌ انْتَهَى وَقَالَ أَبُو الطَّيِّبِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ وَأَمْثَالِهِ وَاضِحٌ أَيْ حِينَ كَانَ النَّاسُ أَكْثَرَ أَمْنًا وَعَدَدًا لَكِنْ تَطْبِيقُهُ عَلَى قَوَاعِدِ الْعَرَبِيَّةِ خَفِيَ وَالْأَقْرَبُأَنَّ مَا مَصْدَرِيَّةٌ وَكَانَ تَامَّةٌ وَآمَنَ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ وَمَوْصُوفُهُ مُقَدَّرٌ مِنْ جِنْسِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي اسْمِ التَّفْضِيلِ وَأَكْثَرَهُ عَطْفٌ عَلَى آمَنَ وَضَمِيرُهُ لِمَا أُضِيفَ إِلَيْهِ آمَنَ وَالتَّقْدِيرُ زَمَانَ كَوْنِ هو آمن أَكْوَانِ النَّاسِ وَزَمَانَ كَوْنِ هُوَ أَكْثَرَ أَكْوَانِ النَّاسِ عَدَدًا وَنِسْبَةُ الْأَمْنِ وَالْكَثْرَةِ إِلَى الْكَوْنِ مَجَازِيَّةٌ فَإِنَّهُمَا وَصْفَانِ لِلنَّاسِ حَقِيقَةً فَرَجَعَ بِالنَّظَرِ إِلَى الْحَقِيقَةِ إِلَى زَمَانِ وَحِينِ كَانَ النَّاسُ فِيهِ آمَنَ وَأَكْثَرَ وَعَلَى هَذَا فَنَصْبُ آمَنَ وَأَكْثَرَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ بِتَقْدِيرِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إليه مقامه انتهى قوله ( عن بن مَسْعُودٍ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَقَدْ ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ لفظه فيما بعد ( وبن عُمَرَ) قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وَأَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ وَعُمَرُ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ وَعُثْمَانُ صَدْرًا مِنْ خِلَافَتِهِ ثُمَّ إِنَّ عُثْمَانَ صَلَّى بَعْدُ أَرْبَعًا فكان بن عُمَرَ إِذَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ صَلَّى أَرْبَعًا وَإِذَا صَلَّاهَا وَحْدَهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ ( وَأَنَسٍ) قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ قِيلَ لَهُ أَقَمْتُمْ بِمَكَّةَ شَيْئًا قَالَ أَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الشيخان قوله ( وروي عن بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ إلخ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ .

     قَوْلُهُ  ( إِلَّا مَنْ كَانَ بِمِنًى مُسَافِرًا) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ أَيْ لَيْسَ لِأَهْلِ مَكَّةَ أَنْ يَقْصُرُوا الصَّلَاةَ بِمِنًى لَكِنْ مَنْ كَانَ بِمِنًى مُسَافِرًا فَهُوَ يَقْصُرهَا وَيَحْتَمِلُ الِاتِّصَالَ أَيْ إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ نَازِلًا بِمِنًى مُسَافِرًا بِأَنْ خَرَجَ عَلَى نِيَّةِ السَّفَرِ أَوْ رَجَعَ مِنَ السَّفَرِ وَنَزَلَ بِهَا قَبْلَ دُخُولِهِ مَكَّةَ ( وَهُوَ قول بن جُرَيْجٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ الْمَسَافَةَ الَّتِي بَيْنَ مَكَّةَ وَمِنًى لَا يُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ وَالْقَصْرُ بِمِنًى لَيْسَ لِأَجْلِ النُّسُكِ بَلْ لِلسَّفَرِأَنَّ مَا مَصْدَرِيَّةٌ وَكَانَ تَامَّةٌ وَآمَنَ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ وَمَوْصُوفُهُ مُقَدَّرٌ مِنْ جِنْسِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي اسْمِ التَّفْضِيلِ وَأَكْثَرَهُ عَطْفٌ عَلَى آمَنَ وَضَمِيرُهُ لِمَا أُضِيفَ إِلَيْهِ آمَنَ وَالتَّقْدِيرُ زَمَانَ كَوْنِ هو آمن أَكْوَانِ النَّاسِ وَزَمَانَ كَوْنِ هُوَ أَكْثَرَ أَكْوَانِ النَّاسِ عَدَدًا وَنِسْبَةُ الْأَمْنِ وَالْكَثْرَةِ إِلَى الْكَوْنِ مَجَازِيَّةٌ فَإِنَّهُمَا وَصْفَانِ لِلنَّاسِ حَقِيقَةً فَرَجَعَ بِالنَّظَرِ إِلَى الْحَقِيقَةِ إِلَى زَمَانِ وَحِينِ كَانَ النَّاسُ فِيهِ آمَنَ وَأَكْثَرَ وَعَلَى هَذَا فَنَصْبُ آمَنَ وَأَكْثَرَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ بِتَقْدِيرِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إليه مقامه انتهى قوله ( عن بن مَسْعُودٍ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَقَدْ ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ لفظه فيما بعد ( وبن عُمَرَ) قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وَأَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ وَعُمَرُ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ وَعُثْمَانُ صَدْرًا مِنْ خِلَافَتِهِ ثُمَّ إِنَّ عُثْمَانَ صَلَّى بَعْدُ أَرْبَعًا فكان بن عُمَرَ إِذَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ صَلَّى أَرْبَعًا وَإِذَا صَلَّاهَا وَحْدَهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ ( وَأَنَسٍ) قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ قِيلَ لَهُ أَقَمْتُمْ بِمَكَّةَ شَيْئًا قَالَ أَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الشيخان قوله ( وروي عن بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ إلخ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ .

     قَوْلُهُ  ( إِلَّا مَنْ كَانَ بِمِنًى مُسَافِرًا) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ أَيْ لَيْسَ لِأَهْلِ مَكَّةَ أَنْ يَقْصُرُوا الصَّلَاةَ بِمِنًى لَكِنْ مَنْ كَانَ بِمِنًى مُسَافِرًا فَهُوَ يَقْصُرهَا وَيَحْتَمِلُ الِاتِّصَالَ أَيْ إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ نَازِلًا بِمِنًى مُسَافِرًا بِأَنْ خَرَجَ عَلَى نِيَّةِ السَّفَرِ أَوْ رَجَعَ مِنَ السَّفَرِ وَنَزَلَ بِهَا قَبْلَ دُخُولِهِ مَكَّةَ ( وَهُوَ قول بن جُرَيْجٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ الْمَسَافَةَ الَّتِي بَيْنَ مَكَّةَ وَمِنًى لَا يُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ وَالْقَصْرُ بِمِنًى لَيْسَ لِأَجْلِ النُّسُكِ بَلْ لِلسَّفَرِ48 - ( بَاب مَا جَاءَ أَنَّ مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ)