فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في الصلاة في الحيطان

رقم الحديث 1992 [1992] ( يَا ذَا الْأُذُنَيْنِ) مَعْنَاهُ الْحَضُّ وَالتَّنْبِيهُ عَلَى حُسْنِ الِاسْتِمَاعِ لِمَا يُقَالُ لَهُ لِأَنَّ السَّمْعَ بِحَاسَّةِ الْأُذُنِ وَمَنْ خَلَقَ اللَّهُ لَهُ الْأُذُنَيْنِ وَغَفَلَ وَلَمْ يُحْسِنِ الْوَعْيَ لَمْ يُعْذَرْ وَقِيلَ إِنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِنْ جُمْلَةِ مُدَاعَبَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَطِيفِ أَخْلَاقِهِ قَالَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ قُلْتُ مَا قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ هُوَ الظَّاهِرُ عِنْدِي وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ التِّرْمِذِيُّ وَشَيْخُ شَيْخِهِ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَسَكَتَ عَنْهُ هُوَ وَالْمُنْذِرِيُّ .

     قَوْلُهُ 

رقم الحديث 1993 [1993] ( أَخْبَرَنِي سَلَمَةُ بْنُ وَرْدَانَ اللَّيْثِيُّ) أَبُو يَعْلَى الْمَدَنِيُّ ضَعِيفٌ مِنَ الْخَامِسَةِ .

     قَوْلُهُ  ( مَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ) أَيْ وَقْتَ مِرَائِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْقَرِينَةُ الْآتِيَةُ وَيُحْتَمَلُ الْإِطْلَاقُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( وَهُوَ بَاطِلٌ) جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ لِلتَّنْفِيرِ عَنِ الْكَذِبِ فَإِنَّ الْأَصْلَ فيه أنه باطل أو جملة خالية مِنَ الْمَفْعُولِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ بَاطِلٌ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ مِنْ مُرَخِّصَاتِ الْكَذِبِ كَمَا فِي الْحَرْبِ أَوْ إِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ وَالْمَعَارِيضِ أَوْ حَالٌ مِنَ الْفَاعِلِ أَيْ وَهُوَ ذُو بَاطِلٍ بِمَعْنَى صَاحِبِ بُطْلَانٍ ( بُنِيَ لَهُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَلَهُ نَائِبُهُ أَيْ بَنَى اللَّهُ لَهُ قَصْرًا ( فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ بِفَتْحِ الْبَاءِ مَا حَوْلَهَا خَارِجًا عَنْهَا تَشْبِيهًا بِالْأَبْنِيَةِ الَّتِي تَكُونُ حَوْلَ الْمُدُنِ وَتَحْتَ الْقِلَاعِ انتهى وقال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ أَيْ نَوَاحِيهَا وَجَوَانِبِهَا مِنْ دَاخِلِهَا وَلَا مِنْ خَارِجِهَا وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ هُوَ مَا حَوْلَهَا خَارِجًا عَنْهَا تَشْبِيهًا بِالْأَبْنِيَةِ الَّتِي حَوْلَ الْمُدُنِ وَتَحْتَ الْقِلَاعِ فَهُوَ صَرِيحُ اللُّغَةِ لَكِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحِ الْمَعْنَى فَإِنَّهُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ وَيُؤَدِّي إِلَى الْمَنْزِلَةِ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ حِسًّا كَمَا قَالَهُ الْمُعْتَزِلَةُ مَعْنًى فَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَدْنَاهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  ( وَمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيِ الْجِدَالَ ( وَهُوَ مُحِقٌّ) أَيْ صَادِقٌ وَمُتَكَلِّمٌ بِالْحَقِّ ( فِي وَسَطِهَا) بِفَتْحِ السِّينِ وَيُسَكَّنُ أَيْ فِي أَوْسَطِهَا لِتَرْكِهِ كَسْرَ قَلْبِ مَنْ يُجَادِلُهُ وَدَفْعِهِ رِفْعَةَ نَفْسِهِ وَإِظْهَارَ نَفَاسَةِ فَضْلِهِ وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ مَعْنَى صَدْرِ الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ تَرَكَالْمِرَاءَ وَهُوَ مُبْطِلٌ فَوَضَعَ الْكَذِبَ مَوْضِعَ الْمِرَاءِ لِأَنَّهُ الْغَالِبَ فِيهِ أَوِ الْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَلَوْ لَمْ يَتْرُكِ الْمِرَاءَ بُنِيَ لَهُ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِأَنَّهُ حَفِظَ نَفْسَهُ عَنِ الْكَذِبِ لَكِنْ مَا صَانَهَا عَنْ مُطْلَقِ الْمِرَاءِ فَلِهَذَا يَكُونُ أَحَطَّ مَرْتَبَةً مِنْهُ انْتَهَى مَا فِي الْمِرْقَاةِ ( وَمَنْ حَسَّنَ) بِتَشْدِيدِ السِّينِ أَيْ أَحْسَنَ بِالرِّيَاضَةِ ( خُلُقَهُ) بِضَمَّتَيْنِ وَيُسَكَّنُ اللَّامُ أَيْ جَمِيعَ أَخْلَاقِهِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا تَرْكُ الْمِرَاءِ وَتَرْكُ الْكَذِبِ ( بُنِيَ لَهُ فِي أَعْلَاهَا) أَيْ حِسًّا وَمَعْنًى وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخُلُقَ مُكْتَسَبٌ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ غَرِيزِيًّا وَمِنْهُ خَبَرٌ صَحِيحٌ اللَّهُمَّ حَسِّنْ خُلُقِي كَمَا حَسَّنْتَ خَلْقِي وَكَذَا خَبَرُ مُسْلِمٍ اللَّهُمَّ اهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ قَالَ الْإِمَامُ حُجَّةُ الْإِسْلَامِ حَدُّ الْمِرَاءِ الِاعْتِرَاضُ عَلَى كَلَامِ الْغَيْرِ بِإِظْهَارِ خَلَلٍ فِيهِ إِمَّا لَفْظًا أَوْ مَعْنًى أَوْ فِي قَصْدِ الْمُتَكَلِّمِ وَتَرْكُ الْمِرَاءِ بِتَرْكِ الِاعْتِرَاضِ وَالْإِنْكَارِ فَكُلُّ كَلَامٍ سَمِعْتُهُ فَإِنْ كَانَ حَقًّا فَصَدِّقْ بِهِ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا وَلَمْ يَكُنْ مُتَعَلِّقًا بِأُمُورِ الدِّينِ فَاسْكُتْ عَنْهُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) قَالَ مَيْرَكُ نَقْلًا عَنِ التَّصْحِيحِ وَسَلَمَةُ تُكُلِّمَ فِيهِ لَكِنْ حَسَّنَ حَدِيثَهُ التِّرْمِذِيُّ وَلِلْحَدِيثِ شَوَاهِدُ انْتَهَى قُلْتُ وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَاللَّفْظُ له وبن مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ كَذَا فِي التَّرْغِيبِ وَمِنْ عَادَاتِ التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ يُحَسِّنُ الْحَدِيثَ الضَّعِيفَ لِلشَّوَاهِدِ وَقَدْ بَيَّنْتُهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ .

     قَوْلُهُ 

رقم الحديث 1994 [1994] ( حَدَّثَنَا فَضَالَةُ بْنُ الْفَضْلِ) بْنِ فَضَالَةَ التَّمِيمِيُّ أَبُو الْفَضْلِ الْكُوفِيُّ صَدُوقٌ رُبَّمَا أَخْطَأَ مِنْ صِغَارِ الْعَاشِرَةِ ( عَنِ بن وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ) مَجْهُولٌ مِنَ السَّادِسَةِ وَكَانَ لِوَهْبٍ ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَأَيُّوبُ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ.

     وَقَالَ  فِي الْمِيزَانِ بن وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِيهِ لَا يُعْرَفُ وَعَنْهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ فَبَنُو وَهْبٍ عبد الله وعبد الرحمن وأيوب وليسوا بِالْمَشْهُورِينَ انْتَهَى ( عَنْ أَبِيهِ) أَيْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهِ بْنِ كَامِلٍ الْيَمَانِيِّ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَبْنَاوِيِّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا نُونٌ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ ( كَفَى بِكَ إِثْمًا أَنْ لَا تَزَالَ مُخَاصِمًا) لِأَنَّ كَثْرَةَ الْمُخَاصَمَةِ تَقْضِي إِلَى مَا يُذَمُّ صَاحِبُهُ.

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ .

     قَوْلُهُ 

رقم الحديث 1995 [1995] ( حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ) هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ ( عَنْ ليث) هو بن أَبِي سُلَيْمٍ ( عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ) بْنِ أَبِي بَشِيرٍ الْبَصْرِيِّ نَزِيلِ الْمَدَايِنِ ثِقَةٌ مِنَ السَّادِسَةِ .

     قَوْلُهُ  ( لَا تُمَارِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنَ الْمُمَارَاةِ أَيْ لَا تُجَادِلْ وَلَا تُخَاصِمْ ( أَخَاكَ) أَيِ الْمُسْلِمَ ( وَلَا تُمَازِحْهُ) أَيْ مُزَاحًا يُفْضِي إِلَى إِيذَائِهِ مِنْ هَتْكِ الْعِرْضِ وَنَحْوِهِ ( وَلَا تَعِدْهُ مَوْعِدًا) أَيْ وَعْدًا أَوْ زَمَانَ وَعْدٍ أَوْ مَكَانَهُ ( فَتُخْلِفَهُ) مِنَ الْإِخْلَافِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ قَالَ الطِّيبِيُّ إِنْ رُوِيَ مَنْصُوبًا كَانَ جَوَابًا لِلنَّهْيِ عَلَى تَقْدِيرِ إِنْ فَيَكُونُ مُسَبَّبًا عَمَّا قَبْلَهُ فَعَلَى هَذَا التَّنْكِيرُ فِي مَوْعِدٍ لِلنَّوْعِ مِنَ الْمَوْعِدِ وَهُوَ مَا يَرْضَاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنْ يَعْزِمَ عَلَيْهِ قَطْعًا وَلَا يُسْتَثْنَى فَيَجْعَلُ اللَّهُ ذَلِكَ سَبَبًا لِلْإِخْلَافِ أَوْ يَنْوِي فِي الْوَعْدِ كَالْمُنَافِقِ فَإِنَّ آيَةَ النِّفَاقِ الْخُلْفُ فِي الْوَعْدِ كَمَا وَرَدَ إِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْ مُطْلَقِ الْوَعْدِ لِأَنَّهُ كَثِيرًا مَا يُفْضِي إِلَى الْخُلْفِ وَلَوْ رُوِيَ مَرْفُوعًا كَانَ النَّهْيُ الْوَعْدُ الْمُسْتَعْقِبُ لِلْإِخْلَافِ أَيْ لَا تَعِدْهُ مَوْعِدًا فَأَنْتَ تُخْلِفُهُ عَلَى أَنَّهُ جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى إِنْشَائِيَّةٍ قَالَ النَّوَوِيُّ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ وَعَدَ إِنْسَانًا شَيْئًا لَيْسَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَفِيَ بِوَعْدِهِ وَهَلْ ذَلِكَ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ فِيهِ خِلَافٌ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ فَلَوْ تَرَكَهُ فَاتَهُ الْفَضْلُ وَارْتَكَبَ الْمَكْرُوهَ كَرَاهَةً شَدِيدَةً وَلَا يَأْثَمُ يَعْنِي مِنْ حَيْثُ هُوَ خُلْفٌ وَإِنْ كَانَ يَأْثَمُ إِنْ قَصَدَ بِهِ الْأَذَى قَالَ وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَبَعْضُهُمْ إِلَى التَّفْصِيلِ وَيُؤَيِّدُ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ مَا أَوْرَدَهُ فِي الْإِحْيَاءِ حَيْثُ قَالَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وَعَدَ وَعْدًا قَالَ عَسَى وكان بن مَسْعُودٍ لَا يَعِدُ وَعْدًا إِلَّا وَيَقُولُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ الْأَوْلَى ثُمَّ إِذَا فُهِمَ مَعَ ذَلِكَ الْجَزْمُ فِي الْوَعْدِ فَلَا بُدَّ مِنَ الْوَفَاءِ إِلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ فَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْوَعْدِ عَازِمًا عَلَى أَنْ لَا يَفِيَ بِهِ فَهَذَا هُوَ النِّفَاقُ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) فِي سَنَدِهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ قَالَ الْحَافِظُ صَدُوقٌ اِخْتَلَطَ أَخِيرًا وَلَمْ يَتَمَيَّزْ حَدِيثُهُ فَتُرِكَ59 -

رقم الحديث 1996 [1996] ( عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ بِالتَّصْغِيرِ التَّيْمِيِّ ثِقَةٌ فَاضِلٌ مِنَ الثَّالِثَةِ وَقَدْ وَقَعَ فِي النُّسْخَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ مَحْمُودُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَهُوَ غَلَطٌ وَالصَّوَابُ مُحَمَّدُ بن المنكدر قوله ( بئس بن العشيرة وأخو الْعَشِيرَةِ) أَوْ لِلشَّكِّ فَقِيلَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الشَّكُّ مِنْ سُفْيَانَ فَإِنَّ جَمِيعَ أَصْحَابِ الْمُنْكَدِرِ رَوَوْهُ عَنْهُ بِدُونِ الشَّكِّ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ بئس أخو العشيرة وبن الْعَشِيرَةِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ قَالَ الطِّيبِيُّ الْعَشِيرَةُ الْقَبِيلَةُ أَيْ بِئْسَ هَذَا الرَّجُلُ مِنْ هَذِهِ الْعَشِيرَةِ كَمَا يُقَالُ يَا أَخَا الْعَرَبِ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ قَالَ النَّوَوِيُّ وَاسْمُ هَذَا الرَّجُلِ عُيَيْنَةُ بن حصن وَلَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ حِينَئِذٍ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ فَأَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبَيِّنَ حَالَهُ لِيَعْرِفَهُ النَّاسُ وَلَا يَغْتَرَّ بِهِ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ بِحَالِهِ وَكَانَ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْدَهُ مَا دَلَّ عَلَى ضَعْفِ إِيمَانِهِ وَوَصْفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ بِئْسَ بن الْعَشِيرَةِ أَوْ أَخُو الْعَشِيرَةِ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ لِأَنَّهُ ارْتَدَّ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجِيءَ بِهِ أَسِيرًا إِلَى الصِّدِّيقِ ( أَلَانَ لَهُ الْقَوْلَ) وَفِي الْمِشْكَاةِ تَطَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطَ إِلَيْهِ أَيْ أَظْهَرَ لَهُ طَلَاقَةَ الْوَجْهِ وَبَشَاشَةِ الْبَشَرَةِ وَتَبَسَّمَ لَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ وَإِنَّمَا أَلَانَ لَهُ الْقَوْلَ تَأَلُّفًا لَهُ وَلِأَمْثَالِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَفِيهِ مُدَارَاةُ مَنْ يَتَّقِي فُحْشَهُ وَجَوَازُ غِيبَةِ الْفَاسِقِ وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الْفَاسِقِ بِمَا فِيهِ لِيَعْرِفَ أَمْرُهُ فَيُتَّقَى لَا يَكُونُ مِنَ الْغِيبَةِ وَلَعَلَّ الرَّجُلَ كَانَ مُجَاهِرًا بِسُوءِ أَفْعَالِهِ وَلَا غِيبَةَ لِمُجَاهِرٍ قَالَ النَّوَوِيُّ وَمِنَ الَّذِينَ يَجُوزُ لَهُمُ الْغِيبَةُ الْمُجَاهِرُ بِفِسْقِهِ أَوْ بِدْعَتِهِ فَيَجُوزُ ذِكْرُهُ بِمَا يَجْهَرُ بِهِ وَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِهِ ( إِنَّ مِنْ شَرِّ النَّاسِ) وَفِي رِوَايَةٍ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ( مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ) أَيْ تَرَكَ النَّاسُ التَّعَرُّضَ لَهُ ( أَوْ وَدَعَهُ) أَوْ لِلشَّكِّ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ ( اتِّقَاءَ فُحْشِهِ) وَفِي رواية اتقاء شره أيكيلا يُؤْذِيَهُمْ بِلِسَانِهِ وَفِيهِ رُخْصَةُ الْمُدَارَاةِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَقَدْ جَمَعَ هَذَا الْحَدِيثُ كَمَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ عِلْمًا وَأَدَبًا وَلَيْسَ .

     قَوْلُهُ  عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أُمَّتِهِ بِالْأُمُورِ الَّتِي يُسْهِمُ بِهَا وَيُضِيفُهَا إِلَيْهِمْ مِنَ الْمَكْرُوهِ غِيبَةً وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ بَلِ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ وَيُفْصِحَ بِهِ وَيُعَرِّفَ النَّاسَ أُمُورَهُمْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ النَّصِيحَةِ وَالشَّفَقَةِ عَلَى الْأُمَّةِ وَلَكِنَّهُ لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ مِنْ الْكَرَمِ وَأُعْطِيَهُ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ أَظْهَرَ لَهُ الْبَشَاشَةَ وَلَمْ يُجِبْهُ بِالْمَكْرُوهِ وَلِيَقْتَدِيَ بِهِ أُمَّتُهُ فِي اتِّقَاءِ شَرِّ مَنْ هَذَا سَبِيلُهُ وَفِي مُدَارَاتِهِ لِيَسْلَمُوا مِنْ شَرِّهِ وَغَائِلَتِهِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِيهِ جَوَازُ غِيبَةِ الْمُعْلِنِ بِالْفِسْقِ أَوِ الْفُحْشِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مَعَ جَوَازِ مُدَارَاتِهِمِ اتِّقَاءَ شَرِّهِمْ مَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إِلَى الْمُدَاهَنَةِ ثُمَّ قَالَ تَبَعًا لِلْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُدَارَاةِ وَالْمُدَاهَنَةِ أَنَّ الْمُدَارَاةَ بَذْلُ الدُّنْيَا لِصَلَاحِ الدُّنْيَا أَوِ الدِّينِ أَوْ هُمَا مَعًا وَهِيَ مُبَاحَةٌ وَرُبَّمَا اسْتُحْسِنَتْ وَالْمُدَاهَنَةُ بَذْلُ الدِّينِ لِصَلَاحِ الدُّنْيَا انْتَهَى وَهَذِهِ فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ يَنْبَغِي حِفْظُهَا وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ عَنْهَا غَافِلُونَ وَبِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا جَاهِلُونَ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا - ( بَاب مَا جَاءَ فِي الِاقْتِصَادِ فِي الْحُبِّ وَالْبُغْضِ) قال في الصراح قصد ميانه رفتن دهر جيز واقتصاد مثله يقال فلان مقتصد في النفقة لا إسراف ولا تقتير انتهى .

     قَوْلُهُ 

رقم الحديث 1997 [1997] ( حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ عَمْرٍو الْكَلْبِيُّ) أَبُو الْوَلِيدِ الْكُوفِيُّ الْعَابِدُ مِنْ كِبَارِ الْعَاشِرَةِ ثِقَةٌ وأفحش بن حِبَّانَ الْقَوْلَ فِيهِ وَلَمْ يَأْتِ بِدَلِيلٍ ( عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ) بْنِ دِينَارٍ الْبَصْرِيِّ أَبِي سَلَمَةَ ثِقَةٌ عَابِدٌ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي ثَابِتٍ وَتَغَيَّرَ حِفْظُهُ بِآخِرِهِ مِنْ كِبَارِ الثَّامِنَةِ .

     قَوْلُهُ  ( أُرَاهُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ أَظُنُّهُ ( أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا مَا) مِنْ بَابِ الْإِفْعَالِ أَيْ أَحْبِبْهُ حُبًّا قَلِيلًا فَهَوْنًا مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ صِفَةٌ لِمَا اشْتُقَّ مِنْهُ أَحْبِبْ وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ أَيْ حُبًّا مُقْتَصِدًا لَا إِفْرَاطَ فِيهِ وَلَفْظُ مَا لِلتَّقْلِيلِ ( عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْمًا مَا إِلَخْ) قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إِذْ رُبَّمَا انْقَلَبَ ذَلِكَ بِتَغَيُّرِ الزَّمَانِ والأحوال بغضافلا تَكُونُ قَدْ أَسْرَفْتَ فِي حُبِّهِ فَتَنْدَمَ عَلَيْهِ إِذَا أَبْغَضْتَهُ أَوْ حُبًّا فَلَا تَكُونُ قَدْ أسرفت في بغضه فتستحي مِنْهُ إِذَا أَحْبَبْتَهُ وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّاعِرُفَهَوْنُكَ فِي حُبٍّ وَبُغْضٍ فَرُبَّمَا بَدَا صَاحِبٌ مِنْ جَانِبٍ بَعْدَ جَانِبِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ إِلَخْ) قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنِ بن عمر بن الخطاب وعن بن عمرو بن العاص والدارقطني في الأفراد وبن عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا وَالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ انْتَهَى 1 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي الْكِبْرِ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ رَاءٌ قَالَ الرَّاغِبُ الْكِبْرُ وَالتَّكَبُّرُ وَالِاسْتِكْبَارُ مُتَقَارِبٌ فَالْكِبْرُ الْحَالَةُ الَّتِي يَخْتَصُّ بِهَا الْإِنْسَانُ مِنْ إِعْجَابِهِ بِنَفْسِهِ وَذَلِكَ أَنْ يَرَى نَفْسَهُ أَكْبَرَ مِنْ غَيْرِهِ وَأَعْظَمُ ذَلِكَ أَنْ يَتَكَبَّرَ عَلَى رَبِّهِ بِأَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ قَبُولِ الْحَقِّ وَالْإِذْعَانِ لَهُ بِالتَّوْحِيدِ وَالطَّاعَةِ وَالتَّكَبُّرُ يَأْتِي عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ تَكُونَ الْأَفْعَالُ الْحَسَنَةُ زَائِدَةً عَلَى مَحَاسِنِ الْغَيْرِ وَمِنْ ثَمَّ وُصِفَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِالْمُتَكَبِّرِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ مُتَكَلِّفًا لِذَلِكَ مُتَشَبِّعًا بِمَا لَيْسَ فِيهِ وَهُوَ وَصْفُ عَامَّةِ النَّاسِ نَحْوَ قَوْلِهِ ( كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قلب متكبر جبار) وَالْمُسْتَكْبِرُ مِثْلُهُ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ الْكِبْرُ عَلَى قِسْمَيْنِ فَإِذَا ظَهَرَ عَلَى الْجَوَارِحِ يُقَالُ تَكَبَّرَ وَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ يُقَالُ فِي نَفْسِهِ كِبْرٌ فَالْأَصْلُ هُوَ الْخُلُقُ فِي النَّفْسِ وَهُوَ الِاسْتِرْوَاحُ وَالرُّكُونُ إِلَى رُؤْيَةِ النَّفْسِ فَوْقَ الْمُتَكَبَّرِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْكِبْرَ يَسْتَدْعِي مُتَكَبَّرًا عَلَيْهِ لِيَرَى نَفْسَهُ فَوْقَهُ فِي صِفَاتِ الْكَمَالِ وَمُتَكَبِّرًا بِهِ وَبِهِ يُفْصَلُ الْكِبْرُ عَنِ الْعُجْبِ فَإِنَّ الْعُجْبَ لَا يَسْتَدْعِي غَيْرَ الْمُعْجَبِ بِهِ بَلْ لَوْ لَمْ يُخْلَقْ إِلَّا وَحْدَهُ تُصُوِّرَ أَنْ يَكُونَ مُعْجَبًا وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ مُتَكَبِّرًا .

     قَوْلُهُ 

رقم الحديث 1998 [1998] ( حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ) اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ الْعِجْلِيُّ الْكُوفِيُّ قَاضِي الْمَدَائِنِ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ مِنْ صِغَارِ العاشرة وذكره بن عَدِيٍّ فِي شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ وَجَزَمَ الْخَطِيبُ بِأَنَّ الْبُخَارِيَّ رَوَى عَنْهُ لَكِنْ قَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ رَأَيْتُهُمْ مُجْمِعِينَ عَلَى ضَعْفِهِ كَذَا فِيالتَّقْرِيبِ .

     قَوْلُهُ  ( مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ) أَيْ مِقْدَارَ وَزْنِ حَبَّةٍ قَالَ فِي الْمَجْمَعِ الْمِثْقَالُ فِي الْأَصْلِ مِقْدَارٌ مِنَ الْوَزْنِ أَيُّ شَيْءٍ كَانَ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وَالنَّاسُ يُطْلِقُونَهُ فِي الْعُرْفِ عَلَى الدِّينَارِ خَاصَّةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ انْتَهَى ( مِنْ خَرْدَلٍ) قِيلَ إِنَّهُ الْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ وَهُوَ تَمْثِيلٌ لِلْقِلَّةِ كَمَا جَاءَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ قَالَ النَّوَوِيُّ قَدِ اخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ فَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ التَّكَبُّرُ عَنِ الْإِيمَانِ فَصَاحِبُهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَصْلًا إِذَا مَاتَ عَلَيْهِ وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي قَلْبِهِ كِبْرٌ حَالَ دُخُولِهِ الْجَنَّةَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ من غل وَهَذَانِ التَّأْوِيلَانِ فِيهِمَا بُعْدٌ فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي سِيَاقِ النَّهْيِ عَنِ الْكِبْرِ الْمَعْرُوفِ وَهُوَ الِارْتِفَاعُ عَلَى النَّاسِ وَاحْتِقَارِهِمْ وَدَفْعِ الْحَقِّ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ الْمُخَرِّجَيْنِ لَهُ عَنِ الْمَطْلُوبِ بَلِ الظَّاهِرُ مَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا دُونَ مُجَازَاةٍ إِنْ جَازَاهُ وَقِيلَ هَذَا جَزَاؤُهُ لَوْ جَازَاهُ وَقَدْ تَكَرَّمَ بِأَنَّهُ لَا يُجَازِيهِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَدْخُلَ كُلُّ الْمُوَحِّدِينَ الْجَنَّةَ إِمَّا أَوَّلًا وَإِمَّا ثَانِيًا بَعْدَ تَعْذِيبِ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ الَّذِينَ مَاتُوا مُصِرِّينَ عَلَيْهَا وَقِيلَ لَا يَدْخُلُهَا مَعَ الْمُتَّقِينَ أَوَّلَ وهلة انتهى ( لايدخل النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ إِلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ دُخُولُ الْكُفَّارِ وَهُوَ دُخُولُ الْخُلُودِ وَالتَّأْبِيدِ قَالَ الطِّيبِيُّ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْقَالُ حَبَّةٍ إِشْعَارٌ بِأَنَّ الْإِيمَانَ قَابِلٌ لِلزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ قُلْتُ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ الطِّيبِيُّ فَلَا شَكَّ فِي أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الباب عن أبي هريرة وبن عَبَّاسٍ وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وَأَبِي سَعِيدٍ) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَمَّا حَدِيثُ بن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ كَذَا في الترغيب وله حديث اخر عند بن ماجة وبن حِبَّانَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ كَمَا سَيَأْتِي.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْهُ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ احْتَجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَقَالَتِ النَّارُ فِيَّ الْجَبَّارُونَ وَالْمُتَكَبِّرُونَ.

     وَقَالَ تِ الْجَنَّةُ فِيَّ ضُعَفَاءُ الْمُسْلِمِينَ وَمَسَاكِينُهُمْ فَقَضَى اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّكِ الْجَنَّةُ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ وَإِنَّكِ النَّارُ عَذَابِي أعذب بك من أشاء ولكليهما على ملؤها.

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ .

     قَوْلُهُ 

رقم الحديث 1999 [1999] ( حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادِ) بْنِ أَبِي زِيَادٍ الشَّيْبَانِيُّ مَوْلَاهُمُ الْبَصْرِيُّ خَتْنُ أَبِي عِمْرَانَةَ ثِقَةٌ عَابِدٌ مِنْ صِغَارِ التَّاسِعَةِ ( عَنْ أَبَانَ بْنِ تَغْلِبَ) قَالَ النَّوَوِيُّ يَجُوزُ صَرْفُ أَبَانَ وَتَرْكُ صَرْفِهِ وَإِنَّ الصَّرْفَ أَفْصَحُ وَتَغْلِبُ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَبِي سَعْدٍ الْكُوفِيِّ ثِقَةٌ تُكُلِّمَ فِيهِ لِلتَّشَيُّعِ مِنَ السَّابِعَةِ ( عَنْ فَضِيلِ بْنِ عَمْرٍو) الْفُقُيْمِيِّ بِالْفَاءِ وَالْقَافِ مُصَغَّرًا أَبِي النَّصْرِ الْكُوفِيِّ ثِقَةٌ مِنْ السَّادِسَةِ .

     قَوْلُهُ  ( فَقَالَ رَجُلٌ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ هُوَ مَالِكُ بْنُ مُزَارَةَ الرَّهَاوِيُّ قَالَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَأَشَارَ إِلَيْهِ أَبُو عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ وَقَدْ جَمَعَ أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ بَشْكُوَالَ الْحَافِظُ فِي اسْمِهِ أَقْوَالًا مِنْ جِهَاتٍ ثُمَّ سَرَدَهَا النَّوَوِيُّ ( إِنَّهُ يُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ ثَوْبِي حَسَنًا ونعلي حسنا) أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ أُرَاعِيَ نَظَرَ الْخَلْقِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الْكِبْرِ وَالْخُيَلَاءِ وَالسُّمْعَةِ وَالرِّيَاءِ ثُمَّ النَّعْلُ مَا وُقِيَتْ بِهِ الْقَدَمُ وهي مؤنثة سماعية ذكرها بن الْحَاجِبِ فِي رِسَالَتِهِ فِيمَا يَجِبُ تَأْنِيثُهُ فَالتَّذْكِيرُ هُنَا بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهَا وَهُوَ مَا وُقِيَتْ بِهِ الْقَدَمُ وَلَعَلَّ سَبَبَ ذَلِكَ السُّؤَالِ مَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ أَنَّهُ لَمَّا رَأَى الرَّجُلُ الْعَادَةَ فِي الْمُتَكَبِّرِينَ لِبْسَ الثِّيَابِ الْفَاخِرَةِ وَنَحْوَ ذَلِكَ سَأَلَ مَا سَأَلَ ( قَالَ) مُجِيبًا لَهُ ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْجَمَالَ) وَفِي رِوَايَةٍ إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ أَيْ حَسَنَ الْأَفْعَالِ كَامِلَ الْأَوْصَافِ وَقِيلَ أَيْ مُجَمِّلٌ وَقِيلَ جَلِيلٌ وَقِيلَ مَالِكُ النُّورِ وَالْبَهْجَةِ وَقِيلَ جَمِيلُ الْأَفْعَالِ بِكُمْ وَالنظْرِ إِلَيْكُمْ يُكَلِّفُكُمُ الْيَسِيرَ وَيُعِينُ عَلَيْهِ وَيُثِيبُ عَلَيْهِ الْجَزِيلَ وَيَشْكُرُ عَلَيْهِ وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ أَيْ لَهُ الْجَمَالُ الْمُطْلَقُ جَمَالُ الذَّاتِ وَجَمَالُ الصِّفَاتِ وَجَمَالُ الْأَفْعَالِ يُحِبُّ الْجَمَالَ أَيِ التَّجَمُّلَ مِنْكُمْ فِي الْهَيْئَةِ أَوْ فِي قِلَّةِ إِظْهَارِ الْحَاجَةِ لِغَيْرِهِ وَالْعَفَافَ عَنْ سِوَاهُ انْتَهَى ( وَلَكِنَّ الْكِبْرَ) أَيْ ذَا الْكِبْرِ بِحَذْفِ الْمُضَافِ كقوله تعالى ولكن البر من امن( مَنْ بَطَرَ الْحَقَّ) أَيْ دَفَعَهُ وَرَدَّهُ ( وَغَمَصَ النَّاسَ) أَيِ احْتَقَرَهُمْ وَلَمْ يَرَهُمْ شَيْئًا مِنْ غَمَصْتُهُ غَمْصًا وَفِي رِوَايَةٍ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ قَالَ فِي الْمَجْمَعِ الْغَمْطُ الِاسْتِهَانَةُ وَالِاسْتِحْقَارُ وَهُوَ كَالْغَمْصِ وَأَصْلُ الْبَطَرِ شِدَّةُ الْفَرَحِ وَالنَّشَاطِ وَالْمُرَادُ هُنَا قِيلَ سُوءُ احْتِمَالِ الْغِنَى وَقِيلَ الطُّغْيَانُ عِنْدَ النِّعْمَةِ وَالْمَعْنَيَانِ مُتَقَارِبَانِ وَفِي النِّهَايَةِ بَطَرُ الْحَقِّ هُوَ أَنْ يَجْعَلَ مَا يَجْعَلُهُ اللَّهُ حَقًّا مِنْ تَوْحِيدِهِ وَعِبَادَتِهِ بَاطِلًا وَقِيلَ هُوَ أَنْ يَتَجَبَّرَ عِنْدَ الْحَقِّ فَلَا يَرَاهُ حَقًّا وَقِيلَ هُوَ أَنْ يَتَكَبَّرَ عَنِ الحق فلا يقبله وقال التوربشتي وتفسير عَلَى الْبَاطِلِ أَشْبَهُ لِمَا وَرَدَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ إِنَّمَا ذَلِكَ مَنْ سَفِهَ الْحَقَّ وَغَمَصَ النَّاسَ أَيْ رَأَى الْحَقَّ سَفَهًا .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ .

     قَوْلُهُ 

رقم الحديث 2000 [2] ( عَنْ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ) وَقَعَ فِي النُّسْخَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ عَمْرُو بْنُ رَاشِدٍ بِالْوَاوِ وَالصَّوَابُ بِغَيْرِ الْوَاوِ.

     وَقَالَ  الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ عُمَرُ بْنُ رَاشِدِ بْنِ شَجَرَةَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْجِيمِ الْيَمَامِيُّ ضَعِيفٌ مِنَ السَّابِعَةِ وَوَهَمَ مَنْ قَالَ إِنَّ اسْمَهُ عَمْرٌو وَكَذَا مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ بن أَبِي خَثْعَمَ انْتَهَى ( عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ) الْأَسْلَمِيِّ كُنْيَتُهُ أَبُو سَلَمَةَ وَيُقَالُ أَبُو بَكْرٍ الْمَدَنِيُّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ .

     قَوْلُهُ  ( لَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَذْهَبُ بِنَفْسِهِ) قَالَ الْمُظْهِرُ وَغَيْرُهُ الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ أَيْ يُعْلِي نَفْسَهُ وَيَرْفَعُهَا وَيُبْعِدُهَا عَنِ النَّاسِ فِي الْمَرْتَبَةِ وَيَعْتَقِدُهَا عَظِيمَةَ الْقَدْرِ أَوْ لِلْمُصَاحَبَةِ أَيْ يُرَافِقُ نَفْسَهُ فِي ذَهَابِهَا إِلَى الْكِبْرِ وَيُعَزِّزُهَا وَيُكْرِمُهَا كَمَا يُكْرِمُ الْخَلِيلُ الْخَلِيلَ حَتَّى تَصِيرَ مُتَكَبِّرَةً وَفِي أَسَاسِ البلاغة يقال ذهب به مربه مع نفسه قال القارىء وَمِنْ قَبِيلِ الْأَوَّلِ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى ذَهَبَ اللَّهُ بنورهم أَيْ أَذْهَبَ نُورَهُمْ وَخُلَاصَةُ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَزَالُ يُذْهِبُهَا عَنْ دَرَجَتِهَا وَمَرْتَبَتِهَا إِلَى مَرْتَبَةٍ أَعْلَى وَهَكَذَا ( حَتَّى يُكْتَبَ) أَيِ اسْمُهُ أَوْ يُثْبَتَ رَسْمُهُ ( فِي الْجَبَّارِينَ) أَيْ فِي دِيوَانِ الظَّالِمِينَ وَالْمُتَكَبِّرِينَ أَوْ مَعَهُمْ فِي أَسْفَلِ السَّافِلِينَ ( فَيُصِيبَهُ) بِالنَّصْبِ وَقِيلَ بِالرَّفْعِ أَيْ فَيَنَالُ الرَّجُلُ مِنْ بَلِيَّاتِ الدُّنْيَا وَعُقُوبَاتِ الْعُقْبَى ( مَا أَصَابَهُمْ) أَيِ الْجَبَّارِينَ كَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) ذَكَرَهُ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ وَنَقَلَ تَحْسِينَ التِّرْمِذِيِّ وَأَقَرَّهُ .

     قَوْلُهُ 

رقم الحديث 2001 [21] ( حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ يَزِيدَ الْبَغْدَادِيُّ) الْكَرَاجِكِيُّ بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِ الْجِيمِ( مَنْ بَطَرَ الْحَقَّ) أَيْ دَفَعَهُ وَرَدَّهُ ( وَغَمَصَ النَّاسَ) أَيِ احْتَقَرَهُمْ وَلَمْ يَرَهُمْ شَيْئًا مِنْ غَمَصْتُهُ غَمْصًا وَفِي رِوَايَةٍ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ قَالَ فِي الْمَجْمَعِ الْغَمْطُ الِاسْتِهَانَةُ وَالِاسْتِحْقَارُ وَهُوَ كَالْغَمْصِ وَأَصْلُ الْبَطَرِ شِدَّةُ الْفَرَحِ وَالنَّشَاطِ وَالْمُرَادُ هُنَا قِيلَ سُوءُ احْتِمَالِ الْغِنَى وَقِيلَ الطُّغْيَانُ عِنْدَ النِّعْمَةِ وَالْمَعْنَيَانِ مُتَقَارِبَانِ وَفِي النِّهَايَةِ بَطَرُ الْحَقِّ هُوَ أَنْ يَجْعَلَ مَا يَجْعَلُهُ اللَّهُ حَقًّا مِنْ تَوْحِيدِهِ وَعِبَادَتِهِ بَاطِلًا وَقِيلَ هُوَ أَنْ يَتَجَبَّرَ عِنْدَ الْحَقِّ فَلَا يَرَاهُ حَقًّا وَقِيلَ هُوَ أَنْ يَتَكَبَّرَ عَنِ الحق فلا يقبله وقال التوربشتي وتفسير عَلَى الْبَاطِلِ أَشْبَهُ لِمَا وَرَدَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ إِنَّمَا ذَلِكَ مَنْ سَفِهَ الْحَقَّ وَغَمَصَ النَّاسَ أَيْ رَأَى الْحَقَّ سَفَهًا .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ .

     قَوْلُهُ