فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب في القراءة في المغرب

رقم الحديث 1091 [1091] .

     قَوْلُهُ  ( كَانَ إِذَا رَفَّأَ الْإِنْسَانُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ مَهْمُوزٌ مَعْنَاهُ دَعَا لَهُ قَالَهُ الْحَافِظُ في الفتح وفي القاموس رفأه ترفئة وترفيا قال له بالرفاه وَالْبَنِينَ أَيْ بِالِالْتِئَامِ وَجَمْعِ الشَّمْلِ انْتَهَى وذَلِكَ لِأَنَّ التَّرْفِئَةَ فِي الْأَصْلِ الِالْتِئَامُ يُقَالُ رَفَّأَ الثَّوْبَ لَأَمَ خَرْقَهُ وَضَمَّ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ وكَانَتْ هَذِهِ تَرْفِئَةَ الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ نَهَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ وَأَرْشَدَ إِلَى مَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ فَرَوَى بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ قال كنا نقول في الجاهلية بالرفاه وَالْبَنِينَ فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ عَلَّمَنَا نَبِيُّنَا قَالَ قُولُوا بَارَكَ اللَّهُ لَكُمْ وَبَارَكَ فِيكُمْ وَبَارَكَ عليكم وأخرجه النسائي والطبراني عن عقيل بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَدِمَ الْبَصْرَةَ فَتَزَوَّجَ امرأة فقالوا له بالرفاه وَالْبَنِينَ فَقَالَ لَا تَقُولُوا هَكَذَا وَقُولُوا كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِمْ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ ( قَالَ بَارَكَ اللَّهُ وَبَارَكَ عَلَيْكَ) وفِي رِوَايَةِ غَيْرِ التِّرْمِذِيِّ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ وَبَارَكَ عَلَيْكَ وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ .

     قَوْلُهُ  ( وفِي الْبَابِ عن عقيل بْنِ أَبِي طَالِبٍ) أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بني جشم فقالوا بالرفاه وَالْبَنِينَ فَقَالَ لَا تَقُولُوا هَكَذَا وَلَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِمْ أَخْرَجَهُ النسائي وبن مَاجَهْ وَأَحْمَدُ بِمَعْنَاهُ وفِي رِوَايَةٍ لَهُ لَا تَقُولُوا ذَلِكَ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَانَا عَنْ ذَلِكَ قُولُوا بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ وَبَارَكَ لَكَ فِيهَا وأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ عَقِيلٍ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَقِيلٍ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أخرجه أصحاب السنن وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ81 - ( بَاب مَا يَقُولُ إِذَا دَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ)

رقم الحديث 1092 [192] .

     قَوْلُهُ  ( إِذَا أَتَى أَهْلَهُ) أَيْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ والْمَعْنَى إِذَا أَرَادَ أَنْ يُجَامِعَ فيكون القول قبل الشروع وفي روايته لِأَبِي دَاوُدَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ وهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِغَيْرِهَا مِنَ الرِّوَايَاتِ الَّتِي تَدُلُّ بِظَاهِرِهَا عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ يَكُونُ مَعَ الْفِعْلِ فَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمَجَازِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَإِذَا قرأت القرآن فاستعذ بالله) أَيْ إِذَا أَرَدْتَ الْقِرَاءَةَ ( جَنِّبْنَا) أَيْ بَعِّدْنَا ( الشَّيْطَانَ) مَفْعُولٌ ثَانٍ ( مَا رَزَقْتَنَا) مِنَ الْوَلَدِ ( لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ) أَيْ لَمْ يُسَلَّطْ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ وَإِلَّا فَكُلُّ مَوْلُودٍ يَمَسُّهُ الشَّيْطَانُ إِلَّا مَرْيَمَ وَابْنَهَا وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ وَسْوَسَةٍ لَكِنْ كَانَ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ قَالَهُ فِي الْمَجْمَعِ قُلْتُ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَأَحْمَدَ لَمْ يُسَلَّطْ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ وقْد وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَاخْتُلِفَ فِي الضَّرَرِ الْمَنْفِيِّ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ الْحَمْلِ عَلَى الْعُمُومِ فِي أَنْوَاعِ الضَّرَرِ عَلَى مَا نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِي الْحَمْلِ عَلَى عُمُومِ الْأَحْوَالِ مِنْ صِيغَةِ النَّفْيِ مَعَ التأييد وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ الِاتِّفَاقِ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ إِنَّ كُلَّ بَنِي آدَمَ يَطْعَنُ الشَّيْطَانُ فِي بَطْنِهِ حِينَ يُولَدُ إِلَّا مَنِ اسْتَثْنَى فَإِنَّ هَذَا الطَّعْنَ نَوْعٌ مِنَ الضَّرَرِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقِيلَ الْمَعْنَى لَمْ يُسَلَّطْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْلِ بَرَكَةِ التَّسْمِيَةِ بَلْ يَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ الْعِبَادِ الَّذِينَ قِيلَ فِيهِمْ ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) وَقِيلَ الْمُرَادُ لَمْ يَصْرَعْهُ وَقِيلَ لَمْ يَضُرَّهُ فِي بَدَنِهِ وقَالَ الدَّاوُدِيُّ مَعْنَى لَمْ يَضُرَّهُ أَيْ لَمْ يَفْتِنْهُ عَنْ دِينِهِ إِلَى الْكُفْرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ عِصْمَتَهُ مِنْهُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ مُخْتَصَرًا وَقَدْ ذَكَرَ أَقْوَالًا أُخَرَ مَنْ شَاءَ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهِ فَلْيَرْجِعْ إِلَى الْفَتْحِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا النَّسَائِيُّ كَذَا فِي الْمُنْتَقَى82 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ فِيهَا النِّكَاحُ)

رقم الحديث 1093 [193] .

     قَوْلُهُ  ( بَنَى بِي) أَيْ دَخَلَ مَعِي وَزُفَّ بِي قَالَ فِي النِّهَايَةِ الِابْتِنَاءُ والبناء الدُّخُولُ بِالزَّوْجَةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ إِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بَنَى عَلَيْهَا قُبَّةً لِيَدْخُلَ بِهَا فِيهَا فَيُقَالُ بَنَى الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَلَا يُقَالُ بَنَى بِأَهْلِهِ وهَذَا الْقَوْلُ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الْحَدِيثِ وَغَيْرِ الْحَدِيثِ وعَادَ الْجَوْهَرِيُّ فَاسْتَعْمَلَهُ فِي كِتَابِهِ انْتَهَى ( وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ) زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ فَأَيُّ نِسَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي ( وَكَانَتْ عَائِشَةُ تستحب أن يبني بنائها فِي شَوَّالٍ) ضَمِيرُ نِسَائِهَا يَرْجِعُ إِلَى عَائِشَةَ قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّزْوِيجِ وَالتَّزَوُّجِ وَالدُّخُولِ فِي شَوَّالٍ وَقَدْ نَصَّ أَصْحَابُنَا عَلَى اسْتِحْبَابِهِ وَاسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَصَدَتْ عَائِشَةُ بِهَذَا الْكَلَامِ رَدَّ مَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ عَلَيْهِ وَمَا يَتَخَيَّلُهُ بَعْضُ الْعَوَامِّ الْيَوْمَ مِنْ كَرَاهَةِ التَّزَوُّجِ وَالتَّزْوِيجِ وَالدُّخُولِ فِي شَوَّالٍ وهَذَا بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَهُوَ مِنْ آثَارِ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَتَطَيَّرُونَ بِذَلِكَ لِمَا فِي اسْمِ شَوَّالٍ مِنَ الْإِشَالَةِ والرفع انتهى وقال القارىء قِيلَ إِنَّمَا قَالَتْ هَذَا رَدًّا عَلَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرَوْنَ يُمْنًا فِي التَّزَوُّجِ وَالْعُرْسِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ 3 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي الْوَلِيمَةِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ الْوَلِيمَةُ الطَّعَامُ الْمُتَّخَذُ لِلْعُرْسِ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْوَلْمِ وَهُوَ الْجَمْعُ لِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ يَجْتَمِعَانِ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ.

     وَقَالَ  الْأَنْبَارِيُّ أَصْلُهَا تَمَامُ الشَّيْءِ وَاجْتِمَاعُهُ وَالْفِعْلُ مِنْهَا أو لم قَالَهُ النَّوَوِيُّ واعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ ذَكَرُوا أَنَّ الضِّيَافَاتِ ثَمَانِيَةُ أَنْوَاعٍ الْوَلِيمَةُلِلْعُرْسِ والْخُرْسُ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَيُقَالُ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْضًا لِلْوِلَادَةِ وَالْإِعْذَارُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ لِلْخِتَانِ والْوَكِيرَةُ لِلْبِنَاءِ والنَّقِيعَةُ لِقُدُومِ الْمُسَافِرِ مَأْخُوذَةٌ مِنَ النَّقْعِ وَهُوَ الْغُبَارُ ثُمَّ قِيلَ إِنَّ الْمُسَافِرَ يَصْنَعُ الطَّعَامَ وَقِيلَ يَصْنَعُهُ غَيْرُهُ لَهُ وَالْعَقِيقَةُ يَوْمَ سَابِعِ الْوِلَادَةِ والْوَضِيمَةُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الطَّعَامُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ والْمَأْدُبَةُ بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِهَا الطَّعَامُ الْمُتَّخَذُ ضِيَافَةً بِلَا سَبَبٍ والْوَضِيمَةُ مِنْ هَذِهِ الأنواع الثمانية ليست بجائرة بَلْ هِيَ حَرَامٌ وقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَقَدْ فَاتَهُمْ ذِكْرُ الْحِذَاقِ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَآخِرُهُ قَافٌ الطَّعَامُ الَّذِي يُتَّخَذُ عند حذق الصبي ذكره بن الصباغ في الشامل وقال بن الرِّفْعَةِ هُوَ الَّذِي يُصْنَعُ عِنْدَ الْخَتْمِ أَيْ خَتْمِ الْقُرْآنِ كَذَا قَيَّدَهُ وَيَحْتَمِلُ خَتْمَ قَدْرٍ مَقْصُودٍ مِنْهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُطْرَدَ ذَلِكَ فِي حِذْقِهِ لِكُلِّ صِنَاعَةٍ قَالَ وَرَوَى أَبُو الشَّيْخِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ الْوَلِيمَةُ حَقٌّ وَسُنَّةٌ الْحَدِيثَ وفِي آخِرِهِ قَالَ وَالْخُرْسُ وَالْإِعْذَارُ وَالتَّوْكِيرُ أَنْتَ فِيهِ بِالْخِيَارِ وفِيهِ تَفْسِيرُ ذَلِكَ وَظَاهِرُ سِيَاقِهِ الرَّفْعُ وَيَحْتَمِلُ الْوَقْفَ وفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ فِي وَلِيمَةِ الْخِتَانِ لَمْ يَكُنْ يُدْعَى لَهَا انْتَهَى

رقم الحديث 1094 [194] .

     قَوْلُهُ  ( رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَثَرَ صُفْرَةٍ) قَالَ النَّوَوِيُّ وفِي رِوَايَةٍ رَدْعٍ مِنْ زَعْفَرَانٍ بِرَاءٍ وَدَالٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَاتٍ هُوَ أَثَرُ الطِّيبِ والصَّحِيحُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ أَثَرٌ مِنَ الزَّعْفَرَانِ وَغَيْرِهِ مِنْ طِيبِ الْعَرُوسِ ولَمْ يَقْصِدْهُ وَلَا تَعَمَّدَ التَّزَعْفُرَ فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ النَّهْيُ عَنِ التَّزَعْفُرِ لِلرِّجَالِ وكَذَا نَهَى الرِّجَالَ عَنِ الْخَلُوقِ لِأَنَّهُ شِعَارُ النِّسَاءِ وقَدْ نَهَى الرِّجَالَ عَنِ التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ فَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ وهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُحَقِّقُونَ قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ إِنَّهُ يُرَخَّصُ فِي ذَلِكَ لِلرَّجُلِ الْعَرُوسِ وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي أَثَرٍ ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يُرَخِّصُونَ فِي ذَلِكَ لِلشَّابِّ أَيَّامَ عُرْسِهِ قَالَ وَقِيلَ لَعَلَّهُ كَانَ يَسِيرًا فَلَمْ يُنْكَرْ انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ ( عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ النَّوَاةُ اسْمٌ لِقَدْرٍ مَعْرُوفٍ عِنْدَهُمْ فَسَرُّوهَا بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ الْقَاضِي كَذَا فَسَّرَهَا أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ ( أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ) قَالَ الْحَافِظُ لَيْسَتْ لَوْ هَذِهِ الِامْتِنَاعِيَّةَ إِنَّمَا هِيَ الَّتِي لِلتَّقْلِيلِ ووَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بَعْدَ قَوْلِهِ أَعَرَّسْتَ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَوْلَمْتَ قَالَ لَا فَرَمَى إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ وَهَذَا لَوْ صَحَّ كَانَ فِيهِ أَنَّ الشَّاةَ مِنْ إِعَانَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكَانَ يُعَكِّرُ عَلَى مَنِ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الشَّاةَ أَقَلُّ مَا يُشْرَعُ لِلْمُوسِرِ ولَكِنَّ الْإِسْنَادَ ضَعِيفٌ قَالَ ولَوْلَا ثُبُوتُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِأَقَلَّ مِنَ الشَّاةِلَكَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الشَّاةَ أَقَلُّ مَا تُجْزِئُ فِي الْوَلِيمَةِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْقَادِرِ عَلَيْهَا قَالَ عِيَاضٌ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ لَا حَدَّ لِأَكْثَرِهَا.
وَأَمَّا أَقَلُّهَا فَكَذَلِكَ ومَهْمَا تَيَسَّرَ أَجْزَأَ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنَّهَا عَلَى قَدْرِ حَالِ الزَّوْجِ وقَدْ تَيَسَّرَ عَلَى الْمُوسِرِ الشَّاةُ فَمَا فَوْقَهَا انْتَهَى وَقَدْ اسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ عَلَى وُجُوبِ الْوَلِيمَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَمْرِ الْوُجُوبُ وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ قَالَ لَمَّا خَطَبَ عَلِيٌّ فَاطِمَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ لَا بُدَّ لِلْعَرُوسِ مِنْ وَلِيمَةٍ قَالَ الْحَافِظُ سَنَدُهُ لَا بَأْسَ بِهِ وهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ الْوَلِيمَةِ.

     وَقَالَ  بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ وأما قول بن بَطَّالٍ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَوْجَبَهَا فَفِيهِ أَنَّهُ نَفَى عِلْمَهُ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي ثُبُوتَ الْخِلَافِ فِي الْوُجُوبِ وقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ وَحْشِيِّ بْنِ حَرْبٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مَرْفُوعًا الْوَلِيمَةُ حَقٌّ وكذا وقع في أحاديث أخرى قال بن بَطَّالٍ قَوْلُه حَقٌّ أَيْ لَيْسَ بِبَاطِلٍ بَلْ يُنْدَبُ إِلَيْهَا وَهِيَ سُنَّةٌ فَضِيلَةٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْحَقِّ الْوُجُوبَ وَأَيْضًا هُوَ طَعَامٌ لِسُرُورٍ حَادِثٍ فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْأَطْعِمَةِ وَالْأَمْرُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَلِكَوْنِهِ أَمَرَ بِشَاةٍ وَهِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ اتِّفَاقًا قوله ( وفي الباب عن بن مَسْعُودٍ وَعَائِشَةَ وَجَابِرٍ وَزُهَيْرِ بْنِ عُثْمَانَ) أَمَّا حديث بن مَسْعُودٍ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ وأَمَّا حَدِيثُ جابر فأخرجه أحمد ومسلم وأبو داود وبن مَاجَهْ عَنْهُ مَرْفُوعًا إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَأَمَّا حَدِيثُ زُهَيْرِ بْنِ عُثْمَانَ فَأَخْرَجَهُ أبو داود والنسائي ولفظ أبو دَاوُدَ الْوَلِيمَةُ أَوَّلَ يَوْمٍ حَقٌّ وَالثَّانِيَ مَعْرُوفٌ وَالْيَوْمَ الثَّالِثَ سُمْعَةٌ وَرِيَاءٌ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي تَلْخِيصِهِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ وَلَا أَعْلَمُ لِزُهَيْرِ بْنِ عُثْمَانَ غَيْرَ هَذَا وقَالَ أَبُو عُمَرَ النَّمَرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ يُقَالُ إِنَّهُ مُرْسَلٌ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ وذَكَرَ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ فِي تَرْجَمَةِ زُهَيْرِ بْنِ عُثْمَانَ.

     وَقَالَ  وَلَا يَصِحُّ إِسْنَادُهُ ولَا نعرف له صحبة وقال بن عُمَرَ وَغَيْرُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى وَلِيمَةٍ فَلْيُجِبْ وَلَمْ يَخُصَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَا غَيْرَهَا وَهَذَا أصح وقال بن سِيرِينَ عَنْ أَبِيهِ لَمَّا بَنَى بِأَهْلِهِ أَوْلَمَ سبعة أيام ودعى فِي ذَلِكَ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَأَجَابَهُ انْتَهَى قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَقَدْ وَجَدْنَا لِحَدِيثِ زُهَيْرِ بْنِ عُثْمَانَ شَوَاهِدَ فَذَكَرَهَا ثُمَّ قَالَ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهَا لَا يَخْلُو عَنْ مَقَالٍ فَمَجْمُوعُهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْحَدِيثِ أَصْلًا انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ أَنَسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ .

     قَوْلُهُ  ( وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَزْنُ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ وَزْنُ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَثُلُثٍ) قَالَ الْحَافِظُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ قَتَادَةَ عِنْدَالْبَيْهَقِيِّ قُوِّمَتْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَثُلُثًا وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَلَكِنْ جَزَمَ بِهِ أَحْمَدُ انْتَهَى ( وَقَالَ إِسْحَاقُ هُوَ وَزْنُ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ) قَالَ الْحَافِظُ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ نَوَاةٍ فَقِيلَ الْمُرَادُ وَاحِدَةُ نَوَى التَّمْرِ كَمَا يُوزَنُ بِنَوَى الْخَرُّوبِ وإِنَّ الْقِيمَةَ عَنْهَا كَانَتْ يَوْمَئِذٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وقِيلَ لَفْظِ النَّوَاةِ مِنْ ذَهَبٍ عِبَارَةٌ عَمَّا قِيمَتُهُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ مِنَ الْوَرِقِ وجَزَمَ بِهِ الْخَطَّابِيُّ واخْتَارَهُ الْأَزْهَرِيُّ ونَقَلَهُ عِيَاضٌ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ويُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ عَنْ قَتَادَةَ وَزْنُ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ قُوِّمَتْ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ مُخْتَصَرًا وذَكَرَ فِيهِ أَقْوَالًا أُخْرَى

رقم الحديث 1095 [195] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ وَائِلِ بْنِ دَاوُدَ) التَّيْمِيِّ الْكُوفِيِّ وَالِدِ بَكْرٍ ثِقَةٌ مِنَ السَّادِسَةِ ( عَنِ ابْنِهِ نَوْفٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ عَنِ ابْنِهِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ ولَيْسَ فِي التَّقْرِيبِ وَلَا فِي الْخُلَاصَةِ وَلَا فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ ذِكْرُ نَوْفِ بْنِ وَائِلٍ فَلْيُنْظَرْ وأَمَّا بَكْرُ بْنُ وَائِلِ بْنِ دَاوُدَ فَصَدُوقٌ رَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ وَغَيْرِهِ ورَوَى عَنْهُ أَبُوهُ وَائِلُ بْنُ دَاوُدَ وَغَيْرُهُ ( أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ بنت حي بِسَوِيقٍ وَتَمْرٍ) وفِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ أَوْلَمَ عَلَيْهَا بحيس قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ جُمِعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ كَانَ فِي الوليمة كلاهما فاخر كُلُّ رَاوٍ بِمَا كَانَ عِنْدَهُ انْتَهَى قُلْتُ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ أَنَّهُ أَمَرَ بِالْأَنْطَاعِ فَأَلْقَى فِيهَا مِنَ التَّمْرِ وَالْأَقِطِ وَالسَّمْنِ فَكَانَتْ وَلِيمَتَهُ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ ولَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا يَعْنِي بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَبَيْنَ الرِّوَايَةِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الْحَيْسِ لِأَنَّ هَذِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْحَيْسِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْحَيْسُ يُؤْخَذُ التَّمْرُ فَيُنْزَعُ نَوَاهُ وَيُخْلَطُ بِالْأَقِطِ أَوْ الدَّقِيقِ أَوْ السَّوِيقِ انْتَهَى ولَوْ جَعَلَ فِيهِ السَّمْنَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ حَيْسًا انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ قُلْتُ السَّمْنُ أَيْضًا مِنْ أَجْزَاءِ الْحَيْسِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْحَيْسُ الْخَلْطُ وَتَمْرٌ يُخْلَطُ بِسَمْنٍ وَأَقِطٍ فَيُعْجَنُ شَدِيدًا ثُمَّ يُنْدَرُ مِنْهُ نَوَاهُ وَرُبَّمَا جُعِلَ فِيهِ سَوِيقًا انْتَهَى

رقم الحديث 1097 [197] .

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) بْنِ الطُّفَيْلِ الْعَامِرِيُّ الْبَكَّائِيُّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْكَافِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ صَدُوقٌ ثَبْتٌ فِي الْمَغَازِي وفي حديثه عن غير بن إِسْحَاقَ لِينٌ مِنَ الثَّامِنَةِ قَالَهُ الْحَافِظُ ( عَنْ أبي عبد الرحمن) السلمي الكوفي المقرئ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ رَبِيعَةَ ثِقَةٌ ثَبْتٌ مِنَ الثَّانِيَةِ ( طَعَامُ أَوَّلِ يَوْمٍ حَقٌّ) أَيْ ثَابِتٌ وَلَازِمٌ فِعْلُهُ وَإِجَابَتُهُ أَوْ وَاجِبٌ وَهَذَا عِنْدَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْوَلِيمَةَ وَاجِبَةٌ أَوْ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فَإِنَّهَا فِي مَعْنَى الْوَاجِبِ حَيْثُ يُسِيءُ بِتَرْكِهَا وَيَتَرَتَّبُ عِتَابٌ وإن لم يجب عقاب قاله القارىء قُلْتُ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ مُتَمَسَّكَاتِ مَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ كَمَا تَقَدَّمَ ( وَطَعَامُ يَوْمِ الثَّانِي سُنَّةٌ) وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ رَجُلٍ أعود مِنْ ثَقِيفٍ بِلَفْظِ الْوَلِيمَةُ أَوَّلَ يَوْمٍ حَقٌّ والثَّانِي مَعْرُوفٌ إِلَخْ أَيْ لَيْسَ بِمُنْكَرٍ ( وَطَعَامُ يَوْمِ الثَّالِثِ سُمْعَةٌ) بِضَمِّ السِّينِ أَيْ سُمْعَةٌ وَرِيَاءٌ لِيُسْمِعَ النَّاسَ وَيُرَائِيهِمْ وفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ سُمْعَةٌ وَرِيَاءٌ ( وَمَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ فِيهِمَا أَيْ مَنْ شَهَرَ نَفْسَهُ بِكَرَمٍ أَوْ غَيْرِهِ فَخْرًا أَوْ رِيَاءً شَهَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ أَهْلِ الْعَرَصَاتِ بِأَنَّهُ مُرَاءٍ كَذَابٌ بِأَنْ أَعْلَمَ اللَّهُ النَّاسَ بِرِيَائِهِ وَسُمْعَتِهِ وَقَرَعَ بَابَ أَسْمَاعِ خَلْقِهِ فَيُفْتَضَحَ بَيْنَ النَّاسِ قَالَ الطِّيبِيُّ إِذَا أَحْدَثَ اللَّهُ تَعَالَى لِعَبْدٍ نِعْمَةً حُقَّ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ شُكْرًا وَاسْتُحِبَّ ذَلِكَ فِي الثَّانِي جَبْرًا لِمَا يَقَعُ مِنَ النُّقْصَانِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ السُّنَّةَ مُكَمِّلَةٌ لِلْوَاجِبِ وأَمَّا الْيَوْمُ الثَّالِثُ فَلَيْسَ إِلَّا رِيَاءً وَسُمْعَةً وَالْمَدْعُوُّ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ فِي الْأَوَّلِ وَيُسْتَحَبُّ فِي الثَّانِي وَيُكْرَهُ بَلْ يحرم في الثالث انتهى قال القارىء وفِيهِ رَدٌّ صَرِيحٌ عَلَى أَصْحَابِ مَالِكٍ حَيْثُ قَالُوا بِاسْتِحْبَابِ سَبْعَةِ أَيَّامٍ لِذَلِكَ انْتَهَى قُلْتُ لعلهم تمسكوا بما أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ قَالَتْ لَمَّا تَزَوَّجَ أَبِي دَعَا الصَّحَابَةَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَنْصَارِ دَعَا أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَغَيْرَهُمَا فَكَانَ أُبَيٌّ صَائِمًا فَلَمَّا طَعِمُوا دَعَا أُبَيٌّ وَأَثْنَى وأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَتَمَّ سِيَاقًا مِنْهُ وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ إِلَى حَفْصَةَ فِيهِ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وقَدْ جَنَحَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ إِلَى جَوَازِ الْوَلِيمَةِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ حَيْثُقَالَ بَابُ حَقِّ إِجَابَةِ الْوَلِيمَةِ وَالدَّعْوَةِ وَمَنْ أَوْلَمَ بِسَبْعَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهِ ولَمْ يُوَقِّتِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا وَلَا يَوْمَيْنِ انْتَهَى وأَشَارَ بِهَذَا إِلَى ضَعْفِ حَدِيثِ الْبَابِ ولَكِنْ ذَكَرَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ شَوَاهِدَ لِهَذَا الْحَدِيثِ.

     وَقَالَ  بَعْدَ ذِكْرِهَا هَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهَا لَا يَخْلُو عَنْ مَقَالٍ فَمَجْمُوعُهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْحَدِيثِ أَصْلًا قَالَ وَقَدْ عَمِلَ بِهِ يَعْنِي بِحَدِيثِ الْبَابِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ قَالَ وَإِلَى مَا جَنَحَ إِلَيْهِ الْبُخَارِيُّ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ قَالَ عِيَاضٌ اسْتَحَبَّ أَصْحَابُنَا لِأَهْلِ السَّعَةِ كَوْنَهَا أُسْبُوعًا قَالَ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ مَحَلُّهُ إِذَا دَعَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مَنْ لَمْ يَدْعُ قَبْلَهُ وَلَمْ يُكَرِّرْ عَلَيْهِمْ وَإِذَا حَمَلْنَا الْأَمْرَ فِي كَرَاهَةِ الثَّالِثِ عَلَى مَا إِذَا كَانَ هُنَاكَ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ وَمُبَاهَاةٌ كَانَ الرَّابِعُ وَمَا بَعْدَهُ كَذَلِكَ فَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا وَقَعَ مِنَ السَّلَفِ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْيَوْمَيْنِ عِنْدَ الْأَمْنِ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا أُطْلِقَ ذَلِكَ عَلَى الثَّالِثِ لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ مُخْتَصَرًا قوله ( حديث بن مَسْعُودٍ لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ حَدِيثِ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) .

     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيُّ بِهِ زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْهُ قَالَ الْحَافِظُ وَزِيَادٌ مُخْتَلَفٌ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ وَمَعَ ذَلِكَ فَسَمَاعُهُ عَنْ عَطَاءٍ بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ ( وَزِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ كَثِيرُ الْغَرَائِبِ وَالْمَنَاكِيرِ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَشَيْخُهُ فِيهِ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ وَسَمَاعُ زِيَادٍ مِنْهُ بَعْدَ اخْتِلَاطِهِ فَهَذِهِ عِلَّتُهُ انْتَهَى وقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ لِحَدِيثِهِ شَوَاهِدَ يَدُلُّ مَجْمُوعُهَا أَنَّ لِلْحَدِيثِ أَصْلًا ( قَالَ وَكِيعٌ زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَعَ شَرَفِهِ يَكْذِبُ فِي الْحَدِيثِ) قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ وَكِيعًا كَذَّبَهُ وَلَهُ فِي الْبُخَارِيِّ مَوْضِعٌ وَاحِدٌ مُتَابَعَةً انْتَهَى وحَدِيثُ الْبَابِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ قَالَ قَتَادَةُ إِنْ لَمْ يَكُنْ اسْمُهُ زُهَيْرُ بْنُ عُثْمَانَ فَلَا أَدْرِي مَا اسْمُهُ وإِسْنَادُهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُخَارِيُّ في تاريخه الكبير وأخرجه بن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وفِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حُسَيْنٍ النَّخَعِيُّ الْوَاسِطِيُّ قَالَ الْحَافِظُ ضَعِيفٌ وفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ وفِي إِسْنَادِهِ بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ وَهُوَ ضعيف وذكره بن أَبِي حَاتِمٍ وَالدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ وَرَجَّحَا رِوَايَةَ مَنْ أَرْسَلَهُ عَنِ الْحَسَنِ وفِي الْبَاب أَيْضًا عَنْ وَحْشِيِّ بْنِ حَرْبٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ وعَنِ بن عباس عنده أيضا بإسناد كذلك84 - ( باب فِي إِجَابَةِ الدَّاعِي)

رقم الحديث 1098 [198] .

     قَوْلُهُ  ( ائْتُوا الدَّعْوَةَ إِذَا دُعِيتُمْ) قَالَ النَّوَوِيُّ دَعْوَةُ الطَّعَامِ بِفَتْحِ الدَّالِ وَدَعْوَةُ النَّسَبِ بِكَسْرِهَا هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْعَرَبِ وَعَكَسَهُ تَيْمُ الرَّبَابِ فَقَالُوا الطَّعَامُ بِالْكَسْرِ وَالنَّسَبُ بِالْفَتْحِ وَأَمَّا قَوْلُ قُطْرُبٍ فِي الْمُثَلَّثِ إِنَّ دَعْوَةَ الطَّعَامِ بِالضَّمِّ فَغَلَّطُوهُ فِيهِ والْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْإِجَابَةُ إِلَى كُلِّ دَعْوَةٍ مِنْ عُرْسٍ وَغَيْرِهِ وقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ فَقَالَ بِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ إِلَى الدَّعْوَةِ مُطْلَقًا عُرْسًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ بِشَرْطِهِ ونقله بن عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ قاضي البصرة وزعم بن حَزْمٍ أَنَّهُ قَوْلُ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ وَهُوَ مِنْ مَشَاهِيرِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ قَالَ فِي وَلِيمَةِ الْخِتَانِ لَمْ يَكُنْ يُدْعَى لَهَا لَكِنْ يُمْكِنُ الِانْفِصَالُ عَنْهُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يمنع القول بالوجوب لو دعو وعند عبد الرزاق بإسناد صحيح عن بن عُمَرَ أَنَّهُ دَعَا لِطَعَامٍ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ القوم أعفني فقال بن عُمَرَ إِنَّهُ لَا عَافِيَةَ لَكَ مِنْ هَذَا فَقُمْ وَأَخْرَجَ الشَّافِعِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عن بن عباس أن بن صَفْوَانَ دَعَاهُ فَقَالَ إِنِّي مَشْغُولٌ وَإِنْ لَمْ تعفني جئته وجزم بعدم الوجوب في غيره وَلِيمَةِ النِّكَاحِ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَجُمْهُورُ الشَّافِعِيَّةِ وَبَالَغَ السَّرَخْسِيُّ مِنْهُمْ فَنَقَلَ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَلَفْظُ الشَّافِعِيِّ إِتْيَانُ دَعْوَةِ الْوَلِيمَةِ حَقٌّ والْوَلِيمَةُ الَّتِي تعرف وليمة العرس وكل دعوة دعى إِلَيْهَا رَجُلٌ وَلِيمَةٌ فَلَا أُرَخِّصُ لِأَحَدٍ فِي تَرْكِهَا وَلَوْ تَرَكَهَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لِي أَنَّهُ عَاصٍ فِي تَرْكِهَا كَمَا تَبَيَّنَ لِي فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ قَالَهُ الْحَافِظُ وقَالَ فِي شَرْحِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ وَذَكَرْنَا لَفْظَهُ مَا لَفْظُهُ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ اللَّامَ فِي الدَّعْوَةِ لِلْعَهْدِ مِنَ الْوَلِيمَةِ الْمَذْكُورَةِ أَوَّلًا وقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْوَلِيمَةَ إِذَا أُطْلِقَتْ حُمِلَتْ عَلَى طَعَامِ الْعُرْسِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْوَلَائِمِ فَإِنَّهَا تُقَيَّدُ انْتَهَى قُلْتُ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ الْحَافِظِ هَذَا مَا لَفْظُهُ وَيُجَابُ أَوَّلًا بِأَنَّ هَذَا مُصَادَرَةٌ عَلَى الْمَطْلُوبِ لِأَنَّ الْوَلِيمَةَ الْمُطْلَقَةَ هِيَ مَحَلُّ النِّزَاعِ وَثَانِيًا بِأَنَّ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ مَا يُشْعِرُ بِالْإِجَابَةِ إِلَى كُلِّ دَعْوَةٍ وَلَا يُمْكِنُ فِيهِ مَا ادَّعَاهُ فِي الدَّعْوَةِ وذلك نحو ما في رواية بن عُمَرَ بِلَفْظِ مَنْ دُعِيَ فَلَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَكَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  مَنْ دُعِيَ إِلَى عُرْسٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلْيُجِبْ ثُمَّ قَالَالشَّوْكَانِيُّ لَكِنَّ الْحَقَّ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْأَوَّلُونَ يَعْنِي بِهِمْ الَّذِينَ قَالُوا بِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ إِلَى كُلِّ دَعْوَةٍ قُلْتُ الظَّاهِرُ هُوَ مَا قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَائِدَةٌ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ أَنْ حَكَى وُجُوبَ الْإِجَابَةِ إِلَى الْوَلِيمَةِ وَشَرْطُ وُجُوبِهَا أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي مُكَلَّفًا حُرًّا رَشِيدًا وَأَنْ لَا يَخُصَّ الْأَغْنِيَاءَ دُونَ الْفُقَرَاءِ وَأَنْ لَا يُظْهِرَ قَصْدَ التَّوَدُّدِ لِشَخْصٍ بِعَيْنِهِ لِرَغْبَةٍ فِيهِ أَوْ رَهْبَةٍ مِنْهُ وَأَنْ يَكُونَ الدَّاعِي مُسْلِمًا عَلَى الْأَصَحِّ وأَنْ يَخْتَصَّ بِالْيَوْمِ الْأَوَّلِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَنْ لَا يُسْبَقَ فَمَنْ سَبَقَ تَعَيَّنَتِ الْإِجَابَةُ لَهُ دُونَ الثَّانِي وَإِنْ جَاءَا مَعًا قُدِّمَ الْأَقْرَبُ رَحِمًا عَلَى الْأَقْرَبِ جِوَارًا عَلَى الْأَصَحِّ فَإِنْ اسْتَوَيَا أُقْرِعَ وَأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مَنْ يَتَأَذَّى بِحُضُورِهِ .

     قَوْلُهُ  ( وفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ) لِيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ ( وَأَبِي هُرَيْرَةَ) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ ومن ترك الدعوة فقد عصى الله رسوله أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ ( وَالْبَرَاءِ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ( وَأَنَسٍ) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْهُ أَنَّ يَهُودِيًّا دَعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خُبْزِ شَعِيرٍ وإهاله سنخة فأجابه كذا في عمدة القارىء ( وَأَبِي أَيُّوبٍ) لَمْ أَقِفْ عَلَى حَدِيثِهِ .

     قَوْلُهُ  ( حديث بن عُمَرَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ 5 - ( بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ يَجِيءُ إِلَى الْوَلِيمَةِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ)

رقم الحديث 1099 [199] .

     قَوْلُهُ  ( إِلَى غُلَامٍ لَهُ لحام) بتشديد الخاء أَيْ بَائِعَ اللَّحْمِ كَتَمَّارٍ وَهُوَ مُبَالَغَةُ لَاحِمٍ فاعل للنسبة كلابن وتامر قاله القارىء قُلْتُ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ لَفْظُ قَصَّابٍ والقصاب هوالْجَزَّارُ قَالَ الْحَافِظُ وفِيهِ جَوَازُ الِاكْتِسَابِ بِصَنْعَةِ الْجِزَارَةِ انْتَهَى ( فَإِنْ أَذِنْتُ لَهُ دَخَلَ قَالَ فَقَدْ أَذِنَّا لَهُ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْخُلَ فِي ضِيَافَةِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِ أَهْلِهَا وَلَا يَجُوزُ لِلضَّيْفِ أَنْ يَأْذَنَ لِأَحَدٍ فِي الْإِتْيَانِ مَعَهُ إِلَّا بِأَمْرٍ صَرِيحٍ أَوِ إِذْنٍ عَامٍّ أَوْ عِلْمٍ بِرِضَاهُ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وفِيهِ أَنَّ الْمَدْعُوَّ لَا يَمْتَنِعُ مِنَ الْإِجَابَةِ إِذَا امْتَنَعَ الدَّاعِي مِنَ الْإِذْنِ لِبَعْضِ مَنْ صَحِبَهُ وأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ فَارِسِيًّا كَانَ طَيِّبَ الْمَرَقِ صَنَعَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذِهِ لِعَائِشَةَ فَقَالَ لَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا فَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الدَّعْوَةَ لَمْ تَكُنْ لِوَلِيمَةٍ وَإِنَّمَا صَنَعَ الْفَارِسِيُّ طَعَامًا بِقَدْرِ مَا يَكْفِي الْوَاحِدَ فَخَشِيَ إِنْ أَذِنَ لِعَائِشَةَ أَنْ لَا يَكْفِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْفَرْقُ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ حَاضِرَةً عِنْدَ الدَّعْوَةِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَأَيْضًا فَالْمُسْتَحَبُّ لِلدَّاعِي أَنْ يَدْعُوَ خَوَاصَّ الْمَدْعُوِّ مَعَهُ كَمَا فَعَلَ اللَّحَّامُ بِخِلَافِ الْفَارِسِيِّ فَلِذَلِكَ امْتَنَعَ مِنَ الْإِجَابَةِ إِلَّا أَنْ يَدْعُوَهَا أَوْ عَلِمَ حَاجَةَ عَائِشَةَ لِذَلِكَ الطَّعَامِ بِعَيْنِهِ أَوْ أَحَبَّ أَنْ تَأْكُلَ مَعَهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ كَانَ مَوْصُوفًا بِالْجَودَةِ وَلَمْ يُعْلَمْ مِثْلُهُ فِي قِصَّةِ اللَّحَّامِ.
وَأَمَّا قِصَّةُ أَبِي طَلْحَةَ حَيْثُ دَعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْعَصِيدَةِ فَقَالَ لِمَنْ مَعَهُ قُومُوا فَأَجَابَ عَنْهُ الْمَازَرِيُّ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ رِضَا أَبِي طَلْحَةَ فَلَمْ يَسْتَأْذِنْهُ وَلَمْ يَعْلَمْ رِضَا أَبِي شُعَيْبٍ فَاسْتَأْذَنَهُ وَلِأَنَّ الَّذِي أَكَلَهُ الْقَوْمُ عِنْدَ أَبِي طَلْحَةَ كَانَ مِمَّا خَرَقَ اللَّهُ فِيهِ الْعَادَةَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ جُلُّ مَا أَكَلُوهُ مِنَ الْبَرَكَةِ الَّتِي لَا صَنِيعَ لِأَبِي طَلْحَةَ فيها فلم يفتقر إلى استيذانه انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ البخاري ومسلم قوله ( وفي الباب عن بن عُمَرَ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مَرْفُوعًا مِنْ دُعِيَ فَلَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ دَخَلَ عَلَى غَيْرِ دَعْوَةٍ دَخَلَ سَارِقًا وَخَرَجَ مُغِيرًا وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ 6 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي تَزْوِيجِ الْأَبْكَارِ) جَمْعُ بِكْرٍ وَهِيَ الَّتِي لَمْ تُوطَأْ وَاسْتَمَرَّتْ عَلَى حَالَتِهَا الْأُولَى

رقم الحديث 1100 [11] .

     قَوْلُهُ  ( هَلَّا جَارِيَةً) أَيْ بِكْرًا ( تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ) فِيهِ أَنَّ تزوج البكر أولى وأن الملاعبة مع الزوج مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا قَالَ الطِّيبِيُّوَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْأُلْفَةِ التَّامَّةِ فَإِنَّ الثَّيِّبَ قَدْ تَكُونُ مُعَلَّقَةَ الْقَلْبِ بِالزَّوْجِ الْأَوَّلِ فَلَمْ تَكُنْ مَحَبَّتُهَا كَامِلَةً بِخِلَافِ الْبِكْرِ وعَلَيْهِ مَا وَرَدَ عَلَيْكُمْ بِالْأَبْكَارِ فَإِنَّهُنَّ أَشَدُّ حُبًّا وَأَقَلُّ خِبًّا ( فَجِئْتُ بِمِنْ يَقُومُ عَلَيْهِنَّ) وفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ كُنَّ لِي تِسْعُ أَخَوَاتٍ فَكَرِهْتُ أَنْ أَجْمَعَ إِلَيْهِنَّ جَارِيَةً خَرْقَاءَ مِثْلَهُنَّ وَلَكِنْ امْرَأَةً تَقُومُ عَلَيْهِنَّ وَتُمَشِّطُهُنَّ قَالَ أَصَبْتَ ( فَدَعَا لِي) وفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ قَالَ فَبَارَكَ اللَّهُ لَكَ وفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ نِكَاحِ الْأَبْكَارِ إِلَّا لِمُقْتَضٍ لِنِكَاحِ الثَّيِّبِ كَمَا وَقَعَ لِجَابِرٍ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ) لَمْ أَقِفْ عَلَى حَدِيثِهِ ( وَكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ) أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِنَحْوِ حَدِيثِ جَابِرٍ وفِيهِ تَعَضُّهَا وَتَعَضُّكَ وفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ عُوَيْمِ بْنِ ساعدة في بن مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيِّ بِلَفْظِ عَلَيْكُمْ بِالْأَبْكَارِ فَإِنَّهُنَّ أَعْذَبُ أفواها وأنتق أرحاما وأرضى باليسير وعن بن عُمَرَ نَحْوُهُ وَزَادَ وَأَسْخَنُ أَقْبَالًا رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الطِّبِّ وفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَذَا فِي التَّلْخِيصِ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ جَابِرٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ والنسائي وبن مَاجَهْ 7 - ( بَاب مَا جَاءَ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ)

رقم الحديث 1101 [111] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ) هُوَ السَّبِيعِيُّ ( عَنْ أَبِي بُرْدَةَ) بْنِ مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَجَمَاعَةٍ وَرَوَى عَنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ وَجَمَاعَةٌ قِيلَ اِسْمُهُ عَامِرٌ وَقِيلَ الْحَارِثُ ثِقَةٌ مِنْ الثَّانِيَةِ ( لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ) قَالَ السُّيُوطِيُّ حَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى نَفْيِ الصِّحَّةِ وَأَبُو حَنِيفَةَ عَلَى نَفْيِ الْكَمَالِ انْتَهَى.

قُلْتُ الرَّاجِحُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الصِّحَّةِ بَلْ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ الآتيوَغَيْرُهُ .

     قَوْلُهُ  ( وفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ) مَرْفُوعًا بِلَفْظِ أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وحسنه وصححه أبو عوانة وبن خزيمة وبن حبان والحاكم كذا في فتح الباري ( وبن عَبَّاسٍ) مَرْفُوعًا بِلَفْظِ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ والسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وفِي إِسْنَادِهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وفِيهِ مَقَالٌ وأَخْرَجَهُ سُفْيَانُ فِي جَامِعِهِ وَمِنْ طَرِيقِهِ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِإِسْنَادٍ آخَرَ حَسَنٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ بِلَفْظِ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ أَوْ سُلْطَانٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي ( وَأَبِي هُرَيْرَةَ) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَلَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا فَإِنَّ الزَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تزوج نفسها أخرجه بن ماجه والدارقطنى والبيهقي قال بن كَثِيرٍ الصَّحِيحُ وَقْفُهُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وقَالَ الْحَافِظُ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ كَذَا فِي النَّيْلِ ( وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ) مَرْفُوعًا بِلَفْظِ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْهُ وفِي إِسْنَادِهِ عبد الله بن محرر وهو متروك ورواه الشَّافِعِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا.

     وَقَالَ  هَذَا وَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا فَإِنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ بِهِ كَذَا فِي التَّلْخِيصِ ( وأنس) أخرجه بن عَدِيٍّ كَذَا فِي شَرْحِ سِرَاجِ أَحْمَدَ .

     قَوْلُهُ  ( عن سليمان) هو بْنِ مُوسَى الْأُمَوِيُّ مَوْلَاهُمْ الدِّمَشْقِيُّ الْأَشْدَقُ صَدُوقٌ فَقِيهٌ فِي حَدِيثِهِ بَعْضُ لِينٍ خُولِطَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِقَلِيلٍ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَثَّقَهُ رحيم وبن معين وقال بن عَدِيٍّ تَفَرَّدَ بِأَحَادِيثَ وَهُوَ عِنْدِي ثَبْتٌ صَدُوقٌ.

     وَقَالَ  النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ مَحَلُّهُ الصِّدْقُ فِي حَدِيثِهِ بَعْضُ الِاضْطِرَابِ قَالَ بن سَعْدٍ مَاتَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ انْتَهَى