فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في مقدار القعود في الركعتين الأوليين

رقم الحديث 3572 [3572] .

     قَوْلُهُ  (عَنْ أَبِي عُثْمَانَ) هُوَ النَّهْدِيُّ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَلٍّ .

     قَوْلُهُ  (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ11 - (بَاب فِي انْتِظَارِ الْفَرَجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)

رقم الحديث 3573 [3573] .

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يوسف) هو الضبي الفريابي ( عن بن ثَوَبَانَ) هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ ( عَنْ أَبِيهِ) أَيْ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ الْعَنْسِيِّ الشَّامِيِّ ثِقَةٌ مِنَ السَّادِسَةِ ( عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ) بْنِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيِّ الْخَزْرَجِيِّ أَبِي الْوَلِيدِ الْمَدَنِيِّ أَحَدِ النُّقَبَاءِ بَدْرِيٌّ مَشْهُورٌ مَاتَ بِالرَّمْلَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَلَهُ اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ سَنَةً وَقِيلَ عَاشَ إِلَى خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ .

     قَوْلُهُ  ( إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا) أَيْ تِلْكَ الدَّعْوَةَ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْعُو بِدُعَاءٍ إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ مَا سَأَلَ ( أَوْ صَرَفَ) أَيْ دَفَعَ ( عَنْهُ) أَيْ عَنِ الدَّاعِي ( مِنَ السُّوءِ) أَيِ الْبَلَاءِ النَّازِلِ أَوْ غَيْرِهِ فِي أَمْرِ دِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ أَوْ بَدَنِهِ ( مِثْلَهَا) أَيْ مِثْلَ تِلْكَ الدَّعْوَةِ كَمِّيَّةً وَكَيْفِيَّةً إِنْ لَمْ يُقَدِّرْ لَهُ وُقُوعَهُ فِي الدُّنْيَا مَا لَمْ يَدْعُ بِمَأْثَمٍ الْمَأْثَمُ الْأَمْرُ الَّذِي يَأْثَمُ بِهِ الْإِنْسَانُ أَوْ هُوَ الْإِثْمُ نَفْسُهُ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِإِثْمٍ ( أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ) تَخْصِيصٌ بَعْدَ تَعْمِيمٍ وَالْقَطِيعَةُ أَيِ الْهِجْرَانُ وَالصَّدُّ أَيْ تَرْكُ الْبِرِّ إِلَى الْأَهْلِ وَالْأَقَارِبِ ( إِذَا) أَيْ إِذَا كَانَ الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَا يَخِيبُ الدَّاعِي فِي شَيْءٍ مِنْهُ ( نُكْثِرُ) أَيْ مِنَ الدُّعَاءِ لِعَظِيمِ فَوَائِدِهِ ( قَالَ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( اللَّهُ أَكْثَرُ) قَالَ الطِّيبِيُّ أَيِ اللَّهُ أَكْثَرُ إِجَابَةً مِنْ دُعَائِكُمْ وَقِيلَ إِنَّ مَعْنَاهُ فَضْلُ اللَّهِ أَكْثَرُ أَيْ مَا يُعْطِيهِ مِنْ فَضْلِهِ وَسَعَةِ كَرَمِهِ أَكْثَرُ مِمَّا يُعْطِيكُمْ فِي مُقَابَلَةِ دُعَائِكُمْ وَقِيلَ اللَّهُ أَغْلَبُ فِي الْكَثْرَةِ فَلَا تُعْجِزُونَهُ فِيالاستكثار فإن خزائنه لا تنفذ وَعَطَايَاهُ لَا تَفْنَى وَقِيلَ اللَّهُ أَكْثَرُ ثَوَابًا وَعَطَاءً مِمَّا فِي نُفُوسِكُمْ فَأَكْثِرُوا مَا شِئْتُمْ فَإِنَّهُ تَعَالَى يُقَابِلُ أَدْعِيَتَكُمْ بِمَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهَا وَأَجَلُّ .

     قَوْلُهُ  ( وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ) وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ.

     وَقَالَ  صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مثلها وصححه الحاكم 2 - باب

رقم الحديث 3574 [3574] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا جَرِيرُ) بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ( عَنْ مَنْصُورِ) بْنِ الْمُعْتَمِرِ ( عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ) السُّلَمِيَّ .

     قَوْلُهُ  ( إِذَا أَخَذْتَ) أَيْ أَتَيْتَ كَمَا فِي رِوَايَةٍ مَضْجَعَكَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْجِيمِ مِنْ ضَجَعَ يَضْجَعُ مِنْ بَابِ مَنَعَ يَمْنَعُ وَالْمَعْنَى إِذَا أَرَدْتَ النَّوْمَ فِي مَضْجَعِكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ أَيْ كَوُضُوئِكَ لِلصَّلَاةِ فَهُوَ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ ( ثُمَّ اضْطَجِعْ) أَصْلُهُ اضْتَجَعَ مِنْ بَابِ الِافْتِعَالِ فَقُلِبَتِ التَّاءُ طَاءً ( عَلَى شِقِّكَ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ أَيْ جَانِبِكَ ( اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ) أَيِ اسْتَسْلَمْتُ وَانْقَدْتُ وَالْمَعْنَى جَعَلْتُ ذَاتِي مُنْقَادَةً لَكَ تَابِعَةً لِحُكْمِكَ إِذْ لَا قُدْرَةَ لِي عَلَى تَدْبِيرِهَا وَلَا عَلَى جَلْبِ مَا يَنْفَعُهَا إِلَيْهَا وَلَا دَفْعِ مَا يَضُرُّهَا عَنْهَا ( وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ) مِنَ التَّفْوِيضِ وَهُوَ تَسْلِيمُ الْأَمْرِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالْمَعْنَى تَوَكَّلْتُ عَلَيْكَ فِي أَمْرِي كُلِّهِ ( وَأَلْجَأْتُ) أَيْ أَسْنَدْتُ ( ظَهْرِي إِلَيْكَ) أَيِ اعْتَمَدْتُ عَلَيْكَ فِي أَمْرِي كُلِّهِ لِتُعِينَنِي عَلَى مَا يَنْفَعُنِي لِأَنَّ مَنِ اسْتَنَدَ إِلَى شَيْءٍ تَقْوَى بِهِ وَاسْتَعَانَ بِهِ وَخَصَّهُ بِالظَّهْرِ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَعْتَمِدُ بِظَهْرِهِ إِلَى مَنْ يَسْتَنِدُ إِلَيْهِ ( رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ) وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ رَهْبَةً مِنْكَ وَرَغْبَةً إِلَيْكَ أَيْ طَمَعًا فِي رِفْدِكَ وَثَوَابِكَ وَخَوْفًا مِنْ عَذَابِكَ وَمِنْ عِقَابِكَ قَالَ الطِّيبِيُّ مَنْصُوبَانِ عَلَى الْعِلَّةِ بِطَرِيقِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ أَيْ فوضعت أُمُورِي طَمَعًا فِي ثَوَابِكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي مِنَ الْمَكَارِهِ إِلَيْكَ مَخَافَةً مِنْ عَذَابِكَ انْتَهَى وَقِيلَ مفعول لهما لألجأت وقال القارىء إِنَّ نَصْبَهُمَا عَلَى الْحَالِيَّةِ أَيْ رَاغِبًا وَرَاهِبًا أَوِ الظَّرْفِيَّةِ أَيْ فِي حَالِ الطَّمَعِ وَالْخَوْفِ يتنازع فيهماالْأَفْعَالُ الْمُتَقَدِّمَةُ كُلُّهَا ( لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ) أَيْ لَا مَهْرَبَ وَلَا مَلَاذَ وَلَا مَخْلَصَ مِنْ عُقُوبَتِكَ إِلَّا إِلَى رَحْمَتِكَ قَالَ الْحَافِظُ أَصْلُ مَلْجَأٍ بِالْهَمْزَةِ وَمَنْجَا بِغَيْرِ هَمْزَةٍ وَلَكِنْ لَمَّا جُمِعَا جَازَا أَنْ يُهْمَزَا لِلِازْدِوَاجِ وَأَنْ يُتْرَكَ الْهَمْزُ فِيهِمَا وَأَنْ يُهْمَزَ الْمَهْمُوزُ وَيُتْرَكَ الْآخِرَ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ وَيَجُوزُ التَّنْوِينُ مَعَ الْقَصْرِ فَتَصِيرُ خَمْسَةً قَالَ الْعَيْنِيُّ إِعْرَابُهُمَا مِثْلُ إِعْرَابِ عَصَى وَفِي هَذَا التَّرْكِيبِ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ لِأَنَّهُ مِثْلُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَصْبِهِ وَفَتْحِهَا بِالتَّنْوِينِ وَعَدَمِهِ وَعِنْدَ التَّنْوِينِ تَسْقُطُ الْأَلِفُ ثُمَّ إِنَّهُمَا إِنْ كَانَا مَصْدَرَيْنِ يَتَنَازَعَانِ مِنْكَ وإن كانا مكانين فلا إذا اسْمُ الْمَكَانِ لَا يَعْمَلُ وَتَقْدِيرُهُ لَا مَلْجَأَ مِنْكَ إِلَى أَحَدٍ إِلَّا إِلَيْكَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ انْتَهَى ( آمَنْتُ بِكِتَابِكَ) يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْقُرْآنَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ اسْمَ الْجِنْسِ فَيَشْمَلَ كُلَّ كِتَابٍ أُنْزِلَ ( وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ) وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ أَرْسَلْتَهُ وَأَنْزَلْتَهُ فِي الْأَوَّلِ بِزِيَادَةِ الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ فِيهِمَا ( مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ) أَيْ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ وَقَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ مُتَّ عَلَى الدِّينِ الْقَوِيمِ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَسْلَمَ وَاسْتَسْلَمَ.

     وَقَالَ  أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَجَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ( فَرَدَدْتُهُنَّ) أَيْ رَدَدْتُ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لِأَسْتَذْكِرَهُ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ لِأَسْتَذْكِرَهُنَّ أَيْ لِأَحْفَظَ وَأَتَذَكَّرَ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَأَمَّا تَذْكِيرُ الضَّمِيرِ فِي هَذَا الْكِتَابِ فَبِتَأْوِيلِ الدُّعَاءِ ( فَقَالَ) أَيْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( قُلْ آمَنْتُ بِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ) ذَكَرُوا فِي إِنْكَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَدِّهِ اللَّفْظَ أَوْجُهًا مِنْهَا أَمَرَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ صِفَتَيْهِ وَهُمَا الرَّسُولُ وَالنَّبِيُّ صَرِيحًا وَإِنْ كَانَ وَصْفُ الرِّسَالَةِ يَسْتَلْزِمُ النُّبُوَّةَ وَمِنْهَا أَنَّ ذِكْرَهُ احْتِرَازٌ عَمَّنْ أُرْسِلَ مِنْ غَيْرِ نُبُوَّةٍ كَجِبْرِيلَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ لِأَنَّهُمْ رُسُلُ الْأَنْبِيَاءِ وَمِنْهَا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَدُّهُ دَفْعًا لِلتَّكْرَارِ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْأُولَى وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ قَالَ الْحَافِظُ وَأَوْلَى مَا قِيلَ فِي الْحِكْمَةِ فِي رَدِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ قَالَ الرَّسُولُ بَدَلَ النَّبِيِّ أَنَّ أَلْفَاظَ الْأَذْكَارِ تَوْقِيفِيَّةٌ وَلَهَا خَصَائِصُ وَأَسْرَارٌ لَا يَدْخُلُهَا الْقِيَاسُ فَتَجِبُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى اللَّفْظِ الَّذِي وَرَدَتْ بِهِ وَهَذَا اخْتِيَارُ الْمَازَرِيِّ قَالَ فَيُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى اللَّفْظِ الْوَارِدِ بِحُرُوفِهِ وَقَدْ يَتَعَلَّقُ الْجَزَاءُ بِتِلْكَ الْحُرُوفِ وَلَعَلَّهُ أُوحِيَ إليه بهذه الكلمات فيتعين أداءها بِحُرُوفِهَا وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثَلَاثُ سُنَنٍ مُهِمَّةٍ مُسْتَحَبَّةٍ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ إِحْدَاهَا الْوُضُوءُ عِنْدَ إِرَادَةِ النَّوْمِ فَإِنْ كَانَ مُتَوَضِّأً كَفَاهُ ذَلِكَ الْوُضُوءُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ النَّوْمُ عَلَى طَهَارَةٍ مَخَافَةَ أَنْ يَمُوتَ فِي لَيْلَتِهِ وَلِيَكُونَ أَصْدَقَ لِرُؤْيَاهُ وَأَبْعَدَ مِنْ تَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ بِهِ فِي مَنَامِهِ وَتَرْوِيعِهِ إِيَّاهُ الثَّانِيَةُ النَّوْمُ عَلَى الشِّقِّ الْأَيْمَنِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ وَلِأَنَّهُ أَسْرَعُ إِلَى الِانْتِبَاهِ الثَّالِثَةُ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى لِيَكُونَ خَاتِمَةَ عَمَلِهِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِوَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ ( وَلَا نَعْلَمُ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ ذِكْرَ الْوُضُوءِ إِلَخْ) أَيْ عِنْدَ النَّوْمِ

رقم الحديث 3575 [3575] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْبَرَّادِ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ أَسِيدٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ بْنُ أَبِي أَسِيدٍ الْبَرَّادُ أَوْ سَعِيدٌ الْمَدِينِيُّ صَدُوقٌ وَاسْمُ أَبِيهِ يَزِيدُ وَهُوَ غَيْرُ أَسِيدِ بْنِ عَلِيٍّ مِنَ الْخَامِسَةِ مَاتَ فِي خِلَافَةِ الْمَنْصُورِ ( عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ) بِضَمِّ مُعْجَمَةٍ وَفَتْحِ مُوَحَّدَةٍ أُولَى وَسُكُونِ يَاءٍ الْجُهَنِيِّ الْمَدَنِيِّ صَدُوقٌ رُبَّمَا وَهِمَ مِنَ الرَّابِعَةِ ( عَنْ أَبِيهِ) أَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ الْجُهَنِيِّ حَلِيفُ الْأَنْصَارِ صَحَابِيٌّ .

     قَوْلُهُ  ( فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ) أَيْ ذَاتِ مَطَرٍ ( وَظُلْمَةٍ) أَيْ وَفِي ظُلْمَةٍ ( يُصَلِّي لَنَا) وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ لِيُصَلِّيَ لَنَا ( فَقَالَ قُلْ) أَيِ اقْرَأْ ( قُلْتُ مَا أَقُولُ) أَيْ مَا أَقْرَأُ ( وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَتُفْتَحُ أَيْ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ( تَكْفِيكَ) بِالتَّأْنِيثِ أَيِ السُّوَرُ الثَّلَاثُ ( مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ تدفع عنك كل سوء فمن زَائِدَةٌ فِي الْإِثْبَاتِ عَلَى مَذْهَبِ جَمَاعَةٍ وَعَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ أَيْضًا لِأَنَّ يَكْفِيكَ مُتَضَمَّنَةٌ لِلنَّفْيِ كما يعلم من تفسيرها بتدفع وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ أَيْ تَدْفَعُ عَنْكَ مِنْ أَوَّلِ مَرَاتِبِ السُّوءِ إِلَى آخِرِهَا أَوْ تَبْعِيضِيَّةٌ أَيْ بَعْضُ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ السُّوءِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى تُغْنِيكَ عَمَّا سِوَاهَا .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَنَقَلَ الْمُنْذِرِيُّ تصحيح الترمذي وأقره

رقم الحديث 3576 [3576] 13 .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ مُصَغَّرًا ( نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي) أَيْ وَالِدِيوَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ ( وَلَا نَعْلَمُ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ ذِكْرَ الْوُضُوءِ إِلَخْ) أَيْ عِنْدَ النَّوْمِ

رقم الحديث 3577 [3577] .

     قَوْلُهُ  (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ) هُوَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ (حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ) بْنِ مُرَّةَ (الشَّنِّيُّ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ الْبَصْرِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ السَّادِسَةِ (حَدَّثَنِي أَبِي عُمَرُ بن مرةالشَّنِّيُّ الْبَصْرِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الرَّابِعَةِ (قَالَ سَمِعْتُ بِلَالَ بْنَ يَسَارِ بْنِ زَيْدٍ) الْقُرَشِيَّ مَوْلَاهُمْ بَصْرِيٌّ مَقْبُولٌ (حَدَّثَنِي أَبِي) أَيْ يَسَارُ بْنُ زَيْدٍ مَقْبُولٌ مِنَ الرَّابِعَةِ (عَنْ جَدِّي) أَيْ زَيْدٍ قَالَ فِي التَّقْرِيبِ زَيْدٌ وَالِدُ يَسَارٍ مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحَابِيٌّ لَهُ حَدِيثٌ ذَكَرَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ أَنَّ اسْمَ أَبِيهِ بَوْلًا بِمُوَحَّدَةٍ وَكَانَ عَبْدًا نُوْبِيًّا .

     قَوْلُهُ  (أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) رُوِيَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْوَصْفِ لِلَفْظِ اللَّهِ وَبِالرَّفْعِ لِكَوْنِهِمَا بَدَلَيْنِ أَوْ بَيَانَيْنِ لِقَوْلِهِ هُوَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَكْثَرُ وَالْأَشْهَرُ وَقَالَ الطِّيبِيُّ يَجُوزُ فِي الْحَيِّ الْقَيُّومِ النَّصْبُ صِفَةً لِلَّهِ أَوْ مَدْحًا وَالرَّفْعُ بَدَلًا مِنَ الضَّمِيرِ أَوْ عَلَى الْمَدْحِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ (وَأَتُوبُ إِلَيْهِ) يَنْبَغِي أَلَّا يَتَلَفَّظَ بِذَلِكَ إِلَّا إِذَا كَانَ صَادِقًا وَأَلَّا يَكُونَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ كَاذِبًا وَلِذَا رُوِيَ أَنَّ الْمُسْتَغْفِرَ مِنَ الذَّنْبِ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَيْهِ كَالْمُسْتَهْزِئِ بِرَبِّهِ (وَإِنْ كَانَ فَرَّ) أَيْ هَرَبَ (مِنَ الزَّحْفِ) قَالَ الطِّيبِيُّ الزَّحْفُ الْجَيْشُ الْكَثِيرُ الَّذِي يُرَى لِكَثْرَتِهِ كَأَنَّهُ يَزْحَفُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ مِنْ زَحَفَ الصَّبِيُّ إِذَا دَبَّ عَلَى اسْتِهِ قَلِيلًا قَلِيلًا وَقَالَ الْمُظْهِرُ هُوَ اجْتِمَاعُ الْجَيْشِ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ أَيْ مِنْ حَرْبِ الْكُفَّارِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ الْفِرَارُ بِأَنْ لَا يَزِيدَ الْكُفَّارُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِثْلَيْ عَدَدِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا نَوَى التَّحَرُّفَ وَالتَّحَيُّزَ .

     قَوْلُهُ  (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ هَذَا مَا لَفْظُهُ وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ مُتَّصِلٌ فَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ أَنَّ بِلَالًا سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ يَسَارٍ وأن يسار سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ زَيْدٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي يَسَارٍ وَالِدِ بِلَالٍ هَلْ هُوَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ أَوْ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ أَنَّهُ بِالْمُوَحَّدَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ من حديث بن مَسْعُودٍ.

     وَقَالَ  صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا إِلَّا أَنَّهُ قَالَ يَقُولُهَا ثَلَاثًا انْتَهَى 4 -

رقم الحديث 3578 [3578] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ عُمَارَةَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ ( بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ) الْأَنْصَارِيِّ الْأَوْسِيِّ الْمَدَنِيِّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ ( عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ) بِالْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ مُصَغَّرًا بن وَاهِبٍ الْأَنْصَارِيِّ الْأَوْسِيِّ الْمَدَنِيِّ صَحَابِيٌّ شَهِيرٌ اسْتَعْمَلَهُ عمر على مساحة أرض الكوفة والي عَلَى الْبَصْرَةِ قَبْلَ الْجَمَلِ مَاتَ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ .

     قَوْلُهُ  ( أَنَّ رَجُلًا ضَرِيرَ الْبَصَرِ) أَيْ ضَعِيفَ النَّظَرِ أَوْ أَعْمَى ( ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَنِي) أَيْ مِنْضَرَرِي فِي نَظَرِي ( قَالَ إِنْ شِئْتَ) أي اخترت الدعاء ( دعوت) أي لك ( وإن شِئْتَ) أَيْ أَرَدْتَ الصَّبْرَ وَالرِّضَا ( فَهُوَ) أَيِ الصَّبْرُ ( خَيْرٌ لَكَ) فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بِحَبِيبَتَيْهِ ثُمَّ صَبَرَ عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الْجَنَّةَ ( قَالَ) أَيِ الرَّجُلُ ( فَادْعُهُ) بِالضَّمِيرِ أَيِ ادْعُهُ اللَّهَ وَاسْأَلِ الْعَافِيَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْهَاءُ لِلسَّكْتِ قَالَ الطِّيبِيُّ أَسْنَدَ النَّبِيُّ الدُّعَاءَ إِلَى نَفْسِهِ وَكَذَا طَلَبُ الرَّجُلُ أَنْ يدعو هو ثم أمره أن يدعو هو أي الرجل كأنه لَمْ يَرْضَ مِنْهُ اخْتِيَارَهُ الدُّعَاءَ لَمَّا قَالَ الصَّبْرُ خَيْرٌ لَكَ لَكِنْ فِي جَعْلِهِ شَفِيعًا لَهُ وَوَسِيلَةً فِي اسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ مَا يُفْهَمُ أنه شَرِيكٌ فِيهِ ( فَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ) أَيْ يَأْتِي بِكِمَالَاتِهِ من سننه وآدابه وزاد في رواية بن مَاجَهْ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ) أَيْ أَطْلُبُكَ مَقْصُودِي فَالْمَفْعُولُ مُقَدَّرٌ ( وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ) الْبَاءِ لِلتَّعْدِيَةِ ( مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ) أَيِ الْمَبْعُوثِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ( إِنِّي تَوَجَّهْتُ بِكَ) أَيِ اسْتَشْفَعْتُ بك والخطاب للنبي ففي رواية بن مَاجَهْ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي قَدْ تَوَجَّهْتُ بِكَ ( لِتُقْضَى لِي) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ لِتُقْضَى لِي حَاجَتِي بِشَفَاعَتِكَ ( فَشَفِّعْهُ) بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ أَيِ اقْبَلْ شَفَاعَتَهُ ( فِيَّ) أَيْ فِي حَقِّي .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَزَادَ فِي آخِرِهِ فَرَجَعَ وَقَدْ كَشَفَ اللَّهُ عَنْ بصره وأخرجه أيضا بن ماجه وبن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ.

     وَقَالَ  صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَزَادَ فِيهِ فَدَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ فَقَامَ وَقَدْ أَبْصَرَ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَذَكَرَ فِي أَوَّلِهِ قِصَّةً وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حَاجَةٍ لَهُ وَكَانَ عُثْمَانُ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ وَلَا يَنْظُرُ فِي حَاجَتِهِ فَلَقِيَ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ فَشَكَا ذَلِكَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ ائْتِ الْمِيضَأَةَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ ائْتِ الْمَسْجِدَ فَصَلِّ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى رَبِّي فَيَقْضِيَ حَاجَتِي وَتَذْكُرُ حَاجَتَكَ وَرُحْ إِلَيَّ حَتَّى أَرُوحَ مَعَكَ فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ فَصَنَعَ مَا قَالَ لَهُ ثُمَّ أَتَى بَابَ عُثْمَانَ فَجَاءَ الْبَوَّابُ حَتَّى أَخَذَ بِيَدِهِ فَأَدْخَلَهُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى الطَّنْفَسَةِ.

     وَقَالَ  مَا حَاجَتُكَ فَذَكَرَ حَاجَتَهُ فَقَضَاهَا لَهُ ثُمَّ قَالَ مَا ذَكَرْتُ حَاجَتَكَ حَتَّى كَانَتْ هَذِهِ السَّاعَةُ وَقَالَ مَا كَانَتْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ فَأْتِنَا ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِيَ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ فَقَالَ لَهُ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مَا كَانَ يَنْظُرُ فِي حَاجَتِي وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَيَّ حَتَّى كَلَّمْتَهُ فِيَّ فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ وَاللَّهِ مَا كَلَّمْتُهُ ولكن شهدت رسول الله فَأَتَاهُ رَجُلٌ ضَرِيرٌ فَشَكَا إِلَيْهِ ذَهَابَ بَصَرِهِ فقال له النبي أَوَ تَصْبِرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ وَقَدْ شَقَّ عَلَيَّ فَقَالَ له النبي ائْتِ الْمِيضَأَةَ فَتَوَضَّأْ ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ ادعبِهَذِهِ الدَّعَوَاتِ فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ فَوَاللَّهِ مَا تَفَرَّقْنَا وَطَالَ بِنَا الْحَدِيثُ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْنَا الرَّجُلُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ ضُرٌّ قَطُّ قَالَ الطَّبَرَانِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ طُرُقِهِ وَالْحَدِيثُ صحيح كذا في الترغيب وقال الإمام بن تَيْمِيَّةَ فِي رِسَالَتِهِ التَّوَسُّلُ وَالْوَسِيلَةُ بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ هَذَا مَا لَفْظُهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ حَدِيثُ الْأَعْمَى قَدْ رَوَاهُ الْمُصَنِّفُونَ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ كَالْبَيْهَقِيِّ وَغَيْرِهِ ثُمَّ أَطَالَ الْكَلَامَ فِي بَيَانِ طُرُقِهِ وَأَلْفَاظِهَا ( مِنْ حَدِيثِ أَبِي جَعْفَرٍ وَهُوَ غَيْرُ الْخَطْمِيِّ) قَالَ الْإِمَامُ بن تَيْمِيَّةَ هَكَذَا وَقَعَ فِي التِّرْمِذِيِّ وَسَائِرُ الْعُلَمَاءِ قَالُوا هُوَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهُوَ الصَّوَابُ انْتَهَى قُلْتُ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا أَبُو جَعْفَرٍ الْخَطْمِيُّ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ اسْمُهُ عُمَيْرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ حَبِيبٍ الْأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ نَزِيلُ الْبَصْرَةِ صَدُوقٌ مِنَ السَّادِسَةِ وَالثَّانِي غَيْرُ الْخَطْمِيِّ قَالَ فِي التَّقْرِيبِ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ لَيْسَ هُوَ الْخَطْمِيَّ فَلَعَلَّهُ الَّذِي بَعْدَهُ قُلْتُ وَالَّذِي بَعْدَهُ هُوَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ التَّمِيمِيُّ مَوْلَاهُمْ وَاسْمُهُ عِيسَى بْنُ أَبِي عِيسَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَاهَانَ وَأَصْلُهُ مِنْ مَرْوٍ وَكَانَ يَتَّجِرُ إِلَى الرَّيِّ صَدُوقٌ سيء الْحِفْظِ خُصُوصًا عَنْ مُغِيرَةَ مِنْ كِبَارِ السَّابِعَةِ تَنْبِيهٌ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْغَنِيِّ فِي إِنْجَاحِ الْحَاجَةِ ذَكَرَ شَيْخُنَا عَابِدٌ السِّنْدِيُّ فِي رِسَالَتِهِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّوَسُّلِ وَالِاسْتِشْفَاعِ بِذَاتِهِ الْمُكَرَّمِ فِي حَيَاتِهِ وَأَمَّا بَعْدَ مَمَاتِهِ فَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فِي حَاجَةٍ لَهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ وَقَدْ كَتَبَ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ رِسَالَةً مُسْتَقِلَّةً فِيهَا التَّفْصِيلُ مَنْ أَرَادَ فَلْيَرْجِعْ إِلَيْهَا انْتَهَى وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي تُحْفَةِ الذَّاكِرِينَ وَفِي الْحَدِيثِ دليل على جواز التوسل برسول الله إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّ الْفَاعِلَ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأَنَّهُ الْمُعْطِي الْمَانِعُ مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ انْتَهَى وَقَالَ فِيهَا فِي شَرْحِ قَوْلِ صَاحِبِ الْعُمْدَةِ وَيُتَوَسَّلُ إِلَى اللَّهِ بِأَنْبِيَائِهِ وَالصَّالِحِينَ مَا لَفْظُهُ وَمِنَ التَّوَسُّلِ بِالْأَنْبِيَاءِ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ أَعْمَى أَتَى النَّبِيَّ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ثُمَّ قَالَ.
وَأَمَّا التَّوَسُّلُ بِالصَّالِحِينَ فَمِنْهُ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ الصَّحَابَةَ اسْتَسْقَوْا بِالْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَمِّ رَسُولِ الله.

     وَقَالَ  عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اللَّهُمَّ إِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا إِلَخْ انْتَهَى وَقَالَ فِي رِسَالَتِهِ الدُّرُّ النَّضِيدُ فِي إِخْلَاصِ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ.
وَأَمَّا التَّوَسُّلُ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ فِي مَطْلَبٍ يَطْلُبُهُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إِنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّوَسُّلُ إِلَى الله تعالى إلا بالنبي إِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ فِيهِ وَلَعَلَّهُ يُشِيرُ إِلَى الْحَدِيثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ وَالتِّرْمِذِيُّ وصححه بن ماجه وغيرهم أن أعمى أتى النبي فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ وَلِلنَّاسِ فِي مَعْنَى هَذَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ التَّوَسُّلَ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَمَّا قَالَ كُنَّا إِذَا أَجْدَبْنَا نَتَوَسَّلُ بِنَبِيِّنَا إِلَيْكَ فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا وَهُوَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّوَغَيْرِهِ فَقَدْ ذَكَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَوَسَّلُونَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قي حَيَاتِهِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ ثُمَّ تَوَسَّلَ بِعَمِّهِ الْعَبَّاسِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَتَوَسُّلُهُمْ هُوَ اسْتِسْقَاؤُهُمْ بِحَيْثُ يَدْعُو وَيَدْعُونَ مَعَهُ فَيَكُونُ هُوَ وَسِيلَتَهُمْ إِلَى اللَّهِ تعالى والنبي كَانَ فِي مِثْلِ هَذَا شَافِعًا وَدَاعِيًا لَهُمْ والقول الثاني أن التوسل به يَكُونُ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ وَفِي حَضْرَتِهِ وَمَغِيبِهِ وَلَا يَخْفَاكَ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ التَّوَسُّلُ به فِي حَيَاتِهِ وَثَبَتَ التَّوَسُّلُ بِغَيْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ إِجْمَاعًا سُكُوتِيًّا لِعَدَمِ إِنْكَارِ أَحَدٍ مِنْهُمْ عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي تَوَسُّلِهِ بِالْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعِنْدِي أَنَّهُ لا وجه لتخصيص جواز التوسل بالنبي كَمَا زَعَمَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ مَا عَرَّفْنَاكَ بِهِ مِنْ إِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَالثَّانِي أَنَّ التَّوَسُّلَ إِلَى اللَّهِ بِأَهْلِ الْفَضْلِ وَالْعِلْمِ هُوَ فِي التَّحْقِيقِ تَوَسُّلٌ بِأَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَةِ وَمَزَايَاهُمُ الْفَاضِلَةِ إِذْ لَا يَكُونُ الْفَاضِلُ فَاضِلًا إِلَّا بِأَعْمَالِهِ فَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِالْعَالِمِ الْفُلَانِيِّ فَهُوَ بِاعْتِبَارِ مَا قَامَ بِهِ مِنَ الْعِلْمِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أن النبي حَكَى عَنِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ انْطَبَقَتْ عَلَيْهِمُ الصَّخْرَةُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَوَسَّلَ إِلَى اللَّهِ بِأَعْظَمِ عَمَلٍ عَمِلَهُ فَارْتَفَعَتِ الصَّخْرَةُ فَلَوْ كَانَ التَّوَسُّلُ بِالْأَعْمَالِ الْفَاضِلَةِ غَيْرَ جَائِزٍ أَوْ كَانَ شركاكما يَزْعُمُهُ الْمُتَشَدِّدُونَ فِي هَذَا الْبَابِ كَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ مِنْ أَتْبَاعِهِ لَمْ تحصل الإجابة لهم ولا سكت النبي عَنْ إِنْكَارِ مَا فَعَلُوهُ بَعْدَ حِكَايَتِهِ عَنْهُمْ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا يُورِدُهُ الْمَانِعُونَ مِنَ التَّوَسُّلِ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالصُّلَحَاءِ مِنْ نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى وَنَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أحدا وَنَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ لَيْسَ بِوَارِدٍ بَلْ هُوَ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى مَحَلِّ النِّزَاعِ بِمَا هُوَ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ فَإِنَّ قَوْلَهُمْ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زلفى مُصَرِّحٌ بِأَنَّهُمْ عَبَدُوهُمْ لِذَلِكَ وَالْمُتَوَسِّلُ بِالْعَالِمِ مَثَلًا لَمْ يَعْبُدْهُ بَلْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ مَزِيَّةً عِنْدَ اللَّهِ بِحَمْلِهِ الْعِلْمَ فَتَوَسَّلَ بِهِ لِذَلِكَ وَكَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  وَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا فَإِنَّهُ نَهْيٌ عَنْ أَنْ يُدْعَى مَعَ اللَّهِ غَيْرُهُ كَأَنْ يَقُولَ بِاللَّهِ وَبِفُلَانٍ وَالْمُتَوَسِّلُ بِالْعَالِمِ مَثَلًا لَمْ يَدْعُ إِلَّا اللَّهَ فَإِنَّمَا وَقَعَ مِنْهُ التَّوَسُّلُ عَلَيْهِ بِعَمَلٍ صَالِحٍ عَمِلَهُ بَعْضُ عِبَادِهِ كَمَا تَوَسَّلَ الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ انْطَبَقَتْ عَلَيْهِمُ الصَّخْرَةُ بِصَالِحِ أَعْمَالِهِمْ وَكَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْآيَةُ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ دَعَوْا مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُمْ وَلَمْ يَدْعُوا رَبَّهُمُ الَّذِي يَسْتَجِيبُ لَهُمْ وَالْمُتَوَسِّلُ بِالْعَالِمِ مَثَلًا لَمْ يَدْعُ إِلَّا اللَّهَ وَلَمْ يَدْعُ غَيْرَهُ دُونَهُ وَلَا دَعَا غَيْرَهُ مَعَهُ وَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ دَفْعُ مَا يُورِدُهُ الْمَانِعُونَ لِلتَّوَسُّلِ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْخَارِجَةِ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ خُرُوجًا زَائِدًا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ كَاسْتِدْلَالِهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ الشَّرِيفَةَ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا أَنَّهُ تَعَالَى الْمُنْفَرِدُ بِالْأَمْرِ فِي يَوْمِ الدِّينِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لِغَيْرِهِ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ وَالْمُتَوَسِّلُ بِنَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَوْ عَالِمٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ هُوَ لَا يَعْتَقِدُ أَنَّ لِمَنْ تَوَسَّلَ بِهِ مُشَارَكَةً لِلَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ فِي أَمْرِ يَوْمِ الدين ومناعْتَقَدَ هَذَا الْعَبْدَ مِنَ الْعِبَادِ سَوَاءٌ كَانَ نَبِيًّا أَوْ غَيْرَ نَبِيٍّ فَهُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ وَهَكَذَا الِاسْتِدْلَالُ عَلَى مَنْعِ التَّوَسُّلِ بِقَوْلِهِ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا فَإِنَّ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ مُصَرِّحَتَانِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِرَسُولِ الله مِنْ أَمْرِ اللَّهِ شَيْءٌ وَأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا فَكَيْفَ يَمْلِكُ لِغَيْرِهِ وَلَيْسَ فِيهِمَا مَنْعُ التَّوَسُّلِ بِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَوِ الْأَوْلِيَاءِ أَوِ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ جعل الله لرسوله الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ لِمَقَامِ الشَّفَاعَةِ الْعُظْمَى وَأَرْشَدَ الْخَلْقَ إِلَى أَنْ يَسْأَلُوهُ ذَلِكَ وَيَطْلُبُوهُ مِنْهُ.

     وَقَالَ  لَهُ سَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ وَقِيلَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ بِأَنَّ الشَّفَاعَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا تَكُونُ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وهكذا الاستدلال على منع التوسل بقوله لَمَّا نَزَلَ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ يَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ لَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا يَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ لَا أَمْلِكُ لَكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا فَإِنَّ هذا ليس فيها إلا التصريح بأنه لَا يَسْتَطِيعُ نَفْعَ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ ضُرَّهُ وَلَا ضُرَّ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى نَفْعَهُ وَأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ لِأَحَدٍ مِنْ قَرَابَتِهِ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِمْ شَيْئًا مِنَ اللَّهِ وَهَذَا مَعْلُومٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى اللَّهِ فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ طَلَبُ الْأَمْرِ مِمَّنْ لَهُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَإِنَّمَا أَرَادَ الطَّالِبُ أَنْ يُقَدِّمَ بَيْنَ يَدَيْ طَلَبِهِ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْإِجَابَةِ مِمَّنْ هُوَ الْمُنْفَرِدُ بِالْعَطَاءِ وَالْمَنْعِ وَهُوَ مَالِكُ يَوْمِ الدِّينِ انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ قُلْتُ الْحَقُّ عِنْدِي أَنَّ التَّوَسُّلَ بِالنَّبِيِّ فِي حَيَاتِهِ بِمَعْنَى التَّوَسُّلِ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ جَائِزٌ وَكَذَا التَّوَسُّلُ بِغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ فِي حَيَاتِهِمْ بِمَعْنَى التَّوَسُّلِ بِدُعَائِهِمْ وَشَفَاعَتِهِمْ أَيْضًا جائز وأما التوسل به بَعْدَ مَمَاتِهِ وَكَذَا التَّوَسُّلُ بِغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ بَعْدَ مَمَاتِهِمْ فَلَا يَجُوزُ وَاخْتَارَهُ الإمام بن تَيْمِيَّةَ فِي رِسَالَتِهِ التَّوَسُّلُ وَالْوَسِيلَةُ وَقَدْ أَشْبَعَ الْكَلَامَ فِي تَحْقِيقِهِ وَأَجَادَ فِيهِ فَعَلَيْكَ أَنْ تُرَاجِعَهَا وَمِنْ جُمْلَةِ كَلَامِهِ فِيهَا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّهُ جَعَلَ مِنَ المشروع المستحب أن يتوسل بالنبي بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ دَاعِيًا لَهُ وَلَا شَافِعًا فِيهِ فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ عُمَرَ وَأَكَابِرَ الصَّحَابَةِ لَمْ يَرَوْا هَذَا مَشْرُوعًا بَعْدَ مَمَاتِهِ كَمَا كَانَ يُشْرَعُ فِي حَيَاتِهِ بَلْ كَانُوا فِي الِاسْتِسْقَاءِ فِي حَيَاتِهِ يَتَوَسَّلُونَ بِهِ فَلَمَّا مَاتَ لَمْ يَتَوَسَّلُوا بِهِ بَلْ قَالَ عُمَرُ فِي دُعَائِهِ الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ الثَّابِتِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِمَحْضَرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فِي عَامِ الرَّمَادَةِ الْمَشْهُورِ لَمَّا اشْتَدَّ بِهِمُ الْجَدْبُ حَتَّى حَلَفَ عُمَرُ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا حَتَّى يُخْصِبَ النَّاسُ ثُمَّ لَمَّا اسْتَسْقَى بِالنَّاسِ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا إِذَا أَجْدَبْنَا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا فَيُسْقَوْنَ وَهَذَا دُعَاءٌ أَقَرَّهُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الصَّحَابَةِ لَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مَعَ شُهْرَتِهِ وَهُوَ مِنْ أَظْهَرِ الْإِجْمَاعَاتِ الْإِقْرَارِيَّةِ وَدَعَا بِمِثْلِهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فِي خِلَافَتِهِ لَمَّا اسْتَسْقَى بِالنَّاسِ فَلَوْ كَانَ تَوَسُّلُهُمْ بِالنَّبِيِّ بَعْدَ مَمَاتِهِ كَتَوَسُّلِهِمْ فِي حَيَاتِهِ لَقَالُوا كَيْفَ نَتَوَسَّلُ بِمِثْلِ الْعَبَّاسِ وَيَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ وَنَحْوِهِمَا ونعدل عن التوسل بالنبي الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ الْخَلَائِقِ وَهُوَ أَفْضَلُ الْوَسَائِلِ وأعظمها عنداللَّهِ فَلَمَّا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُمْ فِي حَيَاتِهِ إِنَّمَا تَوَسَّلُوا بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ تَوَسَّلُوا بِدُعَاءِ غَيْرِهِ وَشَفَاعَةِ غَيْرِهِ عُلِمَ أَنَّ الْمَشْرُوعَ عِنْدَهُمُ التَّوَسُّلُ بِدُعَاءِ الْمُتَوَسَّلِ بِهِ لَا بِذَاتِهِ وَحَدِيثُ الْأَعْمَى حُجَّةٌ لِعُمَرَ وَعَامَّةِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ فَإِنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَ الْأَعْمَى أَنْ يَتَوَسَّلَ إلى الله بشفاعة النبي وَدُعَائِهِ لَا بِذَاتِهِ.

     وَقَالَ  لَهُ فِي الدُّعَاءِ قُلِ اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ وَإِذَا قُدِّرَ أَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يَتَوَسَّلَ بِذَاتِهِ لَا بِشَفَاعَتِهِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِالدُّعَاءِ الْمَشْرُوعِ بَلْ بِبَعْضِهِ وَتَرَكَ سَائِرَهُ الْمُتَضَمِّنَ لِلتَّوَسُّلِ بِشَفَاعَتِهِ كَانَ مَا فَعَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ هُوَ الْمُوَافِقُ لسنة رسول الله وَكَانَ الْمُخَالِفُ لِعُمَرَ مَحْجُوجًا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وكان الحديث الذي رواه عن النبي حُجَّةً عَلَيْهِ لَا لَهُ وَقَالَ فِيهَا فَأَمَّا التَّوَسُّلُ بِذَاتِهِ فِي حُضُورِهِ أَوْ مَغِيبِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ مِثْلُ الْإِقْسَامِ بِذَاتِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَوِ السُّؤَالِ بِنَفْسِ ذَوَاتِهِمْ لَا بِدُعَائِهِمْ فَلَيْسَ هَذَا مَشْرُوعًا عِنْدَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بَلْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَمَنْ بِحَضْرَتِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ لَمَّا أَجْدَبُوا اسْتَسْقَوْا وَتَوَسَّلُوا أَوِ اسْتَشْفَعُوا بِمَنْ كَانَ حَيًّا كَالْعَبَّاسِ وَيَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ وَلَمْ يَتَوَسَّلُوا وَلَمْ يَسْتَشْفِعُوا وَلَمْ يستسقوا في هذه الحال بالنبي لَا عِنْدَ قَبْرِهِ وَلَا غَيْرِ قَبْرِهِ بَلْ عَدَلُوا إِلَى الْبَدَلِ كَالْعَبَّاسِ وَكَيَزِيدَ بَلْ كَانُوا يُصَلُّونَ عَلَيْهِ فِي دُعَائِهِمْ وَقَدْ قَالَ عُمَرُ اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِيَنَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا فَجَعَلُوا هَذَا بَدَلًا عَنْ ذَاكَ لَمَّا تَعَذَّرَ أَنْ يَتَوَسَّلُوا بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ الَّذِي كَانُوا يَفْعَلُونَهُ وَقَدْ كَانَ مِنَ الْمُمْكِنِ أَنْ يَأْتُوا إِلَى قَبْرِهِ وَيَتَوَسَّلُوا هُنَاكَ وَيَقُولُوا فِي دُعَائِهِمْ بِالْجَاهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَتَضَمَّنُ الْقَسَمَ بِمَخْلُوقٍ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوِ السُّؤَالَ بِهِ فَيَقُولُونَ نَسْأَلُكَ أَوْ نُقْسِمُ عَلَيْكَ بِنَبِيِّكَ أَوْ بِجَاهِ نَبِيِّكَ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ انْتَهَى

رقم الحديث 3579 [3579] .

     قَوْلُهُ  ( سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ) الْبَاهِلِيَّ اسْمُهُ صُدَيُّ بْنُ عَجْلَانَ .

     قَوْلُهُ  ( فِي جَوْفِ اللَّيْلِ) خَبَرُ أَقْرَبُ أَيْ أَقْرَبِيَّتُهُ تَعَالَى مِنْ عِبَادِهِ كَائِنَةٌ فِي اللَّيْلِ قَالَ الطِّيبِيُّ إِمَّا حَالٌ مِنَ الرَّبِّ أَيْ قَائِلًا فِي جَوْفِ اللَّيْلِ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ الْحَدِيثَ سَدَّتْ مَسَدَّ الْخَبَرِ وَمِنَ الْعَبْدِ أَيْ قَائِمًا فِي جَوْفِ اللَّيْلِ دَاعِيًا مُسْتَغْفِرًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا لِأَقْرَبَ فَإِنْ قُلْتَ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ من العبد وفي حديث أبو هريرة عن مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ أُجِيبَ بِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَاإِلَخْ أَنَّ رَحْمَتَهُ سَابِقَةٌ فَقُرْبُ رَحْمَةِ اللَّهِ مِنَ الْمُحْسِنِينَ سَابِقٌ عَلَى إِحْسَانِهِمْ فَإِذَا سَجَدُوا قَرُبُوا مِنْ رَبِّهِمْ بِإِحْسَانِهِمْ كَمَا قَالَ فَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ وَفِيهِ أَنَّ لُطْفَ اللَّهِ وَتَوْفِيقَهُ سَابِقٌ عَلَى عَمَلِ الْعَبْدِ وَسَبَبٌ لَهُ وَلَوْلَاهُ لَمْ يَصْدُرْ مِنَ الْعَبْدِ خَيْرٌ قَطُّ انْتَهَى وَقَالَ مَيْرَكُ فَإِنْ قُلْتَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا الْقَوْلِ وَقَوْلِهِ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ ربه وهو ساجد قلت المراد ها هنا بَيَانُ وَقْتِ كَوْنِ الرَّبِّ أَقْرَبَ مِنَ الْعَبْدِ وَهُوَ جَوْفُ اللَّيْلِ وَالْمُرَادُ هُنَاكَ بَيَانُ أَقْرَبِيَّةِ أَحْوَالِ الْعَبْدِ مِنَ الرَّبِّ وَهُوَ حَالُ السُّجُودِ فَتَأَمَّلْ ( الْآخِرُ) صِفَةٌ لِجَوْفِ اللَّيْلِ عَلَى أَنَّهُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ وَيُجْعَلُ لِكُلِّ نِصْفٍ جَوْفًا الْقُرْبُ يحصل في جوف النصف الثاني فابتداءه يَكُونُ مِنَ الثُّلُثِ الْأَخِيرِ وَهُوَ وَقْتُ الْقِيَامِ للتهجد قاله الطيبي وقال القارىء وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاؤُهُ مِنْ أَوَّلِ النِّصْفِ الْأَخِيرِ ( فَإِنِ اسْتَطَعْتَ) أَيْ قَدَرْتَ وَوُفِّقْتَ ( مِمَّنْ يَذْكُرُ اللَّهَ) فِي ضِمْنِ صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا ( فِي تِلْكَ السَّاعَةِ) إِشَارَةً إِلَى لُطْفِهَا ( فَكُنْ) أَيِ اجْتَهِدْ أَنْ تَكُونَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ وَهَذَا أَبْلَغُ مِمَّا لَوْ قِيلَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ ذَاكِرًا فَكُنْ لِأَنَّ الْأُولَى فِيهَا صِفَةُ عُمُومٍ شَامِلٍ لِلْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ فَيَكُونُ دَاخِلًا فِيهِمْ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ) وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وبن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ

رقم الحديث 3580 [358] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ) اسْمُهُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بكار ( أخبرنا الوليد بن مسلم) القرشي الدمشقي ( حدثني عُفَيْرٌ) بِضَمِّ عَيْنٍ وَفَتْحِ فَاءٍ وَسُكُونِ يَاءٍ مُصَغَّرًا ( بْنُ مَعْدَانَ) بِفَتْحِ مِيمٍ وَسُكُونِ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَخِفَّةِ دَالٍ مُهْمَلَةٍ الْحِمْصِيُّ الْمُؤَذِّنُ ضَعِيفٌ مِنَ الثَّالِثَةِ ( سَمِعَ أَبَا دَوْسٍ الْيَحْصُبِيَّ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الصَّادِ وَفَتْحِهَا وَبِمُوَحَّدَةٍ اسْمُهُ عُثْمَانُ بْنُ عُبَيْدٍ الشَّامِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ السَّابِعَةِ قَالَ الْحَافِظُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَتِهِ رَوَى لَهُ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثًا وَاحِدًا فِي الْجِهَادِ فِي مُسْنَدِ عُمَارَةَ بْنِ زَعْكَرَةَ ( عَنِ بن عَائِذٍ) اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَائِذٍ بِتَحْتَانِيَّةٍ وَمُعْجَمَةٍ الثُّمَالِيِّ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَيُقَالُ الْكِنْدِيُّ الْحِمْصِيُّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ وَقَدْ وَقَعَ فِي النُّسْخَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ أَبِي عَائِذٍ وَهُوَ غَلَطٌ ( عَنْ عُمَارَةَ بن زعكرة) بفتح الزاي والكاف بينهما غير مُهْمَلَةٌ سَاكِنَةٌ الْكِنْدِيِّ أَبِي عَدِيٍّ الْحِمْصِيِّ صَحَابِيٌّ .

     قَوْلُهُ  ( إِنَّ عَبْدِي كُلَّ عَبْدِي) أَيْ عَبْدِي حَقًّا ( الَّذِي يَذْكُرُنِي وَهُوَ مُلَاقٍ قِرْنَهُ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ عَدُوَّهُ الْمُقَارِنَ الْمُكَافِئَ لَهُ فِي الشَّجَاعَةِ وَالْحَرْبِ فَلَا يَغْفُلُ عَنْ رَبِّهِحَتَّى فِي حَالِ مُعَايَنَةِ الْهَلَاكِ ( يَعْنِي عِنْدَ الْقِتَالِ) هَذَا تَفْسِيرٌ مِنْ بَعْضِ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ ( وَلَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ) لِضَعْفِ عُفَيْرِ بْنِ مَعْدَانَ 5 - ( بَاب فِي فَضْلِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ)

رقم الحديث 3581 [3581] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ) الْخَزْرَجِيِّ الْأَنْصَارِيِّ صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ مَاتَ سَنَةَ سِتِّينَ تَقْرِيبًا وَقِيلَ بَعْدَ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  ( أَنَّ أَبَاهُ) أَيْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ بْنِ دُلَيْمِ بْنِ حَارِثَةَ الْأَنْصَارِيَّ الْخَزْرَجِيَّ أَحَدُ النُّقَبَاءِ وَأَحَدُ الْأَجْوَادِ مَاتَ بِأَرْضِ الشَّامِ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ ( يَخْدُمُهُ) أَيْ لِيَخْدُمَهُ ( قَالَ) أَيْ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ ( فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ) أَيْ لِلتَّنْبِيهِ ( أَلَا أَدُلُّكَ) يَا قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ ( قُلْتُ بَلَى) أَيْ دُلَّنِي ( لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ) سَبَقَ مَعْنَاهُ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ التَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ قَالَ النَّوَوِيُّ هِيَ كَلِمَةُ اسْتِسْلَامٍ وَتَفْوِيضٍ وَأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ مِنْ أَمْرِهِ شَيْئًا وَلَيْسَ لَهُ حِيلَةٌ فِي دَفْعِ شَرٍّ وَلَا قُوَّةٌ فِي جَلْبِ خَيْرٍ إِلَّا بِإِرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى انْتَهَى قَالَ الْمُنَاوِيُّ لَمَّا تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ بَرَاءَةَ النَّفْسِ مِنْ حَوْلِهَا وَقُوَّتِهَا إِلَى حَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ كَانَتْ مُوَصِّلَةً إِلَيْهَا وَالْبَابُ مَا يُتَوَصَّلُ مِنْهُ إِلَى الْمَقْصُودِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أحمد والحاكم وقال صحيح على شرطهما 6 -