فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في ترك القراءة خلف الإمام إذا جهر الإمام بالقراءة

رقم الحديث 1314 [1314] .

     قَوْلُهُ  ( غَلَا السِّعْرُ) بِكَسْرِ السِّينِ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ نرخ أَيْ ارْتَفَعَ السِّعْرُ ( سَعِّرْ لَنَا) أَمْرٌ من تسعير وَهُوَ أَنْ يَأْمُرَ السُّلْطَانُ أَوْ نُوَّابُهُ أَوْ كُلُّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ أَمْرَ أَهْلِ السُّوقِ أَنْ لَا يَبِيعُوا أَمْتِعَتَهُمْ إِلَّا بِسِعْرِ كَذَا فَيَمْنَعَ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ أَوْ النُّقْصَانِ لِمَصْلَحَةٍ ( إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ) بِتَشْدِيدِ الْعَيْنِ الْمَكْسُورَةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ إِنَّهُ هُوَ الَّذِي يُرَخِّصُ الْأَشْيَاءَ وَيُغْلِيهَا فَلَا اعْتِرَاضَ لِأَحَدٍ ولِذَلِكَ لَا يَجُوزُ التَّسْعِيرُ انْتَهَى ( الْقَابِضُ الْبَاسِطُ) أَيْ مُضَيِّقُ الرِّزْقِ وَغَيْرِهِ عَلَى مَنْ شَاءَ كَيْفَ شَاءَ وَمُوَسِّعُهُ ( وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَطْلُبُنِي بِمَظْلِمَةٍ) قَالَ فِي الْمَجْمَعِ مَصْدَرُ ظَلَمَ وَاسْمُ مَا أُخِذَ مِنْكَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَهُوَ بِكَسْرِ لَامٍ وَفَتْحِهَا وَقَدْ يُنْكَرُ الْفَتْحُ انْتَهَى وقَدْ اسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ وَمَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهَا عَلَى تَحْرِيمِ التَّسْعِيرِ وَأَنَّهُ مَظْلِمَةٌ وَوَجْهُهُ أَنَّ النَّاسَ مُسَلَّطُونَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ والتَّسْعِيرُ حَجْرٌ عَلَيْهِمْ والْإِمَامُ مَأْمُورٌ بِرِعَايَةِ مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ نَظَرُهُ فِي مَصْلَحَةِ الْمُشْتَرِي بِرُخْصِ الثَّمَنِ أَوْلَى مِنْ نَظَرِهِ فِي مَصْلَحَةِ الْبَائِعِ بِتَوفِيرِ الثَّمَنِ وَإِذَا تَقَابَلَ الْأَمْرَانِ وَجَبَ تَمْكِينُ الْفَرِيقَيْنِ مِنَ الِاجْتِهَادِ لِأَنْفُسِهِمْ وَإِلْزَامِ صَاحِبِ السِّلْعَةِ أَنْ يَبِيعَ بِمَا لَا يَرْضَى بِهِ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( إِلَّا أن تكون تجارة عن تراض) وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ ورُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ التَّسْعِيرُ وأَحَادِيثُ الْبَابِ تَرُدُّ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ حَالَةِ الْغَلَاءِ وَلَا حَالَةِ الرُّخْصِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَجْلُوبِ وَغَيْرِهِ وَإِلَى ذَلِكَ مَالَ الْجُمْهُورُ وفِي وَجْهٍ لِلشَّافِعِيَّةِ جَوَازُ التَّسْعِيرِ فِي حَالَةِ الْغَلَاءِ وظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا كَانَ قُوتًا لِلْآدَمِيِّ وَلِغَيْرِهِ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ وَبَيْنَ مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْإِدَامَاتِ وَسَائِرِ الْأَمْتِعَةِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو داود وبن مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ وَأَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ قَالَ الْحَافِظُ وإسناده على شرط مسلم وصححه أيضا بن حِبَّانَ وفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبُو دَاوُدَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَعِّرْ فَقَالَ بَلِ ادْعُوا اللَّهَ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَعِّرْ فَقَالَ بَلِ اللَّهُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ قَالَ الْحَافِظُ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عند بن مَاجَهْ وَالْبَزَّارِ وَالطَّبَرَانِيِّ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِوَحَسَّنَهُ الْحَافِظُ وَعَنْ عَلِيٍّ عِنْدَ الْبَزَّارِ نَحْوُهُ وعن بن عَبَّاسٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الصَّغِيرِ وَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ فِي الْكَبِيرِ كَذَا فِي النَّيْلِ 3 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الْغِشِّ فِي الْبُيُوعِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْغِشُّ ضِدُّ النُّصْحِ مِنَ الغشش وهو المشرب لكدر انْتَهَى وقَالَ فِي الْقَامُوسِ غَشَّهُ لَمْ يَمْحَضْهُ النُّصْحَ أَوْ أَظْهَرَ لَهُ خِلَافَ مَا أَضْمَرَ كَغَشَشَهُ وَالْغِشُّ بِالْكَسْرِ الِاسْمُ مِنْهُ انْتَهَى وقَالَ فِي الصُّرَاحِ غِشٌّ بِالْكَسْرِ خيانت كردن

رقم الحديث 1315 [1315] .

     قَوْلُهُ  ( مَرَّ عَلَى صُبْرَةٍ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ مَا جُمِعَ مِنَ الطَّعَامِ بِلَا كَيْلٍ وَوَزْنٍ كَذَا فِي الْقَامُوسِ.

     وَقَالَ  فِي النِّهَايَةِ الصُّبْرَةُ الطَّعَامُ الْمُجْتَمِعُ كَالْكَوْمَةِ وَجَمْعُهَا صُبَرٌ ( مِنْ طَعَامٍ) الْمُرَادُ مِنَ الطَّعَامِ جِنْسُ الْحُبُوبِ الْمَأْكُولِ ( فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا) أَيْ فِي الصُّبْرَةِ ( فَنَالَتْ) أَيْ أَدْرَكَتْ ( بَلَلًا) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَاللَّامِ ( قَالَ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ) أَيْ الْمَطَرُ لِأَنَّهَا مَكَانَهُ وَهُوَ نَازِلٌ مِنْهَا قَالَ الشَّاعِرُ إِذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ رَعَيْنَاهُ وَإِنْ كَانُوا غِضَابَا ( مَنْ غَشَّ أُمَّتِي لَيْسَ مِنِّي) وفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَلَيْسَ مِنِّي قَالَ النَّوَوِيُّ كَذَا فِي الْأُصُولِ ومعناه ممن اهتدى بهديي واقتدى بعلمي وعلمي وَحُسْنِ طَرِيقَتِي كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَرْضَ فِعْلَهُ لَسْتَ مِنِّي وَهَكَذَا فِي نَظَائِرِهِ مِثْلُ قَوْلِهِ مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا وكَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يَكْرَهُ تَفْسِيرَ مِثْلِ هَذَا أَوْ يَقُولُ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْلِ بَلْ يُمْسِكُ عَنْ تَأْوِيلِهِ لِيَكُونَ أَوْقَعَ فِي النُّفُوسِ وَأَبْلَغَ فِي الزَّجْرِ انْتَهَى وهُوَ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الْغِشِّ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  ( وفي الباب عن بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ ( وأبي الحمراء) أخرجه بن ماجه وبن عباس وبريرة لِيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَ حَدِيثَهُمَا ( وَأَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ ( وَحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ) لَمْ أَقِفْ عَلَى حَدِيثِهِ ( حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا الْبُخَارِيَّ وَالنَّسَائِيَّ74 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي اسْتِقْرَاضِ الْبَعِيرِ أَوْ الشيء من الحيوان) أو السمن أَيْ غَيْرِ الْبَعِيرِ

رقم الحديث 1316 [1316] .

     قَوْلُهُ  ( اسْتَقْرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ مِنْ رَجُلٍ ( سِنًّا) أَيْ جَمَلًا لَهُ سِنٌّ مُعَيَّنٌ ( فَأَعْطَى) وفي نسخة فأعطاه ( سنا خير مِنْ سِنِّهِ) أَيْ مِنْ سِنِّ الرَّجُلِ الَّذِي اسْتَقْرَضَ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ .

     قَوْلُهُ  ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ لَمْ يَرَوْا بِاسْتِقْرَاضِ السِّنِّ بَأْسًا مِنَ الْإِبِلِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ) قَالَ الْحَافِظُ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ انْتَهَى وقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ اقْتِرَاضِ الْحَيَوَانِ وفِيهِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إِنَّهُ يَجُوزُ قَرْضُ جَمِيعِ الحيوان إلا الجارية لمن يملك وطئها فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ويَجُوزُ إِقْرَاضُهَا لِمَنْ لَا يملك وطئها كَمَحَارِمِهَا وَالْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى والْمَذْهَبُ الثَّانِي مَذْهَبُ الْمُزَنِيِّ وبن جَرِيرٍ وَدَاوُدَ أَنَّهُ يَجُوزُ قَرْضُ الْجَارِيَةِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ والثَّالِثُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيِّينَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَرْضُ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ وهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَرُدُّ عَلَيْهِمْ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُمْ النَّسْخُ بِغَيْرِ دَلِيلٍ انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ قُلْتُ جَوَازُ اقْتِرَاضِ الْحَيَوَانِ هُوَ الرَّاجِحُ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَحَادِيثُ الْبَابِ ( وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ) وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً وهو حديث قد روي عن بن عباس مرفوعا أخرجه بن حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنيُّ وَغَيْرُهُمَا وَرِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ الْحُفَّاظَ رَجَّحُوا إِرْسَالَهُ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ وفِي سَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ اخْتِلَافٌ وفِي الْجُمْلَةِ هُوَ حَدِيثٌ صَالِحٌ لِلْحُجَّةِ وادَّعَى الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ نَاسِخٌ لِحَدِيثِ الْبَابِ وتُعُقِّبَ بِأَنَّ النَّسْخَ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ والْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثِينَ مُمْكِنٌ فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ بِحَمْلِ النَّهْيِ عَلَى مَا إِذَا كَانَ نَسِيئَةً مِنَ الْجَانِبَيْنِ وَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إِلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْحَدِيثِينَأَوْلَى مِنْ إِلْغَاءِ أَحَدِهِمَا بِاتِّفَاقٍ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُرَادَ مِنَ الْحَدِيثِ بَقِيَتِ الدَّلَالَةُ عَلَى جَوَازِ اسْتِقْرَاضِ الْحَيَوَانِ وَالسَّلَمِ فِيهِ واعْتَلَ مَنْ مَنَعَ بِأَنَّ الْحَيَوَانَ يَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا مُتَبَايِنًا حَتَّى لَا يُوقَفُ عَلَى حَقِيقَةِ الْمِثْلِيَّةِ فِيهِ وأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنَ الْإِحَاطَةِ بِهِ بِالْوَصْفِ بِمَا يَدْفَعُ التَّغَايُرَ وَقَدْ جَوَّزَ الْحَنَفِيَّةُ التَّزْوِيجَ وَالْكِتَابَةَ عَلَى الرَّقِيقِ الْمَوْصُوفِ بِالذِّمَّةِ كَذَا فِي الْفَتْحِ تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ الْقَرْضُ إِلَّا فِي الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ قَالَ وَلَنَا حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً وَإِنْ قِيلَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْبَيْعِ لَا الْقَرْضِ يُقَالُ إِنَّ مَنَاطَهُمَا وَاحِدٌ انْتَهَى قُلْتُ قَدْ رُدَّ هَذَا الْجَوَابُ بِأَنَّ الْحِنْطَةَ لَا يُبَاعُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ نَسِيئَةً وَقَرْضُهَا جَائِزٌ فَكَذَلِكَ الْحَيَوَانُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ نَسِيئَةً وَقَرْضُهُ جَائِزٌ وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَتِ النَّسِيئَةُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ قَالَ وَمَحْمَلُ حَدِيثِ الْبَابِ عِنْدِي أَنَّهُ اشْتَرَى الْبَعِيرَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ ثُمَّ أُعْطِيَ إِبِلًا بَدَلَ ذَا الثَّمَنِ فَعَبَّرَ الرَّاوِي بِهَذَا انْتَهَى كَلَامُهُ قُلْتُ تَأْوِيلُهُ هَذَا مَرْدُودٌ عَلَيْهِ يَرُدُّهُ لَفْظُ اسْتَقْرَضَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ

رقم الحديث 1317 [1317] .

     قَوْلُهُ  ( أَنَّ رَجُلًا تَقَاضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ طَلَبَ مَنَّهُ قَضَاءَ الدَّيْنِ وفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِنٌّ مِنَ الْإِبِلِ فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ ولِأَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ يَتَقَاضَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعِيرًا ( فَأَغْلَظَ لَهُ) أَيْ فَعَنَّفَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ النَّوَوِيُّ الْإِغْلَاظُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّشْدِيدِ فِي الْمُطَالَبَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ قَدْحٌ فِيهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقَائِلُ كَافِرًا مِنَ الْيَهُودِ أَوْ غَيْرِهِمْ انْتَهَى قَالَ الْحَافِظُ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِرِوَايَةِ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ أَعْرَابِيًّا وَكَأَنَّهُ جَرَى عَلَى عَادَتِهِ مِنْ جَفَاءِ الْمُخَاطَبَةِ ( فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ) أَيْ أَرَادَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ يُؤْذُوهُ بِالْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ لَكِنْ لَمْ يَفْعَلُوا أَدَبًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( دَعُوهُ) أَيْ اتْرُكُوهُ وَلَا تَزْجُرُوهُ ( فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا) أَيْ صَوْلَةَ الطَّلَبِ وَقُوَّةَ الْحُجَّةِ لَكِنْ مع مراعاة الأدب المشروع قال بن الْمَلِكِ الْمُرَادُ بِالْحَقِّ هُنَا الدَّيْنُ أَيْ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى غَرِيمِهِ حَقٌّ فَمَاطَلَهُ فَلَهُ أَنْ يَشْكُوَهُ وَيُرَافِعَهُ إِلَى الْحَاكِمِ وَيُعَاتِبَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمَقَالِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَشَارِقِ ( اشْتَرُوا لَهُ بَعِيرًا) قَالَ الْحَافِظُ وفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الْتَمِسُوا لَهُ مِثْلَ سِنِّ بَعِيرِهِ ( فَلَمْ يَجِدُوا إِلَّا سِنًّا أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ) لأن بَعِيرَهُ كَانَ صَغِيرًا وَالْمَوْجُودُ كَانَ رَبَاعِيًا خِيَارًا كما فيرِوَايَةِ أَبِي رَافِعٍ الْآتِيَةِ ( فَإِنَّ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً) فِيهِ جَوَازُ وَفَاءِ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْمِثْلِ الْمُقْتَرَضِ إِذَا لَمْ تَقَعْ شَرْطِيَّةُ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ فَيَحْرُمُ حِينَئِذٍ اتِّفَاقًا وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَعَنِ الْمَالِكِيَّةِ تَفْصِيلٌ فِي الزِّيَادَةِ إِنْ كَانَتْ بِالْعَدَدِ مُنِعَتْ وَإِنْ كَانَتْ بِالْوَصْفِ جَازَتْ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ قوله ( حدثنا روح بن عبادة) بن الْعَلَاءِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ فَاضِلٌ لَهُ تَصَانِيفُ مِنَ التَّاسِعَةِ

رقم الحديث 1318 [1318] .

     قَوْلُهُ  (اسْتَسْلَفَ) أَيْ اسْتَقْرَضَ (بَكْرًا) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَسُكُونِ الْكَافِ أَيْ شَابًّا مِنَ الْإِبِلِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْبَكْرُ بِالْفَتْحِ الْفَتِيُّ مِنَ الْإِبِلِ بِمَنْزِلَةِ الْغُلَامِ مِنَ النَّاسِ وَالْأُنْثَى بَكْرَةٌ وَقَدْ يُسْتَعَارُ لِلنَّاسِ انْتَهَى (فَجَاءَتْهُ إِبِلٌ مِنَ الصَّدَقَةِ) أَيْ قِطْعَةُ إِبِلٍ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ (إِلَّا جَمَلًا خِيَارًا) قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُقَالُ جَمَلٌ خِيَارٌ وَنَاقَةٌ خِيَارٌ أَيْ مُخْتَارٌ وَمُخْتَارَةٌ (رَبَاعِيًا) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتَانِيَّةِ وَهُوَ مِنَ الْإِبِلِ مَا أَتَى عَلَيْهِ سِتُّ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي السَّابِعَةِ حِينَ طَلَعَتْ رَبَاعِيَتُهُ (أَعْطِهِ إِيَّاهُ فَإِنَّ خِيَارَ النَّاسِ إِلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا مِمَّا يُسْتَشْكَلُ فَيُقَالُ كَيْفَ قَضَى مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ أَجْوَدَ مِنَ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ الْغَرِيمُ مَعَ أَنَّ النَّاظِرَ فِي الصَّدَقَاتِ لَا يَجُوزُ تَبَرُّعُهُ مِنْهَا والْجَوَابُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتَرَضَ لِنَفْسِهِ فَلَمَّا جَاءَتْ إِبِلُ الصَّدَقَةِ اشْتَرَى مِنْهَا بَعِيرًا رَبَاعِيًا مِمَّنْ اسْتَحَقَّهُ فَمَلَكَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَمَنِهِ وَأَوْفَاهُ مُتَبَرِّعًا بِالزِّيَادَةِ مِنْ مَالِهِ وَيَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اشْتَرُوا لَهُ سِنًّا فَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ الْمُعْتَمَدُ وَقَدْ قِيلَ فِي أَجْوِبَتِهِ غَيْرُهُ مِنْهَا أَنَّ الْمُقْتَرِضَ كَانَ بَعْضَ الْمُحْتَاجِينَ اقْتَرَضَ لِنَفْسِهِ فَأَعْطَاهُ مِنَ الصَّدَقَةِ حِينَ جَاءَتْ وَأَمَرَهُ بِالْقَضَاءِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مسلم وروى بن مَاجَهْ عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ الْجُمْلَةَ الْأَخِيرَةَ بلفظ خير الناس خيرهم قضاء75 - (باب

رقم الحديث 1319 [1319] .

     قَوْلُهُ  (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ سَمْحَ الْبَيْعِ)) بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْمِيمِ أَيْ سَهْلًا فِي الْبَيْعِ وَجَوَادًا يَتَجَاوَزُ عَنْ بَعْضِ حَقِّهِ إِذَا بَاعَ قَالَ الْحَافِظُ السَّمْحُ الْجَوَادُ يُقَالُ سَمَحَ بِكَذَا إِذَا جَادَ وَالْمُرَادُ هُنَا الْمُسَاهَلَةُ (سَمْحَ الشِّرَاءِ سَمْحَ الْقَضَاءِ) أَيْ التَّقَاضِي لِشَرَفِ نَفْسِهِ وَحُسْنِ خُلُقِهِ بِمَا ظَهَرَ مِنْ قَطْعِ عَلَاقَةِ قَلْبِهِ بِالْمَالِ قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ ولِلنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ رَفَعَهُ أَدْخَلَ اللَّهُ الْجَنَّةَ رَجُلًا كَانَ سَهْلًا مُشْتَرِيًا وَبَايِعًا وَقَاضِيًا وَمُقْتَضِيًا وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عبد الله بن عمرو ونحوه .

     قَوْلُهُ  (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ.

     وَقَالَ  صَحِيحٌ قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَأَقَرُّوهُ

رقم الحديث 1320 [132] .

     قَوْلُهُ  (غَفَرَ اللَّهُ لِرَجُلٍ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانَ سَهْلًا إِلَخْ) قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِيهِ حَثٌّ لَنَا عَلَى التَّأَسِّي بِذَلِكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا (إِذَا اقْتَضَى) أَيْ إِذَا طَلَبَ دَيْنًا لَهُ عَلَى غَرِيمٍ يَطْلُبُهُ بالرفق واللطلف لَا بِالْخَرْقِ وَالْعُنْفِ .

     قَوْلُهُ  (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ حَسَنٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ) وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ذكر الترمذي أنه سئل عَنْهُ الْبُخَارِيُّ فَقَالَ حَسَنٌ انْتَهَى ورَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ بِلَفْظِ رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى75 - (باب

رقم الحديث 1321 [1321] .

     قَوْلُهُ  ( إِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ أَوْ يَبْتَاعُ) أَيْ يشتري قال القارىء حَذْفُ الْمَفْعُولِ يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ فَيَشْمَلُ ثَوْبَ الْكَعْبَةِ وَالْمَصَاحِفَ وَالْكُتُبَ وَالسُّبَحَ ( فَقُولُوا) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِاللِّسَانِ جَهْرًا أَوْ بِالْقَلْبِ سِرًّا قَالَهُ القارىء قُلْتُ الظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ بِاللِّسَانِ جَهْرًا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ بُرَيْدَةَ الْآتِي ( لَا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَكَ) دُعَاءٌ عَلَيْهِ أَيْ لَا جَعَلَ اللَّهُ تِجَارَتَكَ ذَاتَ رِبْحٍ وَنَفْعٍ ولَوْ قَالَ لَهُمَا مَعًا لَا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَكُمَا جَازَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ ( وَإِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَنْشُدُ) بِوَزْنِ يَطْلُبُ وَمَعْنَاهُ أَيْ يَطْلُبُ بِرَفْعِ الصَّوْتِ ( فِيهِ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ ( ضَالَّةً) قَالَ فِي النِّهَايَةِ الضَّالَّةُ هِيَ الضَّائِعَةُ مِنْ كُلِّ مَا يُقْتَنَى مِنَ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ يُقَالُ ضَلَّ الشَّيْءُ إِذَا ضَاعَ وَضَلَّ عَنِ الطَّرِيقِ إِذَا حَارَ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ فَاعِلَةٌ ثُمَّ اتُّسِعَ فِيهَا فَصَارَتْ مِنَ الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ وَتَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ وَتُجْمَعُ عَلَى ضَوَالَّ انْتَهَى ( فَقُولُوا لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْكَ) وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَلْيَقُلْ لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْكَ لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا وَعَنْ بُرَيْدَةَ أَنَّ رَجُلًا نَشَدَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ مَنْ دَعَا إِلَى الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا وَجَدْتَ إِنَّمَا بُنِيَتِ الْمَسَاجِدُ لِمَا بُنِيَتْ لَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ فَوَائِدُ مِنْهَا النَّهْيُ عَنْ نَشْدِ الضَّالَّةِ فِي الْمَسْجِدِ وَيُلْحَقُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْعُقُودِ وَكَرَاهَةِ رَفْعِ الصَّوْتِ فِيهِ قَالَ الْقَاضِي قَالَ مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ يُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ بِالْعِلْمِ وَغَيْرِهِ وأَجَازَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ رَفْعَ الصَّوْتِ فِيهِ بِالْعِلْمِ وَالْخُصُومَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ النَّاسُ لِأَنَّهُ مجمعهم ولا بدلهم مِنْهُ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ وَأَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ فِي اليوم والليلة وبن خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ.

     وَقَالَ  صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِمُسْلِمٍ ذَكَرَهُ مَيْرَكُ وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ مُسْلِمًا قَدْ أَخْرَجَ الشَّطْرَ الثَّانِيَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ .

     قَوْلُهُ  ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ كَرِهُوا الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فِي الْمَسْجِدِ) وَهُوَ الْحَقُّ لِأَحَادِيثِ الْبَابِ ( وَقَدْ رَخَّصَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي الْمَسْجِدِ) لَمْ أَقِفْ عَلَى دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى الرُّخْصَةِ وَأَحَادِيثُ الْبَابِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ رَخَّصَ13 - كتاب الأحكام قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ الْأَحْكَامُ جَمْعُ حُكْمٍ وَالْمُرَادُ بَيَانُ آدَابِهِ وَشُرُوطِهِ وَكَذَا الْحَاكِمُ وَيَتَنَاوَلُ لَفْظُ الْحَاكِمِ الْخَلِيفَةَ وَالْقَاضِيَ والْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ خِطَابُ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ بِالِاقْتِضَاءِ أَوِ التَّخْيِيرِ وَمَادَّةُ الْحُكْمِ مِنَ الْإِحْكَامِ وَهُوَ الإتقان بالشيء ومنعه من العيب بَاب مَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في القاضي

رقم الحديث 1205 [125] .

     قَوْلُهُ  ( عَنِ الشَّعْبِيِّ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَبِمُوَحَّدَةٍ هُوَ عَامِرُ بْنُ شَرَاحِيلَ الْفَقِيهُ الْمَشْهُورُ قَالَ مَكْحُولٌ مَا رَأَيْتُ أَفْقَهَ مِنْهُ ثِقَةٌ فَاضِلٌ تُوفِّيَ سَنَةَ 31 ثَلَاثٍ وَمِائَةٍ .

     قَوْلُهُ  ( الْحَلَالُ بَيِّنٌ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمَكْسُورَةِ أَيْ وَاضِحٌ لَا يَخْفَى حِلُّهُ بِأَنْ وَرَدَ نَصٌّ عَلَى حِلِّهِ أَوْ مُهِّدَ أَصْلٌ يُمْكِنُ اسْتِخْرَاجُ الْجُزْئِيَّاتِ مِنْهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ( خَلَقَ لَكُمْ مَا في الأرض جَمِيعًا) فَإِنَّ اللَّامَ لِلنَّفْعِ فَعُلِمَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْحِلُّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَضَرَّةٌ ( وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ) أَيْ ظَاهِرٌ لَا تَخْفَى حُرْمَتُهُ بِأَنْ وَرَدَ نَصٌّ عَلَى حُرْمَتِهِ كَالْفَوَاحِشِ وَالْمَحَارِمِ وَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَنَحْوِهَا أَوْ مُهِّدَ مَا يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ نَحْوُ كُلِّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ( وَبَيْنَ ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وفِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ وَبَيْنَهُمَا ( مُشْتَبِهَاتٌ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ أُمُورٌ مُلْتَبِسَةٌ غَيْرُ مُبَيَّنَةٍ لِكَوْنِهَا ذَاتَ جِهَةٍ إِلَى كُلٍّ مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ ( لَا يَدْرِي كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ) قَالَ الْحَافِظُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ كَثِيرٌ أَنَّ مَعْرِفَةَ حُكْمِهَا مُمْكِنٌ لَكِنْ لِلْقَلِيلِ مِنَ النَّاسِ وَهُمْ الْمُجْتَهِدُونَ فَالشُّبُهَاتُ عَلَى هَذَا فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ وقَدْ تَقَعُ لَهُمْ حَيْثُ لَا يَظْهَرُ لَهُمْ تَرْجِيحُأَحَدِ الدَّلِيلَيْنِ ( فَمَنْ تَرَكَهَا) أَيْ الْمُشْتَبِهَاتِ ( اسْتِبْرَاءً) اسْتِفْعَالٌ مِنَ الْبَرَاءَةِ أَيْ طَلَبًا لِلْبَرَاءَةِ ( لِدِينِهِ) مِنَ الذَّمِّ الشَّرْعِيِّ ( وَعِرْضِهِ) مِنْ كَلَامِ الطَّاعِنِ ( فَقَدْ سَلِمَ) مِنَ الذَّمِّ الشَّرْعِيِّ وَالطَّعْنِ ( وَمَنْ وَاقَعَ شَيْئًا مِنْهَا) أَيْ مَنْ وَقَعَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمُشْتَبِهَاتِ ( يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَ الْحَرَامَ) أَيْ أَنْ يَقَعَ فِيهِ ( كَمَا أَنَّهُ مَنْ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ مِيمٍ مُخَفَّفَةٍ وَهُوَ الْمَرْعَى الَّذِي يَحْمِيهِ السُّلْطَانُ مِنْ أَنْ يَرْتَعَ مِنْهُ غَيْرُ رُعَاةِ دَوَابِّهِ وهَذَا الْمَنْعُ غَيْرُ جَائِزٍ إِلَّا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ( يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ) أَيْ يَقْرَبُ أَنْ يَقَعَ فِي الْحِمَى قَالَ الْحَافِظُ فِي اخْتِصَاصِ التَّمْثِيلِ بِذَلِكَ نُكْتَةٌ وَهِيَ أَنَّ مُلُوكَ الْعَرَبِ كَانُوا يَحْمُونَ لِمَرَاعِي مَوَاشِيهِمْ أَمَاكِنَ مُخْتَصَّةً يَتَوَعَّدُونَ مَنْ يَرْعَى فِيهَا بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ بِالْعُقُوبَةِ الشَّدِيدَةِ فَمَثَّلَ لَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا هُوَ مَشْهُورٌ عِنْدَهُمْ فَالْخَائِفُ مِنَ الْعُقُوبَةِ الْمُرَاقِبُ لِرِضَا الْمَلِكِ يَبْعُدُ عَنْ ذَلِكَ الْحِمَى خَشْيَةَ أَنْ تَقَعَ مَوَاشِيهِ فِي شَيْءٍ مِنْهُ فَبُعْدُهُ أَسْلَمُ لَهُ وَلَوْ اشْتَدَّ حَذَرُهُ وغَيْرُ الْخَائِفِ الْمُرَاقِبُ يَقْرَبُ مِنْهُ وَيَرْعَى مِنْ جَوَانِبِهِ فَلَا يَأْمَنُ أَنْ تَنْفَرِدَ الْفَاذَّةُ فَتَقَعَ فِيهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ أَوْ يَمْحَلُ الْمَكَانُ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَيَقَعُ الْخِصْبُ فِي الْحِمَى فَلَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الْمَلِكُ حَقًّا وَحِمَاهُ مَحَارِمُهُ ( أَلَا) مُرَكَّبَةٌ مِنْ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ وَحَرْفِ النَّفْيِ لِإِعْطَاءِ مَعْنَى التَّنْبِيهِ عَلَى تَحَقُّقِ مَا بَعْدَهَا ( وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى) أَيْ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةُ أَوِ إِخْبَارٌ عما يكون عليه ظلمة الاسلامية قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ الْأَظْهَرُ أَنَّ الْوَاوَ هِيَ الِابْتِدَائِيَّةُ الَّتِي تُسَمِّي النُّحَاةُ الِاسْتِئْنَافِيَّةَ الدَّالَّةَ عَلَى انْقِطَاعِ مَا بَعْدَهَا عَمَّا قَبْلَهَا فِي الْجُمَلِ كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي ( أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ) وَهِيَ أَنْوَاعُ الْمَعَاصِي فَمَنْ دَخَلَهُ بِارْتِكَابِ شَيْءٍ مِنْهَا اسْتَحَقَّ الْعُقُوبَةَ عَلَيْهِ زَادَ فِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ2 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي أَكْلِ الرِّبَا)

رقم الحديث 1206 [126] .

     قَوْلُهُ  ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا) أَيْ آخِذَهُ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ وإنما خُصَّ بِالْأَكْلِ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعِ كَمَا قَالَ تَعَالَى ( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا) ( وَمُؤْكِلَهُ) بِهَمْزٍ وَيُبَدَّلُ أَيْ مُعْطِيهِ لِمَنْ يَأْخُذُهُ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ نَظَرًا إِلَى أَنَّ الْأَكْلَ هُوَ الْأَغْلَبُ أَوْ الْأَعْظَمُ كَمَا تَقَدَّمَ ( وَشَاهِدَيْهِ وَكَاتِبَهُ) وَرَوَى مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ عن جابر وزادهم سَوَاءٌ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا تَصْرِيحٌ بِتَحْرِيمِ كِتَابَةِ الْمُبَايَعَةِ بَيْنَ الْمُتَرَابِيَيْنِ وَالشَّهَادَةِ عَلَيْهِمَا وفِيهِ تَحْرِيمُ الْإِعَانَةِ عَلَى الْبَاطِلِ انْتَهَى وفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ عن بن مَسْعُودٍ آكِلُ الرِّبَا وَمُؤْكِلُهُ وَشَاهِدَاهُ وَكَاتِبُهُ إِذَا عَلِمُوا ذَلِكَ مَلْعُونُونَ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .

     قَوْلُهُ  ( وفِي الباب عن عمر) أخرجه بن مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ ( وَعَلِيِّ) بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ ( وَجَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ حَرَّمَ ثَمَنَ الدَّمِ وَثَمَنَ الْكَلْبِ وَكَسْبَ الْبَغِيِّ وَلَعَنَ الْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ وَآكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ إِلَخْ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه وأخرجه أيضا بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ ( بَاب مَا جَاءَ فِي التَّغْلِيظِ فِي الْكَذِبِ وَالزُّورِ وَنَحْوِهِ)