فهرس الكتاب

- حرمة مكة

رقم الحديث 3279 [3279] فَقَالَ أَحَدُهُمَا مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ بِفَتْحِ الشِّينِ وَكَسْرِهَا وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى غَوَى بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا قَالَ عِيَاضٌ وَالصَّوَابُ الْفَتْحُ وَهُوَ مِنَ الْغَيِّ وَهُوَ الِانْهِمَاكُ فِي الشَّرِّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِ جَمْعَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ضَمِيرٍ وَاحِدٍ وَيُعَارِضُهُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث بن مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إِلَّا نَفْسَهُ وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى وَهُمَا صَحِيحَانِ وَيُعَارِضُهُ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِي فَجَمَعَ بَيْنَ ضَمِيرِ اسْمِ اللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَلِهَذِهِ الْمُعَارَضَةِ صَرَفَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ هَذَا الذَّمَّ إِلَى أَنَّ هَذَا الْخَطِيبَ وَقَفَعَلَى وَمَنْ يَعْصِهِمَا وَهَذَا التَّأْوِيلُ لَمْ تُسَاعِدْهُ الرِّوَايَةُ فَإِنَّ الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ أَنَّهُ أَتَى بِاللَّفْظَيْنِ فِي مَسَاقٍ وَاحِدٍ وَإِنَّ آخِرَ كَلَامِهِ إِنَّمَا هُوَ فَقَدْ غَوَى ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ عَلَيْهِ وَعَلَّمَهُ صَوَابَ مَا أَخَلَّ بِهِ فَقَالَ قُلْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ غَوَى فَظَهَرَ أَنَّ ذَمَّهُ لَهُ إِنَّمَا كَانَ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الِاسْمَيْنِ فِي الضَّمِيرِ وَحِينَئِذٍ يَتَوَجَّهُ الْإِشْكَالُ وَيُتَخَلَّصُ عَنْهُ مِنْ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ خِطَابِ نَفْسِهِ إِذَا وَجَّهَهُ لِغَيْرِهِ فَ.

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ مُنْصَرِفٌ لِغَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَفْظًا وَمَعْنًى وَثَانِيهَا أَنَّ إِنْكَارَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ الْخَطِيبِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَتَوَهَّمُ التَّسْوِيَةَ مِنْ جَمْعِهِمَا فِي الضَّمِيرِ الْوَاحِدِ فَمُنِعَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِهِ وَحَيْثُ عُدِمَ ذَلِكَ جَازَ الْإِطْلَاقُ وَثَالِثُهَا أَنَّ ذَلِكَ الْجَمْعَ تَشْرِيفٌ وَلِلَّهِ تَعَالَى أَنْ يُشَرِّفَ مَنْ شَاءَ بِمَا شَاءَ وَيَمْنَعُ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ الْغَيْرَ كَمَا أَقْسَمَ بِكَثِيرٍ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ وَمَنَعَنَا مِنَ الْقَسَمِ بِهَا فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ وَلِذَلِكَ أَذِنَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِطْلَاقِ مِثْلِ ذَلِكَ وَمَنَعَ مِنْهُ الْغَيْرَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ وَرَابِعُهَا أَنَّ الْعَمَلَ بِخَبَرِ الْمَنْعِ أَوْلَى لِأَوْجُهٍ لِأَنَّهُ تَقْيِيدُ قَاعِدَةٍ وَالْخَبَرُ الْآخَرُ يَحْتَمِلُ الْخُصُوصَ كَمَا قَرَّرْنَاهُ وَلِأَنَّ هَذَا الْخَبَر ناقل وَالْآخر مبقي عَلَى الْأَصْلِ فَكَانَ الْأَوَّلُ أَوْلَى وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ وَالثَّانِي فعلفَكَانَ أَوْلَى.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِنَّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ لِتَشْرِيكِهِ فِي الضَّمِيرِ الْمُقْتَضِي لِلتَّسْوِيَةِ وَأَمْرَهُ بِالْعَطْفِ تَعْظِيمًا لِلَّهِ تَعَالَى بِتَقْدِيمِ اسْمِهِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانٌ وَلَكِنْ لِيَقُلْ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ سَبَبَ النَّهْيِ أَنَّ الْخُطَبَ شَأْنُهَا الْبَسْطُ وَالْإِيضَاحُ وَاجْتِنَابُ الْإِشَارَاتِ وَالرُّمُوزِ فَلِهَذَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا لِتُفْهَمَ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْأَوَّلَيْنِ فَيُضَعَّفُ بِأَشْيَاءَ مِنْهَا أَنَّ مِثْلَ هَذَا الضَّمِيرِ قَدْ تَكَرَّرَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنْ كَلَامُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَقَوْلِهِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ وَإِنَّمَا ثَنَّى الضَّمِيرَ هَذَا لِأَنَّهُ لَيْسَ خُطْبَةَ وَعْظٍ وَإِنَّمَا هُوَ تَعْلِيمُ حُكْمٍ فَكُلُّ مَا قَلَّ لَفْظُهُ كَانَ أَقْرَبَ إِلَى حِفْظِهِ بِخِلَافِ خُطْبَةِ الْوَعْظِ فَإِنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ حِفْظَهَا إِنَّمَا يُرَادُ الِاتِّعَاظُ بِهَا وَمِمَّا يُؤَيِّدُ هَذَا مَا ثَبَتَ فِي سُنَنِ أبي دَاوُد بِإِسْنَاد صَحِيح عَن بن مَسْعُودٍ قَالَ عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةَ الْحَاجَةِ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ إِلَى أَنْ قَالَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إِلَّا نَفْسَهُ.

     وَقَالَ  الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ فِي الضَّمِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ عَلَى غَيْرِهِ قَالَ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ مِنْ غَيْرِهِ دُونَهُ لِأَنَّ غَيْرَهُ إِذَا جَمَعَ أَوْهَمَ إِطْلَاقُهُ التَّسْوِيَةَ بِخِلَافِهِ هُوَ فَإِنَّ مَنْصِبَهُ لَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ إِيهَامُ ذَلِكَ

رقم الحديث 3283 [3283] عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ بِفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مُكَبَّرٌ حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ شَبَّهَ لَذَّةَ الْجِمَاعِ بِذَوْقِ الْعَسَلِ فَاسْتَعَارَ لَهَا ذَوْقًا وَإِنَّمَا أَنَّثَ لِأَنَّهُ أَرَادَ قِطْعَةً مِنَ الْعَسَلِ وَقِيلَ عَلَى إِعْطَائِهَا مَعْنَى النُّطْفَةِ وَقِيلَ الْعَسَلُ فِي الْأَصْلِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فَمَنْ صَغَّرَهُ مُؤَنَّثًا قَالَ عُسَيْلَةٌ كَفُوَيْسَةٍ وَشُمَيْسَةٍ وَإِنَّمَا صَغَّرَهُ إِشَارَةً إِلَى الْقَدْرِ الْقَلِيلِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْحل ثُوَيْبَةُ بِمُثَلَّثَةٍ مَضْمُومَةٍثُمَّ وَاوٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءِ التَّصْغِيرِ ثُمَّ مُوَحدَة مولاة لأبي لَهب لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ لَسْتُ أُخَلِّي لَكَ بِغَيْرِ ضَرَّةٍ شَرِكَتْنِي بِفَتْحِ الشِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ