فهرس الكتاب

شرح الزرقاني - بَابُ مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الثِّيَابِ لِلْجَمَالِ بِهَا

رقم الحديث 1652 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ بَنِي أَنْمَارٍ.
قَالَ جَابِرٌ: فَبَيْنَا أَنَا نَازِلٌ تَحْتَ شَجَرَةٍ، إِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلُمَّ إِلَى الظِّلِّ، قَالَ: فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُمْتُ إِلَى غِرَارَةٍ لَنَا، فَالْتَمَسْتُ فِيهَا شَيْئًا، فَوَجَدْتُ فِيهَا جِرْوَ قِثَّاءٍ فَكَسَرْتُهُ، ثُمَّ قَرَّبْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا؟ قَالَ فَقُلْتُ: خَرَجْنَا بِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنَ الْمَدِينَةِ، قَالَ جَابِرٌ: وَعِنْدَنَا صَاحِبٌ لَنَا نُجَهِّزُهُ، يَذْهَبُ يَرْعَى ظَهْرَنَا، قَالَ: فَجَهَّزْتُهُ ثُمَّ أَدْبَرَ يَذْهَبُ فِي الظَّهْرِ، وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ لَهُ قَدْ خَلَقَا، قَالَ: فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ فَقَالَ: أَمَا لَهُ ثَوْبَانِ غَيْرُ هَذَيْنِ؟ فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَهُ ثَوْبَانِ فِي الْعَيْبَةِ كَسَوْتُهُ إِيَّاهُمَا، قَالَ: فَادْعُهُ فَمُرْهُ فَلْيَلْبَسْهُمَا، قَالَ: فَدَعَوْتُهُ فَلَبِسَهُمَا، ثُمَّ وَلَّى يَذْهَبُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا لَهُ ضَرَبَ اللَّهُ عُنُقَهُ، أَلَيْسَ هَذَا خَيْرًا لَهُ؟ قَالَ: فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ: فَقُتِلَ الرَّجُلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.


( ما جاء في لبس الثياب للجمال بها)

( مالك عن زيد بن أسلم) العدوي مولاهم المدني ( عن جابر بن عبد الله الأنصاري) الصحابي ابن الصحابي ( أنه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني أنمار) بفتح الهمزة وسكون النون فميم فألف فراء بناحية نجد في سنة ثلاث من الهجرة وهي غزوة غطفان وتعرف بذي أمر بفتح الهمزة والميم وسببها أن جمعًا من بني ثعلبة ومحارب تجمعوا يريدون أن يصيبوا من أطراف رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم فلما سمعوا بذلك هربوا في رؤوس الجبال فرقًا ممن نصر بالرعب فرجع ولم يلق حربًا ( قال جابر فبينا) بلا ميم ( أنا نازل تحت شجرة إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم) أقبل ( فقلت يا رسول الله هلم) أي أقبل ( إلى الظل) وكان من عادة الصحابة إذا رأوا شجرة ظليلة تركوها له صلى الله عليه وسلم ( قال فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم) عن دابته تحت ظل الشجرة ( فقمت إلى غرارة) بكسر الغين المعجمة شبه العدل وجمعها غرائر ( لنا فالتمست) طلبت ( فيها شيئًا) يؤكل أقدمه له صلى الله عليه وسلم ( فوجدت فيها جرو) بكسر الجيم على الأفصح وضمها لغة ( قثاء) بكسر القاف أكثر من ضمها فمثلثة ثقيلة ومد اسم لما يقول له الناس الخيار والعجور والفقوس وبعضهم يطلقه على نوع يشبه الخيار قال الباجي هي الصحيحة وقيل المستطيلة وقيل الصغيرة وقال أبو عبيد الجرو صغار القثاء والرمان ( فكسرته ثم قربته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من أين لكم هذا فقلت خرجنا به يا رسول الله من المدينة) قال جابر ( وعندنا صاحب لنا) لم يسم ( نجهزه يذهب يرعى ظهرنا) أي دوابنا سميت بذلك لكونها يركب على ظهورها أو لكونها يستظهر بها ويستعان على السفر ( قال) جابر ( فجهزته ثم أدبر يذهب في الظهر) يرعاه ( وعليه بردان له) بضم الموحدة تثنية برد ثوب مخطط وأكسية يلتحف بها الواحدة بهاء وجمعه أبراد وأبرد وبرود ( قد خلقا) بفتح المعجمة واللام أي بليا ( قال فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه فقال أما) بالفتح وخفة الميم ( له ثوبان غير هذين) البردين الخلقين ( فقلت بلى يا رسول الله له ثوبان في العيبة) بفتح العين المهملة وسكون التحتية وموحدة مستودع الثياب ( كسوته إياهما قال فادعه فمره فليلبسهما) بفتح الموحدة قال فدعوته فلبسهما ( ثم ولى يذهب قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله) يلبس الخلقين مع تيسر الجديدين ووجودهما عنده ( ضرب الله عنقه أليس هذا خيرًا له) أنكر عليه بذاذته لما يؤدي إلى ذلته وأما قوله صلى الله عليه وسلم البذاذة من الإيمان رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم فمعناه إن قصد بها تواضعًا وزهدًا وكف نفس عن فخر وتكبر لا إظهار فقر وصيانة مال فالمراد به إثبات التواضع للمؤمن كما ورد المؤمن متواضع وليس بذليل ( قال فسمعه الرجل) يقول ضرب الله عنقه قال الباجي وهي كلمة تقولها العرب عند إنكار أمر ولا تريد بها الدعاء على من يقال له ذلك ولكن لما تيقن الرجل وقوع ما يقوله صلى الله عليه وسلم سأل ( فقال يا رسول الله في سبيل الله) أي الجهاد ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله قال) جابر ( فقتل الرجل في سبيل الله) وهذا من عظيم الآيات ( مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب قال إني لأحب أن أنظر إلى القارئ) أي العالم ( أبيض الثياب) أي أستحب لأهل العلم حسن الزي والتجمل في أعين الناس قاله الباجي ( مالك عن أيوب بن أبي تميمة) كيسان السختياني البصري ( عن محمد بن سيرين) الأنصاري مولاهم البصري ( قال قال عمر بن الخطاب إذا وسع الله عليكم) الرزق ( فأوسعوا على أنفسكم) لأن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده وروى أبو نعيم وابن لال وغيرهما عن ابن عمر مرفوعًا أن المؤمن أخذ عن الله أدبًا حسنًا إذا وسع عليه وسع على نفسه ( جمع رجل عليه ثيابه) خبر أريد به الأمر يعني ليجمع قاله ابن بطال وقال ابن المنير الصحيح أنه كلام في معنى الشرط كأنه قال إن جمع رجل عليه ثيابه فحسن وهذا قطعة من حديث رواه البخاري من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في الثوب الواحد فقال أوكلكم يجد ثوبين ثم سأل رجل عمر فقال إذا وسع الله فأوسعوا جمع رجل عليه ثيابه صلى رجل في إزار ورداء في إزار وقميص في إزار وقباء في سراويل ورداء في تبان وقميص وأحسبه قال في تبان ورداء وأخرجه ابن حبان من طريق إسماعيل ابن علية عن أيوب فأدمج الموقوف في المرفوع ولم يذكر عمر والأول أصح لا سيما وقد وافق حماد بن زيد عليه كذلك حماد بن سلمة فرواه عن أيوب وهشام وحبيب وعاصم كلهم عن ابن سيرين كذلك أخرجه ابن حبان أيضًا وقد أخرج مسلم حديث ابن علية فاقتصر على المتفق على رفعه وحذف الباقي وهو من حسن تصرفه.



رقم الحديث 1653 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، وَرَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، كَانُوا يَقُولُونَ دِيَةُ الْخَطَإِ عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ ابْنَ لَبُونٍ ذَكَرًا، وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَعِشْرُونَ جَذَعَةً قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا: أَنَّهُ لَا قَوَدَ بَيْنَ الصِّبْيَانِ، وَإِنَّ عَمْدَهُمْ خَطَأٌ، مَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمُ الْحُدُودُ، وَيَبْلُغُوا الْحُلُمَ، وَإِنَّ قَتْلَ الصَّبِيِّ، لَا يَكُونُ إِلَّا خَطَأً، وَذَلِكَ لَوْ أَنَّ صَبِيًّا وَكَبِيرًا قَتَلَا رَجُلًا حُرًّا خَطَأً، كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ قُتِلَ خَطَأً، فَإِنَّمَا عَقْلُهُ مَالٌ لَا قَوَدَ فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ كَغَيْرِهِ مِنْ مَالِهِ يُقْضَى بِهِ دَيْنُهُ، وَتَجُوزُ فِيهِ وَصِيَّتُهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ تَكُونُ الدِّيَةُ قَدْرَ ثُلُثِهِ، ثُمَّ عَفَا عَنْ دِيَتِهِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُ دِيَتِهِ جَازَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ إِذَا عَفَا عَنْهُ وَأَوْصَى بِهِ.


( دية الخطأ في القتل)

( مالك عن ابن شهاب) الزهري ( عن عراك) بكسر المهملة فراء مفتوحة خفيفة فألف وكاف ( ابن مالك) الغفاري الكندي المدني التابعي الثقة الفاضل مات بعد المائة ( وسليمان بن يسار) بفتح التحتية والمهملة الخفيفة ( أن رجلاً) لم يسم ( من بني سعد بن ليث) بن بكر بن عبد مناف بن كنانة والنسبة إليه السعدي ( أجرى) بفتح الألف وسكون الجيم ( فرسًا فوطئ) مشى ( على إصبع رجل من جهينة) بضم الجيم وفتح الهاء قبيلة من قضاعة ( فنزي) بضم النون وكسر الزاي كعنى نزف أي خرج الدم بكثرة منها ( فمات فقال عمر بن الخطاب للذي ادعى عليهم) أي أولياء الذي أجرى ( أتحلفون بالله خمسين يمينًا ما مات منها) أي من الفعلة المذكورة ( فأبوا) أن يحلفوا ( وتحرجوا) بالمهملة والجيم أي فعلوا فعلاً جانبوا به الحرج وهو الإثم فهذا مما ورد لفظه مخالفًا لمعناه كمتأثم وتحنث وتحرج ( فقال للآخرين) الجهنيين أولياء المقتول ( أتحلفون أنتم) لأنه مات منها ( فأبوا) امتنعوا من الحلف ( فقضى عمر بشطر) أي نصف ( الدية على السعديين) عاقلة الذي أجرى ( قال مالك وليس العمل على هذا) المذكور من القضاء بشطر الدية وتبدئة المدعى عليهم بالحلف والمصير إلى الأحاديث الدالة على تبدئة المدعين في القسامة أولى في الحجة من قول الصاحب ويعضده إجماع أهل المدينة والحجازيين عليه كما يأتي بسطه ( مالك أن ابن شهاب وسليمان بن يسار وربيعة بن أبي عبد الرحمن كانوا يقولون دية الخطأ) على أهل البادية مخمسة ( عشرون بنت مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون ابن لبون) وبنت في الموضعين وابن بالنصب على التمييز للعدد ويؤيده قوله ( ذكرًا) بالنصب زيادة بيان وإن كان لفظ ابن لا يكون إلا ذكرًا لأن من الحيوان ما يطلق على ذكره وأنثاه لفظ ابن كابن عرس وابن آوى أو لمجرد التأكيد لاختلاف اللفظ كغرابيب سود أو احتراز عن الخنثى وفيه بعد ( وعشرون حقة وعشرون جذعة) بخلاف دية العمد فمربعة بحذف ابن اللبون كما مر قريبًا ( قال مالك الأمر المجتمع عليه عندنا أنه لا قود) أي قصاص ( بين الصبيان وأن عمدهم خطأ) أي كالخطأ لرفع القلم عنهم ( ما) أي مدة كونهم صبيانًا ( لم تجب عليهم الحدود و) لم ( يبلغوا الحلم وأن قتل الصبي لا يكون إلا خطأ) أي لا يعطى إلا حكمه ( وذلك لو أن صبيًا وكبيرًا قتلا رجلاً حرًا خطأ كان على عاقلة كل واحد منهما نصف الدية) وقدم أن على الصبي في العمد إذا اشترك مع كبير ( ومن قتل خطأ فإنما عقله مال لا قود فيه) لقوله تعالى { { ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا } } فلم يذكر قودًا ( وإنما هو) أي المال المأخوذ في الخطأ ( كغيره من ماله) أي القتيل ( يقضى به دينه ويجوز فيه وصيته فإن كان له مال تكون الدية قدر ثلثه ثم عفي عن ديته فذلك جائز له وإن لم يكن له مال غير ديته جاز له من ذلك الثلث إذا عفي عنه وأوصى به) والثلثان لورثته.



رقم الحديث 1653 وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إِذَا أَوْسَعَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ، فَأَوْسِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ جَمَعَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ.


( ما جاء في لبس الثياب للجمال بها)

( مالك عن زيد بن أسلم) العدوي مولاهم المدني ( عن جابر بن عبد الله الأنصاري) الصحابي ابن الصحابي ( أنه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني أنمار) بفتح الهمزة وسكون النون فميم فألف فراء بناحية نجد في سنة ثلاث من الهجرة وهي غزوة غطفان وتعرف بذي أمر بفتح الهمزة والميم وسببها أن جمعًا من بني ثعلبة ومحارب تجمعوا يريدون أن يصيبوا من أطراف رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم فلما سمعوا بذلك هربوا في رؤوس الجبال فرقًا ممن نصر بالرعب فرجع ولم يلق حربًا ( قال جابر فبينا) بلا ميم ( أنا نازل تحت شجرة إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم) أقبل ( فقلت يا رسول الله هلم) أي أقبل ( إلى الظل) وكان من عادة الصحابة إذا رأوا شجرة ظليلة تركوها له صلى الله عليه وسلم ( قال فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم) عن دابته تحت ظل الشجرة ( فقمت إلى غرارة) بكسر الغين المعجمة شبه العدل وجمعها غرائر ( لنا فالتمست) طلبت ( فيها شيئًا) يؤكل أقدمه له صلى الله عليه وسلم ( فوجدت فيها جرو) بكسر الجيم على الأفصح وضمها لغة ( قثاء) بكسر القاف أكثر من ضمها فمثلثة ثقيلة ومد اسم لما يقول له الناس الخيار والعجور والفقوس وبعضهم يطلقه على نوع يشبه الخيار قال الباجي هي الصحيحة وقيل المستطيلة وقيل الصغيرة وقال أبو عبيد الجرو صغار القثاء والرمان ( فكسرته ثم قربته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من أين لكم هذا فقلت خرجنا به يا رسول الله من المدينة) قال جابر ( وعندنا صاحب لنا) لم يسم ( نجهزه يذهب يرعى ظهرنا) أي دوابنا سميت بذلك لكونها يركب على ظهورها أو لكونها يستظهر بها ويستعان على السفر ( قال) جابر ( فجهزته ثم أدبر يذهب في الظهر) يرعاه ( وعليه بردان له) بضم الموحدة تثنية برد ثوب مخطط وأكسية يلتحف بها الواحدة بهاء وجمعه أبراد وأبرد وبرود ( قد خلقا) بفتح المعجمة واللام أي بليا ( قال فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه فقال أما) بالفتح وخفة الميم ( له ثوبان غير هذين) البردين الخلقين ( فقلت بلى يا رسول الله له ثوبان في العيبة) بفتح العين المهملة وسكون التحتية وموحدة مستودع الثياب ( كسوته إياهما قال فادعه فمره فليلبسهما) بفتح الموحدة قال فدعوته فلبسهما ( ثم ولى يذهب قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله) يلبس الخلقين مع تيسر الجديدين ووجودهما عنده ( ضرب الله عنقه أليس هذا خيرًا له) أنكر عليه بذاذته لما يؤدي إلى ذلته وأما قوله صلى الله عليه وسلم البذاذة من الإيمان رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم فمعناه إن قصد بها تواضعًا وزهدًا وكف نفس عن فخر وتكبر لا إظهار فقر وصيانة مال فالمراد به إثبات التواضع للمؤمن كما ورد المؤمن متواضع وليس بذليل ( قال فسمعه الرجل) يقول ضرب الله عنقه قال الباجي وهي كلمة تقولها العرب عند إنكار أمر ولا تريد بها الدعاء على من يقال له ذلك ولكن لما تيقن الرجل وقوع ما يقوله صلى الله عليه وسلم سأل ( فقال يا رسول الله في سبيل الله) أي الجهاد ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله قال) جابر ( فقتل الرجل في سبيل الله) وهذا من عظيم الآيات ( مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب قال إني لأحب أن أنظر إلى القارئ) أي العالم ( أبيض الثياب) أي أستحب لأهل العلم حسن الزي والتجمل في أعين الناس قاله الباجي ( مالك عن أيوب بن أبي تميمة) كيسان السختياني البصري ( عن محمد بن سيرين) الأنصاري مولاهم البصري ( قال قال عمر بن الخطاب إذا وسع الله عليكم) الرزق ( فأوسعوا على أنفسكم) لأن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده وروى أبو نعيم وابن لال وغيرهما عن ابن عمر مرفوعًا أن المؤمن أخذ عن الله أدبًا حسنًا إذا وسع عليه وسع على نفسه ( جمع رجل عليه ثيابه) خبر أريد به الأمر يعني ليجمع قاله ابن بطال وقال ابن المنير الصحيح أنه كلام في معنى الشرط كأنه قال إن جمع رجل عليه ثيابه فحسن وهذا قطعة من حديث رواه البخاري من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في الثوب الواحد فقال أوكلكم يجد ثوبين ثم سأل رجل عمر فقال إذا وسع الله فأوسعوا جمع رجل عليه ثيابه صلى رجل في إزار ورداء في إزار وقميص في إزار وقباء في سراويل ورداء في تبان وقميص وأحسبه قال في تبان ورداء وأخرجه ابن حبان من طريق إسماعيل ابن علية عن أيوب فأدمج الموقوف في المرفوع ولم يذكر عمر والأول أصح لا سيما وقد وافق حماد بن زيد عليه كذلك حماد بن سلمة فرواه عن أيوب وهشام وحبيب وعاصم كلهم عن ابن سيرين كذلك أخرجه ابن حبان أيضًا وقد أخرج مسلم حديث ابن علية فاقتصر على المتفق على رفعه وحذف الباقي وهو من حسن تصرفه.