فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ الرَّهْنِ وَجَوَازِهِ فِي الْحَضَرِ كَالسَّفَرِ

باب الرَّهْنِ وَجَوَازِهِ فِي الْحَضَرِ كَالسَّفَرِ
[ سـ :3108 ... بـ :1603]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى قَالَ يَحْيَى أَخْبَرَنَا وَقَالَ الْآخَرَانِ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا بِنَسِيئَةٍ فَأَعْطَاهُ دِرْعًا لَهُ رَهْنًا

فِي الْبَابِ حَدِيثُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - : ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ وَرَهَنَهُ دِرْعًا لَهُ مِنْ حَدِيدٍ ) فِيهِ : جَوَازُ مُعَامَلَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ ، وَالْحُكْمُ بِثُبُوتِ أَمْلَاكِهِمْ عَلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ . وَفِيهِ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّقَلُّلِ مِنَ الدُّنْيَا ، وَمُلَازَمَةِ الْفَقْرِ . وَفِيهِ جَوَازُ الرَّهْنِ ، وَجَوَازُ رَهْنِ آلَةِ الْحَرْبِ عِنْدَ أَهْلِ الذِّمَّةِ ، وَجَوَازُ الرَّهْنِ فِي الْحَضَرِ ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَالْعُلَمَاءُ كَافَّةً إِلَّا مُجَاهِدًا وَدَاوُدَ فَقَالَا : لَا يَجُوزُ إِلَّا فِي السَّفَرِ تَعَلُّقًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى : وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِهَذَا الْحَدِيثِ ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى دَلِيلِ خِطَابِ الْآيَةِ . وَأَمَّا اشْتِرَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّعَامَ مِنَ الْيَهُودِيِّ وَرَهْنُهُ عِنْدَهُ دُونَ الصَّحَابَةِ ، فَقِيلَ : فَعَلَهُ بَيَانًا لِجَوَازِ ذَلِكَ ، وَقِيلَ : لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ طَعَامٌ فَاضِلٌ عَنْ حَاجَةِ صَاحِبِهِ إِلَّا عِنْدَهُ ، وَقِيلَ : لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَا يَأْخُذُونَ رَهْنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا يَقْبِضُونَ مِنْهُ الثَّمَنَ ، فَعَدَلَ إِلَى مُعَامَلَةِ الْيَهُودِيِّ لِئَلَّا يُضَيِّقَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ . وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِ مُعَامَلَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ إِذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ مَا مَعَهُ ، لَكِنْ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَبِيعَ أَهْلَ الْحَرْبِ سِلَاحًا وَآلَةَ حَرْبٍ ، وَمَا يَسْتَعِينُونَ بِهِ فِي إِقَامَةِ دِينِهِمْ ، وَلَا بَيْعَ مُصْحَفٍ ، وَلَا الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ لِكَافِرٍ مُطْلَقًا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .