فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ وَالْعَمَلِ بَعْدَهُ

باب مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ وَالْعَمَلِ بَعْدَهُ
[ سـ :767 ... بـ :474]
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَقَ قَالَ ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ لَمْ أَرَ أَحَدًا يَحْنِي ظَهْرَهُ حَتَّى يَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَبْهَتَهُ عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَخِرُّ مَنْ وَرَاءَهُ سُجَّدًا

قَوْلُهُ : ( عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ : حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ ، أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ لَمْ أَرَ أَحَدًا يَحْنِي ظَهْرَهُ حَتَّى يَضَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَبْهَتَهُ عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَخِرُّ مَنْ وَرَاءَهُ سُجَّدًا ) قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ : الْقَائِلُ : ( وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ ) هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ : وَمُرَادُهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ غَيْرُ كَذُوبٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْبَرَاءُ غَيْرُ كَذُوبٍ ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَ صَحَابِيٌّ لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَزْكِيَةٍ ، وَلَا يَحْسُنُ فِيهِ هَذَا الْقَوْلُ .

وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ مَعِينٍ خَطَأٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ ، بَلِ الصَّوَابُ أَنَّ الْقَائِلَ ( وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ ، وَمُرَادُهُ أَنَّ الْبَرَاءَ غَيْرُ كَذُوبٍ ، وَمَعْنَاهُ تَقْوِيَةُ الْحَدِيثِ وَتَفْخِيمُهُ وَالْمُبَالَغَةُ فِي تَمْكِينِهِ مِنَ النَّفْسِ لَا التَّزْكِيَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي مَشْكُوكٍ فِيهِ ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ حَدَّثَنِي الْحَبِيبُ الْأَمِينُ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ ، وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ ، فَمَعْنَى الْكَلَامِ حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ وَهُوَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ كَمَا عَلِمْتُمْ فَثِقُوا بِمَا أُخْبِرُكُمْ عَنْهُ . قَالُوا : وَقَوْلُ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّ الْبَرَاءَ صَحَابِيٌّ فَيُنَزَّهُ عَنْ هَذَا الْكَلَامِ لَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ صَحَابِيٌّ أَيْضًا مَعْدُودٌ فِي الصَّحَابَةِ ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ هَذَا الْأَدَبُ مِنْ آدَابِ الصَّلَاةِ وَهُوَ أَنَّ السُّنَّةَ أَلَّا يَنْحَنِيَ الْمَأْمُومُ لِلسُّجُودِ حَتَّى يَضَعَ الْإِمَامُ جَبْهَتَهُ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ مَنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ إِلَى هَذَا الْحَدِّ لَرَفَعَ الْإِمَامُ مِنَ السُّجُودِ قَبْلَ سُجُودِهِ . قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى : فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ مَا يَقْتَضِي مَجْمُوعُهُ أَنَّ السُّنَّةَ لِلْمَأْمُومِ التَّأَخُّرُ عَنِ الْإِمَامِ قَلِيلًا بِحَيْثُ يَشْرَعُ فِي الرُّكْنِ بَعْدَ شُرُوعِهِ وَقَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :770 ... بـ :474]
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا أَبَانُ وَغَيْرُهُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحْنُو أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى نَرَاهُ قَدْ سَجَدَ فَقَالَ زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا الْكُوفِيُّونَ أَبَانُ وَغَيْرُهُ قَالَ حَتَّى نَرَاهُ يَسْجُدُ

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا أَبَانُ وَغَيْرُهُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْبَرَاءِ ) هَذَا مِمَّا تَكَلَّمَ فِيهِ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ : الْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْبَرَاءِ ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى غَيْرُ أَبَانَ بْنِ تَغْلِبَ عَنِ الْحَكَمِ وَقَدْ خَالَفَهُ ابْنُ عَرْعَرَةَ فَقَالَ : عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْبَرَاءِ وَغَيْرُ أَبَانَ أَحْفَظُ مِنْهُ . هَذَا كَلَامُ الدَّارَقُطْنِيِّ وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ لَا يُقْبَلُ ، بَلْ أَبَانُ ثِقَةٌ نَقَلَ شَيْئًا فَوَجَبَ قَبُولُهُ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ كَذِبُهُ وَغَلَطُهُ ، وَلَا امْتِنَاعَ فِي أَنْ يَكُونَ مَرْوِيًّا عَنِ ابْنِ يَزِيدَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( لَا يَحْنُو أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَرَاهُ قَدْ سَجَدَ ) هَكَذَا هُوَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ رِوَايَاتِ الْبَرَاءِ ( يَحْنُو ) بِالْوَاوِ وَبَاقِي رِوَايَاتِهِ وَرِوَايَةُ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ بَعْدَهَا كُلُّهَا بِالْيَاءِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ ، فَهُمَا لُغَتَانِ حَكَاهُمَا الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ ( حَنَيْتُ وَحَنَوْتُ ) لَكِنِ الْيَاءُ أَكْثَرُ ، وَمَعْنَاهُ عَطَفْتُهُ ، وَمِثْلُهُ حَنَيْتُ الْعُودَ وَحَنَوْتُهُ عَطَفْتُهُ .




[ سـ :771 ... بـ :475]
حَدَّثَنَا مُحْرِزُ بْنُ عَوْنِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ الْأَشْجَعِيُّ أَبُو أَحْمَدَ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ سَرِيعٍ مَوْلَى آلِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَجْرَ فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ وَكَانَ لَا يَحْنِي رَجُلٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَسْتَتِمَّ سَاجِدًا

قَوْلُهُ : ( عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ سَرِيعٍ ) هُوَ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ .

قَوْلُهُ تَعَالَى : فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ وَأَهْلُ اللُّغَةِ : هِيَ النُّجُومُ الْخَمْسَةُ : وَهِيَ الْمُشْتَرَى وَعُطَارِدُ وَالزُّهْرَةُ وَالْمِرِّيخُ وَزُحَلُ هَكَذَا قَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَنَّهَا هَذِهِ الْخَمْسَةُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ، وَعَنِ الْحَسَنِ هِيَ كُلُّ النُّجُومِ ، وَقِيلَ : غَيْرُ ذَلِكَ . وَالْخُنَّسُ الَّتِي تَخْنِسُ أَيْ تَرْجِعُ فِي مَجْرَاهَا ، وَالْكُنَّسُ الَّتِي تَكْنِسُ أَيْ تَدْخُلُ كُنَاسَهَا أَيْ تَغِيبُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَغِيبُ فِيهَا ، وَالْكُنَّسُ جَمْعُ كَانِسٍ . وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .