فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي جُلُودِ النُّمُورِ وَالسِّبَاعِ

رقم الحديث 3656 [3656] )
أَيْ الِاحْتِرَازُ فِي الْفُتْيَا بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ وَيُفْتَحُ بِمَعْنَى الْفَتْوَى وَالْفَتْوَى بِالْوَاوِ فَتُفْتَحِ الْفَاءِ وَتُضَمُّ مَقْصُورًا وَهِيَ اسْمٌ مِنْ أَفْتَى الْعَالِمُ إِذَا بَيَّنَ الْحُكْمَ أَيْ حُكْمَ الْمُفْتِي
وَالْمَعْنَى هَذَا بَابٌ فِي الِاحْتِرَازِ عَنِ الْفَتْوَى فِي الْوَاقِعَاتِ وَالْحَوَادِثَاتِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَالِاجْتِنَابِ عَنِ الْإِشَاعَةِ لِصِعَابِ الْمَسَائِلِ الَّتِي غَيْرُ نَافِعَةٍ فِي الدِّينِ وَيَكْثُرُ فِيهَا الْغَلَطُ وَيُفْتَحُ بِهَا بَابُ الشُّرُورِ وَالْفِتَنِ فَلَا يُفْتِي إِلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَآثَارِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ
(نَهَى عَنِ الْغَلُوطَاتِ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَفِي رِوَايَةٍ الْأُغْلُوطَاتِ قَالَ الْهَرَوِيُّ الْغَلُوطَاتُ تُرِكَتْ مِنْهَا الْهَمْزَةُ كَمَا تَقُولُ جَاءَ الْأَحْمَرُ وَجَاءَ الْحُمْرُ بِطَرْحِ الْهَمْزَةِ وَقَدْ غَلِطَ مَنْ قَالَ إِنَّهَا جَمْعُ غَلُوطَةٍ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ يُقَالُ مسألة غلوط إِذَا كَانَ يُغْلَطُ فِيهَا كَمَا يُقَالُ شَاةٌ حلوب وفرس ركوب فَإِذَا جَعَلْتَهَا اسْمًا زِدْتَ فِيهَا الْهَاءَ فَقُلْتَ غَلُوطَةٌ كَمَا يُقَالُ حَلُوبَةٌ وَرَكُوبَةٌ وَأَرَادَ الْمَسَائِلَ الَّتِي يُغَالَطُ بِهَا الْعُلَمَاءُ لِيَزِلُّوا فِيهَا فَيَهِيجُ بِذَلِكَ شَرٌّ وَفِتْنَةٌ وَإِنَّمَا نُهِيَ عَنْهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ نَافِعَةٍ فِي الدِّينِ وَلَا تَكَادُ تَكُونُ إلا فيما لا يقع
ومثله قول بن مَسْعُودٍ أَنْذَرْتُكُمْ صِعَابَ الْمَنْطِقِ يُرِيدُ الْمَسَائِلَ الدَّقِيقَةَ الْغَامِضَةَ فَأَمَّا الْأُغْلُوطَاتُ فَهِيَ جَمْعُ أُغْلُوطَةٍ أُفْعُولَةٍ مِنَ الْغَلَطِ كَالْأُحْدُوثَةِ وَالْأُعْجُوبَةِ انْتَهَى
قَالَ الْخَطَّابِيُّ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَهِيَ شِرَارُ الْمَسَائِلِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُعْتَرَضَ الْعُلَمَاءُ بِصِعَابِ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَكْثُرُ فِيهَا الْغَلَطُ لِيَسْتَزِلُّوا بِهَا وَيَسْقُطَ رَأْيُهُمْ فِيهَا انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرازي مجهول



رقم الحديث 3657 [3657] ( أبو عبد الرحمن المقرئ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ ثِقَةٌ فَاضِلٌ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ نَيِّفًا وَسَبْعِينَ سَنَةً ( مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ أَبِي عُثْمَانَ) بَدَلٌ مِنْ مُسْلِمٍ ( عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الطُّنْبُذِيِّ) بِضَمِّ الطَّاءِ وَالْمُوَحَّدَةِ بَيْنَهُمَا نُونٌ سَاكِنَةٌ آخِرُهُ مُعْجَمَةٌ إِلَى طُنْبُذَا قَرْيَةٌ بِمِصْرَ كَذَا فِي الْبَابِ ( رَضِيعَ عَبْدِ الْمَلِكِ) صِفَةُ أَبِي عُثْمَانَ ( مَنْ أُفْتِيَ بِغَيْرِ عِلْمٍ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ مَنْ وَقَعَ فِي خَطَأٍ بِفَتْوَى عَالِمٍ فَالْإِثْمُ عَلَى ذَلِكَ الْعَالِمِ وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنِ الْخَطَأُ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ أَوْ كَانَ إِلَّا أَنَّهُ وَقَعَ لِعَدَمِ بُلُوغِهِ فِي الِاجْتِهَادِ حَقَّهُ
قَالَهُ فِي فَتْحِ الودود
وقال القارىء عَلَى صِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَقِيلَ مِنَ الْمَعْلُومِ يَعْنِي كُلَّ جَاهِلٍ سَأَلَ عَالِمًا عَنْ مَسْأَلَةٍ فَأَفْتَاهُ العالم بجواب باطل فعمل السائل بِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بُطْلَانَهَا فَإِثْمُهُ عَلَى الْمُفْتِي إِنْ قَصَّرَ فِي اجْتِهَادِهِ ( وَمَنْ أَشَارَ عَلَى أَخِيهِ) فِي الْقَامُوسِ أَشَارَ عَلَيْهِ بِكَذَا أَمَرَهُ وَاسْتَشَارَ طَلَبَهُ الْمَشُورَةَ انْتَهَى وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَشَارَ عَلَى أَخِيهِ وَهُوَ مُسْتَشِيرٌ وَأَمَرَ الْمُسْتَشَارُ المستشير بأمر قاله القارىء ( يَعْلَمُ) وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ ( أَنَّ الرُّشْدَ) أَيِ الْمَصْلَحَةَ ( فِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ ( فَقَدْ خَانَهُ) أَيْ خَانَ الْمُسْتَشَارُ الْمُسْتَشِيرَ إِذْ وَرَدَ أَنَّ الْمُسْتَشَارَ مُؤْتَمَنٌ وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أخرجه بن مَاجَهْ مُقْتَصِرًا عَلَى الْفَصْلِ الْأَوَّلِ بِنَحْوِهِ


رقم الحديث 3658 [3658] (مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ) وَهُوَ عِلْمٌ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ السَّائِلُ فِي أَمْرِ دِينِهِ (فَكَتَمَهُ) بِعَدَمِ الْجَوَابِ أَوْ بِمَنْعِ الْكِتَابِ (أَلْجَمَهُ اللَّهُ) أَيْ أَدْخَلَ اللَّهُ فِي فَمِهِ لِجَامًا (بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ) مُكَافَأَةً لَهُ حَيْثُ أَلْجَمَ نَفْسَهُ بِالسُّكُوتِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْمُمْسِكُ عَنِ الْكَلَامِ مُمَثَّلٌ بِمَنْ أَلْجَمَ نَفْسَهُ كَمَا يُقَالُ التَّقِيُّ مُلَجَّمٌ فَإِذَا أَلْجَمَ لِسَانَهُ عَنْ قَوْلِ الْحَقِّ وَالْإِخْبَارِ عَنِ الْعِلْمِ وَالْإِظْهَارِ بِهِ يُعَاقَبُ فِي الْآخِرَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ وَخُرِّجَ هَذَا عَلَى مَعْنَى مُشَاكَلَةِ الْعُقُوبَةِ الذَّنْبَ
قَالَ وَهَذَا فِي الْعِلْمِ الَّذِي يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ فَرْضُهُ كَمَنْ رَأَى كَافِرًا يُرِيدُ الْإِسْلَامَ يَقُولُ عَلِّمُونِي الْإِسْلَامَ وَمَا الدِّينُ وَكَيْفَ أُصَلِّي وَكَمَنَ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا فِي حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يَمْنَعُوا الْجَوَابَ عَمَّا سُئِلُوا عَنْهُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْوَعِيدُ وَالْعُقُوبَةُ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فِي نَوَافِلِ الْعِلْمِ الَّذِي لَا ضَرُورَةَ لِلنَّاسِ إِلَى مَعْرِفَتِهَا انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ والحديث أخرجه الترمذي وبن مَاجَهْ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ هَذَا آخِرُ كلامه وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ طُرُقٍ فِيهَا مَقَالٌ وَالطَّرِيقُ الَّذِي خَرَّجَ بِهَا أَبُو دَاوُدَ طَرِيقٌ حَسَنٌ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنِ التَّبُوذَكِيِّ وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ الْبُنَانِيِّ
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ لَيْسَ فِيهِ بَأْسٌ.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ لَا بَأْسَ بِهِ صَالِحُ الْحَدِيثِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَقَدِ اتَّفَقَ الْإِمَامَانِ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِهِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَمْرِو بْنِ عَبْسَةَ وَعَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ وَفِي كل منها مَقَالٌ

(

رقم الحديث 3660 [366] ( نَضَّرَ اللَّهُ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ الدُّعَاءُ لَهُ بِالنَّضَارَةِ وَهِيَ النِّعْمَةُ وَالْبَهْجَةُ يُقَالُ نَضَرَهُ اللَّهُ وَنَضَّرَهُ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّثْقِيلِ وَأَجْوَدُهُمَا التَّخْفِيفُ انْتَهَى
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ نَضَّرَهُ وَنَضَرَهُ وَأَنْضَرَهُ أَيْ نَعَّمَهُ وَيُرْوَى بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ مِنَ النَّضَارَةِ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ حُسْنُ الْوَجْهِ وَالْبَرِيقُ وَإِنَّمَا أَرَادَ حُسْنَ خُلُقِهِ وَقَدْرَهُ انْتَهَى
قَالَ السُّيُوطِيُّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَابِرٍ أَيْ أَلْبَسَهُ نَضْرَةً وَحُسْنًا وَخُلُوصَ لَوْنٍ وَزِينَةً وَجَمَالًا أَوْ أَوْصَلَهُ اللَّهُ لِنَضْرَةِ الْجَنَّةِ نَعِيمًا وَنَضَارَةً
قَالَ تَعَالَى ولقاهم نضرة تعرف في وجوههم نضرة النعيم
قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ مَا مِنْ أَحَدٍ يَطْلُبُ حَدِيثًا إِلَّا وَفِي وَجْهِهِ نَضْرَةٌ رَوَاهُ الْخَطِيبُ
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ
رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ فقلت يارسول اللَّهِ أَنْتَ قُلْتَ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً فَذَكَرْتُهُ كُلَّهُ وَوَجْهُهُ يَسْتَهِلُّ فَقَالَ نَعَمْ أَنَا قُلْتُهُ انْتَهَى ( فَرُبَّ) قَالَ الْعَيْنِيُّ رُبَّ لِلتَّقْلِيلِ لَكِنَّهُ كَثُرَ فِي الِاسْتِعْمَالِ لِلتَّكْثِيرِ بِحَيْثُ غَلَبَ حَتَّى صَارَتْ كَأَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِيهِ ( حَامِلِ فِقْهٍ) أَيْ عِلْمٍ قَدْ يَكُونُ فَقِيهًا وَلَا يَكُونُ أَفْقَهَ فَيَحْفَظُهُ وَيُبَلِّغُهُ ( إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ) فَيَسْتَنْبِطُ مِنْهُ مَا لَا يَفْهَمُهُ الْحَامِلُ ( حَامِلِ فِقْهٍ) أَيْ عِلْمٍ ( لَيْسَ بِفَقِيهٍ) لَكِنْ يَحْصُلُ لَهُ الثَّوَابُ لِنَفْعِهِ بِالنَّقْلِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى كَرَاهِيَةِ اخْتِصَارِ الْحَدِيثِ لِمَنْ لَيْسَ بِالْمُتَنَاهِي فِي الْفِقْهِ لِأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَطَعَ طَرِيقَ الِاسْتِنْبَاطِ وَالِاسْتِدْلَالِ لِمَعَانِي الْكَلَامِ مِنْ طَرِيقِ التَّفَهُّمِ وَفِي ضِمْنِهِ وُجُوبُ التَّفَقُّهِ وَالْحَثُّ عَلَى اسْتِنْبَاطِ مَعَانِي الْحَدِيثِ وَاسْتِخْرَاجِ الْمَكْنُونِ مِنْ سِرِّهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ وأخرجه بن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبَّادٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ زَيْدِ بن ثابت