فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ الْيَمِينِ فِي قَطِيعَةِ الرَّحِمِ

رقم الحديث 2898 [2898]
الْعَصَبَةُ كُلُّ مَنْ يَأْخُذُ مِنَ التَّرِكَةِ مَا أَبْقَتْهُ أَصْحَابُ الْفَرَائِضِ وَعِنْدَ الِانْفِرَادِ يُحْرِزُ جَمِيعَ الْمَالِ
(وَهُوَ أَشْبَعُ) أَيْ حَدِيثُ مَخْلَدٍ أَتَمُّ مِنْ حَدِيثِ أَحْمَدَ (بَيْنَ أَهْلِ الْفَرَائِضِ) جَمْعُ فَرِيضَةٍ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ وَهِيَ الْأَنْصِبَاءُ الْمُقَدَّرَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَهِيَ النِّصْفُ وَنِصْفُهُ وَنِصْفُ نِصْفِهِ وَالثُّلُثَانِ وَنِصْفُهُمَا وَنِصْفُ نِصْفِهِمَا وَالْمُرَادُ بِأَهْلِهَا الْمُسْتَحِقُّونَ لَهَا بِنَصِّ الْقُرْآنِ (عَلَى كِتَابِ اللَّهِ) أَيْ عَلَى مَا فِيهِ (فَمَا تَرَكَتِ الْفَرَائِضُ) الْمَعْنَى فَمَا بَقِيَ مِنْ أَهْلِ الْفَرَائِضِ (فَلِأَوْلَى) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَاللَّامِ بَيْنَهُمَا وَاوٌ سَاكِنَةٌ (ذَكَرٍ) أَيْ لِأَقْرَبِ ذَكَرٍ مِنَ الْمَيِّتِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْوَلِيِّ وهو القرب وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى سَبَبِ اسْتِحْقَاقِهِ وَهِيَ الذُّكُورَةُ الَّتِي سَبَبُ الْعُصُوبَةِ
وَفِي نُسْخَةِ الْخَطَّابِيِّ فَلِأَوْلَى عَصَبَةٍ ذَكَرٍ قَالَ قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ أَيْ أَقْرَبُ فِي النَّسَبِ إِلَى الْمَوْرُوثِ دُونَ الْأَبْعَدِ وَالْوَصْفِ بِالذُّكُورَةِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْعُصُوبَةِ وَالتَّرْجِيحِ فِي الْإِرْثِ بِكَوْنِ الذَّكَرِ لَهُ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِأَنَّ الرِّجَالَ تَلْحَقُهُمْ مُؤَنٌ كَثِيرَةٌ بِالْقِتَالِ وَالْقِيَامِ بِالضِّيفَانِ وَالْعِيَالِ وَنَحْوِ ذَلِكَ
انْتَهَى
وَقَالَ فِي السُّبُلِ الْمُرَادُ بِأَوْلَى رَجُلٍ أَنَّ الرَّجُلَ مِنَ الْعَصَبَةِ بَعْدَ أَهْلِ الْفَرَائِضِ إِذَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَى الْمَيِّتِ اسْتَحَقَّ دُونَ مَنْ هُوَ أَبْعَدُ فَإِنِ اسْتَوَوُا اشْتَرَكُوا وَخَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْأَخُ وَالْأُخْتُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فَإِنَّهُمْ يَرِثُونَ بِنَصِّ قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنثيين وَأَقْرَبُ الْعَصَبَاتِ الْبَنُونَ ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ وَإِنْ عَلَوْا
وَالْحَدِيثُ مَبْنِيُّ عَلَى وُجُودِ عَصَبَةٍ مِنَ الرِّجَالِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ عَصَبَةٌ مِنَ الرِّجَالِ أُعْطِيَ بَقِيَّةُ الْمِيرَاثِ مَنْ لَا فَرْضَ لَهُ مِنَ النِّسَاءِ
انْتَهَى كَلَامُهُ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ أَوْلَى ها هنا أَقْرَبُ وَالْوَلِيُّ الْقَرِيبُ يُرِيدُ أَقْرَبَ الْعَصَبَةِ إِلَى الْمَيِّتِ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ فَإِنَّ الْأَخَ أَقْرَبُ مِنَ العم وكالعم وبن العم فإن العم أقرب من بن الْعَمِّ وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى
وَلَوْ كَانَ .

     قَوْلُهُ  عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْلَى بِمَعْنَى أَحَقُّ لَبَقِيَ الْكَلَامُ مُبْهَمًا لَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ بَيَانُ الْحُكْمِ إِذْ كَانَ لَا يَدْرِي مَنِ الْأَحَقُّ مِمَّنْ لَيْسَ بِأَحَقِّ فَعُلِمَ أَنَّ مَعْنَاهُ قُرْبُ النَّسَبِ عَلَى مَا فَسَّرْنَاهُ انْتَهَى

(

رقم الحديث 2899 [2899]
اعْلَمْ أَنَّ ذَا الرَّحِمِ هُوَ كُلُّ قَرِيبٍ لَيْسَ بِذِي فَرْضٍ وَلَا عَصَبَةٍ فَأَكْثَرُ الصحابة كعمر وعلي وبن مَسْعُودٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَمُعَاذِ بْنِ جبل وأبي الدرداء وبن عَبَّاسٍ رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ فِي رِوَايَةِ عَنْهُ مَشْهُورَةٌ وَغَيْرُهُمْ يَرَوْنَ تَوْرِيثَ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَتَابَعَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنَ التابعين علقمة والنخعي وشريح والحسن وبن سِيرِينَ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ وَزُفَرُ وَمَنْ تابعهم
وقال زيد بن ثابت وبن عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ شَاذَّةٍ لَا مِيرَاثَ لِذَوِي الْأَرْحَامِ وَيُوضَعُ الْمَالُ عِنْدَ عَدَمِ صَاحِبِ الْفَرْضِ وَالْعَصَبَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَتَابَعَهُمَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّابِعِينَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ وَذَوُو الْأَرْحَامِ هُمْ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ وَإِنْ سَفَلُوا وَأَوْلَادُ بَنَاتِ الِابْنِ كَذَلِكَ وَالْأَجْدَادُ الْفَاسِدُونَ وَإِنْ عَلَوْا وَالْجَدَّاتُ الْفَاسِدَاتُ وَإِنْ عَلَوْنَ وَأَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ وَالْعَمَّاتُ وَغَيْرُهُمْ كَمَا فِي كُتُبِ الْفَرَائِضِ
( مَنْ تَرَكَ كَلًّا) بِفَتْحِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ ثِقَلًا وَهُوَ يَشْمَلُ الدَّيْنَ وَالْعِيَالَ وَالْمَعْنَى إِنْ ترك الأولاد فإلى ملجأهم وَأَنَا كَافِلُهُمْ وَإِنْ تَرَكَ الدَّيْنَ فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ ( أَعْقِلُ لَهُ) أَيْ أُؤَدِّي عَنْهُ مَا يَلْزَمُهُ بِسَبَبِ الْجِنَايَاتِ الَّتِي تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ ( وَأَرِثُهُ) أَيْ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ
قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ يُرِيدُ بِهِ صَرْفَ مَالِهِ إِلَى بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ( وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ) فِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ بِتَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ ( يَعْقِلُ عَنْهُ) أَيْ إذا جنى بن أُخْتِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَصَبَةٌ يُؤَدِّي الْخَالُ عَنْهُ الدِّيَةَ كَالْعَصَبَةِ ( وَيَرِثُهُ) أَيِ الْخَالُ إِيَّاهُ قال المنذري وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَرُوِيَ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الْمِقْدَامِ وَرُوِيَ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْهَوْزَنِيِّ عَنِ الْمِقْدَامِ وَرُوِيَ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ مُرْسَلًا
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فِي هذا الحديث وكان بن مَعِينٍ يُضَعِّفُهُ وَيَقُولُ لَيْسَ فِيهِ حَدِيثٌ قَوِيٌّ وقال وأيضا وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْخَالَ الَّذِي لَا يكون بن عَمٍّ أَوْ مَوْلًى لَا يَعْقِلُ إِلَّا بِالْخُؤُولَةِ فَخَالَفُوا الْحَدِيثَ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ فِي الْعَقْلِ فَإِنْ كَانَ ثَابِتًا فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ فِي وَقْتٍ كَانَ يَعْقِلُ الْخُؤُولَةَ ثُمَّ صَارَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ أَوْ أَرَادَ خَالًا يَعْقِلُ بأن يكون بن عَمٍّ أَوْ مَوْلًى أَوِ اخْتَارَ وَضْعَ مَالِهِ فِيهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ سِوَاهُ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ

رقم الحديث 2900 [29] ( أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ) قَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ مَعْنَى الْأَوْلَوِيَّةِ النُّصْرَةُ وَالْقَوْلِيَّةُ أَيْ أَتَوَلَّى أُمُورَهُمْ بَعْدَ وَفَاتِهِمْ وَأَنْصُرهُمْ فَوْقَ مَا كَانَ مِنْهُمْ لَوْ عَاشُوا ( أَوْ ضَيْعَةً) أَيْ عِيَالًا ( فَإِلَيَّ) أَيْ أَدَاءُ الدَّيْنِ وَكَفَالَةُ الضَّيْعَةِ ( وَأَنَا مَوْلَى مَنْ لَا مَوْلَى لَهُ) أَيْ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ
قَالَهُ القارىء ( وَأَفُكُّ عَانَهُ) أَيْ أُخَلِّصُ أَسِيرَهُ بِالْفِدَاءِ عَنْهُ وَأَصْلُهُ عَانِيَهُ حَذَفَ الْيَاءَ تَخْفِيفًا كَمَا فِي يد يقال عنا يعنو إذ خَضَعَ وَذَلَّ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ الحقوق بسبب الجنايات
قاله القارىء ( قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ الزُّبَيْدِيُّ) بَالزَّايِ وَالْمُوَحَّدَةِ مُصَغَّرًا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَيُشِيرُ الْمُؤَلِّفُ بِكَلَامِهِ هَذَا إِلَى الِاخْتِلَافِ فِي إِسْنَادِ الْحَدِيثِ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ