فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابُ الرَّجُلِ يَحْلِفُ عَلَى عِلْمِهِ فِيمَا غَابَ عَنْهُ

رقم الحديث 3193 [3193] ( أُمِّ كُلْثُومٍ وَابْنِهَا) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ أُمُّ كُلْثُومٍ هَذِهِ هِيَ بِنْتُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ زَوْجُ عمر بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَابْنُهَا هُوَ زيد الأكبر بن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ مَاتَ هُوَ وَأُمُّهُ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عَلِيٍّ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يُدْرَ أَيُّهُمَا مَاتَ أَوَّلًا فَلَمْ يُوَرَّثْ أَحَدُهُمَا مِنَ الْآخَرِ انْتَهَى ( فَجُعِلَ الْغُلَامُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ ( مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ) وَلَفْظُ النَّسَائِيِّ قَالَ حَضَرَتْ جِنَازَةُ صَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ فَقُدِّمَ الصَّبِيُّ مِمَّا يَلِي الْقَوْمَ وَوُضِعَتِ الْمَرْأَةُ وَرَاءَهُ فَصُلِّيَ عَلَيْهِمَا فَذَكَرَ نَحْوَهُ
وَعِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ عَنْ عَمَّارٍ أَنَّ أم كلثوم بنت علي وابنهازيد بْنَ عُمَرَ أُخْرِجَتْ جَنَازَتَاهُمَا فَصَلَّى عَلَيْهِمَا أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فَجَعَلَ الْمَرْأَةَ بَيْنَ يَدَيِ الرَّجُلِ وَأَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومئذ كَثِيرٌ وَعِنْدَ سَعِيدٍ أَيْضًا عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ وَابْنَهَا زَيْدَ بْنَ عُمَرَ تُوُفِّيَا جَمِيعًا فَأُخْرِجَتْ جَنَازَتَاهُمَا فَصَلَّى عَلَيْهِمَا أمير المدينة فسوى بين رؤوسهما وَأَرْجُلِهِمَا حِينَ صَلَّى عَلَيْهِمَا
وَحَدِيثُ عَمَّارٍ سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْمُنْذِرِيُّ وَرِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ
وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ.

     وَقَالَ  وَفِي الْقَوْمِ الْحَسَنُ والحسين وبن عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَنَحْوٌ مِنْ ثَمَانِينَ نَفْسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وللدارقطني من رواية نافع عن بن عُمَرَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى سَبْعِ جَنَائِزَ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ فَجَعَلَ الرِّجَالَ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَجَعَلَ النِّسَاءَ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ وَصَفَّهُمْ صَفًّا وَاحِدًا وَوُضِعَتْ جِنَازَةُ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عَلِيٍّ امْرَأَةِ عمر وبن لَهَا يُقَالُ لَهُ زَيْدٌ وَالْإِمَامُ يَوْمئِذٍ سَعِيدُ بن العاص وفي الناس يومئذ بن عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ وَأَبُو قَتَادَةَ فَوُضِعَ الْغُلَامُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ فَقُلْتُ مَا هذا قالوا السنة وكذلك رواه بن الْجَارُودِ فِي الْمُنْتَقَى
قَالَ الْحَافِظُ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ إِذَا اجْتَمَعَتْ جَنَائِزُ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهَا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ
وَقَدْ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ فِي كَيْفِيَّةَ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَلَاةً وَحَمْزَةُ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ وَأَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى كُلِّ عَشَرَةٍ صَلَاةً
وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَأَبَا هُرَيْرَةَ كَانُوا يُصَلُّونَ عَلَى الْجَنَائِزِ بِالْمَدِينَةِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَيَجْعَلُونَ الرِّجَالَ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَالنِّسَاءَ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ
قَالَ الزُّرْقَانِيُّ وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ.

     وَقَالَ  بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وقال بن عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو قَتَادَةَ هِيَ السُّنَّةُ وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ ذَلِكَ لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ وَقَالَ الْحَسَنُ وَسَالِمٌ وَالْقَاسِمُ النِّسَاءُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَالرِّجَالُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ عَطَاءٍ انْتَهَى ( هَذِهِ السُّنَّةُ) أَيْ فِي وَضْعِ الْجَنَائِزِ فَيُوضَعُ الرِّجَالُ ثُمَّ النِّسَاءُ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّبِيَّ إِذَا صُلِّيَ عَلَيْهِ مَعَ امْرَأَةٍ كَانَ الصَّبِيُّ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَالْمَرْأَةُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ وَكَذَلِكَ إِذَا اجْتَمَعَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا تقدم عن بن عمر
وأخرج بن شَاهِينَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلِ بْنِ مُقَرِّنٍ أُتِيَ بِجِنَازَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ فَصَلَّى عَلَى الرَّجُلِ ثُمَّ صَلَّى عَلَى الْمَرْأَةِ وَفِيهِ انْقِطَاعٌ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ




رقم الحديث 3194 [3194] (عَنْ نَافِعٍ) تَابِعِيٌّ (أَبِي غَالِبٍ) عَطْفُ بَيَانٍ
قَالَ الطِّيبِيُّ كَأَنَّ الْكُنْيَةَ كَانَتْ أَعْرَفَ وَأَشْهَرَ فَجِيءَ بِهَا بَيَانًا لِنَافِعٍ (فِي سِكَّةِ) هِيَ الزُّقَاقُ (الْمِرْبَدِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مَوْضِعٌ بِالْبَصْرَةِ قَالَهُ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ الْمِرْبَدُ الْمَوْضِعُ الَّذِي تُحْبَسُ فِيهِ الْإِبِلُ وَالْغَنَمُ وَبِهِ سُمِّيَ مِرْبَدُ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَهُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْبَاءِ (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَيْرٍ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الْمِيمِ مُصَغَّرًا هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عمر وهو تصحيف فإن بن عُمَرَ صَلَّى عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ بِالْمَدِينَةِ.
وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَيْرٍ هَذَا فَصَلَّى عَلَيْهِ أَنَسُ بن مالك (على بريذينته) تَصْغِيرُ بِرْذَوْنٍ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْمُنِيرِ الْبِرْذَوْنُ بالذال المعجمة قال بن الْأَنْبَارِيِّ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى.

     وَقَالَ  الْمُطَرِّزِيُّ الْبِرْذَوْنُ التُّرْكِيُّ مِنَ الْخَيْلِ وَهُوَ خِلَافُ الْعِرَابِ وَجَعَلُوا النُّونَ أَصْلِيَّةً كَأَنَّهُمْ لَاحَظُوا التَّعْرِيبَ وَقَالُوا فِي الْحِرْزَوْنِ نُونُهُ زَائِدَةٌ لِأَنَّهُ عَرَبِيٌّ فَقِيَاسُ الْبِرْذَوْنِ عِنْدَ مَنْ يَجْعَلُ الْمُعَرَّبَةَ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ زِيَادَةُ النُّونِ (الدِّهْقَانُ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَضَمِّهَا رَئِيسُ الْقَرْيَةِ وَمُقَدَّمُ التُّنَّاءِ وَأَصْحَابُ الزِّرَاعَةِ وَهُوَ مُعَرَّبٌ وَنُونُهُ أَصْلِيَّةٌ قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ (وَأَنَا خَلْفَهُ) أي أَنَسٌ (وَبَيْنَهُ) أَيْ أَنَسٍ (فَكَبَّرَ) أَنَسٌ (لَمْ يُطِلْ مِنَ الْإِطَالَةِ (يَا أَبَا حَمْزَةَ) كُنْيَةُ أَنَسٍ (الْمَرْأَةُ الْأَنْصَارِيَّةُ) أَيْ هَذِهِ جَنَازَتُهَا (وَعَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْمَرْأَةِ الْأَنْصَارِيَّةِ (نَعْشٌ أَخْضَرُ) أَيْ قُبَّةٌ وَحَرَجٌ
قَالَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَمَنْ رَوَاهُ حَرَجٌ عَلَى نَعْشٍ فَالْحَرَجُ الْمِشْبَكُ الَّذِي يُطْبَقُ عَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا وُضِعَتْ عَلَى سَرِيرِ الْمَوْتَى وَتُسَمِّيهِ النَّاسُ النَّعْشُ وَإِنَّمَا النَّعْشُ السَّرِيرُ نَفْسُهُ سُمِّيَ حَرَجًا لِأَنَّهُ مُشَبَّكٌ بِعِيدَانٍ كَأَنَّهَا حَرَجُ الْهَوْدَجِ انْتَهَى
وَفِي النِّهَايَةِ يُقَالُ نَعَشَهُ اللَّهُ يَنْعَشُهُ نَعْشًا إِذَا رَفَعَهُ وانتعش العائر إِذَا نَهَضَ مِنْ عَثْرَتِهِ وَبِهِ سُمِّيَ سَرِيرُ الْمَيِّتِ نَعْشًا لِارْتِفَاعِهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَيِّتٌ مَحْمُولٌ فَهُوَ سَرِيرٌ انْتَهَى
وَفِي الْمِصْبَاحِ النَّعْشُ سَرِيرُ الْمَيِّتِ وَلَا يُسَمَّى نَعْشًا إِلَّا وَعَلَيْهِ الْمَيِّتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَهُوَ سَرِيرٌ وَالنَّعْشُ أَيْضًا شِبْهُ مِحَفَّةٍ يُحْمَلُ فِيهَا الْمَلِكُ إِذَا مَرِضَ وَلَيْسَ بِنَعْشِ الْمَيِّتِ انْتَهَى
وَفِي أقرب الموارد في فصح الْعَرَبِيَّةِ وَالشَّوَارِدِ نَعْشٌ عَلَى جَنَازَتِهَا أَيِ اتُّخِذَ لَهَا نَعْشٌ وَهُوَ شِبْهُ الْمِحَفَّةِ بِالْكَسْرِ مَرْكَبٌ مِنْ مَرَاكِبِ النِّسَاءِ كَالْهَوْدَجِ انْتَهَى وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْقَامُوسِ
وَالْمَعْنَى أَنَّهَا كَانَتْ عَلَى جِنَازَةِ الْأَنْصَارِيَّةِ قُبَّةٌ مُغَطَّاةٌ بِلَوْنٍ أَخْضَرَ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِ الْقُبَّةِ عَلَى سَرِيرِ الْمَيِّتِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْتَرُ لَهَا وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ
وَيُؤَيِّدُهُ ما أخرجه الحافظ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَنَقَلَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ فِي الْمَوَاهِبِ أَنَّ فَاطِمَةَ قَالَتْ لِأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ إِنِّي قَدِ اسْتَقْبَحْتُ مَا يُصْنَعُ بِالنِّسَاءِ يُطْرَحُ عَلَى الْمَرْأَةِ الثَّوْبُ فَيَصِفُهَا فَقَالَتْ أَسْمَاءُ يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أُرِيكِ شَيْئًا رَأَيْتُهُ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ فَدَعَتْ بِجَرَائِدَ رَطْبَةٍ فَحَنَّتْهَا ثُمَّ طَرَحَتْ عَلَيْهَا ثَوْبًا فَقَالَتْ فَاطِمَةُ مَا أَحْسَنَ هَذَا تُعْرَفُ بِهِ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ فَإِذَا أَنَا مُتُّ فَاغْسِلِينِي أَنْتِ وَعَلِيٌّ وَلَا يَدْخُلُ عَلَيَّ أَحَدٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَفَاطِمَةُ أَوَّلُ مَنْ غُطِّيَ نَعْشُهَا عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ بَعْدَهَا زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ صُنِعَ بِهَا ذَلِكَ أَيْضًا انْتَهَى
قَالَ الزُّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمَوَاهِبِ .

     قَوْلُهُ  يُطْرَحُ عَلَى الْمَرْأَةِ الثَّوْبُ أَيْ عَلَى نَعْشِهَا فَيَصِفُهَا جِسْمُهَا مِنْ غِلَظٍ وَضِدِّهِ وَحَنَّتْهَا بِنُونٍ ثُمَّ فَوْقِيَّةٍ أَيْ أَمَالَتْهَا وَتُعْرَفُ بِهِ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ أَيْ وَلَا يُعْرَفُ لِلْمَرْأَةِ تَحْتَهُ حَجْمٌ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ زَيْنَبَ أَوَّلُ مَنْ غُطِّيَ نَعْشُهَا فَمُرَادُهُ أَيْ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ انتهى
وقال بن الأثير في أسدالغابة فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ فِي تَرْجَمَةِ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَلَمَّا حَضَرَهَا الْمَوْتُ قَالَتْ لِأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ ثُمَّ ذكر مثل ما رواه بن عَبْدِ الْبَرِّ نَحْوَهُ سَوَاءً ثُمَّ قَالَ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ مَا أَحْسَنَ هَذَا وَأَجْمَلَهُ فَإِذَا أَنَا مُتُّ فَاغْسِلِينِي أَنْتِ وَعَلِيٌّ وَلَا تُدْخِلِي عَلَيَّ أَحَدًا فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ جَاءَتْ عَائِشَةُ فَمَنَعَتْهَا أَسْمَاءُ فَشَكَتْهَا عَائِشَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَوَقَفَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى الْبَابِ.

     وَقَالَ  يَا أَسْمَاءُ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ مَنَعْتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ يَدْخُلْنَ عَلَى بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ صَنَعْتِ لَهَا هَوْدَجًا قَالَتْ هِيَ أَمَرَتْنِي أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهَا أَحَدٌ وَأَمَرَتْنِي أَنْ أَصْنَعَ لَهَا ذَلِكَ قَالَ فَاصْنَعِي مَا أَمَرَتْكِ وَغَسَلَهَا عَلِيٌّ وَأَسْمَاءُ وَهِيَ أَوَّلُ مَنْ غُطِّيَ نَعْشُهَا فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ بَعْدَهَا زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ انْتَهَى
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ وَيُنْدَبُ لِلْمَرْأَةِ مَا يَسْتُرُهَا كَتَابُوتٍ.

     وَقَالَ  الْخَطِيبُ فِي مُغْنِي الْمُحْتَاجِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَيُنْدَبُ لِلْمَرْأَةِ مَا يَسْتُرُهَا كَتَابُوتٍ وَهُوَ سَرِيرٌ فَوْقَهُ خَيْمَةٌ أَوْ قُبَّةٌ أَوْ مِكَبَّةٌ لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْتَرُ لَهَا وَأَوَّلُ مَنْ فُعِلَ لَهُ ذَلِكَ زَيْنَبُ زَوْجَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ قَدْ رَأَتْهُ بِالْحَبَشَةِ لَمَّا هَاجَرَتْ وَأَوْصَتْ بِهِ انْتَهَى
وَقَالَ بن حَجَرٍ الْمَكِّيُّ فِي تُحْفَةِ الْمُحْتَاجِ يَعْنِي مُغَطَّاةً لِإِيصَاءِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ زَيْنَبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَكَانَتْ قَدْ رَأَتْهُ بِالْحَبَشَةِ لَمَّا هَاجَرَتْ
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قِيلَ هِيَ أَوَّلُ مَنْ حُمِلَتْ كَذَلِكَ
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَتْ أَنْ يُتَّخَذَ لَهَا ذَلِكَ فَفَعَلُوهُ وَمَا قِيلَ إِنَّ ذَلِكَ أَوَّلُ مَا اتُّخِذَ فِي جِنَازَةِ زَيْنَبَ ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ بَاطِلٌ
وقال بن الْأَثِيرِ فِي تَرْجَمَةِ زَيْنَبَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ تُوُفِّيَتْ سَنَةَ عِشْرِينَ وَصَلَّى عَلَيْهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قِيلَ هِيَ أَوَّلُ امْرَأَةٍ صُنِعَ لَهَا النَّعْشُ وَدُفِنَتْ بِالْبَقِيعِ انْتَهَى
وَقِيلَ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ كَانَتِ الْجِنَازَةُ دَاخِلَةٌ وَوَاقِعَةٌ عَلَى السَّرِيرِ الْأَخْضَرِ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا لَا يُسَاعِدُهُ اللَّفْظُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ كَذَا فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ
وَقَالَ الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ فِي مُحَاضَرَةِ الْأَوَائِلِ أَوَّلُ امْرَأَةٍ حُمِلَتْ فِي نَعْشٍ زَيْنَبُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ بِنْتُ جَحْشٍ فَلَمَّا مَاتَتْ أَمَرَ عُمَرُ مُنَادِيًا فَنَادَى أَنْ لَا يَخْرُجَ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا ذُو مَحْرَمٍ مِنْ أَهْلِهَا فَقَالَتْ ابْنَةُ عُمَيْسٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلَا أُرِيكَ شَيْئًا تَصْنَعُهُ الْحَبَشَةُ لِنِسَائِهِمْ فَجَعَلَتْ نَعْشًا وَغَشَّتْهُ بِثَوْبٍ فَلَمَّا نَظَرَ عُمَرُ قَالَ مَا أَحْسَنَ هَذَا وَأَسْتَرَهُ فَأَمَرَ مُنَادِيًا يُنَادِي أَنِ اخْرُجُوا عَلَى أُمِّكُمْ
قَالَهُ السُّيُوطِيُّ فِي الْأَوَائِلِ
وَأَوَّلُ مَنْ عَمِلَتْ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ تَابُوتِهِ سُتْرَةٌ مِنَ الْحَبَشَةِ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ وَأَوَّلُ مَنْ جُعِلَ لَهَا النَّعْشُ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ لَمَّا تُوُفِّيَتْ عَمِلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ لَهَا كَانَتْ قَدْ رَأَتْهُ بِالْحَبَشَةِ قَالَهُ السُّيُوطِيُّ انْتَهَى
(عِنْدَ عَجِيزَتِهَا) بِفَتْحِ مُهْمَلَةٍ وَكَسْرِ جِيمٍ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْعَجِيزَةُ الْعَجُزُ وَهِيَ لِلْمَرْأَةِ خَاصَّةً وَالْعَجُزُ مُؤَخَّرُ الشَّيْءِ (ثُمَّ جَلَسَ) أَنَسٌ (وَيَقُومُ) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (خَيْلَنَا وَرَاءَ ظُهُورِنَا) كِنَايَةٌ عَنِ الْفِرَارِ (يَحْمِلُ عَلَيْنَا) أَيْ يَصُولُ (فَيَدُقُّنَا) مِنْ بَابِ نَصَرَ يُقَالُ دَقَّهُ دَقًّا أَيْ كَسَرَهُ وَدَقُّوا بَيْنَهُمْ أَيْ أَظْهَرُوا الْعُيُوبَ وَالْعَدَاوَاتِ أَيْ يَكْسِرُنَا بِالسَّيْفِ وَيُظْهِرُ الْعَدَاوَةَ التَّامَّةَ (وَيَحْطِمُنَا) مِنْ بَابِ ضَرَبَ يُقَالُ حَطَمَهُ حَطْمًا أَيْ كَسَرَهُ وَهَذَا عَطْفٌ تَفْسِيرِيٌّ أَيْ يَكْسِرُنَا وَيَقْطَعُنَا ذَلِكَ الرَّجُلُ بِسَيْفِهِ (فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ) أَيِ الْمُشْرِكِينَ (وَجَعَلَ) أَيْ شَرَعَ الْأَمْرَ (يُجَاءُ بِهِمْ) أَيْ بِالْمُشْرِكِينَ (فَيُبَايِعُونَهُ) أَيِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَجِيءَ بِالرَّجُلِ) الَّذِي يَحْطِمُ (فَلَمَّا رَأَى) أَيِ الرَّجُلُ الَّذِي يَحْطِمُ (قَالَ) أَنَسٌ (فَجَعَلَ الرَّجُلُ) أَيِ الصَّحَابِيُّ (يَتَصَدَّى) التَّصَدِّي التَّعَرُّضُ لِلشَّيْءِ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي يَسْتَشْرِفُ الشَّيْءَ نَاظِرًا إِلَيْهِ
قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ (لِيَأْمُرَهُ) أَيْ لِيَأْمُرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ الصَّحَابِيَّ (بِقَتْلِهِ) أَيِ الرَّجُلُ الَّذِي يَحْطِمُ (وَجَعَلَ) الرَّجُلُ الصَّحَابِيُّ (يَهَابُ) مِنَ الْهَيْبَةِ (أَنْ يَقْتُلَهُ) الضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ يَرْجِعُ إِلَى الرَّجُلِ الصَّحَابِيِّ وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ إِلَى الرَّجُلِ الْحَاطِمِ (أَنَّهُ لَا يَصْنَعُ) أَيِ الصَّحَابِيُّ (بَايَعَهُ) أَيْ قَبِلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْعَةَ هَذَا الرَّجُلِ التَّائِبِ (فَقَالَ الرَّجُلُ) الصَّحَابِيُّ (فَقَالَ) أَيِ الصَّحَابِيُّ (أَلَا أَوْمَضْتَ إِلَيَّ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّمَا الْإِيمَاضُ الرَّمْزُ بِالْعَيْنِ وَالْإِيمَاءُ بِهَا وَمِنْهُ وَمِيضُ الْبَرْقِ وَهُوَ لَمَعَانُهُ (لَيْسَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُومِضَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ تَعَالَى أَنْ يُضْمِرَ شَيْئًا وَيُظْهِرُ خِلَافَهُ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا بَعَثَهُ بِإِظْهَارِ الدِّينِ وَإِعْلَانِ الْحَقِّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ سِتْرُهُ وَكِتْمَانُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ خِدَاعٌ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُؤَمِّنَ رَجُلًا فِي الظَّاهِرِ وَيُخْفِرُهُ فِي الْبَاطِنِ
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ بِالْخِيَارِ بَيْنِ قَتْلِ الرِّجَالِ الْبَالِغِينَ مِنَ الْأُسَارَى وَبَيْنَ حَقْنِ دِمَائِهِمْ مَا لَمْ يُسْلِمُوا فَإِذَا أَسْلَمُوا فَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ
وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مَوْقِفِ الْإِمَامِ مِنَ الْجِنَازَةِ فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُومُ مِنَ الْمَرْأَةِ بِحِذَاءِ وَسَطِهَا وَمِنَ الرَّجُلِ بِحِذَاءِ صَدْرِهِ
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ يَقُومُ مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِحِذَاءِ الصَّدْرِ
فَأَمَّا التَّكْبِيرُ فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسٌ وَأَرْبَعٌ وَكَانَ آخِرُ مَا يُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طالب يكبر على أهل بدرست تَكْبِيرَاتٍ وَعَلَى سَائِرِ الصَّحَابَةِ خَمْسًا وَعَلَى سَائِرِ النَّاسِ أَرْبَعًا وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ يَرَى التَّكْبِيرَ عَلَى الْجِنَازَةِ ثَلَاثًا انْتَهَى
(قَالَ أَبُو غَالِبٍ) وَهَذِهِ مَقُولَةُ عَبْدِ الْوَارِثِ (فَسَأَلْتُ) مَنْ أَدْرَكْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ (عَنْ صَنِيعِ أَنَسٍ فِي قِيَامِهِ عَلَى) جِنَازَةِ (الْمَرْأَةِ عِنْدَ عَجِيزَتِهَا) هَلْ لَهُ فَائِدَةٌ مَخْصُوصَةٌ أَيْضًا أَمْ لِمُجَرَّدِ اتِّبَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَحَدَّثُونِي) وَالْمُحَدِّثُونَ لَهُ مَجْهُولُونَ (أَنَّهُ) أَيِ الْقِيَامَ عَلَى جَنَازَتِهَا بِهَذَا الْوَصْفِ (إِنَّمَا كَانَ) ذَلِكَ فِي سَالِفِ الزَّمَانِ (لِأَنَّهُ لَمْ تَكُنِ النُّعُوشُ) جَمْعُ نَعْشٍ أَيِ الْقِبَابُ الْمُتَّخَذَةُ لِلسَّتْرِ عَلَى جَنَائِزِ الْمَرْأَةِ فِي عَهْدِهِمُ الْمَاضِي فِي الْمَدِينَةِ وَإِنْ كَانَ مَعْمُولًا بِهِ عِنْدَهُمْ فِي الْحَبَشَةِ (فَكَانَ الْإِمَامُ يَقُومُ حِيَالَ عَجِيزَتِهَا) بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ قُبَالَتُهُ (يَسْتُرُهَا مِنَ الْقَوْمِ) بِقِيَامِهِ بِهَذَا الْوَصْفِ.
وَأَمَّا الْآنَ فَاتُّخِذَتِ الْقِبَابُ عَلَى سَرِيرِ جِنَازَةِ الْمَرْأَةِ فَلَا يُرَادُ بِهَذَا الصَّنِيعِ التَّسَتُّرُ لَهَا بَلْ يَكُونُ ذَلِكَ خَالِصًا لِاتِّبَاعِ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ زَالَ السَّبَبُ
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِي بَابِ أَيْنَ يَقُومُ مِنَ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ تَحْتَ حَدِيثِ سَمُرَةَ قَالَ صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا فَقَامَ عَلَيْهَا وَسَطَهَا
وَفِيهِ مشروعية الصلاة عَلَى الْمَرْأَةِ فَإِنَّ كَوْنَهَا نُفَسَاءَ وَصْفٌ غَيْرُ معتبر وأما كَوْنُهَا امْرَأَةً فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُعْتَبَرًا فَإِنَّ الْقِيَامَ عَلَيْهَا وَسَطَهَا لِسَتْرِهَا وَذَلِكَ مَطْلُوبٌ فِي حَقِّهَا بِخِلَافِ الرَّجُلِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَكُونَ مُعْتَبَرًا وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ اتِّخَاذِ النَّعْشِ لِلنِّسَاءِ فَأَمَّا بَعْدَ اتِّخَاذِهِ فَقَدْ حَصَلَ السَّتْرُ الْمَطْلُوبُ وَلِهَذَا أَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ التَّرْجَمَةَ مَوْرِدَ السُّؤَالِ وَأَرَادَ عَدَمَ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَأَشَارَ إِلَى تَضْعِيفِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي غَالِبٍ عَنْ أَنَسٍ انْتَهَى
وَنَازَعَهُ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ فَقَالَ حَدِيثُ أَبِي غَالِبٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَسَكَتَ عَنْهُ وَسُكُوتُهُ دَلِيلُ رِضَاهُ بِهِ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

     وَقَالَ  حَسَنٌ فَكَيْفَ يُضَعَّفُ هَذَا وَقَدْ رَضِيَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ انْتَهَى
قُلْتُ وَكَذَا سكت عنه المنذري وبن الْقَيِّمِ وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ عِلَّةً
وَقَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ.
وَأَمَّا الرَّجُلُ فَعِنْدَ رَأْسِهِ لِئَلَّا يَكُونَ نَاظِرًا إِلَى فَرْجِهِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا فِي الْقُبَّةِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ وَوُقُوفُهُ عِنْدَ وَسَطِهَا لِيَسْتُرَهَا عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ ثُمَّ سَاقَ حَدِيثَ أَبِي غَالِبٍ الْمَذْكُورَ ثُمَّ قَالَ وَبِذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ وَأَبُو يُوسُفَ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنْ يَقُومَ مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ حِذَاءَ الصَّدْرِ
وَقَالَ مَالِكٌ يَقُومُ مِنَ الرَّجُلِ عِنْدَ وَسَطِهِ وَمِنَ الْمَرْأَةِ عِنْدَ مَنْكِبِهَا كَذَا فِي الشَّرْحِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الترمذي وبن مَاجَهْ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ