صحيح مسلم

2 - صحيح مسلم: هو الكتاب المشهور الذي ألّفه مسلم بن الحجاج رحمه الله، جمع فيه ما صح عنده عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال النووي: سلك فيه طرقاً بالغة في الاحتياط، والإتقان، والورع، والمعرفة، لا يهتدي إليها إلا أفراد في الأعصار. اهـ. وكان يجمع الأحاديث المتناسبة في مكان واحد، ويذكر طرق الحديث وألفاظه مرتباً على الأبواب، لكنه لا يذكر التراجم إما: خوفاً من زيادة حجم الكتاب، أو لغير ذلك. وقد وضع تراجمه جماعة من شراحه، ومن أحسنها تراجم النووي رحمه الله. وعدد أحاديثه بالمكرر (7275) خمسة وسبعون ومائتان وسبعة آلاف حديث، وبحذف المكرر نحو (4000) أربعة آلاف حديث. وقد اتفق جمهور العلماء أو جميعهم على أنه - من حيث الصحة - في المرتبة الثانية بعد صحيح البخاري، وقيل في المقارنة بينهما: تشاجر قوم في البخاري ومسلم لدي وقالوا: أي ذين تقدم فقلت: لقد فاق البخاري صحة كما فاق في حسن الصناعة مسلم * مسلم: هو أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، ولد في نيسابور سنة 204 هـ أربع ومائتين، وتنقل في الأمصار لطلب الحديث؛ فرحل إلى الحجاز والشام والعراق ومصر، ولما قدم البخاري نيسابور لازمه ونظر في علمه، وحذا حذوه. أثنى عليه كثير من العلماء من أهل الحديث وغيرهم. توفي في نيسابور سنة 261 هـ إحدى وستين ومائتين، عن سبع وخمسين سنة. وقد خلّف علماً كثيراً في مؤلفاته، رحمه الله، وجزاه عن المسلمين خيراً. فائدتان: الفائدة الأولى: لم يستوعب "الصحيحان": صحيح البخاري، ومسلم جميع ما صح عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم، بل في غيرهما أحاديث صحيحة لم يروياها، قال النووي: إنما قصد البخاري ومسلم جمع جمل من الصحيح، كما يقصد المصنف في الفقه جمع جملة من مسائله، لا أنه يحصر جميع مسائله، لكن إذا كان الحديث الذي تركاه، أو تركه أحدهما مع صحة إسناده في الظاهر أصلاً في بابه، ولم يخرجا له نظيراً، ولا ما يقوم مقامه؛ فالظاهر من حالهما أنهما اطلعا فيه على علة إن كانا روياه، ويحتمل أنهما تركاه نسياناً، أو إيثاراً لترك الإطالة، أو رأيا أن غيره مما ذكراه يسد مسده، أو لغير ذلك. اهـ. الفائدة الثانية: اتفق العلماء على أن "صحيحي البخاري ومسلم" أصح الكتب المصنفة في الحديث فيما ذكراه متصلاً، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: لا يتفقان على حديث إلا يكون صحيحاً لا ريب فيه. وقال: جمهور متونهما، يعلم أهل الحديث علماً قطعيًّا أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قالها. اهـ. هذا وقد انتقد بعض الحفاظ على صاحبي "الصحيحين" أحاديث نزلت عن درجة ما الْتزماه، تبلغ مائتين وعشرة أحاديث، اشتركا في اثنين وثلاثين منها، وانفرد البخاري بثمانية وسبعين، وانفرد مسلم بمئة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية : جمهور ما أنكر على البخاري، مما صححه يكون قوله فيه راجحاً على من نازعه، بخلاف مسلم فإنه نوزع في أحاديث خرجها، وكان الصواب مع من نازعه فيها، ومثّل لذلك بحديث: "خلق الله التربة يوم السبت" ، وحديث "صلاة الكسوف بثلاث ركوعات وأربع" . وقد أجيب عما انتقد عليهما بجوابين مجمل ومفصل: 1 - أما المجمل: فقال ابن حجر العسقلاني في مقدمة "فتح الباري" : لا ريب في تقديم البخاري ثم مسلم على أهل عصرهما ومن بعده من أئمة هذا الفن في معرفة الصحيح والمعلل، قال: فبتقدير توجيه كلام من انتقد عليهما يكون قوله معارضاً لتصحيحهما، ولا ريب في تقديمهما في ذلك على غيرهما، فيندفع الاعتراض من حيث الجملة. اهـ. 2 - وأما المفصل: فقد أجاب ابن حجر في المقدمة عمّا في "صحيح البخاري" جواباً مفصلاً عن كل حديث، وألّف الرشيد العطار كتاباً في الجواب عما انتقد على مسلم حديثاً حديثاً، وقال العراقي في "شرح ألفيته" في المصطلح: إنه قد أفرد كتاباً لما ضعف من أحاديث "الصحيحين" مع الجواب عنها، فمن أراد الزيادة في ذلك فليقف عليه، ففيه فوائد ومهمات. اهـ.