صحيح البخاري

1 - صحيح البخاري: هذا الكتاب سماه مؤلفه "الجامع الصحيح" وخرجه من ستمائة ألف حديث، وتعب رحمه الله في تنقيحه، وتهذيبه، والتحري في صحته، حتى كان لا يضع فيه حديثاً إلا اغتسل وصلى ركعتين، يستخير الله في وضعه، ولم يضع فيه مسنداً إلا ما صح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ بالسند المتصل الذي توفر في رجاله العدالة والضبط. وأكمل تأليفه في ستة عشر عامًّا، ثم عرضه على الإمام أحمد ويحيى بن معين وعلي بن المديني وغيرهم، فاستحسنوه، وشهدوا له بالصحة. وقد تلقاه العلماء بالقَبول في كل عصر، قال الحافظ الذهبي: هو أجل كتب الإسلام، وأفضلها بعد كتاب الله تعالى. وعدد أحاديثه بالمكرر (7397) سبعة وتسعون وثلاثمائة وسبعة آلاف، وبحذف المكرر (2602) اثنان وستمائة وألفا حديث، كما حرر ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله. * البخاري: هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه الجعفي - مولاهم - الفارسي الأصل. ولد ببخارى في شوال سنة 194 هـ أربع وتسعين ومئة، ونشأ يتيماً في حجر والدته، وبدأ بالرحلة في طلب الحديث سنة عشر ومائتين، وتنقل في البلاد لطلب الحديث، وأقام في الحجاز ست سنين، ودخل الشام ومصر والجزيرة والبصرة والكوفة وبغداد، وكان رحمه الله غاية في الحفظ، ذكر عنه أنه كان ينظر في الكتاب فيحفظه من نظرة واحدة، وكان زاهداً ورعاً بعيداً عن السلاطين والأمراء، شجاعاً، سخيًّا، أثنى عليه العلماء في عصره وبعده، قال الإمام أحمد: ما أخرجت خراسان مثله، وقال ابن خزيمة: ما تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولا أحفظ من محمد بن إسماعيل البخاري. وكان مجتهداً في الفقه، وله دقة عجيبة في استنباطه من الحديث. كما تشهد بذلك تراجمه في "صحيحه". توفي رحمه الله في خَرْتَنْك ؛ بلدة على فرسخين من سمرقند، ليلة عيد الفطر سنة 256 هـ ست وخمسين ومائتين عن اثنين وستين عاماً إلا ثلاثة عشر يوماً، وقد خلّف علماً كثيراً في مؤلفاته، رحمه الله، وجزاه عن المسلمين خيراً.