فهرس الكتاب

عون المعبود لابى داود - بَابٌ فِي الْهِجْرَةِ هَلِ انْقَطَعَتْ ؟

رقم الحديث 2161 [2161] ( لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ) أَيْ يُجَامِعُ امْرَأَتَهُ أَوْ سُرِّيَّتَهُ وَلَوْ هَذِهِ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّمَنِّي عَلَى حَدِّ فَلَوْ أَنَّ لنا كرة وَالْمَعْنَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَنَّى لَهُمْ ذَلِكَ الْخَيْرَ يَفْعَلُونَهُ لِتَحْصُلَ لَهُمُ السَّعَادَةُ وَحِينَئِذٍ فَيَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ هَلْ يَحْتَاجُ إلى جواب أو لا وبالثاني قال بن الصائغ وبن هِشَامٍ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ شَرْطِيَّةً وَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ لَسَلِمَ مِنَ الشَّيْطَانِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ ( قَالَ بِسْمِ اللَّهِ) أَيْ مُسْتَعِينًا بَاللَّهِ وَبِذِكْرِ اسْمِهِ ( اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا) أَيْ بَعِّدْنَا ( وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا) أَيْ حِينَئِذٍ مِنَ الْوَلَدِ وَهُوَ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِجَنِّبْ وَأَطْلَقَ مَا عَلَى مَنْ يَعْقِلُ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى شَيْءٍ كَقَوْلِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بما وضعت ( ثُمَّ قُدِّرَ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ ثُمَّ إِنْ قُدِّرَ ( أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ) أَيِ الْإِتْيَانِ ( لَمْ يَضُرُّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا) اخْتُلِفَ فِي الضَّرَرِ الْمَنْفِيِّ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ الْحَمْلِ عَلَى الْعُمُومِ فِي أَنْوَاعِ الضَّرَرِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِي الْحَمْلِ عَلَى عُمُومِ الْأَحْوَالِ من صيغة النفي مع التأييد وَذَلِكَ لِمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّ كل بن آدَمَ يَطْعَنُ الشَّيْطَانُ فِي بَطْنِهِ حِينَ يُولَدُ إِلَّا مَرْيَمَ وَابْنَهَا فَإِنَّ هَذَا الطَّعْنَ نَوْعُ ضَرَرٍ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ سَبَبُ صُرَاخِهِ فَقِيلَ الْمَعْنَى لَمْ يُسَلَّطْ عَلَيْهِ مِنْ أَجَلِ بَرَكَةِ التَّسْمِيَةِ بَلْ يَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ الْعِبَادِ الَّذِينَ قِيلَ فِيهِمْ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لك عليهم سلطان
وَقِيلَ الْمُرَادُ لَمْ يَصْرَعْهُ وَقِيلَ لَمْ يَضُرُّهُ في بدنه
وقال بن دَقِيقِ الْعِيدِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَضُرَّهُ فِي دِينِهِ أَيْضًا وَلَكِنْ يُبْعِدُهُ انْتِفَاءُ الْعِصْمَةِ
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ اخْتِصَاصَ مَنْ خُصَّ بَالْعِصْمَةِ بِطَرِيقِ الْوُجُوبِ لَا بِطَرِيقِ الْجَوَازِ فَلَا مَانِعَ أَنْ يُوجَدَ مَنْ لَا يُصْدَرُ مِنْهُ مَعْصِيَةٌ عَمْدًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ وَاجِبًا لَهُ
وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ مَعْنَى لَمْ يَضُرُّهُ أَيْ لَمْ يَفْتِنْهُ عَنْ دِينِهِ إِلَى الْكُفْرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ عِصْمَتَهُ مِنْهُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ



رقم الحديث 2162 [2162] ( مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ امْرَأَتَهُ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَتِ الْأُمَّةُ إِلَّا الْقَلِيلَ لِلْحَدِيثِ هَذَا وَلِأَنَّ الْأَصْلَ تَحْرِيمُ الْمُبَاشَرَةِ إِلَّا لِمَا أَحَلَّهُ اللَّهُ وَلَمْ يُحِلَّ تَعَالَى إِلَّا الْقُبُلَ كَمَا دَلَّ له قوله فأتوا حرثكم أنى شئتم وقوله فأتوهن من حيث أمركم الله فَأَبَاحَ مَوْضِعَ الْحَرْثِ وَالْمَطْلُوبُ مِنَ الْحَرْثِ نَبَاتُ الزَّرْعِ فَكَذَلِكَ النِّسَاءُ الْغَرَضُ مِنْ إِتْيَانِهِنَّ هُوَ طَلَبُ النَّسْلِ لَا قَضَاءُ الشَّهْوَةِ وَهُوَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْقُبُلِ فَيَحْرُمُ مَا عَدَا مَوْضِعَ الْحَرْثِ وَلَا يُقَاسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ لِعَدَمِ الْمُشَابَهَةِ فِي كَوْنِهِ مَحَلًّا لِلزَّرْعِ
وَأَمَّاQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه هَذَا الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي هَذَا الْبَاب وَقَدْ بَقِيَ فِي الْبَاب أَحَادِيث أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ وَنَحْنُ نَذْكُرهَا
الْأَوَّل عَنْ خُزَيْمَةَ بْن ثَابِت أَنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول إِنَّ اللَّه لَا يستحي مِنْ الْحَقّ لَا تَأْتُوا النِّسَاء فِي أَدْبَارهنَّ
الثَّانِي عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ الرَّجُل يَأْتِي اِمْرَأَة فِي دُبُرهَا قَالَ تَلِك اللُّوطِيَّة الصُّغْرَى رَفَعَهُ هَمَّام عَنْ قَتَادَة عَنْ عَمْرو وَوَقَفَهُ سُفْيَان عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَج عَنْ عَمْرو وَتَابَعَهُ مَطَر الْوَرَّاق عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب مَوْقُوفًا
الثالث عن كريب عن بن عَبَّاس عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَنْظُر اللَّه إِلَى رَجُل أَتَى رَجُلًا أَوْ اِمْرَأَة فِي دُبُرهَا
هَذَا حَدِيث اُخْتُلِفَ فِيهِ فَرَوَاهُ الضَّحَّاك بْن عُثْمَان عَنْ مخرمة بن سليمان عن كريب عن بن عَبَّاس وَرَوَاهُ وَكِيع عَنْ الضَّحَّاك مَوْقُوفًا وَرَوَاهُ أَبُو خَالِد عَنْهُ مَرْفُوعًا وَصَحَّحَ الْبُسْتِيّ رَفْعه وأبو خالد هو الأحمر
الرابع عن بن الْهَاد عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَأْتُوا النِّسَاء فِي أَدْبَارهنَّ مَحَلُّ الِاسْتِمْتَاعِ فِيمَا عَدَا الْفَرْجَ فَمَأْخُوذٌ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ وَهُوَ جَوَازُ مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ فِيمَا عَدَا الْفَرْجَ
وَذَهَبَتِ الْإِمَامِيَّةُ إِلَى جَوَازِ إِتْيَانِ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ بَلْ وَالْمَمْلُوكِ فِي الدُّبُرِ
وَرُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَمْ يَصِحَّ فِي تَحْلِيلِهِ وَلَا تَحْرِيمِهِ شَيْءٌ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ حَلَالٌ وَلَكِنْ قَالَ الرَّبِيعُ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ فِي سِتَّةِ كُتُبٍ وَيُقَالُ إِنَّهُ كَانَ يَقُولُ بِحِلِّهِ فِي الْقَدِيمِ
وَفِي الْهَدْيِ النَّبَوِيِّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَا أُرَخِّصُ فِيهِ بَلْ أَنْهَى عَنْهُ.

     وَقَالَ  إِنَّ مَنْ نَقَلَ عَنِ الْأَئِمَّةِ إِبَاحَتَهُ فَقَدْ غَلِطَ عَلَيْهِمْ أَفْحَشَ الْغَلَطِ وَأَقْبَحَهُ وَإِنَّمَا الَّذِي أَبَاحُوهُ أَنْ يَكُونَ الدُّبُرُ طَرِيقًا إِلَى الْوَطْءِ فِي الْفَرْجِ فَيَطَأُ مِنَ الدُّبُرِ لَا فِي الدُّبُرِ فَاشْتَبَهَ عَلَى السَّامِعِ انتهى
كذا فيQالْخَامِس حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة وَقَدْ تَقَدَّمَ
وَلَهُ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْظُر اللَّه إِلَى رَجُل أَتَى اِمْرَأَة فِي دُبُرهَا

السَّادِس عَنْ عَلِيّ بْن طَلْق قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيّ فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه إِنَّا نَكُون فِي الْبَادِيَة فَيَكُون مِنْ أَحَدنَا الرُّوَيْحَة فقال إن الله لا يستحي مِنْ الْحَقّ لَا تَأْتُوا النِّسَاء فِي أَعْجَازهنَّ
السابع عن بن عَبَّاس قَالَ جَاءَ عُمَر بْن الْخَطَّاب إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه هَلَكْت قَالَ وَمَا الَّذِي أَهْلَكَك قَالَ حَوَّلْت رَحْلِي اللَّيْلَة فَلَمْ يَرُدّ عَلَيْهِ شَيْئًا
فَأَوْحَى اللَّه إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَة ( نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) يَقُول أَقْبِلْ وَأَدْبِرْ وَاتَّقِ الدُّبُر وَالْحَيْضَة
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه الْحَاكِم وَتَفْسِير الصَّحَابِيّ فِي حُكْم الْمَرْفُوع
الثَّامِن عَنْ أَبِي تَمِيمَة الْهُجَيْمِيّ عَنْ أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَتَى حَائِضًا
أَوْ اِمْرَأَة فِي دُبُرهَا أَوْ كَاهِنًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ عَلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ثم ذكر أبو داود تفسير بن عَبَّاس لِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى ( فَأْتُوا حَرْثكُمْ)
ثُمَّ قَالَ الشَّيْخ شَمْس الدِّين وَهَذَا الَّذِي فَسَّرَ به بن عباس فسر به بن عُمَر
وَإِنَّمَا وَهِمُوا عَلَيْهِ لَمْ يَهِم هُوَ
فَرَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي النَّصْر أَنَّهُ قَالَ لِنَافِعٍ قَدْ أَكْثَر عَلَيْك الْقَوْل أَنَّك تَقُول عن بن عُمَر إِنَّهُ أَفْتَى بِأَنْ يُؤْتَى النِّسَاء فِي أَدْبَارهنَّ
قَالَ نَافِع لَقَدْ كَذَبُوا عَلَيَّ وَلَكِنْ سأخبرك كيف كان الأمر إن بن عُمَر عَرَضَ الْمُصْحَف يَوْمًا وَأَنَا عِنْده حَتَّى بَلَغَ ( نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) قَالَ يَا نَافِع هَلْ تَعْلَم مَا أَمْر هَذِهِ الْآيَة إِنَّا كُنَّا مَعْشَر قُرَيْش نَجْبِي النِّسَاء فَلَمَّا دَخَلْنَا الْمَدِينَة وَنَكَحْنَا نِسَاء الْأَنْصَار أَرَدْنَا مِنْهُنَّ مِثْل مَا كُنَّا نُرِيد مِنْ نِسَائِنَا فَإِذَا هُنَّ قَدْ كَرِهْنَ ذَلِكَ وَأَعْظَمْنَهُ وَكَانَتْ نِسَاء الْأَنْصَار إِنَّمَا يُؤْتَيْنَ عَلَى جنوبهن فأنزل الله عزوجل ( نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ)
فهذا هو الثابت عن بن عُمَر وَلَمْ يُفْهَم عَنْهُ مَنْ نَقَلَ عَنْهُ غَيْر ذَلِكَ
وَيَدُلّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا رَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم قَالَ قُلْت لِمَالِك إِنَّ عِنْدنَا السَّامِعِ انْتَهَى
كَذَا فِيQبمصر الليث بن سعد يحدث عن الحرث بْن يَعْقُوب عَنْ سَعِيد بْن يَسَار قَالَ قُلْت لِابْنِ عُمَر
إِنَّا نَشْتَرِي الْجَوَارِي فَنُحَمِّض لَهُنَّ قَالَ وَمَا التَّحْمِيض قَالَ نَأْتِيهِنَّ فِي أدبارهن قال أف أو يعمل هَذَا مُسْلِم فَقَالَ لِي مَالِك فَأَشْهَد عَلَى رَبِيعَة أَنَّهُ يُحَدِّثنِي عَنْ سَعِيد بْن يَسَار أنه سأل بن عُمَر عَنْهُ فَقَالَ لَا بَأْس بِهِ فَقَدْ صح عن بن عُمَر أَنَّهُ فَسَّرَ الْآيَة بِالْإِتْيَانِ فِي الْفَرْج مِنْ نَاحِيَة الدُّبُر وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ نَافِع وَأَخْطَأَ مَنْ أَخْطَأَ عَلَى نَافِع فَتُوُهِّمَ أَنَّ الدُّبُر مَحَلّ لِلْوَطْءِ لَا طَرِيق إِلَى وَطْء الْفَرْج فَكَذَّبَهُمْ نَافِع وَكَذَلِكَ مَسْأَلَة الْجَوَارِي إن كان قد حفظ عن بن عُمَر أَنَّهُ رَخَّصَ فِي الْإِحْمَاض لَهُنَّ فَإِنَّمَا مُرَاده إِتْيَانهنَّ مِنْ طَرِيق الدُّبُر فَإِنَّهُ قَدْ صَرَّحَ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى بِالْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ وطئهن في الدبر وقال أو يفعل هَذَا مُسْلِم فَهَذَا يُبَيِّن تَصَادُق الرِّوَايَات وَتَوَافُقهَا عَنْهُ
فَإِنْ قِيلَ فَمَا تَصْنَعُونَ بِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيث سُلَيْمَان بْن بِلَال عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر أَنَّ رَجُلًا أَتَى اِمْرَأَته فِي دُبُرهَا فِي عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ مِنْ ذَلِكَ وَجْدًا شَدِيدًا فَأَنْزَلَ الله عزوجل { نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} قِيلَ هَذَا غَلَط بِلَا شَكٍّ غَلِطَ فِيهِ سليمان بن بلال أو بن أَبِي أُوَيْس رَاوِيه عَنْهُ وَانْقَلَبَتْ عَلَيْهِ لَفْظَة مِنْ بِلَفْظَةِ فِي وَإِنَّمَا هُوَ أَتَى اِمْرَأَة مِنْ دُبْرهَا وَلَعَلَّ هَذِهِ هِيَ قِصَّة عُمْر بْن الْخُطَّاب بِعَيْنِهَا لَمَا حَوْل رَحْله وَوَجَدَ مِنْ ذُلّك وَجَدَا شَدِيدًا فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلَكَتْ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَوْ يَكُون بَعْض الرُّوَاة ظَنَّ أَنَّ ذُلّك هُوَ الْوَطْء فِي الدُّبْر فَرَوَاهُ بِالْمَعْنَى الَّذِي ظَنَّهُ مَعَ أَنَّ هُشَام بْن سَعْد قَدْ خَالَفَ سَلِيمَانِ فِي هَذَا فَرَوَاهُ عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ عَنْ عَطَاء بْن يَسَار مُرْسَلًا
وَاَلَّذِي يُبَيِّن هَذَا وَيَزِيدهُ وُضُوحًا أَنَّ هَذَا الْغَلَط قَدْ عَرَضَ مِثْله لِبَعْضِ الصَّحَابَة حِين أَفْتَاهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَوَازِ الْوَطْء فِي قُبُلهَا مِنْ دُبُرهَا حَتَّى يُبَيِّن لَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ بَيَانًا شَافِيًا قَالَ الشَّافِعِيّ أَخْبَرَنِي عَمِّي قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن السَّائِب عَنْ عَمْرو بْن أُحَيْحَة بْن الْجُلَاح أَوْ عَنْ عَمْرو بْن فُلَان بْن أُحَيْحَة قَالَ الشَّافِعِيّ أَنَا شَكَكْت عَنْ خُزَيْمَةَ بْن ثَابِت أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إِتْيَان النِّسَاء فِي أَدْبَارهنَّ أَوْ إِتْيَان الرَّجُل اِمْرَأَته فِي دُبُرهَا فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَال فَلَمَّا وَلَّى الرِّجَال دَعَاهُ أَوْ أَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ فَقَالَ كَيْف قُلْت فِي أَيّ الْخَرِبَتَيْنِ أَوْ فِي أَيّ الْخَرَزَتَيْنِ أَوْ فِي أَيّ الْخُصْفَتَيْنِ أَمِنْ دُبُرهَا فِي قُبُلهَا فَنَعَمْ أَمْ مِنْ دُبُرهَا فِي دبرها فلا إن الله لا يستحي مِنْ الْحَقّ لَا تَأْتُوا النِّسَاء فِي أَدْبَارهنَّ
قَالَ الشَّافِعِيّ عَمِّي ثِقَة وَعَبْد اللَّه بْن عَلِيّ ثِقَة وَقَدْ أَخْبَرَنِي مُحَمَّد وَهُوَ عَمّه مُحَمَّد بْن عَلِيّ عَنْ الْأَنْصَارِيّ الْمُحَدِّث بِهِ أَنَّهُ أَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا وَخُزَيْمَة مَنْ لَا يَشُكّ عَالِم فِي ثِقَته وَالْأَنْصَارِيّ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ هُوَ عَمْرو بْن أُحَيْحَة
فَوَقَعَ الِاشْتِبَاه فِي كَوْن الدُّبُر طَرِيقًا إِلَى مَوْضِع الْوَطْء أَوْ هُوَ مَأْتَى
وَاشْتَبَهَ عَلَى مَنْ اِشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَعْنَى مِنْ بِمَعْنَى فِي فَوَقَعَ الْوَهْم السبل
قال المنذري وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ



رقم الحديث 2163 [2163] ( إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ فِي فَرْجِهَا منQفَإِنْ قِيلَ فَمَا تَقُولُونَ فِيمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحَاكِم حَدَّثَنَا الْأَصَمّ قَالَ سَمِعْت مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم يَقُول سَمِعْت الشَّافِعِيّ يَقُول لَيْسَ فِيهِ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّحْرِيم وَالتَّحْلِيل حَدِيث ثَابِت وَالْقِيَاس أَنَّهُ حَلَال وَقَدْ غلط سفيان في حديث بن الْهَاد يُرِيد حَدِيثه عَنْ عِمَارَة بْن خُزَيْمَةَ عن أبيه يرفعه إن الله لا يستحي مِنْ الْحَقّ لَا تَأْتُوا النِّسَاء فِي أَدْبَارهنَّ ويريد بغلطه أن بن الْهَاد قَالَ فِيهِ مَرَّة عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن حُصَيْنٍ عَنْ هَرَمِيّ بْن عَبْد اللَّه الْوَاقِفِيِّ عَنْ خُزَيْمَةَ ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ عُبَيْد اللَّه
فَقِيلَ عَنْهُ عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن عَمْرو بْن قَيْس الْخَطْمِيّ عَنْ هَرَمِيّ عَنْ خُزَيْمَةَ وَقِيلَ عَنْ عَبْد اللَّه بْن هَرَمِيّ فَمَدَاره عَلَى هَرَمِيّ بْن عَبْد اللَّه عَنْ خُزَيْمَةَ وَلَيْسَ لِعِمَارَةِ بْن خُزَيْمَةَ فِيهِ أَصْل إِلَّا مِنْ حَدِيث بن عيينة
وأهل العلم بالحديث يرونه خَطَأ
هَذَا كَلَام الْبَيْهَقِيِّ
قِيلَ هَذِهِ الْحِكَايَة مُخْتَصَرَة مِنْ مُنَاظَرَة حَكَاهَا الشَّافِعِيّ جَرَتْ بَيْنه وَبَيْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن يَكُون مِنْهُ تَحْرِيم إِتْيَان غَيْره فَالْإِتْيَان فِي الدُّبُر حَتَّى يَبْلُغ مِنْهُ مَبْلَغ الْإِتْيَان فِي الْقُبُل مُحَرَّم بِدَلَالَةِ الْكِتَاب ثُمَّ السُّنَّة فَذَكَرَ حَدِيث عَمّه ثُمَّ قَالَ وَلَسْت أُرَخِّص بِهِ أُنْهِي عَنْهُ
فَلَعَلَّ الشَّافِعِيّ رَحِمَهُ اللَّه تَوَقَّفَ فِيهِ أَوَّلًا ثُمَّ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ التَّحْرِيم وَثُبُوت الْحَدِيث فِيهِ رَجَعَ إِلَيْهِ وَهُوَ أَوْلَى بِجَلَالَتِهِ وَمَنْصِبه وَإِمَامَته مِنْ أَنْ يُنَاظِر عَلَى مَسْأَلَة يَعْتَقِد بُطْلَانهَا يَذُبّ بِهَا عَنْ أَهْل الْمَدِينَة جَدَلًا ثُمَّ يَقُول وَالْقِيَاس حِلّه وَيَقُول لَيْسَ فِيهِ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّحْرِيم وَالتَّحْلِيل حَدِيث ثَابِت عَلَى طَرِيق الْجَدَل بل إن كان بن عَبْد الْحَكَم حَفِظَ ذَلِكَ عَنْ الشَّافِعِيّ فَهُوَ مِمَّا قَدْ رَجَعَ عَنْهُ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ صَرِيح التَّحْرِيم
وَاَللَّه أَعْلَم
وَفِي سِيَاقهَا دَلَالَة عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ الذَّبّ عَنْ أَهْل الْمَدِينَة عَلَى طَرِيق الْجَدَل فَأَمَّا هُوَ فَقَدْ نَصَّ فِي كِتَاب عِشْرَة النِّسَاء عَلَى تَحْرِيمه
هَذَا جَوَاب الْبَيْهَقِيِّ
وَالشَّافِعِيّ رَحِمَهُ اللَّه قَدْ صَرَّحَ فِي كُتُبه الْمِصْرِيَّة بِالتَّحْرِيمِ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ خُزَيْمَةَ وَوَثَّقَ رُوَاته كَمَا ذَكَرْنَا
وَقَالَ فِي الْجَدِيد قَالَ اللَّه تَعَالَى { نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} وَبَيَّنَ أَنَّ مَوْضِع الْحَرْث هُوَ مَوْضِع الْوَلَد وَأَنَّ اللَّه تَعَالَى أَبَاحَ الْإِتْيَان فِيهِ إِلَّا فِي وَقْت الْحَيْض وَأَنَّى شِئْتُمْ بِمَعْنَى مِنْ أَيْنَ شِئْتُمْ قَالَ وَإِبَاحَة الْإِتْيَان فِي مَوْضِع الْحَرْث يُشْبِه أَنْ

( 1) ( يَكُون غَرْسًا لِلزَّرْعِ)

قَالَ الْحَافِظ شَمْس الدِّين بن الْقَيِّم رَحِمَهُ اللَّه وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيث عَائِشَة كُنْت أَغْتَسِل أَنَا وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاء وَاحِد كِلَانَا جُنُب وَكَانَ يَأْمُرنِي فَأَتَّزِر فَيُبَاشِرنِي وَأَنَا حَائِض
قَالَ الشَّافِعِيّ قَالَ بَعْض أَهْل الْعِلْم بِالْقُرْآنِ فِي قَوْله تَعَالَى { فَاعْتَزِلُوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض} يَعْنِي فِي مَوْضِع الْحَيْض وَرَائِهَا)
أَيْ مِنْ جِهَةِ خَلْفِهَا ( كَانَ وَلَدُهُ) أَيِ الْحَاصِلُ بِذَلِكَ الْجِمَاعِ ( أَحْوَلَ) فِي الْقَامُوسِ الْحَوَلُ مُحَرَّكَةٌ ظُهُورُ الْبَيَاضِ فِي مُؤَخَّرِ الْعَيْنِ وَيَكُونُ السَّوَادُ فِي قِبَلِ الْمَأْقِ أَوْ إِقْبَالِ الْحَدَقَةِ عَلَى الْأَنْفِ أَوْ ذَهَابِ حَدَقَتِهَا قِبَلَ مُؤَخَّرَهَا وَأَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ كَأَنَّمَا تَنْظُرُ إِلَى الْحَجَاجِ ( حَجَاجٌ بَالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ اسْتِخْوَانٌ) أَوْ أَنْ تَمِيلَ الْحَدَقَةُ إِلَى اللِّحَاظِ ( نِسَاؤُكُمْ) أَيْ مَنْكُوحَاتِكُمْ ومملوكاتكم ( حرث لكم) أَيْ مَوَاضِعُ زِرَاعَةِ أَوْلَادِكُمْ يَعْنِي هُنَّ لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ الْمُعَدَّةِ لِلزِّرَاعَةِ وَمَحَلِّهِ الْقُبُلُ فَإِنَّ الدُّبُرَ مَوْضِعُ الْفَرْثِ لَا مَوْضِعُ الْحَرْثِ ( فَأْتُوا حرثكم أنى شئتم) أَيْ كَيْفَ شِئْتُمْ مِنْ قِيَامٍ أَوْ قُعُودٍ أَوْ اضْطِجَاعٍ أَوْ مِنْ وَرَائِهَا فِي فَرْجِهَا وَالْمَعْنَى عَلَى أَيْ هَيْئَةٍ كَانَتْ فَهِيَ مُبَاحَةٌ لَكُمْ مُفَوَّضَةٌ إِلَيْكُمْ وَلَا يَتَرَتَّبُ مِنْهَا ضَرَرٌ عَلَيْكُمْ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه