هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1744 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى المُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ . وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ : حَدَّثَتْنِي إِحْدَى نِسْوَةِ النَّبِيِّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُ المُحْرِمُ حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الفَرَجِ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَالِمٍ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : قَالَتْ حَفْصَةُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لاَ حَرَجَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ : الغُرَابُ ، وَالحِدَأَةُ ، وَالفَأْرَةُ ، وَالعَقْرَبُ ، وَالكَلْبُ العَقُورُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1744 حدثنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح . وعن عبد الله بن دينار ، عن عبد الله بن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : حدثنا مسدد ، حدثنا أبو عوانة ، عن زيد بن جبير ، قال : سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول : حدثتني إحدى نسوة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم يقتل المحرم حدثنا أصبغ بن الفرج ، قال : أخبرني عبد الله بن وهب ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن سالم ، قال : قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : قالت حفصة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خمس من الدواب لا حرج على من قتلهن : الغراب ، والحدأة ، والفأرة ، والعقرب ، والكلب العقور
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated `Abdullah bin `Umar:

Allah's Messenger (ﷺ) said, It is not sinful of a Muhrim to kill five kinds of animals.

'AbdulLâh ibn 'Umar (): Le Messager d'Allah () dit: II y a cinq animaux que celui qui est en état de sacralisation ne commet aucun péché en les tuant. Et de 'AbdulLâh ibn Dinar, de 'AbdulLâh ibn 'Umar: Le Messager d'Allah () dit... surtout que nous sommes devant une tradition orale.

":"ہم سے عبداللہ بن یوسف نے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ ہم کو امام مالک نے خبر دی ، انہیں نافع نے خبر دی ، اور انہیں حضرت عبداللہ بن عمر رضی اللہ عنہما نے خبر دی کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا پانچ جانور ایسے ہیں جنہیں مارنے میں محرم کے لیے کوئی حرج نہیں ہے ۔

'AbdulLâh ibn 'Umar (): Le Messager d'Allah () dit: II y a cinq animaux que celui qui est en état de sacralisation ne commet aucun péché en les tuant. Et de 'AbdulLâh ibn Dinar, de 'AbdulLâh ibn 'Umar: Le Messager d'Allah () dit... surtout que nous sommes devant une tradition orale.

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    (بابُُ مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الشَّيْء الَّذِي يقتل الْمحرم، يَعْنِي: مَاله قَتله من الدَّوَابّ، وَهُوَ جمع دَابَّة، وَهِي مَا يدب على وَجه الأَرْض.
.

     وَقَالَ  صَاحب (الْمُنْتَهى) : كل ماشٍ على الأَرْض دَابَّة ودبيب، وَالْهَاء للْمُبَالَغَة، وَالدَّابَّة فِي الَّتِي تركب أشهر.
وَفِي (الْمُحكم) : الدَّابَّة تقع على الْمُذكر والمؤنث، وَحَقِيقَته الصّفة.
قلت: الدَّابَّة فِي الأَصْل كَا مَا يدب على وَجه الأَرْض، ثمَّ نَقله الْعرف الْعَام إِلَى ذَات القوائم الْأَرْبَع من الْخَيل وَالْبِغَال وَالْحمير، وَيُسمى هَذَا مَنْقُولًا عرفيا.
فَإِن قلت: فِي أَحَادِيث الْبابُُ الْغُرَاب والحداءة وليسا من الدَّوَابّ، وَلَو قَالَ من الْحَيَوَان لَكَانَ أصوب قلت: أَكثر مَا ذكر فِي أَحَادِيث الْبابُُ الدَّوَابّ فَنظر إِلَى هَذَا الْجَانِب.



[ قــ :1744 ... غــ :1826 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ نافِعٍ عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى المُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُناحٌ.

(الحَدِيث 6281 طرفه فِي: 5133) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ مَا للْمحرمِ قَتله من الدَّوَابّ، وَلَكِن أوردهُ مُخْتَصرا، وأحال بِهِ على طَرِيق سَالم على مَا يَأْتِي عَن قريب، وَأخرجه الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا يُونُس، قَالَ: حَدثنَا ابْن وهب، قَالَ: أَخْبرنِي مَالك عَن نَافِع عَن عبد الله بن عمر أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (خمس من الدَّوَابّ لَيْسَ على الْمحرم فِي قتلهن جنَاح: الْغُرَاب والحدءة وَالْعَقْرَب والفأرة وَالْكَلب الْعَقُور) .
وَأخرجه النَّسَائِيّ عَن قُتَيْبَة بن سعيد، قَالَ: حَدثنَا اللَّيْث عَن نَافِع (عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أذن فِي قتل خمس من الدَّوَابّ للْمحرمِ: الْغُرَاب والحدأة والفأرة وَالْكَلب الْعَقُور وَالْعَقْرَب.

قَوْله: (خمس) ، مَرْفُوع على الِابْتِدَاء، وتخصص بِالصّفةِ.
وَهِي قَوْله: (من الدَّوَابّ) .
قَوْله: (لَيْسَ على الْمحرم فِي قتلهن جنَاح) خَبره، والجناح: الْإِثْم والحرج، وارتفاع: جنَاح، على أَنه اسْم: لَيْسَ، تَأَخّر عَن خَبره.

وعَنْ عَبْدِ الله بنِ دِينَارٍ عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ

وَعَن عبد الله عطف على نَافِع، أَي: قَالَ مَالك عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر، وَأخرجه مُسلم بِتَمَامِهِ: حَدثنَا يحيى بن يحيى وَيحيى بن أَيُّوب وقتيبة وَابْن حجر، قَالَ يحيى: أخبرنَا،.

     وَقَالَ  الْآخرُونَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن عبد الله بن دِينَار أَنه سمع عبد الله بن عمر يَقُول: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (خمس من قتلهن وَهُوَ حرَام فَلَا جنَاح عَلَيْهِ فِيهِنَّ: الْفَأْرَة وَالْعَقْرَب وَالْكَلب الْعَقُور والغراب والحديا) .
وَاللَّفْظ ليحيى.

قَوْله: (قَالَ) ، مقوله مَحْذُوف، تَقْدِيره: خمس من الدَّوَابّ ... إِلَى آخِره.



[ قــ :1744 ... غــ :1827 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا أبُو عُوَانَةَ عنْ زَيْدِ بنِ جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ ابنَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يَقُولُ حدَّثَتْنِي إحْدَى نِسْوَةِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ.

(الحَدِيث 7281 طرفه فِي: 8281) .

هَذَا طَرِيق آخر سَاق مِنْهُ هَذَا الْقدر، وأحال بِهِ على الطَّرِيق الَّذِي بعده.

وَأخرجه عَن مُسَدّد عَن أبي عوَانَة الوضاح ابْن عبد الله الْيَشْكُرِي عَن زيد بن جُبَير، بِضَم الحيم وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره رَاء: ابْن حرمل الْجُشَمِي الْكُوفِي، وَلَيْسَ لَهُ فِي الصَّحِيح رِوَايَة عَن غير ابْن عمر، وَلَا لَهُ فِيهِ إلاَّ هَذَا الحَدِيث، وَحَدِيث آخر تقدم فِي الْمَوَاقِيت، وَقد خَالف نَافِعًا وَعبد الله بن دِينَار فِي إِدْخَال الْوَاسِطَة بَين ابْن عمر وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذَا الحَدِيث، وَوَافَقَ سالما، إِلَّا أَن زيدا أبهم الْوَاسِطَة، وسالما سَمَّاهَا.
وَأخرجه مُسلم: حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس، قَالَ: حَدثنَا زُهَيْر، قَالَ: (حَدثنَا زيد بن جُبَير إِن رجلا سَأَلَ ابْن عمر: مَا يقتل الْمحرم من الدَّوَابّ؟ فَقَالَ: أَخْبَرتنِي إِحْدَى نسْوَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أَمر أَو أَمر: أَن تقتل الْفَأْرَة وَالْعَقْرَب والحدأة وَالْكَلب العقوب والغراب) .
هُوَ من الرِّوَايَة عَن المجاهيل، لِأَنَّهُ بَينه فِي الطَّرِيق الآخر بقوله: حَفْصَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَالْأولَى أَن يُقَال: الْجَهْل فِي الصَّحَابَة لَا يضر، لِأَن كلهم عدُول.



[ قــ :1744 ... غــ :1828 ]
- حدَّثنا أصْبَغُ قَالَ أخبرنِي عَبْدُ الله بنُ وَهْبٍ عنْ يُونُسَ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ سَالِمٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ الله بنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قالَتْ حَفْصَةُ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لاَ حَرَجَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ الْغُرَابُ والحِدأةُ والفأرةُ والعَقْربُ والْكَلْبُ الْعَقُورُ.

(انْظُر الحَدِيث 7281) .
هَذَا طَرِيق آخر فِيهِ تَمام مَا فِي الطّرق الْمُتَقَدّمَة، فَلذَلِك عطفه عَلَيْهَا بِالْوَاو.
وَأخرجه عَن إصبغ بن الْفرج عَن عبد الله بن وهب عَن يُونُس بن يزِيد عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن سَالم بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه عبد الله عَن أُخْته حَفْصَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

وَمن لطائف إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ، وَرِوَايَة الصَّحَابِيّ عَن الصحابية، وَرِوَايَة الْأَخ عَن أُخْته.

قَوْله: (قَالَت حَفْصَة) ، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: عَن حَفْصَة، وَهَذَا وَالَّذِي قبله قد يُوهم أَن عبد الله بن عمر مَا سمع هَذَا الحَدِيث من النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَكِن وَقع فِي بعض طرق نَافِع عَنهُ: سَمِعت النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

أخرجه مُسلم من طَرِيق ابْن جريج وَتَابعه مُحَمَّد بن إِسْحَاق، ثمَّ سَاقه من طَرِيق ابْن إِسْحَاق عَن نَافِع كَذَلِك حَيْثُ قَالَ: وحدثنيه فُضَيْل بن سهل، قَالَ: حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، قَالَ: أخبرنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن نَافِع وَعبيد الله بن عبد الله عَن ابْن عمر، قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (خمس لَا جنَاح فِي قتل مَا قتل مِنْهُنَّ فِي الْحرم) الحَدِيث.
وَظهر من هَذَا أَن ابْن عمر سمع هَذَا الحَدِيث من أُخْته حَفْصَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسَمعه من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيْضا يحدث بِهِ حِين سُئِلَ.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى، قَالَ: أخبرنَا ابْن وهب، أخبرنَا يُونُس عَن ابْن شهَاب، قَالَ: أَخْبرنِي سَالم بن عبد الله أَن عبد الله بن عمر، قَالَ: قَالَت حَفْصَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (خمس من الدَّوَابّ كلهَا فَاسق لَا حرج على من قتلهن: الْعَقْرَب والغراب والحدأة والفأرة وَالْكَلب الْعَقُور) .
وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا عَن عِيسَى بن إِبْرَاهِيم عَن ابْن وهب.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (الْغُرَاب) أَي: إِحْدَى الْخمس من الدَّوَابّ الْغُرَاب، قَالَ أَبُو الْمعَانِي: هُوَ وَاحِد الْغرْبَان وَجمع الْقلَّة: أغربة، وَقيل: سمي غرابا لِأَنَّهُ نأى واغترب لما تفقده نوح، عَلَيْهِ السَّلَام، يستخبر أَمر الطوفان، وَيجمع على: غرب، أَيْضا وعَلى أغرب.
وَفِي (الْحَيَوَان) للجاحظ: الْغُرَاب الأبقع غَرِيب، وَهُوَ غراب الْبَين، وكل غراب فقد يُقَال لَهُ: غراب الْبَين إِذا أَرَادوا بِهِ الشؤم إلاَّ غراب الْبَين نَفسه غراب صَغِير، وَإِنَّمَا قيل لكل غراب: غراب الْبَين، لسقوطه فِي مَوَاضِع مَنَازِلهمْ إِذا باتوا.
وناس يَزْعمُونَ أَن تسافدها على غير تسافد الطير، وَإِنَّهَا تزلق بالمناقير وتلقح من هُنَالك.
وَقيل: إِنَّهُم يتسافدون كبني آدم، أخبر بذلك جمَاعَة شاهدوه.
وَفِي (الموعب) : الْغُرَاب الأبقع هُوَ الَّذِي فِي صَدره بَيَاض.
وَفِي (الْمُحكم) : غراب أبقع يخالط سوَاده بَيَاض، وَهُوَ أخبثهما، وَبِه يضْرب الْمثل لكل خَبِيث،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: هُوَ الَّذِي فِي بَطْنه وظهره بَيَاض.
قَوْله: (والحدأة) بِكَسْر الْحَاء وَبعد الدَّال ألف ممدودة بعْدهَا همزَة مَفْتُوحَة، وَجَمعهَا: جدء، مثل عِنَب، وحدآن، كَذَا فِي (الدستور) .
.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: وَلَا يُقَال: حداة، وَفِي (الْمطَالع) : الحدأة لَا يُقَال فِيهَا إلاَّ بِكَسْر الْحَاء، وَقد جَاءَ الحداء يَعْنِي بِالْفَتْح، وَهُوَ جمع حدأة، وَجَاء الحديا على وزن الثريا.
قَوْله: (والفأرة) وَاحِدَة الفيران وفيرة، ذكره ابْن سَيّده.
وَفِي (الْجَامِع) : أَكثر الْعَرَب على همزها.
قَوْله: (وَالْعَقْرَب) قَالَ ابْن سَيّده: الْعَقْرَب يكون للذّكر وَالْأُنْثَى، وَقد يُقَال للْأُنْثَى عقربة، والعقربان الذّكر مِنْهَا.
وَفِي (الْمُنْتَهى) : الْأُنْثَى عقرباء، مَمْدُود غير مَصْرُوف، وَقيل: العقربان دويبة كَثِيرَة القوائم غير الْعَقْرَب، وعقربة شَاذَّة، وَمَكَان معقرب بِكَسْر الرَّاء ذُو عقارب، وَأَرْض معقربة، وَبَعْضهمْ يَقُول: معقرة، كَأَنَّهُ رد الْعَقْرَب إِلَى ثَلَاثَة أحرف ثمَّ بنى عَلَيْهِ، وَفِي (الْجَامِع) : ذكر العقارب عقربان، وَالدَّابَّة الْكَثِيرَة القوائم عقربان، بتَشْديد الْبَاء.
قَوْله: (وَالْكَلب الْعَقُور) ، قَالَ أَبُو الْمعَانِي: جمع الْكَلْب أكلب وكلاب وكليب، وَهُوَ جمع عَزِيز لَا يكَاد يُوجد إلاَّ الْقَلِيل، نَحْو: عبد وَعبيد، وَجمع الْأَكْلُب أكالب، وَفِي (الْمُحكم) : وَقد قَالُوا فِي جمع الْكلاب كلابات، والكالب كالجامل جمَاعَة الْكلاب، والكلبة أُنْثَى الْكلاب، وَجَمعهَا كلبات وَلَا يكسر، وَسَنذكر معنى الْعَقُور وَمَا المُرَاد مِنْهُ.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: وَهُوَ على وُجُوه:
الأول: أَنه يُسْتَفَاد من الحَدِيث جَوَاز قتل هَذِه الْخَمْسَة من الدَّوَابّ للْمحرمِ، فَإِذا أُبِيح للْمحرمِ فللحلال بِالطَّرِيقِ الأولى، ثمَّ التَّقْيِيد بالخمس، وَإِن كَانَ مَفْهُومه اخْتِصَاص الْمَذْكُورَات بذلك، وَلكنه مَفْهُوم عدد، وَلَيْسَ بِحجَّة عِنْد الْأَكْثَرين، وعَلى تَقْدِير اعْتِبَاره فَيحْتَمل أَن يكون قَالَه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَولا ثمَّ بَين بعد ذَلِك أَن غير الْخمس يشْتَرك مَعهَا فِي الحكم فقد ورد فِي حَدِيث أخرجه مُسلم عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، تَقول: سَمِعت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقُول: (أَربع كُلهنَّ فَاسق يقتلن فِي الْحل وَالْحرم: الحدأة، والغراب والفأرة وَالْكَلب الْعَقُور) .
انْتهى.
وَأسْقط الْعَقْرَب، وَورد عَنْهَا أَيْضا: سِتّ، أخرجه أَبُو عوَانَة فِي (الْمُسْتَخْرج) من طَرِيق المحارمي عَن هِشَام عَن أَبِيه عَنْهَا، فَذكر الْخَمْسَة وَزَاد: الْحَيَّة.
.

     وَقَالَ  عِيَاض: جَاءَ فِي غير كتاب مُسلم ذكر الأفعى فَصَارَت سبعا، وَفِيه نظر، لِأَن الأفعى تدخل فِي مُسَمّى الْحَيَّة، وروى ابْن خُزَيْمَة وَابْن الْمُنْذر زِيَادَة على الْخمس، وَهِي: الذِّئْب والنمر، فَتَصِير بِهَذَا الإعتبار تسعر، وَلَكِن قَالَ ابْن خُزَيْمَة عَن الذهلي: أَن ذكر الذِّئْب والنمر من تَفْسِير الرَّاوِي للكلب الْعَقُور، وَقد جَاءَ حَدِيث أخرجه ابْن مَاجَه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: يقتل الْمحرم الْحَيَّة وَالْعَقْرَب والسبع العادي وَالْكَلب الْعَقُور والفأرة الفويسقة.
فَقيل لَهُ: لم قَالَ لَهَا: الفويسقة؟ قَالَ: لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَيْقَظَ لَهَا، وَقد أخذت الفتيلة لتحرق بهَا الْبَيْت، وَهَذَا لم يذكر فِيهَا الْغُرَاب والحدأة، وَذكر عوضهما الْحَيَّة والسبع العادي، وَأخرجه أَبُو دَاوُد عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَمَّا يقتل الْمحرم؟ قَالَ: الْحَيَّة وَالْعَقْرَب والفويسقة، وَيَرْمِي الْغُرَاب وَلَا يقْتله، وَالْكَلب الْعَقُور والحدأة، والسبع العادي.
.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيّ: فَهَذَا مَا أَبَاحَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للْمحرمِ قَتله فِي إِحْرَامه، وأباح للْحَلَال قَتله فِي الْحرم، وعد ذَلِك خمْسا، فَذَلِك يَنْفِي أَن يكون إِشْكَال شَيْء من ذَلِك كَحكم هَذِه الْخمس إلاَّ مَا اتّفق عَلَيْهِ من ذَلِك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عناه.
قلت: الْحَاصِل مِمَّا قَالَه أَن التَّنْصِيص على الْأَشْيَاء الْمَذْكُورَة بِالْعدَدِ يُنَافِي أَن يكون أَمْثَاله وأنظاره كهذه الْخمس فِي الحكم، ألاَّ ترى أَنه ذكر الحدأة، والغراب وهما من ذَوي المخلب من الطُّيُور وعينهما؟ فَلَا يلْحق بهَا سَائِر ذَوي المخالب من الطُّيُور كالصقر والبازي والشاهين وَالْعِقَاب وَنَحْوهمَا، وَهَذَا بِلَا خلاف، إلاَّ أَن من علل بالأذى يَقُول: أَنْوَاع الْأَذَى كَثِيرَة مُخْتَلفَة، فَكَأَنَّهُ نبه بالعقرب على مَا يشاركها فِي الْأَذَى من السَّبع وَنَحْوه من ذَوَات السمُوم: كالحية والزنبور، وبالفأرة على مَا يشاركها فِي الْأَذَى بالنقب وَالْقَرْض: كَابْن عرس، وبالغراب والحدإة، على مَا يشاركهما فِي الْأَذَى بالاختطاف كالصقر، وبالكلب الْعَقُور على مَا يُشَارِكهُ فِي الْأَذَى بالعدوان والعقر: كالأسد والفهد، وَمن علل بِتَحْرِيم الْأكل قَالَ: إِنَّمَا اقْتصر على الْخمس لِكَثْرَة ملابستها للنَّاس بِحَيْثُ يعم أذاها.
فَإِن قلت: فعلى مَا ذكرت عَن الطَّحَاوِيّ يَنْبَغِي أَن لَا يجوز قتل الْحَيَّة للْمحرمِ؟ قلت: قَوْله: إلاَّ مَا اتّفق عَلَيْهِ من ذَلِك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عناه، أَشَارَ إِلَى جَوَاز قتل الْحَيَّة لِأَنَّهَا من جملَة مَا عناه من ذَلِك، وَكَيف وَقد جَاءَ عَن ابْن مَسْعُود أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمرهم بقتل الْحَيَّة فِي منى، وَجَاء أَن إِحْدَى الْخمس هُوَ الْحَيَّة، فِيمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَقد ذَكرْنَاهُ؟
الْوَجْه الثَّانِي فِي حكم الْغُرَاب: فَقَالَ صَاحب (الْهِدَايَة) : المُرَاد بالغراب آكل الْجِيَف، وَهُوَ الأبقع، رُوِيَ ذَلِك عَن أبي يُوسُف، وَاحْتج فِي ذَلِك بِمَا رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث سعيد بن الْمسيب عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (خمس فواسق يقتلن فِي الْحل وَالْحرم: الْحَيَّة والغراب الأبقع) ، وَقد مر عَن قريب تَفْسِير الإبقع.
.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: هَذَا تَقْيِيد لمُطلق الرِّوَايَات الَّتِي لَيْسَ فِيهَا الأبقع، وَبِذَلِك قَالَت طَائِفَة، فَلَا يجيزون إلاَّ قتل الأبقع خَاصَّة، وَطَائِفَة رَأَوْا جَوَاز قتل الأبقع وَغَيره من الْغرْبَان، وَرَأَوا أَن ذكر الأبقع إِنَّمَا جرى لِأَنَّهُ الْأَغْلَب.
قلت: الرِّوَايَات الْمُطلقَة مَحْمُولَة على هَذِه الرِّوَايَة الْمقيدَة الَّتِي رَوَاهَا مُسلم، وَذَلِكَ لِأَن الْغُرَاب إِنَّمَا أُبِيح قَتله لكَونه يبتدىء بالأذى، وَلَا يبتدىء بالأذى إلاَّ الْغُرَاب الأبقع، وَأما الْغُرَاب غير الأبقع فَلَا يبتدىء بالأذى، فَلَا يُبَاح قَتله: كالعقعقق وغراب الزَّرْع.
وَيُقَال لَهُ: الزاغ، وافتوا بِجَوَاز أكله، فَبَقيَ مَا عداهُ من الْغرْبَان ملتحقا بالأبقع.
وَمِنْهَا: الغداف، على الصَّحِيح فِي مَذْهَب الشَّافِعِي، ذكره فِي (الرَّوْضَة) بِخِلَاف مَا ذكره الرَّافِعِيّ، وسمى ابْن قدامَة الغداف: غراب الْبَين، الْمَعْرُوف عِنْد أهل اللُّغَة أَنه الأبقع قلت: قَالَ أَصْحَابنَا: المُرَاد بالغراب فِي الحَدِيث الغداف والأبقع لِأَنَّهُمَا يأكلان الْجِيَف، وَأما غراب الزَّرْع فَلَا، وَعَلِيهِ يحمل مَا جَاءَ فِي حَدِيث أبي سعيد الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَقد ذَكرْنَاهُ، وَفِيه: (وَيَرْمِي الْغُرَاب وَلَا يقْتله) ، وروى ابْن الْمُنْذر وَغَيره نَحوه عَن عَليّ وَمُجاهد،.

     وَقَالَ  ابْن الْمُنْذر: أَبَاحَ كل من يحفظ عَنهُ الْعلم قتل الْغُرَاب فِي الْإِحْرَام إلاَّ مَا جَاءَ عَن عَطاء، قَالَ فِي محرم كسر قرن غراب، قَالَ: إِن أدماه فَعَلَيهِ الْجَزَاء!.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: لم يُتَابع أحد عَطاء على هَذَا.
انْتهى.
وَعند الْمَالِكِيَّة اخْتِلَاف آخر فِي الْغُرَاب والحدأة: هَل يتَقَيَّد جوازهما بِأَن يبتدئا بالأذى؟ وَهل يخْتَص ذَلِك بكبارهما؟ وَالْمَشْهُور عَنْهُم مَا قَالَه ابْن شاش: لَا فرق وفَاقا لِلْجُمْهُورِ.

وَمن أَنْوَاع الْغرْبَان: العقعق، وَهُوَ قدر الْحَمَامَة على شكل الْغُرَاب، وَقيل: سمي بذلك لِأَنَّهُ يعق فِرَاخه فيتركها بِلَا طعم، وَبِهَذَا يظْهر أَنه نوع من الْغرْبَان، وَالْعرب تتشاءم بِهِ أَيْضا، وَذكر فِي (فَتَاوَى قاضيخان) : من خرج لسفر فَسمع صَوت العقعق فَرجع كفر، وَقيل: حكمه حكم الأبقع.
وَقيل: حكم غراب الزَّرْع،.

     وَقَالَ  أَحْمد: إِن أكل الْجِيَف وإلاَّ فَلَا بَأْس بِهِ.
فَإِن قلت: قَالَ ابْن بطال: هَذَا الحَدِيث أَعنِي حَدِيث عَائِشَة الَّذِي رَوَاهُ مُسلم الَّذِي ذَكرْنَاهُ عَن قريب لَا يعرف إلاَّ من حَدِيث سعيد، وَلم يروه عَنهُ غير قَتَادَة، وَهُوَ مُدَلّس، وثقات أَصْحَاب سعيد من أهل الْمَدِينَة لَا يُوجد عِنْدهم هَذَا الْقَيْد مَعَ مُعَارضَة حَدِيث ابْن عمر وَحَفْصَة، فَلَا حجَّة فِيهِ حِينَئِذٍ.
.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: لَا تثبت هَذِه الزِّيَادَة أَعنِي: قَوْله: (والغراب الأبقع) ،.

     وَقَالَ  ابْن قدامَة: الرِّوَايَات الْمُطلقَة أصح.
قلت: دَعْوَى التَّدْلِيس مَرْدُودَة لِأَن شُعْبَة لَا يروي عَن شُيُوخه المدلسين إلاَّ مَا هُوَ مسموع لَهُم، وَفِي الحَدِيث عَن شُعْبَة، قَالَ: سَمِعت قَتَادَة يحدث عَن سعيد بن الْمسيب، بل صرح النَّسَائِيّ فِي رِوَايَته من طَرِيق النَّضر بن شُمَيْل عَن شُعْبَة بِسَمَاع قَتَادَة، وَنفي ثُبُوت الزِّيَادَة مَرْدُود أَيْضا بِإِخْرَاج مُسلم، وَالزِّيَادَة مَقْبُولَة من الثِّقَة الْحَافِظ، وَهُوَ كَذَلِك هُنَا.

الْوَجْه الثَّالِث: فِي الحدأة: فَإِنَّهُ يجوز قَتلهَا سَوَاء كَانَ للْمحرمِ أَو للْحَلَال، لِأَنَّهَا تبتدىء بالأذى وتختطف اللَّحْم من أَيدي النَّاس، وَرُوِيَ عَن مَالك فِي الحدأة والغراب أَنه لَا يقتلهما إلاَّ أَن يبتدئا بالأذى، وَالْمَشْهُور من مذْهبه خِلَافه، وَعَن أبي مُصعب فِيمَا ذكره ابْن الْعَرَبِيّ قتل الْغُرَاب والحدأة، وَإِن لم يبتدئا بالأذى، ويؤكل لحمهما عِنْد مَالك.
وَرُوِيَ عَنهُ الْمَنْع فِي الْحرم سدا لذريعة الِاصْطِيَاد.
قَالَ أَبُو بكر: وأصل الْمَذْهَب أَن لَا يقتل من الطير إلاَّ مَا آذَى بِخِلَاف غَيره، فَإِنَّهُ يقتل ابْتِدَاء.

الْوَجْه الرَّابِع: فِي الْفَأْرَة: فَإِنَّهُ يجوز قَتلهَا مُطلقًا،.

     وَقَالَ  ابْن الْمُنْذر، لَا خلاف بَين الْعلمَاء فِي جَوَاز قتل الْمحرم الْفَأْرَة إلاَّ النَّخعِيّ، فَإِنَّهُ منع الْمحرم من قَتلهَا، وَهُوَ قَول شَاذ،.

     وَقَالَ  القَاضِي، وَحكى السَّاجِي عَن النَّخعِيّ أَنه لَا يقتل الْمحرم الْفَأْرَة، فَإِن قَتلهَا فداها، وَهَذَا خلاف النَّص وَخلاف جَمِيع أهل الْعلم، وروى الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح عَن حَمَّاد بن زيد، قَالَ: لما ذكرُوا لَهُ هَذَا القَوْل، قَالَ: مَا كَانَ بِالْكُوفَةِ أفحش ردا للآثار من إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ لقلَّة مَا سمع مِنْهَا، وَلَا أحسن اتبَاعا لَهَا من الشّعبِيّ لِكَثْرَة مَا سمع، وَنقل ابْن شاش عَن الْمَالِكِيَّة خلافًا فِي جَوَاز قتل الصَّغِير مِنْهَا الَّذِي لَا يتَمَكَّن من الْأَذَى، والفأرة أَنْوَاع مِنْهَا: الجرذ، بِضَم الْجِيم على وزن: عمر، والخلد، بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة.
وَسُكُون اللَّام، وفأرة الْإِبِل، وفأرة الْمسك، وفأرة الغيط، وَحكمهَا فِي تَحْرِيم الْأكل وَجَوَاز قَتلهَا سَوَاء.

الْوَجْه الْخَامِس: فِي الْعَقْرَب: فَإِنَّهُ يجوز قَتله مُطلقًا حَتَّى فِي الصَّلَاة، لِأَنَّهُ يقْصد اللدغ وَيتبع الْحس، وَذكر أَبُو عمر عَن حَمَّاد ابْن أبي سُلَيْمَان وَالْحكم أَن الْمحرم لَا يقتل الْحَيَّة وَالْعَقْرَب، رَوَاهُ عَنْهُمَا شُعْبَة، قَالَ: وحجتهما أَنَّهُمَا من هوَام الأَرْض،.

     وَقَالَ  القَاضِي: لم يخْتَلف فِي قتل الْحَيَّة وَالْعَقْرَب وَلَا فِي قتل الْحَلَال الوزغ فِي الْحرم،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: لَا خلاف عَن مَالك وَجُمْهُور الْعلمَاء فِي قتل الْحَيَّة وَالْعَقْرَب فِي الْحل وَالْحرم، وَكَذَلِكَ الأفعى.

الْوَجْه السَّادِس: فِي الْكَلْب الْعَقُور: أذكر أَبُو عمر أَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: الْكَلْب الْعَقُور: كل سبع يعقر، وَلم يخص بِهِ الْكَلْب، قَالَ سُفْيَان، وَفَسرهُ لنا زيد بن أسلم، وَكَذَا قَالَ أَبُو عبيد، وَعَن أبي هُرَيْرَة: الْكَلْب الْعَقُور الْأسد، وَعَن مَالك: هُوَ كل مَا عقر النَّاس وَعدا عَلَيْهِم مثل: الْأسد والنمر والفهد، فَأَما مَا كَانَ من السبَاع لَا يعدو مثل: الضبع والثعلب وشبههما، فَلَا يقْتله الْمحرم، وَإِن قَتله فدَاه.
وَزعم النَّوَوِيّ أَن الْعلمَاء اتَّفقُوا على جَوَاز قتل الْكَلْب الْعَقُور للْمحرمِ والحلال فِي الْحل وَالْحرم، وَاخْتلفُوا فِي المُرَاد بِهِ، فَقيل: هُوَ الْكَلْب الْمَعْرُوف، حَكَاهُ القَاضِي عِيَاض عَن أبي حنيفَة وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ، وألحقوا بِهِ الذِّئْب، وَحمل زفر الْكَلْب على الذِّئْب وَحده، وَذهب الشَّافِعِي وَالثَّوْري وَأحمد وَجُمْهُور الْعلمَاء إِلَى أَن المُرَاد كل مفترس غَالِبا.
.

     وَقَالَ  مَالك فِي (الْمُوَطَّأ) : كل مَا عقر النَّاس وَعدا عَلَيْهِم وأخافهم مثل الْأسد والنمر والفهد وَالذِّئْب هُوَ الْعَقُور، وَكَذَا نقل أَبُو عبيد عَن سُفْيَان،.

     وَقَالَ  بَعضهم: هُوَ قَول الْجُمْهُور.
.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة: المُرَاد بالكلب هُنَا الْكَلْب خَاصَّة، وَلَا يلْتَحق بِهِ فِي هَذَا الحكم سوى الذِّئْب، وَاحْتج أَبُو عبيد بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أللهم سلط عَلَيْهِ كَلْبا من كلابك، فَقتله الْأسد) .
وَهُوَ حَدِيث حسن أخرجه الْحَاكِم من طَرِيق أبي نَوْفَل بن أبي عقرب عَن أَبِيه، وَاحْتج بقول الله تَعَالَى: { وَمَا علَّمتم من الْجَوَارِح مكلبين} (الْمَائِدَة: 4) .
فاشتقاقها من اسْم الْكَلْب، فَلهَذَا قيل لكل جارح: عقور.
قلت: فِي (مَرَاسِيل) ذكر الْكَلْب من غير وَصفه بالعقور، فَعلم أَن المُرَاد بِهِ الْحَيَوَان الْخَاص لَا كل عَاقِر،.

     وَقَالَ  السرسقطي فِي (غَرِيبه) : الْكَلْب الْعَقُور اسْم لكل عَاقِر حَتَّى اللص الْقَاتِل، وعَلى هَذَا فيستقيم قِيَاس الشَّافِعِيَّة على الْخمس مَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا، وَلَكِن يُعَكر على هَذَا عدم إِفْرَاده بِالذكر، فَإِن قَالُوا: إِنَّه من بابُُ عطف الْخَاص على الْعَام، وَهُوَ تَأْكِيد للخاص كَقَوْلِه تَعَالَى: { فيهمَا فَاكِهَة ونخل ورمان} (الرَّحْمَن: 86) .
قُلْنَا: قد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات مُؤخر الذّكر ومتوسطا، هَكَذَا فِي الصَّحِيح وَغَيره، وَاخْتلف الْعلمَاء فِي غير الْعَقُور مِمَّا لم يُؤمر باقتنائه، فَصرحَ بِتَحْرِيمِهِ القاضيان حُسَيْن وَالْمَاوَرْدِيّ وَغَيرهمَا، وَوَقع للشَّافِعِيّ فِي (الْأُم) الْجَوَاز، وَاخْتلف كَلَام النَّوَوِيّ، فَقَالَ فِي البيع من (شرح الْمُهَذّب) : لَا خلاف بَين أَصْحَابنَا فِي أَنه مُحْتَرم لَا يجوز قَتله،.

     وَقَالَ  فِي التَّيَمُّم وَالْغَصْب: إِنَّه غير مُحْتَرم،.

     وَقَالَ  فِي الْحَج: يكره قَتله كَرَاهَة تَنْزِيه، وَهَذَا اخْتِلَاف شَدِيد، وعَلى كارهة قَتله اقْتصر الرَّافِعِيّ، وَتَبعهُ فِي (الرَّوْضَة) وَزَاد: إِنَّهَا كَرَاهَة تَنْزِيه، وَذهب الْجُمْهُور إِلَى إِلْحَاق غير الْخمس بهَا فِي هَذَا الحكم إلاَّ أَنهم اخْتلفُوا فِي الْمَعْنى، فَقيل: لكَونهَا مؤذية فَيجوز قتل كل مؤذ، وَقيل: كَونهَا مِمَّا لَا يُؤْكَل، فعلى هَذَا كل مَا يجوز قَتله لَا فديَة على الْحرم فِي قَتله، وَهَذَا قَضِيَّة مَذْهَب الشَّافِعِي.

وَقد قسم هُوَ وَأَصْحَابه الْحَيَوَان بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمحرم ثَلَاثَة أَقسَام: قسم يسْتَحبّ: كالخمس وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِمَّا يُؤْذِي.
وَقسم: يجوز: كَسَائِر مَا لَا يُؤْكَل لَحْمه.
وَهُوَ قِسْمَانِ: مَا يحصل مِنْهُ نفع وضر فَيُبَاح لما فِيهِ من مَنْفَعَة الِاصْطِيَاد، وَلَا يكره لما فِيهِ من الْعدوان.
وَقسم لَيْسَ فِيهِ نفع وَلَا ضرّ، فَيكْرَه قَتله وَلَا يحرم.
وَالْقسم الثَّالِث: مَا أُبِيح أكله أَو نهى عَن قَتله، فَلَا يجوز وَفِيه الْجَزَاء إِذا قَتله الْمحرم.

قلت: أَصْحَابنَا اقتصروا على الْخمس إلاَّ أَنهم ألْحقُوا بهَا: الْحَيَّة لثُبُوت الْخَبَر، وَالذِّئْب لمشاركته للكلب فِي الْكَلْبِيَّة، وألحقوا بذلك مَا ابْتَدَأَ بالعدوان والأذى من غَيرهَا،.

     وَقَالَ  بَعضهم، وَتعقب بِظُهُور الْمَعْنى فِي الْخمس وَهُوَ: الْأَذَى الطبيعي والعدوان الْمركب، وَالْمعْنَى إِذا ظهر فِي الْمَنْصُوص عَلَيْهِ تعدى الحكم إِلَى كل مَا وجد فِيهِ ذَلِك الْمَعْنى.
انْتهى.
قلت: نَص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قتل خمس من الدَّوَابّ فِي الْحرم وَالْإِحْرَام، وَبَين الْخمس مَا هن، فَدلَّ هَذَا أَن حكم غير هَذَا الْخمس غير حكم الْخمس، وَإِلَّا لم يكن للتنصيص على الْخمس فَائِدَة.
.

     وَقَالَ  عِيَاض: ظَاهر قَول الْجُمْهُور أَن المُرَاد أَعْيَان مَا سمى فِي هَذَا الحَدِيث، وَهُوَ ظَاهر قَول مَالك وَأبي حنيفَة، وَلِهَذَا قَالَ مَالك: لَا يقتل الْمحرم الوزغ، وَإِن قَتله فدَاه، وَلَا يقتل خنزيرا وَلَا قردا مِمَّا لَا ينْطَلق عَلَيْهِ اسْم الْكَلْب فِي اللُّغَة إِذْ فِيهِ جعل الْكَلْب صفة لَا إسما، وَهُوَ قَول كَافَّة الْعلمَاء، وَإِنَّمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (خمس) فَلَيْسَ لأحد أَن يجعلهن سِتا وَلَا سبعا، وَأما قتل الذِّئْب فَلَا يحْتَاج فِيهِ أَن نقُول: إِنَّه يقتل لمشاركته للكلب فِي الْكَلْبِيَّة، بل نقُول: يجوز قَتله بِالنَّصِّ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَن نَافِع، قَالَ: سَمِعت ابْن عمر يَقُول: أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقتل الذِّئْب والفأرة.
قَالَ يزِيد بن هَارُون، يَعْنِي: الْمحرم.
.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ: وَقد روينَا ذكر الذِّئْب من حَدِيث ابْن الْمسيب مُرْسلا جيدا، كَأَنَّهُ يُرِيد قَول ابْن أبي شيبَة: حَدثنَا يحيى بن سعيد عَن ابْن عمر عَن حَرْمَلَة عَن سعيد حَدثنَا وَكِيع عَن سُفْيَان عَن ابْن حَرْمَلَة عَن سعيد بِهِ، قَالَ: وَحدثنَا وَكِيع عَن سُفْيَان عَن سَالم عَن سعيد عَن وبرة عَن ابْن عمر: يقتل الْمحرم الذِّئْب، وَعَن قبيصَة: يقتل الذِّئْب فِي الْحرم،.

     وَقَالَ  الْحسن وَعَطَاء: يقتل الْمحرم الذِّئْب والحية، وَأما إِذا عدا على الْمحرم حَيَوَان، أَي حَيَوَان كَانَ، وصال عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يقْتله، لِأَن حكمه حِينَئِذٍ يصير كَحكم الْكَلْب الْعَقُور.