120 حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا |
120 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا محمد بن بشر ، وعبد الله بن نمير ، قالا : حدثنا عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا كفر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما |
It is reported on the authority of Ibn 'Umar that the Apostle (may peace and blessings be upon him) observed:
When a man calls his brother an unbeliever, it returns (at least) to one of them.
شرح الحديث من شرح النووى على مسلم
باب بَيَانِ حَالِ إِيمَانِ مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ يَا كَافِرُ
[ سـ :120 ... بـ :60]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا
قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ ، وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ ) ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ ، وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلَّا كَفَرَ .
وَمَنِ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا ، وَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ .
وَمَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ ، أَوْ قَالَ : عَدُوَّ اللَّهِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، إِلَّا حَارَ عَلَيْهِ ) .
هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا عَدَّهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْمُشْكِلَاتِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ ظَاهِرَهُ غَيْرُ مُرَادٍ ; وَذَلِكَ أَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّهُ لَا يَكْفُرَ الْمُسْلِمُ بِالْمَعَاصِي كَالْقَتْلِ وَالزِّنَا .
وَكَذَا قَوْلُهُ لِأَخِيهِ : يَا كَافِرُ مِنْ غَيْرِ اعْتِقَادِ بُطْلَانِ دِينِ الْإِسْلَامِ .
وَإِذَا عُرِفَ مَا ذَكَرْنَاهُ فَقِيلَ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ أَوْجُهٌ : أَحَدُهَا : أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ لِذَلِكَ ، وَهَذَا يُكَفَّرُ .
فَعَلَى هَذَا مَعْنَى ( بَاءَ بِهَا ) أَيْ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ ، وَكَذَا حَارَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ مَعْنَى رَجَعَتْ عَلَيْهِ أَيْ : رَجَعَ عَلَيْهِ الْكُفْرُ .
فَبَاءَ وَحَارَ وَرَجَعَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : مَعْنَاهُ رَجَعَتْ عَلَيْهِ نَقِيصَتُهُ لِأَخِيهِ وَمَعْصِيَةُ تَكْفِيرِهِ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْخَوَارِجِ الْمُكَفِّرِينَ لِلْمُؤْمِنِينَ .
وَهَذَا الْوَجْهُ نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنِ الْإِمَامِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ; لِأَنَّ الْمَذْهَبَ الصَّحِيحَ الْمُخْتَارَ الَّذِي قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ وَالْمُحَقِّقُونَ : أَنَّ الْخَوَارِجَ لَا يُكَفَّرُونَ كَسَائِرِ أَهْلِ الْبِدَعِ .
وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ : مَعْنَاهُ أَنَّ ذَلِكَ يَئُولُ بِهِ إِلَى الْكُفْرِ ; وَذَلِكَ أَنَّ الْمَعَاصِيَ ، كَمَا قَالُوا ، بَرِيدُ الْكُفْرِ ، وَيُخَافُ عَلَى الْمُكْثِرِ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ عَاقِبَةَ شُؤْمِهَا الْمَصِيرُ إِلَى الْكُفْرِ .
وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْوَجْهَ مَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي عَوَانَةَ الْإِسْفَرَايِنِيِّ فِي كِتَابِهِ ( الْمُخَرَّجُ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ ) : فَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ وَإِلَّا فَقَدْ بَاءَ بِالْكُفْرِ ، وَفِي رِوَايَةٍ إِذَا قَالَ لِأَخِيهِ ( يَا كَافِرُ ) وَجَبَ الْكُفْرُ عَلَى أَحَدِهِمَا .
وَالْوَجْهُ الْخَامِسُ : مَعْنَاهُ فَقَدْ رَجَعَ عَلَيْهِ تَكْفِيرُهُ ; فَلَيْسَ الرَّاجِعُ حَقِيقَةُ الْكُفْرِ بَلِ التَّكْفِيرُ ; لِكَوْنِهِ جَعَلَ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ كَافِرًا ; فَكَأَنَّهُ كَفَّرَ نَفْسَهُ ; إِمَّا لِأَنَّهُ كَفَّرَ مَنْ هُوَ مِثْلَهُ ، وَإِمَّا لِأَنَّهُ كَفَّرَ مَنْ لَا يُكَفِّرُهُ إِلَّا كَافِرٌ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَ دِينِ الْإِسْلَامِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .