120 حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا |
120 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا محمد بن بشر ، وعبد الله بن نمير ، قالا : حدثنا عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا كفر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما |
It is reported on the authority of Ibn 'Umar that the Apostle (may peace and blessings be upon him) observed:
When a man calls his brother an unbeliever, it returns (at least) to one of them.
شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث
[60] .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَيُّمَا رَجُلٍ قال لاخيه كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلَّا كَفَرَ وَمَنِ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا وَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ وَمَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ أَوْ قَالَ عَدُوَّ اللَّهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِلَّا حَارَ عَلَيْهِ) هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا عَدَّهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْمُشْكِلَاتِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ ظَاهِرَهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَذَلِكَ أَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّهُ لَا يَكْفُرَ الْمُسْلِمُ بِالْمَعَاصِي كَالْقَتْلِ وَالزِّنَا وَكَذَا .
قَوْلُهُ لأخيه كَافِرُ مِنْ غَيْرِ اعْتِقَادِ بُطْلَانِ دِينِ الْإِسْلَامِ وَإِذَا عُرِفَ مَا ذَكَرْنَاهُ فَقِيلَ) فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ أَوْجُهٌ أَحَدُهَا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ لِذَلِكَ وَهَذَا يُكَفَّرُ فَعَلَى هَذَا مَعْنَى بَاءَ بِهَا أَيْ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ وَكَذَا حَارَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَعْنَى رَجَعَتْ عَلَيْهِ أَيْ رَجَعَ عَلَيْهِ الْكُفْرُ فَبَاءَ وَحَارَ وَرَجَعَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَالْوَجْهُ الثَّانِي مَعْنَاهُ رَجَعَتْ عَلَيْهِ نَقِيصَتُهُ لِأَخِيهِ وَمَعْصِيَةُ تَكْفِيرِهِ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْخَوَارِجِ الْمُكَفِّرِينَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَهَذَا الْوَجْهُ نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنِ الْإِمَامِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ الصَّحِيحَ الْمُخْتَارَ الَّذِي قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ وَالْمُحَقِّقُونَ أَنَّ الْخَوَارِجَ لَا يُكَفَّرُونَ كَسَائِرِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ مَعْنَاهُ أن ذلك يؤول بِهِ إِلَى الْكُفْرِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَعَاصِيَ كَمَا قَالُوا بَرِيدُ الْكُفْرِ وَيُخَافُ عَلَى الْمُكْثِرِ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ عَاقِبَةَ شُؤْمِهَا الْمَصِيرُ إِلَى الْكُفْرِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْوَجْهَ مَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي عَوَانَةَ الْإِسْفَرَايِنِيِّ فِي كِتَابِهِ الْمُخَرَّجُ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ فَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ وَإِلَّا فَقَدْ بَاءَ بِالْكُفْرِ وَفِي رِوَايَةٍ إِذَا قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ وَجَبَ الْكُفْرُ عَلَى أَحَدِهِمَا وَالْوَجْهُ الْخَامِسُ مَعْنَاهُ فَقَدْ رَجَعَ عَلَيْهِ تَكْفِيرُهُ فَلَيْسَ الرَّاجِعُ حَقِيقَةُ الْكُفْرِ بَلِ التَّكْفِيرُ لِكَوْنِهِ جَعَلَ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ كَافِرًا فَكَأَنَّهُ كَفَّرَ نَفْسَهُ إِمَّا لِأَنَّهُ كَفَّرَ مَنْ هُوَ مِثْلَهُ وَإِمَّا لِأَنَّهُ كَفَّرَ مَنْ لَا يُكَفِّرُهُ إِلَّا كَافِرٌ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَ دِينِ الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَنِ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ كَفَرَ فَقِيلَ فِيهِ تَأْوِيلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ فِي حَقِّ الْمُسْتَحِلِّ وَالثَّانِي أَنَّهُ كُفْرُ النِّعْمَةِ وَالْإِحْسَانِ وَحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّ أَبِيهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْكُفْرُ الَّذِي يُخْرِجُهُ مِنْ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ وَهَذَا كما قال صلى الله عليه وسلم بكفرن ثُمَّ فَسَّرَهُ بِكُفْرَانِهِنَّ الْإِحْسَانَ وَكُفْرَانِ الْعَشِيرِ وَمَعْنَى ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ أَيِ انْتَسَبَ إِلَيْهِ وَاتَّخَذَهُ أَبًا وَقَولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يعلم تقييد لابد مِنْهُ فَإِنَّ الْإِثْمَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي حَقِّ الْعَالِمِ بِالشَّيْءِ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنِ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا فَقَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ لَيْسَ عَلَى هَدْيِنَا وَجَمِيلِ طَرِيقَتِنَا كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ لِابْنِهِ لَسْتَ مِنِّي وَقَولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ قَدْ قَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ الْمُقَدِّمَةِ بَيَانَهُ وَأَنَّ مَعْنَاهُ فَلْيَنْزِلْ مَنْزِلَهُ مِنْهَا أو فليتخذ منزلا بها وأنه دعاء أوخبر بِلَفْظِ الْأَمْرِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ وَمَعْنَاهُ هَذَا جَزَاؤُهُ فَقَدْ يُجَازَى وَقَدْ يُعْفَى عَنْهُ وَقَدْ يُوَفَّقُ لِلتَّوْبَةِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ ذَلِكَ وَفِي هَذَا الحديث تحريم دعوى ماليس لَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ سَوَاءٌ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ أَمْ لَا وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا حَكَمَ لَهُ بِهِ الْحَاكِمُ إِذَا كَانَ لَا يَسْتَحِقُّهُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ أَوْ قَالَ عَدُوَّ اللَّهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِلَّا حَارَفِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ أَوْجُهٌ أَحَدُهَا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ لِذَلِكَ وَهَذَا يُكَفَّرُ فَعَلَى هَذَا مَعْنَى بَاءَ بِهَا أَيْ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ وَكَذَا حَارَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَعْنَى رَجَعَتْ عَلَيْهِ أَيْ رَجَعَ عَلَيْهِ الْكُفْرُ فَبَاءَ وَحَارَ وَرَجَعَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَالْوَجْهُ الثَّانِي مَعْنَاهُ رَجَعَتْ عَلَيْهِ نَقِيصَتُهُ لِأَخِيهِ وَمَعْصِيَةُ تَكْفِيرِهِ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْخَوَارِجِ الْمُكَفِّرِينَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَهَذَا الْوَجْهُ نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنِ الْإِمَامِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ الصَّحِيحَ الْمُخْتَارَ الَّذِي قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ وَالْمُحَقِّقُونَ أَنَّ الْخَوَارِجَ لَا يُكَفَّرُونَ كَسَائِرِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ مَعْنَاهُ أن ذلك يؤول بِهِ إِلَى الْكُفْرِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَعَاصِيَ كَمَا قَالُوا بَرِيدُ الْكُفْرِ وَيُخَافُ عَلَى الْمُكْثِرِ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ عَاقِبَةَ شُؤْمِهَا الْمَصِيرُ إِلَى الْكُفْرِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْوَجْهَ مَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي عَوَانَةَ الْإِسْفَرَايِنِيِّ فِي كِتَابِهِ الْمُخَرَّجُ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ فَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ وَإِلَّا فَقَدْ بَاءَ بِالْكُفْرِ وَفِي رِوَايَةٍ إِذَا قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ وَجَبَ الْكُفْرُ عَلَى أَحَدِهِمَا وَالْوَجْهُ الْخَامِسُ مَعْنَاهُ فَقَدْ رَجَعَ عَلَيْهِ تَكْفِيرُهُ فَلَيْسَ الرَّاجِعُ حَقِيقَةُ الْكُفْرِ بَلِ التَّكْفِيرُ لِكَوْنِهِ جَعَلَ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ كَافِرًا فَكَأَنَّهُ كَفَّرَ نَفْسَهُ إِمَّا لِأَنَّهُ كَفَّرَ مَنْ هُوَ مِثْلَهُ وَإِمَّا لِأَنَّهُ كَفَّرَ مَنْ لَا يُكَفِّرُهُ إِلَّا كَافِرٌ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَ دِينِ الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَنِ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ كَفَرَ فَقِيلَ فِيهِ تَأْوِيلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ فِي حَقِّ الْمُسْتَحِلِّ وَالثَّانِي أَنَّهُ كُفْرُ النِّعْمَةِ وَالْإِحْسَانِ وَحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّ أَبِيهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْكُفْرُ الَّذِي يُخْرِجُهُ مِنْ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ وَهَذَا كما قال صلى الله عليه وسلم بكفرن ثُمَّ فَسَّرَهُ بِكُفْرَانِهِنَّ الْإِحْسَانَ وَكُفْرَانِ الْعَشِيرِ وَمَعْنَى ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ أَيِ انْتَسَبَ إِلَيْهِ وَاتَّخَذَهُ أَبًا وَقَولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يعلم تقييد لابد مِنْهُ فَإِنَّ الْإِثْمَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي حَقِّ الْعَالِمِ بِالشَّيْءِ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنِ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا فَقَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ لَيْسَ عَلَى هَدْيِنَا وَجَمِيلِ طَرِيقَتِنَا كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ لِابْنِهِ لَسْتَ مِنِّي وَقَولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ قَدْ قَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ الْمُقَدِّمَةِ بَيَانَهُ وَأَنَّ مَعْنَاهُ فَلْيَنْزِلْ مَنْزِلَهُ مِنْهَا أو فليتخذ منزلا بها وأنه دعاء أوخبر بِلَفْظِ الْأَمْرِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ وَمَعْنَاهُ هَذَا جَزَاؤُهُ فَقَدْ يُجَازَى وَقَدْ يُعْفَى عَنْهُ وَقَدْ يُوَفَّقُ لِلتَّوْبَةِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ ذَلِكَ وَفِي هَذَا الحديث تحريم دعوى ماليس لَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ سَوَاءٌ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ أَمْ لَا وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا حَكَمَ لَهُ بِهِ الْحَاكِمُ إِذَا كَانَ لَا يَسْتَحِقُّهُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
.
وَأَمَّا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ أَوْ قَالَ عَدُوَّ اللَّهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِلَّا حَارَعَلَيْهِ فَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ قِيلَ إِنَّهُ وَاقِعٌ عَلَى الْمَعْنَى وَتَقْرِيرُهُ مَا يَدْعُوهُ أَحَدٌ إِلَّا حَارَ عَلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ جَارِيًا عَلَى اللَّفْظِ وَضَبَطْنَا عَدُوَّ اللَّهِ عَلَى وَجْهَيْنِ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالنَّصْبُ أَرْجَحُ عَلَى النِّدَاءِ أَيْ يَا عَدُوَّ اللَّهِ وَالرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ أَيْ هُوَ عَدُوُّ اللَّهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى قَالَ لِأَخِيهِ كَافِرٌ فَإِنَّا ضَبَطْنَاهُ كَافِرٌ بِالرَّفْعِ وَالتَّنْوِينِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ والله اعلم وأما أسانيد الباب ففيه بن بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عن أبى ذر فأما بن بُرَيْدَةَ فَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحَصِيبِ الْأَسْلَمِيُّ وَلَيْسَ هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ بُرَيْدَةَ أَخَاهُ وَهُوَ وَأَخُوهُ سُلَيْمَانُ ثِقَتَانِ سَيِّدَانِ تَابِعِيَّانِ جَلِيلَانِ وُلِدَا فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فِي عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
.
وَأَمَّا يَعْمَرَ فَبِفَتْحِ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا وَقَدْ تقدم ذكر بن بُرَيْدَةَ وَيَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ فِي أَوَّلِ إِسْنَادٍ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ.
.
وَأَمَّا أَبُو الْأَسْوَدِ فَهُوَ الدُّؤَلِيُّ وَاسْمُهُ ظَالِمُ بْنُ عَمْرٍو وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ ظَالِمٍ وَقِيلَ عُثْمَانُ بْنُ عَمْرٍو وَقِيلَ عَمْرُو بْنُ سُفْيَانَ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ اسْمُهُ عُوَيْمِرُ بْنُ ظُوَيْلِمٍ وَهُوَ بَصْرِيٌّ قَاضِيهَا وَكَانَ مِنْ عُقَلَاءِ الرِّجَالِ وَهُوَ الَّذِي وَضَعَ النَّحْوَ تَابِعِيٌّ جَلِيلٌ وَقَدِ اجْتَمَعَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ ثَلَاثَةٌ تَابِعِيُّونَ جِلَّةٌ بَعْضُهُمْ عن بعض بن بُرَيْدَةَ وَيَحْيَى وَأَبُو الْأَسْوَدِ.
.
وَأَمَّا أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَالْمَشْهُورُ فِي اسْمِهِ جُنْدُبُ بْنُ جُنَادَةَ وَقِيلَ اسْمُهُ بُرَيْرٌ بِضَمِّ الْبَاءِ الموحدة وبالزاء الْمُكَرَّرَةِ وَاسْمُ أُمِّهِ رَمْلَةُ بِنْتُ الْوَقِيعَةِ كَانَ رَابِعَ أَرْبَعَةٍ فِي الْإِسْلَامِ وَقِيلَ خَامِسَ خَمْسَةٍ ومناقبه مشهورة رضى الله عنه والله أعلم
( باب بيان حال ايمان من رغب عن أبيه وهو يعلم
[60] بَاء بهَا أَي رَجَعَ بِكَلِمَة الْكفْر قَالَ لِأَخِيهِ كَافِر بِالرَّفْع والتنوين خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف رجعت عَلَيْهِ أَي كلمة الْكفْر فَيَعُود كَافِرًا وَهَذَا مَحْمُول على المستحل وَقيل على الْخَوَارِج المكفرين للْمُؤْمِنين بِنَاء على تَكْفِير المبتدعة وَقيل الرَّاجِع التَّكْفِير لَا حَقِيقَة الْكفْر وَقيل الْمَعْنى يؤول بِهِ إِلَى الْكفْر لِأَن الْمعاصِي بريد الْكفْر وَيخَاف على المكثر مِنْهَا أَن يكون عَاقِبَة شؤمها الْمصير إِلَيْهِ وَهَذَا وَالْأول يَأْتِي فِي كثير من الْأَحَادِيث النَّهْي من هَذَا الْقَبِيل
[ سـ
:120 ... بـ
:60]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا
قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ ، وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ ) ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ ، وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلَّا كَفَرَ .
وَمَنِ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا ، وَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ .
وَمَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ ، أَوْ قَالَ : عَدُوَّ اللَّهِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، إِلَّا حَارَ عَلَيْهِ ) .
هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا عَدَّهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْمُشْكِلَاتِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ ظَاهِرَهُ غَيْرُ مُرَادٍ ; وَذَلِكَ أَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّهُ لَا يَكْفُرَ الْمُسْلِمُ بِالْمَعَاصِي كَالْقَتْلِ وَالزِّنَا .
وَكَذَا قَوْلُهُ لِأَخِيهِ : يَا كَافِرُ مِنْ غَيْرِ اعْتِقَادِ بُطْلَانِ دِينِ الْإِسْلَامِ .
وَإِذَا عُرِفَ مَا ذَكَرْنَاهُ فَقِيلَ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ أَوْجُهٌ : أَحَدُهَا : أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ لِذَلِكَ ، وَهَذَا يُكَفَّرُ .
فَعَلَى هَذَا مَعْنَى ( بَاءَ بِهَا ) أَيْ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ ، وَكَذَا حَارَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ مَعْنَى رَجَعَتْ عَلَيْهِ أَيْ : رَجَعَ عَلَيْهِ الْكُفْرُ .
فَبَاءَ وَحَارَ وَرَجَعَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : مَعْنَاهُ رَجَعَتْ عَلَيْهِ نَقِيصَتُهُ لِأَخِيهِ وَمَعْصِيَةُ تَكْفِيرِهِ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْخَوَارِجِ الْمُكَفِّرِينَ لِلْمُؤْمِنِينَ .
وَهَذَا الْوَجْهُ نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنِ الْإِمَامِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ; لِأَنَّ الْمَذْهَبَ الصَّحِيحَ الْمُخْتَارَ الَّذِي قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ وَالْمُحَقِّقُونَ : أَنَّ الْخَوَارِجَ لَا يُكَفَّرُونَ كَسَائِرِ أَهْلِ الْبِدَعِ .
وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ : مَعْنَاهُ أَنَّ ذَلِكَ يَئُولُ بِهِ إِلَى الْكُفْرِ ; وَذَلِكَ أَنَّ الْمَعَاصِيَ ، كَمَا قَالُوا ، بَرِيدُ الْكُفْرِ ، وَيُخَافُ عَلَى الْمُكْثِرِ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ عَاقِبَةَ شُؤْمِهَا الْمَصِيرُ إِلَى الْكُفْرِ .
وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْوَجْهَ مَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي عَوَانَةَ الْإِسْفَرَايِنِيِّ فِي كِتَابِهِ ( الْمُخَرَّجُ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ ) : فَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ وَإِلَّا فَقَدْ بَاءَ بِالْكُفْرِ ، وَفِي رِوَايَةٍ إِذَا قَالَ لِأَخِيهِ ( يَا كَافِرُ ) وَجَبَ الْكُفْرُ عَلَى أَحَدِهِمَا .
وَالْوَجْهُ الْخَامِسُ : مَعْنَاهُ فَقَدْ رَجَعَ عَلَيْهِ تَكْفِيرُهُ ; فَلَيْسَ الرَّاجِعُ حَقِيقَةُ الْكُفْرِ بَلِ التَّكْفِيرُ ; لِكَوْنِهِ جَعَلَ أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ كَافِرًا ; فَكَأَنَّهُ كَفَّرَ نَفْسَهُ ; إِمَّا لِأَنَّهُ كَفَّرَ مَنْ هُوَ مِثْلَهُ ، وَإِمَّا لِأَنَّهُ كَفَّرَ مَنْ لَا يُكَفِّرُهُ إِلَّا كَافِرٌ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَ دِينِ الْإِسْلَامِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .