هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
85 حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ ؟ ( خ ): السائل أبو ذر. اهـ> قَالَ : تُطْعِمُ الطَّعَامَ ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ ، وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
85 حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا ليث ، ح وحدثنا محمد بن رمح بن المهاجر ، أخبرنا الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، عن عبد الله بن عمرو ، أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي الإسلام خير ؟ ( خ ): السائل أبو ذر. اهـ> قال : تطعم الطعام ، وتقرأ السلام على من عرفت ، ومن لم تعرف
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

It is narrated on the authority of 'Abdullah b. 'Amr that a man asked the Messenger of Allah (may peace and blessings be upon him) which of the merits (is superior) in Islam. He (the Holy Prophet) remarked:

That you provide food and extend greetings to one whom you know or do not know.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف .



المعنى العام

من أهم شعب الإيمان، وأبرز خصال الإسلام، إطعام الطعام، وإفشاء السلام، إذ بهما يكون التآلف والإخاء، وبهما تصبح الأمة الإسلامية كالجسد الواحد، تتعاون أعضاؤه على خيرها، وتتسالم وتتكاتف على دفع الضرر عنها، ويشد بعضها بعضا تحقيقا لمتانتها وصلابتها وقوتها.

إن الإسلام دين ودنيا، بل إن دنياه مزرعة لدينه، ودينه لخير دنياه وأخراه، إنه يضع قواعد المجتمع السليم، والمدنية الفاضلة، في خصلتين اثنتين وما أسهلهما، وما أيسر أداءهما، وما أعظم نفعهما، وما أكبر أثرهما.

إنهما التعاون المالي والبدني، إنهما إنفاق الطعام، وإعطاء الأمن والأمان.

فما أحكم الرسول النبي الأمي، الذي أعطي جوامع الكلم، والذي لا ينطق عن الهوى حين يسأله السائل: أي خصال الإسلام خير يا رسول الله؟ لنتسابق إليها، ونحرص عليها فوق حرصنا على غيرها.

لقد كان الجواب الرائع منحصرا في جملتين: تطعم الطعام، وتقرأ السلام.
تطعم طعامك والديك وأولادك وأهلك، فلا تكن شحيحا عليهم مقترا في الإنفاق على طعامهم، تطعم طعامك الأغنياء وذوي الجاه، لتحظى بحقك عندهم، وتؤكد الروابط بين طبقات المجتمع السليم، تطعم طعامك الفقراء والمساكين وابن السبيل، لتفوز بدعائهم، وثواب برهم وصلتهم، تطعم طعامك العدو والصديق لتؤلف بين القلوب، وتدرأ غوائل الإحن والأحقاد ولتزداد المودة والمحبة بينك وبين الخلان، تطعم طعامك الطير والحيوان، لتنمو في صدرك صفة الرحمة، فتسعد برحمة الرحمن.

بذلك تحقق الأمن لنفسك ممن حولك، ويبقى عليك أن تؤمن من معك، فاقرأ السلام وأعط الأمان لكل من تلقاه، وسلم على من تعرف ومن لا تعرف، فتتقارب النفوس المتباعدة، وتتجاوب القلوب المتنافرة، وتتعارف الأرواح المتذاكرة.

بهاتين الخصلتين يتم الأمن والأمان، وتتحقق المحبة والوئام، ويسود الصفاء والسلام وتتجلى بأبرز صورها مظاهر الإسلام.

المباحث العربية

( أن رجلا) قال الحافظ ابن حجر: لم أعرف اسمه، وقيل: إنه أبو ذر.

( أي الإسلام خير؟) أي هنا للاستفهام مبتدأ، فإن قيل: إن شرط أي أن تدخل على متعدد، وهنا دخلت على الإسلام، وهو مفرد، لا تعدد فيه؟ أجيب بأن في الكلام محذوفا، هو مدخول أي في الحقيقة، والأصل أي خصال الإسلام خير؟ بدليل أن الجواب كان في التفاضل بين الخصال.

وخير أفعل تفضيل.
لأن السؤال ليس عن نفس الخيرية، وإنما عن وصف زائد، وهو الأخيرية، غير أن العرب استعملت أفعل التفضيل من هذا الباب على لفظه، فيقال: هذا خير من هذا، على معنى أخير منه، ولهذا لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث.

فإن قيل: إن أفعل التفضيل لا بد أن يستعمل بالإضافة أو من، أو بالألف واللام، فكيف استعمل هنا بدونها؟ أجيب بأنه قد يجرد من ذلك كله عند العلم به، ومنه قوله تعالى: { { يعلم السر وأخفى } } [طه: 7] .

( تطعم الطعام) بضم التاء من أطعم وهو في محل الرفع، على أنه خبر مبتدأ محذوف بتقدير: أن المصدرية، والتقدير: خير خصال الإسلام إطعام الطعام، وهذا نظير قولهم: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، أي سماعك بالمعيدي خير من رؤيته.

والتعبير بالمضارع للحث على تجدده، كقوله تعالى: { { ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا } } [الإنسان: 8] والخطاب في تطعم للسائل، وغيره مقيس عليه من قبيل حكمي على الواحد حكمي على الجماعة أو لكل من يتأتى خطابه فهو من قبيل الخطاب العام، أي تطعم يا من يصح منه الإطعام.

والطعام عند الفقهاء اسم للمطعوم المقتات، أي ما يعد طعاما.

والمفعول الأول لتطعم محذوف للتعميم، والتقدير - تطعم أي كائن الطعام، وقيل - إنه محذوف لدلالة من عرفت ومن لم تعرف عليه، وفي حذف المفعول إشارة أي أن إطعام الطعام غير مختص بأحد سواء كان المطعم مسلما أو كافرا أو حيوانا.

واختار لفظ تطعم ولم يقل تؤكل مثلا، لأن لفظ الإطعام عام يتناول الأكل والشرب والذوق، قال تعالى: { { ومن لم يطعمه فإنه مني } } [البقرة:249] أي ومن لم يذقه.

( وتقرأ السلام) قال السجستاني: يقال: اقرأ عليه السلام، ولا يقال: أقرئه السلام إلا في لغة سوء إلا أن يكون مكتوبا، فتقول: أقرئه السلام أي اجعله يقرؤه، كما تقول: أقرئه الكتاب، أي اجعله يقرؤه.

( على من عرفت ومن لم تعرف) من موصولة، وعائد الصلة، مفعول عرفت محذوف.

فقه الحديث

قال السنوسي: الإطعام المرغب فيه هو ما كان لفائدة شرعية، من طلب ثواب الله جل وعلا ( فلا يبالي حينئذ ما أعطى، ولا لمن أعطى) أو دفع شر عن نفسه وعرضه وماله.

أما ما لا فائدة فيه، أو كانت الفائدة غير شرعية، كقصد المباهاة، وتكثير الانتفاع والثناء الدنيوي، ونحو ذلك، فليس بمقصود من الحديث، بل ربما كان بعضه محرما، كالإطعام لبعض اللئام، من الظلمة والفساق، ممن يستعين بذلك على فساده، ويغريه على أموال الناس، وتبقى لهم سنة سيئة في أموال الناس على الدوام.
اهـ.

فإن قيل: إنما يغرس الإطعام الود في نفس الكريم، أما اللئيم فقد يغريه الإطعام ويطمعه ويزيده لؤما، أجيب بأن الشأن والغالب في الإطعام أن يؤثر في المطعوم خضوعا للطاعم بل ذلة وانكسارا في بعض الأحيان، وقديما قيل.
أطعم الفم تستح العين، وقيل: ما وضع أحد يده في صحفة غيره إلا ذل له.

وعلى ذلك فالإطعام يخفف منازعة اللئيم، ويقلل من أذاه، واللئيم الذي لا يتأثر بالطعام، لن يزيد شره بعد الأكل عنه قبله، وحينئذ فأجر الإطعام عند الله، وقد قيل:

من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ... لا يذهب العرف بين الله والناس

وأما إقراء السلام، فهو مما يزرع الود والمحبة في القلوب، وقد يكون في قلب المحبين أسى أو صد، أو إعراض فيزول بالتحية، وقد يكون في قلب العدو سوء ظن ومجافاة فينقلب بالتحية صديقا.

وظاهر الحديث من عرفت ومن لم تعرف يفيد العموم في كل الناس مؤمنهم وكافرهم، مستأمنهم وحربيهم، لأنه يدل على أن السلام لله تعالى لا لتوفية حق المعرفة.

وبهذا العموم أخذ بعضهم، وطلب السلام على الكافر ولو حربيا عند الاحتياج إلى ذلك لوعظ أو نحوه، لأنه أرجى لقبولهم الإسلام، وقد أمر الله تعالى موسى وهارون عليهما السلام أن يتلطفا مع فرعون حيث قال: { { فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى } } [طه: 44] .

وذهب جماعة إلى أن هذا العموم مخصوص بالمسلمين، فلا يسلم ابتداء على كافر لقوله صلى الله عليه وسلم: لاتبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروه إلى أضيقه رواه البخاري.

وذهب بعضهم إلى أن العموم صدر أولا لمصلحة التأليف، ثم جاء النهي عن التسليم على الكافرين متأخرا، فنسخ عمومه.

ومعنى السلام عليكم إما الدعاء بالسلام على المسلم عليه، أي سلمك الله من الآفات دنيا وأخرى، وإما الخبر، أي سلمت مني، فإني مسالم لك لا محارب.

والسلام علم على الأمان، لأن العادة بين المتحاربين أن لا يسلم بعضهم على بعض، وكانت عادة الجاهلية إن سلموا لم يحاربوا.

وعلى هذا لا ينبغي للمسلم أن يغتاب من سلم عليه، ولا أن يتعرض لإيذائه، لأن مثل هذا الفعل مناقض لما أعطاه وأخبر به من الأمان.

وقيل المراد من السلام اسم الله تعالى، فيكون المعنى: الله حفيظ عليكم أو رقيب عليكم.

وقد وردت أحاديث بأن الجهاد أفضل الأعمال، ولا عمل يعدل الجهاد، وبأن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، وبأن أحب الأعمال إلى الله الصلاة على وقتها، ثم بر الوالدين، ثم الجهاد في سبيل الله.
وهذه تعارض حديث الباب الذي ينص على أن خير خصال الإسلام إطعام الطعام وإفشاء السلام، وقد أجيب عن هذا التعارض بالحمل على اختلاف حال السائلين أو السامعين، أو المقام، فحين الحث على الجهاد والترغيب فيه، أفاد أنه أفضل الأعمال، ولا عمل يعدله، وحين يخشى من السائل الإيذاء بيد أو لسان أرشده إلى أن كف الأذى خير الأعمال، وحين رأى من السائل أو السامعين تهاونا في شأن الصلاة أفاد بأنها أحب الأعمال، وحين أحس في السائل كبرا أو إمساكا أو انقباضا عن الناس أجابه بأن خير خصال الإسلام إطعام الطعام وإفشاء السلام، وهكذا.

فاختلاف جوابه صلى الله عليه وسلم مع اتحاد السؤال أو تشابهه إنما كان مراعاة لحال السائل أو السامع، وما رآه صلى الله عليه وسلم أنفع له وأخص به، فكأن الخيرية أمر نسبي، فقد يكون الأمر خيرا لفلان في وقت، وغيره خيرا منه في وقت آخر عند الشخص نفسه، ومرجع هذا الجواب إلى تقييد كل حديث بالحاضرين.
فكأنه قال هنا: خير خصال الإسلام لكم في هذا الوقت إطعام الطعام وإفشاء السلام.

وهذا الجواب نفسه يصلح جوابا عن قول القائل: لم خص هاتين الخصلتين بالذكر من بين سائر خصال الإسلام وشعبه؟ .

فتقدير الظروف، ومراعاة مقتضى الحال هو الذي أدى إلى تخصيصهما بالذكر في هذا الوقت لمسيس الحاجة إليهما، فقد يكون وقت ذكرهما وقت جهد ومشقة وحاجة إلى تأليف القلوب، وتوثيق الصلات والمودة بين الناس.

ويؤكد هذا المعنى أنه صلى الله عليه وسلم حث عليهما أول ما دخل المدينة، فقد روى الترمذي من حديث عبد الله بن سلام قال: أول ما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه، فكنت ممن جاءه، فلما تأملت وجهه، واشتبهته، عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب قال: وكان أول ما سمعت من كلامه أن قال: أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام .

وأجيب عن هذا السؤال أيضا بأن مكارم الأخلاق نوعان: مالية فأشار إليها بإطعام الطعام، وبدنية فأشار إليها بتقرأ السلام.

ويؤخذ من الحديث

1 - الحث على إطعام الطعام الذي هو علامة الجود والسخاء ومكارم الأخلاق، وفيه نفع للمحتاجين، وتوطيد المحبة بين الناس.

2 - الحث على إفشاء السلام الذي يدل على خفض الجناح والتواضع، ويحقق التعارف والتآلف بين المسلمين.

3 - الحث على تعميم السلام وأن لا يخص به أحدا دون أحد - كما يفعل الجبابرة- لأن المسلمين كلهم إخوة، وهم متساوون في رعاية الأخوة، وقد جعل صلى الله عليه وسلم السلام على المعارف علامة من علامات فساد الزمان حيث قال: إن السلام في آخر الزمان للمعرفة يكون .

4 - الحث على كل ما يؤلف القلوب، ويجمع الكلمة، ويغرس المودة، ويزيد المحبة.

5 - العمل على نفع المسلمين بالفعل والقول.

6 - إخلاص العمل، وتجنب المصانعة والملق.

والله أعلم