هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5654 حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنِ المُسَيِّبِ ، عَنْ وَرَّادٍ ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ ، وَمَنْعًا وَهَاتِ ، وَوَأْدَ البَنَاتِ ، وَكَرِهَ لَكُمْ : قِيلَ وَقَالَ ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ ، وَإِضَاعَةَ المَالِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5654 حدثنا سعد بن حفص ، حدثنا شيبان ، عن منصور ، عن المسيب ، عن وراد ، عن المغيرة بن شعبة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ، ومنعا وهات ، ووأد البنات ، وكره لكم : قيل وقال ، وكثرة السؤال ، وإضاعة المال
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Al-Mughira:

The Prophet (ﷺ) said, Allah has forbidden you ( 1 ) to be undutiful to your mothers (2) to withhold (what you should give) or (3) demand (what you do not deserve), and (4) to bury your daughters alive. And Allah has disliked that (A) you talk too much about others ( B), ask too many questions (in religion), or (C) waste your property.

":"ہم سے سعدبن حفص نے بیان کیا ، کہا ہم سے شیبان نے بیان کیا ، ان سے منصور نے ، ان سے مسیب نے ان سے وراد نے اور ان سے حضرت مغیرہ رضی اللہ عنہ نے کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا اللہ نے تم پر ماں کی نافرمانی حرام قرار دی ہے اور ( والدین کے حقوق ) نہ دینا اور ناحق ان سے مطالبات کرنا بھی حرام قرار دیا ہے ، لڑکیوں کو زندہ دفن کرنا ( بھی حرام قرار دیا ہے ) اور قیل وقال ( فضول باتیں ) کثرت سوال اور مال کی بربادی کو بھی ناپسند کیا ہے ۔

شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ بِالتَّنْوِينِ .

     قَوْلُهُ  عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْكَبَائِر)

قَالَه بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عُمَرُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَلِلْأَصِيلِيِّ عَمْرٌو بِفَتْحِهَا وَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ مَوْصُولًا مِنْ رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْكَبَائِرُ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَقَتْلُ النَّفْسِ وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ وَلِابْنِ عُمَرَ حَدِيثٌ فِي الْعَاقِّ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَالْبَزَّارُ وَصَحَّحَهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ بِلَفْظِ ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ وَمُدْمِنُ الْخَمْرِ وَالْمَنَّانُ وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَيْضا نَحْو حَدِيث بن عُمَرَ هَذَا لَكِنْ قَالَ الدَّيُّوثُ بَدَلَ الْمَنَّانِ وَالدَّيُّوثُ بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ وَآخِرُهُ مُثَلَّثَةٌ بِوَزْنِ فَرُّوجٍ وَقَعَ تَفْسِيرُهُ فِي نَفْسِ الْخَبَرِ أَنَّهُ الَّذِي يُقِرُّ الْخُبْثَ فِي أَهْلِهِ وَالْعُقُوقُ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ مُشْتَقٌّ مِنَ الْعَقِّ وَهُوَ الْقَطْعُ وَالْمُرَادُ بِهِ صُدُورُ مَا يَتَأَذَّى بِهِ الْوَالِدُ مِنْ وَلَدِهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ إِلَّا فِي شِرْكٍ أَوْ مَعْصِيّة مَا لم يتعنت الْوَالِد وَضَبطه بن عَطِيَّةَ بِوُجُوبِ طَاعَتِهِمَا فِي الْمُبَاحَاتِ فِعْلًا وَتَرْكًا وَاسْتِحْبَابُهَا فِي الْمَنْدُوبَاتِ وَفُرُوضِ الْكِفَايَةِ كَذَلِكَ وَمِنْهُ تقديمهما عبد تَعَارُضِ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ كَمَنْ دَعَتْهُ أُمُّهُ لِيُمَرِّضَهَا مَثَلًا بِحَيْثُ يَفُوتُ عَلَيْهِ فِعْلُ وَاجِبٍ إِنِ اسْتَمَرَّ عِنْدَهَا وَيَفُوتُ مَا قَصَدَتْهُ مِنْ تَأْنِيسِهِ لَهَا وَغَيْرَ ذَلِكَ لَوْ تَرَكَهَا وَفَعَلَهُ وَكَانَ مِمَّا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ مَعَ فَوَاتِ الْفَضِيلَةِ كَالصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَوْ فِي الْجَمَاعَةِ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ أيْضًا أَوَّلُهَا حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ

[ قــ :5654 ... غــ :5975] .

     قَوْلُهُ  عَنْ مَنْصُورٍ هُوَ بن الْمُعْتَمِر وَالْمُسَيب هُوَ بن رَافِعٍ وَوَرَّادٌ هُوَ كَاتِبُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَالسَّنَدُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِ مَنْصُورٍ لَهُ مِنَ الْمُسَيَّبِ فِي الدَّعَوَاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِقْرَاضِ مِنْ رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ جَرِيرٍ عَنِ مَنْصُورٍ كَالَّذِي هُنَا وَذَكَرَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ أَنَّ فِي رِوَايَةِ مَنْصُورٍ عَنِ الْمُسَيَّبِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ ذِكْرَ عُقُوقِ الْأُمَّهَاتِ فَقَطْ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ هُوَ بِتَمَامِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لَكِنَّهُ فِي الْأَصْلِ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ مُطَوَّلٌ سَيَأْتِي فِي الْقَدَرِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ وَفِي الرِّقَاقِ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ وَرَّادٍ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَى الْمُغِيرَةِ أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي التَّهْلِيلِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ قَالَ وَكَانَ يَنْهَى فَذَكَرَ مَا هُنَا وَسَيَأْتِي فِي الدَّعَوَاتِ أَوَّلُهُ فَقَطْ مِنْ رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ عَنْ جَرِيرٍ دُونَ مَا فِي آخِرِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فَرَّقَهُ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ عَنْ مَنْصُورٍ فِي مَوْضِعَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ شَيْخِهِ هَكَذَا وَتَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ الشَّعْبِيِّ مُقْتَصِرًا عَلَى الَّذِي هُنَا أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِقْرَاضِ الْإِشَارَةُ إِلَى حِكْمَةِ اخْتِصَاصِ الْأُمِّ بِالذِّكْرِ وَهُوَ مِنْ تَخْصِيصِ الشَّيْءِ بِالذِّكْرِ إِظْهَارًا لِعِظَمِ مَوْقِعِهِ وَالْأُمَّهَاتُ جَمْعُ أُمَّهَةٍ وَهِيَ لِمَنْ يَعْقِلُ بِخِلَافِ لَفْظِ الْأُمِّ فَإِنَّهُ أَعَمُّ .

     قَوْلُهُ  وَمَنْعًا وَهَاتِ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَفِي الِاسْتِقْرَاضِ وَمَنْعَ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ وَهِيَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِسُكُونِ النُّونِ مَصْدَرٌ مَنَعَ يَمْنَعُ وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قِيلَ.

     وَقَالَ .
وَأَمَّا هَاتِ فَبِكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ فِعْلُ أَمْرٍ مِنَ الْإِيتَاءِ قَالَ الْخَلِيلُ أَصْلُ هَاتِ آتِ فَقُلِبَتِ الْأَلِفُ هَاءً وَالْحَاصِلُ مِنَ النَّهْيِ مَنْعُ مَا أُمِرَ بِإِعْطَائِهِ وَطَلَبُ مَا لَا يَسْتَحِقُّ أَخْذَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنِ السُّؤَالِ مُطْلَقًا كَمَا سَيَأْتِي بَسْطُ الْقَوْلِ فِيهِ قَرِيبًا وَيَكُونُ ذِكْرُهُ هُنَا مَعَ ضِدِّهِ ثُمَّ أُعِيدَ تَأْكِيدًا لِلنَّهْيِ عَنْهُ ثُمَّ هُوَ مُحْتَمَلٌ أَنْ يَدْخُلَ فِي النَّهْيِ مَا يَكُونُ خِطَابًا لِاثْنَيْنِ كَمَا يُنْهَى الطَّالِبُ عَنْ طَلَبِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ وَيُنْهَى الْمَطْلُوبُ مِنْهُ عَنْ إِعْطَاءِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ الطَّالِبُ لِئَلَّا يُعِينَهُ عَلَى الْإِثْمِ .

     قَوْلُهُ  وَوَأْدُ الْبَنَاتِ بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ هُوَ دَفْنُ الْبَنَاتِ بِالْحَيَاةِ وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ كَرَاهَةً فِيهِنَّ وَيُقَالُ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ التَّمِيمِيُّ وَكَانَ بَعْضُ أَعْدَائِهِ أَغَارَ عَلَيْهِ فَأَسَرَ بِنْتَهُ فَاتَّخَذَهَا لِنَفْسِهِ ثُمَّ حَصَلَ بَيْنَهُمْ صُلْحٌ فَخَيَّرَ ابْنَتَهُ فَاخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَآلَى قَيْسٌ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ لَا تُولَدَ لَهُ بِنْتٌ إِلَّا دَفَنَهَا حَيَّةً فَتَبِعَهُ الْعَرَبُ فِي ذَلِكَ وَكَانَ مِنَ الْعَرَبِ فَرِيقٌ ثَانٍ يَقْتُلُونَ أَوْلَادَهُمْ مُطْلَقًا إِمَّا نَفَاسَةً مِنْهُ عَلَى مَا يَنْقُصُهُ مِنْ مَالِهِ وَإِمَّا مِنْ عَدَمِ مَا يُنْفِقُهُ عَلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ أَمْرَهُمْ فِي الْقُرْآنِ فِي عِدَّةِ آيَاتٍ وَكَانَ صَعْصَعَةُ بْنُ نَاجِيَةَ التَّمِيمِيِّ أَيْضًا وَهُوَ جَدُّ الْفَرَزْدَقِ هَمَّامُ بْنُ غَالِبِ بْنِ صَعْصَعَةَ أَوَّلُ مَنْ فَدَى الْمَوْءُودَةَ وَذَلِكَ أَنه يَعْمِدُ إِلَى مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فَيَفْدِيَ الْوَلَدَ مِنْهُ بِمَالٍ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الْفَرَزْدَقُ بِقَوْلِهِ وَجَدِّي الَّذِي مَنَعَ الْوَائِدَاتِ وَأَحْيَا الْوَئِيدَ فَلَمْ يُوأَدِ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْفَرِيقِ الثَّانِي وَقَدْ بَقِيَ كُلٌّ مِنْ قَيْسٍ وَصَعْصَعَةَ إِلَى أَنْ أَدْرَكَا الْإِسْلَامَ وَلَهُمَا صُحْبَةٌ وَإِنَّمَا خَصَّ الْبَنَاتَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ كَانَ الْغَالِبُ مِنْ فِعْلِهِمْ لِأَنَّ الذُّكُورَ مَظِنَّةُ الْقُدْرَةِ عَلَى الِاكْتِسَابِ وَكَانُوا فِي صِفَةِ الْوَأْدِ عَلَى طَرِيقَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَأْمُرَ امْرَأَتَهُ إِذَا قَرُبَ وَضْعُهَا أَنْ تُطْلِقَ بِجَانِبِ حَفِيرَةٍ فَإِذَا وَضَعَتْ ذَكَرًا أَبْقَتْهُ وَإِذَا وَضَعَتْ أُنْثَى طَرَحَتْهَا فِي الْحَفِيرَةِ وَهَذَا أَلْيَقِ بِالْفَرِيقِ الْأَوَّلِ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ إِذَا صَارَتِ الْبِنْتُ سُدَاسِيَّةً قَالَ لِأُمِّهَا طَيِّبِيهَا وَزَيِّنِيهَا لِأَزُورَ بِهَا أَقَارِبَهَا ثُمَّ يَبْعُدُ بِهَا فِي الصَّحْرَاءِ حَتَّى يَأْتِيَ الْبِئْرِ فَيَقُولُ لَهَا انْظُرِي فِيهَا وَيَدْفَعُهَا مِنْ خَلْفِهَا وَيَطِمُّهَا وَهَذَا اللَّائِقُ بِالْفَرِيقِ الثَّانِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ.

     وَقَالَ  فِي رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ وَكَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ.

     وَقَالَ  كَذَا لِلْأَكْثَرِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ هُنَا قِيلًا وَقَالًا وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَفِيهِ تَعَقُّبٌ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ جَائِزٌ وَلَمْ تَقَعْ بِهِ الرِّوَايَةُ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ قِيلَ.

     وَقَالَ  اسْمَانِ يُقَالُ كَثِيرُ الْقِيلِ وَالْقَالِ كَذَا جَزَمَ بِأَنَّهُمَا اسْمَانِ وَأَشَارَ إِلَى الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ بِدُخُولِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ عَلَيْهِمَا.

     وَقَالَ  أَيْن دَقِيقِ الْعِيدِ لَوْ كَانَا اسْمَيْنِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَالْقَوْلِ لَمْ يَكُنْ لِعَطْفِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَائِدَةٌ فَأَشَارَ إِلَى تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ.

     وَقَالَ  الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي قِيلَ.

     وَقَالَ  ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُمَا مَصْدَرَانِ لِلْقَوْلِ تَقُولُ.

قُلْتُ قَوْلًا وَقِيلًا وَقَالًا وَالْمُرَادُ فِي الْأَحَادِيثِ الْإِشَارَةُ إِلَى كَرَاهَةِ كَثْرَةِ الْكَلَامِ لِأَنَّهَا تُئَوِّلُ إِلَى الْخَطَأِ قَالَ وَإِنَّمَا كَرَّرَهُ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الزَّجْرِ عَنْهُ ثَانِيهَا إِرَادَةُ حِكَايَةِ أَقَاوِيلِ النَّاسِ وَالْبَحْثُ عَنْهَا لِيُخْبِرَ عَنْهَا فَيَقُولُ قَالَ فُلَانٌ كَذَا وَقِيلَ كَذَا وَالنَّهْيُ عَنْهُ إِمَّا لِلزَّجْرِ عَنِ الِاسْتِكْثَارِ مِنْهُ وَإِمَّا لِشَيْءٍ مَخْصُوصٍ مِنْهُ وَهُوَ مَا يَكْرَهُهُ الْمَحْكِيُّ عَنْهُ ثَالِثُهَا أَنَّ ذَلِكَ فِي حِكَايَةِ الِاخْتِلَافِ فِي أُمُورِ الدِّينِ كَقَوْلِهِ قَالَ فُلَانٌ كَذَا.

     وَقَالَ  فُلَانٌ كَذَا وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ ذَلِكَ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يُؤْمَنُ مَعَ الْإِكْثَارِ مِنَ الزَّلَلِ وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِمَنْ يَنْقُلُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَثَبُّتٍ وَلَكِنْ يُقَلِّدُ مَنْ سَمِعَهُ وَلَا يَحْتَاطُ لَهُ.

قُلْتُ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَفِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ .

     قَوْلُهُ  قِيلَ.

     وَقَالَ  مِنْ قَوْلِهِمْ قِيلَ كَذَا.

     وَقَالَ  كَذَا وَبِنَاؤُهُمَا عَلَى كَوْنِهِمَا فعلين محكيين متضمنين للضمير والأعرب عَلَى إِجْرَائِهِمَا مَجْرَى الْأَسْمَاءِ خِلْوَيْنِ مِنَ الضَّمِيرِ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  إِنَّمَا الدُّنْيَا قِيلَ.

     وَقَالَ  وَإِدْخَالُ حَرْفِ التَّعْرِيفِ عَلَيْهِمَا فِي قَوْلِهِ مَا يُعْرَفُ الْقَالُ الْقِيلُ لِذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  وَكَثْرَةُ السُّؤَالِ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي الْمُرَادِ مِنْهُ وَهَلْ هُوَ سُؤَالُ الْمَالِ أَوِ السُّؤَالُ عَنِ الْمُشْكِلَاتِ وَالْمُعْضِلَاتِ أَوْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّ الْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ كَثْرَةُ السُّؤَالِ عَنْ أَخْبَارِ النَّاسِ وَأَحْدَاثِ الزَّمَانِ أَوْ كَثْرَةُ سُؤَالِ إِنْسَانٍ بِعَيْنِهِ عَنْ تَفَاصِيلِ حَالِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ الْمَسْئُولُ غَالِبًا وَقَدْ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنِ الْأُغْلُوطَاتِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ وَثَبَتَ عَنْ جَمْعٍ مِنَ السَّلَفِ كَرَاهَةَ تَكَلُّفِ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَسْتَحِيلُ وُقُوعُهَا عَادَةً أَوْ يَنْدُرُ جِدًّا وَإِنَّمَا كَرِهُوا ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّنَطُّعِ وَالْقَوْلِ بِالظَّنِّ إِذْ لَا يَخْلُو صَاحِبُهُ مِنَ الْخَطَأِ.
وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ فِي اللِّعَانِ فَكَرِهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا وَكَذَا فِي التَّفْسِيرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تبدلكم تَسُؤْكُمْ فَذَلِكَ خَاصٌّ بِزَمَانِ نُزُولِ الْوَحْيِ وَيُشِيرُ إِلَيْهِ حَدِيثِ أَعْظَمُ النَّاسِ جُرْمًا عِنْدَ اللَّهِ مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ وَثَبَتَ أَيْضًا ذَمُّ السُّؤَالِ لِلْمَالِ وَمَدْحُ مَنْ لَا يُلْحِفُ فِيهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى لَا يسْأَلُون النَّاس إلحافا وَتَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ حَدِيثُ لَا تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ غُرْمٍ مُفْظِعٍ أَوْ جَائِحَةٍ وَفِي السُّنَنِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنِ عَبَّاسٍ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ سَائِلًا فَاسْأَلِ الصَّالِحِينَ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ جَائِزٌ لِأَنَّهُ طَلَبُ مُبَاحٍ فَأَشْبَهَ الْعَارِيَةَ وَحَمَلُوا الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ عَلَى مَنْ سَأَلَ مِنَ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى النَّهْيِ عَنِ السُّؤَالِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ قَالَ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي سُؤَالِ الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ عَلَى وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا التَّحْرِيمُ لِظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ وَالثَّانِي يَجُوزُ مَعَ الْكَرَاهَةِ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ لَا يُلِحَّ وَلَا يُذِلَّ نَفْسَهُ زِيَادَةً عَلَى ذُلِّ نَفْسِ السُّؤَالِ وَلَا يُؤْذِي الْمَسْئُولَ فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ حَرُمَ.

     وَقَالَ  الْفَاكِهَانِيُّ يُتَعَجَّبُ مِمَّنْ قَالَ بِكَرَاهَةِ السُّؤَالِ مُطْلَقًا مَعَ وُجُودِ السُّؤَالِ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَالشَّارِعُ لَا يُقِرُّ عَلَى مَكْرُوهٍ.

قُلْتُ لَعَلَّ مَنْ كَرِهَ مُطْلَقًا أَرَادَ أَنَّهُ خِلَافَ الْأَوْلَى وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِهِ أَنْ تَتَغَيَّرَ صِفَتُهُ وَلَا مِنْ تَقْرِيرِهِ أَيْضًا وَيَنْبَغِي حَمْلُ حَالِ أُولَئِكَ عَلَى السَّدَادِ وَأَنَّ السَّائِلَ مِنْهُمْ غَالِبًا مَا كَانَ يَسْأَلُ إِلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ الشَّدِيدَةِ وَفِي قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ نَظَرٌ فَفِي الْأَحَادِيثِ الْكَثِيرَةِ الْوَارِدَةِ فِي ذَمِّ السُّؤَالِ كِفَايَةٌ فِي إِنْكَارِ ذَلِكَ تَنْبِيهٌ جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا سَأَلَ لِنَفْسِهِ.
وَأَمَّا إِذَا سَأَلَ لِغَيْرِهِ فَالَّذِي يَظْهَرُ أَيْضًا أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ .

     قَوْلُهُ  وَإِضَاعَةُ الْمَالِ تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِقْرَاضِ أَنَّ الْأَكْثَرَ حَمَلُوهُ عَلَى الْإِسْرَافِ فِي الْإِنْفَاقِ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِالْإِنْفَاقِ فِي الْحَرَامِ وَالْأَقْوَى أَنَّهُ مَا أُنْفِقَ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ الْمَأْذُونِ فِيهِ شَرْعًا سَوَاءٌ كَانَتْ دِينِيَّةً أَوْ دُنْيَوِيَّةً فَمَنَعَ مِنْهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْمَالَ قِيَامًا لِمَصَالِحِ الْعِبَادِ وَفِي تَبْذِيرِهَا تَفْوِيتُ تِلْكَ الْمَصَالِحِ إِمَّا فِي حَقِّ مُضَيِّعِهَا وَإِمَّا فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ كَثْرَةُ إِنْفَاقِهِ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ لِتَحْصِيلِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ مَا لَمْ يُفَوِّتْ حَقًّا أُخْرَوِيًّا أَهَمَّ مِنْهُ وَالْحَاصِلُ فِي كَثْرَةِ الْإِنْفَاقِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ إِنْفَاقُهُ فِي الْوُجُوهِ الْمَذْمُومَةِ شَرْعًا فَلَا شَكَّ فِي مَنْعِهِ وَالثَّانِي إِنْفَاقُهُ فِي الْوُجُوهِ الْمَحْمُودَةِ شَرْعًا فَلَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ مَطْلُوبًا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَالثَّالِثُ إِنْفَاقُهُ فِي الْمُبَاحَاتِ بِالْأَصَالَةِ كَمَلَاذِّ النَّفْسِ فَهَذَا يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهٍ يَلِيقُ بِحَالِ الْمُنْفِقِ وَبِقَدْرِ مَالِهِ فَهَذَا لَيْسَ بِإِسْرَافٍ وَالثَّانِي مَا لَا يَلِيقُ بِهِ عُرْفًا وَهُوَ يَنْقَسِمُ أَيْضًا إِلَى قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا يَكُونُ لِدَفْعِ مَفْسَدَةٍ إِمَّا نَاجِزَةٍ أَوْ مُتَوَقَّعَةٍ فَهَذَا لَيْسَ بِإِسْرَافٍ وَالثَّانِي مَا لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ إِسْرَافٌ وَذَهَبَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِإِسْرَافٍ قَالَ لِأَنَّهُ تَقُومُ بِهِ مَصْلَحَةُ الْبَدَنِ وَهُوَ غَرَضٌ صَحِيحٌ وَإِذَا كَانَ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ فَهُوَ مُبَاح لَهُ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ يَمْنَعُ مَا قَالَ اه وَقَدْ صَرَّحَ بِالْمَنْعِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فَقَالَ فِي كِتَابِ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ هُوَ حَرَامٌ وَتَبِعَهُ الْغَزَالِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَغَارِمِ وَصَحَّحَ فِي بَابِ الْحَجْرِ مِنَ الشَّرْحِ وَفِي الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ لَيْسَ بِتَبْذِيرٍ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ وَالَّذِي يَتَرَجَّحُ أَنَّهُ لَيْسَ مَذْمُومًا لِذَاتِهِ لَكِنَّهُ يُفْضِي غَالِبًا إِلَى ارْتِكَابِ الْمَحْذُورِ كَسُؤَالِ النَّاسِ وَمَا أَدَّى إِلَى الْمَحْذُورِ فَهُوَ مَحْذُورٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ الْبَحْثُ فِي جَوَازِ التَّصَدُّقِ بِجَمِيعِ الْمَالِ وَأَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ لِمَنْ عُرِفَ مَنْ نَفْسِهِ الصَّبْرُ عَلَى الْمُضَايَقَةِ وَجَزَمَ الْبَاجِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ بِمَنْعِ اسْتِيعَابِ جَمِيعِ الْمَالِ بِالصَّدَقَةِ قَالَ وَيُكْرَهُ كَثْرَةُ إِنْفَاقِهِ فِي مَصَالِحِ الدُّنْيَا وَلَا بَأْسَ بِهِ إِذَا وَقَعَ نَادِرًا لِحَادِثٍ يَحْدُثُ كَضَيْفٍ أَوْ عِيدٍ أَوْ وَلِيمَةٍ وَمِمَّا لَا خِلَافَ فِي كَرَاهَتِهِ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الْبِنَاءِ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَلَا سِيَّمَا إِنْ أَضَافَ إِلَى ذَلِكَ الْمُبَالَغَةَ فِي الزَّخْرَفَةِ وَمِنْهُ احْتِمَالُ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي الْبِيَاعَاتِ بِغَيْرِ سَبَبٍ.
وَأَمَّا إِضَاعَةُ الْمَالِ فِي الْمَعْصِيَةِ فَلَا يَخْتَصُّ بِارْتِكَابِ الْفَوَاحِشِ بَلْ يَدْخُلُ فِيهَا سُوءُ الْقِيَامِ عَلَى الرَّقِيقِ وَالْبَهَائِمِ حَتَّى يَهْلِكُوا وَدَفْعُ مَالِ مَنْ لَمْ يُؤْنَسْ مِنْهُ الرُّشْدُ إِلَيْهِ وَقَسْمُهُ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِجُزْئِهِ كَالْجَوْهَرَةِ النَّفِيسَةِ.

     وَقَالَ  السُّبْكِيُّ الْكَبِيرُ فِي الْحَلَبِيَّاتِ الضَّابِطُ فِي إِضَاعَةِ الْمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ لِغَرَضٍ دِينِيٍّ وَلَا دُنْيَوِيٍّ فَإِنِ انْتَفَيَا حَرُمَ قَطْعًا وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا وُجُودًا لَهُ بَالٌ وَكَانَ الْإِنْفَاقُ لَائِقًا بِالْحَالِ وَلَا مَعْصِيَةَ فِيهِ جَازَ قَطْعًا وَبَيْنَ الرُّتْبَتَيْنِ وَسَائِطُ كَثِيرَةٌ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ ضَابِطٍ فَعَلَى الْمُفْتِي أَنْ يَرَى فِيمَا تَيَسَّرَ مِنْهَا رَأْيَهُ.
وَأَمَّا مَا لَا يَتَيَسَّرُ فَقَدْ تَعَرَّضَ لَهُ فَالْإِنْفَاقُ فِي الْمَعْصِيَةِ حَرَامٌ كُلُّهُ وَلَا نَظَرَ إِلَى مَا يَحْصُلُ فِي مَطْلُوبِهِ مِنْ قَضَاءِ شَهْوَةٍ وَلَذَّةٍ حَسَنَةٍ.
وَأَمَّا إِنْفَاقُهُ فِي الْمَلَاذِّ الْمُبَاحَةِ فَهُوَ مَوْضِعُ الِاخْتِلَافِ فَظَاهِرُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَين ذَلِك قواما أَنَّ الزَّائِدَ الَّذِي لَا يَلِيقُ بِحَالِ الْمُنْفِقِ إِسْرَاف ثمَّ قَالَ وَمن بذل مَا لَا كَثِيرًا فِي غَرَضٍ يَسِيرٍ تَافِهٍ عَدَّهُ الْعُقَلَاءُ مُضَيِّعًا بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الطِّيبِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ حُسْنِ الْخُلُقِ وَهُوَ تَتَبُّعُ جَمِيعِ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ وَالْخِلَالِ الْجَمِيلَةِ الحَدِيث الثَّانِي