هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5654 حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنِ المُسَيِّبِ ، عَنْ وَرَّادٍ ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ ، وَمَنْعًا وَهَاتِ ، وَوَأْدَ البَنَاتِ ، وَكَرِهَ لَكُمْ : قِيلَ وَقَالَ ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ ، وَإِضَاعَةَ المَالِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
5654 حدثنا سعد بن حفص ، حدثنا شيبان ، عن منصور ، عن المسيب ، عن وراد ، عن المغيرة بن شعبة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ، ومنعا وهات ، ووأد البنات ، وكره لكم : قيل وقال ، وكثرة السؤال ، وإضاعة المال
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Al-Mughira:

The Prophet (ﷺ) said, Allah has forbidden you ( 1 ) to be undutiful to your mothers (2) to withhold (what you should give) or (3) demand (what you do not deserve), and (4) to bury your daughters alive. And Allah has disliked that (A) you talk too much about others ( B), ask too many questions (in religion), or (C) waste your property.

":"ہم سے سعدبن حفص نے بیان کیا ، کہا ہم سے شیبان نے بیان کیا ، ان سے منصور نے ، ان سے مسیب نے ان سے وراد نے اور ان سے حضرت مغیرہ رضی اللہ عنہ نے کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا اللہ نے تم پر ماں کی نافرمانی حرام قرار دی ہے اور ( والدین کے حقوق ) نہ دینا اور ناحق ان سے مطالبات کرنا بھی حرام قرار دیا ہے ، لڑکیوں کو زندہ دفن کرنا ( بھی حرام قرار دیا ہے ) اور قیل وقال ( فضول باتیں ) کثرت سوال اور مال کی بربادی کو بھی ناپسند کیا ہے ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [5975] .

     قَوْلُهُ  عَنْ مَنْصُورٍ هُوَ بن الْمُعْتَمِر وَالْمُسَيب هُوَ بن رَافِعٍ وَوَرَّادٌ هُوَ كَاتِبُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَالسَّنَدُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِ مَنْصُورٍ لَهُ مِنَ الْمُسَيَّبِ فِي الدَّعَوَاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِقْرَاضِ مِنْ رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ جَرِيرٍ عَنِ مَنْصُورٍ كَالَّذِي هُنَا وَذَكَرَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ أَنَّ فِي رِوَايَةِ مَنْصُورٍ عَنِ الْمُسَيَّبِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ ذِكْرَ عُقُوقِ الْأُمَّهَاتِ فَقَطْ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ هُوَ بِتَمَامِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لَكِنَّهُ فِي الْأَصْلِ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ مُطَوَّلٌ سَيَأْتِي فِي الْقَدَرِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ وَفِي الرِّقَاقِ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ وَرَّادٍ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَى الْمُغِيرَةِ أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي التَّهْلِيلِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ قَالَ وَكَانَ يَنْهَى فَذَكَرَ مَا هُنَا وَسَيَأْتِي فِي الدَّعَوَاتِ أَوَّلُهُ فَقَطْ مِنْ رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ عَنْ جَرِيرٍ دُونَ مَا فِي آخِرِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فَرَّقَهُ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ عَنْ مَنْصُورٍ فِي مَوْضِعَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ شَيْخِهِ هَكَذَا وَتَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ الشَّعْبِيِّ مُقْتَصِرًا عَلَى الَّذِي هُنَا أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِقْرَاضِ الْإِشَارَةُ إِلَى حِكْمَةِ اخْتِصَاصِ الْأُمِّ بِالذِّكْرِ وَهُوَ مِنْ تَخْصِيصِ الشَّيْءِ بِالذِّكْرِ إِظْهَارًا لِعِظَمِ مَوْقِعِهِ وَالْأُمَّهَاتُ جَمْعُ أُمَّهَةٍ وَهِيَ لِمَنْ يَعْقِلُ بِخِلَافِ لَفْظِ الْأُمِّ فَإِنَّهُ أَعَمُّ .

     قَوْلُهُ  وَمَنْعًا وَهَاتِ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَفِي الِاسْتِقْرَاضِ وَمَنْعَ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ وَهِيَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِسُكُونِ النُّونِ مَصْدَرٌ مَنَعَ يَمْنَعُ وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قِيلَ.

     وَقَالَ .

.
وَأَمَّا هَاتِ فَبِكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ فِعْلُ أَمْرٍ مِنَ الْإِيتَاءِ قَالَ الْخَلِيلُ أَصْلُ هَاتِ آتِ فَقُلِبَتِ الْأَلِفُ هَاءً وَالْحَاصِلُ مِنَ النَّهْيِ مَنْعُ مَا أُمِرَ بِإِعْطَائِهِ وَطَلَبُ مَا لَا يَسْتَحِقُّ أَخْذَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنِ السُّؤَالِ مُطْلَقًا كَمَا سَيَأْتِي بَسْطُ الْقَوْلِ فِيهِ قَرِيبًا وَيَكُونُ ذِكْرُهُ هُنَا مَعَ ضِدِّهِ ثُمَّ أُعِيدَ تَأْكِيدًا لِلنَّهْيِ عَنْهُ ثُمَّ هُوَ مُحْتَمَلٌ أَنْ يَدْخُلَ فِي النَّهْيِ مَا يَكُونُ خِطَابًا لِاثْنَيْنِ كَمَا يُنْهَى الطَّالِبُ عَنْ طَلَبِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ وَيُنْهَى الْمَطْلُوبُ مِنْهُ عَنْ إِعْطَاءِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ الطَّالِبُ لِئَلَّا يُعِينَهُ عَلَى الْإِثْمِ .

     قَوْلُهُ  وَوَأْدُ الْبَنَاتِ بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ هُوَ دَفْنُ الْبَنَاتِ بِالْحَيَاةِ وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ كَرَاهَةً فِيهِنَّ وَيُقَالُ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ التَّمِيمِيُّ وَكَانَ بَعْضُ أَعْدَائِهِ أَغَارَ عَلَيْهِ فَأَسَرَ بِنْتَهُ فَاتَّخَذَهَا لِنَفْسِهِ ثُمَّ حَصَلَ بَيْنَهُمْ صُلْحٌ فَخَيَّرَ ابْنَتَهُ فَاخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَآلَى قَيْسٌ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ لَا تُولَدَ لَهُ بِنْتٌ إِلَّا دَفَنَهَا حَيَّةً فَتَبِعَهُ الْعَرَبُ فِي ذَلِكَ وَكَانَ مِنَ الْعَرَبِ فَرِيقٌ ثَانٍ يَقْتُلُونَ أَوْلَادَهُمْ مُطْلَقًا إِمَّا نَفَاسَةً مِنْهُ عَلَى مَا يَنْقُصُهُ مِنْ مَالِهِ وَإِمَّا مِنْ عَدَمِ مَا يُنْفِقُهُ عَلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ أَمْرَهُمْ فِي الْقُرْآنِ فِي عِدَّةِ آيَاتٍ وَكَانَ صَعْصَعَةُ بْنُ نَاجِيَةَ التَّمِيمِيِّ أَيْضًا وَهُوَ جَدُّ الْفَرَزْدَقِ هَمَّامُ بْنُ غَالِبِ بْنِ صَعْصَعَةَ أَوَّلُ مَنْ فَدَى الْمَوْءُودَةَ وَذَلِكَ أَنه يَعْمِدُ إِلَى مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فَيَفْدِيَ الْوَلَدَ مِنْهُ بِمَالٍ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الْفَرَزْدَقُ بِقَوْلِهِوَجَدِّي الَّذِي مَنَعَ الْوَائِدَاتِ وَأَحْيَا الْوَئِيدَ فَلَمْ يُوأَدِ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْفَرِيقِ الثَّانِي وَقَدْ بَقِيَ كُلٌّ مِنْ قَيْسٍ وَصَعْصَعَةَ إِلَى أَنْ أَدْرَكَا الْإِسْلَامَ وَلَهُمَا صُحْبَةٌ وَإِنَّمَا خَصَّ الْبَنَاتَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ كَانَ الْغَالِبُ مِنْ فِعْلِهِمْ لِأَنَّ الذُّكُورَ مَظِنَّةُ الْقُدْرَةِ عَلَى الِاكْتِسَابِ وَكَانُوا فِي صِفَةِ الْوَأْدِ عَلَى طَرِيقَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَأْمُرَ امْرَأَتَهُ إِذَا قَرُبَ وَضْعُهَا أَنْ تُطْلِقَ بِجَانِبِ حَفِيرَةٍ فَإِذَا وَضَعَتْ ذَكَرًا أَبْقَتْهُ وَإِذَا وَضَعَتْ أُنْثَى طَرَحَتْهَا فِي الْحَفِيرَةِ وَهَذَا أَلْيَقِ بِالْفَرِيقِ الْأَوَّلِ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ إِذَا صَارَتِ الْبِنْتُ سُدَاسِيَّةً قَالَ لِأُمِّهَا طَيِّبِيهَا وَزَيِّنِيهَا لِأَزُورَ بِهَا أَقَارِبَهَا ثُمَّ يَبْعُدُ بِهَا فِي الصَّحْرَاءِ حَتَّى يَأْتِيَ الْبِئْرِ فَيَقُولُ لَهَا انْظُرِي فِيهَا وَيَدْفَعُهَا مِنْ خَلْفِهَا وَيَطِمُّهَا وَهَذَا اللَّائِقُ بِالْفَرِيقِ الثَّانِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ.

     وَقَالَ  فِي رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ وَكَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ.

     وَقَالَ  كَذَا لِلْأَكْثَرِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ هُنَا قِيلًا وَقَالًا وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَفِيهِ تَعَقُّبٌ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ جَائِزٌ وَلَمْ تَقَعْ بِهِ الرِّوَايَةُ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ قِيلَ.

     وَقَالَ  اسْمَانِ يُقَالُ كَثِيرُ الْقِيلِ وَالْقَالِ كَذَا جَزَمَ بِأَنَّهُمَا اسْمَانِ وَأَشَارَ إِلَى الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ بِدُخُولِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ عَلَيْهِمَا.

     وَقَالَ  أَيْن دَقِيقِ الْعِيدِ لَوْ كَانَا اسْمَيْنِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَالْقَوْلِ لَمْ يَكُنْ لِعَطْفِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَائِدَةٌ فَأَشَارَ إِلَى تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ.

     وَقَالَ  الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي قِيلَ.

     وَقَالَ  ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُمَا مَصْدَرَانِ لِلْقَوْلِ تَقُولُ.

.

قُلْتُ قَوْلًا وَقِيلًا وَقَالًا وَالْمُرَادُ فِي الْأَحَادِيثِ الْإِشَارَةُ إِلَى كَرَاهَةِ كَثْرَةِ الْكَلَامِ لِأَنَّهَا تُئَوِّلُ إِلَى الْخَطَأِ قَالَ وَإِنَّمَا كَرَّرَهُ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الزَّجْرِ عَنْهُ ثَانِيهَا إِرَادَةُ حِكَايَةِ أَقَاوِيلِ النَّاسِ وَالْبَحْثُ عَنْهَا لِيُخْبِرَ عَنْهَا فَيَقُولُ قَالَ فُلَانٌ كَذَا وَقِيلَ كَذَا وَالنَّهْيُ عَنْهُ إِمَّا لِلزَّجْرِ عَنِ الِاسْتِكْثَارِ مِنْهُ وَإِمَّا لِشَيْءٍ مَخْصُوصٍ مِنْهُ وَهُوَ مَا يَكْرَهُهُ الْمَحْكِيُّ عَنْهُ ثَالِثُهَا أَنَّ ذَلِكَ فِي حِكَايَةِ الِاخْتِلَافِ فِي أُمُورِ الدِّينِ كَقَوْلِهِ قَالَ فُلَانٌ كَذَا.

     وَقَالَ  فُلَانٌ كَذَا وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ ذَلِكَ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يُؤْمَنُ مَعَ الْإِكْثَارِ مِنَ الزَّلَلِ وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِمَنْ يَنْقُلُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَثَبُّتٍ وَلَكِنْ يُقَلِّدُ مَنْ سَمِعَهُ وَلَا يَحْتَاطُ لَهُ.

.

قُلْتُ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَفِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ .

     قَوْلُهُ  قِيلَ.

     وَقَالَ  مِنْ قَوْلِهِمْ قِيلَ كَذَا.

     وَقَالَ  كَذَا وَبِنَاؤُهُمَا عَلَى كَوْنِهِمَا فعلين محكيين متضمنين للضمير والأعرب عَلَى إِجْرَائِهِمَا مَجْرَى الْأَسْمَاءِ خِلْوَيْنِ مِنَ الضَّمِيرِ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  إِنَّمَا الدُّنْيَا قِيلَ.

     وَقَالَ  وَإِدْخَالُ حَرْفِ التَّعْرِيفِ عَلَيْهِمَا فِي قَوْلِهِ مَا يُعْرَفُ الْقَالُ الْقِيلُ لِذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  وَكَثْرَةُ السُّؤَالِ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي الْمُرَادِ مِنْهُ وَهَلْ هُوَ سُؤَالُ الْمَالِ أَوِ السُّؤَالُ عَنِ الْمُشْكِلَاتِ وَالْمُعْضِلَاتِ أَوْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّ الْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ كَثْرَةُ السُّؤَالِ عَنْ أَخْبَارِ النَّاسِ وَأَحْدَاثِ الزَّمَانِ أَوْ كَثْرَةُ سُؤَالِ إِنْسَانٍ بِعَيْنِهِ عَنْ تَفَاصِيلِ حَالِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ الْمَسْئُولُ غَالِبًا وَقَدْ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنِ الْأُغْلُوطَاتِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ وَثَبَتَ عَنْ جَمْعٍ مِنَ السَّلَفِ كَرَاهَةَ تَكَلُّفِ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَسْتَحِيلُ وُقُوعُهَا عَادَةً أَوْ يَنْدُرُ جِدًّا وَإِنَّمَا كَرِهُوا ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّنَطُّعِ وَالْقَوْلِ بِالظَّنِّ إِذْ لَا يَخْلُو صَاحِبُهُ مِنَ الْخَطَأِ.

.
وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ فِي اللِّعَانِ فَكَرِهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا وَكَذَا فِي التَّفْسِيرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تبدلكم تَسُؤْكُمْ فَذَلِكَ خَاصٌّ بِزَمَانِ نُزُولِ الْوَحْيِ وَيُشِيرُ إِلَيْهِ حَدِيثِ أَعْظَمُ النَّاسِ جُرْمًا عِنْدَ اللَّهِ مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ وَثَبَتَ أَيْضًا ذَمُّ السُّؤَالِ لِلْمَالِ وَمَدْحُ مَنْ لَا يُلْحِفُ فِيهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى لَا يسْأَلُون النَّاس إلحافا وَتَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ حَدِيثُ لَا تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ لِذِيفَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ غُرْمٍ مُفْظِعٍ أَوْ جَائِحَةٍ وَفِي السُّنَنِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنِ عَبَّاسٍ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ سَائِلًا فَاسْأَلِ الصَّالِحِينَ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ جَائِزٌ لِأَنَّهُ طَلَبُ مُبَاحٍ فَأَشْبَهَ الْعَارِيَةَ وَحَمَلُوا الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ عَلَى مَنْ سَأَلَ مِنَ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى النَّهْيِ عَنِ السُّؤَالِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ قَالَ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي سُؤَالِ الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ عَلَى وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا التَّحْرِيمُ لِظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ وَالثَّانِي يَجُوزُ مَعَ الْكَرَاهَةِ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ لَا يُلِحَّ وَلَا يُذِلَّ نَفْسَهُ زِيَادَةً عَلَى ذُلِّ نَفْسِ السُّؤَالِ وَلَا يُؤْذِي الْمَسْئُولَ فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ حَرُمَ.

     وَقَالَ  الْفَاكِهَانِيُّ يُتَعَجَّبُ مِمَّنْ قَالَ بِكَرَاهَةِ السُّؤَالِ مُطْلَقًا مَعَ وُجُودِ السُّؤَالِ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَالشَّارِعُ لَا يُقِرُّ عَلَى مَكْرُوهٍ.

.

قُلْتُ لَعَلَّ مَنْ كَرِهَ مُطْلَقًا أَرَادَ أَنَّهُ خِلَافَ الْأَوْلَى وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِهِ أَنْ تَتَغَيَّرَ صِفَتُهُ وَلَا مِنْ تَقْرِيرِهِ أَيْضًا وَيَنْبَغِي حَمْلُ حَالِ أُولَئِكَ عَلَى السَّدَادِ وَأَنَّ السَّائِلَ مِنْهُمْ غَالِبًا مَا كَانَ يَسْأَلُ إِلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ الشَّدِيدَةِ وَفِي قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ نَظَرٌ فَفِي الْأَحَادِيثِ الْكَثِيرَةِ الْوَارِدَةِ فِي ذَمِّ السُّؤَالِ كِفَايَةٌ فِي إِنْكَارِ ذَلِكَ تَنْبِيهٌ جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا سَأَلَ لِنَفْسِهِ.

.
وَأَمَّا إِذَا سَأَلَ لِغَيْرِهِ فَالَّذِي يَظْهَرُ أَيْضًا أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ .

     قَوْلُهُ  وَإِضَاعَةُ الْمَالِ تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِقْرَاضِ أَنَّ الْأَكْثَرَ حَمَلُوهُ عَلَى الْإِسْرَافِ فِي الْإِنْفَاقِ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِالْإِنْفَاقِ فِي الْحَرَامِ وَالْأَقْوَى أَنَّهُ مَا أُنْفِقَ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ الْمَأْذُونِ فِيهِ شَرْعًا سَوَاءٌ كَانَتْ دِينِيَّةً أَوْ دُنْيَوِيَّةً فَمَنَعَ مِنْهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْمَالَ قِيَامًا لِمَصَالِحِ الْعِبَادِ وَفِي تَبْذِيرِهَا تَفْوِيتُ تِلْكَ الْمَصَالِحِ إِمَّا فِي حَقِّ مُضَيِّعِهَا وَإِمَّا فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ كَثْرَةُ إِنْفَاقِهِ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ لِتَحْصِيلِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ مَا لَمْ يُفَوِّتْ حَقًّا أُخْرَوِيًّا أَهَمَّ مِنْهُ وَالْحَاصِلُ فِي كَثْرَةِ الْإِنْفَاقِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ إِنْفَاقُهُ فِي الْوُجُوهِ الْمَذْمُومَةِ شَرْعًا فَلَا شَكَّ فِي مَنْعِهِ وَالثَّانِي إِنْفَاقُهُ فِي الْوُجُوهِ الْمَحْمُودَةِ شَرْعًا فَلَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ مَطْلُوبًا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَالثَّالِثُ إِنْفَاقُهُ فِي الْمُبَاحَاتِ بِالْأَصَالَةِ كَمَلَاذِّ النَّفْسِ فَهَذَا يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهٍ يَلِيقُ بِحَالِ الْمُنْفِقِ وَبِقَدْرِ مَالِهِ فَهَذَا لَيْسَ بِإِسْرَافٍ وَالثَّانِي مَا لَا يَلِيقُ بِهِ عُرْفًا وَهُوَ يَنْقَسِمُ أَيْضًا إِلَى قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا يَكُونُ لِدَفْعِ مَفْسَدَةٍ إِمَّا نَاجِزَةٍ أَوْ مُتَوَقَّعَةٍ فَهَذَا لَيْسَ بِإِسْرَافٍ وَالثَّانِي مَا لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ إِسْرَافٌ وَذَهَبَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِإِسْرَافٍ قَالَ لِأَنَّهُ تَقُومُ بِهِ مَصْلَحَةُ الْبَدَنِ وَهُوَ غَرَضٌ صَحِيحٌ وَإِذَا كَانَ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ فَهُوَ مُبَاح لَهُ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ يَمْنَعُ مَا قَالَ اه وَقَدْ صَرَّحَ بِالْمَنْعِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فَقَالَ فِي كِتَابِ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ هُوَ حَرَامٌ وَتَبِعَهُ الْغَزَالِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَغَارِمِ وَصَحَّحَ فِي بَابِ الْحَجْرِ مِنَ الشَّرْحِ وَفِي الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ لَيْسَ بِتَبْذِيرٍ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ وَالَّذِي يَتَرَجَّحُ أَنَّهُ لَيْسَ مَذْمُومًا لِذَاتِهِ لَكِنَّهُ يُفْضِي غَالِبًا إِلَى ارْتِكَابِ الْمَحْذُورِ كَسُؤَالِ النَّاسِ وَمَا أَدَّى إِلَى الْمَحْذُورِ فَهُوَ مَحْذُورٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ الْبَحْثُ فِي جَوَازِ التَّصَدُّقِ بِجَمِيعِ الْمَالِ وَأَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ لِمَنْ عُرِفَ مَنْ نَفْسِهِ الصَّبْرُ عَلَى الْمُضَايَقَةِ وَجَزَمَ الْبَاجِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ بِمَنْعِ اسْتِيعَابِ جَمِيعِ الْمَالِ بِالصَّدَقَةِ قَالَ وَيُكْرَهُ كَثْرَةُ إِنْفَاقِهِ فِي مَصَالِحِ الدُّنْيَا وَلَا بَأْسَ بِهِ إِذَا وَقَعَ نَادِرًا لِحَادِثٍ يَحْدُثُ كَضَيْفٍ أَوْ عِيدٍ أَوْ وَلِيمَةٍ وَمِمَّا لَا خِلَافَ فِي كَرَاهَتِهِ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الْبِنَاءِ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَلَا سِيَّمَا إِنْ أَضَافَ إِلَى ذَلِكَ الْمُبَالَغَةَ فِي الزَّخْرَفَةِ وَمِنْهُ احْتِمَالُ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي الْبِيَاعَاتِ بِغَيْرِ سَبَبٍ.

.
وَأَمَّا إِضَاعَةُ الْمَالِ فِي الْمَعْصِيَةِ فَلَا يَخْتَصُّ بِارْتِكَابِ الْفَوَاحِشِ بَلْ يَدْخُلُ فِيهَا سُوءُ الْقِيَامِ عَلَى الرَّقِيقِ وَالْبَهَائِمِ حَتَّى يَهْلِكُوا وَدَفْعُ مَالِ مَنْ لَمْ يُؤْنَسْ مِنْهُ الرُّشْدُ إِلَيْهِ وَقَسْمُهُ مَا لَايُنْتَفَعُ بِجُزْئِهِ كَالْجَوْهَرَةِ النَّفِيسَةِ.

     وَقَالَ  السُّبْكِيُّ الْكَبِيرُ فِي الْحَلَبِيَّاتِ الضَّابِطُ فِي إِضَاعَةِ الْمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ لِغَرَضٍ دِينِيٍّ وَلَا دُنْيَوِيٍّ فَإِنِ انْتَفَيَا حَرُمَ قَطْعًا وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا وُجُودًا لَهُ بَالٌ وَكَانَ الْإِنْفَاقُ لَائِقًا بِالْحَالِ وَلَا مَعْصِيَةَ فِيهِ جَازَ قَطْعًا وَبَيْنَ الرُّتْبَتَيْنِ وَسَائِطُ كَثِيرَةٌ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ ضَابِطٍ فَعَلَى الْمُفْتِي أَنْ يَرَى فِيمَا تَيَسَّرَ مِنْهَا رَأْيَهُ.

.
وَأَمَّا مَا لَا يَتَيَسَّرُ فَقَدْ تَعَرَّضَ لَهُ فَالْإِنْفَاقُ فِي الْمَعْصِيَةِ حَرَامٌ كُلُّهُ وَلَا نَظَرَ إِلَى مَا يَحْصُلُ فِي مَطْلُوبِهِ مِنْ قَضَاءِ شَهْوَةٍ وَلَذَّةٍ حَسَنَةٍ.

.
وَأَمَّا إِنْفَاقُهُ فِي الْمَلَاذِّ الْمُبَاحَةِ فَهُوَ مَوْضِعُ الِاخْتِلَافِ فَظَاهِرُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَين ذَلِك قواما أَنَّ الزَّائِدَ الَّذِي لَا يَلِيقُ بِحَالِ الْمُنْفِقِ إِسْرَاف ثمَّ قَالَ وَمن بذل مَا لَا كَثِيرًا فِي غَرَضٍ يَسِيرٍ تَافِهٍ عَدَّهُ الْعُقَلَاءُ مُضَيِّعًا بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الطِّيبِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ حُسْنِ الْخُلُقِ وَهُوَ تَتَبُّعُ جَمِيعِ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ وَالْخِلَالِ الْجَمِيلَةِ الحَدِيث الثَّانِي

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ بِالتَّنْوِينِ .

     قَوْلُهُ  عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْكَبَائِر)

قَالَه بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عُمَرُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَلِلْأَصِيلِيِّ عَمْرٌو بِفَتْحِهَا وَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ مَوْصُولًا مِنْ رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْكَبَائِرُ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَقَتْلُ النَّفْسِ وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ وَلِابْنِ عُمَرَ حَدِيثٌ فِي الْعَاقِّ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَالْبَزَّارُ وَصَحَّحَهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ بِلَفْظِ ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ وَمُدْمِنُ الْخَمْرِ وَالْمَنَّانُ وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَيْضا نَحْو حَدِيث بن عُمَرَ هَذَا لَكِنْ قَالَ الدَّيُّوثُ بَدَلَ الْمَنَّانِ وَالدَّيُّوثُ بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ وَآخِرُهُ مُثَلَّثَةٌ بِوَزْنِ فَرُّوجٍ وَقَعَ تَفْسِيرُهُ فِي نَفْسِ الْخَبَرِ أَنَّهُ الَّذِي يُقِرُّ الْخُبْثَ فِي أَهْلِهِ وَالْعُقُوقُ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ مُشْتَقٌّ مِنَ الْعَقِّ وَهُوَ الْقَطْعُ وَالْمُرَادُ بِهِ صُدُورُ مَا يَتَأَذَّى بِهِ الْوَالِدُ مِنْ وَلَدِهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ إِلَّا فِي شِرْكٍ أَوْ مَعْصِيّة مَا لم يتعنت الْوَالِد وَضَبطه بن عَطِيَّةَ بِوُجُوبِ طَاعَتِهِمَا فِي الْمُبَاحَاتِ فِعْلًا وَتَرْكًا وَاسْتِحْبَابُهَا فِي الْمَنْدُوبَاتِ وَفُرُوضِ الْكِفَايَةِ كَذَلِكَ وَمِنْهُ تقديمهما عبد تَعَارُضِ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ كَمَنْ دَعَتْهُ أُمُّهُ لِيُمَرِّضَهَا مَثَلًا بِحَيْثُ يَفُوتُ عَلَيْهِ فِعْلُ وَاجِبٍ إِنِ اسْتَمَرَّ عِنْدَهَا وَيَفُوتُ مَا قَصَدَتْهُ مِنْ تَأْنِيسِهِ لَهَا وَغَيْرَ ذَلِكَ لَوْ تَرَكَهَا وَفَعَلَهُ وَكَانَ مِمَّا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ مَعَ فَوَاتِ الْفَضِيلَةِ كَالصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَوْ فِي الْجَمَاعَةِ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ أيْضًا أَوَّلُهَا حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ

[ قــ :5654 ... غــ :5975] .

     قَوْلُهُ  عَنْ مَنْصُورٍ هُوَ بن الْمُعْتَمِر وَالْمُسَيب هُوَ بن رَافِعٍ وَوَرَّادٌ هُوَ كَاتِبُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَالسَّنَدُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِ مَنْصُورٍ لَهُ مِنَ الْمُسَيَّبِ فِي الدَّعَوَاتِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِقْرَاضِ مِنْ رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ جَرِيرٍ عَنِ مَنْصُورٍ كَالَّذِي هُنَا وَذَكَرَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ أَنَّ فِي رِوَايَةِ مَنْصُورٍ عَنِ الْمُسَيَّبِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ ذِكْرَ عُقُوقِ الْأُمَّهَاتِ فَقَطْ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ هُوَ بِتَمَامِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لَكِنَّهُ فِي الْأَصْلِ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ مُطَوَّلٌ سَيَأْتِي فِي الْقَدَرِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ وَفِي الرِّقَاقِ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ وَرَّادٍ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَى الْمُغِيرَةِ أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي التَّهْلِيلِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ قَالَ وَكَانَ يَنْهَى فَذَكَرَ مَا هُنَا وَسَيَأْتِي فِي الدَّعَوَاتِ أَوَّلُهُ فَقَطْ مِنْ رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ عَنْ جَرِيرٍ دُونَ مَا فِي آخِرِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فَرَّقَهُ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ عَنْ مَنْصُورٍ فِي مَوْضِعَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ شَيْخِهِ هَكَذَا وَتَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ الشَّعْبِيِّ مُقْتَصِرًا عَلَى الَّذِي هُنَا أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِقْرَاضِ الْإِشَارَةُ إِلَى حِكْمَةِ اخْتِصَاصِ الْأُمِّ بِالذِّكْرِ وَهُوَ مِنْ تَخْصِيصِ الشَّيْءِ بِالذِّكْرِ إِظْهَارًا لِعِظَمِ مَوْقِعِهِ وَالْأُمَّهَاتُ جَمْعُ أُمَّهَةٍ وَهِيَ لِمَنْ يَعْقِلُ بِخِلَافِ لَفْظِ الْأُمِّ فَإِنَّهُ أَعَمُّ .

     قَوْلُهُ  وَمَنْعًا وَهَاتِ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَفِي الِاسْتِقْرَاضِ وَمَنْعَ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ وَهِيَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِسُكُونِ النُّونِ مَصْدَرٌ مَنَعَ يَمْنَعُ وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قِيلَ.

     وَقَالَ .

.
وَأَمَّا هَاتِ فَبِكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ فِعْلُ أَمْرٍ مِنَ الْإِيتَاءِ قَالَ الْخَلِيلُ أَصْلُ هَاتِ آتِ فَقُلِبَتِ الْأَلِفُ هَاءً وَالْحَاصِلُ مِنَ النَّهْيِ مَنْعُ مَا أُمِرَ بِإِعْطَائِهِ وَطَلَبُ مَا لَا يَسْتَحِقُّ أَخْذَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنِ السُّؤَالِ مُطْلَقًا كَمَا سَيَأْتِي بَسْطُ الْقَوْلِ فِيهِ قَرِيبًا وَيَكُونُ ذِكْرُهُ هُنَا مَعَ ضِدِّهِ ثُمَّ أُعِيدَ تَأْكِيدًا لِلنَّهْيِ عَنْهُ ثُمَّ هُوَ مُحْتَمَلٌ أَنْ يَدْخُلَ فِي النَّهْيِ مَا يَكُونُ خِطَابًا لِاثْنَيْنِ كَمَا يُنْهَى الطَّالِبُ عَنْ طَلَبِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ وَيُنْهَى الْمَطْلُوبُ مِنْهُ عَنْ إِعْطَاءِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ الطَّالِبُ لِئَلَّا يُعِينَهُ عَلَى الْإِثْمِ .

     قَوْلُهُ  وَوَأْدُ الْبَنَاتِ بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ هُوَ دَفْنُ الْبَنَاتِ بِالْحَيَاةِ وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ كَرَاهَةً فِيهِنَّ وَيُقَالُ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ التَّمِيمِيُّ وَكَانَ بَعْضُ أَعْدَائِهِ أَغَارَ عَلَيْهِ فَأَسَرَ بِنْتَهُ فَاتَّخَذَهَا لِنَفْسِهِ ثُمَّ حَصَلَ بَيْنَهُمْ صُلْحٌ فَخَيَّرَ ابْنَتَهُ فَاخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَآلَى قَيْسٌ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ لَا تُولَدَ لَهُ بِنْتٌ إِلَّا دَفَنَهَا حَيَّةً فَتَبِعَهُ الْعَرَبُ فِي ذَلِكَ وَكَانَ مِنَ الْعَرَبِ فَرِيقٌ ثَانٍ يَقْتُلُونَ أَوْلَادَهُمْ مُطْلَقًا إِمَّا نَفَاسَةً مِنْهُ عَلَى مَا يَنْقُصُهُ مِنْ مَالِهِ وَإِمَّا مِنْ عَدَمِ مَا يُنْفِقُهُ عَلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ أَمْرَهُمْ فِي الْقُرْآنِ فِي عِدَّةِ آيَاتٍ وَكَانَ صَعْصَعَةُ بْنُ نَاجِيَةَ التَّمِيمِيِّ أَيْضًا وَهُوَ جَدُّ الْفَرَزْدَقِ هَمَّامُ بْنُ غَالِبِ بْنِ صَعْصَعَةَ أَوَّلُ مَنْ فَدَى الْمَوْءُودَةَ وَذَلِكَ أَنه يَعْمِدُ إِلَى مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فَيَفْدِيَ الْوَلَدَ مِنْهُ بِمَالٍ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الْفَرَزْدَقُ بِقَوْلِهِ وَجَدِّي الَّذِي مَنَعَ الْوَائِدَاتِ وَأَحْيَا الْوَئِيدَ فَلَمْ يُوأَدِ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْفَرِيقِ الثَّانِي وَقَدْ بَقِيَ كُلٌّ مِنْ قَيْسٍ وَصَعْصَعَةَ إِلَى أَنْ أَدْرَكَا الْإِسْلَامَ وَلَهُمَا صُحْبَةٌ وَإِنَّمَا خَصَّ الْبَنَاتَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ كَانَ الْغَالِبُ مِنْ فِعْلِهِمْ لِأَنَّ الذُّكُورَ مَظِنَّةُ الْقُدْرَةِ عَلَى الِاكْتِسَابِ وَكَانُوا فِي صِفَةِ الْوَأْدِ عَلَى طَرِيقَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَأْمُرَ امْرَأَتَهُ إِذَا قَرُبَ وَضْعُهَا أَنْ تُطْلِقَ بِجَانِبِ حَفِيرَةٍ فَإِذَا وَضَعَتْ ذَكَرًا أَبْقَتْهُ وَإِذَا وَضَعَتْ أُنْثَى طَرَحَتْهَا فِي الْحَفِيرَةِ وَهَذَا أَلْيَقِ بِالْفَرِيقِ الْأَوَّلِ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ إِذَا صَارَتِ الْبِنْتُ سُدَاسِيَّةً قَالَ لِأُمِّهَا طَيِّبِيهَا وَزَيِّنِيهَا لِأَزُورَ بِهَا أَقَارِبَهَا ثُمَّ يَبْعُدُ بِهَا فِي الصَّحْرَاءِ حَتَّى يَأْتِيَ الْبِئْرِ فَيَقُولُ لَهَا انْظُرِي فِيهَا وَيَدْفَعُهَا مِنْ خَلْفِهَا وَيَطِمُّهَا وَهَذَا اللَّائِقُ بِالْفَرِيقِ الثَّانِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ.

     وَقَالَ  فِي رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ وَكَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ.

     وَقَالَ  كَذَا لِلْأَكْثَرِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ هُنَا قِيلًا وَقَالًا وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَفِيهِ تَعَقُّبٌ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ جَائِزٌ وَلَمْ تَقَعْ بِهِ الرِّوَايَةُ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ قِيلَ.

     وَقَالَ  اسْمَانِ يُقَالُ كَثِيرُ الْقِيلِ وَالْقَالِ كَذَا جَزَمَ بِأَنَّهُمَا اسْمَانِ وَأَشَارَ إِلَى الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ بِدُخُولِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ عَلَيْهِمَا.

     وَقَالَ  أَيْن دَقِيقِ الْعِيدِ لَوْ كَانَا اسْمَيْنِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَالْقَوْلِ لَمْ يَكُنْ لِعَطْفِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَائِدَةٌ فَأَشَارَ إِلَى تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ.

     وَقَالَ  الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي قِيلَ.

     وَقَالَ  ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُمَا مَصْدَرَانِ لِلْقَوْلِ تَقُولُ.

.

قُلْتُ قَوْلًا وَقِيلًا وَقَالًا وَالْمُرَادُ فِي الْأَحَادِيثِ الْإِشَارَةُ إِلَى كَرَاهَةِ كَثْرَةِ الْكَلَامِ لِأَنَّهَا تُئَوِّلُ إِلَى الْخَطَأِ قَالَ وَإِنَّمَا كَرَّرَهُ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الزَّجْرِ عَنْهُ ثَانِيهَا إِرَادَةُ حِكَايَةِ أَقَاوِيلِ النَّاسِ وَالْبَحْثُ عَنْهَا لِيُخْبِرَ عَنْهَا فَيَقُولُ قَالَ فُلَانٌ كَذَا وَقِيلَ كَذَا وَالنَّهْيُ عَنْهُ إِمَّا لِلزَّجْرِ عَنِ الِاسْتِكْثَارِ مِنْهُ وَإِمَّا لِشَيْءٍ مَخْصُوصٍ مِنْهُ وَهُوَ مَا يَكْرَهُهُ الْمَحْكِيُّ عَنْهُ ثَالِثُهَا أَنَّ ذَلِكَ فِي حِكَايَةِ الِاخْتِلَافِ فِي أُمُورِ الدِّينِ كَقَوْلِهِ قَالَ فُلَانٌ كَذَا.

     وَقَالَ  فُلَانٌ كَذَا وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ ذَلِكَ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يُؤْمَنُ مَعَ الْإِكْثَارِ مِنَ الزَّلَلِ وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِمَنْ يَنْقُلُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَثَبُّتٍ وَلَكِنْ يُقَلِّدُ مَنْ سَمِعَهُ وَلَا يَحْتَاطُ لَهُ.

.

قُلْتُ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَفِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ .

     قَوْلُهُ  قِيلَ.

     وَقَالَ  مِنْ قَوْلِهِمْ قِيلَ كَذَا.

     وَقَالَ  كَذَا وَبِنَاؤُهُمَا عَلَى كَوْنِهِمَا فعلين محكيين متضمنين للضمير والأعرب عَلَى إِجْرَائِهِمَا مَجْرَى الْأَسْمَاءِ خِلْوَيْنِ مِنَ الضَّمِيرِ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  إِنَّمَا الدُّنْيَا قِيلَ.

     وَقَالَ  وَإِدْخَالُ حَرْفِ التَّعْرِيفِ عَلَيْهِمَا فِي قَوْلِهِ مَا يُعْرَفُ الْقَالُ الْقِيلُ لِذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  وَكَثْرَةُ السُّؤَالِ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي الْمُرَادِ مِنْهُ وَهَلْ هُوَ سُؤَالُ الْمَالِ أَوِ السُّؤَالُ عَنِ الْمُشْكِلَاتِ وَالْمُعْضِلَاتِ أَوْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّ الْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ كَثْرَةُ السُّؤَالِ عَنْ أَخْبَارِ النَّاسِ وَأَحْدَاثِ الزَّمَانِ أَوْ كَثْرَةُ سُؤَالِ إِنْسَانٍ بِعَيْنِهِ عَنْ تَفَاصِيلِ حَالِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ الْمَسْئُولُ غَالِبًا وَقَدْ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنِ الْأُغْلُوطَاتِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ وَثَبَتَ عَنْ جَمْعٍ مِنَ السَّلَفِ كَرَاهَةَ تَكَلُّفِ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَسْتَحِيلُ وُقُوعُهَا عَادَةً أَوْ يَنْدُرُ جِدًّا وَإِنَّمَا كَرِهُوا ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّنَطُّعِ وَالْقَوْلِ بِالظَّنِّ إِذْ لَا يَخْلُو صَاحِبُهُ مِنَ الْخَطَأِ.

.
وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ فِي اللِّعَانِ فَكَرِهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا وَكَذَا فِي التَّفْسِيرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تبدلكم تَسُؤْكُمْ فَذَلِكَ خَاصٌّ بِزَمَانِ نُزُولِ الْوَحْيِ وَيُشِيرُ إِلَيْهِ حَدِيثِ أَعْظَمُ النَّاسِ جُرْمًا عِنْدَ اللَّهِ مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ وَثَبَتَ أَيْضًا ذَمُّ السُّؤَالِ لِلْمَالِ وَمَدْحُ مَنْ لَا يُلْحِفُ فِيهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى لَا يسْأَلُون النَّاس إلحافا وَتَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ حَدِيثُ لَا تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ غُرْمٍ مُفْظِعٍ أَوْ جَائِحَةٍ وَفِي السُّنَنِ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنِ عَبَّاسٍ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ سَائِلًا فَاسْأَلِ الصَّالِحِينَ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ جَائِزٌ لِأَنَّهُ طَلَبُ مُبَاحٍ فَأَشْبَهَ الْعَارِيَةَ وَحَمَلُوا الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ عَلَى مَنْ سَأَلَ مِنَ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى النَّهْيِ عَنِ السُّؤَالِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ قَالَ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي سُؤَالِ الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ عَلَى وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا التَّحْرِيمُ لِظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ وَالثَّانِي يَجُوزُ مَعَ الْكَرَاهَةِ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ لَا يُلِحَّ وَلَا يُذِلَّ نَفْسَهُ زِيَادَةً عَلَى ذُلِّ نَفْسِ السُّؤَالِ وَلَا يُؤْذِي الْمَسْئُولَ فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ حَرُمَ.

     وَقَالَ  الْفَاكِهَانِيُّ يُتَعَجَّبُ مِمَّنْ قَالَ بِكَرَاهَةِ السُّؤَالِ مُطْلَقًا مَعَ وُجُودِ السُّؤَالِ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَالشَّارِعُ لَا يُقِرُّ عَلَى مَكْرُوهٍ.

.

قُلْتُ لَعَلَّ مَنْ كَرِهَ مُطْلَقًا أَرَادَ أَنَّهُ خِلَافَ الْأَوْلَى وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِهِ أَنْ تَتَغَيَّرَ صِفَتُهُ وَلَا مِنْ تَقْرِيرِهِ أَيْضًا وَيَنْبَغِي حَمْلُ حَالِ أُولَئِكَ عَلَى السَّدَادِ وَأَنَّ السَّائِلَ مِنْهُمْ غَالِبًا مَا كَانَ يَسْأَلُ إِلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ الشَّدِيدَةِ وَفِي قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ نَظَرٌ فَفِي الْأَحَادِيثِ الْكَثِيرَةِ الْوَارِدَةِ فِي ذَمِّ السُّؤَالِ كِفَايَةٌ فِي إِنْكَارِ ذَلِكَ تَنْبِيهٌ جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا سَأَلَ لِنَفْسِهِ.

.
وَأَمَّا إِذَا سَأَلَ لِغَيْرِهِ فَالَّذِي يَظْهَرُ أَيْضًا أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ .

     قَوْلُهُ  وَإِضَاعَةُ الْمَالِ تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِقْرَاضِ أَنَّ الْأَكْثَرَ حَمَلُوهُ عَلَى الْإِسْرَافِ فِي الْإِنْفَاقِ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِالْإِنْفَاقِ فِي الْحَرَامِ وَالْأَقْوَى أَنَّهُ مَا أُنْفِقَ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ الْمَأْذُونِ فِيهِ شَرْعًا سَوَاءٌ كَانَتْ دِينِيَّةً أَوْ دُنْيَوِيَّةً فَمَنَعَ مِنْهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْمَالَ قِيَامًا لِمَصَالِحِ الْعِبَادِ وَفِي تَبْذِيرِهَا تَفْوِيتُ تِلْكَ الْمَصَالِحِ إِمَّا فِي حَقِّ مُضَيِّعِهَا وَإِمَّا فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ كَثْرَةُ إِنْفَاقِهِ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ لِتَحْصِيلِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ مَا لَمْ يُفَوِّتْ حَقًّا أُخْرَوِيًّا أَهَمَّ مِنْهُ وَالْحَاصِلُ فِي كَثْرَةِ الْإِنْفَاقِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ إِنْفَاقُهُ فِي الْوُجُوهِ الْمَذْمُومَةِ شَرْعًا فَلَا شَكَّ فِي مَنْعِهِ وَالثَّانِي إِنْفَاقُهُ فِي الْوُجُوهِ الْمَحْمُودَةِ شَرْعًا فَلَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ مَطْلُوبًا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَالثَّالِثُ إِنْفَاقُهُ فِي الْمُبَاحَاتِ بِالْأَصَالَةِ كَمَلَاذِّ النَّفْسِ فَهَذَا يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهٍ يَلِيقُ بِحَالِ الْمُنْفِقِ وَبِقَدْرِ مَالِهِ فَهَذَا لَيْسَ بِإِسْرَافٍ وَالثَّانِي مَا لَا يَلِيقُ بِهِ عُرْفًا وَهُوَ يَنْقَسِمُ أَيْضًا إِلَى قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا يَكُونُ لِدَفْعِ مَفْسَدَةٍ إِمَّا نَاجِزَةٍ أَوْ مُتَوَقَّعَةٍ فَهَذَا لَيْسَ بِإِسْرَافٍ وَالثَّانِي مَا لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ إِسْرَافٌ وَذَهَبَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِإِسْرَافٍ قَالَ لِأَنَّهُ تَقُومُ بِهِ مَصْلَحَةُ الْبَدَنِ وَهُوَ غَرَضٌ صَحِيحٌ وَإِذَا كَانَ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ فَهُوَ مُبَاح لَهُ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ يَمْنَعُ مَا قَالَ اه وَقَدْ صَرَّحَ بِالْمَنْعِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فَقَالَ فِي كِتَابِ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ هُوَ حَرَامٌ وَتَبِعَهُ الْغَزَالِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَغَارِمِ وَصَحَّحَ فِي بَابِ الْحَجْرِ مِنَ الشَّرْحِ وَفِي الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ لَيْسَ بِتَبْذِيرٍ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ وَالَّذِي يَتَرَجَّحُ أَنَّهُ لَيْسَ مَذْمُومًا لِذَاتِهِ لَكِنَّهُ يُفْضِي غَالِبًا إِلَى ارْتِكَابِ الْمَحْذُورِ كَسُؤَالِ النَّاسِ وَمَا أَدَّى إِلَى الْمَحْذُورِ فَهُوَ مَحْذُورٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ الْبَحْثُ فِي جَوَازِ التَّصَدُّقِ بِجَمِيعِ الْمَالِ وَأَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ لِمَنْ عُرِفَ مَنْ نَفْسِهِ الصَّبْرُ عَلَى الْمُضَايَقَةِ وَجَزَمَ الْبَاجِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ بِمَنْعِ اسْتِيعَابِ جَمِيعِ الْمَالِ بِالصَّدَقَةِ قَالَ وَيُكْرَهُ كَثْرَةُ إِنْفَاقِهِ فِي مَصَالِحِ الدُّنْيَا وَلَا بَأْسَ بِهِ إِذَا وَقَعَ نَادِرًا لِحَادِثٍ يَحْدُثُ كَضَيْفٍ أَوْ عِيدٍ أَوْ وَلِيمَةٍ وَمِمَّا لَا خِلَافَ فِي كَرَاهَتِهِ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الْبِنَاءِ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَلَا سِيَّمَا إِنْ أَضَافَ إِلَى ذَلِكَ الْمُبَالَغَةَ فِي الزَّخْرَفَةِ وَمِنْهُ احْتِمَالُ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي الْبِيَاعَاتِ بِغَيْرِ سَبَبٍ.

.
وَأَمَّا إِضَاعَةُ الْمَالِ فِي الْمَعْصِيَةِ فَلَا يَخْتَصُّ بِارْتِكَابِ الْفَوَاحِشِ بَلْ يَدْخُلُ فِيهَا سُوءُ الْقِيَامِ عَلَى الرَّقِيقِ وَالْبَهَائِمِ حَتَّى يَهْلِكُوا وَدَفْعُ مَالِ مَنْ لَمْ يُؤْنَسْ مِنْهُ الرُّشْدُ إِلَيْهِ وَقَسْمُهُ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِجُزْئِهِ كَالْجَوْهَرَةِ النَّفِيسَةِ.

     وَقَالَ  السُّبْكِيُّ الْكَبِيرُ فِي الْحَلَبِيَّاتِ الضَّابِطُ فِي إِضَاعَةِ الْمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ لِغَرَضٍ دِينِيٍّ وَلَا دُنْيَوِيٍّ فَإِنِ انْتَفَيَا حَرُمَ قَطْعًا وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا وُجُودًا لَهُ بَالٌ وَكَانَ الْإِنْفَاقُ لَائِقًا بِالْحَالِ وَلَا مَعْصِيَةَ فِيهِ جَازَ قَطْعًا وَبَيْنَ الرُّتْبَتَيْنِ وَسَائِطُ كَثِيرَةٌ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ ضَابِطٍ فَعَلَى الْمُفْتِي أَنْ يَرَى فِيمَا تَيَسَّرَ مِنْهَا رَأْيَهُ.

.
وَأَمَّا مَا لَا يَتَيَسَّرُ فَقَدْ تَعَرَّضَ لَهُ فَالْإِنْفَاقُ فِي الْمَعْصِيَةِ حَرَامٌ كُلُّهُ وَلَا نَظَرَ إِلَى مَا يَحْصُلُ فِي مَطْلُوبِهِ مِنْ قَضَاءِ شَهْوَةٍ وَلَذَّةٍ حَسَنَةٍ.

.
وَأَمَّا إِنْفَاقُهُ فِي الْمَلَاذِّ الْمُبَاحَةِ فَهُوَ مَوْضِعُ الِاخْتِلَافِ فَظَاهِرُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَين ذَلِك قواما أَنَّ الزَّائِدَ الَّذِي لَا يَلِيقُ بِحَالِ الْمُنْفِقِ إِسْرَاف ثمَّ قَالَ وَمن بذل مَا لَا كَثِيرًا فِي غَرَضٍ يَسِيرٍ تَافِهٍ عَدَّهُ الْعُقَلَاءُ مُضَيِّعًا بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الطِّيبِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ حُسْنِ الْخُلُقِ وَهُوَ تَتَبُّعُ جَمِيعِ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ وَالْخِلَالِ الْجَمِيلَةِ الحَدِيث الثَّانِي

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْكَبَائِرِ قالَهُ ابْنُ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
هذا ( باب) بالتنوين يذكر فيه ( عقوق الوالدين) وهو إيذاؤهما بأيّ نوع كان من أنواع الأذى قل أو كثر نهيا عنه أو لم ينهيا عنه أو مخالفتهما فيما يأمران أو ينهيان بشرط انتفاء المعصية في الكل ( من الكبائر قاله) عبد الله ( بن عمرو) بفتح العين في الفرع وعزاه في الفتح للأصيلي أي عبد الله بن عمرو بن العاصي ولأبي ذر كما قال الحافظ ابن حجر: عمر بضم العين.
قال: وبالفتح لأبي ذر وفي بعض النسخ وهو المحفوظ، ووصله المؤلّف في الأيمان والنذور من رواية الشعبي عن عبد الله بن عمرو بن العاصي ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بلفظ: "الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس".


[ قــ :5654 ... غــ : 5975 ]
- حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ وَرَّادٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَمَنْعَ وَهَاتِ وَوَأْدَ الْبَنَاتِ وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ.

     وَقَالَ  وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ».

وبه قال: ( حدّثنا سعد بن حفص) أبو محمد الطلحي من ولد طلحة بن عبيد الله القرشي التيمي، وقيل هو مولى آل طلحة بن عبيد الله هو الكوفي الضخم، وسعد بسكون العين وفي الفرع بكسرها بعدها تحتية ولعله سبق قلم من ناسخه إذ ليس في مشايخ المؤلّف من اسمه سعيد بن حفص بالتحتية بعد الكسر.
نعم سعيد بن حفص بالتحتية النفيلي بالنون والفاء مصغرًا أو عمرو الحراني يروي عن زهير ومعقل بن عبيد الله، وروى عنه بقي بن مخلد والحسن بن سفيان وهو صدوق، لكن اختلط في آخر عمره لم يرو عنه أحد من أصحاب الكتب الستة إلا النسائي فيما أعلم قال: ( حدّثنا شيبان) بفتح الشين المعجمة وسكون التحتية بعدها موحدة فألف فنون ابن عبد الرحمن النحوي المؤدب التيمي مولاهم البصري أبو معاوية ولم يرو سعد بن حفص في البخاري عن غيره ( عن منصور) هو ابن المعتمر ( عن المسيب) بفتح التحتية المشددة ابن رافع الكاهلي ( عن ورّاد) بفتح الواو والراء المشددة كاتب المغيرة ومولاه ( عن المغيرة) وللأصيلي زيادة ابن شعبة -رضي الله عنه- ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( إن الله) عز وجل ( حرّم عليكم عقوق الأمهات) بضم العين المهملة من العق وهو القطع والشق فهو شق عصا الطاعة للوالدين وذكر الأمهات اكتفاء بذكرهن عن الآباء أو لأن عقوقهن فيه
مزية في القبح أو لعجزهن غالبًا ( ومنع) ما عليكم إعطاؤه، ولأبي ذر والأصيلي: ومنعا وفي بعضها بدون ألف بالتنوين على اللغة الربيعية ( وهات) بكسر آخره فعل أمر من الإيتاء والأصل آت فقلبت الهمزة هاء أي: وحرّم عليكم طلب ما ليس لكم أخذه ( و) حرم عليكم ( وأد البنات) بفتح الواو وسكون الهمزة دفنهن في القبر إحياء لما فيه من قطع النسل الذي هو موجب خراب العالم.

قيل: وأول من فعل ذلك قيس بن عاصم التميمي ( وكره) تعالى ( لكم قيل وقال) وهو ما يكون من فضول المجالس مما يتحدث به فيها كقيل كذا وكذا مما لا يصح ولا تعلم حقيقته وربما جرّ إلى غيبة أو نميمة أما من قال: ما يصح وعرف حقيقته وأسنده إلى ثقة صدوق ولم يجر إلى منهي عنه فلا وجه لذمه، ولأبي ذر عن الكشميهني قيلاً وقالاً بالتنوين فيهما، والأشهر عدمه فيهما، وقول الجوهري أنهما اسمان مستدلاً بأنه يقال كثير القيل والقال بدخول الألف واللام عليهما متعقب بقول ابن دقيق العيد: لو كانا اسمين بمعنى واحد كالقول لم يكن لعطف أحدهما على الآخر فائدة.
وقال في التنقيح: المشهور عند أهل اللغة فيهما أنهما اسمان معربان ويدخلهما الألف واللام والمشهور في هذا الحديث بناؤهما على الفتح على أنهما فعلان ماضيان، فعلى هذا يكون التقدير ونهى عن قول وقيل وقال وفيهما ضمير فاعل مستتر، ولو روي بالتنوين لجاز، قال في المصابيح: لا حاجة إلى ادعاء استتار ضمير فيهما بل هما فعلان ماضيان على رأي ابن مالك في جواز جريان الإسناد إلى الكلمة في أنواعها الثلاثة نحو زيد ثلاثي وضرب فعل ماض ومن حرف جر ولا شك أنهما مسند إليهما في التقدير إذ المعنى قيل وقال كرههما عليه الصلاة والسلام أو اسمان عند الجمهور والفتح على الحكاية وينكرون أن يكون غير الاسم مسندًا إليه كما هو مقرر في محله اهـ.

( و) كره تعالى لكم ( كثرة السؤال) له -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن المسائل التي لا حاجة إليها كما قال تعالى:
{ لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} [المائدة: 101] أو المراد لا تسألوا في العلم سؤال امتحان ومراء وجدال، أو لا تسألوا عن أحوال الناس ( و) كره لكم أيضًا ( إضاعة المال) بإنفاقه في غير ما أذن فيه شرعًا لأن الله تعالى جعل المال قيامًا لمصالح العباد، وفي تبذيره تفويت لذلك، والذي صححه النووي أن صرفه في الصدقة ووجوه الخير والمطاعم والملابس التي لا تليق بحالة ليس بتبذير لأن المال يتخذ لينتفع به ويلتذ.

وهذا الحديث سبق في باب قوله تعالى: { لا يسألون الناس إلحافًا} [البقرة: 273] من كتاب الزكاة وفي الاستقراض أيضًا.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابٌُ عُقُوقُ الوالِدَيْنِ مِنَ الكَبائِرِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان أَن عقوق الْوَالِدين من الْكَبَائِر،.

     وَقَالَ  بَعضهم: بابُُ، التَّنْوِين.
قلت: لَا يَصح بِالتَّنْوِينِ إلاَّ بِشَيْء مُقَدّر لِأَن شَرط الْإِعْرَاب التَّرْكِيب.
والعقوق مُشْتَقّ من العق وَهُوَ الشق وَالْقطع، وَقد فرق الْجَوْهَرِي بَين مصدر قَوْله: عق عَن وَلَده، وَبَين مصدر: عق وَالِده، فَقَالَ: وعق عَن وَلَده يعق عقاً إِذا ذبح عَنهُ يَوْم أسبوعه، وَكَذَلِكَ إِذا حلق عقيقته، وعق وَالِده عقوقاً ومعقة فَهُوَ عَاق وعقق وَالْجمع عققة.
مثل كفرة.
وَأما صَاحب ( الْمُحكم) فصدر كَلَامه بالتسوية بَينهمَا،.

     وَقَالَ : عقه يعقه عقاً فَهُوَ معقق وعقيق شقَّه، قَالَ: وعق عَن ابْنه يعق ويعق حلق عقيقته أَو ذبح عَنهُ شَاة، وَاسم تِلْكَ الشَّاة: الْعَقِيقَة قَالَ: وعق وَالِده يعقه عقوقاً شقّ عَصا طَاعَته، قَالَ: وَرجل عُقُق وعقق وعق وعاقٍ،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: عق وَالِده إِذا آذاه وَعَصَاهُ وَخرج عَلَيْهِ، قَالَ: وَهُوَ ضد الْبر،.

     وَقَالَ  ابْن دَقِيق الْعِيد: ضبط الْوَاجِب من الطَّاعَة لَهما وَالْمحرم من العوق مَا لَهما فِيهِ عسر.
ورتب العقوق مُخْتَلفَة،.

     وَقَالَ  ابْن عبد السَّلَام: لم أَقف فِي عقوق الْوَالِدين وَلَا فِيمَا يختصان بِهِ من الْحُقُوق على ضَابِط اعْتمد عَلَيْهِ، فأيما يحرم فِي حق الْأَجَانِب فَهُوَ حرَام فِي حَقّهمَا وَمَا يجب للأجانب فَهُوَ وَاجِب لَهما، وَلَا يجب على الْوَلَد طاعتهما فِي كل مَا يأمران بِهِ وَلَا فِي كل مَا ينهيان عَنهُ بِاتِّفَاق الْعلمَاء،.

     وَقَالَ  الشَّيْخ تفي الدّين السُّبْكِيّ: إِن ضَابِط العقوق إيذاؤهما بِأَيّ نوع كَانَ من أَنْوَاع الْأَذَى.
قل أَو كثر، نهيا عَنهُ أَو لم ينهيا أَو يخالفهما فِيمَا يأمران أَو ينهيان بِشَرْط انْتِفَاء الْمعْصِيَة فِي الْكل، وَحكى قَول الْغَزالِيّ: أَن أَكثر الْعلمَاء على وجوب طاعتهما فِي الشُّبُهَات، وَوَافَقَهُمَا عَلَيْهِ، وَحكى قَول الطرطوسي من الْمَالِكِيَّة: أَنَّهُمَا إِذا نهياه عَن سنية راتبة الْمرة بعد الْمرة أَطَاعَهُمَا، وَإِن كَانَ ذَلِك على الدَّوَام فَلَا طَاعَة لَهما فِيهِ لما فِيهِ من إماتة الشَّرْع، وَوَافَقَهُ على ذَلِك أَيْضا.

قالَهُ ابْنُ عُمَرَ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
هَذَا التَّعْلِيق وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر عمر بِضَم الْعين وَوَقع للأصيلي: عمر، وَبِفَتْحِهَا وَكَذَا فِي بعض النّسخ عَن أبي ذَر، وَهُوَ الْمَحْفُوظ، وَوَصله البُخَارِيّ فِي كتاب الْأَيْمَان وَالنُّذُور من رِوَايَة الشّعبِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: الْكَبَائِر الْإِشْرَاك بِاللَّه وعقوق الْوَالِدين وَقتل النَّفس وَالْيَمِين الْغمُوس، وَأخرج النَّسَائِيّ لِابْنِ عمر حَدِيثا فِي الْعَاق بِلَفْظ: ثَلَاثَة لَا ينظر الله إِلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة: الْعَاق لوَالِديهِ ومدمن الْخمر والمنان، وَأخرجه الْبَزَّار أَيْضا وَابْن حبَان وَصَححهُ وَالْحَاكِم كَذَلِك.



[ قــ :5654 ... غــ :5975 ]
- حدَّثنا سَعْدُ بنُ حَفْصٍ حَدثنَا شَيْبانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ المُسَيَّبِ عَنْ ورَّادٍ عَنِ المُغِيرَةِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: إنَّ الله حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهاتِ ومَنْعَ وهاتِ وَوَأْدَ البَناتِ، وكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ.

     وَقَالَ  وكَثْرَةَ السُّؤَالِ وإضاعَة المَالِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة فِي عقوق الْأُمَّهَات.
والترجمة فِي عقوق الْوَالِدين، وَلَا اعْتِرَاض من هَذِه الْحَيْثِيَّة لِأَن ذكر الْأُمَّهَات فِي الحَدِيث لَيْسَ للتخصيص بالحكم، بل لِأَن الْغَالِب ذَلِك لعجزهن، وَقيل: لِأَن لعقوق الْأُمَّهَات مزية فِي الْقبْح أَو اكْتفى بِذكر أحد الْوَالِدين عَن الآخر.

وَسعد بن حَفْص أَبُو مُحَمَّد الطلحي الْكُوفِي، يُقَال لَهُ الضخم، وَانْفَرَدَ بِهِ البُخَارِيّ عَن الْخَمْسَة وَلَيْسَ فِي شيوخهم من اسْمه سعد سَوَاء، مَاتَ سنة خمس عشرَة وَمِائَتَيْنِ، وشيبان بن عبد الرَّحْمَن النَّحْوِيّ، وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، وَالْمُسَيب على وزن إسم الْمَفْعُول من التسييب ابْن رَافع الْكَاهِلِي، ووراد بِفَتْح الْوَاو وَتَشْديد الرَّاء مولى الْمُغيرَة، والمغيرة هُوَ ابْن شُعْبَة، وَفِي بعض النّسخ ذكر وَالِده.

والْحَدِيث مضى فِي الزَّكَاة فِي: بابُُ قَول الله عز وَجل: { لَا يسْأَلُون النَّاس إلحافاً} ( الْبَقَرَة: 273) وَمضى فِي الاستقراض أَيْضا عَن عُثْمَان عَن جرير، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: ( وَمنع وهات) ، أَي: حرم عَلَيْكُم منع مَا عَلَيْكُم إِعْطَاؤُهُ وَطلب مَا لَيْسَ لكم أَخذه، وَقيل: نهى عَن منع الْوَاجِب من مَاله وأقواله وأفعاله وَعَن استدعاء مَا لَا يجب عَلَيْهِم من الْحُقُوق، وَمنع بِغَيْر تَنْوِين وَقع فِيمَا تقدم.
قَوْله: ( وهات) بِكَسْر التَّاء فعل أَمر من الإيتاء،.

     وَقَالَ  الْخَلِيل: أصل هَات آتٍ فقلبت الْهمزَة هَاء،.

     وَقَالَ  بَعضهم: فقلبت الْألف وَهَذَا غلط لَا يخفى.
قَوْله: ( ووأد الْبَنَات) أَي: وَحرم أَيْضا، وأد الْبَنَات وَهُوَ دفنهن بِالْحَيَاةِ، يُقَال: وأدها يئدها وأداً فَهِيَ مؤودة، ذكرهَا الله فِي كِتَابه، وَكَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يَفْعَلُونَ ذَلِك كَرَاهَة فِيهِنَّ.
وَيُقَال: إِن أول من فعل ذَلِك قيس بن عَاصِم التَّمِيمِي، وَكَانَ بعض أعدائه أغار عَلَيْهِ فَأسر بنته فاتخذها لنَفسِهِ ثمَّ حصل بَينهم صلح فَخير ابْنَته فَاخْتَارَتْ زَوجهَا، فآلى قيس على نَفسه أَن لَا تولد لَهُ بنت إلاَّ دَفنهَا حَيَّة، فَتَبِعَهُ الْعَرَب على ذَلِك، وَكَانَ من الْعَرَب فريق ثَان يقتلُون أَوْلَادهم مُطلقًا إِمَّا نفاسة مِنْهُ على مَا ينقصهُ من مَاله، وَإِمَّا من عدم مَا يُنْفِقهُ عَلَيْهِ، وَقد ذكر الله أَمرهم فِي الْقُرْآن، وَكَانَ صعصعة بن نَاجِية التَّمِيمِي جد الفرزدق همام بن غَالب بن صعصعة أول من فدى المؤودة، وَذَلِكَ أَنه كَانَ يعمد إِلَى من يفعل ذَلِك فيفدي الْوَلَد مِنْهُ بِمَال يتفقان عَلَيْهِ، وَإِلَى ذَلِك أَشَارَ الفرزدق بقوله:
( وجدى الَّذِي منع الوائدات ... وأحي الوئيد فَلم يؤدٍ)

قَوْله: ( قيل) .

     وَقَالَ  فِيهِ ثَلَاثَة أوجه.
الأول: أَن يكون كِلَاهُمَا مصدرين، يُقَال: قَالَ قولا وقيلاً وَقَالا، وَلم يكتبا بِالْألف لِأَنَّهَا لُغَة ربيعَة، وَفِي ( التَّوْضِيح) كَذَا روينَاهُ بِغَيْر صرف، يَعْنِي بِغَيْر تَنْوِين، ويروى بِالتَّنْوِينِ.
قلت: الأَصْل أَن يكون بِالتَّنْوِينِ لِأَنَّهُ إسم وَقع مَفْعُولا وَحقه النصب بِالتَّنْوِينِ وَمَعْنَاهُ: النَّهْي عَن كَثْرَة القَوْل فِيمَا لَا يَعْنِي، وَكرر للتَّأْكِيد.
الثَّانِي: أَن يكون كِلَاهُمَا فعلين: الأول: مَجْهُول الْفِعْل الْمَاضِي، وَالثَّانِي: مَعْلُوم الْمَاضِي وهما مبنيان متضمنان للضمير وَمَعْنَاهُ، قيل لفُلَان كَذَا.

     وَقَالَ  فلَان كَذَا، وَذَلِكَ للزجر عَن الاستكثار.
الثَّالِث: أَن يَكُونَا حِكَايَة أقاويل النَّاس: قَالَ فلَان كَذَا وَقيل كَذَا، أَو فِي أُمُور الَّذين بِأَن ينْقل من غير احْتِيَاط وَدَلِيل.
قَوْله: ( وَكَثْرَة السُّؤَال) أَي: فِي الْمسَائِل الَّتِي لَا حَاجَة لَهُ إِلَيْهَا أَو من الْأَمْوَال أَو عَن أَحْوَال النَّاس.
قَوْله: و ( إِضَاعَة المَال) وَهُوَ الْإِسْرَاف فِي الْإِنْفَاق وَقيل: الْإِنْفَاق فِي الْحَرَام.