هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
334 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، قَالَ : سَمِعْتُ عُمَيْرًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : أَقْبَلْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَسَارٍ ، مَوْلَى مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَبِي جُهَيْمِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ الأَنْصَارِيِّ ، فَقَالَ أَبُو الجُهَيْمِ الأَنْصَارِيُّ أَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الجِدَارِ ، فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
334 حدثنا يحيى بن بكير ، قال : حدثنا الليث ، عن جعفر بن ربيعة ، عن الأعرج ، قال : سمعت عميرا مولى ابن عباس ، قال : أقبلت أنا وعبد الله بن يسار ، مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى دخلنا على أبي جهيم بن الحارث بن الصمة الأنصاري ، فقال أبو الجهيم الأنصاري أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أقبل على الجدار ، فمسح بوجهه ويديه ، ثم رد عليه السلام
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن أبي الجُهَيْمِ الأَنْصَارِيُّ  ، قال : أَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الجِدَارِ ، فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ .

Narrated Abu Juhaim Al-Ansari:

The Prophet (ﷺ) came from the direction of Bir Jamal. A man met him and greeted him. But he did not return back the greeting till he went to a (mud) wall and wiped his face and hands with its dust (performed Tayammum) and then returned back the greeting.

0337 Al-Araj dit : J’ai entendu Umayr, l’affranchi d’ibn Abbas, dire : J’étais avec Abd-ul-Lâh ben Yasar, l’affranchi de Maymuna, l’épouse du Prophète, chez Abu Juhaym ben al-Harith ben as-Simma al-Ansari. A notre entrée, Juhaym dit : « Le Prophète revenait de bir-Jamal lorsqu’un homme le croisa et le salua en prononçant le salam, mais le Prophète ne lui rendit pas le salam, et ce jusqu’à ce qu’il fût devant un mur sur lequel il posa les mains puis s’essuya le visage et les deux mains avant de rendre le salam. »  

":"ہم سے یحییٰ بن بکیر نے بیان کیا ، انھوں نے کہا ہم سے لیث بن سعد نے بیان کیا ، انھوں نے جعفر بن ربیعہ سے ، انھوں نے عبدالرحمٰن اعرج سے ، انھوں نے کہا میں نے ابن عباس رضی اللہ عنہما کے غلام عمیر بن عبداللہ سے سنا ، انھوں نے کہا کہمیں اور عبداللہ بن یسار جو کہ حضرت میمونہ رضی اللہ عنہا زوجہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کے غلام تھے ، ابوجہیم بن حارث بن صمہ انصاری ( صحابی ) کے پاس آئے ۔ انھوں نے بیان کیا کہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم ” بئر جمل “ کی طرف سے تشریف لا رہے تھے ، راستے میں ایک شخص نے آپ کو سلام کیا ( یعنی خود اسی ابوجہیم نے ) لیکن آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے جواب نہیں دیا ۔ پھر آپ دیوار کے قریب آئے اور اپنے چہرے اور ہاتھوں کا مسح کیا پھر ان کے سلام کا جواب دیا ۔

0337 Al-Araj dit : J’ai entendu Umayr, l’affranchi d’ibn Abbas, dire : J’étais avec Abd-ul-Lâh ben Yasar, l’affranchi de Maymuna, l’épouse du Prophète, chez Abu Juhaym ben al-Harith ben as-Simma al-Ansari. A notre entrée, Juhaym dit : « Le Prophète revenait de bir-Jamal lorsqu’un homme le croisa et le salua en prononçant le salam, mais le Prophète ne lui rendit pas le salam, et ce jusqu’à ce qu’il fût devant un mur sur lequel il posa les mains puis s’essuya le visage et les deux mains avant de rendre le salam. »  

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    (بابُُ التَّيمُّمِ فِي الحَضَرِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الماءَ وَخافَ فَوْتَ الصَّلاة)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم التَّيَمُّم فِي الْحَضَر إِلَى آخِره، ذكر قيدين: أَحدهمَا: فقدان المَاء، وَالْآخر: خَوفه خُرُوج وَقت الصَّلَاة، وَيدخل فِي فقدان المَاء عدم الْقُدْرَة عَلَيْهِ وَإِن كَانَ واجداً نَحْو مَا إِذا وجده فِي بِئْر وَلَيْسَ عِنْده آلَة الاستقاء، أَو كَانَ بَينه وَبَينه سبع أَو عَدو.

والمناسبة بَين الْبابَُُيْنِ من حَيْثُ إِن الْبابُُ الأول كَانَ فِي عادم المَاء فِي السّفر، وَهَذَا فِي عادم المَاء فِي الْحَضَر، وَجَوَاب: إِذا، مَحْذُوف يدل على مَا تقدمه، تَقْدِيره: إِذا لم يجد المَاء وَخَافَ فَوت وَقت الصَّلَاة يتَيَمَّم.

وَبِهِ قالَ عَطاءٌ.

أَي: وَبِمَا ذكر من أَن فَاقِد المَاء فِي الْحَضَر الْخَائِف فَوت الْوَقْت يتَيَمَّم.
قَالَ عَطاء بن أبي رَبَاح:.

     وَقَالَ  بَعضهم: أَي بِهَذَا الْمَذْهَب.
قلت: الْمَعْنى الَّذِي يُسْتَفَاد من التَّرْكِيب مَا ذكرته، وَلَا يرد عَلَيْهِ شَيْء، وَهَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) مَوْصُولا عَن عمر عَن ابْن جريج عَن عَطاء.
قَالَ: (إِذا كنت فِي الْحَضَر وَحَضَرت الصَّلَاة وَلَيْسَ عنْدك مَاء فانتظر المَاء، فَإِن خشيت فَوت الصَّلَاة فَتَيَمم وصلِّ) .
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَبقول عَطاء قَالَ الشَّافِعِي.
قلت: مَذْهَبنَا جَوَاز التَّيَمُّم لعادم المَاء فِي الْأَمْصَار، ذكره فِي (الْأَسْرَار) .
وَفِي (شرح الطَّحَاوِيّ) : التَّيَمُّم فِي الْمصر لَا يجوز إلاَّ فِي ثَلَاث.
إِحْدَاهَا: إِذا خَافَ فَوت صَلَاة الْجِنَازَة إِن تَوَضَّأ.
وَالثَّانيَِة: عِنْد خوف فَوت صَلَاة الْعِيد.
وَالثَّالِثَة: عِنْد خوف الْجنب من الْبرد بِسَبَب الِاغْتِسَال.
.

     وَقَالَ  الإِمَام التُّمُرْتَاشِيّ: من عدم المَاء فِي الْمصر لَا يجوز لَهُ التَّيَمُّم لِأَنَّهُ نَادِر.
قلت: الأَصْل جَوَاز التَّيَمُّم لعادم المَاء، سَوَاء كَانَ فِي الْمصر أَو خَارجه لعُمُوم النُّصُوص، وَفِي (كتاب الْأَحْكَام) لِابْنِ بزيزة؛ الْحَاضِر الصَّحِيح يعْدم المَاء، هَل يتَيَمَّم أَو لَا؟ قَالَت طَائِفَة: يتَيَمَّم، وَهُوَ مَذْهَب ابْن عمر وَعَطَاء وَالْحسن وَجُمْهُور الْعلمَاء،.

     وَقَالَ  قوم من الْعلمَاء: لَا يتَيَمَّم؛ وَعَن أبي حنيفَة يسْتَحبّ لعادم المَاء وَهُوَ يرجوه أَن يُؤَخر الصَّلَاة إِلَى آخر الْوَقْت ليَقَع الآداء بأكمل الطهارتين.
وَعَن مُحَمَّد: إِن خَافَ فَوت الْوَقْت يتَيَمَّم.
وَفِي (شرح الأقطع) : التَّأْخِير عَن أبي حنيفَة وَيَعْقُوب حتم، كَأَنَّهُ يُشِير إِلَى مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث أبي إِسْحَاق عَن عَليّ رَضِي اعنه: (إِذا أجنب الرجل فِي السّفر تلوم مَا بَينه وَبَين آخر الْوَقْت، فَإِن لم يجد المَاء تيَمّم ثمَّ صلى) .
.

     وَقَالَ  ابْن حزم: وَبِه قَالَ سُفْيَان بن سعيد وَأحمد بن حَنْبَل وَعَطَاء.
.

     وَقَالَ  مَالك: لَا يعجل وَلَا يُؤَخر، وَلَكِن فِي وسط الْوَقْت.
.

     وَقَالَ  مرّة: إِن أَيقَن بِوُجُود المَاء قبل خُرُوج الْوَقْت أَخّرهُ إِلَى وسط الْوَقْت، وَإِن كَانَ موقناً أَنه لَا يجد المَاء حَتَّى يخرج الْوَقْت فيتيمم فِي أول الْوَقْت وَيُصلي.
وَعَن الْأَوْزَاعِيّ.
كل ذَلِك سَوَاء.
وَعند مَالك: إِذا وجد الْحَاضِر المَاء فِي الْوَقْت هَل يُعِيد أم لَا؟ فِيهِ قَولَانِ فِي (الْمُدَوَّنَة) وَقيل: إِنَّه يُعِيد أبدا.

وقالَ الحَسَنُ فِي الْمَرِيضِ عِنْدَهُ الْماءُ وَلاَ يَجِدُ مَنْ يُناوِلُهُ يَتيَمَّمُ.

أَي: الْحسن الْبَصْرِيّ، رَضِي اعنه.
قَوْله: (المَاء) فِي بعض النّسخ: مَاء، بِلَا لَام.
قَوْله: (من يناوله) أَي: يُعْطِيهِ ويساعده على اسْتِعْمَاله.
وَجَاز عِنْد الشَّافِعِي: وَإِن وجد من يناوله بِالْمرضِ الَّذِي يخَاف من الْغسْل مَعَه محذوراً، وَلَا يجب عَلَيْهِ الْقَضَاء.
قَوْله: (يتَيَمَّم) ، وَفِي بَعْضهَا: (تيَمّم) ، على صِيغَة الْمَاضِي، وروى ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) : عَن الْحسن وَابْن سِيرِين قَالَا: (لَا يتَيَمَّم مَا رجى أَن يقدر على المَاء فِي الْوَقْت) ، وَهَذَا فِي الْمَعْنى مَا ذكره البُخَارِيّ مُعَلّقا.

وَأقْبَلَ ابنُ عُمَرَ منْ أرْضِهِ بِالْجرُفِ فَحَضَرَتِ العَصْرُ بِمَرْبَدِ النَّعَمِ فَصَلَّى ثُمَّ دَخَلَ المَدِينَةَ والشَّمسُ مرْتَفِعَةٌ فَلَمْ يُعِدْ.

الْكَلَام فِيهِ على أَنْوَاع.

الأول: أَن هَذَا التَّعْلِيق فِي موطأ مَالك: (عَن نَافِع أَنه أقبل هُوَ وَعبد امن الجرف حَتَّى إِذا كَانَا بِالْمَدِينَةِ نزل عبد افتيمم صَعِيدا طيبا، فَمسح وَجهه وَيَديه إِلَى الْمرْفقين ثمَّ صلى) ، رَوَاهُ الشَّافِعِي عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن ابْن عجلَان عَن نَافِع عَن ابْن ابْن عمر بِلَفْظ: (ثمَّ صلى الْعَصْر ثمَّ دخل الْمَدِينَة وَالشَّمْس مُرْتَفعَة فَلم يعد الصَّلَاة) .
قَالَ الشَّافِعِي: والجرف قريب من الْمَدِينَة.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث عَمْرو بن مُحَمَّد بن أبي رزين: حدّثنا هِشَام بن حسان عَن عبيد اعن نَافِع عَن عبد ا: (أَن النَّبِي تيَمّم وَهُوَ ينظر إِلَى بيُوت الْمَدِينَة بمَكَان يُقَال لَهُ: مربد النعم) ، ثمَّ قَالَ: تفرد عمر بن مُحَمَّد بِإِسْنَادِهِ هَذَا، وَالْمَحْفُوظ عَن نَافِع عَن ابْن عمر من فعله، وَفِي (سنَن الدَّارَقُطْنِيّ) قَالَ: حدّثنا ابْن صاعد حدّثنا ابْن زنبور حدّثنا فُضَيْل بن عِيَاض عَن ابْن عجلَان عَن نَافِع أَن ابْن عمر تيَمّم وَصلى وَهُوَ على ثَلَاثَة أَمْيَال أَو ميلين من الْمَدِينَة.
وَفِي حَدِيث يحيى بن سعيد عَن نَافِع: تيَمّم عبد اعلى ثَلَاثَة أَمْيَال أَو ميلين من الْمَدِينَة.
وَفِي خبر عمر بن زُرَارَة من طَرِيق مُوسَى بن ميسرَة.
عَن ابْن عمر مثله.

النَّوْع الثَّانِي: أَن البُخَارِيّ ذكر هَذَا مُعَلّقا مُخْتَصرا وَلم يذكر فِيهِ التَّيَمُّم، مَعَ أَنه لَا يُطَابق تَرْجَمَة الْبابُُ إلاَّ بِهِ.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: لم يظْهر لي سَبَب حذفه قلت: الَّذِي يظْهر لي أَن ترك هَذَا مَا هُوَ من البُخَارِيّ، وَالظَّاهِر أَنه من النَّاسِخ، وَاسْتمرّ الْأَمر عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ وَجه غير هَذَا.
الثَّالِث: فِي لغاته.
فَقَوله: (بالجرف) بِضَم الْجِيم وَالرَّاء، وَقد تسكن الرَّاء: وَهُوَ مَا تجْرِي فِيهِ السُّيُول وأكلته من الأَرْض، وَهُوَ جمع: جرفة، بِكَسْر الْجِيم وَفتح الرَّاء.
وَزعم الزبير: أَن الجرفة على ميل من الْمَدِينَة.
.

     وَقَالَ  ابْن إِسْحَاق: على فَرسَخ، وَهُنَاكَ كَانَ الْمُسلمُونَ يعسكرون إِذا أَرَادوا الْغَزْو.
وَزعم ابْن قر قَول أَنه على ثَلَاثَة أَمْيَال إِلَى جِهَة الشَّام، بِهِ مَال عمر وأموال أهل الْمَدِينَة، وَيعرف ببئر جشم وبئر جمل.
قَوْله: (بمربد النعم) .
قَالَ السفاقسي: روينَاهُ بِفَتْح الْمِيم، وَهُوَ فِي اللُّغَة بِكَسْرِهَا، وَفِي (الْمُحكم) : المربد محبس الْإِبِل، وَقيل: هِيَ من خَشَبَة أَو عصى تعترض صُدُور الْإِبِل فتمنعها من الْخُرُوج، ومربد الْبَصْرَة من ذَلِك لأَنهم كَانُوا يحبسون فِيهِ الْإِبِل، والمربد: فضاء وَرَاء الْبيُوت ترتفق بِهِ، والمربد: كالحجرة فِي الدَّار، ومربد التَّمْر: جرينه الَّذِي يوضع فِيهِ بعد الْجذاذ لييبس.
.

     وَقَالَ  سِيبَوَيْهٍ: هُوَ اسْم كالمسطح، وَإِنَّمَا مثله بِهِ لِأَن المسطح ييبس.
.

     وَقَالَ  السُّهيْلي: المربد والجرين والمسطح والبيدر والاندر والجرجار: لُغَات بِمَعْنى وَاحِد.
قَوْله: (النعم) ، بِفَتْح النُّون وَالْعين: وَهُوَ المَال الراعية، وَأكْثر مَا يَقع هَذَا الِاسْم على الْإِبِل.

الرَّابِع فِي حكم الْأَثر الْمَذْكُور: وَهُوَ يَقْتَضِي جَوَاز التَّيَمُّم للحضري، لِأَن من يُجِيز التَّيَمُّم فِي السّفر يقصره على السّفر الَّذِي تقصر فِيهِ الصَّلَاة.
قَالَ مُحَمَّد بن مسلمة: إِنَّمَا تيَمّم ابْن عمر بالمربد لِأَنَّهُ خَافَ فَوت الْوَقْت.
قيل: لَعَلَّه يُرِيد فَوَات الْوَقْت الْمُسْتَحبّ وَهُوَ أَن تصفر الشَّمْس.
وَقَوله: (وَالشَّمْس مُرْتَفعَة) يحْتَمل أَن تكون مُرْتَفعَة عَن الْأُفق والصفرة دَخَلتهَا، وَيحْتَمل أَن يكون ظن أَنه لَا يدْخل الْمَدِينَة حَتَّى يخرج الْوَقْت فَتَيَمم على ذَلِك الِاجْتِهَاد.
.

     وَقَالَ  ابْن الْقَاسِم: من رجا إِدْرَاك المَاء فِي آخر الْوَقْت فَتَيَمم فِي أَوله وَصلى أَجزَأَهُ وَيُعِيد فِي الْوَقْت اسْتِحْبابُُا، فَيحْتَمل أَن ابْن عمر كَانَ يرى هَذَا.
.

     وَقَالَ  سَحْنُون فِي (شرح الْمُوَطَّأ) كَانَ ابْن عمر على وضوء لِأَنَّهُ كَانَ يتَوَضَّأ لكل صَلَاة، فَجعل التَّيَمُّم عِنْد عدم المَاء عوض الْوضُوء، وَقيل: كَانَ ابْن عمر يرى أَن الْوَقْت إِذا دخل حل التَّيَمُّم، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يُؤَخر لقَوْله تَعَالَى: { فَلم تَجدوا مَاء فَتَيَمَّمُوا} (النِّسَاء: 34، والمائدة: 6) .



[ قــ :334 ... غــ :337 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيى بنُ بُكيْر قَالَ حدّثنا اللَّيْثُ عَن جَعْفَرِ بنِ ربِيعةَ عنِ الأَعْرَجِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَيْراً مَوْلَى ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ أقْبَلْتُ أَنا وعَبْدُ اللَّهِ بنُ يَسَارٍ مَوْلَى مَيْمُونَةَ زَوْجِ النبيِّ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أبِي جُهَيْمِ بنِ الْحَارِثِ بنِ الصِّمَّةِ الأَنصَارِيِّ فقالَ أبُو الجُهيْمِ أقْبَلَ النَّبيُّ منْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عليهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النبيُّ حَتى أقْبَلَ عَلَى الْجِدَارِ فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ ثُمَّ رَدَّ عَلَيه السَّلاَمَ.

وَجه مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة هُوَ أَن النَّبِي لما تيَمّم فِي الْحَضَر لرد السَّلَام، وَكَانَ لَهُ أَن يردهُ عَلَيْهِ قبل تيَمّمه، دلّ ذَلِك أَنه إِذا خشِي فَوَات الْوَقْت فِي الصَّلَاة فِي الْحَضَر أَن لَهُ التَّيَمُّم، بل ذَلِك آكِد، لِأَنَّهُ لَا تجوز الصَّلَاة بِغَيْر وضوء وَلَا تيَمّم، وَيجوز السَّلَام بِغَيْرِهِمَا.

ذكر رِجَاله: وهم سَبْعَة.
الأول: يحيى بن بكير هُوَ يحيى بن عبد ابْن بكير القريشي المَخْزُومِي، أَبُو زَكَرِيَّا الْمصْرِيّ.
الثَّانِي: اللَّيْث بن سعد، الإِمَام الْمَشْهُور.
الثَّالِث: جَعْفَر بن ربيعَة بن شُرَحْبِيل الْكِنْدِيّ الْمصْرِيّ، مَاتَ سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَة.
الرَّابِع: الْأَعْرَج وَهُوَ عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز راوية أبي هُرَيْرَة، تقدم فِي بابُُ حب الرَّسُول من الْإِيمَان.
الْخَامِس: عُمَيْر مصغر عَمْرو بن عبد االهاشمي، مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سنة أَربع وَمِائَة.
السَّادِس: عبد ابْن يسَار، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَتَخْفِيف السِّين الْمُهْملَة: الْمدنِي الْهِلَالِي.
السَّابِع: أَبُو جهيم، بِضَم الْجِيم وَفتح الْهَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف: هُوَ عبد ابْن الْحَارِث بن الصمَّة، بِكَسْر الصَّاد الْمُهْملَة وَتَشْديد الْمِيم: الصَّحَابِيّ الخزرجي.
وللبخاري حديثان عَنهُ، ويروى: أَبُو الْجُهَيْم بِالْألف وَاللَّام،.

     وَقَالَ  الذَّهَبِيّ: أَبُو جهيم.
وَيُقَال: أَبُو الْجُهَيْم بن الْحَارِث بن الصمَّة، كَانَ أَبوهُ من كبار الصَّحَابَة، وَأَبُو جهم عبد ابْن جهيم.
قَالَ أَبُو نعيم وَابْن مَنْدَه: أَبُو جهيم وَابْن الصمَّة وَاحِد.
وَكَذَا قَالَه مُسلم فِي بعض كتبه، وجعلهما ابْن عبد الْبر اثْنَيْنِ.
وَعَن ابْن أبي حَاتِم عَن أَبِيه قَالَ: وَيُقَال: أَبُو الْجُهَيْم هُوَ الْحَارِث بن الصمَّة، فعلى هَذَا تكون لَفْظَة: ابْن فِي متن الحَدِيث زَائِدَة، لَكِن صحّح أَبُو حَاتِم أَن الْحَارِث اسْم لِأَبِيهِ لَا اسْمه، وَفِي الصَّحَابَة شخص آخر يُقَال لَهُ: أَبُو الجهم، وَهُوَ صَاحب الأنبجانية، وَهُوَ غير هَذَا لِأَنَّهُ قريشي وَهَذَا أَنْصَارِي.
قلت: أَبُو الجهم هَذَا هُوَ الَّذِي قَالَه الذَّهَبِيّ: أَبُو جهم عبد ابْن جهيم.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين، وَلَكِن فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: حَدثنِي جَعْفَر.
وَفِيه: أَن نصف الْإِسْنَاد الأول مصريون، وَالنّصف الثَّانِي مدنيون.
وَفِيه: عُمَيْر مولى ابْن عَبَّاس، كَذَا هَهُنَا، وَهُوَ مولى أم الْفضل بنت الْحَارِث وَالِدَة ابْن عَبَّاس، وَإِذا كَانَ مولى أم الْفضل فَهُوَ مولى أَوْلَادهَا.
وَقد روى ابْن إِسْحَاق هَذَا الحَدِيث.

     وَقَالَ : مولى عبيد ابْن عَبَّاس، وَقد روى مُوسَى بن عقبَة وَابْن لَهِيعَة وَأَبُو الْحُوَيْرِث هَذَا الحَدِيث عَن الْأَعْرَج عَن أبي الْجُهَيْم وَلم يذكرُوا بَينهَا عُمَيْرًا، وَالصَّوَاب إثْبَاته، وَلَيْسَ لَهُ فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث وَحَدِيث آخر عَن أم الْفضل.
وَفِيه: رِوَايَة الْأَعْرَج عَنهُ رِوَايَة الأقران.
وَفِيه: السماع وَالْقَوْل.
وَفِيه: عبد ابْن يسَار، وَهُوَ أَخُو عَطاء بن يسَار التَّابِعِيّ الْمَشْهُور، وَوَقع عِنْد مُسلم فِي هَذَا الحَدِيث: عبد ابْن يسَار وَهُوَ وهم، وَلَيْسَ لَهُ فِي هَذَا الحَدِيث رِوَايَة، وَلِهَذَا لم يذكرهُ المصنفون فِي رجال الصَّحِيحَيْنِ.

ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة،.

     وَقَالَ : روى اللَّيْث فَذكره.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث عَن سعد عَن أَبِيه عَن جده.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن الرّبيع بن سُلَيْمَان عَن شُعَيْب بن اللَّيْث بِهِ، وَمُسلم ذكر هَذَا الحَدِيث منقعطاً وَهُوَ مَوْصُول على شَرطه، وَفِيه عبد الرَّحْمَن بن يسَار، وَهُوَ وهم، كَمَا ذَكرْنَاهُ، وَفِيه أَبُو الجهم مكبراً وَهُوَ أَبُو الْجُهَيْم مُصَغرًا، وروى الْبَغَوِيّ فِي (شرح السّنة) بِإِسْنَادِهِ من حَدِيث الشَّافِعِي عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد عَن أبي الْحُوَيْرِث عَن الْأَعْرَج عَن أبي جهيم بن الصمَّة.
قَالَ: (مَرَرْت على النَّبِي وَهُوَ يَبُول فَسلمت عَلَيْهِ فَلم يرد عليَّ حَتَّى قَامَ إِلَى جِدَار فحته بعصاً كَانَت مَعَه، ثمَّ وضع يَده على الْجِدَار فَمسح وَجهه وذراعيه ثمَّ رد عَليّ) ، قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن.

ذكر مَعْنَاهُ وَمَا ورد فِيهِ من الرِّوَايَات: قَوْله: (من نَحْو بِئْر جمل) ، أَي: من جِهَة الْموضع الَّذِي يعرف ببئر جمل، بِالْجِيم وَالْمِيم المفتوحتين.
ويروى: (ببئر الْجمل) ، بِالْألف وَاللَّام، وَكَذَا فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ، وَهُوَ مَوضِع بِقرب الْمَدِينَة فِيهِ مَال من أموالها.
قَوْله: (فَلَقِيَهُ رجل) ، هُوَ أَبُو الْجُهَيْم الرَّاوِي، وَقد صرح بِهِ الشَّافِعِي فِي حَدِيثه الَّذِي ذَكرْنَاهُ الْآن.
قَوْله: (فَلم يرد) ، يجوز فِي داله الحركات الثَّلَاث: الْكسر، لِأَنَّهُ الأَصْل؛ وَالْفَتْح، لِأَنَّهُ أخف؛ وَالضَّم لإتباع الرَّاء.
قَوْله: (حَتَّى أقبل على الْجِدَار) الْألف وَاللَّام فِيهِ للْعهد الْخَارِجِي، أَي: جِدَار هُنَاكَ، والجدار كَانَ مُبَاحا فَلم يحْتَج إِلَى الْإِذْن فِي ذَلِك، أَو كَانَ مَمْلُوكا لغيره وَكَانَ رَاضِيا بِهِ.
وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) : (حَتَّى إِذا كَانَ الرجل أَن يتَوَارَى فِي السِّكَّة ضرب بيدَيْهِ على الْحَائِط فَمسح ذِرَاعَيْهِ ثمَّ رد على الرجل السَّلَام،.

     وَقَالَ : إِنَّه لم يَمْنعنِي أَن أرد عَلَيْك إلاَّ أَنِّي كنت على غير طهر) .
وَعند أبي دَاوُد، من حَدِيث حَيْوَة عَن ابْن الْهَاد: أَن نَافِعًا حَدثهُ عَن ابْن عمر قَالَ: (أقبل رَسُول الله من الْغَائِط، فَلَقِيَهُ رجل عِنْد بِئْر جمل فَسلم عَلَيْهِ فَلم يرد عَلَيْهِ رَسُول الله حَتَّى أقبل على الْحَائِط فَوضع يَده عَلَيْهِ ثمَّ مسح وَجهه وَيَديه ثمَّ رد على الرجل السَّلَام) .
وَعند الْبَزَّار بِسَنَد صَحِيح: (عَن نَافِع عَنهُ أَن رجلا مر على النَّبِي وَهُوَ يَبُول، فَسلم عَلَيْهِ الرجل فَرد عَلَيْهِ السَّلَام فَلَمَّا جاوزه ناداه عَلَيْهِ السَّلَام، فَقَالَ: (إِنَّمَا حَملَنِي على الرَّد عَلَيْك خشيَة أَن تذْهب فَتَقول: إِنِّي سلمت على النَّبِي فَلم يرد عَليّ، فَذا رَأَيْتنِي على هَذِه الْحَالة فَلَا تسلم عَليّ فَإنَّك إِن تفعل لَا أرد عَلَيْك) .
وَعند الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث الْبَراء بن عَازِب (أنهُ سلم على النَّبِي وَهُوَ يَبُول فَلم يرد عَلَيْهِ حَتَّى فرغ) ، وَعِنْده أَيْضا من حَدِيث جَابر بن سَمُرَة بِسَنَد فِيهِ ضعف، قَالَ: (سلمت على النَّبِي وَهُوَ يَبُول فَلم يرد عَليّ، ثمَّ دخل إِلَى بَيته فَتَوَضَّأ ثمَّ خرج فَقَالَ: (وَعَلَيْك السَّلَام) .
وَعند الْحَاكِم من حغيث الْمُهَاجِرين قنقذ، قَالَ: (أتيت النَّبِي، وَهُوَ يتَوَضَّأ فَسلمت عَلَيْهِ فَلم يرد عَليّ، فَلَمَّا فرغ من وضوئِهِ قَالَ: (إِنَّه لم يَمْنعنِي أَن أرد عَلَيْك إلاَّ أَنِّي كنت على غير وضوء) .
وَأخرجه الطَّحَاوِيّ أَيْضا، وَلَفظه: (إلاَّ أَنِّي كرهت أَن أذكر اإلاَّ على طَهَارَة) .
وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَلَفظه: (فَلم يرد حَتَّى تَوَضَّأ ثمَّ اعتذر إِلَيْهِ، قَالَ: (إِنِّي كرهت أَن أذكر اإلاَّ على طهر، أَو على طَهَارَة) .
وَأخرجه النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ، وَزَاد: (فَقُمْت مهموماً، فَدَعَا بِوضُوء فَتَوَضَّأ ورد عَليّ،.

     وَقَالَ : (إِنِّي كرهت أَن أذكر اعلى غير وضوءه) وَعند ابْن مَاجَه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة: (مر رجل على النَّبِي، وَهُوَ يَبُول، فَسلم فَلم يرد عَلَيْهِ، فَلَمَّا فرغ ضرب بكفيه الأَرْض فَتَيَمم ثمَّ رد عَلَيْهِ السَّلَام) .
ذكر استنباط الْأَحْكَام مِنْهُ: مِنْهَا: مَا قَالَ ابْن التِّين، قَالَ بَعضهم: يستنبط مِنْهُ جَوَاز التَّيَمُّم فِي الْحَضَر، وَعَلِيهِ بوب البُخَارِيّ،.

     وَقَالَ  بَعضهم: فِيهِ التَّيَمُّم للحضر إلاَّ أَنه لَا دَلِيل فِيهِ أَنه رفع بذلك التَّيَمُّم الْحَدث رفعا استباح بِهِ الصَّلَاة، لِأَنَّهُ إِنَّمَا فعله كَرَاهَة أَن يذكر اعلى غير طَهَارَة، كَذَا رَوَاهُ حَمَّاد فِي (مُصَنفه).

     وَقَالَ  ابْن الْجَوْزِيّ: كره أَن يرد عَلَيْهِ السَّلَام، لِأَنَّهُ اسْم من أَسمَاء اتعالى، أَو يكون هَذَا فِي أول الْأَمر ثمَّ اسْتَقر الْأَمر على غير ذَلِك.
وَفِي (شرح الطَّحَاوِيّ) حَدِيث الْمَنْع من رد السَّلَام مَنْسُوخ بِآيَة الْوضُوء؛ وَقيل: بِحَدِيث عَائِشَة رَضِي اتعالى عَنْهَا: كَانَ يذكر اعلى كل أحيانه، وَقد جَاءَ ذَلِك مُصَرحًا بِهِ فِي حَدِيث رَوَاهُ جَابر الْجعْفِيّ عَن عبد ابْن مُحَمَّد بن أبي بكر بن حزم عَن عبد ابْن عَلْقَمَة بن الغفراء عَن أَبِيه قَالَ: (كَانَ النَّبِي إِذا أَرَادَ المَاء نكلمه فَلَا يُكَلِّمنَا ونسلم عَلَيْهِ فَلَا يسلم علينا حَتَّى نزلت آيَة الرُّخْصَة { يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة} (النِّسَاء: 34، والمائدة: 6).

     وَقَالَ  ابْن دَقِيق الْعِيد: هَذَا الحَدِيث يَعْنِي حَدِيث المُهَاجر بن قنفذ مَعْلُول ومعارض، أما كَونه معلولاً فَلِأَن سعيد بن أبي عرُوبَة كَانَ قد اخْتَلَط فِي آخر عمره، فيراعى فِيهِ سَماع من سمع مِنْهُ قبل الِاخْتِلَاط، وَقد رَوَاهُ النَّسَائِيّ من حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة بِهِ وَلَيْسَ فِيهِ أَنه لم يَمْنعنِي إِلَى آخِره، وَرَوَاهُ حَمَّاد بن سَلمَة عَن حميد وَغَيره عَن الْحسن عَن مهَاجر مُنْقَطِعًا، فَصَارَ فِيهِ ثَلَاث علل.

ب 05 2 وَأما كَونه مُعَارضا، فَمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم من حَدِيث كريب عَن ابْن عَبَّاس.
قَالَ: (بت عِنْد خَالَتِي مَيْمُونَة) .
الحَدِيث، فَفِي هَذَا مَا يدل على جَوَاز ذكر اسْم اوقراءة الْقُرْآن مَعَ الْحَدث، وَزعم الْحسن أَن حَدِيث مهَاجر غير مَنْسُوخ، وَتمسك بِمُقْتَضَاهُ، فَأوجب الطَّهَارَة للذّكر، وَقيل: يتَأَوَّل الْخَبَر على الِاسْتِحْبابُُ، لِأَن ابْن عمر: مِمَّن روى فِي هَذَا الْبابُُ، كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن قريب روى ذَلِك، والصحابي الرَّاوِي أعلم بِالْمَقْصُودِ.
وَمِنْهَا: أَنه اسْتدلَّ بِهِ بعض أَصْحَابنَا على جَوَاز التَّيَمُّم على الْحجر، قَالَ: وَذَلِكَ لِأَن حيطان الْمَدِينَة مَبْنِيَّة بحجارة سود.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال، فِي تيَمّم النَّبِي بالجدار رد على الشَّافِعِي فِي اشْتِرَاط التُّرَاب، لِأَنَّهُ مَعْلُوم أَنه لم يعلق بِهِ تُرَاب، إِذْ لَا تُرَاب على الْجِدَار.

وَقَالَ الْكرْمَانِي: أَقُول لَيْسَ فِيهِ رد على الشَّافِعِي إِذْ لَيْسَ مَعْلُوما أَنه لم يعلق بِهِ تُرَاب، وَمَا ذَاك إلاَّ تحكم بَارِد إِذْ الْجِدَار قد يكون عَلَيْهِ التُّرَاب وَقد لَا يكون، بل الْغَالِب وجود الْغُبَار على الْجِدَار، مَعَ أَنه قد ثَبت أَنه حت الْجِدَار بالعصا ثمَّ تيَمّم، فَيجب حمل الْمُطلق على الْمُقَيد.
انْتهى.
قلت: الْجِدَار إِذا كَانَ من حجر لَا يحْتَمل التُّرَاب لِأَنَّهُ لَا يثبت عَلَيْهِ، خُصُوصا جدران الْمَدِينَة، لِأَنَّهَا من صَخْرَة سَوْدَاء.
وَقَوله؛ مَعَ أَنه ثَبت ... الخ، مَمْنُوع لِأَن حت الْجِدَار بالعصا رَوَاهُ الشَّافِعِي عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن قريب، وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف.
فَإِن قلت: حسنه الْبَغَوِيّ كَمَا ذكرنَا.
قلت: كَيفَ حسنه وَشَيخ الشَّافِعِي وَشَيخ شَيْخه ضعيفان لَا يحْتَج بهما؟ قَالَه مَالك وَغَيره، وَأَيْضًا فَهُوَ مُنْقَطع، لِأَن مَا بَين الْأَعْرَج وَأبي جهيم عُمَيْر كَمَا سبق من عِنْد البُخَارِيّ وَغَيره، وَنَصّ عَلَيْهِ أَيْضا الْبَيْهَقِيّ وَغَيره، وَفِيه عِلّة أُخْرَى وَهِي زِيَادَة حك الْجِدَار لم يَأْتِ بهَا أحد غير إِبْرَاهِيم، والْحَدِيث رَوَاهُ جمَاعَة كَمَا ذَكرْنَاهُ وَلَيْسَ فِي حَدِيث أحدهم هَذِه الزِّيَادَة، وَالزِّيَادَة إِنَّمَا تقبل من ثِقَة، وَلَو وقف الْكرْمَانِي على مَا ذكرنَا لما قَالَ: مَعَ أَنه قد ثَبت أَنه، حت الْجِدَار بالعصا.
وَمِنْهَا: أَنه اسْتدلَّ بِهِ الطَّحَاوِيّ على جَوَاز التَّيَمُّم للجنازة عِنْد خوف فَوَاتهَا، وَهُوَ قَول الْكُوفِيّين وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ، لِأَنَّهُ، تيَمّم لرد السَّلَام فِي الْحَضَر لأجل فَوت الرَّد، وَإِن كَانَ لَيْسَ شرطا، وَمنع مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد ذَلِك وَهُوَ حجَّة عَلَيْهِم.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ دلَالَة على جَوَاز التَّيَمُّم للنوافل كالفرائض؛.

     وَقَالَ  صَاحب (التَّوْضِيح) : وَأبْعد من خصّه من أَصْحَابنَا بالفرائض.
وَمِنْهَا: أَن التَّيَمُّم مسح الْوَجْه وَالْيَدَيْنِ، لقَوْله: فَمسح بِوَجْهِهِ وَيَديه.
فَإِن قلت: أطلق يَدَيْهِ فَيتَنَاوَل إِلَى الْكَفَّيْنِ وَإِلَى الْمرْفقين وَإِلَى مَا وَرَاء ذَلِك.
قلت: المُرَاد مِنْهُ ذِرَاعَيْهِ، ويفسره رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره فِي هَذَا الحَدِيث: فَمسح بِوَجْهِهِ وذراعيه، وَفِيه خلاف بَين الْعلمَاء، وَسَيَأْتِي بَيَانه إِن شَاءَ اتعالى عَن قريب.