هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2750 حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : كُنْتُ أَغَارُ عَلَى اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَقُولُ : وَتَهَبُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ } قَالَتْ : قُلْتُ : وَاللَّهِ ، مَا أَرَى رَبَّكَ إِلَّا يُسَارِعُ لَكَ فِي هَوَاكَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2750 حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء ، حدثنا أبو أسامة ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأقول : وتهب المرأة نفسها ، فلما أنزل الله عز وجل : { ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت } قالت : قلت : والله ، ما أرى ربك إلا يسارع لك في هواك
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

'A'isha (Allah be pleased with her) reported:

I felt jealous of the women who offered themselves to Allah's Messenger (ﷺ) and said: Then when Allah, the Exalted and Glorious, revealed this: You may defer any one of them you wish, and take to yourself any you wish; and if you desire any you have set aside (no sin is chargeable to you) (xxxiii. 51), I ('A'isha.) said: It seems to me that your Lord hastens to satisfy your desire.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول: وتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله عز وجل { { ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت } } قالت: قلت: والله ما أرى ربك إلا يسارع لك في هواك.



المعنى العام

عاش صلى الله عليه وسلم مع خديجة رضي الله عنها نحو خمس وعشرين سنة، لم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت، فأحس بوحدة وأسى، حتى سمي عام وفاتها عام الحزن، وجاءته الخاطبة تنصحه بالزواج، وعرضت عليه بكرًا وثيبًا، أما البكر فعائشة وأما الثيب فسودة، فخطبهما صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة بنحو عامين، وعقد عليهما، عقد على عائشة، ثم عقد على سودة، عقد على عائشة حبًا في أبيها، فهي لم تتجاوز السادسة أو السابعة من عمرها، أما سودة فهي تناهز الخمسين من عمرها، دخل على سودة قبل الهجرة بسنتين، ودخل على عائشة بعد الهجرة بعام أو يزيد، ثم تزوج حفصة بنت عمر وزينب بنت خزيمة، فماتت عنده بعد شهرين، فتزوج أم سلمة، ثم جويرية بنت الحارث، ثم زينب بنت جحش، ثم أم حبيبة بنت أبي سفيان، ثم صفية بنت حيي، ثم ميمونة بنت الحارث، فاجتمع عنده تسع من النساء يقسم لكل واحدة منهن ليلة ويومًا، هذا قسمه صلى الله عليه وسلم فيما يملك، وهو الإقامة والمبيت، لكن ما لا يملكه قلبه وحبه وميله، فقد كان حب عائشة بقدر لا يخفى على الزوجات، بل لا يخفى على الصحابة، حتى كانوا يتحرون بهداياهم له يوم عائشة، يوم سكنه وسروره وانبساطه، وكانت رغبته في سودة أقل الرغبات، فقد طعنت في الستين، وكانت ثبطة ضخمة الجسم، ثقيلة الوزن والحركة، ووهن عظمها، واشتعل بالشيب رأسها، بسيطة في تفكيرها، سهلة الانقياد لعائشة، مستسلمة لها، حتى كادت لا تعد من الزوجات، بل أشيع أن الرسول صلى الله عليه وسلم طلقها، أو هو على وشك تطليقها، وعلمت بذلك، وخشيت إن هي انتظرته في ليلتها لتحدثه عما في نفسها أن يفوت الوقت، ويقع الطلاق، فمتى وأين تكلمه؟ إنها تجتمع مع صواحباتها في بيت إحداهن كل ليلة، لكنها لا تستطيع أن تفاتحه في أمر كهذا أمامهن، فانتظرته في طريقه من المسجد إلى بيت إحدى الزوجات صاحبة النوبة عصر يوم من الأيام، ثم استوقفته، فقالت: يا رسول الله، هل طلقتني أو ستطلقني لموجدة وجدتها علي؟ أي لعيب أو خطأ أستطيع إصلاحه؟ قال: لا.
قالت: والذي بعثك بالحق.
مالي في الرجال حاجة، ولكن أحب أن أبعث مع نسائك يوم القيامة.
إن كنت طلقتني فراجعني، فإني قد جعلت يومي وليلتي منك لعائشة حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم تبتغي بذلك مرضاته صلى الله عليه وسلم، وقبل منها رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا العرض، الذي رفع عن كاهله ثقل القسم، فكان يقسم لعائشة يومها ويوم سودة.

هذا عن تنازل سودة عن يومها لعائشة، أما عن الزوجات اللائي يرغبن في الزواج من رسول الله صلى الله عليه وسلم تشرفًا ورغبة في القرب منه فقد كثر عرضهن، حتى عرضت إحدى أمهات المؤمنين أختها عليه، وحتى كثر الواهبات أنفسهن له صلى الله عليه وسلم، وحتى أنزل الله له حرية القبول والرفض، { { ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء } } [الأحزاب: 51] لكنه صلى اللَّه عليه وسلم توقف عند التسع، ولم يزد صلى اللَّه عليه وسلم، ورضي عن زوجاته أمهات المؤمنين.

المباحث العربية

( ما رأيت امرأة أحب إلي أن أكون في مسلاخها من سودة) المسلاخ بكسر الميم الجلد، أي أن أكون أنا هي.
والمعنى ليس هناك امرأة أحب أن أعمل عملها أكثر من سودة.

( من امرأة فيها حدة) الحدة بكسر الحاء وتشديد الدال الشدة وسرعة الغضب، وتطلق على حدة الذهن والذكاء وقوة القريحة، وضبط النفس، وهذا هو المراد هنا، إذ لم ترد عائشة أن تعيب سودة، ثم إن سودة معروفة في تاريخها بغير سرعة الغضب، ثم إن ما حدثت به عنها من تنازلها عن يومها لعائشة ذكاء وحسن تصرف، وبعد نظر، وغاية في التسامح والحكمة، فـمن في من امرأة بيانية، ويجوز حمل الحدة على المعنى الأول، فقد ذكر في الإصابة وصحح عن عائشة قولها: إن بها إلا حدة فيها أي ما كان فيها من عيب إلا حدة وسرعة غضب كانت تسرع منها اللعنة.

( فلما كبرت) الكبر والصغر أمر نسبي، فقد تزوجت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كبيرة، فالمراد زادت كبرًا.

( جعلت يومها) أي نوبتها، وهي يوم وليلة من كل تسع ليال بأيامها.

( وكانت أول امرأة تزوجها بعدي) قال النووي: كذا ذكره مسلم أنه صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة قبل سودة، وروي أنه تزوج سودة قبل عائشة.
قال الحافظ ابن حجر: معناه عقد على سودة بعد أن عقد على عائشة، وأما دخوله على سودة فكان قبل دخوله على عائشة بالاتفاق.
نبه على ذلك ابن الجوزي.

( كنت أغار على اللائي وهبن أنفسهن لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) كذا وقع هنا أغار بالغين، والمراد أنتقد وألوم وأعتب، يؤيد هذا المعنى رواية الإسماعيلي بلفظ كانت تعير اللائي وهبن أنفسهن بالعين.
كما يؤيد هذا المراد قولها في روايتنا الرابعة أما تستحيي امرأة تهب نفسها لرجل؟

وليس في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل هبة من وهبت نفسها له، لكن فيه أن الواهبة كانت أكثر من واحدة، قال الحافظ ابن حجر: في النكاح حديث سهل بن سعد أن امرأة قالت: يا رسول الله إني وهبت لك نفسي.. وفيه قصة الرجل الذي طلبها، وقال له: التمس ولو خاتمًا من حديد.
ومن حديث أنس أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت له: إن لي ابنة - وذكرت عن جمالها فآثرتك بها.
فقال: قد قبلتها.
فلم تزل تذكر، حتى قالت: لم تصدع قط.
فقال: لا حاجة لي في ابنتك وهذه امرأة أخرى بلا شك، وعن أبي حاتم من حديث عائشة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم هي خولة بنت حكيم أشار إليه البخاري معلقًا.
ومن طريق الشعبي قال: من الواهبات أم شريك، وأخرجه النسائي.
وعند معمر بن المثنى أن من الواهبات فاطمة بنت شريح، وقيل: إن ليلى بنت الحكيم ممن وهبن أنفسهن، ومنهن زينب بنت خزيمة - جاء عن الشعبي وليس بثابت - وعن ابن عباس قال: التي وهبت نفسها ميمونة بنت الحارث.
وهذا منقطع وإسناده ضعيف، ويعارضه حديث سماك عن عكرمة عن ابن عباس لم يكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة وهبت نفسها له أخرجه الطبري، وإسناده حسن، والمراد أنه لم يدخل بواحدة ممن وهبت نفسها له - وإن كان مباحًا له، لأنه راجع إلى إرادته، لقوله تعالى: { { إن أراد النبي أن يستنكحها } } [الأحزاب: 50] .

( وأقول: وتهب المرأة نفسها؟) الكلام على الاستفهام الإنكاري التوبيخي والواو عاطفة على محذوف والتقدير أتخلع المرأة برقع الحياء؟ وتهب نفسها؟ لا ينبغي ولا يليق ذلك.

{ { ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن } } [الأحزاب: 51] .

ترجي أي ترجئ وتؤخر وترجئ بالهمز قرئ به من تشاء منهن أي من نسائك أو من نساء الأمة، وتؤوي إليك من تشاء أي وتضم إليك من تشاء من نسائك، وتضاجعها، أو تطلق من تشاء منهن، وتمسك من تشاء، أو تقبل من تشاء من الواهبات، وترد من تشاء، واللفظ محتمل لكل الأقوال ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك أي ومن طلبتها ممن تجنبتها فلا إثم عليك ذلك أي تفويض الأمر إلى مشيئتك أدنى أي أقرب إلى { { أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضون بما آتيتهن كلهن } } أي أقرب إلى قرة عيونهن وسرورهن ورضاهن جميعًا، لأنه حكم، كلهن فيه سواء، إن سويت بينهن وجدن ذلك تفضلاً منك، وإن رجحت بعضهن علمن أنه بحكم الله تعالى، فتطمئن نفوسهن.

( واللَّه ما أرى ربك إلا يسارع لك في هواك) في الرواية الرابعة إن ربك ليسارع لك في هواك.

وأرى بفتح الهمزة، معناه أعلم وأعتقد، أن ربك يخفف عنك، ويوسع عليك في الأمور، ولهذا خيرك، وفوض الأمر إلى مشيئتك.

( حضرنا مع ابن عباس جنازة ميمونة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم بسرف) ميمونة بنت الحارث الهلالية أخت لبابة أم الفضل زوجة عمه العباس، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة في عمرة القضاء في ذي القعدة سنة سبع من الهجرة، وكانت زوجة لأبي رهم، فتأيمت منه.
وهي آخر من دخل بها من أزواجه صلى الله عليه وسلم، دخل بها في سرف بفتح السين، وكسر الراء بعدها فاء، وهو مكان يقرب من مكة، بينها وبينه ستة أميال، أي أكثر من عشرة كيلو مترات، أعدت لها قبة بسرف دخلت فيها، وكانت وفاتها سنة إحدى وستين - وكذا قال الواقدي، وكانت آخر زوجاته صلى الله عليه وسلم موتًا، ماتت بمكة، ويقال: إنها دفنت في موضع قبتها التي تزوجت فيها بسرف، بناء على وصيتها لابن عباس، ابن أختها رضي الله عنهم.

وفي ملحق الرواية الخامسة قال عطاء: كانت آخرهن موتًا.
ماتت بالمدينة قال القاضي عياض: قوله بالمدينة وهم، فقد ماتت بسرف، وهي قريبة من مكة، وقال النووي: يحتمل أن قوله بالمدينة عائد على صفية، ولفظه فيه صحيح يحتمله، أو ظاهر فيه.
اهـ.
إذ كان آخر الرواية الخامسة قال عطاء: التي لا يقسم لها صفية بنت حيي بن أخطب فيصح بعده ماتت بالمدينة، لكن يعكر على هذا الاحتمال قوله وكانت آخرهن موتًا وصفية ماتت سنة خمسين، وعائشة سنة سبع وخمسين، وميمونة سنة إحدى وستين.
ففي كلام عطاء وهم، إما في ماتت بالمدينة وإما في كانت آخرهن موتًا قال الحافظ ابن حجر: ويحتمل أن المراد من المدينة البلد الكبير، ويقصد به مكة.

وهناك وهم آخر وهو قوله التي لا يقسم لها صفية بنت حيي بن أخطب قال العلماء: هو وهم من ابن جريج الراوي عن عطاء، والصواب سودة كما سبق في الأحاديث.

( فإذا رفعتم نعشها فلا تزعزعوا ولا تزلزلوا وارفقوا) النعش السرير الذي يوضع عليه الميت، والزعزعة تحريك الشيء الذي يرفع، والزلزلة الاضطراب، والمراد من الرفق السير الوسط المعتدل.

فقه الحديث

قال النووي: فيه جواز هبة المرأة نوبتها لضرتها، لأنه حقها، لكن يشترط رضا الزوج بذلك، لأن له حقًا في الواهبة، فلا يفوته إلا برضاه.

ولا يجوز أن تأخذ على هذه الهبة عوضًا.
ويجوز أن تهب للزوج نوبتها، فيجعل الزوج نوبتها لمن شاء، وقيل: يلزمه توزيعها على الباقيات، ويجعل الواهبة كالمعدومة، والأول أصح.

وللواهبة الرجوع متى شاءت، فترجع في المستقبل، دون الماضي - أي لا تطالب بعوض عما فات من نوبات نتيجة لهبتها - لأن الهبات يرجع فيما لم يقبض منها، دون المقبوض، وهذا مذهب الثوري والشافعي وأحمد، وأخرجه البيهقي عن علي، وحكاه ابن المنذر عن جماعة، وقالوا: إن رجعت فعليه أن يقسم لها، وإن شاء فارقها وعن الحسن: ليس لها أن تنقض هبتها، وهو قياس قول مالك في العارية.

قال: والأصح عند أصحابنا أنه لا يجوز الموالاة للموهوب لها إلا برضى الباقيات، فمعنى كان يقسم لعائشة يومين.
يومها ويوم سودة أنه كان يكون عند عائشة في يومها، ويكون عندها أيضًا في يوم سودة، لا أنه يوالي لها اليومين، قال: وجوز الموالاة بغير رضاهن له بعض أصحابنا، وهو ضعيف.

هذا ورواياتنا الثالثة والرابعة والخامسة ليست في هبة المرأة نوبتها لضرتها، وإن كانت في القسم بصفة عامة، ويمكن أن توضع تحت عنوان: هبة المرأة نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، وواضح أن هذا غير هبة المرأة نوبتها لضرتها.

قال النووي: هبة المرأة نفسها من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو زواج من وهبت نفسها له بلا مهر، قال تعالى: { { خالصة لك من دون المؤمنين } } [الأحزاب: 50] .
اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر: ذهب الجمهور إلى بطلان نكاح المؤمن بلفظ الهبة المجرد، من غير ذكر المهر، وأجازه الحنفية والأوزاعي، ولكن قالوا: يجب مهر المثل، وقال الأوزاعي: إن تزوج بلفظ الهبة، وشرط أن لا مهر، لم يصح النكاح، وحجة الجمهور قوله تعالى: { { خالصة لك من دون المؤمنين } } فعدوا ذلك من خصائصه، صلى الله عليه وسلم، وأنه يتزوج بلفظ الهبة، بغير مهر، في الحال ولا في المآل ، وأجاب المجيزون عن ذلك بأن المراد أن الواهبة تختص به، لا مطلق الهبة.
اهـ أي فليس معنى الآية أن الهبة خالصة لك من دون المؤمنين، ولكن معناها إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة له، مختصة به من دون المؤمنين، وهو تأويل فاسد، لأن كل نكاح تكون فيه الزوجة خالصة لزوجها.
فلا معنى لذكر خالصة لك من دون المؤمنين.

أما عقد النكاح بجميع أركانه لكن بلفظ الهبة.
هل يكون من ألفاظ الكناية؟ ويصح النكاح به؟ ذهب الشافعية وطائفة إلى أن النكاح لا يصح إلا بلفظ النكاح أو التزويج، لأنهما الصريحان اللذان ورد بهما القرآن والحديث، وذهب الأكثرون إلى أنه يصح بالكنايات، واحتج الطحاوي لهم بالقياس على الطلاق، فإنه يجوز بصرائحه، وبكناياته مع القصد.
والله أعلم.

واستدل بعضهم بالرواية الثالثة والرابعة، وبقوله تعالى: { { ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء } } على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن مطالبًا بالقسم بين زوجاته، وهذا الاستدلال غير مسلم، فقد ذكرنا أنه أحد التفسيرات للآية.

واستدل بعضهم بقول عائشة ما أرى ربك إلا يسارع في هواك على أن الغيرة يغتفر لأجلها بعض التعبير غير السليم، فإن عائشة أضافت الهوى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظاهر هذه الإضافة غير سليم، لأنه لا ينطق عن الهوى، ولا يفعل بالهوى، ولو قالت إلى مرضاتك لكان أليق.
والله أعلم.

أما الرواية الخامسة فعلاقتها بالباب قوله كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع، فكان يقسم لثمان ولا يقسم لواحدة وفيها من الوهم ما ذكرنا.
والله أعلم.

ويؤخذ من قوله فيها فلا تزعزعوها إلخ أن حرمة المؤمن بعد موته باقية، كما كانت في حياته، قال الحافظ ابن حجر: وفيه حديث كسر عظم المؤمن ميتًا ككسره حيًا أخرجه أبو داود وابن ماجه وصححه ابن حبان.

واللَّه أعلم