جِمَاعُ أَبْوَابِ الْأَمَانِ
3303 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْعَدَنِيُّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَالِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي فُضَيْلٌ الرَّقَاشِيُّ ، قَالَ : حَاصَرْنَا حِصْنًا يُقَالُ لَهُ : صَهْرَتَاجُ ، فَحَاصَرْنَاهُمْ ، فَقُلْنَا : نَرُوحُ إِلَيْهِمْ ، فَكَتَبَ عَبْدٌ مِنِ الْمُسْلِمِينَ فِي سَهْمٍ فِي أَمَانِهِمْ ، فَرَمَى بِهِ إِلَيْهِمْ ، فَخَرَجْنَا إِلَيْهِمْ فِي مَوَانِهِ إِلَيْنَا فَكَفَفْنَا عَنْهُمْ ، وَكَتَبْنَا فِي ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَكَتَبَ : أَنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ ، أَوْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ذِمَّتُهُ ذِمَّتُهُمْ فَوفَّيْنَا لَهُمْ وَمِمَّنْ أَجَازَ أَمَانَ الْعَبْدِ وَلَمْ يَشْرِطْ كَانَ مِمَّنْ يُقَاتِلُ أَوْ لَمْ يَكُنْ : الْأَوْزَاعِيُّ ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَأَحْمَدُ ، وَإِسْحَاقُ وَابْنُ الْقَاسِمِ صَاحِبُ مَالِكٍ ، وَأَبُو ثَوْرٍ . وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ، وَأَبُو ثَوْرٍ : قَاتَلَ أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ ، وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ أَرَى أَنْ يُجَازَ جِوَارُهُ ، أَوْ رُدَّ إِلَى مَأْمَنِهِ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : أَمَانُ الْعَبْدِ إِذَا كَانَ يُقَاتِلُ جَائِزٌ ، وَإِنْ كَانَ لَا يُقَاتِلُ ، وَإِنَّمَا يَخْدِمُ مَوْلَاهُ ، فَأَمَّنَهُمْ ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ أَمَانًا لَهُمْ ، هَذَا قَوْلُ النُّعْمَانِ ، وَيَعْقُوبَ ، ثُمَّ قَالَا : وَأَمَّا الْأَجِيرُ ، أَوِ الْوَكِيلُ ، أَوِ الْمُسْتَوْفِي إِذَا كَانُوا أَحْرَارًا ، فَأَمَانُهُمْ جَائِزٌ ، قَاتِلُوا ، أَوْ لَمْ يُقَاتِلُوا . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَاللَّازِمُ إِذَا كَانَ يُجِيزُونَ أَمَانَ الْأَجِيرِ ، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ ، وَكَانَ فِي خِدْمَةِ صَاحِبِهِ ، أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ أَمَانُ الْعَبْدِ يَلْزَمُ ، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى فِي الْعَبْدِ أَنْ يُقَاتِلَ ، فَالْأَجِيرُ الَّذِي لَا يُقَاتِلُ ، لَمْ يَجُزْ أَمَانُهُ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَبِظَاهِرِ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَقُولُ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ قَوْلُهُ : يُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَدْنَاهُمْ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ قَاتَلَ ، أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ ، وَكَذَلِكَ لَمَّا أَجَازَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَمَانَ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ ، لَمْ يَذْكُرْ قَاتَلَ ، أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ ، وَلَوْ كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ فَرْقٌ لَذَكَرَهُ ، وَهُمْ قَدْ يُجِيزُونَ أَمَانَ الْمَرْأَةِ ، وَإِنْ لَمْ تُقَاتِلْ ، وَأَمَانَ الرَّجُلِ الْمَرِيضِ ، وَالْجَبَانِ ، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلُوا ، وَقَوْلُهُمْ : خَارِجٌ عَنْ ظَاهِرِ الْأَخْبَارِ ، مُخَالِفٌ لَهَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ |
3304 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ أُمَّ هَانِئٍ ابْنَةَ أَبِي طَالِبٍ حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا ، قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، زَعَمَ ابْنُ أُمِّي عَلَى أَنَّهُ قَاتِلٌ مَنْ أَجَرْتَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ |
3305 وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، وَابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ ، أَنَّهَا قَالَتْ : أَجَرْتُ حَمْوَيْنِ لِي مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، فَدَخَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، فَتَفَلَّتَ عَلَيْهِمَا لِيَقْتُلَهُمَا ، وَقَالَ : لَمْ تُجِيرِينَ الْمُشْرِكِينَ ؟ فَقُلْتُ : لَا وَاللَّهِ ، لَا تَقْتُلْهُمَا حَتَّى تَبْدَأَ بِي قَبْلَهُمَا ، فَخَرَجْتُ ، وَقُلْتُ : أَغْلِقُوا دُونَهُ الْبَابَ ، وَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخْبَرْتُهُ ، فَقَالَ : مَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ ، وَقَدْ أَمَّنَّا مَنْ أَمَّنْتَ ، وَأَجَرَنَا مَنْ أَجَرْتَ |
3306 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَنَسٍ ، أَنَّ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ ، أُسِرَ بِطَرِيقِ الشَّامِ ، فَأَرَادُوا قَتْلَهُ ، فَقَالَتْ زَيْنَبُ : إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّا قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَارَتْ |
3307 حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ الْأَسْوَدِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ لَتَأْخُذُ عَلَى الْقَوْمِ تَقُولُ : تُجِيرُ عَلَيْهِمْ وَمِمَّنْ قَالَ بِأَنَّ أَمَانَ الْمَرْأَةِ جَائِزٌ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، وَالْأَوْزَاعِيُّ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَأَحْمَدُ ، وَإِسْحَاقُ ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ . وَكَذَلِكَ نَقُولُ : وَدَلَّتِ الْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّالَّةُ عَلَى ذَلِكَ إِجَارَةُ أُمِّ هَانِئٍ ، وَزَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمْضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمَا ذَلِكَ ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ : إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ لَتُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، فَيَجُوزُ ذَلِكَ ؛ وَلِهَذَا قَالَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ ، إِلَّا شَيْئًا ذَكَرَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ صَاحِبُ مَالِكٍ ، لَا أَحْفَظُ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ ، سُئِلَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَنِ الْأَمَانِ إِلَى مَنْ هُوَ ؟ فَقَالَ : ذَاكَ إِلَى الْأَئِمَّةِ ، وَوَالِي الْجَيْشِ ، وَوَالِي السَّرِيَّةِ ، وَالْجَيْشِ ، قِيلَ : فَمَا جَاءَ أَنَّهُ يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ ، وَمَا جَاءَ مِنْ أَمْرِ أُمِّ هَانِئٍ ، وَمَنْ أَجَارَتْ ، فَقَالَ : لَعَلَّ الَّذِي جَاءَ مِنْ ذَلِكَ ، إِنَّمَا كَانَ بَعْدَمَا بَاتَتْ وُجُوهُهُ ، وَعَلِمَ أَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ أَوْلَى ، وَهُوَ الْمُصْلِحُ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ خَاصَّةً ، فَأَمَّا أَمْرُ الْأَمَانِ ، فَهُوَ إِلَى الْإِمَامِ ، وَهُوَ فِيمَا أَعْلَمُ مِنْ أَعْظَمِ مَا اسْتَعْمَلَ لَهُ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَتْرُكُ ظَاهِرَ الْأَخْبَارِ بِأَنْ يُكَرِّرَ لَعَلَّ فِي كَلَامِهِ ، وَقَلَّ شَيْءٌ إِلَّا وَهُوَ يَحْتَمِلُ لَعَلَّ وَتَرْكُ ظَاهِرِ الْأَخْبَارِ غَيْرُ جَائِزٍ لِلْعِلَلِ ، وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ ، دَلِيلٌ عَلَى إِغْفَالِ هَذَا الْقَائِلِ ، ثُمَّ هُوَ مَعَ ذَلِكَ خِلَافُ خَبَرِ أُمِّ هَانِئٍ ، وَزَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَخِلَافُ قَوْلِ عَائِشَةَ ، وَخِلَافُ مَا قَالَ أُسْتَاذُهُ مَالِكٌ ، وَمَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ، وَأَهْلُ الْكُوفَةِ ، وَأَهْلُ الشَّامِ ، وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ ، وَأَهْلُ الرَّأْيِ ، وَبِخَبَرِ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ فِيمَا مَضَى ، كَانَ يَجُوزُ |
ذِكْرُ أَمَانِ الذِّمِّيِّ أَجْمَعَ أَكْثَرُ مَنْ نَحْفَظُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ أَمَانَ الذِّمِّيِّ لَا يَجُوزُ ، كَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَأَحْمَدُ ، وَإِسْحَاقُ ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَكَذَلِكَ نَقُولُ : وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ : إِنَّ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَيُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ كَالدِّلَالَةِ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمْ لَا يُجِيرُ عَلَيْهِمْ ، لَكَانَ مَذْهَبًا . وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ : سَمِعْتُ أَشْيَاخًا يَقُولُونَ : لَا جِوَارَ لِلصَّبِيِّ ، وَالْمُعَاهِدِ ، فَإِنْ أَجَارُوا ، فَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ ، فَإِنْ أَحَبَّ أَمْضَى جِوَارَهُمْ ، وَإِنْ أَحَبَّ رَدَّهُ ، فَإِنْ أَمْضَاهُ ، فَهُوَ مَاضٍ ، وَإِنْ لَمْ يُمْضِهِ تَعَيَّنَ رَدَّهُ إِلَى مَأْمَنِهِ . وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : إِنْ كَانَ غَزَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ ، فَإِنْ شَاءَ الْإِمَامُ أَجْرَاهُ ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ إِلَى مَأْمَنِهِ |