يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ
14939 حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثُمِائَةٍ قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلَوِيَّةَ الدَّامَغَانِيَّ يَقُولُ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَةٍ قَالَ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ يَقُولُ : يَا لَيْتَهُ لَمْ يَكُنْ فِي اللَّوْحِ مَسْطُورَا ذَنْبٌ عَلَى عَبْدِهِ قَدْ كَانَ مَقْدُورَا كَيْفَ النَّجَاةُ بِعَبْدٍ أَنْتَ خَالِقُهُ مَاذَا تُرِيدُ بِهِ يَا رَبِّ مَفْطُورَا يَا وَيْحَهُ يَوْمَ يَسْتَدْعِي صَحَائِفَهُ إِلَيْكَ مِنْ خَمْدَةِ الْأَمْوَاتِ مَنْشُورَا |
14940 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ , حدثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلَوِيَّةَ قَالَ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ يَقُولُ : أَنَا مَشْغُولٌ بِذَنْبِي يَا رَجُلْ كُفَّ عَنِّي إِنَّ قَلْبِي فِي شُغُلْ كَيْفَ أَرْجُو تَوْبَةً تُدْرِكُنِي وَأَرَى قَلْبِي بِوَيْلِي يَشْتَغِلْ ذَهَبَتْ نَفْسِي بِلَا شَكٍّ عَلَى أَنَّنِي أَدْفَعُ دَهْرِي بِالْعِلَلْ |
14941 حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ , حدثنا الْحَسَنُ قَالَ : سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُولُ : لَسْتُ أَبْكِي عَلَى نَفْسِي إِنْ مَاتَتْ إِنَّمَا أَبْكِي عَلَى حَاجَتِي إِنْ فَاتَتْ قَالَ : وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ : كَيْفَ أَمْتَنِعُ بِالذَّنْبِ مِنْ رَجَائِكَ وَلَا أَرَاكَ تَمْتَنِعُ لِلذَّنْبِ مِنْ عَطَائِكَ , قَالَ : وَسَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ , يَقُولُ : إِلَهِي ذَنْبِي إِلَى نَفْسِي فَأَنَا مَعْنَاهُ , وَحُبِّي لَكَ هُوَ لَكَ فَأَنْتَ مَعْنَاهُ وَالْحُبُّ أَعْتَقِدُهُ لَكَ طَائِعًا وَالذَّنْبُ آتِيَهُ مِنِّي كَارِهًا فَهَبْ كَرَاهَةَ ذَنْبِي لِطَوَاعِيَةِ حُبِّي إِنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ , قَالَ : وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ : إِلَهِي إِنْ لَمْ تَرْحَمْنِي رَحْمَةَ الْكَرَامَةِ عَلَيْكَ فَارْحَمْنِي رَحْمَةَ الْإِيقَاعِ إِلَيْكَ , إِلَهِي بِكَرَمِكَ غَدًا أَصِلُ إِلَيْكَ كَمَا بِنِعْمَتِكَ دُلِلْتُ الْيَوْمَ عَلَيْكَ , قَالَ : وَسَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ , يَقُولُ : إِنْ وَضَعَ عَلَيْهِمْ عِدْلَهَ لَمْ تَبْقَ لَهُمْ حَسَنَةٌ وَإِنْ أَنَالَهُمْ فَضْلَهُ لَمْ تَبْقَ لَهُمْ سَيِّئَةٌ |
14942 حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيُّ , حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ , حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ الرَّازِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ يَقُولُ : مَفَاوِزُ الدُّنْيَا تُقْطَعُ بِالْأَقْدَامِ وَمَفَاوِزُ الْآخِرَةِ تُقْطَعُ بِالْقُلُوبِ , قَالَ : وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : يَا ابْنَ آدَمَ لَا يَزَالُ دِينُكَ مُتَمَزِّقًا مَا دَامَ الْقَلْبُ بِحُبِّ الدُّنْيَا مُتَعَلِّقًا قَالَ : وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : مَا رَكَنَ إِلَى الدُّنْيَا أَحَدٌ إِلَّا لَزِمَهُ عَيْبُ الْقُلُوبِ وَلَا مَكَّنَ الدُّنْيَا مِنْ نَفْسِهِ أَحَدٌ إِلَّا وَقَعَ فِي بَحْرِ الذُّنُوبِ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ وَرَأَى رَجُلًا يَوْمًا يَقْلَعُ الْجَبَلَ فِي يَوْمٍ حَارٍّ وَهُوَ يُغَنِّي فَقَالَ : مِسْكِينٌ ابْنُ آدَمَ قَلْعُ الْأَحْجَارِ أَهْوَنُ عَلَيْهِ مِنْ تَرْكِ الْأَوْزَارِ قَالَ : وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : مَنْ لَمْ يَرْضَ عَنِ اللَّهِ فِي الْمَمْنُوعِ لَمْ يَسْلَمْ مِنَ الْمَمْنُوعِ قَالَ : وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : طَلَبُوا الزُّهْدَ فِي بَطْنِ الْكُتُبِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي بَطْنِ التَّوَكُّلِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : وَسُئِلَ مَتَى يَعْلَمُ الرَّجُلُ أَنَّهُ قَدْ أَصَابَ الطَّرِيقَ وَأَمِنَ هَذَا الْخَلْقَ ؟ قَالَ : إِذَا اسْتَحْلَوْهُ وَاسْتَمَرَّهُمْ وَأَحَبُّوا لِقَاءَهُ وَكَرِهَ لِقَاءَهُمْ قَالَ : وَنَظَرَ يَوْمًا إِلَى إِنْسَانٍ وَهُوَ يُقَبِّلُ وَلَدًا لَهُ صَغِيرًا فَقَالَ : أَتُحِبُّهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : هَذَا حُبُّكَ لَهُ إِذْ وَلَدْتَهُ فَكَيْفَ بِحُبِّ اللَّهِ لَهُ إِذْ خَلَقَهُ ؟ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : سَبَّحُوا فِي بِحَارِ الْبَلَايَا حَتَّى جَاوَزُوهَا إِلَى الْعَطَايَا ثُمَّ سَبَّحُوا فِي بِحَارِالْعَطَايَا حَتَّى جَاوَزُوهَا إِلَى رَبِّ الْبَرَايَا ، وَقَالَ : وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ وَقِيلَ لَهُ : مِنْ أَيِّ شَيْءٍ دَوَامَ غَمِّكَ ؟ قَالَ : مِنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ , قِيلَ وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : خَلَقَنِي وَلَا أَدْرِي لِمَ خَلَقَنِي ؟ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : مَنْ أَشْخَصَ بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ انْفَتَحَتْ يَنَابِيعُ الْحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ وَجَرَتْ عَلَى لِسَانِهِ |
14943 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ , حدثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلَوِيَّةَ الدَّامَغَانِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ يَقُولُ : قَدْ غَرِقَ فِي بَلَائِهِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَنْجُوَ مِنْ رَبِّهِ بِصَفَائِهِ قَالَ : وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ : أَنا فِي نَصْبِ الْمَثَابِرِ وَتَعْبِيَةِ الْعَسَاكِرِ وَالنَّاسُ لَا يَعْلَمُونَ , وَقَالَ يَحْيَى : الْأَبْدَانُ فِي سِجْنِ النِيَّاتِ وَالنَّاسُ ثَلَاثَةٌ : رَجُلٌ تَشَاغَلَ بِالدُّنْيَا عَنِ اللَّهِ مَذْمُومًا وَرَجُلٌ تَشَاغَلَ بِالْآخِرَةِ مَحْمُودًا , وَرَجُلٌ تَشَاغَلَ بِاللَّهِ عَمَّا دُونَهُ مُقَرَّبًا مَرْفُوعًا , قَالَ : وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : لَا يُفْلِحُ مَنْ شُمَّتْ مِنْهُ رَائِحَةُ الرِّيَاسَةِ , وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : جِمَاعُ الْأَمْرِ كُلِّهِ فِي شَيْئَيْنِ : سُكُونِ الْقَلْبِ عَلَى رِزْقِ هَذِهِ النَّاحِيَةِ , وَالِاجْتِهَادِ فِي طَلَبِ رِزْقِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ , وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : إِنْ لَقِيَنِي الْقَضَاءُ بِكَيْدٍ مِنَ الْبَلَاءِ لَقِيتُ الْقَضَاءَ بِكَيْدٍ مِنَ الدُّعَاءِ |
14944 سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مِقْسَمٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ بْنَ حَكَّوَيْهِ الرَّازِيَّ يَقُولُ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ يَقُولُ : لَا تَسْتَبْطِئِ الْإِجَابَةَ وَقَدْ سَدَدْتَ طُرُقَاتِهَا بِالذُّنُوبِ , قَالَ : وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ : اتْرُكِ الدُّنْيَا قَبْلَ أَنْ تَتْرُكَكَ , وَاسْتَرْضِ رَبَّكَ قَبْلَ مُلَاقَاتِهِ وَأَعْمِرْ بَيْتَكَ الَّذِي تَسْكُنُهُ قَبْلَ انْتِقَالِكَ إِلَيْهِ يَعْنِي الْقَبْرَ |
14946 وَسَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ يَقُولُ : مَنْ كَانَ قَلْبُهُ مَعَ الْحَسَنَاتِ لَمْ تَضُرَّهُ السَّيِّئَاتُ وَمَنْ كَانَ مَعَ السَّيِّئَاتِ لَمْ تَنْفَعْهُ الْحَسَنَاتُ , قَالَ : وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ : لَوْ رَأَتِ الْعُقُولُ بِعُيونِ الْإِيمَانِ نُزْهَةَ الْجَنَّةِ لَذَابَتِ النُّفُوسُ شَوْقًا وَلَوْ أَدْرَكَتِ الْقُلُوبُ كُنْهَ هَذِهِ الْمَحَبَّةِ لِخَالِقِهَا لَانْخَلَعَتْ مَفَاصِلُهَا إِلَيْهِ وَلَهًا عَلَيْهِ وَلَطَارَتِ الْأَرْوَاحُ إِلَيْهِ مِنْ أَبْدَانِهَا دَهَشًا فَسُبْحَانَ مَنْ أَغْفَلَ الْخَلِيقَةَ عَنْ كُنْهِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَأَلْهَاهُمْ بِالْوَصْفِ عَنِ حَقَائِقِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ , قَالَ : وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ : لَا تَطْلُبِ الْعِلْمَ رِيَاءً وَلَا تَتْرُكْهُ حَيَاءً , قَالَ : وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ : أَعْظَمُ الْمُصِيبَةِ عَلَى الْحَكِيمِ فِي الْيَوْمِ أَنْ يَمْضِيَ عَنْهُ لَا يَأْتِيهُ فِيهِ هَدِيَّةٌ مِنْ رَبِّهِ يَعْنِي : حِكْمَةً جديدةً |
14947 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ الرَّازِيَّ الْمُذَكِّرَ يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ يَقُولُ : الدُّنْيَا أَمِيرٌُ مَنْ طَلَبَهَا وَخَادِمُ مَنْ تَرَكَهَا ، الدُّنْيَا طَالِبَةٌ وَمَطْلُوبَةٌ ، فَمَنْ طَلَبَهَا رَفَضَتْهُ ، وَمَنْ رَفَضَهَا طَلَبَتْهُ ، الدُّنْيَا قَنْطَرَةُ الْآخِرَةِ ، فَاعْبُرُوهَا وَلَا تَعْمُرُوهَا ، لَيْسَ مِنَ الْعَقْلِ بُنْيَانُ الْقُصُورِ عَلَى الْجُسِورِ ، الدُّنْيَا عَرُوسٌ وَطَالِبُهَا مَاشِطَتُهَا ، وَبِالزُّهْدِ يُنْتَفُ شَعْرُهَا ، وَيُسَوَّدُ وَجْهُهَا ، وَيُمَزَّقُ ثِيَابُهَا ، وَمَنْ طَلَّقَ الدُّنْيَا فَالْآخِرَةُ زَوْجَتُهُ , فَالدُّنْيَا مُطَلَّقَةُ الْأَكْيَاسِ لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا أَبَدًا ، فَخَلِّ الدُّنْيَا وَلَا تَذْكُرْهَا ، وَاذْكُرِ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَهَا ، وَخُذْ مِنَ الدُّنْيَا مَا يُبَلِّغُكَ الْآخِرَةَ ، وَلَا تَأْخُذْ مِنَ الدُّنْيَا مَا يَمْنَعُكَ الْآخِرَةَ |