ذِكْرُ عَلاَمَاتِ النُّبُوَّةِ فِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ
383 أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ وَغَيْرِهِمَا ، قَالُوا : قَدِمَ وَفْدُ نَجْرَانَ وَفِيهِمْ أَبُو الْحَارِثِ بْنُ عَلْقَمَةَ بْنِ رَبِيعَةَ لَهُ عِلْمٌ بِدِينِهِمْ وَرِئَاسَةٌ ، وَكَانَ أَسْقُفَهُمْ وَإِمَامَهُمْ ، وَصَاحِبَ مِدْرَاسِهِمْ ، وَلَهُ فِيهِمْ قَدْرٌ ، فَعَثَرَتْ بِهِ بَغْلَتُهُ ، فَقَالَ أَخُوهُ : تَعِسَ الأَبْعَدُ يُرِيدُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فَقَالَ أَبُو الْحَارِثِ : بَلْ تَعِسْتَ أَنْتَ ، أَتَشْتِمُ رَجُلاَّ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ؟ إِنَّهُ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى ، وَإِنَّهُ لَفِي التَّوْرَاةِ ، قَالَ : فَمَا يَمْنَعُكَ مِنْ دِينِهِ ؟ قَالَ : شَرَّفَنَا هَؤُلاَءِ الْقَوْمُ وَأَكْرَمُونَا وَمَوَّلُونَا ، وَقَدْ أَبَوْا إِلاَّ خِلاَفَهُ ، فَحَلَفَ أَخُوهُ أَلاَّ يَثْنِي لَهُ صَعَرًا حَتَّى يَقْدَمَ الْمَدِينَةَ فَيُؤْمِنَ بِهِ ، قَالَ : مَهْلاَّ يَا أَخِي ، فَإِنَّمَا كُنْتُ مَازِحًا ، قَالَ : وَإِنْ ، فَمَضَى يَضْرِبُ رَاحِلَتَهُ وَأَنْشَأَ يَقُولُ : إِلَيْكَ تَعْدُو قَلِقًا وَضِينُهَا ... مُعْتَرِضًا فِي بَطْنِهَا جَنِينُهَا. مُخَالِفًا دِينَ النَّصَارَى دِينُهَا قَالَ : فَقَدِمَ وَأَسْلَمَ.
376 أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعْنٍ أَبِي زَكَرِيَّاء الْعَجْلاَنِيِّ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الأَخْنَسِ قَالَ : إِنَّ أَوَّلَ الْعَرَبِ فَزِعَ لِرَمْيِ النُّجُومِ ثَقِيفٌ ، فَأَتَوْا عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ فَقَالُوا : أَلَمْ تَرَ مَا حَدَثَ ؟ قَالَ : بَلَى فَانْظُرُوا ، فَإِنْ كَانَتْ مَعَالِمُ النُّجُومِ الَّتِي يُهْتَدَى بِهَا وَيُعْرَفُ بِهَا أَنْوَاءُ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ انْتَثَرَتْ فَهُوَ طَيُّ الدُّنْيَا ، وَذَهَابُ هَذَا الْخَلْقِ الَّذِي فِيهَا ، وَإِنْ كَانَتْ نُجُومًا غَيْرَهَا فَأَمْرٌ أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا الْخَلْقِ وَنَبِيٌّ يُبْعَثُ فِي الْعَرَبِ فَقَدْ تُحُدِّثَ بِذَلِكَ.
394 أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الشَّامِيِّ ، عَنْ أَشْيَاخِهِ ، قَالُوا : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي حِجْرِ أَبِي طَالِبٍ ، وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ قَلِيلَ الْمَالِ كَانَتْ لَهُ قِطْعَةٌ مِنْ إِبِلٍ ، فَكَانَ يُؤْتَى بِلَبَنِهَا فَإِذَا أَكَلَ عِيَالُ أَبِي طَالِبٍ جَمِيعًا أَوْ فُرَادَى لَمْ يَشْبَعُوا ، وَإِذَا أَكَلَ مَعَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم شَبِعُوا ، فَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُطْعِمَهُمْ قَالَ : أَرْبِعُوا حَتَّى يَحْضُرَ ابْنِي ، فَيَحْضُرُ فَيَأْكُلُ مَعَهُمْ فَيَفْضُلُ مِنْ طَعَامِهِمْ ، وَإِنْ كَانَ لَبَنٌ شَرِبَ أَوَّلَهُمْ ثُمَّ يُنَاوِلُهُمْ يَشْرَبُونَ فَيُرْوَوْنَ عَنْ آخِرِهِمْ ، فَيَقُولُ أَبُو طَالِبٍ : إِنَّكَ لَمُبَارَكٌ ، وَكَانَ يُصْبِحُ الصِّبْيَانُ شُعْثًا رُمْصًا ، وَيُصْبِحُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَدْهُونًا مَكْحُولاَّ ، قَالَتْ أُمُّ أَيْمَنَ : مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم شَكَا صَغِيرًا وَلاَ كَبِيرًا جُوعًا وَلاَ عَطَشًا ، كَانَ يَغْدُو فَيَشْرَبُ مِنْ زَمْزَمَ فَأَعْرِضُ عَلَيْهِ الْغَدَاءَ فَيَقُولُ : لاَ أُرِيدُهُ أَنَا شَبْعَانُ.
358 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَشْعَرِيُّ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى ؛ قَالَ الرَّاهِبُ لأَبِي طَالِبٍ : لاَ تَخْرُجَنَّ بِابْنِ أَخِيكَ إِلَى مَا هَهُنَا ، فَإِنَّ الْيَهُودَ أَهْلُ عَدَاوَةٍ ، وَهَذَا نَبِيُّ هَذِهِ الأُمَّةِ ، وَهُوَ مِنَ الْعَرَبِ ، وَالْيَهُودُ تَحْسُدُهُ تُرِيدُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَاحْذَرْ عَلَى ابْنِ أَخِيكَ.
359 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ شَيْبَةَ ، عَنْ عَمِيرَةَ بِنْتِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أُمِّ سَعْدِ بِنْتِ سَعْدٍ ، عَنْ نَفِيسَةَ بِنْتِ مُنْيَةَ ، أُخْتِ يَعْلَى بْنِ مُنْيَةَ قَالَتْ : لَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَلَيْسَ لَهُ بِمَكَّةَ اسْمٌ إِلاَّ الأَمِينُ ، لِمَا تَكَامَلَ فِيهِ مِنْ خِصَالِ الْخَيْرِ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو طَالِبٍ : يَابْنَ أَخِي ، أَنَا رَجُلٌ لاَ مَالَ لِي وَقَدِ اشْتَدَّ الزَّمَانُ عَلَيْنَا وَأَلَحَّتْ عَلَيْنَا سُنُونَ مُنْكَرَةٌ وَلَيْسَتْ لَنَا مَادَّةٌ وَلاَ تِجَارَةٌ ، وَهَذِهِ عِيرُ قَوْمِكَ قَدْ حَضَرَ خُرُوجُهَا إِلَى الشَّامِ ، وَخَدِيجَةُ ابْنَةُ خُوَيْلِدٍ تَبْعَثُ رِجَالاَّ مِنْ قَوْمِكَ فِي عِيرَاتِهَا ، فَلَوْ تَعَرَّضْتَ لَهَا وَبَلَغَ خَدِيجَةَ ذَلِكَ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ ، وَأَضْعَفَتْ لَهُ مَا كَانَتْ تُعْطِي غَيْرَهُ ، فَخَرَجَ مَعَ غُلاَمِهَا مَيْسَرَةَ حَتَّى قَدِمَا بُصْرَى مِنَ الشَّأْمِ فَنَزَلاَ فِي سُوقِ بُصْرَى فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ قَرِيبًا مِنْ صَوْمَعَةِ رَاهِبٍ مِنَ الرُّهْبَانِ يُقَالُ لَهُ نَسْطُورٌ ، فَاطَّلَعَ الرَّاهِبُ إِلَى مَيْسَرَةَ وَكَانَ يَعْرِفُهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَالَ : يَا مَيْسَرَةُ مَنْ هَذَا الَّذِي نَزَلَ تَحْتَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ ؟ فَقَالَ مَيْسَرَةُ : رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ ، فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ : مَا نَزَلَ تَحْتَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ قَطُّ إِلاَّ نَبِيٌّ ، ثُمَّ قَالَ : فِي عَيْنَيْهِ حُمْرَةٌ ؟ قَالَ مَيْسَرَةُ : نَعَمْ ، لاَ تُفَارِقُهُ ، قَالَ الرَّاهِبُ : هُوَ هُوَ آخِرُ الأَنْبِيَاءِ يَا لَيْتَ أَنِّي أُدْرِكُهُ حِينَ يُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ ، ثُمَّ حَضَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم سُوقَ بُصْرَى فَبَاعَ سِلْعَتَهُ الَّتِي خَرَجَ بِهَا وَاشْتَرَى غَيْرَهَا ، فَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ اخْتِلاَفٌ فِي شَيْءٍ ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : احْلِفْ بِاللاَّتِ وَالْعُزَّى ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : مَا حَلَفْتُ بِهِمَا قَطُّ ، وَإِنِّي لأَمُرُّ فَأُعْرِضُ عَنْهُمَا قَالَ الرَّجُلُ : الْقَوْلُ قَوْلُكَ ، ثُمَّ قَالَ لِمَيْسَرَةَ وَخَلاَ بِهِ : يَا مَيْسَرَةُ هَذَا وَاللَّهِ نَبِيٌّ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَهُوَ تَجِدُهُ أَحْبَارُنَا فِي كُتُبِهِمْ مَنْعُوتًا ، فَوَعَى ذَلِكَ مَيْسَرَةُ. ثُمَّ انْصَرَفَ أَهْلُ الْعِيرِ جَمِيعًا ، وَكَانَ مَيْسَرَةُ يَرَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِذَا كَانَتِ الْهَاجِرَةُ وَاشْتَدَّ الْحَرُّ يَرَى مَلَكَيْنِ يُظِلاَّنِهِ مِنَ الشَّمْسِ وَهُوَ عَلَى بَعِيرِهِ ، قَالُوا : كَانَ اللَّهُ قَدْ أَلْقَى عَلَى رَسُولِهِ الْمَحَبَّةَ مِنْ مَيْسَرَةَ فَكَانَ كَأَنَّهُ عَبْدٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فَلَمَّا رَجَعُوا فَكَانُوا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ قَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، انْطَلِقْ إِلَى خَدِيجَةَ فَاسْبِقْنِي فَأَخْبِرْهَا بِمَا صَنَعَ اللَّهُ لَهَا عَلَى وَجْهِكَ ، فَإِنَّهَا تَعْرِفُ ذَلِكَ لَكَ فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فِي سَاعَةِ الظَّهِيرَةِ وَخَدِيجَةُ فِي عُلِّيَّةٍ لَهَا مَعَهَا نِسَاءٌ فِيهِنَّ نَفِيسَةُ بِنْتُ مُنْيَةَ فَرَأَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حِينَ دَخَلَ وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَى بَعِيرِهِ وَمَلَكَانِ يُظِلاَّنِ عَلَيْهِ فَأَرَتْهُ نِسَاءَهَا ، فَعَجَبْنَ لِذَلِكَ . وَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَخَبَّرَهَا بِمَا رَبِحُوا فِي وَجْهِهِمْ ، فَسُرَّتْ بِذَلِكَ ، فَلَمَّا دَخَلَ مَيْسَرَةُ عَلَيْهَا أَخْبَرَتْهُ بِمَا رَأَتْ ، فَقَالَ مَيْسَرَةُ : قَدْ رَأَيْتُ هَذَا مُنْذُ خَرَجْنَا مِنَ الشَّأْمِ وَأَخْبَرَهَا بِقَوْلِ الرَّاهِبِ نَسْطُورٍ وَمَا قَالَ الآخَرُ الَّذِي خَالَفَهُ فِي الْبَيْعِ وَرِبَحَتْ فِي تِلْكَ الْمَرَّةِ ضِعْفَ مَا كَانَتْ تَرْبَحُ ، وَأَضْعَفَتْ لَهُ ضِعْفَ مَا سَمَّتْ لَهُ...
382 أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُجَاهِدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ سَالِمٍ مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مُطِيعٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : أَتَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَيْتَ الْمِدْرَاسِ فَقَالَ : أَخْرِجُوا إِلَيَّ أَعْلَمَكُمْ فَقَالُوا : عَبْدُ اللهِ بْنُ صُورِيَا ، فَخَلاَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَنَاشَدَهُ بِدِينِهِ وَبِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِمْ وَأَطْعَمَهُمْ مِنَ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى وَظَلَّلَهُمْ بِهِ مِنَ الْغَمَامِ : أَتَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ ؟ قَالَ : اللَّهُمَّ نَعَمْ ، وَإِنَّ الْقَوْمَ لَيَعْرِفُونَ مَا أَعْرِفُ . وَإِنَّ صِفَتَكَ وَنَعْتَكَ لَمبيّن فِي التَّوْرَاةِ وَلَكِنَّهُمْ حَسَدُوكَ ، قَالَ : فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْتَ ؟ قَالَ : أَكْرَهُ خِلاَفَ قَوْمِي ، وَعَسَى أَنْ يَتَّبِعُوكَ وَيُسْلِمُوا فَأُسْلِمَ.
381 أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ ، وَعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ ، وَغَيْرِهِمَا ، أَنَّ كَعْبَ بْنَ أَسَدٍ قَالَ لِبَنِي قُرَيْظَةَ حِينَ نَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي حِصْنِهِمْ : يَا مَعْشَرَ يَهُودَ تَابِعُوا الرَّجُلَ فَوَاللَّهِ إِنَّهُ النَّبِيُّ ، وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ أَنَّهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ ، وَأَنَّهُ الَّذِي كُنْتُمْ تَجِدُونَهُ فِي الْكُتُبِ ، وَأَنَّهُ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى ، وَأَنَّكُمْ لَتَعْرِفُونَ صِفَتَهُ قَالُوا : هُوَ بِهِ ، وَلَكِنْ لاَ نُفَارِقُ حُكْمَ التَّوْرَاةِ.
373 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْحَكَمِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ : سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ يَقُولُ : أَنَا أَنْتَظِرُ نَبِيًّا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ ، ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَلاَ أَرَانِي أُدْرِكُهُ ، وَأَنَا أُومِنُ بِهِ وَأُصَدِّقُهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، فَإِنْ طَالَتْ بِكَ مُدَّةٌ فَرَأَيْتَهُ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلاَمَ ، وَسَأُخْبِرُكَ مَا نَعْتُهُ حَتَّى لاَ يَخْفَى عَلَيْكَ ، قُلْتُ : هَلُمَّ ، قَالَ : هُوَ رَجُلٌ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلاَ بِالْقَصِيرِ ، وَلاَ بِكَثِيرِ الشَّعْرِ وَلاَ بِقَلِيلِهِ ، وَلَيْسَتْ تُفَارِقُ عَيْنَيْهِ حُمْرَةٌ ، وَخَاتَمُ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ ، وَاسْمُهُ أَحْمَدُ ، وَهَذَا الْبَلَدُ مَوْلِدُهُ وَمَبْعَثُهُ ، ثُمَّ يُخْرِجُهُ قَوْمُهُ مِنْهُ وَيَكْرَهُونَ مَا جَاءَ بِهِ حَتَّى يُهَاجِرَ إِلَى يَثْرِبَ فَيَظْهَرَ أَمْرُهُ ، فَإِيَّاكَ أَنْ تُخْدَعَ عَنْهُ ، فَإِنِّي طُفْتُ الْبِلاَدَ كُلَّهَا أَطْلُبُ دِينَ إِبْرَاهِيمَ ، فَكُلُّ مَنْ أَسْأَلُ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ يَقُولُونَ : هَذَا الدِّينُ وَرَاءَكَ وَيَنْعَتُونَهُ مِثْلَ مَا نَعَتُّهُ لَكَ ، وَيَقُولُونَ : لَمْ يَبْقَ نَبِيٌّ غَيْرُهُ قَالَ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ : فَلَمَّا أَسْلَمْتُ أَخْبَرْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَوْلَ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو وَأَقْرَأْتُهُ مِنْهُ السَّلاَمَ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحَّمَ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : قَدْ رَأَيْتُهُ فِي الْجَنَّةِ يَسْحَبُ ذُيُولاً.
372 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : خَرَجْنَا فِي عِيرٍ لَنَا إِلَى الشَّامِ ، فَلَمَّا كُنَّا بَيْنَ الزَّرْقَاءِ وَمُعَانٍ وَقَدْ عَرَّسْنَا مِنَ اللَّيْلِ إِذَا بِفَارِسٍ يَقُولُ : أَيُّهَا النُّيَّامُ هُبُّوا ، فَلَيْسَ هَذَا بِحِينِ رُقَادٍ ، قَدْ خَرَجَ أَحْمَدُ وَطُرِّدَتِ الْجِنُّ كُلَّ مُطَّرَّدٍ ، فَفَزِعْنَا وَنَحْنُ رُفْقَةٌ جَرَّارَةٌ ، كُلُّهُمْ قَدْ سَمِعَ هَذَا ، فَرَجَعْنَا إِلَى أَهْلِينَا ، فَإِذَا هُمْ يَذْكُرُونَ اخْتِلاَفًا بِمَكَّةَ بَيْنَ قُرَيْشٍ بِنَبِيٍّ خَرَجَ فِيهِمْ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، اسْمُهُ أَحْمَدُ.
364 أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، أَنَّ بَنِي غِفَارٍ قَرَّبُوا عِجْلاَّ لَهُمْ لِيَذْبَحُوهُ عَلَى بَعْضِ أَصْنَامِهِمْ فَشَدُّوهُ فَصَاحَ : يَالَ ذَرِيحٍ أَمْرٌ نَجِيحٌ صَائِحٌ يَصِيحُ بِلِسَانٍ فَصِيحٍ بِمَكَّةَ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، قَالَ فَنَظَرُوا فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَدْ بُعِثَ.