شرف أصحاب الحديث للخطيب البغدادي

لقد رفع المبتدعة رايتهم في الحط على أصحاب الحديث، وذلك في زمان المصنف، حتى كادت هذه العاصفة الحمقاء تطيح بسفينة المجتمع، بعد أن أوشكت أن تطوي شراع مركب الحق، فقام الخطيب على منبر أصحاب الحديث، حتى رد الأمر إلى نصابه، وأبحر بالسفينة كأمهر قبطان. تلك هي القضية الكبرى التي عالجها الخطيب البغدادي في مؤلفه هذا، وقد بين هو مقصده بقوله: ".. فقد وقفنا على ما ذكرتم من عيب المبتدعة أهل السنن والآثار، وطعنهم على من شغل نفسه بسماع الأخبار،..وليس ذلك عجيبًا من متبعي الهوى، ومن أضلهم الله عن سلوك سبيل الهدى..وأنا أذكر في كتابي هذا ـ إن شاء الله تعالى ـ ما روي عن رسول الله (، في الحث على التبليغ عنه، وفضل النقل لما سمع منه، ثم ما روي عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم من العلماء الخالفين في شرف أصحاب الحديث وفضلهم، وعلو مرتبتهم ونبلهم، ومحاسنهم المذكورة ومعالمهم المأثورة ". وقد حشد المؤلف لهذا الغرض(299) نصًا، رتبها تحت عدد من التراجم، وهو يذكر المتن الواحد بأسانيد متعددة، حتى تتحقق صحته من عدمها، كما ذكر من الأخبار والأشعار ما يفيد قضية الكتاب، وبهذا أتى الكتاب متكامل الجوانب، فكان سيفًا بتارًا لجذور البدعة.

الاقسام