هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6217 حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ كَأَنَّهُمُ الثَّعَارِيرُ ، قُلْتُ : مَا الثَّعَارِيرُ ؟ قَالَ : الضَّغَابِيسُ ، وَكَانَ قَدْ سَقَطَ فَمُهُ فَقُلْتُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ : أَبَا مُحَمَّدٍ سَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : يَخْرُجُ بِالشَّفَاعَةِ مِنَ النَّارِ قَالَ : نَعَمْ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
6217 حدثنا أبو النعمان ، حدثنا حماد ، عن عمرو ، عن جابر رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يخرج من النار بالشفاعة كأنهم الثعارير ، قلت : ما الثعارير ؟ قال : الضغابيس ، وكان قد سقط فمه فقلت لعمرو بن دينار : أبا محمد سمعت جابر بن عبد الله ، يقول : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : يخرج بالشفاعة من النار قال : نعم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Hammad from `Amr from Jabir:

The Prophet (ﷺ) said, Some people will come out of the Fire through intercession looking like The Thaarir. I asked `Amr, What is the Thaarir? He said, Ad Dagh`Abis, and at that time he was toothless. Hammad added: I said to `Amr bin Dinar, O Abu Muhammad! Did you hear Jabir bin `Abdullah saying, 'I heard the Prophet (ﷺ) saying: 'Some people will come out of the Fire through intercession? He said, Yes.

":"ہم سے ابوالنعمان محمد بن فضل سدوسی نے بیان کیا ، کہا ہم سے حماد بن زید نے بیان کیا ، ان سے عمرو بن دینار نے اور ان سے جابر بن عبداللہ انصاری رضی اللہ عنہما نے کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کچھ لوگ دوزخ سے شفاعت کے ذریعہ نکالیں گے گویا کہ ” ثعاریر “ ہوں ۔ حماد کہتے ہیں کہ میں نے عمرو بن دینار سے پوچھا کہ ثعاریر کیا چیز ہے ؟ انہوں نے کہا کہ اس سے مراد چھوٹی ککڑیاں ہیں اور ہوا یہ تھا کہ آخر عمر میں عمرو بن دینار کے دانت گرگئے تھے ۔ حماد کہتے ہیں کہ میں نے عمرو بن دینار سے کہا اے ابومحمد ! ( یہ عمرو بن دینار کی کنیت ہے ) کیا آپ نے جابر بن عبداللہ رضی اللہ عنہما سے یہ سنا ہے ؟ انہوں نے بیان کیا کہ ہاں میں نے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم سے سنا ، آپ نے فرمایا کہ جہنم سے شفاعت کے ذریعہ لوگ نکلیں گے ؟ انہوں نے کہا ہاں بیشک سنا ہے ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [6558] .

     قَوْلُهُ  أَبُو النُّعْمَانِ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَحَمَّادٌ هُوَ بن زيد وَعَمْرو هُوَ بن دِينَار وَجَابِر هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ .

     قَوْلُهُ  يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ بالشفاعة كَذَا للْأَكْثَر من رُوَاة الْبُخَارِيِّ بِحَذْفِ الْفَاعِلِ وَثَبَتَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنِ السَّرَخْسِيِّ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ يَخْرُجُ قَوْمٌ وَكَذَا لِلْبَيْهَقِيِّ فِي الْبَعْثِ مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيِّ عَنْ حَمَّادٍ بْنِ زَيْدٍ وَلَفْظُهُ إِنَّ اللَّهَ يُخْرِجُ قَوْمًا مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ وَلَهُ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرٌ مِثْلَهُ لَكِنْ قَالَ نَاسٌ مِنَ النَّارِ فيدخلهم الْجنَّة وَعند سعيد بن مَنْصُور وبن أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرٍو فِيهِ سَنَدٌ آخَرُ أَخْرَجَاهُ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرٍو عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ فَذَكَرَهُ مُرْسَلًا وَزَادَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَعْنِي لِعَبِيدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَكَانَ الرَّجُلُ يُتَّهَمُ بِرَأْيِ الْخَوَارِجِ وَيُقَالُ لَهُ هَارُونُ أَبُو مُوسَى يَا أَبَا عَاصِمٍ مَا هَذَا الَّذِي تحدث بِهِ فَقَالَإِلَيْكَ عَنِّي لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ أُحَدِّثْ بِهِ.

.

قُلْتُ وَقَدْ جَاءَ بَيَانُ هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ الْفَقِيرِ بِفَاءٍ ثُمَّ قَافٍ وَزْنُ عَظِيمٍ وَلُقِّبَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ يَشْكُو فَقَارَ ظَهْرِهِ لَا أَنَّهُ ضِدُّ الْغِنَى قَالَ خَرَجْنَا فِي عِصَابَةٍ نُرِيدُ أَنْ نَحُجَّ ثُمَّ نَخْرُجَ عَلَى النَّاسِ فَمَرَرْنَا بِالْمَدِينَةِ فَإِذَا رَجُلٌ يُحَدِّثُ وَإِذَا هُوَ قَدْ ذَكَرَ الْجَهَنَّمِيِّينَ فَقُلْتُ لَهُ مَا هَذَا الَّذِي تُحَدِّثُونَ بِهِ وَاللَّهُ يَقُولُ إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَكلما أَرَادوا أَن يخرجُوا مِنْهَا أعيدوا فِيهَا قَالَ أَتَقْرَأُ الْقُرْآنَ.

.

قُلْتُ نَعَمْ قَالَ أَسَمِعْتَ بِمَقَامِ مُحَمَّدٍ الَّذِي يَبْعَثُهُ اللَّهُ.

.

قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّهُ مَقَامُ مُحَمَّدٍ الْمَحْمُودُ الَّذِي يُخْرِجُ اللَّهُ بِهِ مَنْ يُخْرِجُ مِنَ النَّارِ بَعْدَ أَنْ يَكُونُوا فِيهَا ثُمَّ نَعَتَ وَضْعَ الصِّرَاطِ وَمَدَّ النَّاسِ عَلَيْهِ قَالَ فَرَجَعْنَا وَقُلْنَا أَتَرَوْنَ هَذَا الشَّيْخَ يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَاللَّهِ مَا خَرَجَ مِنَّا غَيْرُ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْخَوَارِجَ الطَّائِفَةُ الْمَشْهُورَةُ الْمُبْتَدِعَةُ كَانُوا يُنْكِرُونَ الشَّفَاعَةَ وَكَانَ الصَّحَابَةُ يُنْكِرُونَ إِنْكَارَهُمْ وَيُحَدِّثُونَ بِمَا سَمِعُوا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ فَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ مِنْ طَرِيقِ شَبِيبِ بْنِ أَبِي فَضَالَةَ ذَكَرُوا عِنْدَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ الشَّفَاعَة فَقَالَ رجل انكم لتحدثوننا بِأَحَادِيثَ لَا نَجِدُ لَهَا فِي الْقُرْآنِ أَصْلًا فَغَضِبَ وَذَكَرَ لَهُ مَا مَعْنَاهُ أَنَّ الْحَدِيثَ يُفَسِّرُ الْقُرْآنَ وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مَنْ كَذَّبَ بِالشَّفَاعَةِ فَلَا نَصِيبَ لَهُ فِيهَا وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ مِنْ طَرِيقِ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ بن عَبَّاسٍ خَطَبَ عُمَرُ فَقَالَ إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ قَوْمٌ يُكَذِّبُونَ بِالرَّجْمِ وَيُكَذِّبُونَ بِالدَّجَّالِ وَيُكَذِّبُونَ بِعَذَابِ الْقَبْرِ وَيُكَذِّبُونَ بِالشَّفَاعَةِ وَيُكَذِّبُونَ بِقَوْمٍ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ قَالَ أَنَسٌ يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ وَلَا نُكَذِّبُ بِهَا كَمَا يُكَذِّبُ بهَا أهل حروراء يَعْنِي الْخَوَارِج قَالَ بن بَطَّالٍ أَنْكَرَتِ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْخَوَارِجُ الشَّفَاعَةَ فِي إِخْرَاجِ مَنْ أُدْخِلَ النَّارَ مِنَ الْمُذْنِبِينَ وَتَمَسَّكُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَمَا تنفعهم شَفَاعَة الشافعين وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ وَأَجَابَ أَهْلُ السُّنَّةِ بِأَنَّهَا فِي الْكُفَّارِ وَجَاءَتِ الْأَحَادِيثُ فِي إِثْبَاتِ الشَّفَاعَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ مُتَوَاتِرَةً وَدَلَّ عَلَيْهَا .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الشَّفَاعَةُ وَبَالَغَ الْوَاحِدِيُّ فَنَقَلَ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَلَكِنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا جَاءَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَزَيَّفَهُ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ هُوَ الَّذِي يَقُومُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُرِيحَهُمْ مِنْ كَرْبِ الْمَوْقِفِ ثُمَّ أَخْرَجَ عِدَّةَ أَحَادِيث فِي بَعْضُهَا التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ وَفِي بَعْضِهَا مُطْلَقُ الشَّفَاعَةِ فَمِنْهَا حَدِيثُ سَلْمَانَ قَالَ فَيُشَفِّعُهُ اللَّهُ فِي أُمَّتِهِ فَهُوَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ وَمِنْ طَرِيقِ رِشْدِينَ بن كريب عَن أَبِيه عَن بن عَبَّاسٍ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الشَّفَاعَةُ وَمِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ يَزِيدَ الْأَوْدِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا قَالَ سُئِلَ عَنْهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هِيَ الشَّفَاعَةُ وَمِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَفَعَهُ أَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي عَلَى تَلٍّ فَيَكْسُونِي رَبِّي حُلَّةً خَضْرَاءَ ثُمَّ يُؤْذَنُ لِي فَأَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَقُولَ فَذَلِكَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ وَمِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ قَتَادَةَ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلُ شَافِعٍ وَكَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ يَقُولُونَ إِنَّهُ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ رَفَعَهُ إِنِّي لَأَقُومُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ إِذَا جِيءَ بِكُمْ حُفَاةً عُرَاةً وَفِيهِ ثُمَّ يَكْسُونِي رَبِّي حُلَّةً فَأَلْبَسُهَا فَأَقُومُ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ مَقَامًا لَا يَقُومُهُ أَحَدٌ يَغْبِطُنِي بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونَ وَمِنْ طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الشَّفَاعَةُ وَمِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مِثْلُهُ قَالَ الطَّبَرِيُّ.

     وَقَالَ  لَيْثٌ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مقَاما مَحْمُودًا يُجْلِسُهُ مَعَهُ عَلَى عَرْشِهِ ثُمَّ أَسْنَدَهُ.

     وَقَالَ  الْأَوَّلُ أَوْلَى عَلَى أَنَّ الثَّانِيَ لَيْسَ بِمَدْفُوعٍ لَا مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَلَا مِنْ جِهَةِ النّظر.

     وَقَالَ  بن عَطِيَّةَ هُوَ كَذَلِكَ إِذَا حُمِلَ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ وَبَالَغَ الْوَاحِدِيُّفِي رَدِّ هَذَا الْقَوْلِ.

.
وَأَمَّا النَّقَّاشُ فَنَقَلَ عَنْ أَبِي دَاوُدَ صَاحِبِ السُّنَنِ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَنْكَرَ هَذَا فَهُوَ مُتَّهَمٌ وَقَدْ جَاءَ عَن بن مَسْعُود عِنْد الثَّعْلَبِيّ وَعَن بن عَبَّاسٍ عِنْدَ أَبِي الشَّيْخِ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ إِنَّ مُحَمَّدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى كُرْسِيِّ الرَّبِّ بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ.

.

قُلْتُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْإِضَافَةُ إِضَافَةَ تشريف وعَلى ذَلِك يحمل مَا جَاءَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ الشَّفَاعَةُ لَكِنَّ الشَّفَاعَةَ الَّتِي وَرَدَتْ فِي الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ نَوْعَانِ الْأَوَّلُ الْعَامَّةُ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ وَالثَّانِي الشَّفَاعَةُ فِي إِخْرَاجِ الْمُذْنِبِينَ مِنَ النَّارِ وَحَدِيثُ سلمَان الَّذِي ذكره الطَّبَرِيّ أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ احْمَد وَالتِّرْمِذِيّ وَحَدِيث كَعْب أخرجه بن حبَان وَالْحَاكِم وَأَصله فِي مُسلم وَحَدِيث بن مَسْعُودٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَجَاءَ فِيهِ أَيْضا عَن أنس كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّوْحِيد وَعَن بن عُمَرَ كَمَا مَضَى فِي الزَّكَاةِ عَنْ جَابِرٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْهُ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى الزُّهْرِيِّ فَالْمَشْهُور عَنهُ أَنه من مُرْسَلُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ كَذَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ.

     وَقَالَ  إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أهل الْعلم أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ وَحَدِيثُ جَابِرٍ فِي ذَلِكَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ وَفِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ بن مَرْدَوَيْهِ وَعِنْدَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَلَفْظُهُ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ فَقَالَ هُوَ الشَّفَاعَة وَعَن أبي سعيد عِنْد التِّرْمِذِيّ وبن مَاجَهْ.

     وَقَالَ  الْمَاوَرْدِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ اخْتُلِفَ فِي الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فَذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ الشَّفَاعَةُ وَالْإِجْلَاسُ وَالثَّالِثُ إِعْطَاؤُهُ لِوَاءَ الْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا لَا يُغَايِرُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَأَثْبَتَ غَيْرُهُ رَابِعًا وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ بن أَبِي حَاتِمٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ أَحَدِ صِغَارِ التَّابِعِينَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ الْجَبَّارِ وَبَيْنَ جِبْرِيلَ فَيَغْبِطُهُ بِمَقَامِهِ ذَلِكَ أَهْلُ الْجَمْعِ.

.

قُلْتُ وَخَامِسًا هُوَ مَا اقْتَضَاهُ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ وَهُوَ ثَنَاؤُهُ عَلَى رَبِّهِ وَسَيَأْتِي سِيَاقُهُ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ السَّابِعَ عَشَرَ وَلَكِنَّهُ لَا يُغَايِرُ الْأَوَّلَ أَيْضًا وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ سَادِسًا وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ حَدِيث بن مَسْعُودٍ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ قَالَ يَشْفَعُ نَبِيُّكُمْ رَابِعَ أَرْبَعَةٍ جِبْرِيلُ ثُمَّ إِبْرَاهِيمُ ثُمَّ مُوسَى أَوْ عِيسَى ثُمَّ نَبِيُّكُمْ لَا يَشْفَعُ أَحَدٌ فِي أَكْثَرَ مِمَّا يَشْفَعُ فِيهِ الْحَدِيثَ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يُصَرَّحْ بِرَفْعِهِ وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ.

     وَقَالَ  الْمَشْهُورُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ.

.

قُلْتُ وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ فَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُغَايِرُ حَدِيثَ الشَّفَاعَةِ فِي الْمُذْنِبِينَ وَجَوَّزَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ سَابِعًا وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْمَاضِي ذِكْرُهُ فَقَالَ بَعْدَ أَنَّ أَوْرَدَهُ هَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ غَيْرُ الشَّفَاعَةِ ثُمَّ قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ فَأَقُولُ إِلَى الْمُرَاجَعَةِ فِي الشَّفَاعَةِ.

.

قُلْتُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَتَّجِهُ وَيُمْكِنُ رَدُّ الْأَقْوَالِ كُلِّهَا إِلَى الشَّفَاعَةِ الْعَامَّةِ فَإِنَّ إِعْطَاءَهُ لِوَاءَ الْحَمْدِ وَثَنَاءَهُ عَلَى رَبِّهِ وَكَلَامِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَجُلُوسِهِ عَلَى كُرْسِيِّهِ وَقِيَامِهِ أَقْرَبَ مِنْ جِبْرِيلَ كُلُّ ذَلِكَ صِفَاتٌ لِلْمَقَامِ الْمَحْمُودِ الَّذِي يَشْفَعُ فِيهِ لِيُقْضَى بَيْنَ الْخَلْقِ.

.
وَأَمَّا شَفَاعَتُهُ فِي إِخْرَاجِ الْمُذْنِبِينَ مِنَ النَّارِ فَمِنْ تَوَابِعِ ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ فِي فَاعِلِ الْحَمْدِ مِنْ قَوْلِهِ مَقَامًا مَحْمُودًا فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَهْلُ الْمَوْقِفِ وَقِيلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ أَنَّهُ هُوَ يَحْمَدُ عَاقِبَةَ ذَلِكَ الْمَقَامِ بِتَهَجُّدِهِ فِي اللَّيْلِ وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ لِمَا ثَبَتَ من حَدِيث بن عُمَرَ الْمَاضِي فِي الزَّكَاةِ بِلَفْظِ مَقَامًا مَحْمُودًا يَحْمَدُهُ أَهْلُ الْجَمْعِ كُلُّهُمْ وَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مَقَامًا يَحْمَدُهُ الْقَائِمُ فِيهِ وَكُلُّ مَنْ عَرَفَهُ وَهُوَ مُطْلَقٌ فِي كُلِّ مَا يَجْلِبُ الْحَمْدَ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَرَامَاتِ وَاسْتَحْسَنَ هَذَا أَبُو حَيَّانَ وَأَيَّدَهُ بِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مَقَامًامَخْصُوصًا قَالَ بن بَطَّالٍ سَلَّمَ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ وُقُوعَ الشَّفَاعَةِ لَكِنْ خَصَّهَا بِصَاحِبِ الْكَبِيرَةِ الَّذِي تَابَ مِنْهَا وَبِصَاحِبِ الصَّغِيرَةِ الَّذِي مَاتَ مُصِرًّا عَلَيْهَا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ مِنْ قَاعِدَتِهِمْ أَنَّ التَّائِبَ مِنَ الذَّنْبِ لَا يُعَذَّبُ وَأَنَّ اجْتِنَابَ الْكَبَائِرِ يُكَفِّرُ الصَّغَائِرَ فَيَلْزَمُ قَائِلُهُ أَنْ يُخَالِفَ أَصْلَهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا مُغَايَرَةَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ إِذْ لَا مَانِعَ مِنْ أَنَّ حُصُولَ ذَلِكَ لِلْفَرِيقَيْنِ إِنَّمَا حَصَلَ بِالشَّفَاعَةِ لَكِنْ يَحْتَاجُ مَنْ قَصَرَهَا عَلَى ذَلِكَ إِلَى دَلِيلِ التَّخْصِيصِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الدَّعَوَاتِ الْإِشَارَةُ إِلَى حَدِيثِ شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي وَلَمْ يَخُصَّ بِذَلِكَ مَنْ تَابَ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ أَثْبَتَتِ الْمُعْتَزِلَةُ الشَّفَاعَةَ الْعَامَّةَ فِي الْإِرَاحَةِ مِنْ كَرْبِ الْمَوْقِفِ وَهِيَ الْخَاصَّةُ بِنَبِيِّنَا وَالشَّفَاعَةُ فِي رَفْعِ الدَّرَجَاتِ وَأَنْكَرَتْ مَا عَدَاهُمَا.

.

قُلْتُ وَفِي تَسْلِيم الْمُعْتَزلَة الثَّانِيَة نظر.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِعِيَاضٍ الشَّفَاعَةُ خَمْسٌ فِي الْإِرَاحَةِ مِنْ هَوْلِ الْمَوْقِفِ وَفِي إِدْخَالِ قَوْمٍ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَفِي إِدْخَالِ قَوْمٍ حُوسِبُوا فَاسْتَحَقُّوا الْعَذَابَ أَنْ لَا يُعَذَّبُوا وَفِي إِخْرَاجِ مَنْ أُدْخِلَ النَّارَ مِنَ الْعُصَاةِ وَفِي رَفْعِ الدَّرَجَاتِ وَدَلِيلُ الْأُولَى سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ السَّابِعَ عَشَرَ وَدَلِيلُ الثَّانِيَةِ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى فِي جَوَابِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتِي أُمَّتِي أَدْخِلِ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ كَذَا قِيلَ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ دَلِيلَهُ سُؤَالُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزِّيَادَةَ عَلَى السَّبْعِينَ أَلْفًا الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ فَأُجِيبَ وَقَدْ قَدَّمْتُ بَيَانَهُ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَدَلِيلُ الثَّالِثَةِ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَنَبِيُّكُمْ عَلَى الصِّرَاطِ يَقُولُ رَبِّ سَلِّمْ وَلَهُ شَوَاهِدُ سَأَذْكُرُهَا فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ السَّابِعَ عَشَرَ وَدَلِيلُ الرَّابِعَةِ ذَكَرْتُهُ فِيهِ أَيْضًا مَبْسُوطًا وَدَلِيلُ الْخَامِسَةِ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَا أَوَّلُ شَفِيعٍ فِي الْجَنَّةِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ.

     وَقَالَ  وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ جَعَلَ الْجَنَّةَ ظَرْفًا لِشَفَاعَتِهِ.

.

قُلْتُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنِّي سَأُبَيِّنُ أَنَّهَا ظَرْفٌ فِي شَفَاعَتِهِ الْأُولَى الْمُخْتَصَّةِ بِهِ وَالَّذِي يُطْلَبُ هُنَا أَنْ يَشْفَعَ لِمَنْ لَمْ يَبْلُغْ عَمَلُهُ دَرَجَةً عَالِيَةً أَنْ يَبْلُغَهَا بِشَفَاعَتِهِ وَأَشَارَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الشَّفَاعَةَ مِنْ خَصَائِصِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مُسْتَنَدَهَا وَأَشَارَ عِيَاضٌ إِلَى اسْتِدْرَاكِ شَفَاعَةٍ سَادِسَةٍ وَهِيَ التَّخْفِيفُ عَنْ أَبِي طَالِبٍ فِي الْعَذَابِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الرَّابِعَ عَشَرَ وَزَادَ بَعْضُهُمْ شَفَاعَةً سَابِعَةً وَهِيَ الشَّفَاعَةُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ لِحَدِيثِ سعد رَفعه لَا يثبت على لأوائلها أَحَدٌ إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَهِيدًا أَوْ شَفِيعًا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمُوتَ بِالْمَدِينَةِ فَلْيَفْعَلْ فَإِنِّي أَشْفَعُ لِمَنْ مَاتَ بِهَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ.

.

قُلْتُ وَهَذِهِ غَيْرُ وَارِدَةٍ لِأَنَّ مُتَعَلَّقَهَا لَا يَخْرُجُ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنَ الْخَمْسِ الْأُوَلِ وَلَوْ عُدَّ مِثْلُ ذَلِكَ لَعُدَّ حَدِيثُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبَّادٍ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَوَّلُ مَنْ أَشْفَعُ لَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ثُمَّ أَهْلُ مَكَّةَ ثُمَّ أَهْلُ الطَّائِفِ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيّ واخرج الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث بن عُمَرَ رَفَعَهُ أَوَّلُ مَنْ أَشْفَعُ لَهُ أَهْلُ بَيْتِي ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ثُمَّ سَائِرُ الْعَرَبِ ثُمَّ الْأَعَاجِمُ وَذَكَرَ الْقَزْوِينِيُّ فِي الْعُرْوَةِ الْوُثْقَى شَفَاعَتَهُ لِجَمَاعَةٍ مِنَ الصُّلَحَاءِ فِي التَّجَاوُزِ عَنْ تَقْصِيرِهِمْ وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْتَنَدَهَا وَيَظْهَرُ لِي أَنَّهَا تَنْدَرِجُ فِي الْخَامِسَةِ وَزَادَ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّهُ أَوَّلُ شَافِعٍ فِي دُخُولِ أُمَّتِهِ الْجَنَّةَ قَبْلَ النَّاسِ وَهَذِهِ أَفْرَدَهَا النَّقَّاشُ بِالذِّكْرِ وَهِيَ وَارِدَةٌ وَدَلِيلُهَا يَأْتِي فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ الطَّوِيلِ وَزَادَ النَّقَّاشُ أَيْضًا شَفَاعَتَهُ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِهِ وَلَيْسَتْ وَارِدَةً لِأَنَّهَا تَدْخُلُ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ وَظَهَرَ لِي بِالتَّتَبُّعِ شَفَاعَةً أُخْرَى وَهِيَ الشَّفَاعَةُ فِيمَنِ اسْتَوَتْ حَسَنَاتُهُ وَسَيِّئَاتُهُ أَنْ يُدْخَلَ الْجنَّة ومستندها مَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ السَّابِقُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَالْمُقْتَصِدُ يَرْحَمُهُ اللَّهُ وَالظَّالِمُ لِنَفْسِهِ وَأَصْحَابُ الْأَعْرَافِ يَدْخُلُونَهَا بِشَفَاعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّ أَرْجَحَ الْأَقْوَالِ فِي أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ أَنَّهُمْ قَوْمٌ اسْتَوَتْ حَسَنَاتُهُمْ وَسَيِّئَاتُهُمْ وَشَفَاعَةٌ أُخْرَى وَهِيَ شَفَاعَتُهُإِلَيْكَ عَنِّي لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ أُحَدِّثْ بِهِ.

.

قُلْتُ وَقَدْ جَاءَ بَيَانُ هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ الْفَقِيرِ بِفَاءٍ ثُمَّ قَافٍ وَزْنُ عَظِيمٍ وَلُقِّبَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ يَشْكُو فَقَارَ ظَهْرِهِ لَا أَنَّهُ ضِدُّ الْغِنَى قَالَ خَرَجْنَا فِي عِصَابَةٍ نُرِيدُ أَنْ نَحُجَّ ثُمَّ نَخْرُجَ عَلَى النَّاسِ فَمَرَرْنَا بِالْمَدِينَةِ فَإِذَا رَجُلٌ يُحَدِّثُ وَإِذَا هُوَ قَدْ ذَكَرَ الْجَهَنَّمِيِّينَ فَقُلْتُ لَهُ مَا هَذَا الَّذِي تُحَدِّثُونَ بِهِ وَاللَّهُ يَقُولُ إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَكلما أَرَادوا أَن يخرجُوا مِنْهَا أعيدوا فِيهَا قَالَ أَتَقْرَأُ الْقُرْآنَ.

.

قُلْتُ نَعَمْ قَالَ أَسَمِعْتَ بِمَقَامِ مُحَمَّدٍ الَّذِي يَبْعَثُهُ اللَّهُ.

.

قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّهُ مَقَامُ مُحَمَّدٍ الْمَحْمُودُ الَّذِي يُخْرِجُ اللَّهُ بِهِ مَنْ يُخْرِجُ مِنَ النَّارِ بَعْدَ أَنْ يَكُونُوا فِيهَا ثُمَّ نَعَتَ وَضْعَ الصِّرَاطِ وَمَدَّ النَّاسِ عَلَيْهِ قَالَ فَرَجَعْنَا وَقُلْنَا أَتَرَوْنَ هَذَا الشَّيْخَ يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَاللَّهِ مَا خَرَجَ مِنَّا غَيْرُ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْخَوَارِجَ الطَّائِفَةُ الْمَشْهُورَةُ الْمُبْتَدِعَةُ كَانُوا يُنْكِرُونَ الشَّفَاعَةَ وَكَانَ الصَّحَابَةُ يُنْكِرُونَ إِنْكَارَهُمْ وَيُحَدِّثُونَ بِمَا سَمِعُوا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ فَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ مِنْ طَرِيقِ شَبِيبِ بْنِ أَبِي فَضَالَةَ ذَكَرُوا عِنْدَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ الشَّفَاعَة فَقَالَ رجل انكم لتحدثوننا بِأَحَادِيثَ لَا نَجِدُ لَهَا فِي الْقُرْآنِ أَصْلًا فَغَضِبَ وَذَكَرَ لَهُ مَا مَعْنَاهُ أَنَّ الْحَدِيثَ يُفَسِّرُ الْقُرْآنَ وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مَنْ كَذَّبَ بِالشَّفَاعَةِ فَلَا نَصِيبَ لَهُ فِيهَا وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ مِنْ طَرِيقِ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ بن عَبَّاسٍ خَطَبَ عُمَرُ فَقَالَ إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ قَوْمٌ يُكَذِّبُونَ بِالرَّجْمِ وَيُكَذِّبُونَ بِالدَّجَّالِ وَيُكَذِّبُونَ بِعَذَابِ الْقَبْرِ وَيُكَذِّبُونَ بِالشَّفَاعَةِ وَيُكَذِّبُونَ بِقَوْمٍ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ قَالَ أَنَسٌ يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ وَلَا نُكَذِّبُ بِهَا كَمَا يُكَذِّبُ بهَا أهل حروراء يَعْنِي الْخَوَارِج قَالَ بن بَطَّالٍ أَنْكَرَتِ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْخَوَارِجُ الشَّفَاعَةَ فِي إِخْرَاجِ مَنْ أُدْخِلَ النَّارَ مِنَ الْمُذْنِبِينَ وَتَمَسَّكُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَمَا تنفعهم شَفَاعَة الشافعين وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ وَأَجَابَ أَهْلُ السُّنَّةِ بِأَنَّهَا فِي الْكُفَّارِ وَجَاءَتِ الْأَحَادِيثُ فِي إِثْبَاتِ الشَّفَاعَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ مُتَوَاتِرَةً وَدَلَّ عَلَيْهَا .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الشَّفَاعَةُ وَبَالَغَ الْوَاحِدِيُّ فَنَقَلَ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَلَكِنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا جَاءَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَزَيَّفَهُ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ هُوَ الَّذِي يَقُومُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُرِيحَهُمْ مِنْ كَرْبِ الْمَوْقِفِ ثُمَّ أَخْرَجَ عِدَّةَ أَحَادِيث فِي بَعْضُهَا التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ وَفِي بَعْضِهَا مُطْلَقُ الشَّفَاعَةِ فَمِنْهَا حَدِيثُ سَلْمَانَ قَالَ فَيُشَفِّعُهُ اللَّهُ فِي أُمَّتِهِ فَهُوَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ وَمِنْ طَرِيقِ رِشْدِينَ بن كريب عَن أَبِيه عَن بن عَبَّاسٍ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الشَّفَاعَةُ وَمِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ يَزِيدَ الْأَوْدِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا قَالَ سُئِلَ عَنْهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هِيَ الشَّفَاعَةُ وَمِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَفَعَهُ أَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي عَلَى تَلٍّ فَيَكْسُونِي رَبِّي حُلَّةً خَضْرَاءَ ثُمَّ يُؤْذَنُ لِي فَأَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَقُولَ فَذَلِكَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ وَمِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ قَتَادَةَ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلُ شَافِعٍ وَكَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ يَقُولُونَ إِنَّهُ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ رَفَعَهُ إِنِّي لَأَقُومُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ إِذَا جِيءَ بِكُمْ حُفَاةً عُرَاةً وَفِيهِ ثُمَّ يَكْسُونِي رَبِّي حُلَّةً فَأَلْبَسُهَا فَأَقُومُ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ مَقَامًا لَا يَقُومُهُ أَحَدٌ يَغْبِطُنِي بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونَ وَمِنْ طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الشَّفَاعَةُ وَمِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مِثْلُهُ قَالَ الطَّبَرِيُّ.

     وَقَالَ  لَيْثٌ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مقَاما مَحْمُودًا يُجْلِسُهُ مَعَهُ عَلَى عَرْشِهِ ثُمَّ أَسْنَدَهُ.

     وَقَالَ  الْأَوَّلُ أَوْلَى عَلَى أَنَّ الثَّانِيَ لَيْسَ بِمَدْفُوعٍ لَا مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَلَا مِنْ جِهَةِ النّظر.

     وَقَالَ  بن عَطِيَّةَ هُوَ كَذَلِكَ إِذَا حُمِلَ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ وَبَالَغَ الْوَاحِدِيُّفِي رَدِّ هَذَا الْقَوْلِ.

.
وَأَمَّا النَّقَّاشُ فَنَقَلَ عَنْ أَبِي دَاوُدَ صَاحِبِ السُّنَنِ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَنْكَرَ هَذَا فَهُوَ مُتَّهَمٌ وَقَدْ جَاءَ عَن بن مَسْعُود عِنْد الثَّعْلَبِيّ وَعَن بن عَبَّاسٍ عِنْدَ أَبِي الشَّيْخِ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ إِنَّ مُحَمَّدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى كُرْسِيِّ الرَّبِّ بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ.

.

قُلْتُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْإِضَافَةُ إِضَافَةَ تشريف وعَلى ذَلِك يحمل مَا جَاءَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ الشَّفَاعَةُ لَكِنَّ الشَّفَاعَةَ الَّتِي وَرَدَتْ فِي الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ نَوْعَانِ الْأَوَّلُ الْعَامَّةُ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ وَالثَّانِي الشَّفَاعَةُ فِي إِخْرَاجِ الْمُذْنِبِينَ مِنَ النَّارِ وَحَدِيثُ سلمَان الَّذِي ذكره الطَّبَرِيّ أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ احْمَد وَالتِّرْمِذِيّ وَحَدِيث كَعْب أخرجه بن حبَان وَالْحَاكِم وَأَصله فِي مُسلم وَحَدِيث بن مَسْعُودٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَجَاءَ فِيهِ أَيْضا عَن أنس كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّوْحِيد وَعَن بن عُمَرَ كَمَا مَضَى فِي الزَّكَاةِ عَنْ جَابِرٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْهُ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى الزُّهْرِيِّ فَالْمَشْهُور عَنهُ أَنه من مُرْسَلُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ كَذَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ.

     وَقَالَ  إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أهل الْعلم أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ وَحَدِيثُ جَابِرٍ فِي ذَلِكَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ وَفِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ بن مَرْدَوَيْهِ وَعِنْدَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَلَفْظُهُ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ فَقَالَ هُوَ الشَّفَاعَة وَعَن أبي سعيد عِنْد التِّرْمِذِيّ وبن مَاجَهْ.

     وَقَالَ  الْمَاوَرْدِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ اخْتُلِفَ فِي الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فَذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ الشَّفَاعَةُ وَالْإِجْلَاسُ وَالثَّالِثُ إِعْطَاؤُهُ لِوَاءَ الْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا لَا يُغَايِرُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَأَثْبَتَ غَيْرُهُ رَابِعًا وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ بن أَبِي حَاتِمٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ أَحَدِ صِغَارِ التَّابِعِينَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ الْجَبَّارِ وَبَيْنَ جِبْرِيلَ فَيَغْبِطُهُ بِمَقَامِهِ ذَلِكَ أَهْلُ الْجَمْعِ.

.

قُلْتُ وَخَامِسًا هُوَ مَا اقْتَضَاهُ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ وَهُوَ ثَنَاؤُهُ عَلَى رَبِّهِ وَسَيَأْتِي سِيَاقُهُ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ السَّابِعَ عَشَرَ وَلَكِنَّهُ لَا يُغَايِرُ الْأَوَّلَ أَيْضًا وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ سَادِسًا وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ حَدِيث بن مَسْعُودٍ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ قَالَ يَشْفَعُ نَبِيُّكُمْ رَابِعَ أَرْبَعَةٍ جِبْرِيلُ ثُمَّ إِبْرَاهِيمُ ثُمَّ مُوسَى أَوْ عِيسَى ثُمَّ نَبِيُّكُمْ لَا يَشْفَعُ أَحَدٌ فِي أَكْثَرَ مِمَّا يَشْفَعُ فِيهِ الْحَدِيثَ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يُصَرَّحْ بِرَفْعِهِ وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ.

     وَقَالَ  الْمَشْهُورُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ.

.

قُلْتُ وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ فَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُغَايِرُ حَدِيثَ الشَّفَاعَةِ فِي الْمُذْنِبِينَ وَجَوَّزَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ سَابِعًا وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْمَاضِي ذِكْرُهُ فَقَالَ بَعْدَ أَنَّ أَوْرَدَهُ هَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ غَيْرُ الشَّفَاعَةِ ثُمَّ قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ فَأَقُولُ إِلَى الْمُرَاجَعَةِ فِي الشَّفَاعَةِ.

.

قُلْتُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَتَّجِهُ وَيُمْكِنُ رَدُّ الْأَقْوَالِ كُلِّهَا إِلَى الشَّفَاعَةِ الْعَامَّةِ فَإِنَّ إِعْطَاءَهُ لِوَاءَ الْحَمْدِ وَثَنَاءَهُ عَلَى رَبِّهِ وَكَلَامِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَجُلُوسِهِ عَلَى كُرْسِيِّهِ وَقِيَامِهِ أَقْرَبَ مِنْ جِبْرِيلَ كُلُّ ذَلِكَ صِفَاتٌ لِلْمَقَامِ الْمَحْمُودِ الَّذِي يَشْفَعُ فِيهِ لِيُقْضَى بَيْنَ الْخَلْقِ.

.
وَأَمَّا شَفَاعَتُهُ فِي إِخْرَاجِ الْمُذْنِبِينَ مِنَ النَّارِ فَمِنْ تَوَابِعِ ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ فِي فَاعِلِ الْحَمْدِ مِنْ قَوْلِهِ مَقَامًا مَحْمُودًا فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَهْلُ الْمَوْقِفِ وَقِيلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ أَنَّهُ هُوَ يَحْمَدُ عَاقِبَةَ ذَلِكَ الْمَقَامِ بِتَهَجُّدِهِ فِي اللَّيْلِ وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ لِمَا ثَبَتَ من حَدِيث بن عُمَرَ الْمَاضِي فِي الزَّكَاةِ بِلَفْظِ مَقَامًا مَحْمُودًا يَحْمَدُهُ أَهْلُ الْجَمْعِ كُلُّهُمْ وَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مَقَامًا يَحْمَدُهُ الْقَائِمُ فِيهِ وَكُلُّ مَنْ عَرَفَهُ وَهُوَ مُطْلَقٌ فِي كُلِّ مَا يَجْلِبُ الْحَمْدَ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَرَامَاتِ وَاسْتَحْسَنَ هَذَا أَبُو حَيَّانَ وَأَيَّدَهُ بِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مَقَامًامَخْصُوصًا قَالَ بن بَطَّالٍ سَلَّمَ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ وُقُوعَ الشَّفَاعَةِ لَكِنْ خَصَّهَا بِصَاحِبِ الْكَبِيرَةِ الَّذِي تَابَ مِنْهَا وَبِصَاحِبِ الصَّغِيرَةِ الَّذِي مَاتَ مُصِرًّا عَلَيْهَا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ مِنْ قَاعِدَتِهِمْ أَنَّ التَّائِبَ مِنَ الذَّنْبِ لَا يُعَذَّبُ وَأَنَّ اجْتِنَابَ الْكَبَائِرِ يُكَفِّرُ الصَّغَائِرَ فَيَلْزَمُ قَائِلُهُ أَنْ يُخَالِفَ أَصْلَهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا مُغَايَرَةَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ إِذْ لَا مَانِعَ مِنْ أَنَّ حُصُولَ ذَلِكَ لِلْفَرِيقَيْنِ إِنَّمَا حَصَلَ بِالشَّفَاعَةِ لَكِنْ يَحْتَاجُ مَنْ قَصَرَهَا عَلَى ذَلِكَ إِلَى دَلِيلِ التَّخْصِيصِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الدَّعَوَاتِ الْإِشَارَةُ إِلَى حَدِيثِ شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي وَلَمْ يَخُصَّ بِذَلِكَ مَنْ تَابَ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ أَثْبَتَتِ الْمُعْتَزِلَةُ الشَّفَاعَةَ الْعَامَّةَ فِي الْإِرَاحَةِ مِنْ كَرْبِ الْمَوْقِفِ وَهِيَ الْخَاصَّةُ بِنَبِيِّنَا وَالشَّفَاعَةُ فِي رَفْعِ الدَّرَجَاتِ وَأَنْكَرَتْ مَا عَدَاهُمَا.

.

قُلْتُ وَفِي تَسْلِيم الْمُعْتَزلَة الثَّانِيَة نظر.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِعِيَاضٍ الشَّفَاعَةُ خَمْسٌ فِي الْإِرَاحَةِ مِنْ هَوْلِ الْمَوْقِفِ وَفِي إِدْخَالِ قَوْمٍ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَفِي إِدْخَالِ قَوْمٍ حُوسِبُوا فَاسْتَحَقُّوا الْعَذَابَ أَنْ لَا يُعَذَّبُوا وَفِي إِخْرَاجِ مَنْ أُدْخِلَ النَّارَ مِنَ الْعُصَاةِ وَفِي رَفْعِ الدَّرَجَاتِ وَدَلِيلُ الْأُولَى سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ السَّابِعَ عَشَرَ وَدَلِيلُ الثَّانِيَةِ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى فِي جَوَابِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتِي أُمَّتِي أَدْخِلِ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ كَذَا قِيلَ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ دَلِيلَهُ سُؤَالُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزِّيَادَةَ عَلَى السَّبْعِينَ أَلْفًا الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ فَأُجِيبَ وَقَدْ قَدَّمْتُ بَيَانَهُ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَدَلِيلُ الثَّالِثَةِ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَنَبِيُّكُمْ عَلَى الصِّرَاطِ يَقُولُ رَبِّ سَلِّمْ وَلَهُ شَوَاهِدُ سَأَذْكُرُهَا فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ السَّابِعَ عَشَرَ وَدَلِيلُ الرَّابِعَةِ ذَكَرْتُهُ فِيهِ أَيْضًا مَبْسُوطًا وَدَلِيلُ الْخَامِسَةِ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَا أَوَّلُ شَفِيعٍ فِي الْجَنَّةِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ.

     وَقَالَ  وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ جَعَلَ الْجَنَّةَ ظَرْفًا لِشَفَاعَتِهِ.

.

قُلْتُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنِّي سَأُبَيِّنُ أَنَّهَا ظَرْفٌ فِي شَفَاعَتِهِ الْأُولَى الْمُخْتَصَّةِ بِهِ وَالَّذِي يُطْلَبُ هُنَا أَنْ يَشْفَعَ لِمَنْ لَمْ يَبْلُغْ عَمَلُهُ دَرَجَةً عَالِيَةً أَنْ يَبْلُغَهَا بِشَفَاعَتِهِ وَأَشَارَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الشَّفَاعَةَ مِنْ خَصَائِصِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مُسْتَنَدَهَا وَأَشَارَ عِيَاضٌ إِلَى اسْتِدْرَاكِ شَفَاعَةٍ سَادِسَةٍ وَهِيَ التَّخْفِيفُ عَنْ أَبِي طَالِبٍ فِي الْعَذَابِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الرَّابِعَ عَشَرَ وَزَادَ بَعْضُهُمْ شَفَاعَةً سَابِعَةً وَهِيَ الشَّفَاعَةُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ لِحَدِيثِ سعد رَفعه لَا يثبت على لأوائلها أَحَدٌ إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَهِيدًا أَوْ شَفِيعًا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمُوتَ بِالْمَدِينَةِ فَلْيَفْعَلْ فَإِنِّي أَشْفَعُ لِمَنْ مَاتَ بِهَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ.

.

قُلْتُ وَهَذِهِ غَيْرُ وَارِدَةٍ لِأَنَّ مُتَعَلَّقَهَا لَا يَخْرُجُ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنَ الْخَمْسِ الْأُوَلِ وَلَوْ عُدَّ مِثْلُ ذَلِكَ لَعُدَّ حَدِيثُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبَّادٍ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَوَّلُ مَنْ أَشْفَعُ لَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ثُمَّ أَهْلُ مَكَّةَ ثُمَّ أَهْلُ الطَّائِفِ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيّ واخرج الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث بن عُمَرَ رَفَعَهُ أَوَّلُ مَنْ أَشْفَعُ لَهُ أَهْلُ بَيْتِي ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ثُمَّ سَائِرُ الْعَرَبِ ثُمَّ الْأَعَاجِمُ وَذَكَرَ الْقَزْوِينِيُّ فِي الْعُرْوَةِ الْوُثْقَى شَفَاعَتَهُ لِجَمَاعَةٍ مِنَ الصُّلَحَاءِ فِي التَّجَاوُزِ عَنْ تَقْصِيرِهِمْ وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْتَنَدَهَا وَيَظْهَرُ لِي أَنَّهَا تَنْدَرِجُ فِي الْخَامِسَةِ وَزَادَ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّهُ أَوَّلُ شَافِعٍ فِي دُخُولِ أُمَّتِهِ الْجَنَّةَ قَبْلَ النَّاسِ وَهَذِهِ أَفْرَدَهَا النَّقَّاشُ بِالذِّكْرِ وَهِيَ وَارِدَةٌ وَدَلِيلُهَا يَأْتِي فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ الطَّوِيلِ وَزَادَ النَّقَّاشُ أَيْضًا شَفَاعَتَهُ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِهِ وَلَيْسَتْ وَارِدَةً لِأَنَّهَا تَدْخُلُ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ وَظَهَرَ لِي بِالتَّتَبُّعِ شَفَاعَةً أُخْرَى وَهِيَ الشَّفَاعَةُ فِيمَنِ اسْتَوَتْ حَسَنَاتُهُ وَسَيِّئَاتُهُ أَنْ يُدْخَلَ الْجنَّة ومستندها مَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ السَّابِقُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَالْمُقْتَصِدُ يَرْحَمُهُ اللَّهُ وَالظَّالِمُ لِنَفْسِهِ وَأَصْحَابُ الْأَعْرَافِ يَدْخُلُونَهَا بِشَفَاعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّ أَرْجَحَ الْأَقْوَالِ فِي أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ أَنَّهُمْ قَوْمٌ اسْتَوَتْ حَسَنَاتُهُمْ وَسَيِّئَاتُهُمْ وَشَفَاعَةٌ أُخْرَى وَهِيَ شَفَاعَتُهُوَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا قَافٌ مَضْمُومَةٌ وَوَاوٌ مَفْتُوحَةٌ هِيَ الْعَظْمُ الَّذِي بَيْنَ ثُغْرَةِ النَّحْرِ وَالْعَاتِقِ وَالْجَمْعُ تَرَاقٍ وَلِكُلِّ شَخْصٍ تَرْقُوَتَانِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ هَذَا فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ مِنْ بَدْءِ الْخلق الحَدِيث الثّمن الْحَدِيثُ التاسعُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :6217 ... غــ :6558] .

     قَوْلُهُ  أَبُو النُّعْمَانِ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَحَمَّادٌ هُوَ بن زيد وَعَمْرو هُوَ بن دِينَار وَجَابِر هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ .

     قَوْلُهُ  يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ بالشفاعة كَذَا للْأَكْثَر من رُوَاة الْبُخَارِيِّ بِحَذْفِ الْفَاعِلِ وَثَبَتَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنِ السَّرَخْسِيِّ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ يَخْرُجُ قَوْمٌ وَكَذَا لِلْبَيْهَقِيِّ فِي الْبَعْثِ مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيِّ عَنْ حَمَّادٍ بْنِ زَيْدٍ وَلَفْظُهُ إِنَّ اللَّهَ يُخْرِجُ قَوْمًا مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ وَلَهُ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرٌ مِثْلَهُ لَكِنْ قَالَ نَاسٌ مِنَ النَّارِ فيدخلهم الْجنَّة وَعند سعيد بن مَنْصُور وبن أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرٍو فِيهِ سَنَدٌ آخَرُ أَخْرَجَاهُ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرٍو عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ فَذَكَرَهُ مُرْسَلًا وَزَادَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَعْنِي لِعَبِيدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَكَانَ الرَّجُلُ يُتَّهَمُ بِرَأْيِ الْخَوَارِجِ وَيُقَالُ لَهُ هَارُونُ أَبُو مُوسَى يَا أَبَا عَاصِمٍ مَا هَذَا الَّذِي تحدث بِهِ فَقَالَ إِلَيْكَ عَنِّي لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ أُحَدِّثْ بِهِ.

.

قُلْتُ وَقَدْ جَاءَ بَيَانُ هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ الْفَقِيرِ بِفَاءٍ ثُمَّ قَافٍ وَزْنُ عَظِيمٍ وَلُقِّبَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ يَشْكُو فَقَارَ ظَهْرِهِ لَا أَنَّهُ ضِدُّ الْغِنَى قَالَ خَرَجْنَا فِي عِصَابَةٍ نُرِيدُ أَنْ نَحُجَّ ثُمَّ نَخْرُجَ عَلَى النَّاسِ فَمَرَرْنَا بِالْمَدِينَةِ فَإِذَا رَجُلٌ يُحَدِّثُ وَإِذَا هُوَ قَدْ ذَكَرَ الْجَهَنَّمِيِّينَ فَقُلْتُ لَهُ مَا هَذَا الَّذِي تُحَدِّثُونَ بِهِ وَاللَّهُ يَقُولُ إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَكلما أَرَادوا أَن يخرجُوا مِنْهَا أعيدوا فِيهَا قَالَ أَتَقْرَأُ الْقُرْآنَ.

.

قُلْتُ نَعَمْ قَالَ أَسَمِعْتَ بِمَقَامِ مُحَمَّدٍ الَّذِي يَبْعَثُهُ اللَّهُ.

.

قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّهُ مَقَامُ مُحَمَّدٍ الْمَحْمُودُ الَّذِي يُخْرِجُ اللَّهُ بِهِ مَنْ يُخْرِجُ مِنَ النَّارِ بَعْدَ أَنْ يَكُونُوا فِيهَا ثُمَّ نَعَتَ وَضْعَ الصِّرَاطِ وَمَدَّ النَّاسِ عَلَيْهِ قَالَ فَرَجَعْنَا وَقُلْنَا أَتَرَوْنَ هَذَا الشَّيْخَ يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَاللَّهِ مَا خَرَجَ مِنَّا غَيْرُ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْخَوَارِجَ الطَّائِفَةُ الْمَشْهُورَةُ الْمُبْتَدِعَةُ كَانُوا يُنْكِرُونَ الشَّفَاعَةَ وَكَانَ الصَّحَابَةُ يُنْكِرُونَ إِنْكَارَهُمْ وَيُحَدِّثُونَ بِمَا سَمِعُوا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ فَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ مِنْ طَرِيقِ شَبِيبِ بْنِ أَبِي فَضَالَةَ ذَكَرُوا عِنْدَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ الشَّفَاعَة فَقَالَ رجل انكم لتحدثوننا بِأَحَادِيثَ لَا نَجِدُ لَهَا فِي الْقُرْآنِ أَصْلًا فَغَضِبَ وَذَكَرَ لَهُ مَا مَعْنَاهُ أَنَّ الْحَدِيثَ يُفَسِّرُ الْقُرْآنَ وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مَنْ كَذَّبَ بِالشَّفَاعَةِ فَلَا نَصِيبَ لَهُ فِيهَا وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ مِنْ طَرِيقِ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ بن عَبَّاسٍ خَطَبَ عُمَرُ فَقَالَ إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ قَوْمٌ يُكَذِّبُونَ بِالرَّجْمِ وَيُكَذِّبُونَ بِالدَّجَّالِ وَيُكَذِّبُونَ بِعَذَابِ الْقَبْرِ وَيُكَذِّبُونَ بِالشَّفَاعَةِ وَيُكَذِّبُونَ بِقَوْمٍ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ قَالَ أَنَسٌ يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ وَلَا نُكَذِّبُ بِهَا كَمَا يُكَذِّبُ بهَا أهل حروراء يَعْنِي الْخَوَارِج قَالَ بن بَطَّالٍ أَنْكَرَتِ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْخَوَارِجُ الشَّفَاعَةَ فِي إِخْرَاجِ مَنْ أُدْخِلَ النَّارَ مِنَ الْمُذْنِبِينَ وَتَمَسَّكُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَمَا تنفعهم شَفَاعَة الشافعين وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ وَأَجَابَ أَهْلُ السُّنَّةِ بِأَنَّهَا فِي الْكُفَّارِ وَجَاءَتِ الْأَحَادِيثُ فِي إِثْبَاتِ الشَّفَاعَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ مُتَوَاتِرَةً وَدَلَّ عَلَيْهَا .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الشَّفَاعَةُ وَبَالَغَ الْوَاحِدِيُّ فَنَقَلَ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَلَكِنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا جَاءَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَزَيَّفَهُ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ هُوَ الَّذِي يَقُومُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُرِيحَهُمْ مِنْ كَرْبِ الْمَوْقِفِ ثُمَّ أَخْرَجَ عِدَّةَ أَحَادِيث فِي بَعْضُهَا التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ وَفِي بَعْضِهَا مُطْلَقُ الشَّفَاعَةِ فَمِنْهَا حَدِيثُ سَلْمَانَ قَالَ فَيُشَفِّعُهُ اللَّهُ فِي أُمَّتِهِ فَهُوَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ وَمِنْ طَرِيقِ رِشْدِينَ بن كريب عَن أَبِيه عَن بن عَبَّاسٍ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الشَّفَاعَةُ وَمِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ يَزِيدَ الْأَوْدِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا قَالَ سُئِلَ عَنْهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هِيَ الشَّفَاعَةُ وَمِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَفَعَهُ أَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي عَلَى تَلٍّ فَيَكْسُونِي رَبِّي حُلَّةً خَضْرَاءَ ثُمَّ يُؤْذَنُ لِي فَأَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَقُولَ فَذَلِكَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ وَمِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ قَتَادَةَ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلُ شَافِعٍ وَكَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ يَقُولُونَ إِنَّهُ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ رَفَعَهُ إِنِّي لَأَقُومُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ إِذَا جِيءَ بِكُمْ حُفَاةً عُرَاةً وَفِيهِ ثُمَّ يَكْسُونِي رَبِّي حُلَّةً فَأَلْبَسُهَا فَأَقُومُ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ مَقَامًا لَا يَقُومُهُ أَحَدٌ يَغْبِطُنِي بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونَ وَمِنْ طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الشَّفَاعَةُ وَمِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مِثْلُهُ قَالَ الطَّبَرِيُّ.

     وَقَالَ  لَيْثٌ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مقَاما مَحْمُودًا يُجْلِسُهُ مَعَهُ عَلَى عَرْشِهِ ثُمَّ أَسْنَدَهُ.

     وَقَالَ  الْأَوَّلُ أَوْلَى عَلَى أَنَّ الثَّانِيَ لَيْسَ بِمَدْفُوعٍ لَا مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَلَا مِنْ جِهَةِ النّظر.

     وَقَالَ  بن عَطِيَّةَ هُوَ كَذَلِكَ إِذَا حُمِلَ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ وَبَالَغَ الْوَاحِدِيُّ فِي رَدِّ هَذَا الْقَوْلِ.

.
وَأَمَّا النَّقَّاشُ فَنَقَلَ عَنْ أَبِي دَاوُدَ صَاحِبِ السُّنَنِ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَنْكَرَ هَذَا فَهُوَ مُتَّهَمٌ وَقَدْ جَاءَ عَن بن مَسْعُود عِنْد الثَّعْلَبِيّ وَعَن بن عَبَّاسٍ عِنْدَ أَبِي الشَّيْخِ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ إِنَّ مُحَمَّدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى كُرْسِيِّ الرَّبِّ بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ.

.

قُلْتُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْإِضَافَةُ إِضَافَةَ تشريف وعَلى ذَلِك يحمل مَا جَاءَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ الشَّفَاعَةُ لَكِنَّ الشَّفَاعَةَ الَّتِي وَرَدَتْ فِي الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ نَوْعَانِ الْأَوَّلُ الْعَامَّةُ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ وَالثَّانِي الشَّفَاعَةُ فِي إِخْرَاجِ الْمُذْنِبِينَ مِنَ النَّارِ وَحَدِيثُ سلمَان الَّذِي ذكره الطَّبَرِيّ أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ احْمَد وَالتِّرْمِذِيّ وَحَدِيث كَعْب أخرجه بن حبَان وَالْحَاكِم وَأَصله فِي مُسلم وَحَدِيث بن مَسْعُودٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَجَاءَ فِيهِ أَيْضا عَن أنس كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّوْحِيد وَعَن بن عُمَرَ كَمَا مَضَى فِي الزَّكَاةِ عَنْ جَابِرٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْهُ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى الزُّهْرِيِّ فَالْمَشْهُور عَنهُ أَنه من مُرْسَلُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ كَذَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ.

     وَقَالَ  إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أهل الْعلم أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ وَحَدِيثُ جَابِرٍ فِي ذَلِكَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ وَفِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ بن مَرْدَوَيْهِ وَعِنْدَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَلَفْظُهُ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ فَقَالَ هُوَ الشَّفَاعَة وَعَن أبي سعيد عِنْد التِّرْمِذِيّ وبن مَاجَهْ.

     وَقَالَ  الْمَاوَرْدِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ اخْتُلِفَ فِي الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فَذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ الشَّفَاعَةُ وَالْإِجْلَاسُ وَالثَّالِثُ إِعْطَاؤُهُ لِوَاءَ الْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا لَا يُغَايِرُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَأَثْبَتَ غَيْرُهُ رَابِعًا وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ بن أَبِي حَاتِمٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ أَحَدِ صِغَارِ التَّابِعِينَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ الْجَبَّارِ وَبَيْنَ جِبْرِيلَ فَيَغْبِطُهُ بِمَقَامِهِ ذَلِكَ أَهْلُ الْجَمْعِ.

.

قُلْتُ وَخَامِسًا هُوَ مَا اقْتَضَاهُ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ وَهُوَ ثَنَاؤُهُ عَلَى رَبِّهِ وَسَيَأْتِي سِيَاقُهُ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ السَّابِعَ عَشَرَ وَلَكِنَّهُ لَا يُغَايِرُ الْأَوَّلَ أَيْضًا وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ سَادِسًا وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ حَدِيث بن مَسْعُودٍ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ قَالَ يَشْفَعُ نَبِيُّكُمْ رَابِعَ أَرْبَعَةٍ جِبْرِيلُ ثُمَّ إِبْرَاهِيمُ ثُمَّ مُوسَى أَوْ عِيسَى ثُمَّ نَبِيُّكُمْ لَا يَشْفَعُ أَحَدٌ فِي أَكْثَرَ مِمَّا يَشْفَعُ فِيهِ الْحَدِيثَ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يُصَرَّحْ بِرَفْعِهِ وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ.

     وَقَالَ  الْمَشْهُورُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ.

.

قُلْتُ وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ فَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُغَايِرُ حَدِيثَ الشَّفَاعَةِ فِي الْمُذْنِبِينَ وَجَوَّزَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ سَابِعًا وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْمَاضِي ذِكْرُهُ فَقَالَ بَعْدَ أَنَّ أَوْرَدَهُ هَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ غَيْرُ الشَّفَاعَةِ ثُمَّ قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ فَأَقُولُ إِلَى الْمُرَاجَعَةِ فِي الشَّفَاعَةِ.

.

قُلْتُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَتَّجِهُ وَيُمْكِنُ رَدُّ الْأَقْوَالِ كُلِّهَا إِلَى الشَّفَاعَةِ الْعَامَّةِ فَإِنَّ إِعْطَاءَهُ لِوَاءَ الْحَمْدِ وَثَنَاءَهُ عَلَى رَبِّهِ وَكَلَامِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَجُلُوسِهِ عَلَى كُرْسِيِّهِ وَقِيَامِهِ أَقْرَبَ مِنْ جِبْرِيلَ كُلُّ ذَلِكَ صِفَاتٌ لِلْمَقَامِ الْمَحْمُودِ الَّذِي يَشْفَعُ فِيهِ لِيُقْضَى بَيْنَ الْخَلْقِ.

.
وَأَمَّا شَفَاعَتُهُ فِي إِخْرَاجِ الْمُذْنِبِينَ مِنَ النَّارِ فَمِنْ تَوَابِعِ ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ فِي فَاعِلِ الْحَمْدِ مِنْ قَوْلِهِ مَقَامًا مَحْمُودًا فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَهْلُ الْمَوْقِفِ وَقِيلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ أَنَّهُ هُوَ يَحْمَدُ عَاقِبَةَ ذَلِكَ الْمَقَامِ بِتَهَجُّدِهِ فِي اللَّيْلِ وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ لِمَا ثَبَتَ من حَدِيث بن عُمَرَ الْمَاضِي فِي الزَّكَاةِ بِلَفْظِ مَقَامًا مَحْمُودًا يَحْمَدُهُ أَهْلُ الْجَمْعِ كُلُّهُمْ وَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مَقَامًا يَحْمَدُهُ الْقَائِمُ فِيهِ وَكُلُّ مَنْ عَرَفَهُ وَهُوَ مُطْلَقٌ فِي كُلِّ مَا يَجْلِبُ الْحَمْدَ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَرَامَاتِ وَاسْتَحْسَنَ هَذَا أَبُو حَيَّانَ وَأَيَّدَهُ بِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مَقَامًا مَخْصُوصًا قَالَ بن بَطَّالٍ سَلَّمَ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ وُقُوعَ الشَّفَاعَةِ لَكِنْ خَصَّهَا بِصَاحِبِ الْكَبِيرَةِ الَّذِي تَابَ مِنْهَا وَبِصَاحِبِ الصَّغِيرَةِ الَّذِي مَاتَ مُصِرًّا عَلَيْهَا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ مِنْ قَاعِدَتِهِمْ أَنَّ التَّائِبَ مِنَ الذَّنْبِ لَا يُعَذَّبُ وَأَنَّ اجْتِنَابَ الْكَبَائِرِ يُكَفِّرُ الصَّغَائِرَ فَيَلْزَمُ قَائِلُهُ أَنْ يُخَالِفَ أَصْلَهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا مُغَايَرَةَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ إِذْ لَا مَانِعَ مِنْ أَنَّ حُصُولَ ذَلِكَ لِلْفَرِيقَيْنِ إِنَّمَا حَصَلَ بِالشَّفَاعَةِ لَكِنْ يَحْتَاجُ مَنْ قَصَرَهَا عَلَى ذَلِكَ إِلَى دَلِيلِ التَّخْصِيصِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الدَّعَوَاتِ الْإِشَارَةُ إِلَى حَدِيثِ شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي وَلَمْ يَخُصَّ بِذَلِكَ مَنْ تَابَ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ أَثْبَتَتِ الْمُعْتَزِلَةُ الشَّفَاعَةَ الْعَامَّةَ فِي الْإِرَاحَةِ مِنْ كَرْبِ الْمَوْقِفِ وَهِيَ الْخَاصَّةُ بِنَبِيِّنَا وَالشَّفَاعَةُ فِي رَفْعِ الدَّرَجَاتِ وَأَنْكَرَتْ مَا عَدَاهُمَا.

.

قُلْتُ وَفِي تَسْلِيم الْمُعْتَزلَة الثَّانِيَة نظر.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِعِيَاضٍ الشَّفَاعَةُ خَمْسٌ فِي الْإِرَاحَةِ مِنْ هَوْلِ الْمَوْقِفِ وَفِي إِدْخَالِ قَوْمٍ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَفِي إِدْخَالِ قَوْمٍ حُوسِبُوا فَاسْتَحَقُّوا الْعَذَابَ أَنْ لَا يُعَذَّبُوا وَفِي إِخْرَاجِ مَنْ أُدْخِلَ النَّارَ مِنَ الْعُصَاةِ وَفِي رَفْعِ الدَّرَجَاتِ وَدَلِيلُ الْأُولَى سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ السَّابِعَ عَشَرَ وَدَلِيلُ الثَّانِيَةِ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى فِي جَوَابِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتِي أُمَّتِي أَدْخِلِ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ كَذَا قِيلَ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ دَلِيلَهُ سُؤَالُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزِّيَادَةَ عَلَى السَّبْعِينَ أَلْفًا الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ فَأُجِيبَ وَقَدْ قَدَّمْتُ بَيَانَهُ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَدَلِيلُ الثَّالِثَةِ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَنَبِيُّكُمْ عَلَى الصِّرَاطِ يَقُولُ رَبِّ سَلِّمْ وَلَهُ شَوَاهِدُ سَأَذْكُرُهَا فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ السَّابِعَ عَشَرَ وَدَلِيلُ الرَّابِعَةِ ذَكَرْتُهُ فِيهِ أَيْضًا مَبْسُوطًا وَدَلِيلُ الْخَامِسَةِ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَا أَوَّلُ شَفِيعٍ فِي الْجَنَّةِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ.

     وَقَالَ  وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ جَعَلَ الْجَنَّةَ ظَرْفًا لِشَفَاعَتِهِ.

.

قُلْتُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنِّي سَأُبَيِّنُ أَنَّهَا ظَرْفٌ فِي شَفَاعَتِهِ الْأُولَى الْمُخْتَصَّةِ بِهِ وَالَّذِي يُطْلَبُ هُنَا أَنْ يَشْفَعَ لِمَنْ لَمْ يَبْلُغْ عَمَلُهُ دَرَجَةً عَالِيَةً أَنْ يَبْلُغَهَا بِشَفَاعَتِهِ وَأَشَارَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الشَّفَاعَةَ مِنْ خَصَائِصِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مُسْتَنَدَهَا وَأَشَارَ عِيَاضٌ إِلَى اسْتِدْرَاكِ شَفَاعَةٍ سَادِسَةٍ وَهِيَ التَّخْفِيفُ عَنْ أَبِي طَالِبٍ فِي الْعَذَابِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الرَّابِعَ عَشَرَ وَزَادَ بَعْضُهُمْ شَفَاعَةً سَابِعَةً وَهِيَ الشَّفَاعَةُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ لِحَدِيثِ سعد رَفعه لَا يثبت على لأوائلها أَحَدٌ إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَهِيدًا أَوْ شَفِيعًا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمُوتَ بِالْمَدِينَةِ فَلْيَفْعَلْ فَإِنِّي أَشْفَعُ لِمَنْ مَاتَ بِهَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ.

.

قُلْتُ وَهَذِهِ غَيْرُ وَارِدَةٍ لِأَنَّ مُتَعَلَّقَهَا لَا يَخْرُجُ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنَ الْخَمْسِ الْأُوَلِ وَلَوْ عُدَّ مِثْلُ ذَلِكَ لَعُدَّ حَدِيثُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبَّادٍ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَوَّلُ مَنْ أَشْفَعُ لَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ثُمَّ أَهْلُ مَكَّةَ ثُمَّ أَهْلُ الطَّائِفِ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيّ واخرج الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث بن عُمَرَ رَفَعَهُ أَوَّلُ مَنْ أَشْفَعُ لَهُ أَهْلُ بَيْتِي ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ثُمَّ سَائِرُ الْعَرَبِ ثُمَّ الْأَعَاجِمُ وَذَكَرَ الْقَزْوِينِيُّ فِي الْعُرْوَةِ الْوُثْقَى شَفَاعَتَهُ لِجَمَاعَةٍ مِنَ الصُّلَحَاءِ فِي التَّجَاوُزِ عَنْ تَقْصِيرِهِمْ وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْتَنَدَهَا وَيَظْهَرُ لِي أَنَّهَا تَنْدَرِجُ فِي الْخَامِسَةِ وَزَادَ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّهُ أَوَّلُ شَافِعٍ فِي دُخُولِ أُمَّتِهِ الْجَنَّةَ قَبْلَ النَّاسِ وَهَذِهِ أَفْرَدَهَا النَّقَّاشُ بِالذِّكْرِ وَهِيَ وَارِدَةٌ وَدَلِيلُهَا يَأْتِي فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ الطَّوِيلِ وَزَادَ النَّقَّاشُ أَيْضًا شَفَاعَتَهُ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِهِ وَلَيْسَتْ وَارِدَةً لِأَنَّهَا تَدْخُلُ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ وَظَهَرَ لِي بِالتَّتَبُّعِ شَفَاعَةً أُخْرَى وَهِيَ الشَّفَاعَةُ فِيمَنِ اسْتَوَتْ حَسَنَاتُهُ وَسَيِّئَاتُهُ أَنْ يُدْخَلَ الْجنَّة ومستندها مَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ السَّابِقُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَالْمُقْتَصِدُ يَرْحَمُهُ اللَّهُ وَالظَّالِمُ لِنَفْسِهِ وَأَصْحَابُ الْأَعْرَافِ يَدْخُلُونَهَا بِشَفَاعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّ أَرْجَحَ الْأَقْوَالِ فِي أَصْحَابِ الْأَعْرَافِ أَنَّهُمْ قَوْمٌ اسْتَوَتْ حَسَنَاتُهُمْ وَسَيِّئَاتُهُمْ وَشَفَاعَةٌ أُخْرَى وَهِيَ شَفَاعَتُهُ فِيمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ وَمُسْتَنَدُهَا رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي شَرْحِ الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ عَدِّهَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ لَيْسَ ذَلِكَ إِلَيْكَ لِأَنَّ النَّفْيَ يَتَعَلَّقُ بِمُبَاشَرَةِ الْإِخْرَاجِ وَإِلَّا فَنَفْسُ الشَّفَاعَةِ مِنْهُ قَدْ صَدَرَتْ وَقَبُولُهَا قَدْ وَقَعَ وَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا أَثَرُهَا فَالْوَارِدُ عَلَى الْخَمْسَةِ أَرْبَعَةٌ وَمَا عَدَاهَا لَا يُرَدُّ كَمَا تُرَدُّ الشَّفَاعَةُ فِي التَّخْفِيفِ عَنْ صَاحِبَيِ الْقَبْرَيْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مِنْ جُمْلَةِ أَحْوَالِ الدُّنْيَا .

     قَوْلُهُ  كَأَنَّهُمُ الثَّعَارِيرُ بِمُثَلَّثَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ وَاحِدُهَا ثُعْرُورٌ كَعُصْفُورٍ .

     قَوْلُهُ .

.

قُلْتُ وَمَا الثَّعَارِيرُ سَقَطَتِ الْوَاوُ لِغَيْرِ الْكُشْمِيهَنِيِّ .

     قَوْلُهُ  قَالَ الضَّغَابِيسُ بِمُعْجَمَتَيْنِ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ بعْدهَا مُهْملَة اما الثعارير فَقَالَ بن الْأَعْرَابِيِّ هِيَ قِثَّاءٌ صِغَارٌ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ مِثْلُهُ وَزَادَ وَيُقَالُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ بَدَلَ الْمُثَلَّثَةِ وَكَأَنَّ هَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي قَوْلِ الرَّاوِي وَكَانَ عَمْرُو ذَهَبَ فَمُهُ أَيْ سَقَطَتْ أَسْنَانُهُ فَنَطَقَ بِهَا ثَاءً مُثَلَّثَةً وَهِيَ شِينٌ مُعْجَمَةٌ وَقِيلَ هُوَ نَبْتٌ فِي أُصُولِ الثُّمَامِ كَالْقُطْنِ يَنْبُتُ فِي الرَّمَلِ يَنْبَسِطُ عَلَيْهِ وَلَا يَطُولُ وَوَقَعَ تَشْبِيهُهُمْ بِالطَّرَاثِيثِ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ وَهِيَ بِالْمُهْمَلَةِ ثُمَّ الْمُثَلَّثَةِ هِيَ الثُّمَامُ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ وَقِيلَ الثُّعْرُورُ الْأَقِطُ الرَّطْبُ وَأَغْرَبَ الْقَابِسِيُّ فَقَالَ هُوَ الصَّدَفُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الْبَحْرِ فِيهِ الْجَوْهَرُ وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى كَأَنَّهُمْ اللُّؤْلُؤ ولاحجة فِيهِ لِأَنَّ أَلْفَاظَ التَّشْبِيهِ تَخْتَلِفُ وَالْمَقْصُودُ الْوَصْفُ بِالْبَيَاضِ وَالدِّقَّةِ.

.
وَأَمَّا الضَّغَابِيسُ فَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ شَيْءٌ ينْبت فِي أصُول الثمام يُشْبِهُ الْهِلْيُونَ يُسْلَقُ ثُمَّ يُؤْكَلُ بِالزَّيْتِ وَالْخَلِّ وَقيل ينْبت فِي أصُول الشّجر وَفِي الاذحر يَخْرُجُ قَدْرَ شِبْرٍ فِي دِقَّةِ الْأَصَابِعِ لَا وَرَقَ لَهُ وَفِيهِ حُمُوضَةٌ وَفِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ للحربي الضغبوس من شَجَرَةٌ عَلَى طُولِ الْإِصْبَعِ وَشُبِّهَ بِهِ الرَّجُلُ الضَّعِيفُ وَأَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ هِيَ طُيُورٌ صِغَارٌ فَوْقَ الذُّبَابِ وَلَا مُسْتَنَدَ لَهُ فِيمَا قَالَ تَنْبِيهٌ هَذَا التَّشْبِيهُ لِصِفَتِهِمْ بَعْدَ أَنْ يَنْبُتُوا.

.
وَأَمَّا فِي أَوَّلِ خُرُوجِهِمْ مِنَ النَّارِ فَإِنَّهُمْ يَكُونُونَ كَالْفَحْمِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ يَزِيدَ الْفَقِيرِ عَنْ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَيَخْرُجُونَ كَأَنَّهُمْ عِيدَانُ السَّمَاسِمِ فَيَدْخُلُونَ نَهْرًا فَيَغْتَسِلُونَ فَيَخْرُجُونَ كَأَنَّهُمُ الْقَرَاطِيسُ الْبِيضُ وَالْمُرَادُ بَعِيدَانِ السَّمَاسِمِ مَا يَنْبُتُ فِيهِ السِّمْسِمُ فَإِنَّهُ إِذَا جُمِعَ وَرُمِيَتِ الْعِيدَانُ تَصِيرُ سُودًا دِقَاقًا وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ اللَّفْظَةَ مُحَرَّفَةٌ وَأَنَّ الصَّوَابَ السَّاسَمُ بِمِيمٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ خَشَبٌ أَسْوَدُ وَالثَّابِتُ فِي جَمِيعِ طُرُقِ الْحَدِيثِ بِإِثْبَاتِ الْمِيمَيْنِ وَتَوْجِيهُهُ وَاضِحٌ .

     قَوْلُهُ  فَقُلْتُ لِعَمْرٍو الْقَائِلُ حَمَّادٌ .

     قَوْلُهُ  أَبَا مُحَمَّدٍ بِحَذْفِ أَدَاةِ النِّدَاءِ وَثَبَتَ بِلَفْظِ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَعَمْرو هُوَ بن دِينَارٍ وَأَرَادَ الِاسْتِثْبَاتَ فِي سَمَاعِهِ لَهُ مِنْ جَابِرٍ وَسَمَاعِ جَابِرٍ لَهُ وَلَعَلَّ سَبَبَ ذَلِكَ رِوَايَةُ عَمْرٍو لَهُ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ مُرْسَلًا وَقَدْ حَدَّثَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ بِالطَّرِيقَيْنِ كَمَا نَبَّهْتُ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الثَّانِيَ عَشَرَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :6217 ... غــ : 6558 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ، كَأَنَّهُمُ الثَّعَارِيرُ» قُلْتُ: مَا الثَّعَارِيرُ؟ قَالَ: «الضَّغَابِيسُ» وَكَانَ قَدْ سَقَطَ فَمُهُ فَقُلْتُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: أَبَا مُحَمَّدٍ سَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «يَخْرُجُ بِالشَّفَاعَةِ مِنَ النَّارِ» قَالَ: نَعَمْ.

وبه قال: ( حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي الحافظ عارم قال: ( حدّثنا حماد) هو ابن زيد بن درهم الإمام أبو إسماعيل الأزدي ( عن عمرو) بفتح العين ابن دينار ( عن جابر) هو ابن عبد الله الأنصاري ( -رضي الله عنه-) وعن أبيه ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( يخرج من النار بالشفاعة) بحذف الفاعل.
قال في الفتح: وثبت في رواية أبي ذر عن السرخسي يخرج قوم ولمسلم عن أبي الربيع الزهراني عن حماد بن زيد يخرج الله قومًا من النار بالشفاعة ( كأنهم الثعارير) بمثلثة مفتوحة فعين مهملة وبعد الألف راءان بينهما تحتية ساكنة جمع ثعرور بضم أوله كعصفور صغار القثاء شبهوا بها لأن القثاء تمنى سريعًا وقيل هو رؤوس الطراثيث تكون بيضاء شبهوا ببياضها واحدها طرثوث وهو نبت يؤكل قال حماد ( قلت) لعمرو: ( ما) ولأبي
ذر عن الكشميهني وما ( الثعارير؟ قال) عمرو: ( الضغابيس) بالضاد والغين المعجمتين المفتوحتين وبعد الألف موحدة مكسورة فتحتية ساكنة فسين مهملة وهي صغار القثاء واحدتها ضعبوس، وقيل هي نبت ينبت في أصول الثمام يشبه الهليون يسلق بالخل والزيت ويؤكل، وقال أبو عبيد: ويقال الشعارير بالشين المعجمة بدل المثلثة، قال في الفتح: وكان هذا هو السبب في قول الراوي ( وكان) عمرو ( قد سقط فمه) أي سقطت أسنانه فنطق بها مثلثة وهي شين معجمة.
قال الكرماني: ولذا لقب بالأثرم بالمثلثة وفتح الراء إذ الثرم انكسار الأسنان انتهى.
وهذا التشبيه لصفتهم بعد أن ينبتوا وأما في أول خروجهم من النار فإنهم يكونون كالفحم كما يأتي إن شاء الله تعالى بعد، وقال حماد أيضًا ( فقلت لعمرو بن دينار: أبا محمد) بحذف أداة النداء ولأبي ذر عن الكشميهني يا أبا محمد ( سمعت) بهمزة الاستفهام المقدّرة أي أسمعت ( جابر بن عبد الله) -رضي الله عنهما- ( يقول: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( يخرج بالشفاعة من النار) قوم؟ ( قال: نعم) سمعته يقول ذلك وفيه إبطال مذهب المعتزلة القائلين بنفي الشفاعة للعصاة متمسكين بقوله تعالى: { فما تنفعهم شفاعة الشافعين} [المدثر: 48] وأجيب: بأنها في الكفار وقد تواترت الأحاديث في إثباتها.

والحديث أخرجه مسلم في الإيمان.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :6217 ... غــ :6558 ]
- ( حَدثنَا أَبُو النُّعْمَان حَدثنَا حَمَّاد عَن عَمْرو عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ يخرج من النَّار بالشفاعة كَأَنَّهُمْ الثعارير قلت وَمَا الثعارير قَالَ الضغابيس وَكَانَ قد سقط فَمه فَقلت لعَمْرو بن دِينَار أَبَا مُحَمَّد سَمِعت جَابر بن عبد الله يَقُول سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول يخرج بالشفاعة من النَّار قَالَ نعم) مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مَا ذكرنَا الْآن بِاعْتِبَار ذكر الْمحل وَإِرَادَة الْحَال وَأَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل وَحَمَّاد هُوَ ابْن زيد وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار وَجَابِر هُوَ ابْن عبد الله وَأخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن أبي الرّبيع قَوْله يخرج من النَّار كَذَا هُوَ بِحَذْف الْفَاعِل فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عَن السَّرخسِيّ عَن الْفربرِي يخرج قوم وَلَفظ مُسلم أَن الله يخرج قوما من النَّار بالشفاعة قَوْله كَأَنَّهُمْ الثعارير بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَالْعين الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء جمع ثعرور على وزن عُصْفُور.

     وَقَالَ  ابْن الْأَعرَابِي هُوَ قثاء صغَار.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَة مثله وَزَاد وَيُقَال بالشين الْمُعْجَمَة بدل الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَكَانَ هَذَا هُوَ السَّبَب فِي قَول الرَّاوِي وَكَانَ عَمْرو ذهب فَمه أَرَادَ أَنه سَقَطت أَسْنَانه فينطق بالثاء الْمُثَلَّثَة وَهِي بالشين الْمُعْجَمَة وَقيل الثعرور ينْبت فِي أصُول الثمام كالقطن ينْبت فِي الرمل ينبسط عَلَيْهِ وَلَا يطول.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي هُوَ القثاء الصَّغِير ونبات كالهليون وَقيل هُوَ الأقط الرطب وَأغْرب الْقَابِسِيّ فَقَالَ هُوَ الصدف الَّذِي يخرج من الْبَحْر فِيهِ الْجَوْهَر وَكَأَنَّهُ أَخذه من قَوْله فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى كَأَنَّهُمْ اللُّؤْلُؤ وَلَيْسَ بِشَيْء قَوْله قلت وَمَا الثعارير الْقَائِل هُوَ حَمَّاد وَفِي رِوَايَة الْكشميهني مَا الثعارير بِدُونِ الْوَاو وَفِي أَوله قَوْله قَالَ الضغابيس أَي قَالَ عَمْرو بن دِينَار الثعارير الضغابيس جمع ضغبوس بِضَم الضَّاد وَسُكُون الْغَيْن المعجمتين وَضم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي آخِره سين مُهْملَة.

     وَقَالَ  الْأَصْمَعِي هُوَ نبت فِي أصُول الثمام يشبه الهليون يسلق ثمَّ يُؤْكَل بالزيت والخل وَقيل ينْبت فِي أصُول الشّجر والأذخر يخرج قدر شبر فِي دقة الْأَصَابِع لَا ورق لَهُ وَفِيه حموضة وَفِي غَرِيب الحَدِيث للحربي الضغبوس شَجَرَة على طول الْأصْبع وَيُشبه بِهِ الرجل الضَّعِيف قلت الْغَرَض من التَّشْبِيه بَيَان حَالهم حِين خُرُوجهمْ من النَّار وَفِي الغريبين وَفِي حَدِيث وَلَا بَأْس باجتناء الضغابيس فِي الْحرم قَوْله وَكَانَ قد سقط فَمه الْقَائِل هُوَ حَمَّاد أَرَادَ بِسُقُوط فَمه ذهَاب أَسْنَانه كَمَا ذَكرْنَاهُ الْآن ويروى وَكَانَ ذهب فَمه فَلذَلِك سمي الْأَثْرَم بالثاء الْمُثَلَّثَة إِذْ الثرم سُقُوط الْأَسْنَان وانكسارها قَوْله قلت لعَمْرو بن دِينَار الْقَائِل هُوَ حَمَّاد قَوْله أَبَا مُحَمَّد أَي يَا أَبَا مُحَمَّد وَهُوَ كنية عَمْرو بن دِينَار قَوْله سَمِعت أَي أسمعت وهمزة الِاسْتِفْهَام فِيهِ مقدرَة وَفِي الحَدِيث إِثْبَات الشَّفَاعَة وَإِبْطَال مَذْهَب الْمُعْتَزلَة فِي نفي الشَّفَاعَة.

     وَقَالَ  ابْن بطال أنْكرت الْمُعْتَزلَة والخوارج الشَّفَاعَة فِي إِخْرَاج من أَدخل النَّار من المذنبين وتمسكوا بقوله تَعَالَى { فَمَا تنفعهم شَفَاعَة الشافعين} وَغير ذَلِك من الْآيَات وَأجَاب أهل السّنة بِأَنَّهَا فِي الْكفَّار وَجَاءَت الْأَحَادِيث بِإِثْبَات الشَّفَاعَة المحمدية متواترة وَدلّ عَلَيْهَا قَوْله تَعَالَى { عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا} وَالْجُمْهُور على أَن المُرَاد بِهِ الشَّفَاعَة وَبَالغ الواحدي فَنقل فِيهِ الْإِجْمَاع.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيّ قَالَ أَكثر أهل التَّأْوِيل الْمقَام الْمَحْمُود هُوَ الَّذِي يقومه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليريحهم من كرب الْموقف وَرُوِيَ أَحَادِيث كَثِيرَة تدل على أَن الْمقَام الْمَحْمُود الشَّفَاعَة عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا وَعَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا وَعَن أبي مَسْعُود كَذَلِك وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ وَقَتَادَة.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيّ أَيْضا قَالَ لَيْث عَن مُجَاهِد فِي قَوْله مقَاما مَحْمُودًا يجلسه مَعَه على عَرْشه ثمَّ أسْندهُ وَبَالغ الواحدي فِي رد هَذَا القَوْل وَنقل النقاش عَن أبي دَاوُد صَاحب السّنَن أَنه قَالَ من أنكر هَذَا فَهُوَ مُتَّهم وَقد جَاءَ عَن ابْن مَسْعُود عِنْد الثَّعْلَبِيّ وَعَن ابْن عَبَّاس عِنْد أبي الشَّيْخ عَن عبد الله بن سَلام رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن مُحَمَّدًا يَوْم الْقِيَامَة على كرْسِي الرب بَين يَدي الرب -