هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
176 وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، وَقُتَيْبَةُ ، وَابْنُ حُجْرٍ ، جَمِيعًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ ابْنُ أَيُّوبَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا ، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا فَقَالَ : مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ ؟ قَالَ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
176 وحدثني يحيى بن أيوب ، وقتيبة ، وابن حجر ، جميعا عن إسماعيل بن جعفر ، قال ابن أيوب : حدثنا إسماعيل ، قال : أخبرني العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها ، فنالت أصابعه بللا فقال : ما هذا يا صاحب الطعام ؟ قال أصابته السماء يا رسول الله ، قال : أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس ، من غش فليس مني
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

It is narrated on the authority of Abu Huraira that the Messenger of Allah (ﷺ) happened to pass by a heap of eatables (corn). He thrust his hand in that (heap) and his fingers were moistened. He said to the owner of that heap of eatables (corn):

What is this? He replied: Messenger of Allah, these have been drenched by rainfall. He (the Holy Prophet) remarked: Why did you not place this (the drenched part of the heap) over other eatables so that the people could see it? He who deceives is not of me (is not my follower).

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللا فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء يا رسول الله.
قال: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غش فليس مني.



المعنى العام

رعاية لشئون المسلمين، واهتماما بأمورهم، وحرصا على اكتشاف الأخطاء في معاملاتهم ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السوق، وتفقد أحوال البيع والشراء، ورأى بائع حب يجمع كومة من الطعام ( القمح أو الشعير) ليبيعها، وخوفا أن يكون الرجل قد وضع الرديء أسفل من الجيد يخفي عيوبها أدخل النبي صلى الله عليه وسلم يده في جوفها، فأصابت يده بللا، وأحس أن الحب الأسفل مبتل بخلاف الأعلى، فغضب، معتبرا أن ذلك من غش المسلمين، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال الرجل: يا رسول الله.
لقد أمطرت السماء، فأصابه المطر، ولا قبل لي بتحاشي البلل، ولا بوقاية الطعام من الماء، فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عذره ونبهه إلى ما ينبغي أن يعمله في هذه الحالة، وهو أن يخرج الحب المبتل من أسفل إلى أعلى، فإن جف الأعلى فليخرج مرة ثانية من الأسفل إلى الأعلى، حتى يراه المشتري، ويكون على بينة من إصابته بالماء، فمن أخفى عيوب سلعته فقد غش، ومن غش فليس على هدى وسنة سيد المرسلين.

المباحث العربية

( من غشنا) الضمير للرسول والأمة الإسلامية ( أمة الإجابة) وفي الرواية الثانية من غش بحذف المفعول للتعميم، فيشمل غش الكافرين، وإذا أردنا من الرواية الأولى أمة الدعوة توافقت الروايتان، والغش عدم تمحيص النصح، يقال: غشه إذا أظهر له خلاف ما أضمره.

( صبرة طعام) -بضم الصاد وإسكان الباء-: الكومة المجموعة من الطعام فالإضافة بمعنى من سميت صبرة لإفراغ بعضها على بعض، ومنه قيل للسحاب فوق السحاب صبر، وقيل: الصبر الحبس، والطعام المصبور هو المحبوس للبيع.

( أصابته السماء) أي المطر، مجاز مرسل بعلاقة الحالية والمحلية.

( فليس مني) أي فليس متبعا سنتي وطريقتي، وفي المراد منه تقال الوجوه الثلاثة التي مرت في الحديث السابق من حمل علينا السلاح فليس منا.

فقه الحديث

الظاهر أن صاحب الطعام أخفى الطعام المبلل عمدا إلى الأسفل، لأن المفروض أن المطر يصيب الأعلى قبل الأسفل، اللهم إلا أن يقال: إن تعرض الطعام للشمس والهواء جفف أعلاه، ويكون للرجل عذره، وهو صادق، وهو فرض أقرب إلى القبول، لأنه لا هدف للبائع من بل الطعام إذا كان سيبيعه جملة وكذلك إذا كان سيبيعه كيلا، بل إن المبلول في هاتين الحالتين ينضغط وينكبس، فلا يكون في مصلحة البائع، فإن كان سيبيعه وزنا فلا هدف من إخفاء المبلول، لأنه سينكشف عند تجزئته للميزان، فيكون المشتري بالخيار.

من أجل هذا أميل إلى أن الرجل لم يتعمد إخفاء المبلول ما دام من نفس نوع الطعام الأعلى لم يصبه فساد، غاية الأمر أن المبلول يحتاج إلى نشر وتهوية ليتقي ضرر البلل.

أما أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتبره غشا، ورتب عليه الحكم بأن من غش فليس مني، فهو من قبيل التغليظ، لأن شأن المؤمن أن ينصح، فإن لم ينصح ويبين لم يبارك له، وعدم بيان البلل قد يجعل المشتري مطمئنا فيهمل تجفيفه فيفسد، فهو وإن لم يكن فسادا فإنه قد يؤدي إلى الفساد، وهو وإن لم يترتب عليه نفع للبائع فقد يترتب عليه ضرر للمشتري، من أجل هذا كان في صورة الغش بالنسبة للمشتري، فحذر البائع.

ويبدو لي أن أثر البلل كان ظاهرا في كيس الصبرة أو في وعائها أو في فرشها، مما دفع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن يدخل يده فيها، فليس من شأنه صلى الله عليه وسلم أن يدخل يده في كل -أو جل- الكومات.

ولعل الرسول صلى الله عليه وسلم راعى كل هذه الأعذار كما راعى أن الرجل لم يتكرر منه هذا الفعل فلم يؤدبه، ولم يخرجه من السوق ولم يعمل شيئا في الطعام، وتركه يبيع، واكتفى بالقول.

وقد مثل الأبي للغش أيضا ببيع التين والعنب سللا، وجعل الجيد في الأسفل وقال: إذا قوي الخلاف بين الأعلى والأسفل كان للمشتري الرجوع على البائع، لأنه من الغش، وإن لم يقو فلا رجوع له، إذ ليس من الغش، بل من الغرر اليسير الذي لا تخلو منه البياعات، فصار كالمدخول عليه، وأما ما يتفق في المقاطع من جعل طاقة التقليب ( ثوب العرض) أحسن فليس من الغش، لأن المشتري لا يقتصر على تقليبها، نعم هو غش إن كان المشتري ممن يجهل ذلك كالبدوي.

ثم قال: وتحصيل القول في ذلك أن المغشوش إن تعذر تخليص الغش منه، كالخبز الناقص، واللبن بالماء، والثوب الخفيف النسيج، والجلد الدنيء الدبغ، فمن كان ذلك بيده يريده لنفسه ترك له، وإن كان لبيعه، ولم يقصد به الغش، كمن اشتراه ليبيعه، أو كان من صنعته وغلبته الصنعة، أو ذكر وجها يعذر به، بيع عليه بعد البيان ممن يستعمله لنفسه، أو يوضع عند أمين ليباع على ذلك، وإن قصد به الغش يؤدب ويخرج من السوق ليرتاح المسلمون منه، وقيل: بحرق الثياب والجلد، واختار بعضهم أن يحسب ما غش به من نقص كيل أو وزن أو غير ذلك من أنواع الغش، ويتصدق به عن أربابه، ويؤدب بقدر اجتهاد الحاكم.
اهـ.

وليس الغش قاصرا على البيع والشراء، فإنه كذلك يكون في الزواج بإبراز المخطوبة القبيحة الهيئة في صورة الجميلة، ومن بها عيب في صورة السليمة، والفقيرة في هيئة الغنية، والمنحطة خلقيا في إطار المهذبة الفاضلة، ثم بإبراز الزوج الخاطب بأنه من ذوي الحسب والنسب والمركز الاجتماعي المرموق وهو ليس على شيء من ذلك.

كما يكون في الامتحان بإبراز الجاهل في صورة العالم أمام المصححين وبإبراز المفلسين والمهملين في صورة الأذكياء المجدين.

كما يكون في الوظائف العامة والأعمال الخاصة، وفي كل المعاملات بإخفاء القبح وإبراز الحسن غير الحقيقي على سبيل التغرير والخداع.

وإنما قرن الغش بالبيع والشراء لأنه أكثر ما يكون فيه، وإذا وجبت نصيحة المسلم والشفقة عليه، والسعي فيما يعود نفعه عليه، وكف وجوه الأذى عنه، وأن يحب له ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لنفسه، وجب عليه أن يبين عيوب سلعته لمن يريد شراءها، وفي ذلك يقول عليه الصلاة والسلام: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما.

ويؤخذ من الحديث

1 - تغليظ حرمة الغش ووجوب تبيين العيوب عند البيع.

2 - أن واجب أئمة المسلمين تفقد حالهم وأمورهم -ولو في الأسواق- وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر.

3 - استدل به بعضهم على أن للإمام أن يذهب إلى السوق بنفسه ليشتري ما يحتاج إليه.
بل ذهب بعضهم إلى أن ذلك مندوب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم، إنما يفعل الأرجح، وفي هذا الاستدلال نظر، إذ ليس في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم دخل السوق للشراء، وعلى فرض صحته فقد يفعل الشيء لبيان الجواز نعم يستدل به على جواز دخول الإمام والولاة وعظماء المسلمين الأسواق، وليس في ذلك ما يجرح الكرامة، أو يخل بالمروءة.

والله أعلم