هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
128 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، قَالَ : ذُكِرَ لِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ : مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الجَنَّةَ ، قَالَ : أَلاَ أُبَشِّرُ النَّاسَ ؟ قَالَ : لاَ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَّكِلُوا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
128 حدثنا مسدد ، قال : حدثنا معتمر ، قال : سمعت أبي قال : سمعت أنس بن مالك ، قال : ذكر لي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل : من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ، قال : ألا أبشر الناس ؟ قال : لا إني أخاف أن يتكلوا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، قَالَ : ذُكِرَ لِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ : مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الجَنَّةَ ، قَالَ : أَلاَ أُبَشِّرُ النَّاسَ ؟ قَالَ : لاَ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَّكِلُوا .

Narrated Anas:

I was informed that the Prophet (ﷺ) had said to Mu`adh, Whosoever will meet Allah without associating anything in worship with Him will go to Paradise. Mu`adh asked the Prophet, Should I not inform the people of this good news? The Prophet (ﷺ) replied, No, I am afraid, lest they should depend upon it (absolutely).

0129 Anas dit : On m’a rapporté que le Prophète avait dit à Mu’âdh : « Celui qui rencontre Dieu en ne lui associant aucune chose, rentrera au Paradis. » « Ne dois-je pas annoncer cette bonne nouvelle aux gens ? » avait demandé Mu’âdh. « Non, je crains qu’ils ne se fient sur cela.« 

":"ہم سے مسدد نے بیان کیا ، ان سے معتمر نے بیان کیا ، انھوں نے اپنے باپ سے سنا ، انھوں نے حضرت انس رضی اللہ عنہ سے سنا ، وہ کہتے ہیں کہمجھ سے بیان کیا گیا کہ رسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے ایک روز معاذ رضی اللہ عنہ سے فرمایا کہ جو شخص اللہ سے اس کیفیت کے ساتھ ملاقات کرے کہ اس نے اللہ کے ساتھ کسی کو شریک نہ کیا ہو ، وہ ( یقیناً ) جنت میں داخل ہو گا ، معاذ بولے ، یا رسول اللہ ! کیا میں اس بات کی لوگوں کو بشارت نہ سنا دوں ؟ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا نہیں ، مجھے خوف ہے کہ لوگ اس پر بھروسہ کر بیٹھیں گے ۔

0129 Anas dit : On m’a rapporté que le Prophète avait dit à Mu’âdh : « Celui qui rencontre Dieu en ne lui associant aucune chose, rentrera au Paradis. » « Ne dois-je pas annoncer cette bonne nouvelle aux gens ? » avait demandé Mu’âdh. « Non, je crains qu’ils ne se fient sur cela.« 

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [129] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ كَذَا لِلْجَمِيعِ وَذَكَرَ الْجَيَّانِيُّ أَنَّ عَبْدُوسًا وَالْقَابِسِيَّ رَوَيَاهُ عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ بِإِسْقَاطِ مُسَدَّدٍ مِنَ السَّنَدِ قَالَ وَهُوَ وَهْمٌ وَلَا يَتَّصِلُ السَّنَد الا بِذكرِهِ انْتهى ومعتمر هُوَ بن سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ إِلَّا مُعَاذًا وَكَذَا الَّذِي قَبْلَهُ إِلَّا إِسْحَاقَ فَهُوَ مَرْوَزِيٌّ وَهُوَ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ رَاهْوَيْهِ .

     قَوْلُهُ  ذُكِرَ لِي هُوَ بِالضَّمِّ عَلَى الْبِنَاءِ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَلَمْ يُسَمِّ أَنَسٌ مَنْ ذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنَ الطُّرُقِ وَكَذَلِكَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ عِنْدِ أَحْمَدَ لِأَنَّ مُعَاذًا إِنَّمَا حَدَّثَ بِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ بِالشَّامِ وَجَابِرٌ وَأَنَسٌ إِذْ ذَاكَ بِالْمَدِينَةِ فَلَمْ يَشْهَدَاهُ وَقَدْ حَضَرَ ذَلِكَ مِنْ مُعَاذٍ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيُّ أَحَدُ الْمُخَضْرَمِينَ كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الْجِهَادِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَا فِي سِيَاقِهِ مِنَ الزِّيَادَةِ ثَمَّ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ الصَّحَابِيِّ الْمَشْهُورِأَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ مُعَاذٍ أَيْضًا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَسَّرَ الْمُبْهَمُ بِأَحَدِهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ أَوْرَدَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مُسْنَدِ أَنَسٍ وَهُوَ مِنْ مَرَاسِيلِ أَنَسٍ وَكَانَ حَقَّهُ أَنْ يَذْكُرَهُ فِي الْمُبْهَمَاتِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ .

     قَوْلُهُ  مَنْ لَقِيَ اللَّهَ أَيْ مَنْ لَقِيَ الْأَجَلَ الَّذِي قَدَّرَهُ اللَّهُ يَعْنِي الْمَوْتَ كَذَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْبَعْثَ أَوْ رُؤْيَةَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْآخِرَةِ .

     قَوْلُهُ  لَا يُشْرِكُ بِهِ اقْتَصَرَ عَلَى نَفْيِ الْإِشْرَاكِ لِأَنَّهُ يَسْتَدْعِي التَّوْحِيدَ بِالِاقْتِضَاءِ وَيَسْتَدْعِي إِثْبَاتَ الرِّسَالَةِ بِاللُّزُومِ إِذْ مَنْ كَذَّبَ رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْ كَذَّبَ اللَّهَ وَمَنْ كَذَّبَ اللَّهَ فَهُوَ مُشْرِكٌ أَوْ هُوَ مِثْلُ قَوْلِ الْقَائِلِ مَنْ تَوَضَّأَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ أَيْ مَعَ سَائِرِ الشَّرَائِطِ فَالْمُرَادُ مَنْ مَاتَ حَالَ كَوْنِهِ مُؤْمِنًا بِجَمِيعِ مَا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ مِنَ الْإِشْكَالِ مَا تَقَدَّمَ فِي السِّيَاقِ الْمَاضِي لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ التعذيب أَو بعده قَوْله فَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا مَعْنَى التَّأَثُّمِ التَّحَرُّجُ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْإِثْمِ وَهُوَ كَالتَّحَنُّثِ وَإِنَّمَا خَشِيَ مُعَاذٌ مِنَ الْإِثْمِ الْمُرَتَّبِ عَلَى كِتْمَانِ الْعِلْمِ وَكَأَنَّهُ فَهِمَ مِنْ مَنْعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخْبِرَ بِهَا إِخْبَارًا عَامًّا لِقَوْلِهِ أَفَلَا أُبَشِّرُ النَّاسَ فَأَخَذَ هُوَ أَوَّلًا بِعُمُومِ الْمَنْعِ فَلَمْ يُخْبِرْ بِهَا أَحَدًا ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ الْمَنْعَ إِنَّمَا هُوَ مِنَ الْإِخْبَارِ عُمُومًا فَبَادَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَأَخْبَرَ بِهَا خَاصًّا مِنَ النَّاسِ فَجَمَعَ بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ وَيُقَوِّي ذَلِكَ أَنَّ الْمَنْعَ لَوْ كَانَ عَلَى عُمُومِهِ فِي الْأَشْخَاصِ لَمَا أَخْبَرَ هُوَ بِذَلِكَ وَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّ مَنْ كَانَ فِي مِثْلِ مَقَامِهِ فِي الْفَهْمِ أَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ إِخْبَارِهِ وَقَدْ تُعُقِّبَ هَذَا الْجَوَابُ بِمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فِيهِ انْقِطَاعٌ عَنْ مُعَاذٍ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ أَدْخِلُوا عَلَيَّ النَّاسَ فَأُدْخِلُوا عَلَيْهِ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا جَعَلَهُ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ وَمَا كُنْتُ أُحَدِّثُكُمُوهُ إِلَّا عِنْدَ الْمَوْتِ وَشَاهِدِي عَلَى ذَلِكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَقَالَ صَدَقَ أَخِي وَمَا كَانَ يُحَدِّثُكُمْ بِهِ إِلَّا عِنْدَ مَوْتِهِ وَقَدْ وَقَعَ لِأَبِي أَيُّوبَ مِثْلُ ذَلِكَ فَفِي الْمُسْنَدِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي ظَبْيَانَ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ غَزَا الرُّومَ فَمَرِضَ فَلَمَّا حَضَرَ قَالَ سَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا حَالِي هَذِهِ مَا حَدَّثْتُكُمُوهُ سَمِعْتُهُ يَقُولُ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَإِذَا عُورِضَ هَذَا الْجَوَابُ فَأُجِيبَ عَنْ أَصْلِ الْإِشْكَالِ بِأَنَّ مُعَاذًا اطَّلَعَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ الْمَقْصُودُ مِنَ الْمَنْعِ التَّحْرِيمَ بِدَلِيلِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ يُبَشِّرَ بِذَلِكَ النَّاسَ فَلَقِيَهُ عُمَرُ فَدَفَعَهُ.

     وَقَالَ  ارْجِعْ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَدَخَلَ عَلَى أَثَرِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَفْعَلْ فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَتَّكِلَ النَّاسُ فَخَلِّهِمْ يَعْمَلُونَ فَقَالَ فَخَلِّهِمْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فَكَأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذٍ أَخَافُ أَنْ يَتَّكِلُوا كَانَ بَعْدَ قِصَّةِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَكَانَ النَّهْيُ لِلْمَصْلَحَةِ لَا لِلتَّحْرِيمِ فَلِذَلِكَ أَخْبَرَ بِهِ مُعَاذٌ لِعُمُومِ الْآيَةِ بِالتَّبْلِيغِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  لَا هِيَ لِلنَّهْيِ لَيْسَتْ دَاخِلَةً عَلَى أَخَافُ بَلِ الْمَعْنَى لَا تُبَشِّرْ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَقَالَ أَخَافُ وَفِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ إِنِّي أَخَافُ بِإِثْبَاتِ التَّعْلِيلِ وَلِلْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ مُعْتَمِرٍ قَالَ لَا دَعْهُمْ فَلْيَتَنَافَسُوا فِي الْأَعْمَالِ فَإِنِّي أَخَاف أَن يتكلوا( قَولُهُ بَابُ الْحَيَاءِ) أَيْ حُكْمِ الْحَيَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ وَهُوَ الشَّرْعِيُّ الَّذِي يَقَعُ عَلَى وَجْهِ الْإِجْلَالِ وَالِاحْتِرَامِ لِلْأَكَابِرِ وَهُوَ مَحْمُودٌ.

.
وَأَمَّا مَا يَقَعُ سَبَبًا لِتَرْكِ أَمْرٍ شَرْعِيٍّ فَهُوَ مَذْمُومٌ وَلَيْسَ هُوَ بِحَيَاءٍ شَرْعِيٍّ وَإِنَّمَا هُوَ ضَعْفٌ وَمَهَانَةٌ وَهُوَ الْمُرَادُ بقول مُجَاهِد لَا يتَعَلَّم الْعلم مستحي وَهُوَ بِإِسْكَان الْحَاء وَلَا فِي كَلَامِهِ نَافِيَةٌ لَا نَاهِيَةٌ وَلِهَذَا كَانَتْ مِيمُ يَتَعَلَّمُ مَضْمُومَةً وَكَأَنَّهُ أَرَادَ تَحْرِيضَ الْمُتَعَلِّمِينَ عَلَى تَرْكِ الْعَجْزِ وَالتَّكَبُّرِ لِمَا يُؤَثِّرُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنَ النَّقْصِ فِي التَّعْلِيمِ وَقَوْلُ مُجَاهِدٍ هَذَا وَصَلَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ طَرِيق على بن الْمَدِينِيّ عَن بن عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْهُ وَهُوَ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْمُصَنِّفِ .

     قَوْلُهُ  .

     .

     وَقَالَتْ  
عَائِشَةُ هَذَا التَّعْلِيقُ وَصَلَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي حَدِيثٍ أَوَّلُهُ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيِّ سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ غسل الْمَحِيض

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [129] حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ: ذُكِرَ لِي أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِمُعَاذٍ: «مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ».
قَالَ: أَلاَ أُبَشِّرُ النَّاسَ؟ قَالَ: «لاَ.
إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَّكِلُوا».
وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد ( قال: حدّثنا معتمر) هو ابن سليمان بن طرخان البصري نزيل بني تميم، المتوفى بالبصرة سنة سبع وثمانين ومائة ( قال: سمعت أبي) سليمان المتوفى بالبصرة سنة ثلاث وأربعين ومائة ( قال: سمعت أنسًا) وفي رواية الأصيلي وابن عساكر أنس بن مالك ( قال ذكر لي) على صيغة المجهول ولم يسمّ أنس من ذكر له ذلك وهو غير قادح في صحة الحديث لأن متنه ثابت من طريق أخرى، وأيضًا فأنس لا يروي إلا عن عدل صحابي أو غيره فلا تضر الجهالة هنا، ويحتمل أن يكون عمرو بن ميمون أو عبد الرحمن بن سلمة.
( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لمعاذ) : زاد في رواية غير أبوي ذر والوقت ابن جبل ومقول القول ( من لقي الله) أي مات حال كونه ( لا يشرك به شيئًا) حين الموت ( دخل الجنة) وإن لم يعمل صالحًاً إما قبل دخوله النار أو بعده بفضل الله ورحمته، واقتصر على نفي الإشراك لأنه يستدعي التوحيد بالاقتضاء ولم يذكر إثبات الرسالة لأن نفي الإشراك يستدعي إثباتها للزوم أن من كذب رسل الله فقد كذب الله ومن كذب الله فهو كافر أو هو نحو من توضأ صحت صلاته أي عند وجود سائر الشروط فالمراد من لقي الله موحدًا بسائر ما يجب الإيمان به ( قال) معاذ وفي رواية أبي ذر فقال: ( ألا أبشر الناس) بذلك ( قال) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( لا) تبشرهم ثم استأنف فقال ( أخاف أن يتكلوا) بتشديد المثناة الفوقية أي أخاف اتكالهم على مجرد التوحيد، وفي رواية كريمة وأبي الوقت قال: لا إني أخاف، وعلى الرواية الأولى ليست كلمة النهي داخلة على أخاف فافهم.
50 - باب الْحَيَاءِ فِي الْعِلْمِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لاَ يَتَعَلَّمُ الْعِلْمَ مُسْتَحْيٍ وَلاَ مُسْتَكْبِرٌ.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ: نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ، لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ.
هذا ( باب الحياء) بالمد ( في) تعلم ( العلم) وتعليمه ( وقال مجاهد) أي ابن جبر التابعي الكبير مما وصله أبو نعيم في الحلية من طريق علي بن المديني عن ابن عيينة من منصور عنه بإسناد صحيح على شرط المؤلف، ( لا يتعلم العلم مستحييٍ) بإسكان الحاء وبياءين أخيرتهما ساكنة مناستحيا يستحيي على وزن يستفعل، ويجوز فيه مستحي أي بياء واحدة من استحى يستحي على وزن مستفع، ويجوز مستح من غير ياء على وزن مستف ( ولا مستكبر) يتعاظم ويستنكف أن يتعلم العلم ويستكثر منه وهو أعظم آفات العلم، فالحياء هنا مذموم لكونه سببًا لترك أمر شرعي وليست لا ناهية بل نافية ومن ثم كانت ميم يتعلم مضمومة.
( وقالت عائشة) رضي الله عنها مما وصله مسلم ( نعم النساء نساء الأنصار) برفع نساء في الموضعين، فالأولى على الفاعلية، والثانية على أنها مخصوصة بالمدح والمراد من نساء الأنصار نساء أهل المدينة ( لم يمنعهن الحياء) عن ( أن يتفقهن) أي عن التفقه ( في) أمور ( الدين) .

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( .

     قَوْلُهُ  عِنْدَ مَوْتِهِ)

أَيْ مَوْتِ مُعَاذٍ وَأَغْرَبَ الْكِرْمَانِيُّ فَقَالَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

.

قُلْتُ وَيَرُدُّهُ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي مَنْ شَهِدَ مُعَاذًا حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ يَقُولُ سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أُحَدِّثَكُمُوهُ إِلَّا مَخَافَةَ أَنْ تَتَّكِلُوا فَذَكَرَهُ .

     قَوْلُهُ  تَأَثُّمًا هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَلَّثَةِ الْمَضْمُومَةِ أَيْ خَشْيَةَ الْوُقُوعِ فِي الْإِثْمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ فِي حَدِيثِ بَدْءِ الْوَحْيِ فِي قَوْلِهِ يَتَحَنَّثُ وَالْمُرَادُ بِالْإِثْمِ الْحَاصِلُ مِنْ كِتْمَانِ الْعِلْمِ وَدَلَّ صَنِيعُ مُعَاذٍ عَلَى أَنَّهُ عَرَفَ أَنَّ النَّهْيَ عَنِ التَّبْشِيرِ كَانَ عَلَى التَّنْزِيهِ لَا عَلَى التَّحْرِيمِ وَإِلَّا لَمَا كَانَ يُخْبِرُ بِهِ أَصْلًا أَوْ عرف أَن النَّهْي مُقَيّد بالاتكال فَأخْبر بِهِ مَنْ لَا يَخْشَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَإِذَا زَالَ الْقَيْدُ زَالَ الْمُقَيَّدُ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ لِكَوْنِهِ أَخَّرَ ذَلِكَ إِلَى وَقْتِ مَوْتِهِ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي عِيَاضٌ لَعَلَّ مُعَاذًا لَمْ يَفْهَمِ النَّهْيَ لَكِنْ كُسِرَ عَزْمُهُ عَمَّا عَرَضَ لَهُ مِنْ تَبْشِيرِهِمْ.

.

قُلْتُ وَالرِّوَايَةُ الْآتِيَةُ صَرِيحَةٌ فِي النَّهْيِ فَالْأَوْلَى مَا تَقَدَّمَ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الْإِرْدَافِ وَبَيَانُ تَوَاضُعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْزِلَةُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مِنَ الْعِلْمِ لِأَنَّهُ خَصَّهُ بِمَا ذَكَرَ وَفِيهِ جَوَازُ اسْتِفْسَارِ الطَّالِبِ عَمَّا يَتَرَدَّدُ فِيهِ وَاسْتِئْذَانِهِ فِي إِشَاعَةِ مَا يَعْلَمُ بِهِ وَحْدَهُ

[ قــ :128 ... غــ :129] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ كَذَا لِلْجَمِيعِ وَذَكَرَ الْجَيَّانِيُّ أَنَّ عَبْدُوسًا وَالْقَابِسِيَّ رَوَيَاهُ عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ بِإِسْقَاطِ مُسَدَّدٍ مِنَ السَّنَدِ قَالَ وَهُوَ وَهْمٌ وَلَا يَتَّصِلُ السَّنَد الا بِذكرِهِ انْتهى ومعتمر هُوَ بن سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ إِلَّا مُعَاذًا وَكَذَا الَّذِي قَبْلَهُ إِلَّا إِسْحَاقَ فَهُوَ مَرْوَزِيٌّ وَهُوَ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ رَاهْوَيْهِ .

     قَوْلُهُ  ذُكِرَ لِي هُوَ بِالضَّمِّ عَلَى الْبِنَاءِ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَلَمْ يُسَمِّ أَنَسٌ مَنْ ذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنَ الطُّرُقِ وَكَذَلِكَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ عِنْدِ أَحْمَدَ لِأَنَّ مُعَاذًا إِنَّمَا حَدَّثَ بِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ بِالشَّامِ وَجَابِرٌ وَأَنَسٌ إِذْ ذَاكَ بِالْمَدِينَةِ فَلَمْ يَشْهَدَاهُ وَقَدْ حَضَرَ ذَلِكَ مِنْ مُعَاذٍ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيُّ أَحَدُ الْمُخَضْرَمِينَ كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الْجِهَادِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَا فِي سِيَاقِهِ مِنَ الزِّيَادَةِ ثَمَّ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ الصَّحَابِيِّ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ مُعَاذٍ أَيْضًا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَسَّرَ الْمُبْهَمُ بِأَحَدِهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ أَوْرَدَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مُسْنَدِ أَنَسٍ وَهُوَ مِنْ مَرَاسِيلِ أَنَسٍ وَكَانَ حَقَّهُ أَنْ يَذْكُرَهُ فِي الْمُبْهَمَاتِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ .

     قَوْلُهُ  مَنْ لَقِيَ اللَّهَ أَيْ مَنْ لَقِيَ الْأَجَلَ الَّذِي قَدَّرَهُ اللَّهُ يَعْنِي الْمَوْتَ كَذَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْبَعْثَ أَوْ رُؤْيَةَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْآخِرَةِ .

     قَوْلُهُ  لَا يُشْرِكُ بِهِ اقْتَصَرَ عَلَى نَفْيِ الْإِشْرَاكِ لِأَنَّهُ يَسْتَدْعِي التَّوْحِيدَ بِالِاقْتِضَاءِ وَيَسْتَدْعِي إِثْبَاتَ الرِّسَالَةِ بِاللُّزُومِ إِذْ مَنْ كَذَّبَ رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْ كَذَّبَ اللَّهَ وَمَنْ كَذَّبَ اللَّهَ فَهُوَ مُشْرِكٌ أَوْ هُوَ مِثْلُ قَوْلِ الْقَائِلِ مَنْ تَوَضَّأَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ أَيْ مَعَ سَائِرِ الشَّرَائِطِ فَالْمُرَادُ مَنْ مَاتَ حَالَ كَوْنِهِ مُؤْمِنًا بِجَمِيعِ مَا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ مِنَ الْإِشْكَالِ مَا تَقَدَّمَ فِي السِّيَاقِ الْمَاضِي لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ التعذيب أَو بعده قَوْله فَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا مَعْنَى التَّأَثُّمِ التَّحَرُّجُ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْإِثْمِ وَهُوَ كَالتَّحَنُّثِ وَإِنَّمَا خَشِيَ مُعَاذٌ مِنَ الْإِثْمِ الْمُرَتَّبِ عَلَى كِتْمَانِ الْعِلْمِ وَكَأَنَّهُ فَهِمَ مِنْ مَنْعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخْبِرَ بِهَا إِخْبَارًا عَامًّا لِقَوْلِهِ أَفَلَا أُبَشِّرُ النَّاسَ فَأَخَذَ هُوَ أَوَّلًا بِعُمُومِ الْمَنْعِ فَلَمْ يُخْبِرْ بِهَا أَحَدًا ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ الْمَنْعَ إِنَّمَا هُوَ مِنَ الْإِخْبَارِ عُمُومًا فَبَادَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَأَخْبَرَ بِهَا خَاصًّا مِنَ النَّاسِ فَجَمَعَ بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ وَيُقَوِّي ذَلِكَ أَنَّ الْمَنْعَ لَوْ كَانَ عَلَى عُمُومِهِ فِي الْأَشْخَاصِ لَمَا أَخْبَرَ هُوَ بِذَلِكَ وَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّ مَنْ كَانَ فِي مِثْلِ مَقَامِهِ فِي الْفَهْمِ أَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ إِخْبَارِهِ وَقَدْ تُعُقِّبَ هَذَا الْجَوَابُ بِمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فِيهِ انْقِطَاعٌ عَنْ مُعَاذٍ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ أَدْخِلُوا عَلَيَّ النَّاسَ فَأُدْخِلُوا عَلَيْهِ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا جَعَلَهُ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ وَمَا كُنْتُ أُحَدِّثُكُمُوهُ إِلَّا عِنْدَ الْمَوْتِ وَشَاهِدِي عَلَى ذَلِكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَقَالَ صَدَقَ أَخِي وَمَا كَانَ يُحَدِّثُكُمْ بِهِ إِلَّا عِنْدَ مَوْتِهِ وَقَدْ وَقَعَ لِأَبِي أَيُّوبَ مِثْلُ ذَلِكَ فَفِي الْمُسْنَدِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي ظَبْيَانَ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ غَزَا الرُّومَ فَمَرِضَ فَلَمَّا حَضَرَ قَالَ سَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا حَالِي هَذِهِ مَا حَدَّثْتُكُمُوهُ سَمِعْتُهُ يَقُولُ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَإِذَا عُورِضَ هَذَا الْجَوَابُ فَأُجِيبَ عَنْ أَصْلِ الْإِشْكَالِ بِأَنَّ مُعَاذًا اطَّلَعَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ الْمَقْصُودُ مِنَ الْمَنْعِ التَّحْرِيمَ بِدَلِيلِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ يُبَشِّرَ بِذَلِكَ النَّاسَ فَلَقِيَهُ عُمَرُ فَدَفَعَهُ.

     وَقَالَ  ارْجِعْ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَدَخَلَ عَلَى أَثَرِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَفْعَلْ فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَتَّكِلَ النَّاسُ فَخَلِّهِمْ يَعْمَلُونَ فَقَالَ فَخَلِّهِمْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فَكَأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذٍ أَخَافُ أَنْ يَتَّكِلُوا كَانَ بَعْدَ قِصَّةِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَكَانَ النَّهْيُ لِلْمَصْلَحَةِ لَا لِلتَّحْرِيمِ فَلِذَلِكَ أَخْبَرَ بِهِ مُعَاذٌ لِعُمُومِ الْآيَةِ بِالتَّبْلِيغِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  لَا هِيَ لِلنَّهْيِ لَيْسَتْ دَاخِلَةً عَلَى أَخَافُ بَلِ الْمَعْنَى لَا تُبَشِّرْ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَقَالَ أَخَافُ وَفِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ إِنِّي أَخَافُ بِإِثْبَاتِ التَّعْلِيلِ وَلِلْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ مُعْتَمِرٍ قَالَ لَا دَعْهُمْ فَلْيَتَنَافَسُوا فِي الْأَعْمَالِ فَإِنِّي أَخَاف أَن يتكلوا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :128 ... غــ : 129 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ: ذُكِرَ لِي أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِمُعَاذٍ: «مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ».
قَالَ: أَلاَ أُبَشِّرُ النَّاسَ؟ قَالَ: «لاَ.
إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَّكِلُوا».

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد ( قال: حدّثنا معتمر) هو ابن سليمان بن طرخان البصري نزيل بني تميم، المتوفى بالبصرة سنة سبع وثمانين ومائة ( قال: سمعت أبي) سليمان المتوفى بالبصرة سنة ثلاث وأربعين ومائة ( قال: سمعت أنسًا) وفي رواية الأصيلي وابن عساكر أنس بن مالك ( قال ذكر لي) على صيغة المجهول ولم يسمّ أنس من ذكر له ذلك وهو غير قادح في صحة الحديث لأن متنه ثابت من طريق أخرى، وأيضًا فأنس لا يروي إلا عن عدل صحابي أو غيره فلا تضر الجهالة هنا، ويحتمل أن يكون عمرو بن ميمون أو عبد الرحمن بن سلمة.


( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لمعاذ) : زاد في رواية غير أبوي ذر والوقت ابن جبل ومقول القول ( من لقي الله) أي مات حال كونه ( لا يشرك به شيئًا) حين الموت ( دخل الجنة) وإن لم يعمل صالحًاً إما قبل دخوله النار أو بعده بفضل الله ورحمته، واقتصر على نفي الإشراك لأنه يستدعي التوحيد بالاقتضاء ولم يذكر إثبات الرسالة لأن نفي الإشراك يستدعي إثباتها للزوم أن من كذب رسل الله فقد كذب الله ومن كذب الله فهو كافر أو هو نحو من توضأ صحت صلاته أي عند وجود سائر الشروط فالمراد من لقي الله موحدًا بسائر ما يجب الإيمان به ( قال) معاذ وفي رواية أبي ذر فقال: ( ألا أبشر الناس) بذلك ( قال) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( لا) تبشرهم ثم استأنف فقال ( أخاف أن يتكلوا) بتشديد المثناة الفوقية أي أخاف اتكالهم على مجرد التوحيد، وفي رواية كريمة وأبي الوقت قال: لا إني أخاف، وعلى الرواية الأولى ليست كلمة النهي داخلة على أخاف فافهم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :128 ... غــ :129 ]
- ( حَدثنَا مُسَدّد قَالَ حَدثنَا مُعْتَمر قَالَ سَمِعت أبي قَالَ سَمِعت أنسا قَالَ ذكر لي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لِمعَاذ من لَقِي الله لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا دخل الْجنَّة قَالَ أَلا أبشر النَّاس قَالَ لَا إِنِّي أَخَاف أَن يتكلوا) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة مثل مُطَابقَة الحَدِيث السَّابِق.
( بَيَان رِجَاله) وهم أَرْبَعَة.
الأول مُسَدّد بن مسرهد.
الثَّانِي مُعْتَمر بن سُلَيْمَان بن طرخان التَّيْمِيّ الْبَصْرِيّ لم يكن من بني تيم وَإِنَّمَا كَانَ نازلا فيهم وَهُوَ مولى بني مرّة روى عَن أَبِيه وَمَنْصُور وَغَيرهمَا وَعنهُ ابْن مهْدي وَغَيره وَكَانَ ثِقَة صَدُوقًا رَأْسا فِي الْعلم وَالْعِبَادَة كأبيه ولد سنة سِتّ وَمِائَة وَمَات سنة سبع وَثَمَانِينَ وَمِائَة بِالْبَصْرَةِ وَيُقَال كَانَ أكبر من سُفْيَان بن عُيَيْنَة بِسنة روى لَهُ الْجَمَاعَة.
الثَّالِث أَبوهُ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ وَكَانَ ينزل فِي بني مرّة فَلَمَّا تكلم بِالْقدرِ أَخْرجُوهُ فَقبله بَنو تَمِيم وقدموه وَصَارَ إِمَامًا لَهُم قَالَ شُعْبَة مَا رَأَيْت أصدق من سُلَيْمَان كَانَ إِذا حدث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تغير لَونه وَكَانَ من الْعباد الْمُجْتَهدين يُصَلِّي اللَّيْل كُله بِوضُوء الْعشَاء الْآخِرَة كَانَ هُوَ وَابْنه مُعْتَمر يدوران بِاللَّيْلِ فِي الْمَسَاجِد فيصليان فِي هَذَا الْمَسْجِد مرّة وَفِي ذَلِك أُخْرَى مَاتَ بِالْبَصْرَةِ سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَة وَكَانَ مائلا إِلَى عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
الرَّابِع أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ ( بَيَان لطائف إِسْنَاده) مِنْهَا أَن فِيهِ التحديث وَالسَّمَاع مكررا وَمِنْهَا أَن رُوَاته كلهم بصريون وَمِنْهَا أَن فِيهِ رِوَايَة الابْن عَن الْأَب وَمِنْهَا أَنه من الرباعيات العوالي وَهَذَا حَدِيث لم يُخرجهُ غير البُخَارِيّ.
( بَيَان الْإِعْرَاب والمعاني) قَوْله قَالَ ذكر لي الضَّمِير فِي قَالَ يرجع إِلَى أنس وَهِي جملَة فِي مَحل النصب على الْحَال وَقَوله ذكر على صِيغَة الْمَجْهُول وَلم يسم أنس من ذكر لَهُ ذَلِك رَوَاهُ عَن معَاذ رَضِي الله عَنهُ وَكَذَلِكَ جَابر بن عبد الله قَالَ أَخْبرنِي من شهد معَاذًا حِين حَضرته الْوَفَاة الحَدِيث كَمَا بَيناهُ عَن قريب وَلم يسم من ذكر لَهُ وَذَلِكَ لِأَن معَاذًا رَضِي الله عَنهُ إِنَّمَا حدث بِهِ عِنْد مَوته بِالشَّام وَجَابِر وَأنس حِينَئِذٍ كَانَا بِالْمَدِينَةِ وَلم يشهداه وَقد حضر فِي ذَلِك من معَاذ عَمْرو بن مَيْمُون الأودي أحد المخضرمين كَمَا سَيَأْتِي فِي كتاب الْجِهَاد إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة الصَّحَابِيّ أَنه سمع ذَلِك من معَاذًا أَيْضا فَيحْتَمل أَن يكون الذاكر لأنس رَضِي الله عَنهُ إِمَّا عَمْرو بن مَيْمُون وَإِمَّا عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة وَالله أعلم.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي فَإِن قلت لفظ ذكر يَقْتَضِي أَن يكون هَذَا تَعْلِيقا من أنس وَلما لم يكن الذاكر لَهُ مَعْلُوما كَانَ من بابُُ الرِّوَايَة عَن الْمَجْهُول فَهَل هُوَ قَادِح فِي الحَدِيث قلت التَّعْلِيق لَا يُنَافِي الصِّحَّة إِذا كَانَ الْمَتْن ثَابتا من طَرِيق آخر وَكَذَا الْجَهَالَة إِذْ مَعْلُوم أَن أنسا لَا يروي إِلَّا عَن الْعدْل سَوَاء رَوَاهُ عَن الصَّحَابِيّ أَو غَيره فَفِي الْجُمْلَة يحْتَمل فِي المتابعات والشواهد مَا لَا يحْتَمل فِي الْأُصُول قلت هَذَا لَيْسَ بتعليق أصلا والذاكر لَهُ مَعْلُوم عِنْده غير أَنه أبهمه عِنْد رِوَايَته وَلَيْسَ ذَلِك قادحا فِي رِوَايَة الصَّحَابِيّ قَوْله من لَقِي الله مقول القَوْل وَكلمَة من مَوْصُولَة فِي مَحل الرّفْع على الِابْتِدَاء وَقَوله دخل الْجنَّة خَبره وَالْمعْنَى من لَقِي الْأَجَل الَّذِي قدره الله يَعْنِي الْمَوْت قَوْله لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا جملَة وَقعت حَالا وَالْمعْنَى من مَاتَ حَال كَونه موحدا حِين الْمَوْت وَبِهَذَا يُجَاب عَمَّا قيل الْإِشْرَاك لَا يتَصَوَّر فِي الْقِيَامَة وَحقّ الظَّاهِر أَن يُقَال وَلم يُشْرك بِهِ أَي فِي الدُّنْيَا وَجَوَاب آخر أَن أَحْكَام الدُّنْيَا مستصحبة إِلَى الْآخِرَة فَإِذا لم يُشْرك فِي الدُّنْيَا عِنْد الِانْتِقَال إِلَى الْآخِرَة صدق أَنه لَا يُشْرك فِي الْآخِرَة فَإِن قلت التَّوْحِيد بِدُونِ إِثْبَات الرسَالَة كَيفَ يَنْفَعهُ فَلَا بُد من انضمام مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى قَوْله لَا إِلَه إِلَّا الله قلت هُوَ مثل من تَوَضَّأ صحت صلَاته أَي عِنْد حُصُول شَرَائِط الصِّحَّة فَمَعْنَاه من لَقِي الله موحدا عِنْد الْإِيمَان بِسَائِر مَا يجب الْإِيمَان بِهِ أَو علم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن من النَّاس من يعْتَقد أَن الْمُشرك أَيْضا يدْخل الْجنَّة فَقَالَ ردا لذَلِك الِاعْتِقَاد الْفَاسِد من لَقِي الله لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا دخل الْجنَّة فَإِن قلت هَل يدْخل الْجنَّة وَإِن لم يعْمل عملا صَالحا قلت يدْخل وَإِن لم يعْمل إِمَّا قبل دُخُول النَّار وَإِمَّا بعده وَذَلِكَ بِمَشِيئَة الله تَعَالَى إِن شَاءَ عَفا عَنهُ وَإِن شَاءَ عذبه ثمَّ أدخلهُ الْجنَّة.

     وَقَالَ  بَعضهم قَوْله لَا يُشْرك بِهِ اقْتصر على نفي الْإِشْرَاك لِأَنَّهُ يَسْتَدْعِي التَّوْحِيد بالاقتضاء ويستدعي إِثْبَات الرسَالَة باللزوم إِذْ من كذب رسل الله فقد كذب الله وَمن كذب الله فَهُوَ مُشْرك قلت هَذَا تصور لَا يُوجد مَعَه التَّصْدِيق فَإِن أَرَادَ بالاقتضاء على اصْطِلَاح أهل الْأُصُول فَلَيْسَ كَذَلِك على مَا لَا يخفى وَإِن أَرَادَ بِهِ على اصْطِلَاح غير أهل الْأُصُول فَلم يذهب أحد مِنْهُم إِلَى هَذِه الْعبارَة فِي الدلالات وَقَوله أَيْضا وَمن كذب الله فَهُوَ مُشْرك لَيْسَ كَذَلِك فَإِن المكذب لَا يُقَال لَهُ إِلَّا كَافِر قَوْله قَالَ أَي معَاذ إِلَّا أبشر النَّاس أَي بذلك وَإِلَّا للتّنْبِيه وأبشر النَّاس جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل وَالْمَفْعُول قَوْله قَالَ أَي النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي أَخَاف أَن يتكلوا وَهَذِه رِوَايَة كَرِيمَة أَعنِي بِإِثْبَات إِنِّي وَفِي رِوَايَة غَيرهَا قَالَ لَا أَخَاف بِغَيْر إِنِّي فكلمة لَا للنَّهْي وَلَيْسَت دَاخِلَة على أَخَاف وَإِنَّمَا الْمَعْنى لَا تبشر ثمَّ اسْتَأْنف فَقَالَ أَخَاف وَفِي رِوَايَة الْحسن بن سُفْيَان فِي مُسْنده عَن عبيد الله بن معَاذ عَن مُعْتَمر قَالَ لَا دعهم فليتنافسوا فِي الْأَعْمَال فَإِنِّي أَخَاف أَن يتكلوا وَكلمَة أَن مَصْدَرِيَّة وَالتَّقْدِير إِنِّي أَخَاف اتكالهم على مُجَرّد الْكَلِمَة