حديث رقم 2755 - من كتاب شرح معاني الآثار للطحاوي - كِتَابُ النِّكَاحِ

نص الحديث

2755 وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ , عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ , عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : النَّظْرَةُ الْأُولَى لَكَ , وَالْآخِرَةُ عَلَيْكَ . قَالُوا : فَلَمَّا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ النَّظْرَةَ الثَّانِيَةَ , لِأَنَّهَا تَكُونُ بِاخْتِيَارِ النَّاظِرِ , وَخَالَفَ بَيْنَ حُكْمِهَا وَبَيْنَ حُكْمِ مَا قَبْلَهَا , إِذَا كَانَتْ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنَ النَّاظِرِ , دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مِنَ النِّكَاحِ أَوِ الْحُرْمَةِ , مَا لَا يُحَرِّمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِنْهَا . فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَقَالَةِ الْأُولَى , أَنَّ الَّذِي أَبَاحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فِي الْآثَارِ الْأُوَلِ , هُوَ النَّظَرُ لِلْخِطْبَةِ لَا لِغَيْرِ ذَلِكَ , فَذَلِكَ نَظَرٌ بِسَبَبٍ هُوَ حَلَالٌ . أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ نَظَرَ إِلَى وَجْهِ امْرَأَةٍ , لَا نِكَاحَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا , لِيَشْهَدَ عَلَيْهَا , وَلِيَشْهَدَ لَهَا أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ . فَكَذَلِكَ إِذَا نَظَرَ إِلَى وَجْهِهَا لِيَخْطُبَهَا , كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا لَهُ أَيْضًا . فَأَمَّا الْمَنْهِيُّ عَنْهُ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ , وَجَرِيرٍ , وَبُرَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ , فَذَلِكَ لِغَيْرِ الْخِطْبَةِ , وَلِغَيْرِ مَا هُوَ حَلَالٌ , فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ مُحَرَّمٌ . وَقَدْ رَأَيْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي نَظَرِ الرَّجُلِ إِلَى صَدْرِ الْمَرْأَةِ الْأَمَةِ , إِذَا أَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَهَا أَنَّ ذَلِكَ لَهُ جَائِزٌ حَلَالٌ , لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى ذَلِكَ مِنْهَا , لِيَبْتَاعَهَا لَا لِغَيْرِ ذَلِكَ . وَلَوْ نَظَرَ إِلَى ذَلِكَ مِنْهَا , لَا لِيَبْتَاعَهَا , وَلَكِنْ لِغَيْرِ ذَلِكَ , كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَرَامًا . فَكَذَلِكَ نَظَرُهُ إِلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ إِنْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ لِمَعْنًى هُوَ حَلَالٌ , فَذَلِكَ غَيْرُ مَكْرُوهٍ لَهُ , وَإِنْ كَانَ فَعَلَهُ لِمَعْنًى هُوَ عَلَيْهِ حَرَامٌ , فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ لَهُ ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ النَّظَرَ إِلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ لِيَخْطُبَهَا حَلَالٌ , خَرَجَ بِذَلِكَ حُكْمُهُ مِنْ حُكْمِ الْعَوْرَةِ ، وَلِأَنَّا رَأَيْنَا مَا هُوَ عَوْرَةٌ لَا يُبَاحُ لِمَنْ أَرَادَ نِكَاحَهَا النَّظَرُ إِلَيْهَا . أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَرَادَ نِكَاحَ امْرَأَةٍ , فَحَرَامٌ عَلَيْهِ النَّظَرُ إِلَى شَعْرِهَا , وَإِلَى صَدْرِهَا , وَإِلَى مَا هُوَ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فِي بَدَنِهَا , كَمَا يَحْرُمُ ذَلِكَ مِنْهَا , عَلَى مَنْ لَمْ يُرِدْ نِكَاحَهَا . فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ النَّظَرَ إِلَى وَجْهِهَا حَلَالٌ لِمَنْ أَرَادَ نِكَاحَهَا , ثَبَتَ أَنَّهُ حَلَالٌ أَيْضًا لِمَنْ لَمْ يُرِدْ نِكَاحَهَا , إِذَا كَانَ لَا يَقْصِدُ بِنَظَرِهِ ذَلِكَ لِمَعْنًى هُوَ عَلَيْهِ حَرَامٌ . وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } : إِنَّ ذَلِكَ الْمُسْتَثْنَى هُوَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ , فَقَدْ وَافَقَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ هَذَا التَّأْوِيلَ . وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ . كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ بِذَلِكَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ مُحَمَّدٍ . وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ , رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ *

اختر أحد أحاديث التخريج لعرضه هنا

اختر طريقة التخريج المناسبة لك :
التخريج
اخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ( مَا قَالُوا فِي الرَّجُلِ تَمُرُّ بِهِ الْمَرْأَةُ فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا ، مَنْ برقم 13245 و فَضَائِلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ برقم 31467 ) وأحمد في فضائل الصحابة ( فَضَائِلُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ برقم 993 و وَمِنْ فَضَائِلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ برقم 1066 ) والبزار في مسنده ( وَمَا رَوَى النُّعْمَانُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ عَلِيٍّ برقم 636 و وَمِمَّا رَوَاهُ سَلَمَةُ بْنُ أَبِي الطُّفَيْلِ ، عَنْ عَلِيٍّ برقم 816 ) والطحاوي في شرح معاني الآثار ( بَابُ سُؤْرِ الْكَلْبِ برقم 2752 ) والطحاوي في مشكل الآثار ( بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ برقم 1609 و بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ برقم 1611 ) والخرائطي في اعتلال القلوب ( بَابُ غَضِّ الْبَصَرِ عَنِ الْمَحَارِمِ ، وَمَا فِيهِ مِنَ الْفَضْلِ برقم 276 ) والطبراني في الأوسط ( مَنِ اسْمُهُ أَحْمَدُ برقم 685 ) وأبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة ( ذِكْرُ مَنْ خَطَبَهُنَّ وَلَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهِنَّ برقم 325 ) والبيهقي في السنن الكبير ( جُمَّاعُ أَبْوَابِ التَّرْغِيبِ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ برقم 12659 ) وأحمد في المسند ( مُسْنَدُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ برقم 1337 و مُسْنَدُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ برقم 1341 ) وابن حبان في صحيحه ( ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ إِتْبَاعِ الْمَرْءِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ ، إِذِ اسْتِعْمَالُهَا يَزْرَعُ برقم 5661 ) والحاكم في المستدرك ( وَأَمَّا قِصَّةُ اعْتِزَالِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنِ الْبَيْعَةِ برقم 4600 ) والدارمي في سننه ( بَابُ : فِي حِفْظِ السَّمْعِ برقم 2676