هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
98 حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَيُّوبَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَطَاءً ، قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ، قَالَ : أَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ قَالَ عَطَاءٌ : أَشْهَدُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ وَمَعَهُ بِلاَلٌ ، فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعْ فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ ، فَجَعَلَتِ المَرْأَةُ تُلْقِي القُرْطَ وَالخَاتَمَ ، وَبِلاَلٌ يَأْخُذُ فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : وَقَالَ : إِسْمَاعِيلُ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ عَطَاءٍ ، وَقَالَ : عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  أو قال عطاء : أشهد على ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ومعه بلال ، فظن أنه لم يسمع فوعظهن وأمرهن بالصدقة ، فجعلت المرأة تلقي القرط والخاتم ، وبلال يأخذ في طرف ثوبه قال أبو عبد الله : وقال : إسماعيل ، عن أيوب ، عن عطاء ، وقال : عن ابن عباس ، أشهد على النبي صلى الله عليه وسلم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن ابْنَ عَبَّاسٍ ، قَالَ : أَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ قَالَ عَطَاءٌ : أَشْهَدُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ وَمَعَهُ بِلاَلٌ ، فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعْ فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ ، فَجَعَلَتِ المَرْأَةُ تُلْقِي القُرْطَ وَالخَاتَمَ ، وَبِلاَلٌ يَأْخُذُ فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ.

Narrated Ibn 'Abbas:

Once Allah's Messenger (ﷺ) came out while Bilal was accompanying him. He went towards the women thinking that they had not heard him (i.e. his sermon). So he preached them and ordered them to pay alms. (Hearing that) the women started giving alms; some donated their ear-rings, some gave their rings and Bilal was collecting them in the corner of his garment.

0098 Atâ dit : J’ai entendu ibn Abbâs dire : J’atteste que le Prophète (ou : J »atteste, dit Atâ, qu’ibn Abbâs a dit que le Messager de Dieu) sortit une fois accompagné par Bilâl. …Il les exhorta alors et leur recommanda l’aumône. Aussitôt, elles commencèrent à jeter des boucles d’oreilles et des bagues que Bilâl ramassait en les mettant dans le pan de son habit. D’après Ismâ’il, de Ayûb, de Atâ, c’est ibn Abbâs qui dit « J’atteste que le Prophète… »  

":"ہم سے سلیمان بن حرب نے بیان کیا ، ان سے شعبہ نے ایوب کے واسطے سے بیان کیا ، انھوں نے عطاء بن ابی رباح سے سنا ، انھوں نے ابن عباس رضی اللہ عنہما سے سنا کہمیں رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم پر گواہی دیتا ہوں ، یا عطاء نے کہا کہ میں ابن عباس پر گواہی دیتا ہوں کہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم ( ایک مرتبہ عید کے موقع پر مردوں کی صفوں میں سے ) نکلے اور آپ صلی اللہ علیہ وسلم کے ساتھ بلال رضی اللہ عنہ تھے ۔ آپ کو خیال ہوا کہ عورتوں کو ( خطبہ اچھی طرح ) نہیں سنائی دیا ۔ تو آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے انہیں علیحدہ نصیحت فرمائی اور صدقے کا حکم دیا ( یہ وعظ سن کر ) کوئی عورت بالی ( اور کوئی عورت ) انگوٹھی ڈالنے لگی اور بلال رضی اللہ عنہ اپنے کپڑے کے دامن میں ( یہ چیزیں ) لینے لگے ۔ اس حدیث کو اسماعیل بن علیہ نے ایوب سے روایت کیا ، انھوں نے عطاء سے کہ ابن عباس رضی اللہ عنہما نے یوں کہا کہ میں آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم پر گواہی دیتا ہوں ( اس میں شک نہیں ہے ) امام بخاری کی غرض یہ ہے کہ اگلا باب عام لوگوں سے متعلق تھا اور یہ حاکم اور امام سے متعلق ہے کہ وہ بھی عورتوں کو وعظ سنائے ۔

0098 Atâ dit : J’ai entendu ibn Abbâs dire : J’atteste que le Prophète (ou : J »atteste, dit Atâ, qu’ibn Abbâs a dit que le Messager de Dieu) sortit une fois accompagné par Bilâl. …Il les exhorta alors et leur recommanda l’aumône. Aussitôt, elles commencèrent à jeter des boucles d’oreilles et des bagues que Bilâl ramassait en les mettant dans le pan de son habit. D’après Ismâ’il, de Ayûb, de Atâ, c’est ibn Abbâs qui dit « J’atteste que le Prophète… »  

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( بابُُ عِظَةِ الإِمامِ النِّساءَ وتَعْلِيمهنَّ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان وعظ الإِمَام النِّسَاء، وَهُوَ التَّذْكِير بالعواقب.
وتعليمه النِّسَاء من الْأُمُور الدِّينِيَّة، والعظة، بِكَسْر الْعين: بِمَعْنى الْوَعْظ، لِأَنَّهُ مصدر من: وعظ يعظ وعظاً، فَلَمَّا حذفت الْوَاو تبعا لفعله عوضت عَنْهَا الْهَاء.

وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِي الْبابُُ السَّابِق تَعْلِيم الرجل أَهله، وَهُوَ خَاص.
وَالْمَذْكُور فِي هَذَا الْبابُُ تَعْلِيم الإِمَام النِّسَاء وَهُوَ عَام، فتناسقا من هَذِه الْحَيْثِيَّة.
وَالْمرَاد من الإِمَام هُوَ الإِمَام الْأَعْظَم أَو من يَنُوب عَنهُ.



[ قــ :98 ... غــ :98 ]
- حدّثنا سُلَيمانُ بنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدثنَا شُعْبَةُ عنْ أيُّوبَ قَالَ: سَمِعْتُ عَطاءً قَالَ: سَمِعْتُ ابنَ عَبَّاسٍ قَالَ: أشْهَدُ علَى النَّبيِّ أَو قَالَ عَطاءٌ: اشْهَدُ علَى ابنِ عَبَّاس، أنّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَرَجَ ومَعَهُ بِلالٌ، فَظَنَّ أنَّهُ لَمْ يُسْمِعِ النِّسَاءَ، فَوَعَظَهُنَّ وأمَرَهُنَّ بالصَّدَقَةِ، فَجَعَلَت المَرْأةُ تُلْقِي القُرْطَ والخَاتَمَ وبِلالٌ يأْخُذُ فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ..
وَجه مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فوعظهن) ، لِأَن الْوَعْظ يسْتَلْزم العظة، وَكَانَت الموعظة بقوله: ( إِنِّي رأيتكن أَكثر أهل النَّار لأنكن تكثرن اللَّعْن وتكفرن العشير) .
فَإِن قلت: أَيْن مطابقته لقَوْله: ( وتعليمهن) ؟ قلت: فِي قَوْله: ( وأمرهن بِالصَّدَقَةِ) .
وَلَا شكّ أَن فِي الْأَمر بِالصَّدَقَةِ التَّعْلِيم بهَا أَنَّهَا تكفر الْخَطَايَا وتدفع البلايا.

بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة.
الأول: سُلَيْمَان بن حَرْب الْأَزْدِيّ الْبَصْرِيّ، وَقد تقدم.
الثَّانِي: شُعْبَة بن الْحجَّاج، وَقد تقدم.
الثَّالِث: أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ، وَقد تقدم.
الرَّابِع: عَطاء ابْن أبي رَبَاح، وَاسم أبي رَبَاح: مُسلم الْمَكِّيّ الْقرشِي، مولى ابْن خَيْثَم الفِهري، وَابْن خَيْثَم عَامل عمر بن الْخطاب على مَكَّة، ولد فِي آخر خلَافَة عُثْمَان، رَضِي الله عَنهُ، وروى عَنهُ ابْنه.
قَالَ: أَعقل قتل عُثْمَان، وَيُقَال إِنَّه من مولدِي الْجند من مخاليف الْيمن وَنَشَأ بِمَكَّة وَصَارَ مفتيها، وَهُوَ من كبار التَّابِعين، وروى عَن العبادلة وَعَائِشَة وَغَيرهم، وروى عَنهُ اللَّيْث حَدِيثا وَاحِدًا، وجلالته وبراعته وثقته وديانته مُتَّفق عَلَيْهَا، وَحج سبعين حجَّة، وَكَانَت الْحلقَة بعد ابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا، لَهُ.
مَاتَ سنة خمس عشرَة، وَقيل أَربع عشرَة وَمِائَة، عَن ثَمَانِينَ سنة.
وَكَانَ حَبَشِيًّا أسود أَعور أفطس أشل أعرج، لامْرَأَة من أهل مَكَّة، ثمَّ عمي بآخرة، وَلَكِن الْعلم وَالْعَمَل بِهِ رَفعه.
وَمن غَرَائِبه أَنه يَقُول: إِذا أَرَادَ الْإِنْسَان سفرا لَهُ الْقصر قبل خُرُوجه من بَلَده، وَوَافَقَهُ طَائِفَة من أَصْحَاب ابْن مَسْعُود، وَخَالفهُ الْجُمْهُور.
وَمن غَرَائِبه أَيْضا أَنه إِذا وَافق يَوْم عيد يَوْم جُمُعَة يصلى الْعِيد فَقَط، وَلَا ظهر وَلَا جُمُعَة فِي ذَلِك الْيَوْم.
الْخَامِس: عبد اللَّه بن عَبَّاس.

بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والعنعنة وَالسَّمَاع.
وَمِنْهَا: أَن رُوَاته أَئِمَّة أجلاء.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ من رأى الصَّحَابَة اثْنَان.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ لَفْظَة: أشهد تَأْكِيدًا لتحققه ووثوقاً بِوُقُوعِهِ، لِأَن الشَّهَادَة خبر قَاطع، تَقول مِنْهُ: شهد الرجل على كَذَا.
وَإِنَّمَا قَالَ: أشهد، بِلَفْظَة: على، لزِيَادَة التَّأْكِيد فِي وثاقته، لِأَنَّهُ يدل على الاستعلاء بِالْعلمِ عَن خُرُوجه، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَمَعَهُ بِلَال، إِذا كَانَ لفظ: أشهد، من قَول ابْن عَبَّاس، أَو على استعلاء الْعلم على سَمَاعه من ابْن عَبَّاس إِذا كَانَ لفظ: أشهد، من قَوْله عَطاء.
لِأَن الرَّاوِي تردد فِي هَذِه اللَّفْظَة، هَل هِيَ من قَول ابْن عَبَّاس أَو من قَول عَطاء؟ وَرَوَاهُ أَيْضا بِالشَّكِّ حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب.
أخرجه أَبُو نعيم فِي ( الْمُسْتَخْرج) .
وَأخرجه أَحْمد بن حَنْبَل عَن غنْدر عَن شُعْبَة جَازِمًا بِلَفْظ: أشهد عَن كل مِنْهُمَا.

بَيَان من أخرجه غَيره: وَأخرجه مُسلم أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَابْن أبي عمر كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان، وَعَن أبي الرّبيع الزهْرَانِي عَن حَمَّاد بن زيد عَن يَعْقُوب ابْن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي عَن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، ثَلَاثَتهمْ عَن أَيُّوب بِهِ.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا فِيهَا عَن مُحَمَّد بن كثير وَحَفْص بن عمر، كِلَاهُمَا عَن شُعْبَة بِهِ، وَعَن مُحَمَّد بن عبيد بن حسان عَن حَمَّاد بن زيد، وَعَن أبي معمر عَن عبد اللَّه بن عَمْرو، ومسدد، كِلَاهُمَا عَن عبد الْوَارِث عَنهُ بِهِ.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة وَفِي الْعلم عَن مُحَمَّد بن مَنْصُور.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الصَّلَاة عَن مُحَمَّد بن الصَّباح، كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان بِهِ، وَمعنى حَدِيثهمْ وَاحِد.

بَيَان اللُّغَات: قَوْله: ( بِالصَّدَقَةِ) ، وَهِي مَا تبذل من المَال لثواب الْآخِرَة، وَهِي تتَنَاوَل الْفَرِيضَة والتطوع، لَكِن الظَّاهِر أَن المُرَاد بهَا هُنَا هُوَ الثَّانِي.
قَوْله: ( القرط) ، بِضَم الْقَاف وَسُكُون الرَّاء: مَا يعلق فِي شحمة الْأذن،.

     وَقَالَ  ابْن دُرَيْد: كل مَا فِي شحمة الْأذن فَهُوَ قرط سَوَاء كَانَ من ذهب أَو غَيره.
وَفِي ( البارع) : القرط يكون فِيهِ حَبَّة وَاحِدَة فِي حَلقَة وَاحِدَة.
وَفِي ( الْعبابُ) : وَالْجمع أقراط وقروط وقرطة وقراط، مِثَال: برد وأبراد وبرود، و: قلب وقلبة، و: رمح ورماح.
و: ( الْخَاتم) فِيهِ أَربع لُغَات: كسر التَّاء وَفتحهَا وخيتام وخاتام، الْكل بِمَعْنى وَاحِد.

بَيَان الْإِعْرَاب والمعاني: قَوْله: ( خرج) ، جملَة فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهَا خبر: أَن، أَي: خرج من بَين صُفُوف الرِّجَال إِلَى صف النِّسَاء.
قَوْله: ( وَمَعَهُ بِلَال) ، جملَة إسمية وَقعت حَالا، هَذِه رِوَايَة الْكشميهني بِالْوَاو، وَفِي رِوَايَة غَيره: ( مَعَه بِلَال) .
بِلَا وَاو، وَهُوَ جَائِز بِلَا ضعف، نَحْو قَوْله تَعَالَى: { اهبطوا بَعْضكُم لبَعض عَدو} ( الْبَقَرَة: 36 والأعراف: 24) وبلال: هُوَ ابْن رَبَاح، بِفَتْح الرَّاء وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة، الحبشي الْقرشِي، يكنى أَبَا عبد اللَّه أَو أَبَا عَمْرو أَو أَبَا عبد الرَّحْمَن أَو أَبَا عبد الْكَرِيم، وشهرته باسم أمه حمامة.
قَوْله: ( فَظن) أَي: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( أَنه لم يسمع النِّسَاء) حِين أسمع الرِّجَال، وَفِي بعض النّسخ: فَظن أَنه لم يسمع، بِدُونِ لَفْظَة النِّسَاء، و: أَن مَعَ اسْمهَا وخبرها سدت مسد مفعولي: ظن.
قَوْله: ( فوعظهن) الْفَاء فِيهِ تصلح للتَّعْلِيل، ( وأمرهن) عطف عَلَيْهِ.
قَوْله: ( بِالصَّدَقَةِ) الْألف وَاللَّام فِيهَا للْعهد الْخَارِجِي، وَهِي صَدَقَة التَّطَوُّع، وَإِنَّمَا أمرهن بهَا لما رآهن أَكثر أهل النَّار، على مَا جَاءَ فِي الصَّحِيح: ( تصدقن يَا معشر النِّسَاء، إِنِّي رأيتكن أَكثر أهل النَّار) .
وَقيل: أمرهن بهَا لِأَنَّهُ كَانَ وَقت حَاجَة إِلَى الْمُوَاسَاة، وَالصَّدَََقَة يومئذٍ كَانَت أفضل وُجُوه الْبر.
قَوْله: ( فَجعلت الْمَرْأَة) جعلت: من أَفعَال المقاربة، وَهِي مثل: كَاد، فِي الِاسْتِعْمَال، ترفع الِاسْم، وَخَبره الْفِعْل الْمُضَارع بِغَيْر أَن، متأول باسم الْفَاعِل، وَقَوله: ( القرط) بِالنّصب مفعول: ( تلقي) من الْإِلْقَاء.
( والخاتم) عطف عَلَيْهِ.
قَوْله: ( وبلال) مُبْتَدأ ( وَيَأْخُذ فِي أَطْرَاف ثَوْبه) خَبره، وَالْجُمْلَة حَالية، ومفعول: يَأْخُذ، مَحْذُوف.

بَيَان استنباط الْأَحْكَام: الأول: قَالَ النَّوَوِيّ: فِيهِ اسْتِحْبابُُ وعظ النِّسَاء وتذكيرهن الْآخِرَة وَأَحْكَام الْإِسْلَام، وحثهن على الصَّدَقَة، وَهَذَا إِذا لم يَتَرَتَّب على ذَلِك مفْسدَة أَو خوف فتْنَة على الْوَاعِظ أَو الموعوظ، وَنَحْو ذَلِك.
الثَّانِي: فِي قَوْله: ( فَظن أَنه لم يسمع النِّسَاء) دَلِيل على أَن على الإِمَام افتقاد رَعيته وتعليمهم ووعظهم.
الثَّالِث: فِيهِ أَن صَدَقَة التَّطَوُّع لَا تحْتَاج إِلَى إِيجَاب وَقبُول، وَيَكْفِي فِيهَا المعاطاة، لِأَنَّهُنَّ ألقين الصَّدَقَة فِي ثوب بِلَال من غير كَلَام مِنْهُنَّ وَلَا من بِلَال وَلَا من غَيرهمَا، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح من مَذْهَب الشَّافِعِي، رَحمَه الله؛ خلافًا لأكْثر الْعِرَاقِيّين من أَصْحَابه حَيْثُ قَالُوا: يفْتَقر إِلَى الْإِيجَاب وَالْقَبُول.
الرَّابِع: فِيهِ دَلِيل على أَن الصَّدقَات الْعَامَّة إِنَّمَا يصرفهَا مصارفها الإِمَام.
الْخَامِس: فِيهِ دَلِيل أَن الصَّدَقَة قد تنجي من النَّار، قَالَه ابْن بطال.
السَّادِس: فِيهِ جَوَاز صَدَقَة الْمَرْأَة من مَالهَا بِغَيْر إِذن زَوجهَا، وَلَا يتَوَقَّف فِي ذَلِك على ثلث مَالهَا.
.

     وَقَالَ  مَالك: لَا تجوز الزِّيَادَة على الثُّلُث إلاَّ بِإِذن الزَّوْج، وَالْحجّة عَلَيْهِ أَنه، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لم يسْأَل: هَل هَذَا بِإِذن أَزوَاجهنَّ أم لَا؟ وَهل هُوَ خَارج من الثُّلُث أَو لَا؟ وَلَو اخْتلف الحكم بذلك لسأل.
قَالَ القَاضِي عِيَاض، رَحمَه الله، احتجاجاً لمَذْهَب مَالك: الْغَالِب حُضُور أَزوَاجهنَّ، وَإِذا كَانَ كَذَلِك، فتركهم الْإِنْكَار رضى مِنْهُم بفعلهن.
.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: هَذَا ضَعِيف، لِأَنَّهُنَّ معتزلات لَا يعلم الرِّجَال المتصدقة مِنْهُم من غَيرهَا، وَلَا قدر مَا يتصدقن بِهِ، وَلَو علمُوا فسكوتهم لَيْسَ إِذْنا.
فَإِن قلت: احْتج مَالك وَمن تبعه فِي ذَلِك بِمَا خرجه أَبُو دَاوُد من حَدِيث مُوسَى ابْن إِسْمَاعِيل عَن حَمَّاد عَن دَاوُد بن أبي هِنْد، وحبِيب الْمعلم عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ( لَا يجوز لامْرَأَة أمرٌ فِي مَالهَا إِذا ملك زَوجهَا عصمتها) .
وَبِمَا خرجه النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من حَدِيث أبي كَامِل عَن خَالِد، يَعْنِي ابْن الْحَارِث: ثَنَا حُسَيْن عَن عَمْرو بن شُعَيْب أَن أَبَاهُ أخبرهُ عَن عبد اللَّه بن عَمْرو أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ( لَا يحل لامْرَأَة عَطِيَّة إلاَّ بِإِذن زَوجهَا) .
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: الطَّرِيق إِلَى عَمْرو بن شُعَيْب صَحِيح، فَمن أثبت أَحَادِيث عَمْرو بن شُعَيْب لزمَه إثْبَاته.
وَالْجَوَاب عَنهُ من أوجه: أَحدهَا: معارضته بالأحاديث الصَّحِيحَة الدَّالَّة على الْجَوَاز عِنْد الْإِطْلَاق، وَهِي أقوى مِنْهُ، فَقدمت عَلَيْهِ.
وَقد يُقَال: انه وَاقعَة حَال، فَيمكن حملهَا على أَنَّهَا كَانَت قدر الثُّلُث.
الثَّانِي: على تَسْلِيم الصِّحَّة إِنَّه مَحْمُول على الأولى، وَالْأَدب ذكره الشَّافِعِي فِي الْبُوَيْطِيّ، قَالَ: وَقد أعتقت مَيْمُونَة، رَضِي الله عَنْهَا، فَلم يعب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهَا.
وكما يُقَال: لَيْسَ لَهَا أَن تَصُوم وَزوجهَا حَاضر إلاَّ بِإِذْنِهِ، فَإِن فعلت فصومها جَائِز، وَمثله إِن خرجت بِغَيْر إِذْنه فباعت، فَهُوَ جَائِز.
الثَّالِث: الطعْن فِيهِ، قَالَ الشَّافِعِي: هَذَا الحَدِيث سمعناه وَلَيْسَ بِثَابِت، فيلزمنا أَن نقُول بِهِ وَالْقُرْآن يدل على خِلَافه ثمَّ الْأَمر ثمَّ الْمَنْقُول ثمَّ الْمَعْقُول.
قيل: أَرَادَ بِالْقُرْآنِ، قَوْله تَعَالَى: { فَنصف مَا فرضتم إلاّ أَن يعفون} ( الْبَقَرَة: 237) وَقَوله: { فَإِن طبن لكم عَن شَيْء مِنْهُ نفسا فكلوه هَنِيئًا مريئاً} ( النِّسَاء: 4) .
وَقَوله: { فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا افتدت بِهِ} ( الْبَقَرَة: 229) وَقَوله: { من بعد وَصِيَّة يوصين بهَا أَو دين} ( النِّسَاء: 12) وَقَوله: { وابتلوا الْيَتَامَى} الْآيَة ( النِّسَاء: 6) وَلم يفرق، فدلت هَذِه الْآيَات على نُفُوذ تصرفها فِي مَالهَا دون إِذن زَوجهَا،.

     وَقَالَ  صلى الله عَلَيْهِ وسلمن لزوجة الزبير رَضِي الله عَنهُ: ( إرضخي وَلَا توعي فيوعى الله عَلَيْك) مُتَّفق عَلَيْهِ.
.

     وَقَالَ : ( يَا نسَاء المسلمات، لَا تحقرن جَارة لجارتها وَلَو فرسن شَاة) .
واختلعت مولاة لصفية بنت أبي عبيد من زَوجهَا من كل شَيْء، فَلم يُنكر ذَلِك ابْن عمر، رَضِي الله عَنْهُمَا.
وَقد طعن إِبْنِ حزم فِي حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب بِأَن قَالَ: صحيفَة مُنْقَطِعَة، وَقد علمت أَن شعيباً صرح بِعَبْد الله بن عَمْرو، فَلَا انْقِطَاع.
وَقد أخرجه الْحَاكِم من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن دَاوُد بن أبي هِنْد وحبِيب الْمعلم عَن عَمْرو بِهِ، ثمَّ قَالَ: صَحِيح الْإِسْنَاد، ثمَّ ذكر ابْن حزم من حَدِيث ابْن عمر: ( سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَمَا حق الزَّوْج على زَوجته؟ قَالَ: لَا تصدق إلاَّ بِإِذْنِهِ، فَإِن فعلت كَانَ لَهُ الْأجر وَعَلَيْهَا الْوزر) .
ثمَّ قَالَ: هَذَا خَيرهَا لَك، لِأَن فِيهِ مُوسَى بن أعين وَهُوَ مَجْهُول، وَلَيْث بن أبي سليم وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ وَهُوَ غَرِيب مِنْهُ، فَإِن مُوسَى بن أعين روى عَن جمَاعَة وَعنهُ جمَاعَة، وَاحْتج بِهِ الشَّيْخَانِ، وَوَثَّقَهُ أَبُو حَاتِم وَأَبُو زرْعَة وَالنَّسَائِيّ.
نعم، فِيهِ الْحسن بن عبد الْغفار وَهُوَ مَجْهُول، وليته أعله بِهِ.
ثمَّ ذكر حَدِيث إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن شُرَحْبِيل بن مُسلم الْخَولَانِيّ عَن أبي أُمَامَة رَفعه: ( لَا تنْفق الْمَرْأَة شَيْئا من بَيت زَوجهَا إلاَّ بِإِذْنِهِ، قيل: يَا رَسُول الله وَلَا الطَّعَام؟ قَالَ: ذَلِك أفضل أَمْوَالنَا) .
ثمَّ إِسْمَاعِيل ضَعِيف، وشرحبيل مَجْهُول لَا يدرى من هُوَ، وَهَذَا عَجِيب مِنْهُ.
فإسماعيل حجَّة فِيمَا يروي عَن الشاميين، وشرحبيل شَامي، وحاشاه من الْجَهَالَة.
روى عَنهُ جمَاعَة.
قَالَ أَحْمد: هُوَ من ثِقَات الشاميين، نعم، ضعفه ابْن معِين، وَقد أخرجه ابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ.

     وَقَالَ : حسن.
الرَّابِع: من أوجه الْجَواب، مَا قيل: إِن المُرَاد من مَال زَوجهَا لَا من مَالهَا، وَفِيه نظر.
وَقَالَ إسْماعِيلُ: عنْ أيُّوبَ عنْ عَطَاءُ،.

     وَقَالَ  عنِ ابْن عَباسٍ: أشْهَدُ علَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

إِسْمَاعِيل هُوَ ابْن علية، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَعَطَاء هُوَ ابْن أبي رَبَاح، أَرَادَ بِهَذَا التَّعْلِيق أَن إِسْمَاعِيل روى عَن أَيُّوب عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس: أشهد على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِالْجَزْمِ، لِأَن لَفْظَة: أشهد، من كَلَام ابْن عَبَّاس فَقَط.
وَكَذَا جزم بِهِ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي ( مُسْنده) ، وَكَذَا قَالَ وهيب عَن أَيُّوب: ذكره الْإِسْمَاعِيلِيّ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّه تَعْلِيق، لِأَن البُخَارِيّ لم يدْرك إِسْمَاعِيل بن علية، وَهُوَ مَاتَ فِي عَام ولادَة البُخَارِيّ سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَة.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَيحْتَمل أَن يكون معنى قَوْله: (.

     وَقَالَ  إِسْمَاعِيل)
عطفا على: ( قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة) ، فَيكون المُرَاد مِنْهُ حَدثنَا سُلَيْمَان قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، فَيخرج عَن التَّعْلِيق.
قلت: هَذَا لَا يَصح، لِأَن سُلَيْمَان بن حَرْب لَا رِوَايَة لَهُ عَن إِسْمَاعِيل أصلا، لَا لهَذَا الحَدِيث وَلَا لغيره، وَقد أخرجه البُخَارِيّ فِي كتاب الزَّكَاة مَوْصُولا عَن مُؤَمل بن هِشَام عَن إِسْمَاعِيل، كَمَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى.