هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
957 حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلاَمٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ ، عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الحَارِثِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ تَابَعَهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ فُلَيْحٍ ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ : عَنْ فُلَيْحٍ ، عَنْ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
957 حدثنا محمد هو ابن سلام ، قال : أخبرنا أبو تميلة يحيى بن واضح ، عن فليح بن سليمان ، عن سعيد بن الحارث ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق تابعه يونس بن محمد ، عن فليح ، وقال محمد بن الصلت : عن فليح ، عن سعيد ، عن أبي هريرة ، وحديث جابر أصح
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ .

Narrated Jabir bin `Abdullah:

On the Day of `Id the Prophet (ﷺ) used to return (after offering the `Id prayer) through a way different from that by which he went.

Jâbir dit: «Les jours de Fête, le Prophète (r ) prenait une route différente...»

":"ہم سے محمد بن سلام نے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ ہمیں ابو تمیلہ یحییٰ بن واضح نے خبر دی ، انہیں فلیح بن سلیمان نے ، انہیں سعید بن حارث نے ، انہیں جابر رضی اللہ عنہ نے کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم عید کے دن ایک راستہ سے جاتے پھر دوسرا راستہ بدل کر آتے ۔ اس روایت کی متابعت یونس بن محمد نے فلیح سے کی ، ان سے سعید نے اور ان سے ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے بیان کیا لیکن جابر کی روایت زیادہ صحیح ہے ۔

Jâbir dit: «Les jours de Fête, le Prophète (r ) prenait une route différente...»

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [986] .

     قَوْلُهُ  عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ هُوَ بن أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى الْأَنْصَارِيُّ .

     قَوْلُهُ  إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ كَانَ تَامَّةٌ أَيْ إِذَا وَقَعَ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى الْعِيدِ رَجَعَ مِنْ غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّذِي ذَهَبَ فِيهِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ أَخَذَ بِهَذَا بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فَاسْتَحَبَّهُ لِلْإِمَامِ وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ انْتَهَى وَالَّذِي فِي الْأُمِّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ.

     وَقَالَ  الرَّافِعِيّ لم يتَعَرَّض فىالوجيز إِلَّا لِلْإِمَامِ اهوَبِالتَّعْمِيمِ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنْ عُلِمَ الْمَعْنَى وَبَقِيَتِ الْعِلَّةُ بَقِيَ الْحُكْمُ وَإِلَّا انْتَفَى بِانْتِفَائِهَا وَإِنْ لَمْ يُعْلَمِ الْمَعْنَى بَقِيَ الِاقْتِدَاءُ.

     وَقَالَ  الْأَكْثَرُ يَبْقَى الْحُكْمُ وَلَوِ انْتَفَتِ الْعِلَّةُ لِلِاقْتِدَاءِ كَمَا فِي الرَّمْلِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى أَقْوَالٍ كَثِيرَةٍ اجْتَمَعَ لِي مِنْهَا أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ وَقَدْ لَخَّصْتُهَا وَبَيَّنْتُ الْوَاهِيَ مِنْهَا قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَالِكِيُّ ذُكِرَ فِي ذَلِكَ فَوَائِدُ بَعْضُهَا قَرِيبٌ وَأَكْثَرُهَا دَعَاوَى فَارِغَةٌ انْتَهَى فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِيَشْهَدَ لَهُ الطَّرِيقَانِ وَقِيلَ سُكَّانُهُمَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَقِيلَ لِيُسَوَّى بَيْنِهِمَا فِي مَزِيَّةِ الْفَضْلِ بِمُرُورِهِ أَوْ فِي التَّبَرُّكِ بِهِ أَوْ لِيَشُمَّ رَائِحَةَ الْمِسْكِ مِنَ الطَّرِيقِ الَّتِي يَمُرُّ بِهَا لِأَنَّهُ كَانَ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ وَقِيلَ لِأَنَّ طَرِيقَهُ لِلْمُصَلَّى كَانَتْ عَلَى الْيَمِينِ فَلَوْ رَجَعَ مِنْهَا لَرَجَعَ عَلَى جِهَةِ الشِّمَالِ فَرَجَعَ مِنْ غَيْرِهَا وَهَذَا يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَقِيلَ لِإِظْهَارِ شِعَارِ الْإِسْلَامِ فِيهِمَا وَقِيلَ لِإِظْهَارِ ذِكْرِ اللَّهِ وَقِيلَ لِيَغِيظَ الْمُنَافِقِينَ أَوِ الْيَهُودَ وَقِيلَ لِيُرْهِبَهُمْ بِكَثْرَةِ مَنْ مَعَهُ وَرجحه بن بَطَّالٍ وَقِيلَ حَذَرًا مِنْ كَيْدِ الطَّائِفَتَيْنِ أَوْ إِحْدَاهُمَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لم يكرره قَالَه بن التِّينِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مُوَاظَبَتِهِ عَلَى مُخَالَفَةِ الطَّرِيقِ الْمُوَاظَبَةُ عَلَى طَرِيقٍ مِنْهَا مُعَيَّنٍ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ مِنْ طَرِيقِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبِ مُرْسَلًا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْدُو يَوْمَ الْعِيدِ إِلَى الْمُصَلَّى مِنَ الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ وَيَرْجِعُ مِنَ الطَّرِيقِ الْأُخْرَى وَهَذَا لَوْ ثَبَتَ لقوى بحث بن التِّينِ وَقِيلَ فَعَلَ ذَلِكَ لِيَعُمَّهُمْ فِي السُّرُورِ بِهِ أَوِ التَّبَرُّكِ بِمُرُورِهِ وَبِرُؤْيَتِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ فِي الِاسْتِفْتَاءِ أَوِ التَّعَلُّمِ وَالِاقْتِدَاءِ وَالِاسْتِرْشَادِ أَوِ الصَّدَقَةِ أَوِ السَّلَامِ عَلَيْهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقِيلَ لِيَزُورَ أَقَارِبَهُ الْأَحْيَاءَ وَالْأَمْوَاتَ وَقِيلَ لِيَصِلْ رَحِمَهُ وَقِيلَ لِيَتَفَاءَلَ بِتَغَيُّرِ الْحَالِ إِلَى الْمَغْفِرَةِ وَالرِّضَا وَقِيلَ كَانَ فِي ذَهَابِهِ يَتَصَدَّقُ فَإِذَا رَجَعَ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ شَيْءٌ فَيَرْجِعُ فِي طَرِيقٍ أُخْرَى لِئَلَّا يَرُدَّ مَنْ يَسْأَلهُ وَهَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا مَعَ احْتِيَاجِهِ إِلَى الدَّلِيلِ وَقِيلَ فَعَلَ ذَلِكَ لِتَخْفِيفِ الزِّحَامِ وَهَذَا رَجَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَيَّدَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ بِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي حَدِيث بن عُمَرَ فَقَالَ فِيهِ لِيَسَعَ النَّاسَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ وَبِأَنَّ قَوْلَهُ لِيَسَعَ النَّاسَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُفَسر ببركته وفضله وَهَذَا الَّذِي رَجحه بن التِّينِ وَقِيلَ كَانَ طَرِيقُهُ الَّتِي يَتَوَجَّهُ مِنْهَا أَبْعَدَ مِنَ الَّتِي فِيهَا فَأَرَادَ تَكْثِيرَ الْأَجْرِ بِتَكْثِيرِ الْخَطَأِ فِي الذَّهَابِ.

.
وَأَمَّا فِي الرُّجُوعِ فَلْيُسْرِعْ إِلَى مَنْزِلِهِ وَهَذَا اخْتِيَارُ الرَّافِعِيِّ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَبِأَنَّ أَجْرَ الْخُطَا يُكْتَبُ فِي الرُّجُوعِ أَيْضًا كَمَا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ فَلَوْ عُكِسَ مَا قَالَ لَكَانَ لَهُ اتِّجَاهٌ وَيَكُونُ سُلُوكُ الطَّرِيقِ الْقَرِيبِ لِلْمُبَادَرَةِ إِلَى فِعْلِ الطَّاعَةِ وَإِدْرَاكِ فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَقِيلَ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقِفُ فِي الطُّرُقَاتِ فَأَرَادَ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ فريقان مِنْهُم.

     وَقَالَ  بن أَبِي جَمْرَةَ هُوَ فِي مَعْنَى قَوْلِ يَعْقُوبَ لِبَنِيهِ لَا تدْخلُوا من بَاب وَاحِد فَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ حَذَرَ إِصَابَةِ الْعَيْنِ وَأَشَارَ صَاحِبُ الْهُدَى إِلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمُحْتَمَلَةِ الْقَرِيبَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ فُلَيْحٍ وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ كَذَا عِنْد جُمْهُور رُوَاة البُخَارِيّ من طَرِيقِ الْفَرَبْرِيِّ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَصَحُّ يُبَايِنُ قَوْلَهُ تَابَعَهُ إِذْ لَوْ تَابَعَهُ لَسَاوَاهُ فَكَيْفَ تَتَّجِهُ الْأَصَحِّيَّةُ الدَّالَّةُ عَلَى عَدَمِ الْمُسَاوَاةِ وَذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ أَنَّهُ سَقَطَ .

     قَوْلُهُ  وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَعْقِلٍ النَّسَفِيِّ عَنِ الْبُخَارِيِّ فَلَا إِشْكَالَ فِيهَا قَالَ وَوَقع فِي رِوَايَة بن السَّكَنِ تَابَعَهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ فُلَيْحٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي هَذَا تَوْجِيهُ قَوْلِهِ أَصَحُّ وَيَبْقَى الْإِشْكَالُ فِي قَوْلِهِ تَابَعَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يُتَابِعْهُ بَلْ خَالَفَهُ وَقَدْ أَزَالَ هَذَا الْإِشْكَالَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ فَقَالَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي تُمَيْلَةَ.

     وَقَالَ  تَابَعَهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ فُلَيْحٍ.

     وَقَالَ  مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ عَنْ فُلَيْحٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ وَبِهَذَا جَزَمَ أَبُو مَسْعُودٍ فِي الْأَطْرَافِ وَكَذَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْبَرْقَانِيُّ.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيُّإِنَّهُ وَقَعَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَكَأَنَّهَا رِوَايَةُ حَمَّادِ بْنِ شَاكِرٍ عَنِ الْبُخَارِيِّ ثُمَّ رَاجَعْتْ رِوَايَةُ النَّسَفِيِّ فَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ فَسَلِمَ مِنَ الْإِشْكَالِ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ التِّرْمِذِيِّ رَوَاهُ أَبُو تُمَيْلَةَ وَيُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ فُلَيْحٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ جَابِرٍ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ سَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ الْفَرَبْرِيِّ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ عَنْ فُلَيْحٍ فَقَطْ وَبَقِيَ مَا عَدَا ذَلِكَ هَذَا عَلَى رِوَايَةِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ وَقَدْ وَقَعَ كَذَلِكَ فِي نُسْخَتِي مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنْ مَشَايِخِهِ.

.
وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْبَاقِينَ فَيَكُونُ سَقَطَ إِسْنَادُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ كُلُّهُ.

     وَقَالَ  أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِيُّ فِي حَاشِيَةِ نُسْخَتِهِ الَّتِي بِخَطِّهِ مِنَ الْبُخَارِيِّ لَا يَظْهَرُ مَعْنَاهُ مِنْ ظَاهر الْكتاب وَإِنَّمَا هِيَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ أَبَا تُمَيْلَةَ وَيُونُسَ الْمُتَابِعَ لَهُ خُولِفَا فِي سَنَدِ الْحَدِيثِ وَرِوَايَتُهُمَا أَصَحُّ وَمُخَالِفُهُمَا وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ رَوَاهُ عَن فليح شيخهما فخالفهما فِي صحابيه فَقَالَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

.

قُلْتُ فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ أَيْ مِنْ حَدِيثِ مَنْ قَالَ فِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدِ اعْتَرَضَ أَبُو مَسْعُودٍ فِي الْأَطْرَافِ عَلَى قَوْلِهِ تَابَعَهُ يُونُسُ اعْتِرَاضًا آخَرَ فَقَالَ إِنَّمَا رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ فُلَيْحٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا جَابِرٍ وَأُجِيبَ بِمَنْعِ الْحَصْرِ فَإِنَّهُ ثَابِتٌ عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ كَمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجَيْهِمَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ يُونُسَ وَكَذَا هُوَ فِي مُسْنده ومصنفه نعم رَوَاهُ بن خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ كَمَا قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ وَكَأَنَّهُ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ وَكَذَا اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى أَبِي تُمَيْلَةَ فَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ فَقَالَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

.
وَأَمَّا رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ الْمُشَارُ إِلَيْهَا فَوَصَلَهَا الدَّارمِيّ وسمويه كِلَاهُمَا عَنهُ وَالتِّرْمِذِيّ وبن السَّكَنِ وَالْعُقَيْلِيُّ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِهِ بِلَفْظِ كَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ فِي طَرِيقٍ رَجَعَ فِي غَيْرِهِ وَذَكَرَ أَبُو مَسْعُودٍ أَنَّ الْهَيْثَمَ بْنَ جَمِيلٍ رَوَاهُ عَنْ فُلَيْحٍ كَمَا قَالَ بن الصَّلْتِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالَّذِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ مِنْ فُلَيْحٍ فَلَعَلَّ شَيْخَهُ سَمِعَهُ مِنْ جَابِرٍ وَمِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَيُقَوِّي ذَلِكَ اخْتِلَافُ اللَّفْظَيْنِ وَقَدْ رَجَّحَ الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ عَنْ جَابِرٍ وَخَالَفَهُ أَبُو مَسْعُودٍ وَالْبَيْهَقِيُّ فَرَجَّحَا أَنَّهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَظْهَرْ لي فِي ذَلِك تَرْجِيح وَالله أعلم ( قَولُهُ بَابُ إِذَا فَاتَهُ الْعِيدُ) أَيْ مَعَ الْإِمَامِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ حُكْمَانِ مَشْرُوعِيَّةُ اسْتِدْرَاكِ صَلَاةِوَبِالتَّعْمِيمِ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنْ عُلِمَ الْمَعْنَى وَبَقِيَتِ الْعِلَّةُ بَقِيَ الْحُكْمُ وَإِلَّا انْتَفَى بِانْتِفَائِهَا وَإِنْ لَمْ يُعْلَمِ الْمَعْنَى بَقِيَ الِاقْتِدَاءُ.

     وَقَالَ  الْأَكْثَرُ يَبْقَى الْحُكْمُ وَلَوِ انْتَفَتِ الْعِلَّةُ لِلِاقْتِدَاءِ كَمَا فِي الرَّمْلِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى أَقْوَالٍ كَثِيرَةٍ اجْتَمَعَ لِي مِنْهَا أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ وَقَدْ لَخَّصْتُهَا وَبَيَّنْتُ الْوَاهِيَ مِنْهَا قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَالِكِيُّ ذُكِرَ فِي ذَلِكَ فَوَائِدُ بَعْضُهَا قَرِيبٌ وَأَكْثَرُهَا دَعَاوَى فَارِغَةٌ انْتَهَى فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِيَشْهَدَ لَهُ الطَّرِيقَانِ وَقِيلَ سُكَّانُهُمَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَقِيلَ لِيُسَوَّى بَيْنِهِمَا فِي مَزِيَّةِ الْفَضْلِ بِمُرُورِهِ أَوْ فِي التَّبَرُّكِ بِهِ أَوْ لِيَشُمَّ رَائِحَةَ الْمِسْكِ مِنَ الطَّرِيقِ الَّتِي يَمُرُّ بِهَا لِأَنَّهُ كَانَ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ وَقِيلَ لِأَنَّ طَرِيقَهُ لِلْمُصَلَّى كَانَتْ عَلَى الْيَمِينِ فَلَوْ رَجَعَ مِنْهَا لَرَجَعَ عَلَى جِهَةِ الشِّمَالِ فَرَجَعَ مِنْ غَيْرِهَا وَهَذَا يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَقِيلَ لِإِظْهَارِ شِعَارِ الْإِسْلَامِ فِيهِمَا وَقِيلَ لِإِظْهَارِ ذِكْرِ اللَّهِ وَقِيلَ لِيَغِيظَ الْمُنَافِقِينَ أَوِ الْيَهُودَ وَقِيلَ لِيُرْهِبَهُمْ بِكَثْرَةِ مَنْ مَعَهُ وَرجحه بن بَطَّالٍ وَقِيلَ حَذَرًا مِنْ كَيْدِ الطَّائِفَتَيْنِ أَوْ إِحْدَاهُمَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لم يكرره قَالَه بن التِّينِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مُوَاظَبَتِهِ عَلَى مُخَالَفَةِ الطَّرِيقِ الْمُوَاظَبَةُ عَلَى طَرِيقٍ مِنْهَا مُعَيَّنٍ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ مِنْ طَرِيقِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبِ مُرْسَلًا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْدُو يَوْمَ الْعِيدِ إِلَى الْمُصَلَّى مِنَ الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ وَيَرْجِعُ مِنَ الطَّرِيقِ الْأُخْرَى وَهَذَا لَوْ ثَبَتَ لقوى بحث بن التِّينِ وَقِيلَ فَعَلَ ذَلِكَ لِيَعُمَّهُمْ فِي السُّرُورِ بِهِ أَوِ التَّبَرُّكِ بِمُرُورِهِ وَبِرُؤْيَتِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ فِي الِاسْتِفْتَاءِ أَوِ التَّعَلُّمِ وَالِاقْتِدَاءِ وَالِاسْتِرْشَادِ أَوِ الصَّدَقَةِ أَوِ السَّلَامِ عَلَيْهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقِيلَ لِيَزُورَ أَقَارِبَهُ الْأَحْيَاءَ وَالْأَمْوَاتَ وَقِيلَ لِيَصِلْ رَحِمَهُ وَقِيلَ لِيَتَفَاءَلَ بِتَغَيُّرِ الْحَالِ إِلَى الْمَغْفِرَةِ وَالرِّضَا وَقِيلَ كَانَ فِي ذَهَابِهِ يَتَصَدَّقُ فَإِذَا رَجَعَ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ شَيْءٌ فَيَرْجِعُ فِي طَرِيقٍ أُخْرَى لِئَلَّا يَرُدَّ مَنْ يَسْأَلهُ وَهَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا مَعَ احْتِيَاجِهِ إِلَى الدَّلِيلِ وَقِيلَ فَعَلَ ذَلِكَ لِتَخْفِيفِ الزِّحَامِ وَهَذَا رَجَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَيَّدَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ بِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي حَدِيث بن عُمَرَ فَقَالَ فِيهِ لِيَسَعَ النَّاسَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ وَبِأَنَّ قَوْلَهُ لِيَسَعَ النَّاسَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُفَسر ببركته وفضله وَهَذَا الَّذِي رَجحه بن التِّينِ وَقِيلَ كَانَ طَرِيقُهُ الَّتِي يَتَوَجَّهُ مِنْهَا أَبْعَدَ مِنَ الَّتِي فِيهَا فَأَرَادَ تَكْثِيرَ الْأَجْرِ بِتَكْثِيرِ الْخَطَأِ فِي الذَّهَابِ.

.
وَأَمَّا فِي الرُّجُوعِ فَلْيُسْرِعْ إِلَى مَنْزِلِهِ وَهَذَا اخْتِيَارُ الرَّافِعِيِّ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَبِأَنَّ أَجْرَ الْخُطَا يُكْتَبُ فِي الرُّجُوعِ أَيْضًا كَمَا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ فَلَوْ عُكِسَ مَا قَالَ لَكَانَ لَهُ اتِّجَاهٌ وَيَكُونُ سُلُوكُ الطَّرِيقِ الْقَرِيبِ لِلْمُبَادَرَةِ إِلَى فِعْلِ الطَّاعَةِ وَإِدْرَاكِ فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَقِيلَ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقِفُ فِي الطُّرُقَاتِ فَأَرَادَ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ فريقان مِنْهُم.

     وَقَالَ  بن أَبِي جَمْرَةَ هُوَ فِي مَعْنَى قَوْلِ يَعْقُوبَ لِبَنِيهِ لَا تدْخلُوا من بَاب وَاحِد فَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ حَذَرَ إِصَابَةِ الْعَيْنِ وَأَشَارَ صَاحِبُ الْهُدَى إِلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمُحْتَمَلَةِ الْقَرِيبَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ فُلَيْحٍ وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ كَذَا عِنْد جُمْهُور رُوَاة البُخَارِيّ من طَرِيقِ الْفَرَبْرِيِّ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَصَحُّ يُبَايِنُ قَوْلَهُ تَابَعَهُ إِذْ لَوْ تَابَعَهُ لَسَاوَاهُ فَكَيْفَ تَتَّجِهُ الْأَصَحِّيَّةُ الدَّالَّةُ عَلَى عَدَمِ الْمُسَاوَاةِ وَذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ أَنَّهُ سَقَطَ .

     قَوْلُهُ  وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَعْقِلٍ النَّسَفِيِّ عَنِ الْبُخَارِيِّ فَلَا إِشْكَالَ فِيهَا قَالَ وَوَقع فِي رِوَايَة بن السَّكَنِ تَابَعَهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ فُلَيْحٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي هَذَا تَوْجِيهُ قَوْلِهِ أَصَحُّ وَيَبْقَى الْإِشْكَالُ فِي قَوْلِهِ تَابَعَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يُتَابِعْهُ بَلْ خَالَفَهُ وَقَدْ أَزَالَ هَذَا الْإِشْكَالَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ فَقَالَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي تُمَيْلَةَ.

     وَقَالَ  تَابَعَهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ فُلَيْحٍ.

     وَقَالَ  مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ عَنْ فُلَيْحٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ وَبِهَذَا جَزَمَ أَبُو مَسْعُودٍ فِي الْأَطْرَافِ وَكَذَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْبَرْقَانِيُّ.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيُّإِنَّهُ وَقَعَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَكَأَنَّهَا رِوَايَةُ حَمَّادِ بْنِ شَاكِرٍ عَنِ الْبُخَارِيِّ ثُمَّ رَاجَعْتْ رِوَايَةُ النَّسَفِيِّ فَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ فَسَلِمَ مِنَ الْإِشْكَالِ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ التِّرْمِذِيِّ رَوَاهُ أَبُو تُمَيْلَةَ وَيُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ فُلَيْحٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ جَابِرٍ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ سَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ الْفَرَبْرِيِّ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ عَنْ فُلَيْحٍ فَقَطْ وَبَقِيَ مَا عَدَا ذَلِكَ هَذَا عَلَى رِوَايَةِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ وَقَدْ وَقَعَ كَذَلِكَ فِي نُسْخَتِي مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنْ مَشَايِخِهِ.

.
وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْبَاقِينَ فَيَكُونُ سَقَطَ إِسْنَادُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ كُلُّهُ.

     وَقَالَ  أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِيُّ فِي حَاشِيَةِ نُسْخَتِهِ الَّتِي بِخَطِّهِ مِنَ الْبُخَارِيِّ لَا يَظْهَرُ مَعْنَاهُ مِنْ ظَاهر الْكتاب وَإِنَّمَا هِيَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ أَبَا تُمَيْلَةَ وَيُونُسَ الْمُتَابِعَ لَهُ خُولِفَا فِي سَنَدِ الْحَدِيثِ وَرِوَايَتُهُمَا أَصَحُّ وَمُخَالِفُهُمَا وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ رَوَاهُ عَن فليح شيخهما فخالفهما فِي صحابيه فَقَالَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

.

قُلْتُ فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ أَيْ مِنْ حَدِيثِ مَنْ قَالَ فِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدِ اعْتَرَضَ أَبُو مَسْعُودٍ فِي الْأَطْرَافِ عَلَى قَوْلِهِ تَابَعَهُ يُونُسُ اعْتِرَاضًا آخَرَ فَقَالَ إِنَّمَا رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ فُلَيْحٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا جَابِرٍ وَأُجِيبَ بِمَنْعِ الْحَصْرِ فَإِنَّهُ ثَابِتٌ عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ كَمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجَيْهِمَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ يُونُسَ وَكَذَا هُوَ فِي مُسْنده ومصنفه نعم رَوَاهُ بن خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ كَمَا قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ وَكَأَنَّهُ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ وَكَذَا اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى أَبِي تُمَيْلَةَ فَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ فَقَالَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

.
وَأَمَّا رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ الْمُشَارُ إِلَيْهَا فَوَصَلَهَا الدَّارمِيّ وسمويه كِلَاهُمَا عَنهُ وَالتِّرْمِذِيّ وبن السَّكَنِ وَالْعُقَيْلِيُّ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِهِ بِلَفْظِ كَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ فِي طَرِيقٍ رَجَعَ فِي غَيْرِهِ وَذَكَرَ أَبُو مَسْعُودٍ أَنَّ الْهَيْثَمَ بْنَ جَمِيلٍ رَوَاهُ عَنْ فُلَيْحٍ كَمَا قَالَ بن الصَّلْتِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالَّذِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ مِنْ فُلَيْحٍ فَلَعَلَّ شَيْخَهُ سَمِعَهُ مِنْ جَابِرٍ وَمِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَيُقَوِّي ذَلِكَ اخْتِلَافُ اللَّفْظَيْنِ وَقَدْ رَجَّحَ الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ عَنْ جَابِرٍ وَخَالَفَهُ أَبُو مَسْعُودٍ وَالْبَيْهَقِيُّ فَرَجَّحَا أَنَّهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَظْهَرْ لي فِي ذَلِك تَرْجِيح وَالله أعلم ( قَولُهُ بَابُ إِذَا فَاتَهُ الْعِيدُ) أَيْ مَعَ الْإِمَامِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ حُكْمَانِ مَشْرُوعِيَّةُ اسْتِدْرَاكِ صَلَاةِثَلَاثَةٍ مَذَاهِبَ حَكَاهَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جرير الطبرى وآخرون وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي غَيْرِ عَطِيَّةِ السُّلْطَانِ.

.
وَأَمَّا عَطِيَّةُ السُّلْطَانِ فَحَرَّمَهَا قَوْمٌ وَأَبَاحَهَا قَوْمٌ وَكَرِهَهَا قَوْمٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إِنْ غَلَبَ الْحَرَامُ فِيمَا فِي يَدِ السُّلْطَانِ حَرُمَتْ وَكَذَا إِنْ أَعْطَى مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ وَإِنْ لَمْ يَغْلِبِ الْحَرَامُ فَمُبَاحٌ إِنْ لم يكن في القابض مانع يمنعه من اسْتِحْقَاقَ الْأَخْذِ .

     .

     وَقَالَتْ  
طَائِفَةٌ الْأَخْذُ وَاجِبٌ مِنَ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ هُوَ مَنْدُوبٌ فِي عَطِيَّةِ السُّلْطَانِ دُونَ غَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( وحدثنى أبو الطاهر أخبرنا بن وهب قال عمرو وحدثنى بن شِهَابٍ بِمِثْلِ ذَلِكَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) هَكَذَا وَقَعَ هَذَا الْحَدِيثُ وَقَولُهُ قَالَ عَمْرٌو مَعْنَاهُ قَالَ قَالَ عَمْرٌو فَحَذَفَ كِتَابَةَ قَالَ وَلَا بُدَّ لِلْقَارِئِ مِنَ النُّطْقِ بِقَالَ مَرَّتَيْنِ وَإِنَّمَا حَذَفُوا إِحْدَاهُمَا فِي الْكِتَابِ اخْتِصَارًا.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  قَالَ عَمْرٌو وَحَدَّثَنِي فَهَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ وَحَدَّثَنِي بِالْوَاوِ وَهُوَ صَحِيحٌ مَلِيحٌ وَمَعْنَاهُ أَنَّ عَمْرًا حدث عن بن شِهَابٍ بِأَحَادِيثَ عُطِفَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فَسَمِعَهَا بن وهب كذلك فلما أراد بن وَهْبٍ رِوَايَةَ غَيْرِ الْأَوَّلِ أَتَى بِالْوَاوِ الْعَاطِفَةِ لِأَنَّهُ سَمِعَ غَيْرَ الْأَوَّلِ مِنْ عَمْرٍو مَعْطُوفًا بِالْوَاوِ فَأَتَى بِهِ كَمَا سَمِعَهُ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِمَّا اسْتُدْرِكَ عَلَى مُسْلِمٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ بَيْنَ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ رَجُلٌ وَهُوَ حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى قَالَ النَّسَائِيُّ لَمْ يَسْمَعْهُ السائب من بن السَّعْدِيِّ بَلْ إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ حُوَيْطِبٍ عَنْهُ قَالَ غَيْرُهُ هُوَ مَحْفُوظٌ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ رَوَاهُ أَصْحَابُ شُعَيْبٍ وَالزُّبَيْدِيِّ وَغَيْرِهِمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ حُوَيْطِبًا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ السَّعْدِيِّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرًا أَخْبَرَهُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يونس بن عبد الأعلى عن بن وَهْبٍ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي.

.

قُلْتُ وَقَدْ رَوَاهُ النسائي في سننه كما ذكر عن بن عُيْيَنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ عَنْ حُوَيْطِبٍ عن بن السَّعْدِيِّ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَرُوِّينَاهُ عَنِ الْحَافِظِ عَبْدِ الْقَادِرِ الرُّهَاوِيِّ فِي كِتَابِهِ الرَّبَاعِيَاتِ قَالَ وَقَدْ رَوَاهُ هَكَذَا عَنِ الزُّهْرِيِّ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَالزُّبَيْدِيُّ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ الْحِمْصِيَّانِ وَعُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الْأَيْلِيَّانِ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ الْمِصْرِيُّ وَالْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحِمْصِيُّ ثُمَّذَكَرَ طُرُقَهُمْ بِأَسَانِيدِهَا مُطَوَّلَةً مُطْرَقَةً كُلُّهُمْ عَنِ الزهري عن السائب عن حويطب عن بن السَّعْدِيِّ عَنْ عُمَرَ وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ قَالَ عَبْدُ الْقَادِرِ وَرَوَاهُ النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَأَسْقَطَ حُوَيْطِبًا وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِيهِ فَرَوَاهُ عَنْهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَمُوسَى بْنُ أَعْيَنَ كما رواه الجماعة عن الزهري ورواه بن الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ فَأَسْقَطَ حُوَيْطِبًا كَمَا رَوَاهُ النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرزاق عن معمر فأسقط حويطبا وبن السَّعْدِيِّ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْقَادِرِ طُرُقَهُمْ كَذَلِكَ قَالَ فَهَذَا مَا انْتَهَى مِنْ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ وَالصَّحِيحُ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ يَعْنِي عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ عَنْ حويطب عن بن السَّعْدِيِّ عَنْ عُمَرَ وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ أَرْبَعَةٌ صَحَابِيُّونَ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَهُمْ عُمَرُ وبن السَّعْدِيِّ وَحُوَيْطِبٌ وَالسَّائِبُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَدْ جَاءَتْ جُمْلَةٌ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِيهَا أَرْبَعَةٌ صَحَابِيُّونَ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَأَرْبَعَةٌ تَابِعِيُّونَ بَعْضُهُمْ عَنْ بعض وأما بن السَّعْدِيِّ فَهُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وقدان بن عبد شمس بن عبدود بْنِ نَضْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حَنْبَلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ قَالُوا وَاسْمُ وقدان عمرو ويقال عمرو بن وقدان وقال مُصْعَبٌ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ وقدان ويقال له بن السَّعْدِيِّ لِأَنَّ أَبَاهُ اسْتُرْضِعَ فِي بَنِي سَعْدِ بن بكر بن هوازن صحب بن السَّعْدِيِّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِيمًا.

     وَقَالَ  وَفَدْتُ فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَكَنَ الشَّامَ رَوَى عَنْهُ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَاتٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ.

.
وَأَمَّا حُوَيْطِبٌ فَهُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَبُو مُحَمَّدٍ وَيُقَالُ أَبُو الْأُصْبُعِ حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ أَبِي قَيْسِ بْنِ عبدود بْنِ نَضْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حَنْبَلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيِّ الْقُرَشِيُّ الْعَامِرِيُّ أَسْلَمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَلَا تُحْفَظُ لَهُ رِوَايَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا شَيْءٌ ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ وَقَعَ فِي مُسْلِمٍ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ قَالَ عن بن السَّاعِدِيِّ الْمَالِكِيِّ فَ.

     قَوْلُهُ  الْمَالِكِيُّ صَحِيحٌ مَنْسُوبٌ إِلَى مالك بنحَنْبَلِ بْنِ عَامِرٍ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  السَّاعِدِيُّ فَأَنْكَرُوهُ قَالُوا وَصَوَابُهُ السَّعْدِيُّ كَمَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ مَنْسُوبٌ إِلَى بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ كَمَا سَبَقَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( أَمَرَ لِي بِعُمَالَةٍ) هِيَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَهِيَ الْمَالُ الَّذِي يُعْطَاهُ الْعَامِلُ عَلَى عَمَلِهِ .

     قَوْلُهُ  ( عَمِلْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَمَّلَنِي) هُوَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ أَعْطَانِي أُجْرَةَ عَمَلِي وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ أَخْذِ الْعِوَضِ عَلَى أَعْمَالِ الْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ كَانَتْ لِدَيْنٍ أَوْ لِدُنْيَا كَالْقَضَاءِ وَالْحِسْبَةِ وَغَيْرِهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُثَلَاثَةٍ مَذَاهِبَ حَكَاهَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جرير الطبرى وآخرون وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي غَيْرِ عَطِيَّةِ السُّلْطَانِ.

.
وَأَمَّا عَطِيَّةُ السُّلْطَانِ فَحَرَّمَهَا قَوْمٌ وَأَبَاحَهَا قَوْمٌ وَكَرِهَهَا قَوْمٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إِنْ غَلَبَ الْحَرَامُ فِيمَا فِي يَدِ السُّلْطَانِ حَرُمَتْ وَكَذَا إِنْ أَعْطَى مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ وَإِنْ لَمْ يَغْلِبِ الْحَرَامُ فَمُبَاحٌ إِنْ لم يكن في القابض مانع يمنعه من اسْتِحْقَاقَ الْأَخْذِ .

     .

     وَقَالَتْ  
طَائِفَةٌ الْأَخْذُ وَاجِبٌ مِنَ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ هُوَ مَنْدُوبٌ فِي عَطِيَّةِ السُّلْطَانِ دُونَ غَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( وحدثنى أبو الطاهر أخبرنا بن وهب قال عمرو وحدثنى بن شِهَابٍ بِمِثْلِ ذَلِكَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) هَكَذَا وَقَعَ هَذَا الْحَدِيثُ وَقَولُهُ قَالَ عَمْرٌو مَعْنَاهُ قَالَ قَالَ عَمْرٌو فَحَذَفَ كِتَابَةَ قَالَ وَلَا بُدَّ لِلْقَارِئِ مِنَ النُّطْقِ بِقَالَ مَرَّتَيْنِ وَإِنَّمَا حَذَفُوا إِحْدَاهُمَا فِي الْكِتَابِ اخْتِصَارًا.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  قَالَ عَمْرٌو وَحَدَّثَنِي فَهَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ وَحَدَّثَنِي بِالْوَاوِ وَهُوَ صَحِيحٌ مَلِيحٌ وَمَعْنَاهُ أَنَّ عَمْرًا حدث عن بن شِهَابٍ بِأَحَادِيثَ عُطِفَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فَسَمِعَهَا بن وهب كذلك فلما أراد بن وَهْبٍ رِوَايَةَ غَيْرِ الْأَوَّلِ أَتَى بِالْوَاوِ الْعَاطِفَةِ لِأَنَّهُ سَمِعَ غَيْرَ الْأَوَّلِ مِنْ عَمْرٍو مَعْطُوفًا بِالْوَاوِ فَأَتَى بِهِ كَمَا سَمِعَهُ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِمَّا اسْتُدْرِكَ عَلَى مُسْلِمٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ بَيْنَ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ رَجُلٌ وَهُوَ حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى قَالَ النَّسَائِيُّ لَمْ يَسْمَعْهُ السائب من بن السَّعْدِيِّ بَلْ إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ حُوَيْطِبٍ عَنْهُ قَالَ غَيْرُهُ هُوَ مَحْفُوظٌ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ رَوَاهُ أَصْحَابُ شُعَيْبٍ وَالزُّبَيْدِيِّ وَغَيْرِهِمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ حُوَيْطِبًا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ السَّعْدِيِّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرًا أَخْبَرَهُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يونس بن عبد الأعلى عن بن وَهْبٍ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي.

.

قُلْتُ وَقَدْ رَوَاهُ النسائي في سننه كما ذكر عن بن عُيْيَنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ عَنْ حُوَيْطِبٍ عن بن السَّعْدِيِّ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَرُوِّينَاهُ عَنِ الْحَافِظِ عَبْدِ الْقَادِرِ الرُّهَاوِيِّ فِي كِتَابِهِ الرَّبَاعِيَاتِ قَالَ وَقَدْ رَوَاهُ هَكَذَا عَنِ الزُّهْرِيِّ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَالزُّبَيْدِيُّ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ الْحِمْصِيَّانِ وَعُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الْأَيْلِيَّانِ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ الْمِصْرِيُّ وَالْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحِمْصِيُّ ثُمَّذَكَرَ طُرُقَهُمْ بِأَسَانِيدِهَا مُطَوَّلَةً مُطْرَقَةً كُلُّهُمْ عَنِ الزهري عن السائب عن حويطب عن بن السَّعْدِيِّ عَنْ عُمَرَ وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ قَالَ عَبْدُ الْقَادِرِ وَرَوَاهُ النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَأَسْقَطَ حُوَيْطِبًا وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِيهِ فَرَوَاهُ عَنْهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَمُوسَى بْنُ أَعْيَنَ كما رواه الجماعة عن الزهري ورواه بن الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ فَأَسْقَطَ حُوَيْطِبًا كَمَا رَوَاهُ النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرزاق عن معمر فأسقط حويطبا وبن السَّعْدِيِّ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْقَادِرِ طُرُقَهُمْ كَذَلِكَ قَالَ فَهَذَا مَا انْتَهَى مِنْ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ وَالصَّحِيحُ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ يَعْنِي عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ عَنْ حويطب عن بن السَّعْدِيِّ عَنْ عُمَرَ وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ أَرْبَعَةٌ صَحَابِيُّونَ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَهُمْ عُمَرُ وبن السَّعْدِيِّ وَحُوَيْطِبٌ وَالسَّائِبُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَدْ جَاءَتْ جُمْلَةٌ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِيهَا أَرْبَعَةٌ صَحَابِيُّونَ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَأَرْبَعَةٌ تَابِعِيُّونَ بَعْضُهُمْ عَنْ بعض وأما بن السَّعْدِيِّ فَهُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وقدان بن عبد شمس بن عبدود بْنِ نَضْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حَنْبَلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ قَالُوا وَاسْمُ وقدان عمرو ويقال عمرو بن وقدان وقال مُصْعَبٌ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ وقدان ويقال له بن السَّعْدِيِّ لِأَنَّ أَبَاهُ اسْتُرْضِعَ فِي بَنِي سَعْدِ بن بكر بن هوازن صحب بن السَّعْدِيِّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِيمًا.

     وَقَالَ  وَفَدْتُ فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَكَنَ الشَّامَ رَوَى عَنْهُ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَاتٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ.

.
وَأَمَّا حُوَيْطِبٌ فَهُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَبُو مُحَمَّدٍ وَيُقَالُ أَبُو الْأُصْبُعِ حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ أَبِي قَيْسِ بْنِ عبدود بْنِ نَضْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حَنْبَلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيِّ الْقُرَشِيُّ الْعَامِرِيُّ أَسْلَمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَلَا تُحْفَظُ لَهُ رِوَايَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا شَيْءٌ ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ وَقَعَ فِي مُسْلِمٍ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ قَالَ عن بن السَّاعِدِيِّ الْمَالِكِيِّ فَ.

     قَوْلُهُ  الْمَالِكِيُّ صَحِيحٌ مَنْسُوبٌ إِلَى مالك بنحَنْبَلِ بْنِ عَامِرٍ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  السَّاعِدِيُّ فَأَنْكَرُوهُ قَالُوا وَصَوَابُهُ السَّعْدِيُّ كَمَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ مَنْسُوبٌ إِلَى بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ كَمَا سَبَقَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( أَمَرَ لِي بِعُمَالَةٍ) هِيَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَهِيَ الْمَالُ الَّذِي يُعْطَاهُ الْعَامِلُ عَلَى عَمَلِهِ .

     قَوْلُهُ  ( عَمِلْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَمَّلَنِي) هُوَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ أَعْطَانِي أُجْرَةَ عَمَلِي وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ أَخْذِ الْعِوَضِ عَلَى أَعْمَالِ الْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ كَانَتْ لِدَيْنٍ أَوْ لِدُنْيَا كَالْقَضَاءِ وَالْحِسْبَةِ وَغَيْرِهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُثَلَاثَةٍ مَذَاهِبَ حَكَاهَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جرير الطبرى وآخرون وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي غَيْرِ عَطِيَّةِ السُّلْطَانِ.

.
وَأَمَّا عَطِيَّةُ السُّلْطَانِ فَحَرَّمَهَا قَوْمٌ وَأَبَاحَهَا قَوْمٌ وَكَرِهَهَا قَوْمٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إِنْ غَلَبَ الْحَرَامُ فِيمَا فِي يَدِ السُّلْطَانِ حَرُمَتْ وَكَذَا إِنْ أَعْطَى مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ وَإِنْ لَمْ يَغْلِبِ الْحَرَامُ فَمُبَاحٌ إِنْ لم يكن في القابض مانع يمنعه من اسْتِحْقَاقَ الْأَخْذِ .

     .

     وَقَالَتْ  
طَائِفَةٌ الْأَخْذُ وَاجِبٌ مِنَ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ هُوَ مَنْدُوبٌ فِي عَطِيَّةِ السُّلْطَانِ دُونَ غَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( وحدثنى أبو الطاهر أخبرنا بن وهب قال عمرو وحدثنى بن شِهَابٍ بِمِثْلِ ذَلِكَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) هَكَذَا وَقَعَ هَذَا الْحَدِيثُ وَقَولُهُ قَالَ عَمْرٌو مَعْنَاهُ قَالَ قَالَ عَمْرٌو فَحَذَفَ كِتَابَةَ قَالَ وَلَا بُدَّ لِلْقَارِئِ مِنَ النُّطْقِ بِقَالَ مَرَّتَيْنِ وَإِنَّمَا حَذَفُوا إِحْدَاهُمَا فِي الْكِتَابِ اخْتِصَارًا.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  قَالَ عَمْرٌو وَحَدَّثَنِي فَهَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ وَحَدَّثَنِي بِالْوَاوِ وَهُوَ صَحِيحٌ مَلِيحٌ وَمَعْنَاهُ أَنَّ عَمْرًا حدث عن بن شِهَابٍ بِأَحَادِيثَ عُطِفَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فَسَمِعَهَا بن وهب كذلك فلما أراد بن وَهْبٍ رِوَايَةَ غَيْرِ الْأَوَّلِ أَتَى بِالْوَاوِ الْعَاطِفَةِ لِأَنَّهُ سَمِعَ غَيْرَ الْأَوَّلِ مِنْ عَمْرٍو مَعْطُوفًا بِالْوَاوِ فَأَتَى بِهِ كَمَا سَمِعَهُ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِمَّا اسْتُدْرِكَ عَلَى مُسْلِمٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ بَيْنَ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ رَجُلٌ وَهُوَ حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى قَالَ النَّسَائِيُّ لَمْ يَسْمَعْهُ السائب من بن السَّعْدِيِّ بَلْ إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ حُوَيْطِبٍ عَنْهُ قَالَ غَيْرُهُ هُوَ مَحْفُوظٌ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ رَوَاهُ أَصْحَابُ شُعَيْبٍ وَالزُّبَيْدِيِّ وَغَيْرِهِمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ حُوَيْطِبًا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ السَّعْدِيِّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرًا أَخْبَرَهُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يونس بن عبد الأعلى عن بن وَهْبٍ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي.

.

قُلْتُ وَقَدْ رَوَاهُ النسائي في سننه كما ذكر عن بن عُيْيَنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ عَنْ حُوَيْطِبٍ عن بن السَّعْدِيِّ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَرُوِّينَاهُ عَنِ الْحَافِظِ عَبْدِ الْقَادِرِ الرُّهَاوِيِّ فِي كِتَابِهِ الرَّبَاعِيَاتِ قَالَ وَقَدْ رَوَاهُ هَكَذَا عَنِ الزُّهْرِيِّ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَالزُّبَيْدِيُّ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ الْحِمْصِيَّانِ وَعُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الْأَيْلِيَّانِ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ الْمِصْرِيُّ وَالْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحِمْصِيُّ ثُمَّذَكَرَ طُرُقَهُمْ بِأَسَانِيدِهَا مُطَوَّلَةً مُطْرَقَةً كُلُّهُمْ عَنِ الزهري عن السائب عن حويطب عن بن السَّعْدِيِّ عَنْ عُمَرَ وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ قَالَ عَبْدُ الْقَادِرِ وَرَوَاهُ النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَأَسْقَطَ حُوَيْطِبًا وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِيهِ فَرَوَاهُ عَنْهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَمُوسَى بْنُ أَعْيَنَ كما رواه الجماعة عن الزهري ورواه بن الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ فَأَسْقَطَ حُوَيْطِبًا كَمَا رَوَاهُ النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرزاق عن معمر فأسقط حويطبا وبن السَّعْدِيِّ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْقَادِرِ طُرُقَهُمْ كَذَلِكَ قَالَ فَهَذَا مَا انْتَهَى مِنْ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ وَالصَّحِيحُ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ يَعْنِي عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ عَنْ حويطب عن بن السَّعْدِيِّ عَنْ عُمَرَ وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ أَرْبَعَةٌ صَحَابِيُّونَ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَهُمْ عُمَرُ وبن السَّعْدِيِّ وَحُوَيْطِبٌ وَالسَّائِبُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَدْ جَاءَتْ جُمْلَةٌ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِيهَا أَرْبَعَةٌ صَحَابِيُّونَ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَأَرْبَعَةٌ تَابِعِيُّونَ بَعْضُهُمْ عَنْ بعض وأما بن السَّعْدِيِّ فَهُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وقدان بن عبد شمس بن عبدود بْنِ نَضْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حَنْبَلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ قَالُوا وَاسْمُ وقدان عمرو ويقال عمرو بن وقدان وقال مُصْعَبٌ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ وقدان ويقال له بن السَّعْدِيِّ لِأَنَّ أَبَاهُ اسْتُرْضِعَ فِي بَنِي سَعْدِ بن بكر بن هوازن صحب بن السَّعْدِيِّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِيمًا.

     وَقَالَ  وَفَدْتُ فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَكَنَ الشَّامَ رَوَى عَنْهُ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَاتٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ.

.
وَأَمَّا حُوَيْطِبٌ فَهُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَبُو مُحَمَّدٍ وَيُقَالُ أَبُو الْأُصْبُعِ حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ أَبِي قَيْسِ بْنِ عبدود بْنِ نَضْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حَنْبَلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيِّ الْقُرَشِيُّ الْعَامِرِيُّ أَسْلَمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَلَا تُحْفَظُ لَهُ رِوَايَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا شَيْءٌ ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ وَقَعَ فِي مُسْلِمٍ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ قَالَ عن بن السَّاعِدِيِّ الْمَالِكِيِّ فَ.

     قَوْلُهُ  الْمَالِكِيُّ صَحِيحٌ مَنْسُوبٌ إِلَى مالك بنحَنْبَلِ بْنِ عَامِرٍ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  السَّاعِدِيُّ فَأَنْكَرُوهُ قَالُوا وَصَوَابُهُ السَّعْدِيُّ كَمَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ مَنْسُوبٌ إِلَى بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ كَمَا سَبَقَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( أَمَرَ لِي بِعُمَالَةٍ) هِيَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَهِيَ الْمَالُ الَّذِي يُعْطَاهُ الْعَامِلُ عَلَى عَمَلِهِ .

     قَوْلُهُ  ( عَمِلْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَمَّلَنِي) هُوَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ أَعْطَانِي أُجْرَةَ عَمَلِي وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ أَخْذِ الْعِوَضِ عَلَى أَعْمَالِ الْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ كَانَتْ لِدَيْنٍ أَوْ لِدُنْيَا كَالْقَضَاءِ وَالْحِسْبَةِ وَغَيْرِهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُثَلَاثَةٍ مَذَاهِبَ حَكَاهَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جرير الطبرى وآخرون وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي غَيْرِ عَطِيَّةِ السُّلْطَانِ.

.
وَأَمَّا عَطِيَّةُ السُّلْطَانِ فَحَرَّمَهَا قَوْمٌ وَأَبَاحَهَا قَوْمٌ وَكَرِهَهَا قَوْمٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إِنْ غَلَبَ الْحَرَامُ فِيمَا فِي يَدِ السُّلْطَانِ حَرُمَتْ وَكَذَا إِنْ أَعْطَى مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ وَإِنْ لَمْ يَغْلِبِ الْحَرَامُ فَمُبَاحٌ إِنْ لم يكن في القابض مانع يمنعه من اسْتِحْقَاقَ الْأَخْذِ .

     .

     وَقَالَتْ  
طَائِفَةٌ الْأَخْذُ وَاجِبٌ مِنَ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ هُوَ مَنْدُوبٌ فِي عَطِيَّةِ السُّلْطَانِ دُونَ غَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( وحدثنى أبو الطاهر أخبرنا بن وهب قال عمرو وحدثنى بن شِهَابٍ بِمِثْلِ ذَلِكَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) هَكَذَا وَقَعَ هَذَا الْحَدِيثُ وَقَولُهُ قَالَ عَمْرٌو مَعْنَاهُ قَالَ قَالَ عَمْرٌو فَحَذَفَ كِتَابَةَ قَالَ وَلَا بُدَّ لِلْقَارِئِ مِنَ النُّطْقِ بِقَالَ مَرَّتَيْنِ وَإِنَّمَا حَذَفُوا إِحْدَاهُمَا فِي الْكِتَابِ اخْتِصَارًا.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  قَالَ عَمْرٌو وَحَدَّثَنِي فَهَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ وَحَدَّثَنِي بِالْوَاوِ وَهُوَ صَحِيحٌ مَلِيحٌ وَمَعْنَاهُ أَنَّ عَمْرًا حدث عن بن شِهَابٍ بِأَحَادِيثَ عُطِفَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فَسَمِعَهَا بن وهب كذلك فلما أراد بن وَهْبٍ رِوَايَةَ غَيْرِ الْأَوَّلِ أَتَى بِالْوَاوِ الْعَاطِفَةِ لِأَنَّهُ سَمِعَ غَيْرَ الْأَوَّلِ مِنْ عَمْرٍو مَعْطُوفًا بِالْوَاوِ فَأَتَى بِهِ كَمَا سَمِعَهُ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِمَّا اسْتُدْرِكَ عَلَى مُسْلِمٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ بَيْنَ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ رَجُلٌ وَهُوَ حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى قَالَ النَّسَائِيُّ لَمْ يَسْمَعْهُ السائب من بن السَّعْدِيِّ بَلْ إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ حُوَيْطِبٍ عَنْهُ قَالَ غَيْرُهُ هُوَ مَحْفُوظٌ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ رَوَاهُ أَصْحَابُ شُعَيْبٍ وَالزُّبَيْدِيِّ وَغَيْرِهِمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ حُوَيْطِبًا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ السَّعْدِيِّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرًا أَخْبَرَهُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يونس بن عبد الأعلى عن بن وَهْبٍ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي.

.

قُلْتُ وَقَدْ رَوَاهُ النسائي في سننه كما ذكر عن بن عُيْيَنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ عَنْ حُوَيْطِبٍ عن بن السَّعْدِيِّ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَرُوِّينَاهُ عَنِ الْحَافِظِ عَبْدِ الْقَادِرِ الرُّهَاوِيِّ فِي كِتَابِهِ الرَّبَاعِيَاتِ قَالَ وَقَدْ رَوَاهُ هَكَذَا عَنِ الزُّهْرِيِّ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَالزُّبَيْدِيُّ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ الْحِمْصِيَّانِ وَعُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الْأَيْلِيَّانِ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ الْمِصْرِيُّ وَالْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحِمْصِيُّ ثُمَّذَكَرَ طُرُقَهُمْ بِأَسَانِيدِهَا مُطَوَّلَةً مُطْرَقَةً كُلُّهُمْ عَنِ الزهري عن السائب عن حويطب عن بن السَّعْدِيِّ عَنْ عُمَرَ وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ قَالَ عَبْدُ الْقَادِرِ وَرَوَاهُ النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَأَسْقَطَ حُوَيْطِبًا وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِيهِ فَرَوَاهُ عَنْهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَمُوسَى بْنُ أَعْيَنَ كما رواه الجماعة عن الزهري ورواه بن الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ فَأَسْقَطَ حُوَيْطِبًا كَمَا رَوَاهُ النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرزاق عن معمر فأسقط حويطبا وبن السَّعْدِيِّ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْقَادِرِ طُرُقَهُمْ كَذَلِكَ قَالَ فَهَذَا مَا انْتَهَى مِنْ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ وَالصَّحِيحُ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ يَعْنِي عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ عَنْ حويطب عن بن السَّعْدِيِّ عَنْ عُمَرَ وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ أَرْبَعَةٌ صَحَابِيُّونَ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَهُمْ عُمَرُ وبن السَّعْدِيِّ وَحُوَيْطِبٌ وَالسَّائِبُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَدْ جَاءَتْ جُمْلَةٌ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِيهَا أَرْبَعَةٌ صَحَابِيُّونَ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَأَرْبَعَةٌ تَابِعِيُّونَ بَعْضُهُمْ عَنْ بعض وأما بن السَّعْدِيِّ فَهُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وقدان بن عبد شمس بن عبدود بْنِ نَضْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حَنْبَلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ قَالُوا وَاسْمُ وقدان عمرو ويقال عمرو بن وقدان وقال مُصْعَبٌ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ وقدان ويقال له بن السَّعْدِيِّ لِأَنَّ أَبَاهُ اسْتُرْضِعَ فِي بَنِي سَعْدِ بن بكر بن هوازن صحب بن السَّعْدِيِّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِيمًا.

     وَقَالَ  وَفَدْتُ فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَكَنَ الشَّامَ رَوَى عَنْهُ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَاتٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ.

.
وَأَمَّا حُوَيْطِبٌ فَهُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَبُو مُحَمَّدٍ وَيُقَالُ أَبُو الْأُصْبُعِ حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ أَبِي قَيْسِ بْنِ عبدود بْنِ نَضْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حَنْبَلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيِّ الْقُرَشِيُّ الْعَامِرِيُّ أَسْلَمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَلَا تُحْفَظُ لَهُ رِوَايَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا شَيْءٌ ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ وَقَعَ فِي مُسْلِمٍ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ قَالَ عن بن السَّاعِدِيِّ الْمَالِكِيِّ فَ.

     قَوْلُهُ  الْمَالِكِيُّ صَحِيحٌ مَنْسُوبٌ إِلَى مالك بنحَنْبَلِ بْنِ عَامِرٍ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  السَّاعِدِيُّ فَأَنْكَرُوهُ قَالُوا وَصَوَابُهُ السَّعْدِيُّ كَمَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ مَنْسُوبٌ إِلَى بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ كَمَا سَبَقَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( أَمَرَ لِي بِعُمَالَةٍ) هِيَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَهِيَ الْمَالُ الَّذِي يُعْطَاهُ الْعَامِلُ عَلَى عَمَلِهِ .

     قَوْلُهُ  ( عَمِلْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَمَّلَنِي) هُوَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ أَعْطَانِي أُجْرَةَ عَمَلِي وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ أَخْذِ الْعِوَضِ عَلَى أَعْمَالِ الْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ كَانَتْ لِدَيْنٍ أَوْ لِدُنْيَا كَالْقَضَاءِ وَالْحِسْبَةِ وَغَيْرِهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُثَلَاثَةٍ مَذَاهِبَ حَكَاهَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جرير الطبرى وآخرون وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي غَيْرِ عَطِيَّةِ السُّلْطَانِ.

.
وَأَمَّا عَطِيَّةُ السُّلْطَانِ فَحَرَّمَهَا قَوْمٌ وَأَبَاحَهَا قَوْمٌ وَكَرِهَهَا قَوْمٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إِنْ غَلَبَ الْحَرَامُ فِيمَا فِي يَدِ السُّلْطَانِ حَرُمَتْ وَكَذَا إِنْ أَعْطَى مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ وَإِنْ لَمْ يَغْلِبِ الْحَرَامُ فَمُبَاحٌ إِنْ لم يكن في القابض مانع يمنعه من اسْتِحْقَاقَ الْأَخْذِ .

     .

     وَقَالَتْ  
طَائِفَةٌ الْأَخْذُ وَاجِبٌ مِنَ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ هُوَ مَنْدُوبٌ فِي عَطِيَّةِ السُّلْطَانِ دُونَ غَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( وحدثنى أبو الطاهر أخبرنا بن وهب قال عمرو وحدثنى بن شِهَابٍ بِمِثْلِ ذَلِكَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) هَكَذَا وَقَعَ هَذَا الْحَدِيثُ وَقَولُهُ قَالَ عَمْرٌو مَعْنَاهُ قَالَ قَالَ عَمْرٌو فَحَذَفَ كِتَابَةَ قَالَ وَلَا بُدَّ لِلْقَارِئِ مِنَ النُّطْقِ بِقَالَ مَرَّتَيْنِ وَإِنَّمَا حَذَفُوا إِحْدَاهُمَا فِي الْكِتَابِ اخْتِصَارًا.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  قَالَ عَمْرٌو وَحَدَّثَنِي فَهَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ وَحَدَّثَنِي بِالْوَاوِ وَهُوَ صَحِيحٌ مَلِيحٌ وَمَعْنَاهُ أَنَّ عَمْرًا حدث عن بن شِهَابٍ بِأَحَادِيثَ عُطِفَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فَسَمِعَهَا بن وهب كذلك فلما أراد بن وَهْبٍ رِوَايَةَ غَيْرِ الْأَوَّلِ أَتَى بِالْوَاوِ الْعَاطِفَةِ لِأَنَّهُ سَمِعَ غَيْرَ الْأَوَّلِ مِنْ عَمْرٍو مَعْطُوفًا بِالْوَاوِ فَأَتَى بِهِ كَمَا سَمِعَهُ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِمَّا اسْتُدْرِكَ عَلَى مُسْلِمٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ بَيْنَ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ رَجُلٌ وَهُوَ حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى قَالَ النَّسَائِيُّ لَمْ يَسْمَعْهُ السائب من بن السَّعْدِيِّ بَلْ إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ حُوَيْطِبٍ عَنْهُ قَالَ غَيْرُهُ هُوَ مَحْفُوظٌ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ رَوَاهُ أَصْحَابُ شُعَيْبٍ وَالزُّبَيْدِيِّ وَغَيْرِهِمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ حُوَيْطِبًا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ السَّعْدِيِّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرًا أَخْبَرَهُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يونس بن عبد الأعلى عن بن وَهْبٍ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي.

.

قُلْتُ وَقَدْ رَوَاهُ النسائي في سننه كما ذكر عن بن عُيْيَنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ عَنْ حُوَيْطِبٍ عن بن السَّعْدِيِّ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَرُوِّينَاهُ عَنِ الْحَافِظِ عَبْدِ الْقَادِرِ الرُّهَاوِيِّ فِي كِتَابِهِ الرَّبَاعِيَاتِ قَالَ وَقَدْ رَوَاهُ هَكَذَا عَنِ الزُّهْرِيِّ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَالزُّبَيْدِيُّ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ الْحِمْصِيَّانِ وَعُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الْأَيْلِيَّانِ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ الْمِصْرِيُّ وَالْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحِمْصِيُّ ثُمَّذَكَرَ طُرُقَهُمْ بِأَسَانِيدِهَا مُطَوَّلَةً مُطْرَقَةً كُلُّهُمْ عَنِ الزهري عن السائب عن حويطب عن بن السَّعْدِيِّ عَنْ عُمَرَ وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ قَالَ عَبْدُ الْقَادِرِ وَرَوَاهُ النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَأَسْقَطَ حُوَيْطِبًا وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِيهِ فَرَوَاهُ عَنْهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَمُوسَى بْنُ أَعْيَنَ كما رواه الجماعة عن الزهري ورواه بن الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ فَأَسْقَطَ حُوَيْطِبًا كَمَا رَوَاهُ النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرزاق عن معمر فأسقط حويطبا وبن السَّعْدِيِّ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْقَادِرِ طُرُقَهُمْ كَذَلِكَ قَالَ فَهَذَا مَا انْتَهَى مِنْ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ وَالصَّحِيحُ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ يَعْنِي عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ عَنْ حويطب عن بن السَّعْدِيِّ عَنْ عُمَرَ وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ أَرْبَعَةٌ صَحَابِيُّونَ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَهُمْ عُمَرُ وبن السَّعْدِيِّ وَحُوَيْطِبٌ وَالسَّائِبُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَدْ جَاءَتْ جُمْلَةٌ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِيهَا أَرْبَعَةٌ صَحَابِيُّونَ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَأَرْبَعَةٌ تَابِعِيُّونَ بَعْضُهُمْ عَنْ بعض وأما بن السَّعْدِيِّ فَهُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وقدان بن عبد شمس بن عبدود بْنِ نَضْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حَنْبَلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ قَالُوا وَاسْمُ وقدان عمرو ويقال عمرو بن وقدان وقال مُصْعَبٌ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ وقدان ويقال له بن السَّعْدِيِّ لِأَنَّ أَبَاهُ اسْتُرْضِعَ فِي بَنِي سَعْدِ بن بكر بن هوازن صحب بن السَّعْدِيِّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِيمًا.

     وَقَالَ  وَفَدْتُ فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَكَنَ الشَّامَ رَوَى عَنْهُ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَاتٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ.

.
وَأَمَّا حُوَيْطِبٌ فَهُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَبُو مُحَمَّدٍ وَيُقَالُ أَبُو الْأُصْبُعِ حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ أَبِي قَيْسِ بْنِ عبدود بْنِ نَضْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حَنْبَلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيِّ الْقُرَشِيُّ الْعَامِرِيُّ أَسْلَمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَلَا تُحْفَظُ لَهُ رِوَايَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا شَيْءٌ ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ وَقَعَ فِي مُسْلِمٍ بَعْدَ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ قَالَ عن بن السَّاعِدِيِّ الْمَالِكِيِّ فَ.

     قَوْلُهُ  الْمَالِكِيُّ صَحِيحٌ مَنْسُوبٌ إِلَى مالك بنحَنْبَلِ بْنِ عَامِرٍ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  السَّاعِدِيُّ فَأَنْكَرُوهُ قَالُوا وَصَوَابُهُ السَّعْدِيُّ كَمَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ مَنْسُوبٌ إِلَى بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ كَمَا سَبَقَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ( أَمَرَ لِي بِعُمَالَةٍ) هِيَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَهِيَ الْمَالُ الَّذِي يُعْطَاهُ الْعَامِلُ عَلَى عَمَلِهِ .

     قَوْلُهُ  ( عَمِلْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَمَّلَنِي) هُوَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ أَعْطَانِي أُجْرَةَ عَمَلِي وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ أَخْذِ الْعِوَضِ عَلَى أَعْمَالِ الْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ كَانَتْ لِدَيْنٍ أَوْ لِدُنْيَا كَالْقَضَاءِ وَالْحِسْبَةِ وَغَيْرِهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ( قَولُهُ بَابُ كَلَامِ الْإِمَامِ وَالنَّاسِ فِي خُطْبَةِ الْعِيدِ وَإِذَا سُئِلَ الْإِمَامُ عَنْ شَيْءٍ وَهُوَ يَخْطُبُ) فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ حُكْمَانِ وَظَنَّ بَعْضُهُمْ أَن فِيهَا تَكْرَارا وَلَيْسَ كَذَلِك بل الأول أَعم مِنَ الثَّانِي وَلَمْ يَذْكُرِ الْمُصَنِّفُ الْجَوَابَ اسْتِغْنَاءً بِمَا فِي الْحَدِيثِ وَوَجْهُهُ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ أَنَّ الْمُرَاجَعَةَ الصَّادِرَةَ بَيْنَ أَبِي بُرْدَةَ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَالَّةٌ عَلَى الْحُكْمِ الْأَوَّلِ وَسُؤَالُ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ حُكْمِ العناق دَال على الحكم الثَّانِي

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [986] حدثنا محمد: ثنا أبو تميلة يحيى بن واضح، عن فليح بن سلمان، عن سعيد بن الحارث، عن جابر بن عبد الله، قال: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا كان يوم عيد خالف الطريق.
تابعه: يونس بن محمد، عن فليح، عن سعيد، عن أبي هريرة.
وحديث جابر أصح.
كذا في بعض النسخ: ( ( تابعه: يونس، عن فليح، عن سعيد، عن أبي هريرة) ) وهي رواية ابن السكن.
ويقال: إن ذلك من إصلاحه.
وفي أكثر النسخ: ( ( تابعه: يونس بن محمد، عن فليح، وحديث جابر أصح) ) .
وذكر أبو مسعود الدمشقي: أن البخاري قالَ: ( ( تابعه يونس بن محمد، عن فليح.
قال: وقال: محمد بن الصلت: عن فليح، عن سعيد، عن أبي هريرة، وحديث جابر أصح)
)
.
ثم ذكر أن ذلك وهم منه - يعني: متابعة يونس لأبي تميلة -، وإنما رواه يونس ومحمد بن الصلت، كلاهما عن فليح، عن سعيد، عن أبي هريرة.
وكذا رواه الهيثم بن جميل، عن فليح، وأنالبخاري أراد أن يونس قال فيهِ: ( ( عن جابر) ) .
وفيه: إشارة إلى أن غيرهما خالف في ذكر جابر، وإن ذكره أصح، وما ذكره أبو مسعود تصريح بذلك.
وقوله: ( ( وحديث جابر) ) يدل عليه، والله أعلم.
وحاصل الأمر: أنه اختلف في إسناده على فليح: فرواه، عنه الأ كثرون، منهم: محمد بن الصلت والهيثم بن جميل وسريج، فقالوا: عن سعيد بن الحارث، عن أبي هريرة.
وخالفهم أبو تميلة يحيى بن واضح، فرواه عن سعيد بن الحارث، عن جابر.
وعند البخاري، أن هذا أصح.
وأما يونس بن محمد، فرواه عن فليح، واختلف عنه: فذكر البخاري والترمذي في ( ( جامعه) ) : أنه رواه عن فليح عن سعيد، عن جابر، متابعة لأبي تميلة.
وكذا رواه ابن خزيمة وابن حبان في ( ( صحيحيهما) ) .
وكذلك خرجه البيهقي من رواية محمد بن عبيد الله المنادي،عن يونس.
وقد قال مهنا: قلت لأحمد: هل سمع سعيد بن الحارث من أبي هريرة؟ فلم يقل شيئاً.
وقد ذكر البيهقي: أن أبا تميلة روي عنه، عن فليح، عن سعيد، عن أبي هريرة –أيضاً.
ثم خرجه من طريق أحمد بن عمرو الحرشي، عن أبي تميلة كذلك.
فتبين بهذا: أن ابا تميلة ويونس اختلف عليهما في ذكر: ( ( أبي هريرة وجابر) ) ، وأن اكثر الرواة قال فيه: ( ( عن أبي هريرة) ) ، ومنهم من اختلف عليه في ذكر ( ( أبي هريرة وجابر) ) .
وقد ذكر الإمام أحمد، أنه حديث أبي هريرة، وهذا يدل على أن المحفوظ قول من قالَ: ( ( عن أبي هريرة) ) ، كما قاله أبو مسعود، خلاف ما قاله البخاري.
وفي الباب: أحاديث أخر، ليست على شرط البخاري.
ومن أجودها: حديث عبد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخذ يوم العيد في طريق، ثم رجع من طريق آخر.
خرجه أبو داود.
وخرجه ابن ماجه، وعنده: أن ابن عمر كان يخرج إلى العيد في طريق، ويرجع في أخرى، ويزعم أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانيفعله.
وقد استغربه الإمام أحمد، وقال: لم أسمع هذا قط.
وقال –أيضاً -: العمري يرفعه، ومالك وابن عيينة لا يرفعانه.
يعني: يقفانه على ابن عمر من فعله.
قيل له: قد رواه عبيد الله –يعني: أخا العمري، عن نافع، عن ابن عمر؟ فأنكره، وقال: من رواه؟ قيل لهُ: عبد العزيز بن محمد – يعني: الدراوردي.
- قالَ: عبد العزيز يروي مناكير.
وقال البرقاني: سألت الدارقطني: هل رواه عن نافع غير العمري؟ قَالَ: من وجه يثبت، لا.
ثُمَّ قالَ: روي عن مالك، عن نافع، ولكن لايثبت.
انتهى.
والصحيح عن مالك وغيره: وقفه دون رفعه.
وكذا رواه وكيع عن العمري - موقوفا.
وقد استحب كثير من أهل العلم للإمام وغيره إذا ذهبوا في طريق إلى العيد أن يرجعوا في غيره، وهو قول مالك والثوري والشافعي وأحمد.
وألحق الجمعة بالعيد في ذلك.
ولو رجع من الطريق الذي خرج منه لم يكره.
وفي ( ( سنن أبي داود) ) حديث، فيه: أن أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانوا يفعلون ذلك في زمانه.. وتكلم الناس في المعنى الذي لأجله يسحب مخالفة الطريق، وكثر قولهم في ذلك، وأكثره ليس بقوي.
وقد روي في حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يغدو من طريق ويرجع من اخر؛ ليتسع الناس في الطريق.
وعبد الرحمن هذا، ضعيف جداً.
ومعنى الاتساع في الطريق: أنه يخشى كثرة الزحام في الطريق الأول.
وهذا أحد ما قيل في معناه.
وقيل: ليشهد به الطريقان.
وقيل: ليتصدق على من كان فيهما من السؤال.
وقيل: ليكثر التقاء المسلمين بعضهم ببعض للسلام والتودد.
وقيل: للتفاؤل بتغير الحال إلى الرضى والمغفرة؛ فإنه يرجى لمن شهد العيد أن يرجع مغفوراً لهُ.
وقيل: كان يغدو في أطول الطريقين ويرجع في أقصرهما؛ لتكثر خطاه في المشي إلى الصَّلاة.
وهذا هو الذي رجحه كثير من الشافعية.
وقد روي في حديث عكس هذا: فرواه سليمان بن أرقم، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبو بكر وعثمان إذا خرجوا إلى العيد من طريق رجعوا في طريق آخر أبعد منه.
وسليمان بن أرقم، متروك.
ولا أصل لحديثه هذا بهذا الإسناد.
وعلى تقدير أن يكون له أصل، فيمكن توجيهه بأن القاصد لصلاة العيد ينبغي له قصدها من أقرب الطرق؛ لأنه إن كانَ أماماً فلئلا يطول انتظاره، وان كانَ مأموماً فخشية أن يسبق بالصلاة أو بعضها، أو أن يتمكن من صلاتها في مكان يمكنه الاقتداء فيهِ بالإمام؛ ولهذا شرع له التبكير؛ ليقرب من الإمام.
والراجع من الصَّلاة قد أمن ذَلِكَ كله،فيمشي حيث شاء، ويسلك أبعد الطرق، ويقف فيها لحاجته وللقاء الناس والسلام عليهم والدعاء لهم، وغير ذَلِكَ من المصالح.
وقد روي عن جماعة من الصحابة والتابعين، أنهم كانوا يتلاقون يوم العيد، ويدعو بعضهم لبعض بالقبول.
ورخص فيه الإمام أحمد، وقال: لا أبتدئ به أحداً، فإن قاله لي، رددت عليه.
وقال - مرة -: ما أحسنه، إلا أن يخاف الشهرة.
كأنه يشير إلى أنه يخشى أن يشتهر المعروف بالدين والعلم بذلك، فيقصد لدعائه، فيكره لما فيه من الشهرة.
وقد خرج الإمام أحمد من حديث المنكدر بن محمد، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي، قال: رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قائماً في السوق يوم العيد، ينظر والناس يمرون.
ورواه الشافعي، عن إبراهيم بن محمد: حدثني معاذ بن عبد الرحمن التيمي، عن أبيه، عن جده، أنه رأى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجع من المصلى في يوم عيد، فسلك على التمارين أسفل السوق، حتى إذا كان عند موضع البركة التي بالسوق قام فاستقبل فج أسلم، فدعا ثم انصرف.
قال الشافعي: فأحب أن يصنع الإمام مثل هذا، وأن يقف في موضع يدعو الله - عز وجل -، مستقبل القبلة.
25 - باب إذا فاته العيد يصلي ركعتين، وكذلك النساء، ومن كان في البيوت والقرى؛ لقول النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( هذا عيدنا أهل الإسلام) ) .
وأمر أنس بن مالك مولاهم ابن أبي عتبة بالزاوية، فجمع أهله وبنيه، فصلى بهم كصلاة أهل المصر وتكبيرهم.
وقال عكرمة: أهل السواد يجتمعون في العيد، يصلون ركعتين، كما يصنع الإمام 0 وكان عطاء إذا فاته العيد صلى ركعتين.
ذكر البخاري في هذا الباب مسائل.
أحدها: من فاته صلاة العيد مع الإمام من أهل المصر، فإنه يصلي ركعتين.
وحكاه عن عطاء.
وحكي - أيضا - عن أبي حنيفة والحسن وابن سيرين ومجاهد وعكرمة والنخعي، وهو قول مالك والليث والأوزاعي والشافعي وأحمد - في رواية، عنه.
ثم اختلفوا: هل يصلي ركعتين بتكبيركتكبيرالإمام، أم يصلي بغير تكبير؟فقالَ الحسن والنخعي ومالك والشافعي وأحمد –في رواية -: يصلي بتكبير، كما يصلي الإمام.
واستدلوا بالمروي عن أنس، وأنس لم يفته في المصر بل كان ساكناً خارجاً من المصر بعيداً منه، فهوفي حكم أهل القرى.
وقد أشار إلى ذلك الإمام أحمد –في رواية عنه.
والقول بانه يصلي كما يصلي الإمام قول أبي حنيفة وأبي بكر بن أبي شيبة، حتى قالَ: لايكبر إلا كما يكبر الإمام، لا يزيد عليه ولا ينقص.
وكذا قاله الإمام أحمد –في رواية أبي طالب.
وعن ابن سيرين، قال: كانوا يستحبون إذا فات الرجل العيدان أن يمضي إلى الجبان، فيصنع كما يصنع الإمام.
وقال أحمد –في رواية الأثرم -: أن صليت ذهب إلى الجبان فصلى، وإن شاء صلى مكانه.
وقال - في رواية إسماعيل بن سعيد -: إذا صلى وحده لم يجهربالقراءة، وإن جهر جاز.
وهذا عنده حكم المصلي الصلاة الجهرية مفرداً، فلو صلاها في جماعة جهر بها بغير إشكال، كما فعله الليث بن سعد.
وقد ذهب جماعة من العلماء إلى أن الإمام لايجهر بالقرأة فيصلاة العيدين إلا بمقدار ما يسمع من يليه، روي ذلك عن علي، وهو قول الحسن والنخعي والثوري.
وذكر الحسن، عن أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبا بكر وعمر كانوا يسمعون القراءة في العيدين والجمعة من يليهم.
خرجه المروزي في ( ( كتاب العيدين) ) .
وهو قول الثوري في الجمعة والعيدين جميعاً.
وقال عطاء والأوزاعي وأحمد –في الرواية الأخرى -: يصلي من فاته العيد ركعتين بغير تكبير.
هذه الرواية، حكاها أبو بكر عبد العزيز بن جعفر في كتاب ( ( الشافي) ) .
وقال أحمد: إنما التكبير مع الجماعة.
وجعله أبو بكر عبد العزيز كالتكبير خلف المكتوبة في أيام التشريق.
وروى حنبل، عن أحمد، أنه مخير، إن شاء صلى بتكبير، وإن شاء صلى بغير تكبير.
وقالت طائفة: من فاتته صلاة العيد مع الإمام صلى أربع ركعات.
روي ذلك عن ابن مسعود من غير وجه.
وسوى ابن مسعود بين من فاتته الجمعة، ومن فاته العيد، فقال - في كل منهما -: يصلي أربعاً.
واحتج به الإمام أحمد.
ولا عبرة بتضعيف ابن المنذر له؛ فإنه روي بأسانيد صحيحة.
وهذا قول الشعبي والثوري وأحمد –في رواية أخرى، عنه -، وهي اختيار أبي بكر عبد العزيز بن جعفر من أصحابنا، بناءً على اختيارهم اشتراط الجماعة للعيد والاستيطان، ويكون الأربع عيداً.
نص عليه أحمد في رواية الميموني.
وهذا يشبه قول ابن شاقلا: إن أدرك تشهد الجمعة يصلي أربعاً، وهي جمعة له، كما سبق ذلك.
وعلى هذا، فيصلي وحده من غير جماعة، نص عليه أحمد في رواية محمد بن الحكم، وكذا ذكره أبو بكر عبد العزيز.
وإنما يصلي في جماعة إذا قلنا: يصلي صلاة العيد على صفتها.
وهل يصلي الأربع بسلام واحد، أو يخير بين ذلك وبين صلاتها بسلامين؟ فيهِ عن أحمد روايتان.
واختار أبو بكر صلاتها بسلام واحد، تشبيهاً لصلاتها بصلاة من تفوته الجمعة.
وعن أحمد: يخير بين أن يصلي ركعتين أو أربعاً.
وهذا مذهب الثوري الذي حكاه أصحابه، عنه.
واستدل أحمد، بأنه روي عن أنس، أنه صلى ركعتين، وعن ابن مسعود أنه صلى أربعاً.
وكذلك روي عن علي، أنه أمر من يصلي بضعفة الناس في المسجد أربعاً، ولا يخطب بهم.
وروي أحمد بن القاسم، عن أحمد الجمع بين فعل أنس وقول ابن مسعود على وجه آخر، وهو: إن صلى من فاته العيد جماعة صلىكصلاة الإمام ركعتين، كما فعل أنس، وإن صلى وحده صلى أربعاً، كما قال ابن مسعود.
وقال إسحاق: إن صلاها في بيته صلاها أربعاً كالظهر، وإن صلاها في المصلى صلاها ركعتين بالتكبير؛ لأن علياً أمر الذي يصلي بضعفة الناس في المسجد أن يصلي أربعا، ركعتين مكان صلاة العيد، وركعتين مكان خروجهم إلى الجبان، كذا رواه حنش بن المعتمر عن علي.
واعلم؛ أن الاختلاف في هذه المسألة ينبني على أصل، وهو: أن صلاة العيد: هل يشترط لها العدد والاستيطان وإذن الإمام؟ فيهِ قولان للعلماء، هما روايتان عن أحمد.
وأكثر العلماء، على أنه لايشترط لها ذَلِكَ، وهو قول مالك والشافعي.
ومذهب أبي حنيفة وإسحاق: أنه يشترط لها ذلك.
فعلى قول الأولين: يصليها المنفرد لنفسه في السفر والحضر والمرأة والعبد ومن فاتته، جماعة وفرادى.
لكن لا يخطب لها خطبة الإمام؛ لأن فيهِ افتئاتاً عليهِ، وتفريقاً للكلمة.
وعلى قول الآخرين: لايصليها إلا الإمام أو من أذن لهُ، ولا تصلى إلا كما تصلى الجمعة، ومن فاتته، فإنه لايقضيها على صفتها، كما لايقضي الجمعة على صفتها.
ثم اختلفوا: فقال أبو حنيفة وأصحابه: لاتقضى بالكلية، بلتسقط، ولا يصلي من فاتته مع الإمام عيدا أصلا، وإنما يصلي تطوعاً مطلقاً، إن شاء صلى ركعتين، وإن شاء صلى أربعاً.
وقال أحمد وإسحاق: بل تقضى كما قال ابن مسعود وغيره من الصحابة.
وليست العيد كالجمعة؛ ولهذا يصليها الإمام والناس معه إذا لم يعلموا بالعيد إلا من آخر النهار من غد يوم الفطر، والجمعة لا تقضى بعد خروج وقتها، ولأن الخطبة ليست شرطاً لها، فهي كسائر الصلوات، بخلاف الجمعة.
والذين قالوا: تقضى إذا فاتت مع الإمام، لم يختلفوا أنها تقضى ما دام وقتها باقياً 0 فإن خرج وقتها، فهل تقضى؟ قالَ مالك: لاتقضى.
وعن الشافعي قولان.
والمشهور عندنا: إنما تقضى.
وخرجوا فيها رواية اخرى: أنها لاتقضى.
وأصل ذلك: أن السنن الرواتب: هل تقضى في غير وقتها، أم لا؟ وفيه قولان، وروايتان عن أحمد؛ فإن فرض العيد يسقط بفعل الإمام، فيصير في حق من فاتته سنة.
ولو أدرك الإمام وقد صلى وهو يخطب للعيد ففيه أقوال: أحدها: أنه يجلس فيسمع الخطبة، ثم إذا فرغ الإمام صلى قضاءً، وهو قول الأوزاعي والشافعي وأبي ثور، ونص عليه أحمد –أيضا.
والثاني: أنه يصلي والإمام يخطب، كما يصلي الداخل في خطبة الجمعة والإمام يخطب، وهو قول الليث؛ لكن الليث صلى العيد بأصحابه والإمام يخطب.
وقال الشافعية: إن كانَ الإمام يخطب في المصلى، جلس واستمع؛ لأنه مالم يفرغ من الخطبة فهو في شعار اقامة العيد، فيتابع فيما بقي منه، ولا يشغل عنه بالصلاة، وإن كان يخطب في المسجد؛ فإنه يصلي قبل أن يجلس.
ثم لهم وجهان: أحدهما: يصلي تحية المسجد، كالداخل يوم الجمعة، وهو قول بعض أصحابنا –أيضا.
والثاني: يصلي العيد؛ لأنها آكد، وتدخل التحية ضمنا وتبعاً، كمن دخل المسجد يوم الجمعة وعليه صلاة الفجر؛ فإنه يقضيها وتدخل التحية تبعاً.
ووجه قول الأوزاعي وأحمد: أن استماع الخطبة من كمال متابعة الإمام في هذا اليوم، فإذا فاتت الصَّلاة معه لم يفوت استماع الخطبة، وليس كذلك الداخل في خطبة الجمعة؛ لأن المقصود الاعظم الصلاة، وهي لاتفوت بالتحية.
المسألة الثانية: صلاة النساء في بيوتهن في المصر، وكذلك المريض ونحوه.
وهذا مبني على أن صلاة العيد: هل يشترط لها العدد والاستيطانوإذن الإمام، أم لا؟ فمن قالَ: لا يشترط ذَلِكَ جوز للمرأة أن تصلي صلاة العيد في بيتها على وجهها، وكذلك المريض، بل يجيز ذَلِكَ لكل من تخلف في بيته، أن يصلي كما يصلي الإمام، ولا سيما إن كانَ يقول مع ذَلِكَ أن صلاة العيدين سنة، كما يقوله الشافعي وغيره.
وقال الحسن – في المسافر يدركه الأضحى -: فإذا طلعت الشمس صلى ركعتين، ويضحي إن شاء.
وأما من يشترط لها العدد وإذن الإمام، فلا يرى لمن تخلف في بيته أن يصلي صلاة العيد على وجهها، بل يصلي ركعتين بغير تكبير –أو أربعاً -، على ما سبق.
قال الثوري وإسحاق –في النساء -: يصلين في بيوتهن أربعاً.
وعند أبي حنيفة وأصحابه: لاتقضي بحال، كما تقدم.
المسألة الثالثة: أهل القرى: هل يصلون العيد في قراهم كما يصلي الإمام في المصر ونوابه في الأمصار؟ وقد حكى عن عكرمة، أنهم يصلونها كصلاة أهل الأمصار.
قال الإمام أحمد: ثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة، عن قتادة، عن عكرمة، في القوم يكونون في السواد في سفرتهم عيد فطر أو أضحى، قال: فيجتمعون، فيصلون، يؤمهم أحدهم.
وقد تقدم أن جمهور العلماء على أن الجمعة تقام في القرى، فالعيد أولى.
لكن من يشترط العدد لصلاة العيد، كأحمد –في رواية - وإسحاق، يقول: لابد أن يكون في القرية أربعون رجلا كالجمعة.
قال إسحاق:وإن لم يخطب بهم صلوا أربعا - أيضا - قال: وإذا لم تكن خطبة فليس بعيد.
وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنه لاعيد إلا في مصر جامع، كقولهم في الجمعة.
ولا خلاف أنه يجب على أهل القرى والمسافرين، وإنما الخلاف في صحة فعلها منهم، والأكثرون على صحته وجوازه.
ويستدل لذلك بفعل أنس بن مالك؛ فإنه كانَ يسكن خارجا من البصرة على أميال منها.
فروى الإمام أحمد –فيما رواه عنه ابنه عبد الله في ( ( مسائله) ) -: ثناهشيم: أنا عبيد الله بن أبي بكر، عن جده أنس بن مالك، أنه كان إذا لم يشهد العيد مع الناس بالبصرة، وكان منزله بالطف جمع أهله وولده ومواليه، ثم يامر مولاه عبد الله بن أبي عتبة أن يصلي بهم.
قال: يكبر بهم تسع تكبيرات، خمس في الأولى، وأربع في الآخرة، ويوالي بين القراءتين.
وروى محمد بن الحكم، عن أحمد –فيمن تفوته صلاة العيد -: يجمع أهله وولده، كما فعل أنس، ويكبر تسع تكبيرات في الركعتين، ويوالي بين القراءتين.
وهذا يدل على أنه أخذ بجميع ما روي عن أنس فيمن تفوته صلاة العيد مع الإمام، سواء كان لبعده عن الإمام أو لغير ذَلِكَ، وأنه يكبر تسع تكبيرات في الركعتين، ويوالي بين القراءتين.
وهذا خلاف مذهبه فيتكبير الإمام ونوابه في الامصار، فإنه يرى أنهم يكبرون في الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمس تكبيرات.
وفي موالاته بين القراءتين روايتان عنه: أشهرهما: أنه يكبر قبل القراءة في الركعتين.
والثانية: أنه يوالي بينهما.
واختارها أبو بكر بن جعفر.
فأما التكبير في الاولى سبعاً وفي الثانية خمساً، وهو قول جمهور العلماء، وقد روي عن عمر وعثمان وعلي وابن عمر وابن عباس وأبي هريرة، عن عمر بن عبد العزيز وسعيد بن جبير ومجاهد والزهري، وقال: مضت السنة به.
وحكاه ابن أبي الزناد عن فقهاء المدينة السبعة.
وهو قول مكحول وربيعة والليث والأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وداود.
وأكثر أهل الحديث، منهم: ابن المديني وابن أبي شيبة وأبو خثيمة وسليمان بن داود الهاشمي وغيرهم.
ولكن اختلفوا: هل يكبر في الأولى سبعاً غير تكبيرة افتتاح الصلاة، أم بها؟ فقالَ مالك وأحمد: يحسب منها تكبيرة الافتتاح.
وروي ذلك عن ابن عباس صريحاً.
وقال الشافعي: لا يحسب منها.
وعن الليث والأوزاعي قولان، كالمذهبين.
وقالت طائفة: يكبر في الأولى خمساً بتكبيرة الافتتاح، وفي الثانية أربعاًبعد القراءة، بتكبيرة الركوع.
روى ذلك عن ابن مسعود وإسحاق، وهو قول سفيان وأهل الكوفة.
وروي عن ابن عباس –في رواية عنه.
وفي عدد التكبير أقوال متعددة للسلف، فيه احاديث مرفوعة معددة - أيضا -، لم يخرج منها البخاري شيئاً، وليس منها على شرطه شيء.
وقد روى هارون بن عبد الله، عن أحمد، أنه قالَ: ليس يروى في التكبير في العيدين حديث صحيح عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ذكره الخلال.
وروى حرب، عن أحمد قريباً من ذلك.
قال حرب: وسألت ابن المديني: هل صح فيه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قالَ: حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالَ: ويروى عن أبي هريرة –من قوله - صحيح.
انتهى.
وحكى الترمذي في ( ( علله) ) ، عن البخاري، أنه صحح هذا الحديث.
وقال أحمد –في رواية -: أنا اذهب إليه.
وقد خرجه في ( ( المسند) ) وأبو داود وابن ماجة بألفاظ مختلفة،ومعناها واحد: أن التكبير في الأولى سبع، وفي الثانية خمس.
وفي رواية أحمد وأبي داود: أن القراءة بعدهما.
وقد استوفينا الأحاديث في ذَلِكَ، والكلام عليها في ( ( شرح الترمذي) ) بحمد الله ومنه.
ونقل الميموني، عن أحمد، قال: التكبير في العيدين سبعاً في الأولى وخمساً، وقد اختلف أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في التكبير، وكله جائز.
وهذا نص منه على أنه يجوز التكبير على كل صفة رويت عن الصحابة من غير كراهة، وإن كانَ الافضل عنده سبعاً في الأولى وخمساً في الثانية.
ورجح هذا ابن عبد البر، وجعله من الاختلاف المباح، كأنواع الأذان والتشهدات ونحوها.
ثم خرج البخاري في هذا الباب:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ مَنْ خَالَفَ الطَّرِيقَ)
أَيِ الَّتِي تَوَجَّهَ مِنْهَا إِلَى الْمُصَلَّى .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ غَيْرُ مَنْسُوبٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ وَكَذَا لِلْحَفْصِيِّ وَجَزَمَ بِهِ الْكَلَابَاذِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ أَطْرَافِ خَلَفٍ أَنَّهُ وَجَدَ فِي حَاشِيَةٍ أَنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ انْتَهَى وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ شَبُّوَيْهِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي تُمَيْلَةَ أَيْضًا مِمَّنِ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ مُحَمَّدُ بْنُ حميد الرَّازِيّ لكنه خَالف فِي اسْم صحابية كَمَا سَيَأْتِي وَلَيْسَ هُوَ مِمَّنْ خَرَّجَ عَنْهُمْ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَأَبُو تُمَيْلَةَ بِالْمُثَنَّاةِ مُصَغَّرًا مَرْوَزِيٌّ قِيلَ إِنَّ الْبُخَارِيَّ ذَكَرَهُ فِي الضُّعَفَاءِ لَكِنْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِي التَّصْنِيفِ الْمَذْكُورِ قَالَهُ الذَّهَبِيُّ ثُمَّ إِنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي نَعَمْ تَفَرَّدَ بِهِ شَيْخُهُ فُلَيْحٌ وَهُوَ مضعف عِنْد بن مَعِينٍ وَالنَّسَائِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ وَوَثَّقَهُ آخَرُونَ فَحَدِيثُهُ مِنْ قَبِيلِ الْحَسَنِ لَكِنْ لَهُ شَوَاهِدُ مِنْ حَدِيث بن عُمَرَ وَسَعْدٍ الْقَرَظِ وَأَبِي رَافِعٍ وَعُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ وَغَيْرِهِمْ يُعَضِّدُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَعَلَى هَذَا هُوَ مِنَ الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ قِسْمَيِ الصَّحِيحِ

[ قــ :957 ... غــ :986] .

     قَوْلُهُ  عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ هُوَ بن أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى الْأَنْصَارِيُّ .

     قَوْلُهُ  إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ كَانَ تَامَّةٌ أَيْ إِذَا وَقَعَ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى الْعِيدِ رَجَعَ مِنْ غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّذِي ذَهَبَ فِيهِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ أَخَذَ بِهَذَا بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فَاسْتَحَبَّهُ لِلْإِمَامِ وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ انْتَهَى وَالَّذِي فِي الْأُمِّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ.

     وَقَالَ  الرَّافِعِيّ لم يتَعَرَّض فىالوجيز إِلَّا لِلْإِمَامِ اه وَبِالتَّعْمِيمِ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنْ عُلِمَ الْمَعْنَى وَبَقِيَتِ الْعِلَّةُ بَقِيَ الْحُكْمُ وَإِلَّا انْتَفَى بِانْتِفَائِهَا وَإِنْ لَمْ يُعْلَمِ الْمَعْنَى بَقِيَ الِاقْتِدَاءُ.

     وَقَالَ  الْأَكْثَرُ يَبْقَى الْحُكْمُ وَلَوِ انْتَفَتِ الْعِلَّةُ لِلِاقْتِدَاءِ كَمَا فِي الرَّمْلِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى أَقْوَالٍ كَثِيرَةٍ اجْتَمَعَ لِي مِنْهَا أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ وَقَدْ لَخَّصْتُهَا وَبَيَّنْتُ الْوَاهِيَ مِنْهَا قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَالِكِيُّ ذُكِرَ فِي ذَلِكَ فَوَائِدُ بَعْضُهَا قَرِيبٌ وَأَكْثَرُهَا دَعَاوَى فَارِغَةٌ انْتَهَى فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِيَشْهَدَ لَهُ الطَّرِيقَانِ وَقِيلَ سُكَّانُهُمَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَقِيلَ لِيُسَوَّى بَيْنِهِمَا فِي مَزِيَّةِ الْفَضْلِ بِمُرُورِهِ أَوْ فِي التَّبَرُّكِ بِهِ أَوْ لِيَشُمَّ رَائِحَةَ الْمِسْكِ مِنَ الطَّرِيقِ الَّتِي يَمُرُّ بِهَا لِأَنَّهُ كَانَ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ وَقِيلَ لِأَنَّ طَرِيقَهُ لِلْمُصَلَّى كَانَتْ عَلَى الْيَمِينِ فَلَوْ رَجَعَ مِنْهَا لَرَجَعَ عَلَى جِهَةِ الشِّمَالِ فَرَجَعَ مِنْ غَيْرِهَا وَهَذَا يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَقِيلَ لِإِظْهَارِ شِعَارِ الْإِسْلَامِ فِيهِمَا وَقِيلَ لِإِظْهَارِ ذِكْرِ اللَّهِ وَقِيلَ لِيَغِيظَ الْمُنَافِقِينَ أَوِ الْيَهُودَ وَقِيلَ لِيُرْهِبَهُمْ بِكَثْرَةِ مَنْ مَعَهُ وَرجحه بن بَطَّالٍ وَقِيلَ حَذَرًا مِنْ كَيْدِ الطَّائِفَتَيْنِ أَوْ إِحْدَاهُمَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لم يكرره قَالَه بن التِّينِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مُوَاظَبَتِهِ عَلَى مُخَالَفَةِ الطَّرِيقِ الْمُوَاظَبَةُ عَلَى طَرِيقٍ مِنْهَا مُعَيَّنٍ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ مِنْ طَرِيقِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبِ مُرْسَلًا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْدُو يَوْمَ الْعِيدِ إِلَى الْمُصَلَّى مِنَ الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ وَيَرْجِعُ مِنَ الطَّرِيقِ الْأُخْرَى وَهَذَا لَوْ ثَبَتَ لقوى بحث بن التِّينِ وَقِيلَ فَعَلَ ذَلِكَ لِيَعُمَّهُمْ فِي السُّرُورِ بِهِ أَوِ التَّبَرُّكِ بِمُرُورِهِ وَبِرُؤْيَتِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ فِي الِاسْتِفْتَاءِ أَوِ التَّعَلُّمِ وَالِاقْتِدَاءِ وَالِاسْتِرْشَادِ أَوِ الصَّدَقَةِ أَوِ السَّلَامِ عَلَيْهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقِيلَ لِيَزُورَ أَقَارِبَهُ الْأَحْيَاءَ وَالْأَمْوَاتَ وَقِيلَ لِيَصِلْ رَحِمَهُ وَقِيلَ لِيَتَفَاءَلَ بِتَغَيُّرِ الْحَالِ إِلَى الْمَغْفِرَةِ وَالرِّضَا وَقِيلَ كَانَ فِي ذَهَابِهِ يَتَصَدَّقُ فَإِذَا رَجَعَ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ شَيْءٌ فَيَرْجِعُ فِي طَرِيقٍ أُخْرَى لِئَلَّا يَرُدَّ مَنْ يَسْأَلهُ وَهَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا مَعَ احْتِيَاجِهِ إِلَى الدَّلِيلِ وَقِيلَ فَعَلَ ذَلِكَ لِتَخْفِيفِ الزِّحَامِ وَهَذَا رَجَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَيَّدَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ بِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي حَدِيث بن عُمَرَ فَقَالَ فِيهِ لِيَسَعَ النَّاسَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ وَبِأَنَّ قَوْلَهُ لِيَسَعَ النَّاسَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُفَسر ببركته وفضله وَهَذَا الَّذِي رَجحه بن التِّينِ وَقِيلَ كَانَ طَرِيقُهُ الَّتِي يَتَوَجَّهُ مِنْهَا أَبْعَدَ مِنَ الَّتِي فِيهَا فَأَرَادَ تَكْثِيرَ الْأَجْرِ بِتَكْثِيرِ الْخَطَأِ فِي الذَّهَابِ.

.
وَأَمَّا فِي الرُّجُوعِ فَلْيُسْرِعْ إِلَى مَنْزِلِهِ وَهَذَا اخْتِيَارُ الرَّافِعِيِّ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَبِأَنَّ أَجْرَ الْخُطَا يُكْتَبُ فِي الرُّجُوعِ أَيْضًا كَمَا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ فَلَوْ عُكِسَ مَا قَالَ لَكَانَ لَهُ اتِّجَاهٌ وَيَكُونُ سُلُوكُ الطَّرِيقِ الْقَرِيبِ لِلْمُبَادَرَةِ إِلَى فِعْلِ الطَّاعَةِ وَإِدْرَاكِ فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَقِيلَ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقِفُ فِي الطُّرُقَاتِ فَأَرَادَ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ فريقان مِنْهُم.

     وَقَالَ  بن أَبِي جَمْرَةَ هُوَ فِي مَعْنَى قَوْلِ يَعْقُوبَ لِبَنِيهِ لَا تدْخلُوا من بَاب وَاحِد فَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ حَذَرَ إِصَابَةِ الْعَيْنِ وَأَشَارَ صَاحِبُ الْهُدَى إِلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمُحْتَمَلَةِ الْقَرِيبَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ فُلَيْحٍ وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ كَذَا عِنْد جُمْهُور رُوَاة البُخَارِيّ من طَرِيقِ الْفَرَبْرِيِّ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَصَحُّ يُبَايِنُ قَوْلَهُ تَابَعَهُ إِذْ لَوْ تَابَعَهُ لَسَاوَاهُ فَكَيْفَ تَتَّجِهُ الْأَصَحِّيَّةُ الدَّالَّةُ عَلَى عَدَمِ الْمُسَاوَاةِ وَذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ أَنَّهُ سَقَطَ .

     قَوْلُهُ  وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَعْقِلٍ النَّسَفِيِّ عَنِ الْبُخَارِيِّ فَلَا إِشْكَالَ فِيهَا قَالَ وَوَقع فِي رِوَايَة بن السَّكَنِ تَابَعَهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ فُلَيْحٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي هَذَا تَوْجِيهُ قَوْلِهِ أَصَحُّ وَيَبْقَى الْإِشْكَالُ فِي قَوْلِهِ تَابَعَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يُتَابِعْهُ بَلْ خَالَفَهُ وَقَدْ أَزَالَ هَذَا الْإِشْكَالَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ فَقَالَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي تُمَيْلَةَ.

     وَقَالَ  تَابَعَهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ فُلَيْحٍ.

     وَقَالَ  مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ عَنْ فُلَيْحٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ وَبِهَذَا جَزَمَ أَبُو مَسْعُودٍ فِي الْأَطْرَافِ وَكَذَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْبَرْقَانِيُّ.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيُّ إِنَّهُ وَقَعَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَكَأَنَّهَا رِوَايَةُ حَمَّادِ بْنِ شَاكِرٍ عَنِ الْبُخَارِيِّ ثُمَّ رَاجَعْتْ رِوَايَةُ النَّسَفِيِّ فَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ فَسَلِمَ مِنَ الْإِشْكَالِ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ التِّرْمِذِيِّ رَوَاهُ أَبُو تُمَيْلَةَ وَيُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ فُلَيْحٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ جَابِرٍ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ سَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ الْفَرَبْرِيِّ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ عَنْ فُلَيْحٍ فَقَطْ وَبَقِيَ مَا عَدَا ذَلِكَ هَذَا عَلَى رِوَايَةِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ وَقَدْ وَقَعَ كَذَلِكَ فِي نُسْخَتِي مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنْ مَشَايِخِهِ.

.
وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْبَاقِينَ فَيَكُونُ سَقَطَ إِسْنَادُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ كُلُّهُ.

     وَقَالَ  أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِيُّ فِي حَاشِيَةِ نُسْخَتِهِ الَّتِي بِخَطِّهِ مِنَ الْبُخَارِيِّ لَا يَظْهَرُ مَعْنَاهُ مِنْ ظَاهر الْكتاب وَإِنَّمَا هِيَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ أَبَا تُمَيْلَةَ وَيُونُسَ الْمُتَابِعَ لَهُ خُولِفَا فِي سَنَدِ الْحَدِيثِ وَرِوَايَتُهُمَا أَصَحُّ وَمُخَالِفُهُمَا وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ رَوَاهُ عَن فليح شيخهما فخالفهما فِي صحابيه فَقَالَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

.

قُلْتُ فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ أَيْ مِنْ حَدِيثِ مَنْ قَالَ فِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدِ اعْتَرَضَ أَبُو مَسْعُودٍ فِي الْأَطْرَافِ عَلَى قَوْلِهِ تَابَعَهُ يُونُسُ اعْتِرَاضًا آخَرَ فَقَالَ إِنَّمَا رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ فُلَيْحٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا جَابِرٍ وَأُجِيبَ بِمَنْعِ الْحَصْرِ فَإِنَّهُ ثَابِتٌ عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ كَمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجَيْهِمَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ يُونُسَ وَكَذَا هُوَ فِي مُسْنده ومصنفه نعم رَوَاهُ بن خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ كَمَا قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ وَكَأَنَّهُ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ وَكَذَا اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى أَبِي تُمَيْلَةَ فَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ فَقَالَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

.
وَأَمَّا رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ الْمُشَارُ إِلَيْهَا فَوَصَلَهَا الدَّارمِيّ وسمويه كِلَاهُمَا عَنهُ وَالتِّرْمِذِيّ وبن السَّكَنِ وَالْعُقَيْلِيُّ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِهِ بِلَفْظِ كَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ فِي طَرِيقٍ رَجَعَ فِي غَيْرِهِ وَذَكَرَ أَبُو مَسْعُودٍ أَنَّ الْهَيْثَمَ بْنَ جَمِيلٍ رَوَاهُ عَنْ فُلَيْحٍ كَمَا قَالَ بن الصَّلْتِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالَّذِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ مِنْ فُلَيْحٍ فَلَعَلَّ شَيْخَهُ سَمِعَهُ مِنْ جَابِرٍ وَمِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَيُقَوِّي ذَلِكَ اخْتِلَافُ اللَّفْظَيْنِ وَقَدْ رَجَّحَ الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ عَنْ جَابِرٍ وَخَالَفَهُ أَبُو مَسْعُودٍ وَالْبَيْهَقِيُّ فَرَجَّحَا أَنَّهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَظْهَرْ لي فِي ذَلِك تَرْجِيح وَالله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
من خالف الطريق إذا رجع يوم العيد
[ قــ :957 ... غــ :986 ]
- حدثنا محمد: ثنا أبو تميلة يحيى بن واضح، عن فليح بن سلمان، عن سعيد بن الحارث، عن جابر بن عبد الله، قال: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا كان يوم عيد خالف الطريق.

تابعه: يونس بن محمد، عن فليح، عن سعيد، عن أبي هريرة.

وحديث جابر أصح.

كذا في بعض النسخ: ( ( تابعه: يونس، عن فليح، عن سعيد، عن أبي
هريرة)
)
وهي رواية ابن السكن.

ويقال: إن ذلك من إصلاحه.

وفي أكثر النسخ: ( ( تابعه: يونس بن محمد، عن فليح، وحديث جابر
أصح)
)
.

وذكر أبو مسعود الدمشقي: أن البخاري قالَ: ( ( تابعه يونس بن محمد، عن فليح.
قال: وقال: محمد بن الصلت: عن فليح، عن سعيد، عن أبي هريرة، وحديث جابر أصح)
)
.

ثم ذكر أن ذلك وهم منه - يعني: متابعة يونس لأبي تميلة -، وإنما رواه يونس ومحمد بن الصلت، كلاهما عن فليح، عن سعيد، عن أبي هريرة.

وكذا رواه الهيثم بن جميل، عن فليح، وأن البخاري أراد أن يونس قال فيهِ: ( ( عن جابر) ) .

وفيه: إشارة إلى أن غيرهما خالف في ذكر جابر، وإن ذكره أصح، وما ذكره أبو مسعود تصريح بذلك.

وقوله: ( ( وحديث جابر) ) يدل عليه، والله أعلم.

وحاصل الأمر: أنه اختلف في إسناده على فليح:
فرواه، عنه الأ كثرون، منهم: محمد بن الصلت والهيثم بن جميل وسريج، فقالوا: عن سعيد بن الحارث، عن أبي هريرة.

وخالفهم أبو تميلة يحيى بن واضح، فرواه عن سعيد بن الحارث، عن جابر.

وعند البخاري، أن هذا أصح.

وأما يونس بن محمد، فرواه عن فليح، واختلف عنه:
فذكر البخاري والترمذي في ( ( جامعه) ) : أنه رواه عن فليح عن سعيد، عن
جابر، متابعة لأبي تميلة.

وكذا رواه ابن خزيمة وابن حبان في ( ( صحيحيهما) ) .

وكذلك خرجه البيهقي من رواية محمد بن عبيد الله المنادي، عن يونس.

وقد قال مهنا: قلت لأحمد: هل سمع سعيد بن الحارث من أبي هريرة؟ فلم يقل شيئاً.

وقد ذكر البيهقي: أن أبا تميلة روي عنه، عن فليح، عن سعيد، عن أبي هريرة –أيضاً.

ثم خرجه من طريق أحمد بن عمرو الحرشي، عن أبي تميلة كذلك.

فتبين بهذا: أن ابا تميلة ويونس اختلف عليهما في ذكر: ( ( أبي هريرة وجابر) ) ، وأن اكثر الرواة قال فيه: ( ( عن أبي هريرة) ) ، ومنهم من اختلف عليه في ذكر ( ( أبي هريرة وجابر) ) .

وقد ذكر الإمام أحمد، أنه حديث أبي هريرة، وهذا يدل على أن المحفوظ قول من قالَ: ( ( عن أبي هريرة) ) ، كما قاله أبو مسعود، خلاف ما قاله البخاري.

وفي الباب: أحاديث أخر، ليست على شرط البخاري.

ومن أجودها: حديث عبد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخذ يوم العيد في طريق، ثم رجع من طريق آخر.

خرجه أبو داود.

وخرجه ابن ماجه، وعنده: أن ابن عمر كان يخرج إلى العيد في طريق، ويرجع في أخرى، ويزعم أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يفعله.

وقد استغربه الإمام أحمد، وقال: لم أسمع هذا قط.

وقال –أيضاً -: العمري يرفعه، ومالك وابن عيينة لا يرفعانه.

يعني: يقفانه على ابن عمر من فعله.

قيل له: قد رواه عبيد الله –يعني: أخا العمري، عن نافع، عن ابن عمر؟
فأنكره، وقال: من رواه؟ قيل لهُ: عبد العزيز بن محمد – يعني: الدراوردي.

- قالَ: عبد العزيز يروي مناكير.
وقال البرقاني: سألت الدارقطني: هل رواه عن نافع غير العمري؟ قَالَ: من وجه يثبت، لا.
ثُمَّ قالَ: روي عن مالك، عن نافع، ولكن لايثبت.
انتهى.

والصحيح عن مالك وغيره: وقفه دون رفعه.

وكذا رواه وكيع عن العمري - موقوفا.

وقد استحب كثير من أهل العلم للإمام وغيره إذا ذهبوا في طريق إلى العيد أن يرجعوا في غيره، وهو قول مالك والثوري والشافعي وأحمد.

وألحق الجمعة بالعيد في ذلك.

ولو رجع من الطريق الذي خرج منه لم يكره.

وفي ( ( سنن أبي داود) ) حديث، فيه: أن أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانوا يفعلون ذلك في زمانه..
وتكلم الناس في المعنى الذي لأجله يسحب مخالفة الطريق، وكثر قولهم في ذلك، وأكثره ليس بقوي.

وقد روي في حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يغدو من طريق ويرجع من اخر؛ ليتسع الناس في الطريق.

وعبد الرحمن هذا، ضعيف جداً.
ومعنى الاتساع في الطريق: أنه يخشى كثرة الزحام في الطريق الأول.

وهذا أحد ما قيل في معناه.

وقيل: ليشهد به الطريقان.

وقيل: ليتصدق على من كان فيهما من السؤال.

وقيل: ليكثر التقاء المسلمين بعضهم ببعض للسلام والتودد.

وقيل: للتفاؤل بتغير الحال إلى الرضى والمغفرة؛ فإنه يرجى لمن شهد العيد أن يرجع مغفوراً لهُ.

وقيل: كان يغدو في أطول الطريقين ويرجع في أقصرهما؛ لتكثر خطاه في المشي إلى الصَّلاة.

وهذا هو الذي رجحه كثير من الشافعية.

وقد روي في حديث عكس هذا:
فرواه سليمان بن أرقم، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبو بكر وعثمان إذا خرجوا إلى العيد من طريق رجعوا في طريق آخر أبعد منه.

وسليمان بن أرقم، متروك.

ولا أصل لحديثه هذا بهذا الإسناد.

وعلى تقدير أن يكون له أصل، فيمكن توجيهه بأن القاصد لصلاة العيد ينبغي له قصدها من أقرب الطرق؛ لأنه إن كانَ أماماً فلئلا يطول انتظاره، وان كانَ مأموماً فخشية أن يسبق بالصلاة أو بعضها، أو أن يتمكن من صلاتها في مكان يمكنه الاقتداء فيهِ بالإمام؛ ولهذا شرع له التبكير؛ ليقرب من الإمام.

والراجع من الصَّلاة قد أمن ذَلِكَ كله، فيمشي حيث شاء، ويسلك أبعد الطرق، ويقف فيها لحاجته وللقاء الناس والسلام عليهم والدعاء لهم، وغير ذَلِكَ من المصالح.

وقد روي عن جماعة من الصحابة والتابعين، أنهم كانوا يتلاقون يوم العيد، ويدعو بعضهم لبعض بالقبول.

ورخص فيه الإمام أحمد، وقال: لا أبتدئ به أحداً، فإن قاله لي، رددت عليه.

وقال - مرة -: ما أحسنه، إلا أن يخاف الشهرة.

كأنه يشير إلى أنه يخشى أن يشتهر المعروف بالدين والعلم بذلك، فيقصد لدعائه، فيكره لما فيه من الشهرة.

وقد خرج الإمام أحمد من حديث المنكدر بن محمد، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي، قال: رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قائماً في السوق يوم العيد، ينظر والناس
يمرون.

ورواه الشافعي، عن إبراهيم بن محمد: حدثني معاذ بن عبد الرحمن التيمي، عن أبيه، عن جده، أنه رأى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجع من المصلى في يوم عيد، فسلك على التمارين أسفل السوق، حتى إذا كان عند موضع البركة التي بالسوق قام فاستقبل فج
أسلم، فدعا ثم انصرف.

قال الشافعي: فأحب أن يصنع الإمام مثل هذا، وأن يقف في موضع يدعو الله - عز وجل -، مستقبل القبلة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَنْ خَالَفَ الطَّرِيقَ إِذَا رَجَعَ يَوْمَ الْعِيدِ
( باب من خالف الطريق) التي توجه منها إلى المصلّى ( إذا رجع يوم العيد) بعد الصلاة.



[ قــ :957 ... غــ : 986 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ".

تَابَعَهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ فُلَيْحٍ.
وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ.

وبالسند قال: ( حدّثنا محمد) غير منسوب، ولابن عساكر هو: ابن سلام، كما في هامش فرع اليونينية.

وفي رواية أبي على بن السكن، فيما ذكره في الفتح: حدّثنا محمد بن سلام، وكذا للحفصي، وجزم به الكلاباذي وغيره، ولأبي علي بن شبويه: إنه محمد بن مقاتل.
قال الحافظ ابن حجر: والأول هو المعتمد.

( قال: أخبرنا) وللأصيلي، وابن عساكر: حدّثنا ( أبو تميلة) المثناة الفوقية وسكون التحتية بينهما ميم مفتوحة، مصغرًا ( يحيى بن واضح) الأنصاري المروزي.

قيل: إنه ضعيف، لذكر المؤلّف له في الضعفاء، وتفرد به شيخه، وهو مضعف عند ابن معين، والنسائي وأبي داود.
وثّقه آخرون، فحديثه من قبيل الحسن، لكن له شواهد من حديث ابن عمر، وسعد القرظ، وأبي رافع، وعثمان بن عبيد الله التميمي، فصار من القسم الثاني من قسمي الصحيح.
قاله شيخ الصنعة: ابن حجر.

( وعن فليح بن سليمان) بضم أولهما وفتح ثانيهما ( عن سعيد بن الحرث) بن المعلى الأنصاري المدني، قاضيها ( عن جابر) ولأبي ذر، وابن عساكر: عن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما ( قال) :
كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إذا كان يوم عيد بالرفع فاعل كان، وهي تامة تكتفي بمرفوعها، أي: إذا وقع يوم عيد وجواب: إذا، قوله: ( خالف الطريق) رجع في غير طريق الذهاب إلى المصلّى.

قال في المجموع: وأصح الأقوال في حكمته: أنه كان يذهب في أطولهما تكثيرًا للأجْر، ويرجع في أقصرهما.
لأن الذهاب أفضل من الرجوع.

وأما قول إمام الحرمين وغيره: إن الرجوع ليس بقربه، فعورض بأن أجر الخطا يكتب في الرجوع أيضًا، كما ثبت في حديث أُبيّ بن كعب عند الترمذي وغيره.

وقيل: خالف ليشهد له الطريقان، أو أهلهما من الجن والإنس، أو ليتبرك به أهلهما، أو ليُستفتى فيهما، أو ليتصدق على فقرائهما، أو ليزور قبور أقاربه فيهما، أو ليصل رحمه، أو للتفاؤل بتغير الحال إلى المغفرة والرضا، أو لإظهار شعار الإسلام فيهما، أو ليغيظ المنافقين أو اليهود، أو ليرهبهم بكثرة من معه، أو حذرّا من إصابة العين، فهو في معنى قول يعقوب لبنيه، عليهم الصلاة والسلام: { لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ} [يوسف: 67] .
ثم من شاركه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في المعنى، ندب له
ذلك وكذا من لم يشاركه في الأظهر تأسيًا به عليه الصلاة والسلام: كالرّمل والاضطباع سواء فيه الإمام والقوم.

واستحب في الأم أن يقف الإمام في طريق رجوعه إلى القبلة، ويدعو، وروي فيه حديثًا.
اهـ.

ورواة الحديث: الثاني: مروزي، والثالث والرابع: مدنيان، وفيه: التحديث والإخبار والعنعنة والقول.

( تابعه) أي: تابع أبا تميلة المذكور ( يونس بن محمد) البغدادي المؤدب، فيما وصله الإسماعيلي من طريق ابن لم شيبة ( عن فليح) ولأبي ذر، وعن سعيد ( عن أبي هريرة) .

( وحديث جابر أصح) .
كذا عند جمهور رواة البخاري من طريق الفربري.

واستشكل: بأن المتابعة لا تقتضي المساواة، فكيف تقتضي الأضحية؟
وأجيب: بأنه سقط في رواية إبراهيم بن معقل النسفيّ، عن البخاري، فيما أخرجه الجياني، قوله: وحديث جابر أصح.
وبأن أبا نعيم في مستخرجه قال: أخرجه البخاري عن أبي نميلة.
وقال: تابعه يونس بن محمد عن فليح.

وقال محمد بن الصلت، عن فليح، عن سعيد، عن أبي هريرة.
وحديث جابر أصح، وبذلك جزم أبو مسعود في الأطراف، فيكون حديث أبي هريرة صحيحًا، وحديث جابر أصح منه، ولذلك قال الترمذي، بعد أن ساق حديث أبي هريرة: حديث غريب.

وحينئذ فيكون سقط من رواية الفربري قوله: وقال محمد بن الصلت عن فليح فقط.
هذا على رواية ابن السكن، وأما على رواية الباقين فسقط إسناد محمد بن الصلت كله.

والحاصل كما قاله الكرماني: أن الصواب إما طريقة النسفيّ التي بالإسقاط، وإما طريقة أبي نعيم وأبي مسعود بزيادة حديث ابن الصلت الموصولة عند الدارمي، طريقة الفربري.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابُُ مَنْ خالَفَ الطَّرِيقَ إذَا رَجَعَ يَوْمَ العِيدِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم من خَالف الطَّرِيق الَّتِي توجه فِيهَا إِذا رَجَعَ يَوْم الْعِيد.



[ قــ :957 ... غــ :986 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدٌ قَالَ أخبرنَا أبُو تُمَيْلَةَ يحْيى بنُ وَاضِحٍ عنْ فُلَيْحِ بنِ سُلَيْمَانَ عنْ سَعِيدِ بنِ الحَارِثِ عنْ جابِرٍ قَالَ كانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا كانَ يَوْمُ عِيدٍ خالَفَ الطَّرِيقَ

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: مُحَمَّد، كَذَا وَقع للأكثرين غير مَنْسُوب، وَفِي رِوَايَة ابي عَليّ بن السكن: حَدثنَا مُحَمَّد بن سَلام، وَكَذَا للحفصي، وَجزم بِهِ الكلاباذي، وَكَذَا ذكره أَبُو الْفضل بن طَاهِر، وَكَذَا الْكرْمَانِي فِي شَرحه، وَذكر فِي أَطْرَاف خلف أَنه وجد حَاشِيَة هُوَ: مُحَمَّد بن مقَاتل.
الثَّانِي: أَبُو تُمَيْلة بِضَم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَفتح الْمِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف واسْمه يحيى بن وَاضح الْأنْصَارِيّ الْمروزِي.
الثَّالِث: فليح، بِضَم الْفَاء: ابْن سُلَيْمَان، تقدم فِي أول كتاب الْعلم.
الرَّابِع: سعيد بن الْحَارِث بن الْمُعَلَّى الْأنْصَارِيّ الْمدنِي قاضيها.
الْخَامِس: جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ.

ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وبصيغة الْإِخْبَار كَذَلِك.
وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين.
وَفِيه: أَن شَيْخه غير مَنْسُوب على الِاخْتِلَاف.
وَفِيه: الثَّانِي من الروَاة مروزي وَالثَّالِث وَالرَّابِع مدنيان.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (إِذا كَانَ) ، كَانَ هَذِه تَامَّة.
وَقَوله: (يَوْم عيد) اسْمه فَلَا يحْتَاج إِلَى خبر.
وَقَوله: خَالف الطَّرِيق) جَوَاب الشَّرْط مَعْنَاهُ: كَانَ الرُّجُوع فِي غير طَرِيق الذّهاب إِلَى الْمصلى، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: (كَانَ إِذا خرج إِلَى الْعِيد رَجَعَ من غير الطَّرِيق الَّذِي ذهب فِيهِ) .

وَالْحكمَة فِيهِ على مَا ذكره أَكثر الشُّرَّاح أَنه ينتهى إِلَى عشرَة أوجه، وَلَكِن أَكثر من ذَلِك، بل رُبمَا ذكرُوا فِيهِ مَا يَنْتَهِي إِلَى عشْرين وَجها.
الأول: ى نه فعل ذَلِك لتشهد لَهُ الطريقان.
الثَّانِي: ليشهد لَهُ الْإِنْس وَالْجِنّ من سكان الطَّرِيق.
الثَّالِث: ليسوي بَينهمَا فِي مرتبَة الْفضل بمرورة.
الرَّابِع: لِأَن طَرِيقه إِلَى الْمصلى كَانَت على الْيَمين فَلَو رَجَعَ مِنْهَا لرجع على جِهَة الشمَال، فَرجع من غَيرهَا.
الْخَامِس: لإِظْهَار شَعَائِر الْإِسْلَام فيهمَا.
السَّادِس: لإِظْهَار ذكر الله تَعَالَى.
السَّابِع: ليغيظ الْمُنَافِقين أَو الْيَهُود.
الثَّامِن: ليرهبهم بِكَثْرَة من مَعَه.
التَّاسِع: للحذر من كيد الطَّائِفَتَيْنِ أَو من إِحْدَاهمَا.
الْعَاشِر: ليعم أهل الطَّرِيقَيْنِ بالسرور بِهِ.
الْحَادِي عشر: ليتبركوا بمروره وبرؤيته.
الثَّانِي عشر: ليقضي حَاجَة من يحْتَاج إِلَيْهَا من نَحْو صَدَقَة أَو استرشاد إِلَى شَيْء أَو استشفاع وَنَحْو ذَلِك.
الثَّالِث عشر: ليجيب من يستفتي فِي أَمر دينه.
الرَّابِع عشر: ليسلم عَلَيْهِم فَيحصل لَهُم أجر الرَّد.
الْخَامِس عشر: ليزور أَقَاربه الْأَحْيَاء والأموات.
السَّادِس عشر: ليصل رَحمَه.
السَّابِع عشر: ليتفاءل بِتَغَيُّر الْحَال إِلَى الْمَغْفِرَة والرضى.
الثَّامِن عشر: لِأَنَّهُ كَانَ يتَصَدَّق فِي ذَهَابه، فَإِذا رَجَعَ لم يبْق مَعَه شَيْء فَيرجع فِي طَرِيق أُخْرَى لِئَلَّا يرد من سَأَلَهُ.
التَّاسِع عشر: فعل ذَلِك لتخفيف الزحام.
الْعشْرُونَ: لِأَنَّهُ كَانَ طَرِيقه الَّتِي يتَوَجَّه مِنْهَا أبعد من الَّتِي يرجع فِيهَا، فَأَرَادَ تَكْثِير الْأجر بتكثير الخطى فِي الذّهاب،.

     وَقَالَ  بَعضهم: ثَبت من هَذِه الْأَوْجه مَا كَانَ الواهي مِنْهَا، وَنقل عَن القَاضِي عبد الْوَهَّاب: أَن أَكْثَرهَا دعاوى فارغة.
قلت: هَذِه كلهَا اختراعات جَيِّدَة فَلَا تحْتَاج إِلَى دَلِيل، وَلَا إِلَى تَصْحِيح وتضعيف.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: وَهُوَ اسْتِحْبابُُ مُخَالفَة الطَّرِيق يَوْم الْعِيد فِي الذّهاب إِلَى الْمصلى وَالرُّجُوع مِنْهُ، فجمهور الْعلمَاء على اسْتِحْبابُُ ذَلِك، قَالَ مَالك: وأدركنا الْأَئِمَّة يَفْعَلُونَهُ،.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة: يسْتَحبّ لَهُ ذَلِك، فَإِن لم يفعل فَلَا حرج عَلَيْهِ،.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ: أَخذ بِهَذَا بعض أهل الْعلم فاستحبه للْإِمَام، وَبِه يَقُول الشَّافِعِي، وَذكر فِي (الْأُم) : أَنه يسْتَحبّ للْإِمَام وَالْمَأْمُوم، وَبِه قَالَ أَكثر الشَّافِعِيَّة..
     وَقَالَ  الرَّافِعِيّ: لم يتَعَرَّض فِي (الْوَجِيز) إلاّ للْإِمَام، وبالتعميم قَالَ أَكثر أهل الْعلم، وَمِنْهُم من قَالَ: إِن علم الْمَعْنى وَثبتت الْعلَّة بَقِي الحكم، وإلاّ انْتَفَى بانتفائها، فَإِن لم يعلم الْمَعْنى بَقِي الِاقْتِدَاء..
     وَقَالَ  الْأَكْثَرُونَ: يبْقى الحكم وَلَو انْتَفَت الْعلَّة للاقتداء، كَمَا فِي الرمل وَغَيره.

تابَعَهُ يُونُسُ بنُ مُحَمَّدٍ عنْ فُلَيْحٍ عنْ سَعِيدٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ وحَدِيثُ جَابِرٍ أصَحُّ
أَي: تَابع أَبَا تُمَيْلة يُونُس بن مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ أَبُو مُحَمَّد الْمُؤَدب، وَقد مر فِي: بابُُ الْوضُوء مرَّتَيْنِ، ومتابعته إِيَّاه فِي رِوَايَته عَن فليح عَن سعيد الْمَذْكُور عَن أبي هُرَيْرَة، هَكَذَا وَقع عِنْد جُمْهُور رَوَاهُ البُخَارِيّ من طَرِيق الْفربرِي، وَلَكِن فِيهِ إِشْكَال وَاعْتِرَاض على البُخَارِيّ، لِأَن قَوْله: (وَحَدِيث جَابر أصح) يُنَافِي قَوْله: (تَابعه) ، لِأَن الْمُتَابَعَة تَقْتَضِي الْمُسَاوَاة، فَكيف تَقْتَضِي الأصحية؟ لِأَن قَوْله: أصح، أفعل التَّفْضِيل، فَيَقْتَضِي زِيَادَة على الْمفضل عَلَيْهِ، وَيَزُول الْإِشْكَال بِأحد الْوَجْهَيْنِ: أَحدهمَا: بِمَا ذكره أَبُو عَليّ الجبائي: إِنَّه سقط قَوْله: وَحَدِيث جَابر أصح من رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن معقل النَّسَفِيّ عَن البُخَارِيّ.
وَالْآخر: بِمَا ذكره أَبُو مَسْعُود فِي كِتَابه، قَالَ قَالَ: البُخَارِيّ فِي كتاب الْعِيدَيْنِ: قَالَ مُحَمَّد بن الصَّلْت: عَن فليح عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة بِنَحْوِ حَدِيث جَابر، فَقَالَ الغساني: لم يَقع لنا فِي (الْجَامِع) حَدِيث مُحَمَّد بن الصَّلْت إلاّ من طَرِيق أبي مَسْعُود، وَلَا غنى بِالْبابُُِ عَنهُ لقَوْل البُخَارِيّ: وَحَدِيث جَابر أصح.
قلت: حِينَئِذٍ تظهر الأصحية، لِأَنَّهُ يكون حَدِيث أبي هُرَيْرَة صَحِيحا وَيكون حَدِيث جَابر أصح مِنْهُ، أَلا ترى أَن التِّرْمِذِيّ روى فِي (جَامعه) : حَدثنَا عبد الْأَعْلَى وَأَبُو زرْعَة، قَالَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن الصَّلْت عَن فليح ابْن سُلَيْمَان عَن سعيد بن الْحَارِث عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: (كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا خرج يَوْم الْعِيد فِي طَرِيق رَجَعَ من غَيره) ، ثمَّ قَالَ: حَدِيث أبي هُرَيْرَة غَرِيب، وَرَوَاهُ أَبُو نعيم أَيْضا فِي مستخرجه بِمَا يزِيل الْإِشْكَال بِالْكُلِّيَّةِ، فَقَالَ: أخرجه البُخَارِيّ عَن مُحَمَّد عَن أبي تُمَيْلة،.

     وَقَالَ : تَابعه يُونُس بن مُحَمَّد عَن فليح،.

     وَقَالَ  مُحَمَّد بن الصَّلْت: عَن فليح عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة، وَحَدِيث جَابر أصح.
وَبِهَذَا أَشَارَ البرقاني أَيْضا.
وَكَذَا قَالَ الْبَيْهَقِيّ: أَنه وَقع كَذَلِك فِي بعض النّسخ، وَقد اعْترض على البُخَارِيّ أَيْضا بِوَجْهَيْنِ آخَرين: أَحدهمَا: هُوَ الَّذِي اعْتَرَضَهُ أَبُو مَسْعُود فِي (الْأَطْرَاف) على قَوْله: (تَابعه يُونُس) فَقَالَ: إِنَّمَا رَوَاهُ يُونُس بن مُحَمَّد عَن فليح عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة، إلاّ جَابر.
وَالْآخر: أَن البُخَارِيّ روى حَدِيث جَابر الْمَذْكُور وَحكم بِأَنَّهُ أصح من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، مَعَ كَون البُخَارِيّ قد أَدخل أَبَا تُمَيْلة فِي كِتَابه فِي الضُّعَفَاء.
وَأجِيب عَن الأول: بِمَنْع الْحصْر، فَإِن الْإِسْمَاعِيلِيّ وَأَبا نعيم أخرجَا فِي (مستخرجيهما) من طَرِيق أبي بكر بن أبي شيبَة: عَن يُونُس عَن فليح عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة.
وَعَن الثَّانِي: بِأَن أَبَا حَاتِم الرَّازِيّ قَالَ: تحول أَبُو تُمَيْلة فِي كِتَابه فِي الضُّعَفَاء، فَإِنَّهُ ثِقَة، وَكَذَا وَثَّقَهُ يحيى بن معِين وَالنَّسَائِيّ وَمُحَمّد بن سعد، وَاحْتج بِهِ مُسلم وَبَقِيَّة السِّتَّة..
     وَقَالَ  شَيخنَا الْحَافِظ زين الدّين، مدَار هَذَا الحَدِيث مَعَ هَذَا الِاخْتِلَاف على فليح بن سُلَيْمَان، وَهُوَ، إِن احْتج بِهِ الشَّيْخَانِ، فقد قَالَ فِيهِ ابْن معِين: لَا يحْتَج بحَديثه..
     وَقَالَ  فِيهِ مرّة، لَيْسَ هَذَا بِثِقَة،.

     وَقَالَ  مرّة: ضَعِيف، وَكَذَا قَالَ النَّسَائِيّ،.

     وَقَالَ  أَبُو دَاوُد: لَا يحْتَج بحَديثه،.

     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيّ: يَخْتَلِفُونَ فِيهِ، وَلَا بَأْس بِهِ..
     وَقَالَ  ابْن عدي: هُوَ عِنْدِي لَا بَأْس بِهِ..
     وَقَالَ  السَّاجِي: ثِقَة، وَذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات.