هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
921 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرٌو ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَسَدِيَّ ، حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الفِرَاشِ ، وَحَوَّلَ وَجْهَهُ ، وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ ، فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ : مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ : دَعْهُمَا ، فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا ، وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ ، يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالحِرَابِ ، فَإِمَّا سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِمَّا قَالَ : تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ ، فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ ، خَدِّي عَلَى خَدِّهِ ، وَهُوَ يَقُولُ : دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ ، قَالَ : حَسْبُكِ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَاذْهَبِي
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
921 حدثنا أحمد بن عيسى ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرنا عمرو ، أن محمد بن عبد الرحمن الأسدي ، حدثه عن عروة ، عن عائشة ، قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث ، فاضطجع على الفراش ، وحول وجهه ، ودخل أبو بكر ، فانتهرني وقال : مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فأقبل عليه رسول الله عليه السلام فقال : دعهما ، فلما غفل غمزتهما فخرجتا ، وكان يوم عيد ، يلعب السودان بالدرق والحراب ، فإما سألت النبي صلى الله عليه وسلم ، وإما قال : تشتهين تنظرين ؟ فقلت : نعم ، فأقامني وراءه ، خدي على خده ، وهو يقول : دونكم يا بني أرفدة حتى إذا مللت ، قال : حسبك ؟ قلت : نعم ، قال : فاذهبي
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن عَائِشَةَ ، قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الفِرَاشِ ، وَحَوَّلَ وَجْهَهُ ، وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ ، فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ : مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ : دَعْهُمَا ، فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا ، وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ ، يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالحِرَابِ ، فَإِمَّا سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِمَّا قَالَ : تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ ، فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ ، خَدِّي عَلَى خَدِّهِ ، وَهُوَ يَقُولُ : دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ ، قَالَ : حَسْبُكِ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَاذْهَبِي .

'A'icha dit: «Le Messager d'Allah (r ) entra chez moi et trouva deux femmes esclaves en train de chanter sur la bataille de Bu'âth. Il s'allongea sur la couche et tourna le visage. Mais en arrivant, Abu Bakr me rudoya et s'écria: Les chants du diable chez le Prophète (r )! Et le Messager d'Allah (r ) se retourna vers lui et lui dit: Laissele! Toutefois, après qu'il s'était rendormi, je leur fis signe et elles sortirent.

'A'icha dit: «Le Messager d'Allah (r ) entra chez moi et trouva deux femmes esclaves en train de chanter sur la bataille de Bu'âth. Il s'allongea sur la couche et tourna le visage. Mais en arrivant, Abu Bakr me rudoya et s'écria: Les chants du diable chez le Prophète (r )! Et le Messager d'Allah (r ) se retourna vers lui et lui dit: Laissele! Toutefois, après qu'il s'était rendormi, je leur fis signe et elles sortirent.

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( بابُُ الحِرَابِ والدَّرَق يَوْمَ العِيدِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان ذكر الحراب والدرق اللَّذين جَاءَ ذكرهمَا فِي الحَدِيث يَوْم الْعِيد، فَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن يَوْم الْعِيد يَوْم انبساط وانشراح يغْتَفر فِيهِ مَا لَا يغْتَفر فِي غَيره، والحراب، بِكَسْر الْحَاء: جمع حَرْبَة، والدرق بِفتْحَتَيْنِ: جمع درقة وَهِي الترس الَّذِي يتَّخذ من الْجُلُود

[ قــ :921 ... غــ :949 ]
- ( حَدثنَا أَحْمد قَالَ حَدثنَا ابْن وهب قَالَ أخبرنَا عَمْرو أَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْأَسدي حَدثهُ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت دخل عَليّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعِنْدِي جاريتان تُغنيَانِ بغناء بُعَاث فاضطجع على الْفراش وحول وَجهه وَدخل أَبُو بكر فَانْتَهرنِي.

     وَقَالَ  مزمارة الشَّيْطَان عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأقبل عَلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ دعهما فَلَمَّا غفل غمزتهما فخرجتا وَكَانَ يَوْم عيد يلْعَب السودَان بالدرق والحراب فإمَّا سَأَلت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَإِمَّا قَالَ أتشتهين تنظرين فَقلت نعم فأقامني وَرَاءه خدي على خَدّه وَهُوَ يَقُول دونكم يَا بني أرفدة حَتَّى إِذا مللت قَالَ حَسبك قلت نعم قَالَ فاذهبي)
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن الْمَذْكُور فِيهِ لفظ الدرق والحراب وَهَذِه الْمُنَاسبَة فِي مُجَرّد الذّكر لِأَن التَّرْجَمَة مَا وضعت لبَيَان حكمه وَلِهَذَا قَالَ ابْن بطال لَيْسَ فِي حَدِيث الْبابُُ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج بأصحاب الحراب مَعَه يَوْم الْعِيد وَلَا أَمر أَصْحَابه بالتأهب بِالسِّلَاحِ فَلَا يُطَابق الحَدِيث التَّرْجَمَة وَقد ذكرنَا وَجهه فَلَا يحْتَاج إِلَى مُطَابقَة تَامَّة بل أدنى الِاسْتِئْنَاس فِي ذَلِك كَاف.
( ذكر رِجَاله) وهم سِتَّة الأول أَحْمد بن عِيسَى بن حسان أَبُو عبد الله التسترِي مصري الأَصْل مَاتَ سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ تكلم فِيهِ يحيى بن معِين هَكَذَا وَقع أَحْمد بن عِيسَى فِي رِوَايَة أبي ذَر وَابْن عَسَاكِر وَبِه جزم أَبُو نعيم فِي الْمُسْتَخْرج وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وَقع حَدثنَا أَحْمد غير مَنْسُوب.

     وَقَالَ  أَبُو عَليّ بن السكن كل مَا فِي البُخَارِيّ حَدثنَا أَحْمد غير مَنْسُوب فَهُوَ أَحْمد بن صَالح.

     وَقَالَ  الْحَاكِم رُوِيَ فِي كتاب الصَّلَاة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع عَن أَحْمد عَن ابْن وهب فَقيل أَنه أَحْمد بن صَالح وَقيل أَحْمد بن عِيسَى التسترِي وَلَا يَخْلُو أَن يكون وَاحِدًا مِنْهُمَا فقد رُوِيَ عَنْهُمَا فِي جَامعه ونسيهما فِي مَوَاضِع وَذكر الكلاباذي عَن أبي أَحْمد الْحَافِظ أَحْمد عَن ابْن وهب فِي جَامع البُخَارِيّ هُوَ ابْن أخي ابْن وهب قَالَ الْحَاكِم وَهَذَا وهم وَغلط وَالدَّلِيل على ذَلِك أَن الْمَشَايِخ الَّذين ترك أَبُو عبد الله الرِّوَايَة عَنْهُم فِي الصَّحِيح قد رُوِيَ عَنْهُم فِي سَائِر تصانيفه كَابْن صَالح وَغَيره وَلَيْسَ عَن ابْن أخي وهب رِوَايَة فِي مَوضِع فَهَذَا يدلك على أَنه لم يكْتب عَنهُ أَو كتب عَنهُ ثمَّ ترك الرِّوَايَة عَنهُ أصلا.

     وَقَالَ  ابْن مندة كل مَا فِي البُخَارِيّ حَدثنَا أَحْمد عَن ابْن وهب فَهُوَ ابْن صَالح وَلم يخرج البُخَارِيّ عَن ابْن أخي ابْن وهب فِي صَحِيحه شَيْئا وَإِذا حدث عَن أَحْمد بن عِيسَى نسبه الثَّانِي عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ الثَّالِث عَمْرو بن الْحَارِث وَقد تكَرر ذكره الرَّابِع مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن نَوْفَل بن الْأسود الْأَسدي الْقرشِي الْمدنِي يَتِيم عُرْوَة دخل مصر فِي زمن بني أُميَّة وَمَات سنة سبع عشرَة وَمِائَة الْخَامِس عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام السَّادِس عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
( ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع وَفِيه الْإِخْبَار بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وَفِيه العنعنة فِي موضِعين وَفِيه القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه أَن الشّطْر الأول من الروَاة مصريون وَالثَّانِي مدنيون رَحِمهم الله.
( ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْجِهَاد عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس وَأخرجه أَيْضا عقيب هَذَا الْبابُُ وَفِي بابُُ نظر الْمَرْأَة إِلَى الْحَبَشَة وَفِي بابُُ إِذا قَامَ العَبْد يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَفِي حسن الْعشْرَة مَعَ الْأَهْل وَفِي بابُُ أَصْحَاب الحراب فِي الْمَسْجِد فَهَذِهِ سَبْعَة أَبْوَاب وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن هَارُون بن سعيد الْأَيْلِي وَيُونُس بن عبد الْأَعْلَى كِلَاهُمَا عَن ابْن وهب ( ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " دخل على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " زَاد فِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة " فِي أَيَّام منى " قَوْله " جاريتان " تَثْنِيَة جَارِيَة وَالْجَارِيَة فِي النِّسَاء كالغلام فِي الرِّجَال وَيُقَال على من دون الْبلُوغ مِنْهُمَا وَسَيَجِيءُ فِي الْبابُُ الَّذِي بعده من جواري الْأَنْصَار وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أم سَلمَة أَن إِحْدَاهمَا كَانَت لحسان بن ثَابت فِي الْعِيدَيْنِ لِابْنِ أبي الدُّنْيَا من طَرِيق فليح عَن هِشَام بن عُرْوَة " وحمامة وصاحبتها تُغنيَانِ " وَإِسْنَاده صَحِيح وَلم يذكر أحد من مصنفي أَسمَاء الصَّحَابَة حمامة هَذِه وَذكر الذَّهَبِيّ فِي التَّجْرِيد حمامة أم بِلَال رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ اشْتَرَاهَا أَبُو بكر وأعتقها قَوْله " تُغنيَانِ " جملَة فِي مَحل الرّفْع على أَنَّهَا صفة لجاريتين وَزَاد فِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ " تدففان " بفاءين أَي تضربان بالدف وَفِي رِوَايَة مُسلم عَن هِشَام " تُغنيَانِ بدف " وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ " دَفِين " والدف بِضَم الدَّال وَفتحهَا وَالضَّم أشهر وَيُقَال لَهُ أَيْضا الكربال بِكَسْر الْكَاف وَهُوَ الَّذِي لَا جلاجل فِيهِ فَإِن كَانَت فِيهِ فَهُوَ المزهر وَيَأْتِي فِي الْبابُُ الَّذِي بعده " تُغنيَانِ بِمَا تقاولت الْأَنْصَار يَوْم بُعَاث " أَي قَالَ بَعضهم لبَعض من فَخر أَو هجاء وَسَيَأْتِي فِي الْهِجْرَة " بِمَا تعازفت " بِعَين مُهْملَة وزاي وَفَاء من العزف وَهُوَ الصَّوْت الَّذِي لَهُ دوِي وَفِي رِوَايَة " تقاذفت " بقاف بدل الْعين وذال مُعْجمَة بدل الزَّاي من الْقَذْف وَهُوَ هجاء بَعضهم لبَعض وَعند أَحْمد فِي رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة عَن هِشَام " تذكران يَوْم بُعَاث " يَوْم قتل فِيهِ صَنَادِيد الْأَوْس والخزرج قَوْله " بغناء بُعَاث " الْغناء بِكَسْر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وبالمد قَالَ الْجَوْهَرِي الْغناء بِالْكَسْرِ من السماع وبالفتح النَّفْع.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير وَلما يرد بِهِ الْغناء الْمَعْرُوف من أهل اللَّهْو واللعب وَقد رخص عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي غناء الْأَعْرَاب وَهُوَ صَوت كالحداء وبعاث بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَخْفِيف الْعين الْمُهْملَة وَفِي آخِره ثاء مُثَلّثَة وَالْمَشْهُور أَنه لَا ينْصَرف وَنقل عِيَاض عَن أبي عُبَيْدَة بالغين الْمُعْجَمَة وَنقل ابْن الْأَثِير عَن صَاحب الْعين خَلِيل كَذَلِك وَكَذَا حكى عَنهُ الْبكْرِيّ فِي مُعْجم الْبلدَانِ وَجزم أَبُو مُوسَى فِي ذيل الْغَرِيب بِأَنَّهُ تَصْحِيف وَتَبعهُ صَاحب النِّهَايَة.

     وَقَالَ  أَبُو مُوسَى وَصَاحب النِّهَايَة هُوَ اسْم حصن لِلْأَوْسِ وَفِي كتاب أبي الْفرج الْأَصْفَهَانِي فِي تَرْجَمَة أبي قيس بن الأسلت هُوَ مَوضِع فِي ديار بني قُرَيْظَة فِيهِ أَمْوَالهم وَكَانَ مَوضِع الْوَقْعَة فِي مزرعة لَهُم هُنَاكَ.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ يَوْم بُعَاث يَوْم مَشْهُور من أَيَّام الْعَرَب كَانَت فِيهِ مقتلة عَظِيمَة لِلْأَوْسِ على الْخَزْرَج وَبقيت الْحَرْب مائَة وَعِشْرُونَ سنة إِلَى الْإِسْلَام على مَا ذكره ابْن اسحق وَغَيره وَكَانَ أول هَذِه الْوَقْعَة فِيمَا ذكره ابْن اسحق وَهِشَام ابْن الْكَلْبِيّ وَغَيرهمَا أَن الْأَوْس والخزرج لما نزلُوا الْمَدِينَة وجدوا الْيَهُود مستوطنين بهَا فحالفوهم وَكَانُوا تَحت قهرهم ثمَّ غلبوا على الْيَهُود لعنهم الله بمساعدة أبي جبلة ملك غَسَّان فَلم يزَالُوا على اتِّفَاق بَينهم حَتَّى كَانَت أول حَرْب وَقعت بَينهم حَرْب سمير بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْمِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره رَاء بِسَبَب رجل يُقَال لَهُ كَعْب من بني ثَعْلَبَة نزل على مَالك بن العجلان الخزرجي فحالفه فَقتله رجل من الْأَوْس يُقَال لَهُ سمير فَكَانَ ذَلِك سَبَب الْحَرْب بَين الْحَيَّيْنِ ثمَّ كَانَت بَينهم وقائع من أشهرها يَوْم السرارة بمهملات وَيَوْم فارع بفاء وَرَاء وَعين مُهْملَة وَيَوْم الْفجار الأول وَالثَّانِي وَحرب حُصَيْن بن الأسلت وَحرب حَاطِب بن قيس إِلَى أَن كَانَ آخر ذَلِك يَوْم بُعَاث وَكَانَ رَئِيس الْأَوْس فِيهِ حضير وَالِد أسيد وَكَانَ يُقَال لَهُ حضير الْكَتَائِب وجرح يَوْمئِذٍ ثمَّ مَاتَ بعد مُدَّة من جراحته وَكَانَ رَئِيس الْخَزْرَج عَمْرو بن النُّعْمَان وجاءه سهم فِي الْقِتَال فصرعه فهزموا بعد أَن كَانُوا قد استظهروا ولحسان وَغَيره من الْخَزْرَج وَكَذَا لقيس بن الْحطيم وَغَيره من الْأَوْس فِي ذَلِك أشعار كَثِيرَة مثبتة فِي دواوينهم قَوْله " فاضطجع على الْفراش " وَفِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ " أَنه تغشى بِثَوْبِهِ " وَفِي رِوَايَة لمُسلم " تسجى " أَي التف بِثَوْبِهِ قَوْله " وَدخل أَبُو بكر " ويروى " وَجَاء أَبُو بكر " وَفِي رِوَايَة هِشَام بن عُرْوَة فِي الْبابُُ الَّذِي بعده " وَدخل على أَبُو بكر وَكَأَنَّهُ جَاءَ زَائِرًا لَهَا بعد أَن دخل على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيته " ( قلت) يُمكن أَن يكون مَجِيئه لمَنعه الجاريتين المذكورتين عَن الْغناء قَوْله " فَانْتَهرنِي " أَي زجرني وَفِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ " فانتهرهما " أَي الجاريتين والتوفيق بَينهمَا أَنه نهر عَائِشَة لتقريرها ذَلِك ونهرهما لفعلهما ذَلِك فِي بَيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَوْله " مزمارة الشَّيْطَان " بِكَسْر الْمِيم يَعْنِي الْغناء أَو الدُّف وهمزة الِاسْتِفْهَام قبلهَا مقدرَة وَهِي مُشْتَقَّة من الزمير وَهُوَ الصَّوْت الَّذِي لَهُ صفير وَسميت بِهِ الْآلَة الْمَعْرُوفَة الَّتِي يرمز بهَا وإضافتها إِلَى الشَّيْطَان من جِهَة أَنَّهَا تلهي وتشغل الْقلب عَن الذّكر وَفِي رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة عِنْد أَحْمد " فَقَالَ يَا عباد الله المزمور عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " قَالَ الْقُرْطُبِيّ " المزمور " الصَّوْت وَضَبطه عِيَاض بِضَم الْمِيم وَحكى فتحهَا.

     وَقَالَ  ابْن سَيّده يُقَال زمر يزمر زميرا وزمرانا غنى فِي الْقصب وَامْرَأَة زامرة وَلَا يُقَال رجل زامر إِنَّمَا هُوَ زمار وَقد حكى بَعضهم رجل زامر وَفِي الْجَامِع فِي الحَدِيث " نهى عَن كسب الزمارة " يُرِيد الْفَاجِرَة وَفِي الصِّحَاح وَلَا يُقَال للْمَرْأَة زمارة وَفِي كتاب ابْن التِّين الزمر الصَّوْت الْحسن وَيُطلق على الْغناء أَيْضا وَجمع المزمار مَزَامِير قَوْله " فَأقبل عَلَيْهِ " أَي على أبي بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَفِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ " فكشف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن وَجهه " وَفِي رِوَايَة فليح " فكشف رَأسه " وَقد مضى أَنه كَانَ ملتفا قَوْله " فَقَالَ دعهما " أَي فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأبي بكر دع الجاريتين أَي اتركهما وَفِي رِوَايَة هِشَام " يَا أَبَا بكر إِن لكل قوم عيدا وَهَذَا عيدنا " هَذَا تَعْلِيل لنَهْيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِيَّاه بقوله " دعهما " وَبَيَان لخلاف مَا ظَنّه أَبُو بكر من أَنَّهُمَا فعلتا ذَلِك بِغَيْر علمه لكَونه دخل فَوجدَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مغطى بِثَوْبِهِ نَائِما وَلَا سِيمَا كَانَ الْمُقَرّر عِنْده منع الْغناء وَاللَّهْو فبادر إِلَى إِنْكَار ذَلِك قيَاما عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأوضح - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْحَال وَبَينه بقوله " إِن لكل قوم عيدا " أَي أَن لكل طَائِفَة من الْملَل الْمُخْتَلفَة عيدا يسمونه باسم مثل النيروز والمهرجان وَإِن هَذَا الْيَوْم يَوْم عيدنا وَهُوَ يَوْم سرُور شَرْعِي فَلَا يُنكر مثل هَذَا على أَن ذَلِك لم يكن بِالْغنَاءِ الَّذِي يهيج النُّفُوس إِلَى أُمُور لَا تلِيق وَلِهَذَا جَاءَ فِي رِوَايَة " وليستا بمغنيتين " يَعْنِي لم تتخذا الْغناء صناعَة وَعَادَة وروى النَّسَائِيّ وَابْن حبَان بِإِسْنَاد صَحِيح " عَن أنس قدم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَة وَلَهُم يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فيهمَا فَقَالَ قد أبدلكم الله تَعَالَى بهما خيرا مِنْهُمَا يَوْم الْفطر وَيَوْم الْأَضْحَى " قَوْله " غمزتهما " جَوَاب " لما " الغمز بالمعجمتين الْإِشَارَة بِالْعينِ والحاجب أَو الْيَد وَالرَّمْز كَذَلِك قَوْله " فخرجتا " بفاء الْعَطف وَالْمَشْهُور خرجتا بِدُونِ الْفَاء قَالَ الْكرْمَانِي خرجتا بِدُونِ الْفَاء بدل أَو اسْتِئْنَاف قَوْله " وَكَانَ يَوْم عيد " أَي كَانَ ذَلِك الْيَوْم يَوْم عيد وَكَانَ الْقَائِل بذلك عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا وَيدل عَلَيْهِ مَا وَقع فِي رِوَايَة الجوزقي فِي هَذَا الحَدِيث ".

     وَقَالَ ت عَائِشَة كَانَ يَوْم عيد " وَبِهَذَا يظْهر أَيْضا أَنه مَوْصُول كَغَيْرِهِ قَوْله " يلْعَب فِيهِ " أَي فِي ذَلِك الْيَوْم قَوْله " فَأَما سَأَلت " أَي التمست من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - النّظر إِلَيْهِم وَكلمَة أما فِيهِ تدل على ترددها فِيمَا كَانَ وَقع مِنْهَا هَل كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أذن لَهَا فِي ذَلِك ابْتِدَاء مِنْهُ من غير سُؤال مِنْهَا أَو كَانَ عَن سُؤال مِنْهَا إِيَّاه فِي ذَلِك قيل هَذَا بِنَاء على أَن " سَأَلت " بِسُكُون اللَّام على أَنه كَلَامهَا وَيحْتَمل أَن يكون بِفَتْح اللَّام كَلَام الرَّاوِي ( قلت) سُكُون اللَّام يدل على أَنه لفظ الْمُتَكَلّم وَحده وَفتح اللَّام يدل على أَنه فعل مَاض مُفْرد مؤنث وَالِاحْتِمَال الَّذِي ذكره يبعده قَوْله " فَقلت نعم " لَا يدرى إِلَّا بِالتَّأَمُّلِ على أَن جعله من كَلَامهَا أولى من جعله من كَلَام الرَّاوِي لِأَن كَلَام الرَّاوِي لَيْسَ من الحَدِيث فَافْهَم قَوْله " تشتهين " كلمة الِاسْتِفْهَام فِيهِ مقدرَة وَكَذَلِكَ أَن المصدرية مقدرَة فِي قَوْله " تنظرين " وَالتَّقْدِير أتشتهين النّظر إِلَى السودَان وَقد اخْتلفت الرِّوَايَات عَنْهَا فِي ذَلِك فَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ من طَرِيق يزِيد بن رُومَان عَنْهَا " سمعنَا لَغطا وَصَوت صبيان فَقَامَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِذا حبشية تزفن " أَي ترقص " وَالصبيان حولهَا فَقَالَ يَا عَائِشَة تعالي فانظري " فَهَذَا يدل على أَنه سَأَلَهَا وَفِي رِوَايَة عبيد بن عُمَيْر عَنْهَا عِنْد مُسلم " أَنَّهَا قَالَت للعابين وددت أَنِّي أَرَاهُم " فَفِي هَذَا يحْتَمل أَن يكون السَّائِل هُوَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَن تكون عَائِشَة لَا كَمَا جزم بِهِ الْبَعْض أَنَّهَا سَأَلته وَرِوَايَة للنسائي من طَرِيق أبي سَلمَة عَنْهَا " دخل الْحَبَشَة الْمَسْجِد يَلْعَبُونَ فَقَالَ لي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَا حميراء تحبين أَن تنظري إِلَيْهِم فَقلت نعم " إِسْنَاده صَحِيح قَالَ بَعضهم وَلم أر فِي حَدِيث صَحِيح ذكر الْحُمَيْرَاء إِلَّا فِي هَذَا ( قلت) رُوِيَ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه " عَن عَائِشَة قَالَت استخنت مَاء فِي الشَّمْس فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تفعلي يَا حميراء فَإِنَّهُ يُورث البرص " وَهَذَا الحَدِيث وَإِن كَانَ ضَعِيفا فَفِيهِ ذكر الْحُمَيْرَاء وَفِي مُسْند السراج من حَدِيث أنس " أَن الْحَبَشَة كَانَت تزفن بَين يَدي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ويتكلمون بِكَلَام لَهُم فَقَالَ مَا يَقُولُونَ قَالَ يَقُولُونَ مُحَمَّد عبد صَالح " قَوْله " خدي على خَدّه " جملَة حَالية بِلَا وَاو كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { قُلْنَا اهبطوا بَعْضكُم لبَعض عَدو} وَقَول الْقَائِل كَلمته فوه إِلَى فِي ( قلت) قَالَ الْكرْمَانِي ( فَإِن قلت) حقق لي هَذِه الْمَسْأَلَة فَإِن الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْكَشَّاف تَارَة يَجْعَلهَا حَالا بِدُونِ الْوَاو فصيحا وَأُخْرَى ضَعِيفا ( قلت) إِذا أمكن وضع مُفْرد مقامهما استفحصه كَقَوْلِه تَعَالَى { اهبطوا بَعْضكُم لبَعض عَدو} أَي اهبطوا معادين وَهَهُنَا أَيْضا مُمكن إِذْ تَقْدِيره أقامني متلاصقين انْتهى ( قلت) كل جملَة أَي جملَة كَانَت لَا يكتسى محلهَا إعرابا إِلَّا إِذا وَقعت موقع الْمُفْرد فَلَا يحْتَاج إِلَى تَفْصِيل وَالظَّاهِر أَن الْكرْمَانِي لم يمعن نظره فِي هَذَا الْموضع وَقد اخْتلفت الرِّوَايَات فِي هَذَا اللَّفْظ فَفِي رِوَايَة مُسلم عَن هِشَام عَن أَبِيه " فَوضعت رَأْسِي على مَنْكِبَيْه " وَفِي رِوَايَة أبي سَلمَة " فَوضعت ذقني على عَاتِقه وأسندت وَجْهي إِلَى خَدّه " وَفِي رِوَايَة عبيد بن عُمَيْر عَنْهَا " أنظر بَين أُذُنَيْهِ وعاتقه " وَفِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة الَّتِي تَأتي بعد " فيسترني وَأَنا أنظر " وَقد مضى فِي أَبْوَاب الْمَسَاجِد بِلَفْظ " يسترني بردائه " قَوْله " وَهُوَ يَقُول " جملَة اسمية وَقعت حَالا قَوْله " دونكم " بِالنّصب على الظَّرْفِيَّة وَهُوَ كلمة الإغراء بالشَّيْء والمغرى بِهِ مَحْذُوف أَي الزموا مَا أَنْتُم فِيهِ وَعَلَيْكُم بِهِ وَالْعرب تغري بعليك وعندك وأخواتهما وشأنها أَن يتَقَدَّم الِاسْم كَمَا فِي هَذَا الحَدِيث وَقد جَاءَ تَأْخِيرهَا شاذا كَقَوْلِه
( يَا أَيهَا المانح دلوي دونكا ... إِنِّي رَأَيْت النَّاس يمدونكا)
قَوْله " يَا بني أرفدة " بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الرَّاء وَكسر الْفَاء وَفتحهَا وَالْكَسْر أشهر وَهُوَ لقب للحبشة أَو اسْم أَبِيهِم الأقدم وَقيل جنس مِنْهُم يرقصون وَقيل الْمَعْنى يَا بني الآماء وَفِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة " فزجرهم عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمنا بني أرفدة " وَبَين الزُّهْرِيّ أَيْضا عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة وَجه الزّجر حَيْثُ قَالَ " فَأَهوى إِلَى الْحَصْبَاء فحصبهم بهَا فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دعهم يَا عمر " وَسَيَأْتِي فِي الْجِهَاد وَزَاد أَبُو عوَانَة فِي صَحِيحه فِيهِ " فَإِنَّهُم بَنو أرفدة " كَأَنَّهُ يَعْنِي أَن هَذَا شَأْنهمْ وطريقتهم وَهُوَ من الْأُمُور الْمُبَاحَة فَلَا إِنْكَار عَلَيْهِم قَالَ الْمُحب الطَّبَرِيّ فِيهِ تَنْبِيه على أَنهم يغْتَفر لَهُم مَا لم يغْتَفر لغَيرهم لِأَن الأَصْل فِي الْمَسَاجِد تنزيهها عَن اللّعب فَيقْتَصر على مَا ورد فِيهِ النَّص قَوْله " أمنا بني أرفدة " مَنْصُوب بِفعل مَحْذُوف أَي ائمنوا أمنا وَلَا تخافوا وَيجوز أَن يكون أمنا الَّذِي هُوَ مصدر أقيم مقَام الصّفة كَقَوْلِك رجل عدل أَي عَادل وَالْمعْنَى آمِنين بني أرفدة.

     وَقَالَ  ابْن التِّين وَضبط فِي بعض الْكتب آمنا على وزن فَاعِلا وَيكون أَيْضا بِمَعْنى آمِنين قَوْله " حَتَّى إِذا مللت " بِكَسْر اللَّام الأولى من الْملَل وَهُوَ السَّآمَة وَفِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ " حَتَّى أكون أَنا الَّذِي أسأم " وَلمُسلم من طَرِيقه " حَتَّى أكون أَنا الَّذِي أنصرف " وَفِي رِوَايَة يزِيد بن رُومَان عِنْد النَّسَائِيّ " أما شبعت أما شبعت فَجعلت أَقُول لَا لأنظر منزلتي عِنْده " وَله من رِوَايَة أبي سَلمَة عَنْهَا " قلت يَا رَسُول الله لَا تعجل فَقَامَ لي ثمَّ قَالَ حَسبك قلت لَا تعجل قلت وَمَا بِي حب النّظر إِلَيْهِم وَلَكِن أَحْبَبْت أَن تبلغ النِّسَاء مقَامه لي ومكانه مني " قَوْله " حَسبك " الِاسْتِفْهَام مُقَدّر أَي أحسبك وَالْخَبَر مَحْذُوف أَي أكافيك هَذَا الْقدر ( ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) وَهُوَ على وُجُوه.
الأول الْكَلَام فِي الْغناء قَالَ الْقُرْطُبِيّ أما الْغناء فَلَا خلاف فِي تَحْرِيمه لِأَنَّهُ من اللَّهْو واللعب المذموم بالِاتِّفَاقِ فَأَما مَا يسلم من الْمُحرمَات فَيجوز الْقَلِيل مِنْهُ فِي الأعراس والأعياد وشبههما وَمذهب أبي حنيفَة تَحْرِيمه وَبِه يَقُول أهل الْعرَاق وَمذهب الشَّافِعِي كَرَاهَته وَهُوَ الْمَشْهُور من مَذْهَب مَالك وَاسْتدلَّ جمَاعَة من الصُّوفِيَّة بِحَدِيث الْبابُُ على إِبَاحَة الْغناء وسماعه بِآلَة وَبِغير آلَة وَيرد عَلَيْهِم بِأَن غناء الجاريتين لم يكن إِلَّا فِي وصف الْحَرْب والشجاعة وَمَا يجْرِي فِي الْقِتَال فَلذَلِك رخص رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيهِ وَأما الْغناء الْمُعْتَاد عَن المشتهرين بِهِ الَّذِي يُحَرك السَّاكِن ويهيج الكامن الَّذِي فِيهِ وصف محَاسِن الصّبيان وَالنِّسَاء وَوصف الْخمر وَنَحْوهَا من الْأُمُور الْمُحرمَة فَلَا يخْتَلف فِي تَحْرِيمه وَلَا اعْتِبَار لما أبدعته الجهلة من الصُّوفِيَّة فِي ذَلِك فَإنَّك إِذا تحققت أَقْوَالهم فِي ذَلِك وَرَأَيْت أفعالهم وقفت على آثَار الزندقة مِنْهُم وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَان.

     وَقَالَ  بعض مَشَايِخنَا مُجَرّد الْغناء وَالِاسْتِمَاع إِلَيْهِ مَعْصِيّة حَتَّى قَالُوا اسْتِمَاع الْقُرْآن بالألحان مَعْصِيّة والتالي وَالسَّامِع آثمان وَاسْتَدَلُّوا فِي ذَلِك بقوله تَعَالَى { وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} جَاءَ فِي التَّفْسِير أَن المُرَاد بِهِ الْغناء وَفِي فردوس الْأَخْبَار " عَن جَابر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه قَالَ إحذروا الْغناء فَإِنَّهُ من قبل إِبْلِيس وَهُوَ شرك عِنْد الله وَلَا يُغني إِلَّا الشَّيْطَان " وَلَا يلْزم من إِبَاحَة الضَّرْب بالدف فِي الْعرس وَنَحْوه إِبَاحَة غَيره من الْآلَات كالعود وَنَحْوه وَسُئِلَ أَبُو يُوسُف عَن الدُّف أتكرهه فِي غير الْعرس مثل الْمَرْأَة فِي منزلهَا وَالصَّبِيّ قَالَ فَلَا كَرَاهَة وَأما الَّذِي يَجِيء مِنْهُ اللّعب الْفَاحِش والغناء فَإِنِّي أكرهه.
الثَّانِي فِيهِ جَوَاز اللّعب بِالسِّلَاحِ للتدريب على الْحَرْب والتنشيط عَلَيْهِ.
وَفِيه جَوَاز المسايفة لما فِيهَا من تمرين الْأَيْدِي على آلَات الْحَرْب.
الثَّالِث فِيهِ جَوَاز نظر النِّسَاء إِلَى فعل الرِّجَال الْأَجَانِب لِأَنَّهُ إِنَّمَا يكره لَهُنَّ النّظر إِلَى المحاسن والاستلذاذ بذلك وَنظر الْمَرْأَة إِلَى وَجه الرجل الْأَجْنَبِيّ إِن كَانَ بِشَهْوَة فَحَرَام اتِّفَاقًا وَإِن كَانَ بِغَيْر شَهْوَة فَالْأَصَحّ التَّحْرِيم وَقيل هَذَا كَانَ قبل نزُول { وَقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} أَو كَانَ قبل بُلُوغ عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا ( قلت) فِيهِ نظر لِأَن فِي رِوَايَة ابْن حبَان أَن ذَلِك وَقع لما قدم وَفد الْحَبَشَة وَكَانَ قدومهم سنة سبع فَيكون عمرها حِينَئِذٍ خمس عشرَة سنة.
الرَّابِع فِيهِ مَشْرُوعِيَّة التَّوسعَة على الْعِيَال فِي أَيَّام الأعياد بأنواع مَا يحصل لَهُم بِهِ بسط النَّفس وترويح الْبدن من كلف الْعِبَادَة وَإِن الْإِعْرَاض عَن ذَلِك أولى.
الْخَامِس فِيهِ أَن إِظْهَار السرُور فِي الأعياد من شَعَائِر الدّين.
السَّادِس فِيهِ جَوَاز دُخُول الرجل على ابْنَته وَهِي عِنْد زَوجهَا إِذا كَانَت لَهُ بذلك عَادَة.
السَّابِع فِيهِ الْأَب ابْنَته بِحَضْرَة الزَّوْج وَإِن تَركه الزَّوْج إِذْ التَّأْدِيب وَظِيفَة الْآبَاء والعطف مَشْرُوع من الْأزْوَاج للنِّسَاء.
الثَّامِن فِيهِ الرِّفْق بِالْمَرْأَةِ واستجلاب مودتها.
التَّاسِع فِيهِ أَن مَوَاضِع أهل الْخَيْر تنزه عَن اللَّهْو واللغو وَإِن لم يكن لَهُم فِيهِ إِثْم إِلَّا بإذنهم.
الْعَاشِر فِيهِ أَن التلميذ إِذا رأى عِنْد شَيْخه مَا يستنكر مثله بَادر إِلَى إِنْكَاره وَلَا يكون فِي ذَلِك افتيات على شَيْخه بل هُوَ أدب مِنْهُ ورعاية لِحُرْمَتِهِ وإجلال منصبه.
الْحَادِي عشر فِيهِ فَتْوَى التلميذ بِحَضْرَة شَيْخه بِمَا يعرف من طَرِيقَته وَيحْتَمل أَن أَبَا بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ظن أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَام فخشي أَن يَسْتَيْقِظ فيغضب على ابْنَته فبادر إِلَى سد هَذِه الذريعة وَفِي قَول عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا فِي آخر هَذَا الحَدِيث " فَلَمَّا غفل غمزتهما فخرجتا " دلَالَة على أَنَّهَا مَعَ ترخيص النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَهَا فِي ذَلِك راعت خاطر أَبِيهَا أَو خشيت غَضَبه عَلَيْهَا فأخرجتهما واقتناعها فِي ذَلِك بِالْإِشَارَةِ فِيمَا يظْهر للحياء من الْكَلَام بِحَضْرَة من هُوَ أكبر مِنْهَا.
الثَّانِي عشر فِيهِ جَوَاز سَماع صَوت الْجَارِيَة بِالْغنَاءِ وَإِن لم تكن مَمْلُوكَة لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يُنكر على أبي بكر سَمَاعه بل أنكر إِنْكَاره واستمرت إِلَى أَن أشارت إِلَيْهِمَا عَائِشَة بِالْخرُوجِ وَلَكِن لَا يخفى أَن مَحل الْجَوَاز مَا إِذا أمنت الْفِتْنَة بذلك.

     وَقَالَ  الْمُهلب الَّذِي أنكرهُ أَبُو بكر كَثْرَة التغنيم وَإِخْرَاج الإنشاد من وَجهه إِلَى معنى التطريب بالألحان أَلا ترى أَنه لم يُنكر الإنشاد وَإِنَّمَا أنكر مشابهة الزمر بِمَا كَانَ فِي الْمُعْتَاد الَّذِي فِيهِ اخْتِلَاف النغمات وَطلب الإطراب فَهُوَ الَّذِي يخْشَى مِنْهُ وَقطع الذريعة فِيهِ أحسن وَمَا كَانَ دون ذَلِك من الإنشاد وَرفع الصَّوْت حَتَّى لَا يخفى معنى الْبَيْت وَمَا أَرَادَهُ الشَّاعِر بِشعرِهِ فَغير مَنْهِيّ عَنهُ وَقد رُوِيَ عَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه رخص فِي غناء الْأَعرَابِي وَهُوَ صَوت كالحداء يُسمى النصب إِلَّا أَنه رَقِيق.
الثَّالِث عشر اسْتدلَّ بِهِ ابْن حزم.

     وَقَالَ  الْغناء واللعب واللزفن فِي أَيَّام الْعِيدَيْنِ حسن فِي الْمَسْجِد وَغَيره.

     وَقَالَ  ابْن التِّين كَانَ هَذَا فِي أول الْإِسْلَام لتعلم الْقِتَال.

     وَقَالَ  أَبُو الْحسن فِي التَّبْصِرَة هُوَ مَنْسُوخ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيم قَالَ الله تَعَالَى { إِنَّمَا يعمر مَسَاجِد الله} الْآيَة وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " جَنبُوا مَسَاجِدكُمْ مجانينكم وَصِبْيَانكُمْ ".
الرَّابِع عشر فِيهِ جَوَاز اكْتِفَاء الْمَرْأَة فِي السّتْر بِالْقيامِ خلف من تتستر بِهِ من زوج أَو ذِي محرم.
الْخَامِس عشر فِيهِ بَيَان أَخْلَاق النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْحَسَنَة ولطفه وَحسن شمائله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.