هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
918 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَا لَمَّا رَجَعَ مِنَ الأَحْزَابِ : لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ العَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ فَأَدْرَكَ بَعْضَهُمُ العَصْرُ فِي الطَّرِيقِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : لاَ نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : بَلْ نُصَلِّي ، لَمْ يُرَدْ مِنَّا ذَلِكَ ، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
918 حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء ، قال : حدثنا جويرية ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم لنا لما رجع من الأحزاب : لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة فأدرك بعضهم العصر في الطريق ، فقال بعضهم : لا نصلي حتى نأتيها ، وقال بعضهم : بل نصلي ، لم يرد منا ذلك ، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم ، فلم يعنف واحدا منهم
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَا لَمَّا رَجَعَ مِنَ الأَحْزَابِ : لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ العَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ فَأَدْرَكَ بَعْضَهُمُ العَصْرُ فِي الطَّرِيقِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : لاَ نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : بَلْ نُصَلِّي ، لَمْ يُرَدْ مِنَّا ذَلِكَ ، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ .

Narrated Ibn `Umar: When the Prophet (ﷺ) (ﷺ) returned from the battle of Al-Ahzab (The confederates), he said to us, None should offer the 'Asr prayer but at Bani Quraiza. The 'Asr prayer became due for some of them on the way. Some of them decided not to offer the Salat but at Bani Quraiza while others decided to offer the Salat on the spot and said that the intention of the Prophet (ﷺ) (ﷺ) was not what the former party had understood. And when that was told to the Prophet (ﷺ) (ﷺ) he did not blame anyone of them.

Ibn 'Umar dit: «A son retour de la bataille des Coalisés, le Prophète () nous dit: Qu'aucun de vous ne fasse la prière du 'asr qu'une fois chez les béni Qurayza! . «Après cela, arriva le temps de la prière du 'asr au moment où quelquesuns des Musulmans étaient encore en route. Les uns dirent: Nous ne prierons qu'une fois arrivés. Et les autres: Mais si, nous allons prié. Le Prophète n'a pas visé cela. On informa ensuite le Prophète () et il ne fit repproche à aucun des deux groupes.»

":"ہم سے عبداللہ بن محمد بن اسماء نے بیان کیا ، کہا کہ ہم سے جویریہ بن اسماء نے نافع سے ، ان سے عبداللہ بن عمر رضی اللہ عنہما نے کہجب نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم غزوہ خندق سے فارغ ہوئے ( ابوسفیان لوٹے ) تو ہم سے آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کوئی شخص بنو قریظہ کے محلہ میں پہنچنے سے پہلے نماز عصر نہ پڑھے لیکن جب عصر کا وقت آیا تو بعض صحابہ نے راستہ ہی میں نماز پڑھ لی اور بعض صحابہ رضی اللہ عنہم نے کہا کہ ہم بنو قریظہ کے محلہ میں پہنچنے پر نماز عصر پڑھیں گے اور کچھ حضرات کا خیال یہ ہوا کہ ہمیں نماز پڑھ لینی چاہیے کیونکہ آنحضرت صلی اللہ علیہ وسلم کا مقصد یہ نہیں تھا کہ نماز قضاء کر لیں ۔ پھر جب آپ سے اس کا ذکر کیا گیا تو آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے کسی پر بھی ملامت نہیں فرمائی ۔

Ibn 'Umar dit: «A son retour de la bataille des Coalisés, le Prophète () nous dit: Qu'aucun de vous ne fasse la prière du 'asr qu'une fois chez les béni Qurayza! . «Après cela, arriva le temps de la prière du 'asr au moment où quelquesuns des Musulmans étaient encore en route. Les uns dirent: Nous ne prierons qu'une fois arrivés. Et les autres: Mais si, nous allons prié. Le Prophète n'a pas visé cela. On informa ensuite le Prophète () et il ne fit repproche à aucun des deux groupes.»

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [946] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ هُوَ بِالْجِيمِ تَصْغِيرُ جَارِيَةٍ وَهُوَ عَمُّ عَبْدِ اللَّهِ الرَّاوِي عَنْهُ .

     قَوْلُهُ  لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الظُّهْرَ وَسَيَأْتِي بَيَانُ الصَّوَابِ مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي مَعَ بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَائِدَةٌ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي صَلَاةِ الطَّالِبِ حَدِيثَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ إِذْ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ قَالَ فَرَأَيْتُهُ وَحَضَرَتِ الْعَصْرُ فَخَشِيتُ فَوْتُهَا فَانْطَلَقْتُ أَمْشِي وَأَنا أصلى أومىء إِيمَاء وَإِسْنَاده حسن( قَولُهُ بَابُ التَّكْبِيرِ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ وللْكُشْمِيهَنِيِّ مِنَ الطَّرِيقَيْنِ التَّبْكِيرُ بِتَقْدِيمِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ أَوْجَهُ .

     قَوْلُهُ  وَالصَّلَاةُ عِنْدَ الْإِغَارَةِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالصَّلَاةِ وَبِالتَّكْبِيرِ أَيْضًا أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الصُّبْحَ بِغَلَسٍ ثُمَّ رَكِبَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلَ الصَّلَاةِ فِي بَابِ مَا يُذْكَرُ فِي الْفَخِذِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ وَأَوَّلُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا خَيْبَرَ فَصَلَّى عِنْدَهَا صَلَاةَ الْغَدَاةِ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَهُوَ أَتَمُّ سِيَاقًا مِمَّا هُنَا وَقَولُهُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [946] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَنَا لَمَّا رَجَعَ مِنَ الأَحْزَابِ: لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلاَّ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ.
فَأَدْرَكَ بَعْضُهُمُ الْعَصْرَ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ نُصَلِّي، لَمْ يُرَدْ مِنَّا ذَلِكَ.
فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ.
[الحديث طرفه في: 4119] .
وبالسند قال: ( حدّثنا عبد الله بن محمد بن أسماء) بالفتح غير منصرف، ابن عبيد بن مخراق الضبعي البصري ( قال: حدّثنا جويرية) تصغير جارية بن أسماء، وهو عمّ عبد الله الراوي عنه ( عن نافع) مولى ابن عمر ( عن ابن عمر) بن الخطاب، رضي الله عنهما، ( قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لنا، لما رجع من الأحزاب) .
غزوة الخندق سنة أربع إلى المدينة، ووضع المسلمون السلاح، وقال له جبريل، عليه الصلاة والسلام، ما وضعت الملائكة السلاح بعد، وإن الله يأمرك أن تسير إلى بني قريظة فإني عائد إليهم.
فقال عليه الصلاة والسلام لأصحابه: ( لا يصلّين) بنون التوكيد الثقيلة ( أحد) منكم ( العصر إلا في بني قريظة) بضم القاف وفتح الراء والظاء المعجمة، فرقة من اليهود.
( فأدرك بعضهم العصر في الطريق) بنصب بعضهم ورفع تاليه، مفعول وفاعل، مثل قوله: { وإن يدركني يومك} والضمير في بعضهم: لأحد.
( فقال) وللأربعة: وقال ( بعضهم) ، الضمير فيه كالآتي لنفس بعض الأوّل: ( لا نصلي حتى نأتيها) عملاً بظاهر قوله: "لا يصلّين أحد"، لأن النزول معصية للأمر الخاص بالإسراع، فخصّوا عموم الأمر بالصلاة أوّل وقتها بما إذا لم يكن عذر، بدليل أمرهم بذلك.
( وقال بعضهم: بل نصلي) نظرًا إلى المعنى لا إلى ظاهر اللفظ، ( لم يرد منا ذلك) ببناء يرد للمفعول، كما ضبطه العيني والبرماوي، والبناء للفاعل كما ضبطه في المصابيح، والخفضة مكشوطة في الفرع، فعريت الراء فيه عن الضبط، ولم يضبطها في اليونينية.
والمعنى: أن المراد من قوله: "لا يصلين أحد" لازمه وهو الاستعجال في الذهاب لبني قريظة، لا حقيقة ترك الصلاة، كأنه قال: صلوا في بني قريظة، إلاّ أن يدرككم وقتها قبل أن تصلوا إليها.
فجمعوا بين دليلي وجوب الصلاة، ووجوب الإسراع.
فصلوا ركبانًا لأنهم لو نزلوا للصلاة لكان فيه مضادة للأمر بالإسراع، وصلاة الراكب مقتضية للإيماء، فطابق الحديث الترجمة.
لكن عورض بأنهم: لو تركوا الركوع والسجود لخالفوا قوله تعالى: { ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] وأجيب: بأنه عامّ خصّ بدليل، كما أن الأمر بتأخير الصلاة إلى إتيان بني قريظة خصّ بما إذا لم يخش الفوات.
والقول: بأنهم صلوا ركبانًا لابن المنير، قال في الفتح: وفيه نظر، لأنه لم يصرّح لهم بترك النزول، فلعلهم فهموا أن المراد بأمرهم: أن لا يصلوا العصر إلا فى بني قريظة، المبالغة في الأمر بالإسراع، فبادروا إلى امتثال أمره، وخصّوا وقت الصلاة من ذلك لماّ تقرّر عندهم من تأكيد أمرها، فلا يمتنع أن ينزلوا فيصلوا، ولا يكون في ذلك مضادّة لما أمروا به ودعوى أنهم: صلوا ركبانًا، تحتاج إلى دليل، ولم أره صريحًا في شيء من طرق هذه القصة.
( فذكر ذلك للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فلم يعنف واحدًا) ولأبوي ذر، والوقتعن الحموي والكشميهني والمستملي: أحدًا ( منهم) ، لا التاركين لأول الوقت عملاً بظاهر النهي، ولا الذين فهموا أنه كناية عن العجلة.
قال النووي، رحمه الله: لا احتجاج به على إصابة كل مجتهد، لأنه لم يصرّح بإصابتهما، بل ترك التعنيف، ولا خلاف أن المجتهد لا يعنف ولو أخطأ إذا بذل وسعه، قال: وأما اختلافهم فسببه تعارض الأدلة عندهم، فالصلاة مأمور بها في الوقت، والمفهوم من: "لا يصلّين" المبادرة، فأخذ بذلك من صلّى لخوف فوات الوقت، والآخرون أخّروها عملاً بالأمر بالمبادرة لبني قريظة.
اهـ.
واستشكل قوله هنا: العصر، مع ما في مسلم: الظهر.
وأجيب: بأن ذلك كان بعد دخول وقت الظهر، فقيل لمن صلاّها بالمدينة: لا تصلّ العصر إلاّ في بني قريظة، ولمن لم يصلها: لا تصلِّ الظهر إلا فيهم.
ويأتي مزيد لذلك، إن شاء الله تعالى في المغازي، بعون الله تعالى.
ورواة هذا الحديث ما بين بصري ومدني، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه مسلم، كالبخاري في المغازي.
6 - باب التَّبْكِيرِ وَالْغَلَسِ بِالصُّبْحِ، وَالصَّلاَةِ عِنْدَ الإِغَارَةِ وَالْحَرْبِ ( باب التبكير) .
بالموحدة قبل الكاف وبعد المثناة.
كذا في رواية أبي ذر، عن الكشميهني، من: بكر، إذا أسرع وبادر، ولأبي ذر أيضًا، والأصيلي وأبي الوقت، عن الحموي، والمستملي: التكبير، بالموحدة بعد الكاف، أي قول: الله أكبر ( والغلس) بفتح الغين المعجمة واللام، الظلمة آخر الليل، أي: التغليس ( بالصبح والصلاة) والتكبير ( عند الإغارة) بكسر الهمزة، أي الهجوم على العدوّ غفلة ( و) عند ( الحرب) .

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [946] حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء: نا جويرية، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال لنا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما رجع من الأحزاب: ( ( لا يصلين أحد العصر إلاّ في بني قريظة) ) فأدرك بعضهم العصر في الطريق، وقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها، وقال بعضهم: بل نصلي، لم يرد منا ذَلِكَ.
فذكر ذلك للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلم يعنف واحدا منهم.
وقد تقدم أن الأوزاعي وأصحابه - ومنهم: الوليد بن مسلم - يرون جواز صلاة شدة الخوف للطالب، كما يجوز للمطلوب 0 وهو رواية عن أحمد، وأنهم يرون تأخير الصلاة عن وقتها إذا لم يقدروا على فعلها في وقتها علىوجه تام، كما تقدم - أيضا.
وقد استدل الوليد بن مسلم لذلك بحديث ابن عمر في البعث إلى قريظة.
وأما صلاة شرحبيل بن السمط التي استدل بها الأوزاعي [....] .
ومما يتفرع على جواز صلاة الطالب صلاة شدة الخوف: أن من كان ليلة النحر قاصدا لعرفة، وخشي أن تفوته عرفة قبل طلوع الفجر، فإنه يصلي صلاة شدة الخوف وهو ذاهب إلى عرفة، وهو أحد الوجهين لأصحابنا، ولأصحاب الشافعي –أيضا.
وضعفه بعض أصحابهم، بأنه ليس بخائف بل طالب.
والصحيح: أنا إن قلنا: تجوز صلاة الطالب جازت صلاته، وإلاّ فلا تجوز، أو يكون فيه وجهان.
وهل يجوز تأخير العشاء إلى بعد طلوع الفجر؟ فيهِ – أيضا – وجهان للشافعية ولأصحابنا.
وأما استدلال الوليد بحديث ابن عمر في ذكر بني قريظة، فإنما يتم ذلك إذا كان الذين لم يصلوا العصر حتى بلغوا بني قريظة لم يصلوها إلاّ بعد غروب الشمس، وليس ذلك في هذا الحديث، فإن حديث ابن عمر إنما يدل على ان بعضهم أخر العصر إلى بني قريظة، فقد يكونوا صلوهافي آخر وقتها، وهذا لا إشكال في جوازه.
وممن ذهب إلى ذلك: الخطابي، وردَ به على من استدل بالحديث على أن كل مجتهد مصيب.
وذهب آخرون إلى أن الذين صلوا في بني قريظة صلوا بعد غروب الشمس.
واستدلوا بأن مسلما خرج الحديث، ولفظه: عن ابن عمر، قالَ: نادى [فينا] رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم انصرف من الأحزاب: أن ( ( لا يصلي أحد العصر إلاّ في بني قريظة) ) فتخوف ناس فوت الوقت فصلوا دون بني قريظة، وقال آخرون: لا نصلي إلاّ حيث أمرنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأن فاتنا الوقت.
قال: فما عنف رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واحدا من الفريقين.
وخرج البيهقي، بإسناد فيه نظر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، أن عمه عبد الله أخبره، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عزم على الناس لما رجع من الأحزاب أن لا يصلوا صلاة العصر إلاّ في بني قريظة.
قالَ: فلبس الناس السلاح، فلم يأتوا بني قريظة حتى غربت الشمس، فاختصم الناس عند غروب الشمس، فقال بعضهم: إن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عزم علينا إلاّ نصلي حتى نأتي بني قريظة، فإنما نحن في عزيمة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فليس علينا إثم، وصلى طائفة من الناس احتسابا، وتركت طائفة منهم الصلاة حتى غربت الشمس، فصلوها حين جازوا بني قريظة احتسابا، فلم يعنف رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واحدا من الفريقين.
وهذا مرسل.
وقد ذكره موسى بن عقبة في ( ( مغازيه) ) عن الزهري – مرسلا -، بغير إسناد للزهري بالكلية، وهو أشبه.
وخرج البيهقي نحوه - أيضا - من طريق عبد الله بن عمر العمري، عن أخيه عبيد الله، عن القاسم، عن عائشة، وفي حديثها: ( ( فغربت الشمس قبل أن يأتوهم، فصلت طائفة إيمانا واحتسابا، وتركت طائفة إيمانا واحتسابا، ولم يعنف رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واحدا منالفريقين) ) .
والاستدلال بهذا الحديث على تأخير الصلاة للاشتغال بالحرب، استدلال ضعيف، وكذلك الاستدلال به على تأخير الصلاة لطالب العدو؛ فإن يوم ذهابهم إلى بني قريظة لم تكن هناك حرب تشغل عن صلاة، ولا كانوا يخافون فوات العصر ببني قريظة بالاشتغال بالصلاة بالكلية، وإنما وقع التنازع بين الصحابة في صلاة العصر في الطريق، إلتفاتا إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإلى معنى كلامه ومراده ومقصوده: فمنهم من تمسك بظاهر اللفظ، ورأى أنه ينبفي أن يصلي العصر إلاّ في بني قريظة، وإن فات وقتها، وتكون هذه الصلاة مخصوصة من عموم أحاديث المواقيت بخصوص هذا، وهو النهي عن الصلاة إلاّ في بني قريظة.
ومنهم من نظر إلى المعنى، وقال لم يرد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذلك،وإنما أراد منا تعجيل الذهاب إلى بني قريظة في بقية النهار، ولم يرد تأخير الصلاة عن وقتها، ولا غير وقت صلاة العصر في هذا اليوم، بل هو باق على ما كان عليه في سائر الأيام.
وهذا هو الأظهر.
والله أعلم.
ولا دلالة في ذلك على أن كل مجتهد مصيب، بل فيه دلالة على أن المجتهد سواء أصاب أو أخطأ فإنه غير ملوم على اجتهاده، بل إن أصاب كان له أجران، وإن أخطأ فخطؤه موضوع عنه، وله أجر على اجتهاده.
ومن استدل بالحديث على أن تارك الصلاة عمداً يقضي بعد الوقت فقد وهم؛ فإن من أخر الصَّلاة في ذَلِكَ كانَ باجتهاد سائغ، فهوَ في معنى النائم والناسي، وأولى؛ فإن التأخير بالتأويل السائغ أولى بأن يكون صاحبه معذوراً.
6 - باب التبكير والتغليس بالصبح والصلاة عند الإغارة والحرب

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ صَلَاةِ الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ رَاكِبًا وَإِيمَاءً)
كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَفِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ مِنَ الطَّرِيقَيْنِ إِلَيْهِ وَقَائِمًا قَالَ بن الْمُنْذِرِ كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ إِنَّ الْمَطْلُوبَ يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ يُومِئُ إِيمَاءً وَإِنْ كَانَ طَالِبًا نَزَلَ فَصَلَّى عَلَى الْأَرْضِ قَالَ الشَّافِعِيُّ إِلَّا أَن يَنْقَطِع عَن أَصْحَابِهِ فَيَخَافُ عَوْدَ الْمَطْلُوبِ عَلَيْهِ فَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ وَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ الطَّالِبَ فِيهِ التَّفْصِيلُ بِخِلَافِ الْمَطْلُوبِ وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ شِدَّةَ الْخَوْفِ فِي الْمَطْلُوبِ ظَاهِرَةٌ لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لَهَا.

.
وَأَمَّا الطَّالِبُ فَلَا يَخَافُ اسْتِيلَاءَ الْعَدُوِّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يخَاف أَن يفوتهُ الْعَدو وَمَا نَقله بن الْمُنْذِرِ مُتَعَقَّبٌ بِكَلَامِ الْأَوْزَاعِيِّ فَإِنَّهُ قَيَّدَهُ بِخَوْفِ الْفَوْتِ وَلَمْ يَسْتَثْنِ طَالِبًا مِنْ مَطْلُوبٍ وَبِهِ قَالَ بن حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَذَكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ فِي كِتَابِ السِّيَرِ لَهُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ إِذَا خَافَ الطَّالِبُونَ إِنْ نَزَلُوا بِالْأَرْضِ فَوْتَ الْعَدُوِّ صَلَّوْا حَيْثُ وَجَّهُوا عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّ الْحَدِيثَ جَاءَ إِنَّ النَّصْرَ لَا يُرْفَعُ مَا دَامَ الطَّلَبُ .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  الْوَلِيدُ كَذَا ذكره فِي كتاب السّير وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ وبن عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ قَالَ شُرَحْبِيلُ بْنُ السِّمْطِ لِأَصْحَابِهِ لَا تُصَلُّوا الصُّبْحَ إِلَّا عَلَى ظَهْرٍ فَنَزَلَ الْأَشْتَرُ يَعْنِي النَّخَعِيَّ فَصَلَّى عَلَى الْأَرْضِ فَقَالَ شُرَحْبِيلُ مُخَالف خَالف الله بِهِ وَأخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ قَالَ كَانَ ثَابِتُ بْنُ السِّمْطِ فِي خَوْفٍ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّوْا رُكْبَانًا فَنَزَلَ الْأَشْتَرُ يَعْنِي النَّخَعِيَّ فَقَالَ مُخَالِفٌ خُولِفَ بِهِ فَلَعَلَّ ثَابِتًا كَانَ مَعَ أَخِيهِ شُرَحْبِيلَ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ وَشُرَحْبِيلُ الْمَذْكُورُ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ مَكْسُورَةٌ ثُمَّ يَاءٌ تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ كِنْدِيٌّ هُوَ الَّذِي افْتَتَحَ حِمْصَ ثُمَّ وَلِيَ إِمْرَتَهَا وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي صُحْبَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ غَيْرُ هَذَا الْمَوْضِعِ .

     قَوْلُهُ  إِذَا تَخَوَّفَ الْفَوْتَ زَادَ الْمُسْتَمْلِي فِي الْوَقْتِ .

     قَوْلُهُ  وَاحْتَجَّ الْوَلِيدُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْوَلِيدَ قَوَّى مَذْهَبَ الْأَوْزَاعِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الطَّالِبِ بِهَذِهِ الْقِصَّة قَالَ بن بَطَّالٍ لَوْ وَجَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ أَنَّ الَّذِينَ صَلَّوْا فِي الطَّرِيقِ صَلَّوْا رُكْبَانًا لَكَانَ بَيِّنًا فِي الِاسْتِدْلَالِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فَذِكْرُ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ وَجْهَ الِاسْتِدْلَالِ يَكُونُ بِالْقِيَاسِ فَكَمَا سَاغَ لِأُولَئِكَ أَنْ يُؤَخِّرُوا الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا الْمُفْتَرَضِ كَذَلِكَ يَسُوغُ لِلطَّالِبِ تَرْكُ إِتْمَامِ الْأَرْكَانِ وَالِانْتِقَالُ إِلَى الْإِيمَاءِ قَالَ بن الْمُنِيرِ وَالْأَبْيَنُ عِنْدِي أَنَّ وَجْهَ الِاسْتِدْلَالِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الِاسْتِعْجَالَ الْمَأْمُورَ بِهِ يَقْتَضِي تَرْكَ الصَّلَاةِ أَصْلًا كَمَا جَرَى لِبَعْضِهِمْ أَوِ الصَّلَاةُ عَلَى الدَّوَابِّ كَمَا وَقَعَ لِلْآخَرِينَ لِأَنَّ النُّزُولَ يُنَافِي مَقْصُودَ الْجَدِّ فِي الْوُصُولِ فَالْأَوَّلُونَ بَنَوْا عَلَى أَنَّ النُّزُولَ مَعْصِيَةٌ لِمُعَارَضَتِهِ لِلْأَمْرِ الْخَاصِّ بِالْإِسْرَاعِ وَكَأَنَّ تَأْخِيرَهُمْ لَهَا لِوُجُودِ الْمُعَارِضِ وَالْآخَرُونَ جَمَعُوا بَيْنَ دَلِيلَيْ وُجُوبِ الْإِسْرَاعِ وَوُجُوبِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا فَصَلَّوْا رُكْبَانًا فَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّهُمْ نَزَلُوا لَكَانَ ذَلِكَ مُضَادًّا لِلْأَمْرِ بِالْإِسْرَاعِ وَهُوَ لَا يُظَنُّ بِهِمْ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمُخَالَفَةِ انْتهى وَهَذَا الَّذِي حاوله بن الْمُنِير قد أَشَارَ إِلَيْهِ بن بَطَّالٍ بِقَوْلِهِ لَوْ وُجِدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ إِلَخْ فَلَمْ يَسْتَحْسِنِ الْجَزْمَ فِي النَّقْلِ بِالِاحْتِمَالِ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  لَا يُظَنُّ بِهِمُ الْمُخَالَفَةُ فَمُعْتَرَضٌ بِمِثْلِهِ بِأَنْ يُقَالَ لَا يُظَنُّ بِهِمُ الْمُخَالَفَةُ بِتَغْيِيرِ هَيْئَةِ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ تَوْقِيفٍ وَالْأَوْلَى فِي هَذَا مَا قَالَه بن الْمُرَابِطِ وَوَافَقَهُ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ أَنَّ وَجْهَ الِاسْتِدْلَالِ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَوِيَّةِ لِأَنَّ الَّذِينَ أَخَّرُوا الصَّلَاةَ حَتَّى وَصَلُوا إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ لَمْ يُعَنَّفُوا مَعَ كَوْنِهِمْ فَوَّتُوا الْوَقْتَ فَصَلَاةُ مَنْ لَا يُفَوِّتُ الْوَقْتَ بِالْإِيمَاءِ أَوْ كَيْفَ مَا يُمْكِنُ أَوْلَى مِنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[ قــ :918 ... غــ :946] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ هُوَ بِالْجِيمِ تَصْغِيرُ جَارِيَةٍ وَهُوَ عَمُّ عَبْدِ اللَّهِ الرَّاوِي عَنْهُ .

     قَوْلُهُ  لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الظُّهْرَ وَسَيَأْتِي بَيَانُ الصَّوَابِ مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي مَعَ بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَائِدَةٌ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي صَلَاةِ الطَّالِبِ حَدِيثَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ إِذْ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ قَالَ فَرَأَيْتُهُ وَحَضَرَتِ الْعَصْرُ فَخَشِيتُ فَوْتُهَا فَانْطَلَقْتُ أَمْشِي وَأَنا أصلى أومىء إِيمَاء وَإِسْنَاده حسن

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب
صلاة الطالب والمطلوب راكبا وايماء او قائما

وقال الوليد: ذكرت للأوزاعي صلاة شرحبيل بن السمط وأصحابه على ظهر
الدابة، فقال: ذلك الأمر عندنا، إذا تخوفت الفوت.

واحتج الوليد بقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( لا يصلين أحد العصر إلاّ في بني قريظة) ) .

[ قــ :918 ... غــ :946 ]
- حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء: نا جويرية، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال لنا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما رجع من الأحزاب: ( ( لا يصلين أحد العصر إلاّ في بني قريظة) ) فأدرك بعضهم العصر في الطريق، وقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها، وقال بعضهم: بل نصلي، لم يرد منا ذَلِكَ.
فذكر ذلك للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلم يعنف واحدا منهم.

وقد تقدم أن الأوزاعي وأصحابه - ومنهم: الوليد بن مسلم - يرون جواز صلاة شدة الخوف للطالب، كما يجوز للمطلوب 0 وهو رواية عن أحمد، وأنهم يرون تأخير الصلاة عن وقتها إذا لم يقدروا على فعلها في وقتها على وجه تام، كما تقدم - أيضا.

وقد استدل الوليد بن مسلم لذلك بحديث ابن عمر في البعث إلى قريظة.

وأما صلاة شرحبيل بن السمط التي استدل بها الأوزاعي .
ومما يتفرع على جواز صلاة الطالب صلاة شدة الخوف: أن من كان ليلة النحر قاصدا لعرفة، وخشي أن تفوته عرفة قبل طلوع الفجر، فإنه يصلي صلاة شدة الخوف وهو ذاهب إلى عرفة، وهو أحد الوجهين لأصحابنا، ولأصحاب الشافعي –أيضا.

وضعفه بعض أصحابهم، بأنه ليس بخائف بل طالب.

والصحيح: أنا إن قلنا: تجوز صلاة الطالب جازت صلاته، وإلاّ فلا تجوز، أو يكون فيه وجهان.

وهل يجوز تأخير العشاء إلى بعد طلوع الفجر؟ فيهِ – أيضا – وجهان للشافعية ولأصحابنا.

وأما استدلال الوليد بحديث ابن عمر في ذكر بني قريظة، فإنما يتم ذلك إذا كان الذين لم يصلوا العصر حتى بلغوا بني قريظة لم يصلوها إلاّ بعد غروب الشمس، وليس ذلك في هذا الحديث، فإن حديث ابن عمر إنما يدل على ان بعضهم أخر العصر إلى بني قريظة، فقد يكونوا صلوها في آخر وقتها، وهذا لا إشكال في جوازه.

وممن ذهب إلى ذلك: الخطابي، وردَ به على من استدل بالحديث على أن كل مجتهد مصيب.

وذهب آخرون إلى أن الذين صلوا في بني قريظة صلوا بعد غروب الشمس.
واستدلوا بأن مسلما خرج الحديث، ولفظه: عن ابن عمر، قالَ: نادى [فينا] رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم انصرف من الأحزاب: أن ( ( لا يصلي أحد العصر إلاّ في بني قريظة) ) فتخوف ناس فوت الوقت فصلوا دون بني قريظة، وقال آخرون: لا نصلي إلاّ حيث أمرنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأن فاتنا الوقت.
قال: فما عنف رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واحدا من الفريقين.

وخرج البيهقي، بإسناد فيه نظر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، أن عمه عبد الله أخبره، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عزم على الناس لما رجع من الأحزاب أن لا يصلوا صلاة العصر إلاّ في بني قريظة.
قالَ: فلبس الناس السلاح، فلم يأتوا بني قريظة حتى غربت الشمس، فاختصم الناس عند غروب الشمس، فقال بعضهم: إن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عزم علينا إلاّ نصلي حتى نأتي بني قريظة، فإنما نحن في عزيمة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فليس علينا إثم، وصلى طائفة من الناس احتسابا، وتركت طائفة منهم الصلاة حتى غربت الشمس، فصلوها حين جازوا بني قريظة احتسابا، فلم يعنف رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واحدا من الفريقين.

وهذا مرسل.

وقد ذكره موسى بن عقبة في ( ( مغازيه) ) عن الزهري – مرسلا -، بغير إسناد للزهري بالكلية، وهو أشبه.

وخرج البيهقي نحوه - أيضا - من طريق عبد الله بن عمر العمري، عن أخيه
عبيد الله، عن القاسم، عن عائشة، وفي حديثها: ( ( فغربت الشمس قبل أن يأتوهم، فصلت طائفة إيمانا واحتسابا، وتركت طائفة إيمانا واحتسابا، ولم يعنف رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واحدا من الفريقين) ) .

والاستدلال بهذا الحديث على تأخير الصلاة للاشتغال بالحرب، استدلال ضعيف، وكذلك الاستدلال به على تأخير الصلاة لطالب العدو؛ فإن يوم ذهابهم إلى بني قريظة لم تكن هناك حرب تشغل عن صلاة، ولا كانوا يخافون فوات العصر ببني قريظة بالاشتغال بالصلاة بالكلية، وإنما وقع التنازع بين الصحابة في صلاة العصر في الطريق، إلتفاتا إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإلى معنى كلامه ومراده ومقصوده:
فمنهم من تمسك بظاهر اللفظ، ورأى أنه ينبفي أن يصلي العصر إلاّ في بني قريظة، وإن فات وقتها، وتكون هذه الصلاة مخصوصة من عموم أحاديث المواقيت بخصوص هذا، وهو النهي عن الصلاة إلاّ في بني قريظة.

ومنهم من نظر إلى المعنى، وقال لم يرد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذلك، وإنما أراد منا تعجيل الذهاب إلى بني قريظة في بقية النهار، ولم يرد تأخير الصلاة عن وقتها، ولا غير وقت صلاة العصر في هذا اليوم، بل هو باق على ما كان عليه في سائر الأيام.

وهذا هو الأظهر.
والله أعلم.

ولا دلالة في ذلك على أن كل مجتهد مصيب، بل فيه دلالة على أن المجتهد سواء أصاب أو أخطأ فإنه غير ملوم على اجتهاده، بل إن أصاب كان له أجران، وإن أخطأ فخطؤه موضوع عنه، وله أجر على اجتهاده.

ومن استدل بالحديث على أن تارك الصلاة عمداً يقضي بعد الوقت فقد وهم؛ فإن من أخر الصَّلاة في ذَلِكَ كانَ باجتهاد سائغ، فهوَ في معنى النائم والناسي، وأولى؛ فإن التأخير بالتأويل السائغ أولى بأن يكون صاحبه معذوراً.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب صَلاَةِ الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ رَاكِبًا وَإِيمَاءً
وَقَالَ الْوَلِيدُ: ذَكَرْتُ لِلأَوْزَاعِيِّ صَلاَةَ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ وَأَصْحَابِهِ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ فَقَالَ: كَذَلِكَ الأَمْرُ عِنْدَنَا إِذَا تُخُوِّفَ الْفَوْتُ.
وَاحْتَجَّ الْوَلِيدُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلاَّ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ».

( باب صلاة الطالب و) صلاة ( المطلوب) حال كونه ( راكبًا وإيماءً) مصدر: أومأ.

كذا لأبي ذر الكشميهني، والمستملي: إيماء، ولأبوي ذر والوقت عن الحموي: وقائمًا بالقاف من القيام، وفي رواية قائمًا.

وقد اتفقوا على صلاة المطلوب راكبًا، واختلفوا في الطالب، فمنعه الشافعي وأحمد، رحمهما الله، وقال مالك: يصلّي راكبًا حيث توجه إذا خاف فوت العدوّ إن نزل.

( وقال الوليد) بن مسلم القرشي الأموي ( ذكرت للأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو ( صلاة شرحبيل بن السمط) بضم الشين المعجمة وفتح الراء وسكون الحاء المهملة وكسر الموحدة في الأوّل، وكسر السين المهملة وسكون الميم في الثاني، كذا في الفرع، وضبطه ابن الأثير: بفتح ثم كسر، ككتف، الكندي المختلف في صحبته، وليس له في البخاري غير هذا الموضع، ( و) صلاة ( أصحابه على ظهر الدابة.
فقال)
أي الأوزاعي، ولابن عساكر: قال: ( كذلك الأمر) أي: أداء الصلاة على ظهر الدابة بالإيماء هو الشأن والحكم ( عندنا إذا تخوّف) الرجل ( الفوت) بفتح أوّل تخوّف مبنيًّا للفاعل.

والفوت نصب على المفعولية، ويجوز كما في الفرع وأصله ضبطه بالبناء للمفعول، ورفع الفوت نائبًا عن الفاعل.


زاد المستملي فيما ذكره في الفتح في الوقت: ( واحتج الوليد) لمذهب الأوزاعي في مسألة الطالب ( بقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) الآتي:
( لا يصلّين أحد العصر إلا في بني قريظة) لأنه عليه الصلاة والسلام لم يعنف على تأخيرها عن وقتها المفترض، وحينئذٍ فصلاة من لا يفوّت الوقت بالإيماء أو بما يمكن أولى من تأخيرها حتى يخرج وقتها.

وقد أخرج أبو داود في: صلاة الطالب، حديث عبد الله بن أنيس، إذا بعثه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى سفيان الهذلي، قال: فرأيته، وحضرت العصر، فخشيت فوتها، فانطلقت أمشي وأنا أصلي أومئ إيماءً.
وإسناده حسن.

هذا ( باب) بالتنوين من غير ترجمة، كذا في الفرع وأصله، ولأبي ذر إسقاطه.


[ قــ :918 ... غــ : 946 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَنَا لَمَّا رَجَعَ مِنَ الأَحْزَابِ: لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلاَّ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ.
فَأَدْرَكَ بَعْضُهُمُ الْعَصْرَ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا،.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ: بَلْ نُصَلِّي، لَمْ يُرَدْ مِنَّا ذَلِكَ.
فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ.
[الحديث 946 - طرفه في: 4119] .

وبالسند قال: ( حدّثنا عبد الله بن محمد بن أسماء) بالفتح غير منصرف، ابن عبيد بن مخراق الضبعي البصري ( قال: حدّثنا جويرية) تصغير جارية بن أسماء، وهو عمّ عبد الله الراوي عنه ( عن نافع) مولى ابن عمر ( عن ابن عمر) بن الخطاب، رضي الله عنهما، ( قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لنا، لما رجع من الأحزاب) .

غزوة الخندق سنة أربع إلى المدينة، ووضع المسلمون السلاح، وقال له جبريل، عليه الصلاة والسلام، ما وضعت الملائكة السلاح بعد، وإن الله يأمرك أن تسير إلى بني قريظة فإني عائد إليهم.

فقال عليه الصلاة والسلام لأصحابه:
( لا يصلّين) بنون التوكيد الثقيلة ( أحد) منكم ( العصر إلا في بني قريظة) بضم القاف وفتح الراء والظاء المعجمة، فرقة من اليهود.
( فأدرك بعضهم العصر في الطريق) بنصب بعضهم ورفع تاليه، مفعول وفاعل، مثل قوله: { وإن يدركني يومك} والضمير في بعضهم: لأحد.

( فقال) وللأربعة: وقال ( بعضهم) ، الضمير فيه كالآتي لنفس بعض الأوّل: ( لا نصلي حتى نأتيها) عملاً بظاهر قوله: "لا يصلّين أحد"، لأن النزول معصية للأمر الخاص بالإسراع، فخصّوا عموم الأمر بالصلاة أوّل وقتها بما إذا لم يكن عذر، بدليل أمرهم بذلك.


( وقال بعضهم: بل نصلي) نظرًا إلى المعنى لا إلى ظاهر اللفظ، ( لم يرد منا ذلك) ببناء يرد للمفعول، كما ضبطه العيني والبرماوي، والبناء للفاعل كما ضبطه في المصابيح، والخفضة مكشوطة في الفرع، فعريت الراء فيه عن الضبط، ولم يضبطها في اليونينية.

والمعنى: أن المراد من قوله: "لا يصلين أحد" لازمه وهو الاستعجال في الذهاب لبني قريظة، لا حقيقة ترك الصلاة، كأنه قال: صلوا في بني قريظة، إلاّ أن يدرككم وقتها قبل أن تصلوا إليها.

فجمعوا بين دليلي وجوب الصلاة، ووجوب الإسراع.
فصلوا ركبانًا لأنهم لو نزلوا للصلاة لكان فيه مضادة للأمر بالإسراع، وصلاة الراكب مقتضية للإيماء، فطابق الحديث الترجمة.

لكن عورض بأنهم: لو تركوا الركوع والسجود لخالفوا قوله تعالى: { ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] وأجيب: بأنه عامّ خصّ بدليل، كما أن الأمر بتأخير الصلاة إلى إتيان بني قريظة خصّ بما إذا لم يخش الفوات.

والقول: بأنهم صلوا ركبانًا لابن المنير، قال في الفتح: وفيه نظر، لأنه لم يصرّح لهم بترك النزول، فلعلهم فهموا أن المراد بأمرهم: أن لا يصلوا العصر إلا فى بني قريظة، المبالغة في الأمر بالإسراع، فبادروا إلى امتثال أمره، وخصّوا وقت الصلاة من ذلك لماّ تقرّر عندهم من تأكيد أمرها، فلا يمتنع أن ينزلوا فيصلوا، ولا يكون في ذلك مضادّة لما أمروا به ودعوى أنهم: صلوا ركبانًا، تحتاج إلى دليل، ولم أره صريحًا في شيء من طرق هذه القصة.

( فذكر ذلك للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فلم يعنف واحدًا) ولأبوي ذر، والوقت عن الحموي والكشميهني والمستملي: أحدًا ( منهم) ، لا التاركين لأول الوقت عملاً بظاهر النهي، ولا الذين فهموا أنه كناية عن العجلة.

قال النووي، رحمه الله: لا احتجاج به على إصابة كل مجتهد، لأنه لم يصرّح بإصابتهما، بل ترك التعنيف، ولا خلاف أن المجتهد لا يعنف ولو أخطأ إذا بذل وسعه، قال: وأما اختلافهم فسببه تعارض الأدلة عندهم، فالصلاة مأمور بها في الوقت، والمفهوم من: "لا يصلّين" المبادرة، فأخذ بذلك من صلّى لخوف فوات الوقت، والآخرون أخّروها عملاً بالأمر بالمبادرة لبني قريظة.
اهـ.

واستشكل قوله هنا: العصر، مع ما في مسلم: الظهر.

وأجيب: بأن ذلك كان بعد دخول وقت الظهر، فقيل لمن صلاّها بالمدينة: لا تصلّ العصر إلاّ في بني قريظة، ولمن لم يصلها: لا تصلِّ الظهر إلا فيهم.

ويأتي مزيد لذلك، إن شاء الله تعالى في المغازي، بعون الله تعالى.

ورواة هذا الحديث ما بين بصري ومدني، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه مسلم، كالبخاري في المغازي.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ صَلاَةِ الطَّالِبِ والمَطْلُوبِ رَاكبا وَإيمَاءً)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان صَلَاة الطَّالِب وَصَلَاة الْمَطْلُوب.
قَوْله: ( رَاكِبًا) حَال.
قَوْله: ( وَقَائِمًا) عطف عَلَيْهِ، وَفِي بعض النّسخ: أَو قَائِما، من الْقيام بِالْقَافِ فِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: ( رَاكِبًا وإيماء) أَي: حَال كَونه موميا.

وقالَ الوَلِيدُ ذَكَرْتُ لِلأوزَاعِيِّ صَلاَةَ شُرَحْبِيلَ بنِ السِّمْطِ وأصْحَابِهِ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ فَقَالَ كذالِكَ الأمْرُ عِنْدَنَا إذَا تُخُوِّفَ الفَوْتَ واحْتَجَّ الوَلِيدُ بِقَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يُصَلِّيَنَّ أحَدٌ العَصْرَ إلاّ فِي بَنِي قرَيْظَةَ
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن شُرَحْبِيل وَمن مَعَه كَانُوا ركبانا، وَالْإِجْمَاع على أَن الْمَطْلُوب لَا يُصَلِّي إلاّ رَاكِبًا، فَكَانُوا مطلوبين راكبين، وَلَو كَانُوا طَالِبين أَيْضا فالمطابقة حَاصِلَة، والوليد، بِفَتْح الْوَاو: وَهُوَ ابْن مُسلم الْقرشِي الْأمَوِي الدِّمَشْقِي يكنى أَبَا الْعَبَّاس،،.

     وَقَالَ  كَاتب الْوَاقِدِيّ: حج سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَة.
ثمَّ انْصَرف فَمَاتَ فِي الطَّرِيق قبل أَن يصل إِلَى دمشق، وَالْأَوْزَاعِيّ: هُوَ عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو، وشرحبيل، بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن السمط، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَكسر الْمِيم، على وزن: الْكَتف، قَالَه الغساني..
     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: بِكَسْر السِّين وَسُكُون الْمِيم: ابْن الْأسود بن جبلة بن عدي بن ربيعَة بن مُعَاوِيَة الأكرمين بن الْحَارِث بن مُعَاوِيَة بن ثَوْر بن مرتع بن كِنْدَة الْكِنْدِيّ أَبُو يزِيد، وَيُقَال: أَبُو السمط الشَّامي، مُخْتَلف فِي صحبته، ذكره فِي ( الْكَمَال) من التَّابِعين..
     وَقَالَ : وَيُقَال: لَهُ صُحْبَة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَيُقَال: لَا صُحْبَة لَهُ، وَذكره مُحَمَّد بن سعد فِي الطَّبَقَة الرَّابِعَة:.

     وَقَالَ : جاهلي إسلامي، وَفد إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأسلم، وَقد شهد الْقَادِسِيَّة وَولي حمص، وَهُوَ الَّذِي افتتحها وَقسمهَا منَازِل،.

     وَقَالَ  النَّسَائِيّ: ثِقَة،.

     وَقَالَ  أَحْمد بن مُحَمَّد بن عِيسَى الْبَغْدَادِيّ صَاحب ( تَارِيخ الحمصيين) : توفّي بسلمية سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ، وَيُقَال: سنة أَرْبَعِينَ، وَيُقَال: مَاتَ بصفين، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ فِي غير هَذَا الْموضع، وَهُوَ تَعْلِيق رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَابْن عبد الْبر من وَجه آخر: ( عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: قَالَ شُرَحْبِيل بن السمط لأَصْحَابه: لَا تصلوا الصُّبْح إلاّ على ظهر، فَنزل الأشتر يَعْنِي: النَّخعِيّ فصلى على الأَرْض، فَقَالَ شُرَحْبِيل: مُخَالف خَالف الله بِهِ) .
وروى ابْن أبي شيبَة عَن وَكِيع: حَدثنَا ابْن عون ( عَن رَجَاء بن حَيْوَة الْكِنْدِيّ، قَالَ: كَانَ ثَابت بن السمط أَو السمط بن ثَابت فِي مسير فِي خوف، فَحَضَرت الصَّلَاة فصلوا ركبانا، فَنزل الأشتر، فَقَالَ مَاله؟ فَقَالُوا: نزل يُصَلِّي.
قَالَ: مَاله خَالف؟ خُولِفَ بِهِ)
انْتهى.
وَذكر ابْن حبَان أَن ثَابت بن السمط أَخُو شُرَحْبِيل بن السمط، فَإِذا كَانَ كَذَلِك فَيُشبه أَن يَكُونَا كَانَا فِي ذَلِك الْجَيْش فنسب إِلَى كل مِنْهُمَا، وَقد ذكر شُرَحْبِيل جمَاعَة فِي الصَّحَابَة، وثابتا فِي التَّابِعين،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: طلبت قصَّة شُرَحْبِيل بن السمط بِتَمَامِهَا لأتبيّن هَل كَانُوا طَالِبين أم لَا؟ فَذكر الْفَزارِيّ فِي ( السّنَن) عَن ابْن عون: ( عَن رَجَاء عَن ثَابت بن السمط أَو السمط بن ثَابت قَالَ: كَانُوا فِي السّفر فِي خوف فصلوا ركبانا، فَالْتَفت فَرَأى الأشتر قد نزل للصَّلَاة، فَقَالَ: خَالف خُولِفَ بِهِ، فجرح الأشتر فِي الْفِتْنَة) .
قَالَ: فَبَان بِهَذَا الْخَبَر أَنهم كَانُوا حِين صلوا ركبانا لِأَن الْإِجْمَاع حَاصِل على أَن الْمَطْلُوب لَا يُصَلِّي إلاّ رَاكِبًا، وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي الطَّالِب فَقَالَ ابْن التِّين: صَلَاة ابْن السمط ظَاهرهَا إِنَّهَا كَانَت فِي الْوَقْت، وَهُوَ من قَوْله تَعَالَى: { رجَالًا أَو ركبانا} ( الْبَقَرَة: 239) [/ ح.

قَوْله: ( كَذَلِك الْأَمر) أَي: أَدَاء الصَّلَاة على ظهر الدَّابَّة بِالْإِيمَاءِ، وَهُوَ الشان وَالْحكم عِنْد خوف فَوَات الْوَقْت أَو فَوَات الْعَدو أَو فَوَات النَّفس.
قَوْله: ( وَاحْتج الْوَلِيد) أَي: الْوَلِيد الْمَذْكُور،.

     وَقَالَ  بَعضهم: مَعْنَاهُ أَن الْوَلِيد قوى مَذْهَب الْأَوْزَاعِيّ فِي مَسْأَلَة الطَّالِب بِهَذِهِ الْقِصَّة.
قلت: لَا يفهم من احتجاج الْوَلِيد بِالْحَدِيثِ تَقْوِيَة مَا ذهب إِلَيْهِ الْأَوْزَاعِيّ صَرِيحًا وَإِنَّمَا وَجه الِاسْتِدْلَال بِهِ بطرِيق الْأَوْلَوِيَّة، لِأَن الَّذين أخروا الصَّلَاة حَتَّى وصلوا إِلَى بني قُرَيْظَة لم يعنفهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ كَونهم فوتوا الْوَقْت، فَصَلَاة من لَا يفوت الْوَقْت بِالْإِيمَاءِ أَو كَيفَ مَا تمكن، أولى من تَأْخِير الصَّلَاة حَتَّى يخرج وَقتهَا..
     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: احتجاج الْوَلِيد بِحَدِيث بني قُرَيْظَة لَيْسَ فِيهِ حجَّة، لِأَنَّهُ قبل نزُول صَلَاة الْخَوْف قَالَ: وَقيل: إِنَّمَا صلى شُرَحْبِيل على ظهر الدَّابَّة لِأَنَّهُ طمع فِي فتح الْحصن، فصلى إِيمَاء ثمَّ فَتحه..
     وَقَالَ  ابْن بطال: وَأما اسْتِدْلَال الْوَلِيد بِقصَّة بني قُرَيْظَة على صَلَاة الطَّالِب رَاكِبًا، فَلَو وجد فِي بعض طرق الحَدِيث أَن الَّذين صلوا فِي الطَّرِيق صلوا ركبانا لَكَانَ بَينا، وَلما لم يُوجد ذَلِك احْتمل أَن يُقَال: إِنَّه يسْتَدلّ بِأَنَّهُ كَمَا سَاغَ للَّذين صلوا فِي بني قُرَيْظَة مَعَ ترك الْوَقْت، وَهُوَ فرض، كَذَلِك سَاغَ للطَّالِب أَن يُصَلِّي فِي الْوَقْت رَاكِبًا بِالْإِيمَاءِ، وَيكون تَركه للرُّكُوع وَالسُّجُود كَتَرْكِ الْوَقْت وَيُقَال: لَا حجَّة فِي حَدِيث بني قُرَيْظَة لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا أَرَادَ سرعَة سيرهم، وَلم يَجْعَل لَهُم بني قُرَيْظَة موضعا للصَّلَاة، ومذاهب الْفُقَهَاء فِي هَذَا الْبابُُ، فَعِنْدَ أبي حنيفَة: إِذا كَانَ الرجل مَطْلُوبا فَلَا بَأْس بِصَلَاتِهِ سائرا، وَإِن كَانَ طَالبا فَلَا..
     وَقَالَ  مَالك وَجَمَاعَة من أَصْحَابه: هما سَوَاء، كل وَاحِد مِنْهُمَا يُصَلِّي على دَابَّته..
     وَقَالَ  الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ فِي آخَرين كَقَوْل أبي حنيفَة، وَهُوَ قَول عَطاء وَالْحسن وَالثَّوْري وَأحمد وَأبي ثَوْر وَعَن الشَّافِعِي: إِن خَافَ الطَّالِب فَوت الْمَطْلُوب أَوْمَأ وإلاّ فَلَا.


[ قــ :918 ... غــ :946 ]
- ( حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن أَسمَاء قَالَ حَدثنَا جوَيْرِية عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لنا لما رَجَعَ من الْأَحْزَاب لَا يصلين أحد الْعَصْر إِلَّا فِي بني قُرَيْظَة فَأدْرك بَعضهم الْعَصْر فِي الطَّرِيق فَقَالَ بَعضهم لَا نصلي حَتَّى نأتيها..
     وَقَالَ  بَعضهم بل نصلي لم يرد منا ذَلِك فَذكر للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلم يعنف وَاحِدًا مِنْهُم)
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَنه يدل على أَن الْمَطْلُوب إِذا صلى فِي الْوَقْت بِالْإِيمَاءِ جَازَ كَمَا أَن الَّذين صلوا فِي بني قُرَيْظَة مَعَ ترك الْوَقْت جَازَ لَهُم ذَلِك وَلِهَذَا لم يعنفهم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعلى هَذَا فالجواز فِي الْمَطْلُوب أقوى ( فَإِن قلت) فِيهِ ترك الرُّكُوع وَالسُّجُود وهما فرضان ( قلت) كَذَلِك فِي صلَاتهم فِي بني قُرَيْظَة ترك الْوَقْت وَالْوَقْت فرض وَلما ذكر البُخَارِيّ احتجاج الْوَلِيد بِحَدِيث قصَّة بني قُرَيْظَة ذكره مُسْندًا عَقِيبه ليعلم صِحَة الحَدِيث عِنْده وَصِحَّة الِاسْتِدْلَال بِهِ فَافْهَم.
( ذكر رِجَاله) وهم أَرْبَعَة.
الأول عبد الله بن مُحَمَّد بن أَسمَاء بن عبيد بن مُخَارق الضبعِي الْبَصْرِيّ ابْن أخي جوَيْرِية الْمَذْكُور وَهُوَ مصغر جَارِيَة بِالْجِيم ابْن أَسمَاء روى عَنهُ مُسلم أَيْضا مَاتَ سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي جوَيْرِية بن أَسمَاء يكنى أَبَا مِخْرَاق الْبَصْرِيّ.
الثَّالِث نَافِع مولى ابْن عمر.
الرَّابِع عبد الله بن عمر.
( ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وَفِيه العنعنة فِي موضِعين وَفِيه القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه أَن النّصْف الأول من الروَاة بصريان وَالنّصف الثَّانِي مدنيان وَفِيه رِوَايَة الرجل عَن عَمه وَفِيه اسْم أحد الروَاة بِالتَّصْغِيرِ وَالْحَال أَن أصل وَضعه للْأُنْثَى.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي وَأخرجه مُسلم أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن شيخ البُخَارِيّ عَن جوَيْرِية بِهِ ( ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " من الْأَحْزَاب " هِيَ غَزْوَة الخَنْدَق وَقد أنزل الله فِيهَا سُورَة الْأَحْزَاب وَكَانَت فِي شَوَّال سنة خمس من الْهِجْرَة نَص على ذَلِك ابْن إِسْحَاق وَعُرْوَة بن الزبير وَقَتَادَة.

     وَقَالَ  مُوسَى بن عقبَة عَن الزُّهْرِيّ أَنه قَالَ ثمَّ كَانَت الْأَحْزَاب فِي شَوَّال سنة أَربع وَكَذَلِكَ قَالَ مَالك بن أنس فِيمَا رَوَاهُ أَحْمد عَن مُوسَى بن دَاوُد عَنهُ وَالْجُمْهُور على قَول ابْن إِسْحَق وَسميت بالأحزاب لِأَن الْكفَّار تألفوا من قبائل الْعَرَب وهم عشرَة آلَاف نفس وَكَانُوا ثَلَاثَة عَسَاكِر وَجَنَاح الْأَمر إِلَى أبي سُفْيَان وَسميت أَيْضا بغزوة الخَنْدَق لِأَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما سمع بهم وَمَا جمعُوا لَهُ من الْأَمر ضرب الخَنْدَق على الْمَدِينَة قَالَ ابْن هِشَام يُقَال أَن الَّذِي أَشَارَ بِهِ سلمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ الطَّبَرِيّ والسهيلي أول من حفر الْخَنَادِق منوجهر بن أيرج وَكَانَ فِي زمن مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَذكر ابْن إِسْحَق لما انْصَرف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الخَنْدَق رَاجعا إِلَى الْمَدِينَة والمسلمون قد وضعُوا السِّلَاح فَلَمَّا كَانَ الظّهْر أَتَى جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ لَهُ مَا وضعت الْمَلَائِكَة السِّلَاح بعد وَإِن الله يَأْمُرك أَن تسير إِلَى بني قُرَيْظَة فَإِنِّي عَائِد إِلَيْهِم فَأمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِلَالًا فَأذن فِي النَّاس من كَانَ سَامِعًا مُطيعًا فَلَا يصلين الْعَصْر إِلَّا فِي بني قُرَيْظَة قَالَ ابْن سعد ثمَّ سَار إِلَيْهِم وهم ثَلَاثَة آلَاف وَذَلِكَ يَوْم الْأَرْبَعَاء لتسْع بَقينَ من ذِي الْقعدَة عقيب الخَنْدَق قَوْله " لَا يصلين " بالنُّون الثَّقِيلَة الْمُؤَكّدَة قَوْله " فِي بني قُرَيْظَة " بِضَم الْقَاف وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الظَّاء الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره هَاء وهم فرقة من الْيَهُود وَقُرَيْظَة وَالنضير والنحام وَعَمْرو وَهُوَ هدل بَين الْخَزْرَج بن الصَّرِيح بن نومان بن السمط يَنْتَهِي إِلَى إِسْرَائِيل بن إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام.

     وَقَالَ  ابْن دُرَيْد الْقرظ ضرب من الشّجر يدبغ بِهِ يُقَال أَدِيم مقروظ وتصغيره قُرَيْظَة وَبِه سمي الْبَطن من الْيَهُود وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ التَّنْصِيص على الْعَصْر وَكَذَا فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ الْعَصْر وَفِي صَحِيح مُسلم التَّنْصِيص على الظّهْر وَكَذَا فِي رِوَايَة ابْن حبَان ومستخرج أبي نعيم قبل التَّوْفِيق بَين الرِّوَايَتَيْنِ إِن هَذَا الْأَمر كَانَ بعد دُخُول وَقت الظّهْر وَقد صلى الظّهْر بَعضهم دون بعض فَقيل للَّذين لم يصلوا الظّهْر لَا تصلوا الظّهْر إِلَّا فِي بني قُرَيْظَة وللذين صلوها بِالْمَدِينَةِ لَا تصلوا الْعَصْر إِلَّا فِي بني قُرَيْظَة وَقيل يحْتَمل أَنه قَالَ للْجَمِيع لَا تصلوا الْعَصْر وَلَا الظّهْر إِلَّا فِي بني قُرَيْظَة وَقيل يحْتَمل أَنه قيل للَّذين ذَهَبُوا أَولا لَا تصلوا الظّهْر إِلَّا فِي بني قُرَيْظَة وللذين ذَهَبُوا بعدهمْ لَا تصلوا الْعَصْر إِلَّا بهَا قَوْله " فَأدْرك بَعضهم " الضَّمِير فِيهِ يرجع إِلَى لفظ أحد وَفِي بَعضهم الثَّانِي وَالثَّالِث إِلَى الْبَعْض قَوْله " لم يرد منا " على صِيغَة الْمَجْهُول من الْمُضَارع أَي المُرَاد من قَوْله " لَا يصلين أحد " لَازمه وَهُوَ الاستعجال فِي الذّهاب إِلَى بني قُرَيْظَة لَا حَقِيقَة ترك الصَّلَاة أصلا وَلم يُعِنْهُمْ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على مُخَالفَة النَّهْي لأَنهم فَهموا مِنْهُ الْكِنَايَة عَن العجلة وَلَا التاركين للصَّلَاة المؤخرين عَن أول وَقتهَا لحملهم النَّهْي على ظَاهره ( ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) من ذَلِك مَا استنبط مِنْهُ ابْن حبَان معنى حسنا حَيْثُ قَالَ لَو كَانَ تَأْخِير الْمَرْء للصَّلَاة عَن وَقتهَا إِلَى أَن يدْخل وَقت الصَّلَاة الْأُخْرَى يلْزمه بذلك اسْم الْكفْر لما أَمر الْمُصْطَفى بذلك.
وَمِنْه مَا قَالَه السُّهيْلي فِيهِ دَلِيل على أَن كل مُخْتَلفين فِي الْفُرُوع من الْمُجْتَهدين مُصِيب إِذْ لَا يَسْتَحِيل أَن يكون الشَّيْء صَوَابا فِي حق إِنْسَان خطأ فِي حق غَيره فَيكون من اجْتهد فِي مَسْأَلَة فأداه اجْتِهَاده إِلَى الْحل مصيبا فِي حلهَا وَكَذَا الْحُرْمَة وَإِنَّمَا الْمحَال أَن يحكم فِي النَّازِلَة بحكمين متضادين فِي حق شخص وَاحِد وَإِنَّمَا عسر فهم هَذَا الأَصْل على طائفتين الظَّاهِرِيَّة والمعتزلة أما الظَّاهِرِيَّة فَإِنَّهُم عَلقُوا الْأَحْكَام بالنصوص فاستحال عِنْدهم أَن يكون النَّص يَأْتِي بحظر وَإِبَاحَة مَعًا إِلَّا على وَجه النّسخ وَأما الْمُعْتَزلَة فَإِنَّهُم عَلقُوا الْأَحْكَام بتقبيح الْعقل وتحسينه فَصَارَ حسن الْفِعْل عِنْدهم أَو قبحه صفة عين فاستحال عِنْدهم أَن يَتَّصِف فعل بالْحسنِ فِي حق زيد والقبح فِي حق عَمْرو كَمَا يَسْتَحِيل ذَلِك فِي الألوان وَغَيرهَا من الصِّفَات الْقَائِمَة بالذوات وَأما مَا عدا هَاتين الطَّائِفَتَيْنِ فَلَيْسَ الْحَظْر عِنْدهم وَالْإِبَاحَة بِصِفَات أَعْيَان وَإِنَّمَا هِيَ صِفَات أَحْكَام وَزعم الْخطابِيّ أَن قَول الْقَائِل فِي هَذَا كل مُجْتَهد مُصِيب لَيْسَ كَذَلِك وَإِنَّمَا هُوَ ظَاهر خطاب خص بِنَوْع من الدَّلِيل أَلا ترَاهُ قَالَ بل نصلي لم يرد منا ذَلِك يُرِيد أَن طَاعَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا أمره بِهِ من إِقَامَة الصَّلَاة فِي بني قُرَيْظَة لَا يُوجب تَأْخِيرهَا عَن وَقتهَا على عُمُوم الْأَحْوَال وَإِنَّمَا هُوَ كَأَنَّهُ قَالَ صلوا فِي بني قُرَيْظَة إِلَّا أَن يدرككم وَقتهَا قبل أَن تصلوا إِلَيْهَا وَكَذَا الطَّائِفَة الْأُخْرَى فِي تأخيرهم الصَّلَاة كَأَنَّهُ قيل لَهُم صلوا الصَّلَاة فِي أول وَقتهَا إِلَّا أَن يكون لكم عذر فأخروها إِلَى آخر وَقتهَا.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ رَحمَه الله تَعَالَى لَا احتجاج فِيهِ على إِصَابَة كل مُجْتَهد لِأَنَّهُ لم يُصَرح بِإِصَابَة الطَّائِفَتَيْنِ بل بِإِصَابَة ترك تعنيفهما وَلَا خلاف فِي ترك تعنيف الْمُجْتَهد وَإِن أَخطَأ إِذا بذل وَسعه وَأما اخْتلَافهمْ فسببه أَن الْأَدِلَّة تَعَارَضَت فَإِن الصَّلَاة مَأْمُور بهَا فِي الْوَقْت وَالْمَفْهُوم من " لَا يصلين " الْمُبَادرَة بالذهاب إِلَيْهِم فَأخذ بَعضهم بذلك فصلوا حِين خَافُوا فَوت الْوَقْت وَالْآخرُونَ بِالْآخرِ فأخروها وَيُقَال اخْتِلَاف الصَّحَابَة فِي الْمُبَادرَة بِالصَّلَاةِ عِنْد ضيق وَقتهَا وتأخيرها سَببه أَن أَدِلَّة الشَّرْع تَعَارَضَت عِنْدهم فَإِن الصَّلَاة مَأْمُور بهَا فِي الْوَقْت مَعَ أَن الْمَفْهُوم من قَوْله " لَا يصلين أحد إِلَّا فِي بني قُرَيْظَة " الْمُبَادرَة بالذهاب إِلَيْهِ وَأَن لَا يشْتَغل عَنهُ بِشَيْء لَا أَن تَأْخِير الصَّلَاة مَقْصُود فِي نَفسه من حَيْثُ أَنه تَأْخِير فَأخذ بعض الصَّحَابَة بِهَذَا الْمَفْهُوم نظرا إِلَى الْمَعْنى لَا إِلَى اللَّفْظ فصلوا حِين خَافُوا فَوَات الْوَقْت وَأخذ آخَرُونَ بِظَاهِر اللَّفْظ وَحَقِيقَته وَلم يعنف الشَّارِع وَاحِدًا مِنْهُمَا لأَنهم مجتهدون فَفِيهِ دَلِيل لمن يَقُول بِالْمَفْهُومِ وَالْقِيَاس ومراعاة الْمَعْنى وَلمن يَقُول بِالظَّاهِرِ أَيْضا ( قلت) هَذَا القَوْل مثل مَا قَالَ النَّوَوِيّ مَعَ بعض زِيَادَة فِيهِ.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ فِيهِ أَن المتؤول إِذا لم يبعد فِي التَّأْوِيل لَيْسَ بمخطىء وَأَن السُّكُوت على فعل أَمر كالقول بإجازته -