هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
886 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ ، يَقُولُ حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، قَالَ : قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ : أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ ثُمَّ قَالَ أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ ثَلَاثًا ، وَبَسَطَ يَدَهُ كَأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ شَيْئًا ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ سَمِعْنَاكَ تَقُولُ فِي الصَّلَاةِ شَيْئًا لَمْ نَسْمَعْكَ تَقُولُهُ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَرَأَيْنَاكَ بَسَطْتَ يَدَكَ ، قَالَ : إِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ إِبْلِيسَ ، جَاءَ بِشِهَابٍ مِنْ نَارٍ لِيَجْعَلَهُ فِي وَجْهِي ، فَقُلْتُ : أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ قُلْتُ : أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ التَّامَّةِ ، فَلَمْ يَسْتَأْخِرْ ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ أَرَدْتُ أَخْذَهُ ، وَاللَّهِ لَوْلَا دَعْوَةُ أَخِينَا سُلَيْمَانَ لَأَصْبَحَ مُوثَقًا يَلْعَبُ بِهِ وِلْدَانُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
886 حدثنا محمد بن سلمة المرادي ، حدثنا عبد الله بن وهب ، عن معاوية بن صالح ، يقول حدثني ربيعة بن يزيد ، عن أبي إدريس الخولاني ، عن أبي الدرداء ، قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعناه يقول : أعوذ بالله منك ثم قال ألعنك بلعنة الله ثلاثا ، وبسط يده كأنه يتناول شيئا ، فلما فرغ من الصلاة قلنا : يا رسول الله قد سمعناك تقول في الصلاة شيئا لم نسمعك تقوله قبل ذلك ، ورأيناك بسطت يدك ، قال : إن عدو الله إبليس ، جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي ، فقلت : أعوذ بالله منك ، ثلاث مرات ، ثم قلت : ألعنك بلعنة الله التامة ، فلم يستأخر ، ثلاث مرات ، ثم أردت أخذه ، والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Abu Darda' reported:

Allah's Messenger (ﷺ) stood up (to pray) and we heard him say: I seek refuge in Allah from thee. Then said: curse thee with Allah's curse three times, then he stretched out his hand as though he was taking hold of something. When he finished the prayer, we said: Messenger of Allah, we heard you say something during the prayer which we have not heard you say before, and we saw you stretch out your hand. He replied: Allah's enemy Iblis came with a flame of fire to put it in my face, so I said three times: I Seek refuge in Allah from thee. Then I said three times: I curse thee with Allah's full curse. But he did not retreat (on any one of these) three occasions. Thereafter I meant to seize him. I swear by Allah that had it not been for the supplication of my brother Sulaiman he would have been bound, and made an object of sport for the children of Medina.

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [542] .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ التَّامَّةِ قَالَ الْقَاضِي يَحْتَمِلُ تَسْمِيَتُهَا تَامَّةً أَيْ لَا نَقْصَ فِيهَا وَيَحْتَمِلُ الْوَاجِبَةُ لَهُ الْمُسْتَحَقَّةُ عَلَيْهِ أَوِ الْمُوجِبَةُ عَلَيْهِ الْعَذَابَ سَرْمَدًا.

     وَقَالَ  الْقَاضِي وَقَولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ دَلِيلُ جَوَازِ الدُّعَاءِ لِغَيْرِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ بِصِيغَةِ الْمُخَاطَبَةِ خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ إِنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِذَاكَ.

.

قُلْتُ وَكَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِالدُّعَاءِ لِغَيْرِهِ بِصِيغَةِ الْمُخَاطَبَةِ كَقَوْلِهِ لِلْعَاطِسِ رَحِمَكَ اللَّهُ أَوْ يَرْحَمُكَ وَلِمَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَأَشْبَاهُهُ وَالْأَحَادِيثُ السَّابِقَةُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ فِي السَّلَامِ عَلَى الْمُصَلِّي تُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا فَيُتَأَوَّلُ هَذَا الْحَدِيثُ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهِ لَوْلَا دَعْوَةُ أَخِينَا سُلَيْمَانَ لَأَصْبَحَ مُوثَقًا يَلْعَبُ بِهِ وِلْدَانُأَهْلِ الْمَدِينَةِ فِيهِ جَوَازُ الْحَلِفِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلَافٍ لِتَفْخِيمِ مَا يُخْبِرُ بِهِ الْإِنْسَانُ وَتَعْظِيمِهِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي صِحَّتِهِ وَصِدْقِهِ وَقَدْ كَثُرَتِ الْأَحَادِيثُ بِمِثْلِ هَذَا وَالْوِلْدَانُ الصِّبْيَانُ ( باب جَوَازِ حَمْلِ الصبيان في الصلاة) وان ثيابهم محمولة على الطهارة حتى يتحقق نَجَاسَتُهَا وَأَنَّ الْفِعْلَ الْقَلِيلَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وكذا اذا فرق الافعال فِيهِ حَدِيثُ حَمْلِ أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَفِيهِ دَلِيلٌ لِصِحَّةِ صَلَاةِ مَنْ حَمَلَ آدَمِيًّا أَوْ حَيَوَانًا طَاهِرًا مِنْ طَيْرٍ وَشَاةٍ وَغَيْرِهِمَا وَأَنَّ ثِيَابَ الصِّبْيَانِ وَأَجْسَادَهُمْ طَاهِرَةٌ حَتَّى تَتَحَقَّقَ نَجَاسَتُهَا وَأَنَّ الْفِعْلَ الْقَلِيلَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَأَنَّ الْأَفْعَالَ إِذَا تَعَدَّدَتْ وَلَمْ تَتَوَالَ بَلْ تَفَرَّقَتْ لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَفِيهِ تَوَاضُعٌ مَعَ الصِّبْيَانِ وَسَائِرِ الضَّعَفَةِ وَرَحْمَتُهُمْ وَمُلَاطَفَتُهُمْ وَقَولُهُ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَيَؤُمُّ النَّاسَ وَأُمَامَةُ عَلَى عَاتِقِهِ هَذَا يَدُلُّ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ حَمْلُ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ وَصَلَاةِ النَّفْلِ وَيَجُوزُ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَالْمُنْفَرِدِ وَحَمَلَهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى النَّافِلَةِ وَمَنَعُوا جَوَازَ ذَلِكَ فِي الْفَرِيضَةِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ فَاسِدٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ يَؤُمُّ النَّاسَ صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ وَادَّعَى بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَبَعْضُهُمْ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْضُهُمْ أَنَّهُ كَانَ لِضَرُورَةٍ وَكُلُّ هَذِهِ الدَّعَاوِي بَاطِلَةٌ وَمَرْدُودَةٌ فَإِنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا وَلَا ضَرُورَةَ إِلَيْهَا بَلِ الْحَدِيثُ صَحِيحٌ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ ذَلِكَ وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُخَالِفُ قَوَاعِدَ الشَّرْعِ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ طَاهِرٌ وَمَا فِي جَوْفِهِ مِنَ النَّجَاسَةِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ لِكَوْنِهِ فِي مَعِدَتِهِ وَثِيَابُ الْأَطْفَالِ وَأَجْسَادُهُمْ عَلَى الطَّهَارَةِ وَدَلَائِلُ الشَّرْعِ مُتَظَاهِرَةٌ عَلَى هَذَا وَالْأَفْعَالُ فِي الصَّلَاةِ لَا تُبْطِلُهَا إِذَا قَلَّتْ أَوْ تَفَرَّقَتْ وَفَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا بَيَانًا لِلْجَوَازِ وَتَنْبِيهًا بِهِ عَلَى هَذِهِ الْقَوَاعِدِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا وَهَذَا يَرُدُّ مَا ادَّعَاهُ الْإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّ هَذَا الفعل يشبه ان يكون كان بغير تَعَمُّدٍ فَحَمَلَهَا فِي الصَّلَاةِ لِكَوْنِهَا كَانَتْ تَتَعَلَّقُ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَدْفَعْهَا فَإِذَا قَامَ بَقِيَتْ مَعَهُ قَالَ وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ حَمَلَهَا وَوَضَعَهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى عَمْدًا لأنه عمل كثير ويشغل القلب واذ كان الخميصة شغله فَكَيْفَ لَا يَشْغَلُهُ هَذَا هَذَا كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ بَاطِلٌ وَدَعْوَى مُجَرَّدَةٌ وَمِمَّا يَرُدُّهَا .

     قَوْلُهُ  فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فَإِذَا أقام حَمَلَهَا وَقَولُهُ فَإِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ أَعَادَهَا وقوله في رواية غير مُسْلِمٍ خَرَجَ عَلَيْنَا حَامِلًا أُمَامَةَ فَصَلَّى فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

.
وَأَمَّا قَضِيَّةُ الْخَمِيصَةِ فَلِأَنَّهَا تَشْغَلُ الْقَلْبَ بِلَا فَائِدَةٍ وَحَمْلُ أُمَامَةَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَشْغَلُ الْقَلْبَ وَإِنْ شَغَلَهُ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فَوَائِدُ وَبَيَانُ قَوَاعِدَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ وَغَيْرِهِ فَأُحِلَّ ذَلِكَ الشَّغْلُ لِهَذِهِ الْفَوَائِدِ بِخِلَافِ الْخَمِيصَةِ فَالصَّوَابُ الَّذِي لَا مَعْدِلَ عَنْهُ أَنَّ الْحَدِيثَ كَانَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَالتَّنْبِيهِ عَلَى هَذِهِ الْفَوَائِدِ فَهُوَ جَائِزٌ لَنَا وَشَرْعٌ مُسْتَمِرٌّ لِلْمُسْلِمِينَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [542] بلعنة الله التَّامَّة قَالَ القَاضِي يحْتَمل تَسْمِيَتهَا تَامَّة أَي لَا نقص فِيهَا وَيحْتَمل الْوَاجِبَة لَهُ الْمُسْتَحقَّة عَلَيْهِ أَو الْمُوجبَة عَلَيْهِ الْعَذَاب سرمدا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعناه يقول: أعوذ بالله منك ثم قال: ألعنك بلعنة اللَّه ثلاثًا.
وبسط يده كأنه يتناول شيئًا.
فلما فرغ من الصلاة قلنا: يا رسول اللَّه، قد سمعناك تقول في الصلاة شيئًا لم نسمعك تقوله قبل ذلك.
ورأيناك بسطت يدك.
قال: إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي.
فقلت: أعوذ باللَّه منك.
ثلاث مرات.
ثم قلت: ألعنك بلعنة اللَّه التامة.
فلم يستأخر.
ثلاث مرات.
ثم أردت أخذه.
واللَّه لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقًا يلعب به ولدان أهل المدينة.


المعنى العام

الجن خلق من خلق اللَّه يعيش معنا على هذا الكوكب، يرانا من حيث لا نراه، شاء اللَّه في خلقته أن يكون قادرًا على التشكل بأشكال مختلفة، إذا قدر لابن آدم أن يراه، فإذا ظهر بصورة وقبض عليه فيها لم يستطع الخروج منها والرجوع إلى أصل خلقته بل تحكم عليه الصورة حتى يطلقه القابض عليه، وقل أن يراه إنسان خلا سيدنا سليمان عليه السلام وبعض أهل عصره.
فقد سخر الله له الشياطين كل بناء وغواص، وآخرين مقرنين في الأصفاد، حكمه الله في الجن فسخر منهم في البناء والغوص في البحار لإخراج الجواهر والكنوز ما سخر، وحبس منهم وقيد ما حبس وما قيد، وقد رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مرات وقرأ عليهم القرآن في مكة، وآمن بعض الجن برسالته كما ثبت في القرآن والحديث، وروي أن أبا هريرة رضي الله عنه قد رآه في صورة لص سارق وأمسكه ثم أطلقه، وفي هذا الحديث الشريف يحدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن متمرد من الجن حاول شغله عن الصلاة وإخراجه منها، فتمثل له وهو في صلاته في صورة قط يحمل في يده صاروخًا من نار يشرعه في وجه الرسول الكريم وهو يؤم الناس ليلاً، فقال صلى الله عليه وسلم بصوت سمعه بعض المصلين معه: أعوذ بالله منك.
أعوذ بالله منك.
أعوذ بالله منك.
ألعنك بلعنة الله التامة.
ألعنك بلعنة الله التامة - يشير إلى قوله تعالى مخاطبًا إبليس { { وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين } } [الحجر: 35] وأمكن اللَّه رسوله من هذا المتمرد، فلم يستأخر وقفز في وجه الرسول، فقبض عليه وخنقه خنقًا شديدًا حتى خرج لسانه وأحس صلى الله عليه وسلم برد لسانه على يده، وهم أن يربطه في أحد أعمدة المسجد حتى يراه الناس ويلعب به صبيان المدينة.
لكنه ذكر أن التحكم في الجن كان ملك أخيه سليمان عليه السلام، الذي سأل الله تعالى أن لا يكون هذا الملك لأحد من بعده فرأى صلى الله عليه وسلم تواضعًا وأدبًا مع أخيه سليمان أن يترك له هذه الجزئية من الملك وأن لا يشاركه فيها، فدفع المتمرد دفعًا شديدًا بعيدًا، فهرب خاسئًا ذليلاً، وقد رأى الصحابة المصلون معه تحركات يده بعد سماعهم استعاذته ولعنته للشيطان فسألوه عما رأوا وسمعوا، فحكى لهم ما رأى وما قال، وما هم به وما رجع عنه وما فعله، صلوات الله وسلامه عليه، ورضي الله عن صحابته أجمعين.

المباحث العربية

( إن عفريتًا من الجن) قال ابن الحاجب وزنه فعليت من عفر، وفي المحكم: عفريت بين العفارة خبيث منكر، وقال الزجاج: العفريت النافذ في الأمر المبالغ فيه من خبث ودهاء، والجن نوع من العالم، والجمع جنان وهم الجنة، والجني منسوب إلى الجن، قال ابن دريد: الجن خلاف الإنس، وكل شيء استتر فقد جن عنك، وقال ابن عقيل: إنما سمي الجن جنًا لاستجنانهم واستتارهم عن العيون، ومنه سمي الجنين جنينًا، فالمعنى المراد: إن متمردًا خبيثًا من الجن.

( جعل يفتك علي البارحة) الفتك الأخذ في غفلة وخديعة، وفي رواية البخاري تفلت علي البارحة أي تعرض لي فلتة أي بغتة، وفي المحكم أفلت الشيء إذا أخذ بغتة في سرعة، والبارحة أقرب ليلة مضت، ويقال لكل زائل بارح، والبارحة منصوب على الظرفية.

( فذعته) بذال معجمة وتخفيف العين، وبعدها تاء مشددة، أي خنقته، وفي رواية فدعته بالدال بدل الذال، ومعناه دفعته شديدًا، والدعت والدع الدفع الشديد، قال النووي: والمعجمة [أي رواية الذال] أوضح وأشهر.

( فلقد هممت أن أربطه إلى جنب سارية من سواري المسجد) السارية هي الأسطوانة أي العمود المستدير.

( حتى تصبحوا) أي تدخلوا في الصباح، فهي تامة لا تحتاج إلى خبر.

( تنظرون إليه أجمعون - أو كلكم) أجمعون أو كلكم تأكيد للضمير المرفوع في تنظرون.

( قول أخي سليمان) الأخوة بينهما بحسب أصول الدين.

( فرده الله خاسئًا) أي ذليلاً صاغرًا مطرودًا مبعدًا، يقال: خسأت الكلب طردته، وخسأ الكلب يخسأ ذل.

( ألعنك بلعنة اللّه التامة) قال النووي: قال القاضي: يحتمل تسميتها تامة أي لا نقص فيها، ويحتمل الواجبة له المستحقة عليه أو الموجبة عليه العذاب سرمدًا.

( يلعب به ولدان أهل المدينة) قال النووي: المراد من الولدان الصبيان.

فقه الحديث

قال النووي: في الحديث دليل على أن الجن موجودون، وإنهم قد يراهم بعض الآدميين، وأما قول الله تعالى: { { إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم } } [الأعراف: 27] ، فمحمول على الغالب، فلو كانت رؤيتهم محالاً لما قال النبي صلى الله عليه وسلم ما قال من رؤيته إياه، ومن أنه كاد يربطه لينظروا كلهم إليه ويلعب به ولدان أهل المدينة.
قال القاضي: وقيل: إن رؤيتهم على خلقهم وصورهم الأصلية ممتنعة لظاهر الآية، إلا للأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ومن خرقت له العادة.
وإنما يراهم بنو آدم في صور غير صورهم كما جاء في الآثار.
قال النووي: هذه دعوى مجردة فإن لم يصح لها مستند فهي مردودة.
قال الإمام أبو عبد الله المازري: الجن أجسام لطيفة روحانية فيحتمل أنه تصور بصورة يمكن ربطها معها، ثم يمتنع من أن يعود إلى ما كان عليه حتى يتأتى اللعب به.
اهـ ويؤيد هذا القول رواية عبد الرزاق عرض لي في صورة هر.

وظاهر قوله صلى الله عليه وسلم ثم ذكرت قول أخي سليمان إلى آخره...
أنه صلى الله عليه وسلم كان قادرًا على ربطه، وكان ربطه ممكنًا لكنه صلى الله عليه وسلم تركه ليحقق لسليمان عليه السلام استجابة دعوته، ويبدو لي أن ذلك لم يكن يؤثر في دعوة سليمان، فملك سليمان كان أكبر بكثير من التحكم في جني واحد متفلت فقد كان الجن والريح مسخرين له وعلم لغة الطير وسخر الطير له وأوتي من كل شيء، ودعوته أن يكون هذا الملك الواسع خاصًا به لا يعطى لغيره، وهذا لا يمنع من حصول الغير على بعضه، وما قيمة التحكم في جني بجوار هذا الذي كان لسليمان، وأعتقد أن ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم زيادة تقدير وأدب لأخيه سليمان عليهما وعلى جميع الأنبياء السلام.
ولست مع القاضي عياض في قوله: معناه أنه مختص بهذا فامتنع صلى الله عليه وسلم من ربطه، إما لأنه لم يقدر عليه لذلك، وإما لكونه لما تذكر ذلك لم يتعاط ذلك لظنه أنه لم يقدر عليه.
اهـ

قال النووي: وفي الحديث دليل لجواز دعاء المصلي لغيره وعلى غيره بصيغة المخاطبة لقوله في الحديث ألعنك بلعنة الله ثلاثًا.
وجمهور العلماء على خلافه والأحاديث السابقة في الباب الذي قبله في السلام على المصلي تؤيد الجمهور ويحمل هذا الحديث على أنه كان قبل تحريم الكلام في الصلاة.
واستدل بهذا الحديث أن العمل القليل لا يبطل الصلاة أخذًا من دعه صلى الله عليه وسلم للعفريت، وليس من محاولة ربطه لأنه يحتمل أن يكون ربطه بعد تمام الصلاة.

ومن قوله والله لولا دعوة أخي سليمان...
أخذ جواز الحلف من غير استحلاف لتفخيم ما يخبر به الإنسان وتعظيمه والمبالغة في صحته وصدقه.
قال النووي: وقد كثرت الأحاديث بمثل هذا.

واستدل به البخاري على جواز ربط الأسير والغريم بالمسجد، وقال المهلب: إن في الحديث جواز ربط من خشي هروبه بحق عليه أو دين والتوثق منه في المسجد أو غيره.

وقال العيني: في الحديث دليل على أن الجن ليسوا باقين على عنصرهم الناري، لأنه صلى الله عليه وسلم قال إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي ولو كانوا باقين على عنصرهم الناري وأنهم نار محرقة لما احتاجوا إلى أن يأتي الشيطان أو العفريت منهم بشعلة من نار، ولكانت يد الشيطان أو العفريت أو شيء من أعضائه إذا مس ابن آدم أحرقه كما تحرق الآدمي النار الحقيقية بمجرد اللمس، فدل على أن تلك النارية انغمرت في سائر العناصر حتى صار إلى البرد، ويؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم حتى وجدت برد لسانه على يدي.

واللَّه أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ سـ :886 ... بـ :542]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ يَقُولُ حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ ثُمَّ قَالَ أَلْعَنُكَ بِلَعْنَة اللَّهِ ثَلَاثًا وَبَسَطَ يَدَهُ كَأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ شَيْئًا فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ سَمِعْنَاكَ تَقُولُ فِي الصَّلَاةِ شَيْئًا لَمْ نَسْمَعْكَ تَقُولُهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَرَأَيْنَاكَ بَسَطْتَ يَدَكَ قَالَ إِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ إِبْلِيسَ جَاءَ بِشِهَابٍ مِنْ نَارٍ لِيَجْعَلَهُ فِي وَجْهِي فَقُلْتُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ.

قُلْتُ أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ التَّامَّةِ فَلَمْ يَسْتَأْخِرْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ أَرَدْتُ أَخْذَهُ وَاللَّهِ لَوْلَا دَعْوَةُ أَخِينَا سُلَيْمَانَ لَأَصْبَحَ مُوثَقًا يَلْعَبُ بِهِ وِلْدَانُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ التَّامَّةِ ) قَالَ الْقَاضِي : يَحْتَمِلُ تَسْمِيَتُهَا تَامَّةً أَيْ لَا نَقْصَ فِيهَا ، وَيَحْتَمِلُ الْوَاجِبَةُ لَهُ الْمُسْتَحَقَّةُ عَلَيْهِ أَوِ الْمُوجِبَةُ عَلَيْهِ الْعَذَابَ سَرْمَدًا ..
     وَقَالَ  الْقَاضِي .

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ ) دَلِيلُ جَوَازِ الدُّعَاءِ لِغَيْرِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ بِصِيغَةِ الْمُخَاطَبَةِ ، خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ : إِنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِذَاكَ ،.

قُلْتُ : وَكَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِالدُّعَاءِ لِغَيْرِهِ بِصِيغَةِ الْمُخَاطَبَةِ كَقَوْلِهِ لِلْعَاطِسِ : رَحِمَكَ اللَّهُ ، أَوْ يَرْحَمُكَ ، وَلِمَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ : وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَأَشْبَاهُهُ ، وَالْأَحَادِيثُ السَّابِقَةُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ فِي السَّلَامِ عَلَى الْمُصَلِّي تُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا ، فَيُتَأَوَّلُ هَذَا الْحَدِيثُ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( وَاللَّهِ لَوْلَا دَعْوَةُ أَخِينَا سُلَيْمَانَ لَأَصْبَحَ مُوثَقًا يَلْعَبُ بِهِ وِلْدَانُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ) فِيهِ جَوَازُ الْحَلِفِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلَافٍ ؛ لِتَفْخِيمِ مَا يُخْبِرُ بِهِ الْإِنْسَانُ وَتَعْظِيمِهِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي صِحَّتِهِ وَصِدْقِهِ .
وَقَدْ كَثُرَتِ الْأَحَادِيثُ بِمِثْلِ هَذَا .
وَالْوِلْدَانُ الصِّبْيَانُ .