هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
88 وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَحَدَّثَنِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ ؟ فَذَكَرَ مِثْلَهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
88 وحدثني سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي ، قال : حدثني أبي ، حدثنا أبو بردة بن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى ، قال : قلت : يا رسول الله أي الإسلام أفضل ؟ قال : من سلم المسلمون من لسانه ويده وحدثنيه إبراهيم بن سعيد الجوهري ، حدثنا أبو أسامة ، قال : حدثني بريد بن عبد الله ، بهذا الإسناد قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المسلمين أفضل ؟ فذكر مثله
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

It is narrated on the authority of Abu Musa Ash'ari:

I asked the Messenger of Allah which (attribute) of Islam is more excellent. Upon this he remarked: One in which the Muslims are safe, protected from the tongue and hand of (other Muslims).

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله! أي الإسلام أفضل؟ قال من سلم المسلمون من لسانه ويده .



المعنى العام

دعا الإسلام في الحديث السابق، إلى شعبتين عظيمتين من شعب الإيمان فحقق بهما جانبا من أهم جوانبه، وركنا من أهم أركانه، وهو الركن الإيجابي أو ركن الفعل، وفي هذا الحديث الشريف يضع الإسلام الجانب الثاني والركن المهم المقابل وهو الركن السلبي، أو ركن الترك والكف، دعا في الحديث السابق إلى إطعام الطعام، وإفشاء السلام، ويدعو في هذا الحديث إلى كف الأذى وحجب الشرور والبوائق والإزعاج.

فهذا أبو موسى الأشعري، يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أفضل خصال الإسلام، وعن أفضل المسلمين العاملين بأفضل الخصال، ليحرص على الفضيلة ويسعى نحو الكمال الديني، ويعمل جهده ليكون من خير المسلمين.

ويجيبه صلى الله عليه وسلم: خير المسلمين هو الذي يمسك لسانه عن طعن الناس، ويحفظ ما بين فكيه عن الإساءة للمسلمين بالقول أو بالإشارة، وهو الذي يمسك يده وجميع جوارحه، ويحبس شرورها وأذاها، فلا يمد يده لحق الغير، ولا تمشي رجله للإضرار بأحد، ولا يتحرك فكره وقلبه للإيقاع أو الظلم أو الإيلام.

المسلم الكامل هو الذي يسلم الناس من شروره وأذاه، والمؤمن الكامل هو الذي يأمنه الناس على دمائهم وأموالهم وأعراضهم، وفي هذا يقول صلى الله عليه وسلم: والله لا يؤمن.
والله لا يؤمن.
والله لا يؤمن.
قيل: من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه .

بهاتين القاعدتين، وعلى هذين الركنين يعتمد صرح الإسلام، وترتكز أسس المجتمع الإسلامي القويم بالمسالمة ومنع الشر، بين الأفراد والجماعات والأمم، ثم بالتعاون وإيصال الخير وتبادل المنافع.

وما قامت مدنية، وما شيدت حضارة، وما نهضت أمة، وما استقر عالم في حياته، من غير هاتين القاعدتين، وما تخلف المسلمون في هذه الأيام إلا بإهمالهما، وما تقدم غيرهم إلا باتباعهما، فنعم التشريع الإسلام، ونعمت الهداية هداية خير الأنام.
عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام.

المباحث العربية

الرواية الأولى

( سأل رجل) لعله أبو موسى، المصرح به في الرواية الثالثة.
والسؤال مروي بالمعنى في بعض الروايات، ولعله رجل آخر، فعند ابن حبان أنه أبو ذر، وعند الطبراني أنه عمير بن قتادة، فتعدد السؤال، واتحد الجواب.

( أي المسلمين خير) أي أخير، وجاء في رواية أي الإسلام أفضل أي: أي خصال الإسلام أفضل، والسؤال عن خير المسلمين سؤال عن خير خصال الإسلام، فإن خير المسلمين ما صار خيرا إلا بقيامه بخير الخصال.

( من سلم المسلمون) من اسم موصول خبر لمبتدأ محذوف، تقديره خير المسلمين من سلم المسلمون، وفيه من أنواع البديع تجنيس الاشتقاق، وهو أن يرجع اللفظان في اشتقاق إلى أصل واحد، ومنه قوله تعالى: { { فأقم وجهك للدين القيم } } [الروم:43] فإن أقم والقيم يرجعان في الاشتقاق إلى أصل القيام، والتعبير بلفظ المسلمون من قبيل التغليب، والمراد من سلم المسلمون والمسلمات.

( من لسانه ويده) اليد اسم الجارحة، ولكن المراد منها أعم من أن تكون يدا حقيقية أو يدا معنوية، كالاستيلاء على حق الغير بغير حق، وأطلق اللسان واليد، وأراد أي جارحة من جوارحه، والمراد من سلم المسلمون من شره، فهو من باب ضربته الظهر والبطن، أي ضربت منه كل مكان.

الرواية الثانية

( المسلم من سلم) اختلف في الأداة أل في مثل هذا التركيب هل تقتضي الحصر أو لا؟ الراجح أنها تقتضي الحصر، ولكنه حصر الكمال في الإسلام، وهو قصر ادعائي كقولهم: الناس العرب، والمال الإبل، أي أفضل الناس وأفضل المال، وهنا كذلك أفضل المسلمين.
بل قد ينفي اسم الشيء، ويراد نفي الكمال، كما يقال لمن لم يتقن عمله: ما صنع شيئا، أي متقنا، فإنه لا يقصد نفي الصنعة، فإنه قد صنع بالفعل.

وقدره الخطابي المسلم الممدوح وهذا التقدير يحتاج صفة أخرى، أي الممدوح مدحا كاملا، وإلا لزم أن من لم يتصف بهذه الصفة من المسلمين ليس بممدوح، وليس كذلك، فإن كل مسلم ممدوح بإسلامه، وإن ذم من ناحية أخرى.

قال بعض الشيوخ: والظاهر أن الحصر في مثل هذا الحديث، إنما هو نسبي واعتباري مثل الحصر في لا علم إلا بخشية ولا علم إلا ما نفع فإن ظاهر ثبوت هذه الأشياء بمجرد ثبوت هذا الوصف.

وظاهر الحديث على هذا يفيد ثبوت الإسلام لمن سلم المسلمون من لسانه ويده وإن لم ينطق بالشهادتين وليس كذلك، بل المراد المبالغة بأن هذا الوصف ( سلامة المسلمين من لسانه ويده) هو المعتد به، دون غيره مجازا، أو التنبيه على أنه آكد الأوصاف المعتبرة في تحقق الإسلام، أو المراد المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده مع مراعاة بقية الأركان.

الرواية الثالثة

( أي الإسلام أفضل؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده) قال الكرماني: فإن قلت: السؤال عن الإسلام، أي عن خصاله، والجواب بمن سلم، أي ذي الخصلة، حيث قال: من سلم ولم يقل: هو سلامة المسلمين من لسانه ويده، فكيف يكون الجواب مطابقا للسؤال؟ .

قلت: هو جواب مطابق وزيادة، من حيث المعنى، إذ يعلم منه أن أفضليته باعتبار تلك الخصلة، أو أطلق الإسلام وأراد الصفة، كما يقال: العدل، ويراد: العادل، فالإسلام أريد به المسلم، فكأنه قال: أي المسلمين خير؟ كما جاء في بعض الروايات.
انتهى بتصرف.
وبعضهم قدر مضافا، به يصح المعنى، والتقدير: أي أصحاب الإسلام أفضل، وبذلك يتطابق الجواب والسؤال.

وللتوفيق بين الرواية الأولى والثالثة، وبين كلمة خير وكلمة أفضل قال العيني: فإن قلت: هل هناك فرق بين أفضل وبين خير؟ .

قلت: لا شك أنهما من باب التفضيل، ولكن الفضل يعني كثرة الثواب في مقابلة القلة، والخير يعني النفع في مقابلة الشر، والأول من الكمية، والثاني من الكيفية، اهـ ثم استشهد على قوله بما في العباب، ونصه: الفضل والفضيلة خلاف النقص والنقيصة، والخير ضد الشر.

وتعقبه بعضهم بقوله: الفرق لا يتم إلا إذا اختص كل منهما بتلك المقولة، أما إذا كان كل منهما يعقل تأتيه في الأخرى فلا.
اهـ وهذا التعقيب وجيه، فإن السائل في الرواية الأولى والثالثة إنما سأل عن الأفضل ثوابا ونفعا، ولم يقصد الأول الأفضلية في الثواب والآخر الأفضلية في النفع والله أعلم.

فقه الحديث

من علامة المسلم التي يستدل بها على حسن إسلامه سلامة المسلمين من شره وأذاه، بل إحسان المعاملة مطلوب مع غير المسلمين، بل مع غير الإنسان من الطير والحيوان، ولهذا قال الحافظ ابن حجر: ذكر المسلمين هنا خرج مخرج الغالب، لأن محافظة المسلم على كف الأذى عن أخيه المسلم أشد تأكيدا، ولأن الكفار بصدد أن يقاتلوا، وإن كان فيهم من يجب الكف عنه.
اهـ.

وقال السنوسي: لفظ المسلمين خرج مخرج الغالب، إذ الأغلب أن سبب الإذاية المخالطة، وغالب من يخالطه المسلم المسلمون مثله، فنبه على التحرز من إذايتهم التي قربت أسبابها، ولأن كف الأذى عن إخوته المسلمين أولى فذكر الوصف كالباعث على ترك الإذاية... ثم قال: وقد دلت الأدلة الشرعية على تحريم إذاية الذمي، وعلى المنع من تعذيب الحيوان بغير ما شرع فيه من النفع.
اهـ .

وخص اللسان واليد بالذكر من بين سائر الجوارح، لأن اللسان هو المعبر عما في النفس، واليد هي التي بها البطش، والقطع والوصل، والأخذ والمنع والإعطاء.
قال الزمخشري: لما كانت أكثر الأعمال تباشر بالأيدي غلبت، فقيل في كل عمل: هذا مما عملت أيديهم، وإن كان عملا لا يتأتى فيه المباشرة بالأيدي .

وقدم اللسان على اليد لأن إيذاءه أكثر وقوعا من إيذائها وأسهل مباشرة وأشد نكاية منها، ولهذا يقول الشاعر:

جراحات السنان لها التئام
ولا يلتام ما جرح اللسان

ثم إيذاء اللسان يعم ويلحق عددا أكثر مما يلحقه إيذاء اليد، فقد يؤذي أسرة أو قبيلة أو أهل بلدة، أو دولة بلفظ واحد، كما يتناول البعيد والقريب والحاضر والغائب، والميت والحي بخلاف اليد.

ثم إن ذكر اللسان واليد لغلبة مباشرة الأذى بهما لا يجعلهما المقصودين بالذات، بل هما كعنوان لكل ما يباشر الأذى من جميع الأعضاء حتى القلب فإن منهي عن الحقد والحسد، والبغض والغيبة، والتلذذ بتصور المعايب وإضمار الشر، ونحو ذلك.

فإن قيل: هل يدخل في إيذاء المسلم إقامة الحدود والتعازير والتأديبات؟ وما موقف الحديث منها؟ .

أجيب بأنها مستثناة من هذا العموم بالإجماع، وقيل: إنها ليست من الإيذاء حتى تستثنى، بل هي عند التحقيق استصلاح، وطلب للسلامة لهم، ولو في المآل.

ويؤخذ من الحديث

1 - الحث على ترك أذى المسلمين بكل ما يؤذي، وجماع ذلك حسن الخلق وحسن المعاملة مع العالم، وهو درجات، أعلاها درجة الأبرار الذين لا يؤذون الذر، ولا يضمرون الشر.

2 - الرد على المرجئة القائلين بأنه لا يضر مع الإيمان معصية.

3 - أن العفو والصفح وترك المؤاخذة أولى من المطالبة والمعاقبة مصداقا لقوله تعالى: { { وأن تعفوا أقرب للتقوى } } [البقرة: 237] وقوله { { ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور } } [الشورى: 43] .

والله أعلم