هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
852 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ ، بَيْنَمَا هُوَ قَائِمٌ فِي الخُطْبَةِ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَادَاهُ عُمَرُ : أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ ؟ قَالَ : إِنِّي شُغِلْتُ ، فَلَمْ أَنْقَلِبْ إِلَى أَهْلِي حَتَّى سَمِعْتُ التَّأْذِينَ ، فَلَمْ أَزِدْ أَنْ تَوَضَّأْتُ ، فَقَالَ : وَالوُضُوءُ أَيْضًا ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
852 حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء ، قال : أخبرنا جويرية بن أسماء ، عن مالك ، عن الزهري ، عن سالم بن عبد الله بن عمر ، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن عمر بن الخطاب ، بينما هو قائم في الخطبة يوم الجمعة إذ دخل رجل من المهاجرين الأولين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فناداه عمر : أية ساعة هذه ؟ قال : إني شغلت ، فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين ، فلم أزد أن توضأت ، فقال : والوضوء أيضا ، وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ ، بَيْنَمَا هُوَ قَائِمٌ فِي الخُطْبَةِ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَادَاهُ عُمَرُ : أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ ؟ قَالَ : إِنِّي شُغِلْتُ ، فَلَمْ أَنْقَلِبْ إِلَى أَهْلِي حَتَّى سَمِعْتُ التَّأْذِينَ ، فَلَمْ أَزِدْ أَنْ تَوَضَّأْتُ ، فَقَالَ : وَالوُضُوءُ أَيْضًا ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ .

Narrated Ibn `Umar:

While `Umar bin Al-Khattab was standing and delivering the sermon on a Friday, one of the companions of the Prophet, who was one of the foremost Muhajirs (emigrants) came. `Umar said to him, What is the time now? He replied, I was busy and could not go back to my house till I heard the Adhan. I did not perform more than the ablution. Thereupon `Umar said to him, Did you perform only the ablution although you know that Allah's Messenger (ﷺ) (p.b.u.h) used to order us to take a bath (on Fridays)?

Ibn 'Umar (r): Tandis que 'Umar ben alKhatâb était debout pour le sermon du vendredi, entra un homme des premiers Muhâjir et des Compagnons du Prophète (). Et 'Umar de l'appeler [en lui reprochant son retard]: On est en quelle heure? — J'étais occupé, expliqua l'homme, et je ne suis arrivé chez moi qu'au moment où j'étais en train d'entendre le 'adhân. Et sans m'attarder j'ai fait

":"ہم سے عبداللہ بن محمد بن اسماء نے بیان کیا ، انہوں نے کہا کہ ہم سے جویریہ بن اسماء نے امام مالک سے بیان کیا ، ان سے زہری نے ، ان سے سالم بن عبداللہ بن عمر رضی اللہ عنہما نے ان سے ابن عمر رضی اللہ عنہما نے کہعمر بن خطاب رضی اللہ عنہ جمعہ کے دن کھڑے خطبہ دے رہے تھے کہ اتنے میں نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کے اگلے صحابہ مہاجرین میں سے ایک بزرگ تشریف لائے ( یعنی حضرت عثمان رضی اللہ عنہ ) عمر رضی اللہ عنہ نے ان سے کہا بھلا یہ کون سا وقت ہے انہوں نے فرمایا کہ میں مشغول ہو گیا تھا اور گھر واپس آتے ہی اذان سنی ، اس لیے میں وضو سے زیادہ اور کچھ ( غسل ) نہ کر سکا ۔ حضرت عمر رضی اللہ عنہ نے فرمایا کہ وضو بھی اچھا ہے ۔ حالانکہ آپ کو معلوم ہے کہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم غسل کے لیے فرماتے تھے ۔

Ibn 'Umar (r): Tandis que 'Umar ben alKhatâb était debout pour le sermon du vendredi, entra un homme des premiers Muhâjir et des Compagnons du Prophète (). Et 'Umar de l'appeler [en lui reprochant son retard]: On est en quelle heure? — J'étais occupé, expliqua l'homme, et je ne suis arrivé chez moi qu'au moment où j'étais en train d'entendre le 'adhân. Et sans m'attarder j'ai fait

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [878] .

     قَوْلُهُ  مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ قِيلَ فِي تَعْرِيفِهِمْ مَنْ صَلَّى إِلَى الْقِبْلَتَيْنِ وَقِيلَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا وَقِيلَ مَنْ شَهِدَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ وَلَا شَكَّ أَنَّهَا مَرَاتِبُ نِسْبِيَّةٌ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى فِي التَّعْرِيفِ لِسَبْقِهِ فَمَنْ هَاجَرَ بَعْدَ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ وَقَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ هُوَ آخِرُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ هَاجَرَ قَبْلَ التَّحْوِيل وَقد سمي بن وهب وبن الْقَاسِمِ فِي رِوَايَتِهِمَا عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ الرَّجُلَ الْمَذْكُورَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَكَذَا سَمَّاهُ مَعْمَرٌ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَغَيره وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة بن وَهْبٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَن بن عمر قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي ذَلِكَ وَقَدْ سَمَّاهُ أَيْضًا أَبُو هُرَيْرَةَ فِي رِوَايَتِهِ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ عِنْدَ مُسْلِمٍ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ بَابَيْنِ .

     قَوْلُهُ  فَنَادَاهُ أَيْ قَالَ لَهُ يَا فُلَانُ .

     قَوْلُهُ  أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ أَيَّةُ بِتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ تَأْنِيثُ أَيٍّ يُسْتَفْهَمُ بِهَا وَالسَّاعَةُ اسْمٌ لِجُزْءٍ مِنَ النَّهَارِ مُقَدَّرٌ وَتُطْلَقُ عَلَى الْوَقْتِ الْحَاضِرِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَهَذَا الِاسْتِفْهَامُ اسْتِفْهَامُ تَوْبِيخٍ وَإِنْكَارٍ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ لِمَ تَأَخَّرْتَ إِلَى هَذِهِ السَّاعَةِ وَقَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِالْإِنْكَارِ فِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ عُمَرُ لِمَ تَحْتَبِسُونَ عَنِ الصَّلَاةِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَعَرَضَ عَنْهُ عُمَرُ فَقَالَ مَا بَالُ رِجَالٍ يَتَأَخَّرُونَ بَعْدَ النِّدَاءِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ عُمَرَ قَالَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَحَفِظَ بَعْضُ الرُّوَاةِ مَا لَمْ يَحْفَظِ الْآخَرُ وَمُرَادُ عُمَرَ التَّلْمِيحُ إِلَى سَاعَاتِ التَّبْكِيرِ الَّتِي وَقَعَ التَّرْغِيبُ فِيهَا وَأَنَّهَا إِذَا انْقَضَتْ طَوَتِ الْمَلَائِكَةُ الصُّحُفَ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًاوَهَذَا من أحسن التعريضات وَأَرْشَقِ الْكِنَايَاتِ وَفَهِمَ عُثْمَانُ ذَلِكَ فَبَادَرَ إِلَى الِاعْتِذَارِ عَنِ التَّأَخُّرِ .

     قَوْلُهُ  إِنِّي شُغِلْتُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَقَدْ بَيَّنَ جِهَةَ شَغْلِهِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ حَيْثُ قَالَ انْقَلَبْتُ مِنَ السُّوقِ فَسَمِعْتُ النِّدَاءَ وَالْمُرَادُ بِهِ الْأَذَانُ بَيْنَ يَدَيِ الْخَطِيبِ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ أَبْوَابٍ .

     قَوْلُهُ  فَلَمْ أَزِدْ عَلَى أَنْ تَوَضَّأْتُ لَمْ أَشْتَغِلْ بِشَيْءٍ بَعْدَ أَنْ سَمِعْتُ النِّدَاءَ إِلَّا بِالْوُضُوءِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي ابْتِدَاءِ شُرُوعِ عُمَرَ فِي الْخُطْبَةِ .

     قَوْلُهُ  وَالْوُضُوءُ أَيْضًا فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ قِبَلَ عُذْرَهُ فِي تَرْكِ التَّبْكِيرِ لَكِنَّهُ اسْتُنْبِطَ مِنْهُ مَعْنًى آخَرُ اتُّجِهَ لَهُ عَلَيْهِ فِيهِ إِنْكَارٌ ثَانٍ مُضَافٌ إِلَى الْأَوَّلِ وَقَولُهُ وَالْوُضُوءُ فِي رِوَايَتِنَا بِالنَّصْبِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَيْ وَالْوُضُوءَ أَيْضًا اقْتَصَرْتَ عَلَيْهِ أَوِ اخْتَرْتَهُ دُونَ الْغُسْلِ وَالْمَعْنَى مَا اكْتَفَيْتَ بِتَأْخِيرِ الْوَقْتِ وَتَفْوِيتِ الْفَضِيلَةِ حَتَّى تَرَكْتَ الْغُسْلَ وَاقْتَصَرْتَ عَلَى الْوُضُوءِ وَجَوَّزَ الْقُرْطُبِيُّ الرَّفْعَ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ وَالْوُضُوءُ أَيْضًا يُقْتَصَرُ عَلَيْهِ وَأَغْرَبَ السُّهَيْلِيُّ فَقَالَ اتَّفَقَ الرُّوَاةُ عَلَى الرَّفْعِ لِأَنَّ النَّصْبَ يُخْرِجُهُ إِلَى مَعْنَى الْإِنْكَارِ يَعْنِي وَالْوُضُوءُ لَا يُنْكَرُ وَجَوَابُهُ مَا تَقَدَّمَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاوَ عَاطِفَةٌ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ هِيَ عِوَضٌ عَن همزَة اسْتِفْهَام كَقِرَاءَة بن كَثِيرٍ قَالَ فِرْعَوْنُ وَآمَنْتُمْ بِهِ وَقَولُهُ أَيْضًا أَيْ أَلَمْ يَكْفِكَ أَنْ فَاتَكَ فَضْلُ التَّبْكِيرِ إِلَى الْجُمُعَةِ حَتَّى أَضَفْتَ إِلَيْهِ تَرْكَ الْغُسْلِ الْمُرَغَّبِ فِيهِ وَلَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ عَلَى جَوَابِ عُثْمَانَ عَنْ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَكَتَ عَنْهُ اكْتِفَاءً بِالِاعْتِذَارِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ قَدْ أَشَارَ إِلَى أَنَّهُ كَانَ ذَاهِلًا عَنِ الْوَقْتِ وَأَنَّهُ بَادَرَ عِنْدَ سَمَاعِ النِّدَاءِ وَإِنَّمَا تَرَكَ الْغُسْلَ لِأَنَّهُ تَعَارَضَ عِنْدَهُ إِدْرَاكُ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ وَالِاشْتِغَالُ بِالْغُسْلِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُرَغَّبٌ فِيهِ فَآثَرَ سَمَاعَ الْخُطْبَةِ وَلَعَلَّهُ كَانَ يَرَى فَرْضِيَّتَهُ فَلِذَلِكَ آثَرَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ كَذَا فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ لَمْ يَذْكُرِ الْمَأْمُورَ إِلَّا أَنَّ فِي رِوَايَةِ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِع بِلَفْظ كُنَّا نؤمر وَفِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لَهُ لَقَدْ عَلِمَ أَنَّا أُمِرْنَا بِالْغُسْلِ.

.

قُلْتُ أَنْتُمُ الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ أَمِ النَّاسُ جَمِيعًا قَالَ لَا أَدْرِي رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مَعْلُولٌ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ أَلَمْ تَسْمَعُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا رَاحَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ كَذَا هُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ التَّخْصِيصِ بِالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ الْقِيَامُ فِي الْخُطْبَةِ وَعَلَى الْمِنْبَرِ وَتَفَقُّدُ الْإِمَامِ رَعِيَّتَهُ وَأَمْرُهُ لَهُمْ بِمَصَالِحِ دِينِهِمْ وَإِنْكَارُهُ عَلَى مَنْ أَخَلَّ بِالْفَضْلِ وَإِنْ كَانَ عَظِيمَ الْمَحَلِّ وَمُوَاجَهَتُهُ بِالْإِنْكَارِ لِيَرْتَدِعَ مَنْ هُوَ دُونَهُ بِذَلِكَ وَأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ لَا يُفْسِدُهَا وَسُقُوطُ مَنْعِ الْكَلَامِ عَنِ الْمُخَاطَبِ بِذَلِكَ وَفِيهِ الِاعْتِذَارُ إِلَى وُلَاةِ الْأَمْرِ وَإِبَاحَةُ الشَّغْلِ وَالتَّصَرُّفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ النِّدَاءِ وَلَوْ أَفْضَى إِلَى تَرْكِ فَضِيلَةِ الْبُكُورِ إِلَى الْجُمُعَةِ لِأَنَّ عُمَرَ لَمْ يَأْمُرْ بِرَفْعِ السُّوقِ بَعْدَ هَذِهِ الْقِصَّةِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَالِكٌ عَلَى أَنَّ السُّوقَ لَا تُمْنَعُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ النِّدَاءِ لِكَوْنِهَا كَانَتْ فِي زَمَنِ عُمَرَ وَلِكَوْنِ الذَّاهِبِ إِلَيْهَا مِثْلَ عُثْمَانَ وَفِيهِ شُهُودُ الْفُضَلَاءِ السُّوقَ وَمُعَانَاةُ الْمَتْجَرِ فِيهَا وَفِيهِ أَنَّ فَضِيلَةَ التَّوَجُّهِ إِلَى الْجُمُعَةِ إِنَّمَا تَحْصُلُ قَبْلَ التَّأْذِينِ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّ السَّعْيَ إِنَّمَا يَجِبُ بِسَمَاعِ الْأَذَانِ وَأَنَّ شُهُودَ الْخُطْبَةِ لَا يَجِبُ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْمَالِكِيَّةِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ التَّأْخِيرِ إِلَى سَمَاعِ النِّدَاءِ فَوَاتُ الْخُطْبَةِ بَلْ تَقَدَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَفُتْ عُثْمَانَ مِنَ الْخُطْبَةِ شَيْءٌ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ فَاتَهُ مِنْهَا شَيْءٌ فَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ شُهُودُهَا عَلَى مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ لِقَطْعِ عُمَرَ الْخُطْبَةَ وَإِنْكَارِهِ عَلَى عُثْمَانَ تَرْكَهُ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِ تَرْكَ السُّنَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ التَّبْكِيرُ إِلَى الْجُمُعَةِ فَيَكُونُ الْغُسْلُ كَذَلِكَ وَعَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَيْسَشَرْطًا لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي الحَدِيث بعده الحَدِيث الثَّالِث حَدِيثُ مَالِكٍ أَيْضًا عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَمْ تَخْتَلِفْ رُوَاةُ الْمُوَطَّأِ عَلَى مَالِكٍ فِي إِسْنَادِهِ وَرِجَالُهُ مَدَنِيُّونَ كَالْأَوَّلِ وَفِيهِ رِوَايَةُ تَابِعِيٍّ عَنْ تَابِعِيٍّ صَفْوَانَ عَنْ عَطَاءٍ وَقَدْ تَابَعَ مَالِكًا عَلَى رِوَايَتِهِ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ صَفْوَانَ عِنْد بن حِبَّانَ وَخَالَفَهُمَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ فَرَوَاهُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوِذِيُّ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ لَهُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [878] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ: أَخْبَرَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- "أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَيْنَمَا هُوَ قَائِمٌ فِي الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَادَاهُ عُمَرُ: أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ؟ قَالَ: إِنِّي شُغِلْتُ فَلَمْ أَنْقَلِبْ إِلَى أَهْلِي حَتَّى سَمِعْتُ التَّأْذِينَ، فَلَمْ أَزِدْ أَنْ تَوَضَّأْتُ.
فَقَالَ: وَالْوُضُوءُ أَيْضًا؟ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ".
[الحديث طرفه في: 882] .
وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن محمد بن أسماء) الضبعي، بضم المعجمة وفتح الموحدة، البصري.
وسقط: ابن أسماء، وفي رواية الأصيلي ( قال: حدّثنا) ولغير ابن عساكر: أخبرنا ( جويرية) بضم الجيم وفتح الواو ولأبي ذر: جويرية بن أسماء الضبعي البصري، عمّ محمد الراوي عنه، ( عن مالك) الإمام ( عن) ابن شهاب ( الزهري، عن سالم بن عبد الله بن عمر) العمري، ( عن ابن عمر) رضي الله عنهما ( أن) أباه ( عمر بن الخطاب، بينما) بالميم ( هو قائم) على المنبر ( في الخطبة يوم الجمعة، إذ دخل رجل) هو جواب: بينما، والأفصح أن لا يكون فيه، إذ، أو: إذا.
ولأبوي ذر والوقت في رواية الحموي والكشميهني: إذ جاء رجل ( من المهاجرين الأولين) ممّن شهد بدرًا أو أدرك بيعة الرضوان، أو صلّى للقبلتين ( من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) هو: عثمان بن عفان، ( فناداه عمر) رضي الله عنهما، أي قال له: يا فلان ( أية ساعة هذه) ؟ استفهام إنكار لينبّه على ساعة التبكير التي رغب فيها، وليرتدع من هو دونه، أي: لم تأخرت إلى هذه الساعة؟ ( قال) عثمان معتذرًا عن التأخر: ( إني شغلت) بضم الشين وكسر الغين المعجتين، مبنيًّا للمفعول ( فلم أنقلب) أي: فلم أرجع ( إلى أهلي حتى سمعت التأذين) بين يدي الخطيب ( فلم أزد أن توضأت) أي: لم أشتغل بشيء بعد أن سمعت النداء إلاّ بالوضوء، وأن صلة زيدت لتأكيد النفي.
وللأصيلي: فلم أزد على أن توضأت.
( فقال) عمر إنكارًا آخر على ترك السُّنّة المؤكدة وهي الغسل ( والوضوء أيضًا) بنصب الوضوء.
قال الحافظ ابن حجر: كذا في روايتنا، وعليه اقتصر النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم، وبالواو عطفًا على الإنكار الأول، أي: والوضوء اقتصرت عليه واخترته دون الغسل؟ أي: ما اكتفيت بتأخير الوقت، وتفويت الفضيلة، حتى تركت الغسل، واقتصرت على الوضوء.
وقال القرطبي: الواو عوض عن همزة الاستفهام، كقراءة قنبل، عن ابن كثير { قَالَ فِرْعَوْنُ وآَمَنْتُمْ بِهِ} [الأعراف: 123] .
وكذا قاله البرماوي والزركشي.
وتعقبه في المصابيح: بأن تخفيف الهمزة بإبدالها واوًا صحيح في الآية لوقوعها مفتوحة بعد ضمة، وأما في الحديث فليس كذلك.
لوقوعها مفتوحة بعد فتحة، فلا وجه لإبدالها فيه واوًا.
ولو جعله على حذف الهمزة أي: أو تخص الوضوء أيضًا؟ لجرى على مذهب الأخفش في جواز حذفها قياسًا عند أمن اللبس، والقرينة الحالية المقتضية للإنكار شاهدة بذلك فلا لبس.
اهـ.
ولأبي ذر عن الحموي والمستملي، قال: الوضوء، وهو بالنصب أيضًا، أي: أتتوضأ الوضوء فقط؟ وجوز الرفع.
وهو الذي في اليونينية على أنه مبتدأ خبره محذوف.
أي: والوضوء تقتصر عليه؟ ويجوز أن يكون خبرًا حذف مبتدؤه، أي: كفايتك الوضوء أيضًا.
ونقل البرماوي والزركشي وغيرهما عن ابن السيد: أنه يروى بالرفع على لفظ الخبر، والصواب أن الوضوء بالمد على لفظ الاستفهام، كقوله تعالى: { آلله أذن لكم} .
وتعقبه البدر بن الدماميني بأن نقل كلام ابن السيد بقصد توجيه ما في البخاري به غلط، فإن كلام ابن السيد في حديث الموطأ وليس فيه واو إنما هو: "فقال له عمر: الوضوء أيضًا"؟ وهذا يمكن فيه المد بجعل همزة الاستفهام داخلة على همزة الوصل، وأما في حديث البخاري فالواو داخلة على همزة الوصل، فلا يمكن الإتيان بعدها بهمزة الاستفهام.
اهـ.
قلت: والظاهر أن البدر لم يطلع على روايةالحموي، والمستملي، قال: الوضوء، بحذف الواو كما ذكرته، وحينئذ فلا اعتراض.
والله أعلم.
وقوله: أيضًا منصوب على أنه مصدر من: آض يئيض، أي عاد ورجع، والمعنى: ألم يكفك أن فاتك فضل التبكير حتى أضفت إليه ترك الغسل المرغب فيه؟ ( و) الحال أن ( قد علمت أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يأمر) في رواية جويرية: كنّا نؤمر ( بالغسل) ؟ لمن يريد المجيء إلى الجمعة.
وفي حديث أبي هريرة في هذه القصة في الصحيحين: أن عمر قال: "ألم تسمع أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "إذا راح أحدكم إلى الجمعة فليغتسل".
ورواة حديث الباب ما بين بصري ومدني، وفيه رواية الابن عن الأب، وتابعي عن تابعي عن صحابي، والتحديث والعنعنة، وأخرجه الترمذي: في الصلاة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [878] عن مالكٍ، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، أن عمر بينا هو قائم في الخطبة يوم الجمعة، إذ دخل رجلٌ من المهاجرين الأولين من اصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فناداه عمر: اية ساعةٍ هذه؟ قالَ: إني شغلت، فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت المنادي، فلم أزد أن توضأت، فقال: والوضوء أيضاً؟! وقد علمت أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يأمر بالغسل.
وهذا –أيضاً - ليس فيه ذكر فضل الغسل، إنما فيه إلامر به، ولعل مراده بتخريجه في هذا الباب: أن فيه ما يشعر بأن الأهل لا يخرجن إلى الجمعة؛ فإن هذا الرجل لما قال لعمر: ( ( لم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت المنادي، فلم أزد أن توضأت) ) ، وسمع ذلك عمر ومن حضره من الصحابة، دل على اتفاقهم على أن خروج الأهل إلى الجمعة غير واجب.
والله أعلم.
الحديث الثالث:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :852 ... غــ :878] .

     قَوْلُهُ  مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ قِيلَ فِي تَعْرِيفِهِمْ مَنْ صَلَّى إِلَى الْقِبْلَتَيْنِ وَقِيلَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا وَقِيلَ مَنْ شَهِدَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ وَلَا شَكَّ أَنَّهَا مَرَاتِبُ نِسْبِيَّةٌ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى فِي التَّعْرِيفِ لِسَبْقِهِ فَمَنْ هَاجَرَ بَعْدَ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ وَقَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ هُوَ آخِرُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ هَاجَرَ قَبْلَ التَّحْوِيل وَقد سمي بن وهب وبن الْقَاسِمِ فِي رِوَايَتِهِمَا عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ الرَّجُلَ الْمَذْكُورَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَكَذَا سَمَّاهُ مَعْمَرٌ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَغَيره وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة بن وَهْبٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَن بن عمر قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي ذَلِكَ وَقَدْ سَمَّاهُ أَيْضًا أَبُو هُرَيْرَةَ فِي رِوَايَتِهِ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ عِنْدَ مُسْلِمٍ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ بَابَيْنِ .

     قَوْلُهُ  فَنَادَاهُ أَيْ قَالَ لَهُ يَا فُلَانُ .

     قَوْلُهُ  أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ أَيَّةُ بِتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ تَأْنِيثُ أَيٍّ يُسْتَفْهَمُ بِهَا وَالسَّاعَةُ اسْمٌ لِجُزْءٍ مِنَ النَّهَارِ مُقَدَّرٌ وَتُطْلَقُ عَلَى الْوَقْتِ الْحَاضِرِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَهَذَا الِاسْتِفْهَامُ اسْتِفْهَامُ تَوْبِيخٍ وَإِنْكَارٍ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ لِمَ تَأَخَّرْتَ إِلَى هَذِهِ السَّاعَةِ وَقَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِالْإِنْكَارِ فِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ عُمَرُ لِمَ تَحْتَبِسُونَ عَنِ الصَّلَاةِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَعَرَضَ عَنْهُ عُمَرُ فَقَالَ مَا بَالُ رِجَالٍ يَتَأَخَّرُونَ بَعْدَ النِّدَاءِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ عُمَرَ قَالَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَحَفِظَ بَعْضُ الرُّوَاةِ مَا لَمْ يَحْفَظِ الْآخَرُ وَمُرَادُ عُمَرَ التَّلْمِيحُ إِلَى سَاعَاتِ التَّبْكِيرِ الَّتِي وَقَعَ التَّرْغِيبُ فِيهَا وَأَنَّهَا إِذَا انْقَضَتْ طَوَتِ الْمَلَائِكَةُ الصُّحُفَ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا وَهَذَا من أحسن التعريضات وَأَرْشَقِ الْكِنَايَاتِ وَفَهِمَ عُثْمَانُ ذَلِكَ فَبَادَرَ إِلَى الِاعْتِذَارِ عَنِ التَّأَخُّرِ .

     قَوْلُهُ  إِنِّي شُغِلْتُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَقَدْ بَيَّنَ جِهَةَ شَغْلِهِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ حَيْثُ قَالَ انْقَلَبْتُ مِنَ السُّوقِ فَسَمِعْتُ النِّدَاءَ وَالْمُرَادُ بِهِ الْأَذَانُ بَيْنَ يَدَيِ الْخَطِيبِ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ أَبْوَابٍ .

     قَوْلُهُ  فَلَمْ أَزِدْ عَلَى أَنْ تَوَضَّأْتُ لَمْ أَشْتَغِلْ بِشَيْءٍ بَعْدَ أَنْ سَمِعْتُ النِّدَاءَ إِلَّا بِالْوُضُوءِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي ابْتِدَاءِ شُرُوعِ عُمَرَ فِي الْخُطْبَةِ .

     قَوْلُهُ  وَالْوُضُوءُ أَيْضًا فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ قِبَلَ عُذْرَهُ فِي تَرْكِ التَّبْكِيرِ لَكِنَّهُ اسْتُنْبِطَ مِنْهُ مَعْنًى آخَرُ اتُّجِهَ لَهُ عَلَيْهِ فِيهِ إِنْكَارٌ ثَانٍ مُضَافٌ إِلَى الْأَوَّلِ وَقَولُهُ وَالْوُضُوءُ فِي رِوَايَتِنَا بِالنَّصْبِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَيْ وَالْوُضُوءَ أَيْضًا اقْتَصَرْتَ عَلَيْهِ أَوِ اخْتَرْتَهُ دُونَ الْغُسْلِ وَالْمَعْنَى مَا اكْتَفَيْتَ بِتَأْخِيرِ الْوَقْتِ وَتَفْوِيتِ الْفَضِيلَةِ حَتَّى تَرَكْتَ الْغُسْلَ وَاقْتَصَرْتَ عَلَى الْوُضُوءِ وَجَوَّزَ الْقُرْطُبِيُّ الرَّفْعَ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ وَالْوُضُوءُ أَيْضًا يُقْتَصَرُ عَلَيْهِ وَأَغْرَبَ السُّهَيْلِيُّ فَقَالَ اتَّفَقَ الرُّوَاةُ عَلَى الرَّفْعِ لِأَنَّ النَّصْبَ يُخْرِجُهُ إِلَى مَعْنَى الْإِنْكَارِ يَعْنِي وَالْوُضُوءُ لَا يُنْكَرُ وَجَوَابُهُ مَا تَقَدَّمَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاوَ عَاطِفَةٌ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ هِيَ عِوَضٌ عَن همزَة اسْتِفْهَام كَقِرَاءَة بن كَثِيرٍ قَالَ فِرْعَوْنُ وَآمَنْتُمْ بِهِ وَقَولُهُ أَيْضًا أَيْ أَلَمْ يَكْفِكَ أَنْ فَاتَكَ فَضْلُ التَّبْكِيرِ إِلَى الْجُمُعَةِ حَتَّى أَضَفْتَ إِلَيْهِ تَرْكَ الْغُسْلِ الْمُرَغَّبِ فِيهِ وَلَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ عَلَى جَوَابِ عُثْمَانَ عَنْ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَكَتَ عَنْهُ اكْتِفَاءً بِالِاعْتِذَارِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ قَدْ أَشَارَ إِلَى أَنَّهُ كَانَ ذَاهِلًا عَنِ الْوَقْتِ وَأَنَّهُ بَادَرَ عِنْدَ سَمَاعِ النِّدَاءِ وَإِنَّمَا تَرَكَ الْغُسْلَ لِأَنَّهُ تَعَارَضَ عِنْدَهُ إِدْرَاكُ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ وَالِاشْتِغَالُ بِالْغُسْلِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُرَغَّبٌ فِيهِ فَآثَرَ سَمَاعَ الْخُطْبَةِ وَلَعَلَّهُ كَانَ يَرَى فَرْضِيَّتَهُ فَلِذَلِكَ آثَرَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ كَذَا فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ لَمْ يَذْكُرِ الْمَأْمُورَ إِلَّا أَنَّ فِي رِوَايَةِ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِع بِلَفْظ كُنَّا نؤمر وَفِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لَهُ لَقَدْ عَلِمَ أَنَّا أُمِرْنَا بِالْغُسْلِ.

.

قُلْتُ أَنْتُمُ الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ أَمِ النَّاسُ جَمِيعًا قَالَ لَا أَدْرِي رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مَعْلُولٌ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ أَلَمْ تَسْمَعُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا رَاحَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ كَذَا هُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ التَّخْصِيصِ بِالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ الْقِيَامُ فِي الْخُطْبَةِ وَعَلَى الْمِنْبَرِ وَتَفَقُّدُ الْإِمَامِ رَعِيَّتَهُ وَأَمْرُهُ لَهُمْ بِمَصَالِحِ دِينِهِمْ وَإِنْكَارُهُ عَلَى مَنْ أَخَلَّ بِالْفَضْلِ وَإِنْ كَانَ عَظِيمَ الْمَحَلِّ وَمُوَاجَهَتُهُ بِالْإِنْكَارِ لِيَرْتَدِعَ مَنْ هُوَ دُونَهُ بِذَلِكَ وَأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ لَا يُفْسِدُهَا وَسُقُوطُ مَنْعِ الْكَلَامِ عَنِ الْمُخَاطَبِ بِذَلِكَ وَفِيهِ الِاعْتِذَارُ إِلَى وُلَاةِ الْأَمْرِ وَإِبَاحَةُ الشَّغْلِ وَالتَّصَرُّفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ النِّدَاءِ وَلَوْ أَفْضَى إِلَى تَرْكِ فَضِيلَةِ الْبُكُورِ إِلَى الْجُمُعَةِ لِأَنَّ عُمَرَ لَمْ يَأْمُرْ بِرَفْعِ السُّوقِ بَعْدَ هَذِهِ الْقِصَّةِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَالِكٌ عَلَى أَنَّ السُّوقَ لَا تُمْنَعُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ النِّدَاءِ لِكَوْنِهَا كَانَتْ فِي زَمَنِ عُمَرَ وَلِكَوْنِ الذَّاهِبِ إِلَيْهَا مِثْلَ عُثْمَانَ وَفِيهِ شُهُودُ الْفُضَلَاءِ السُّوقَ وَمُعَانَاةُ الْمَتْجَرِ فِيهَا وَفِيهِ أَنَّ فَضِيلَةَ التَّوَجُّهِ إِلَى الْجُمُعَةِ إِنَّمَا تَحْصُلُ قَبْلَ التَّأْذِينِ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّ السَّعْيَ إِنَّمَا يَجِبُ بِسَمَاعِ الْأَذَانِ وَأَنَّ شُهُودَ الْخُطْبَةِ لَا يَجِبُ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْمَالِكِيَّةِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ التَّأْخِيرِ إِلَى سَمَاعِ النِّدَاءِ فَوَاتُ الْخُطْبَةِ بَلْ تَقَدَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَفُتْ عُثْمَانَ مِنَ الْخُطْبَةِ شَيْءٌ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ فَاتَهُ مِنْهَا شَيْءٌ فَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ شُهُودُهَا عَلَى مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ لِقَطْعِ عُمَرَ الْخُطْبَةَ وَإِنْكَارِهِ عَلَى عُثْمَانَ تَرْكَهُ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِ تَرْكَ السُّنَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ التَّبْكِيرُ إِلَى الْجُمُعَةِ فَيَكُونُ الْغُسْلُ كَذَلِكَ وَعَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَيْسَ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي الحَدِيث بعده الحَدِيث الثَّالِث حَدِيثُ مَالِكٍ أَيْضًا عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَمْ تَخْتَلِفْ رُوَاةُ الْمُوَطَّأِ عَلَى مَالِكٍ فِي إِسْنَادِهِ وَرِجَالُهُ مَدَنِيُّونَ كَالْأَوَّلِ وَفِيهِ رِوَايَةُ تَابِعِيٍّ عَنْ تَابِعِيٍّ صَفْوَانَ عَنْ عَطَاءٍ وَقَدْ تَابَعَ مَالِكًا عَلَى رِوَايَتِهِ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ صَفْوَانَ عِنْد بن حِبَّانَ وَخَالَفَهُمَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ فَرَوَاهُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوِذِيُّ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ لَهُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :852 ... غــ :878 ]
- ثنا عبد الله بن محمد بن أسماء: أنا جويرية، عن مالكٍ، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، أن عمر بينا هو قائم في الخطبة يوم الجمعة، إذ دخل رجلٌ من المهاجرين الأولين من اصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فناداه عمر: اية ساعةٍ هذه؟ قالَ: إني
شغلت، فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت المنادي، فلم أزد أن توضأت، فقال: والوضوء أيضاً؟! وقد علمت أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يأمر بالغسل.

وهذا –أيضاً - ليس فيه ذكر فضل الغسل، إنما فيه إلامر به، ولعل مراده بتخريجه في هذا الباب: أن فيه ما يشعر بأن الأهل لا يخرجن إلى الجمعة؛ فإن هذا الرجل لما قال لعمر: ( ( لم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت المنادي، فلم أزد أن توضأت) ) ، وسمع ذلك عمر ومن حضره من الصحابة، دل على اتفاقهم على أن خروج الأهل إلى الجمعة غير واجب.
والله أعلم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :852 ... غــ : 878 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ: أَخْبَرَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- "أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَيْنَمَا هُوَ قَائِمٌ فِي الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَادَاهُ عُمَرُ: أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ؟ قَالَ: إِنِّي شُغِلْتُ فَلَمْ أَنْقَلِبْ إِلَى أَهْلِي حَتَّى سَمِعْتُ التَّأْذِينَ، فَلَمْ أَزِدْ أَنْ تَوَضَّأْتُ.
فَقَالَ: وَالْوُضُوءُ أَيْضًا؟ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ".
[الحديث 878 - طرفه في: 882] .

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن محمد بن أسماء) الضبعي، بضم المعجمة وفتح الموحدة، البصري.
وسقط: ابن أسماء، وفي رواية الأصيلي ( قال: حدّثنا) ولغير ابن عساكر: أخبرنا ( جويرية) بضم الجيم وفتح الواو ولأبي ذر: جويرية بن أسماء الضبعي البصري، عمّ محمد الراوي عنه، ( عن مالك) الإمام ( عن) ابن شهاب ( الزهري، عن سالم بن عبد الله بن عمر) العمري، ( عن ابن عمر) رضي الله عنهما ( أن) أباه ( عمر بن الخطاب، بينما) بالميم ( هو قائم) على المنبر ( في الخطبة يوم الجمعة، إذ دخل رجل) هو جواب: بينما، والأفصح أن لا يكون فيه، إذ، أو: إذا.
ولأبوي ذر والوقت في رواية الحموي والكشميهني: إذ جاء رجل ( من المهاجرين الأولين) ممّن شهد بدرًا أو أدرك بيعة الرضوان، أو صلّى للقبلتين ( من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) هو: عثمان بن عفان، ( فناداه عمر) رضي الله عنهما، أي قال له: يا فلان ( أية ساعة هذه) ؟ استفهام إنكار لينبّه على ساعة التبكير التي رغب فيها، وليرتدع من هو دونه، أي: لم تأخرت إلى هذه الساعة؟ ( قال) عثمان معتذرًا عن التأخر: ( إني شغلت) بضم الشين وكسر الغين المعجتين، مبنيًّا للمفعول ( فلم أنقلب) أي: فلم أرجع ( إلى أهلي حتى سمعت التأذين) بين يدي الخطيب ( فلم أزد أن توضأت) أي: لم أشتغل بشيء بعد أن سمعت النداء إلاّ بالوضوء، وأن صلة زيدت لتأكيد النفي.
وللأصيلي: فلم أزد على أن توضأت.
( فقال) عمر إنكارًا آخر على ترك السُّنّة المؤكدة وهي الغسل ( والوضوء أيضًا) بنصب الوضوء.

قال الحافظ ابن حجر: كذا في روايتنا، وعليه اقتصر النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم، وبالواو عطفًا على الإنكار الأول، أي: والوضوء اقتصرت عليه واخترته دون الغسل؟ أي: ما اكتفيت بتأخير الوقت، وتفويت الفضيلة، حتى تركت الغسل، واقتصرت على الوضوء.

وقال القرطبي: الواو عوض عن همزة الاستفهام، كقراءة قنبل، عن ابن كثير { قَالَ فِرْعَوْنُ وآَمَنْتُمْ بِهِ} [الأعراف: 123] .
وكذا قاله البرماوي والزركشي.

وتعقبه في المصابيح: بأن تخفيف الهمزة بإبدالها واوًا صحيح في الآية لوقوعها مفتوحة بعد ضمة، وأما في الحديث فليس كذلك.
لوقوعها مفتوحة بعد فتحة، فلا وجه لإبدالها فيه واوًا.
ولو

جعله على حذف الهمزة أي: أو تخص الوضوء أيضًا؟ لجرى على مذهب الأخفش في جواز حذفها قياسًا عند أمن اللبس، والقرينة الحالية المقتضية للإنكار شاهدة بذلك فلا لبس.
اهـ.

ولأبي ذر عن الحموي والمستملي، قال: الوضوء، وهو بالنصب أيضًا، أي: أتتوضأ الوضوء فقط؟ وجوز الرفع.
وهو الذي في اليونينية على أنه مبتدأ خبره محذوف.
أي: والوضوء تقتصر عليه؟ ويجوز أن يكون خبرًا حذف مبتدؤه، أي: كفايتك الوضوء أيضًا.

ونقل البرماوي والزركشي وغيرهما عن ابن السيد: أنه يروى بالرفع على لفظ الخبر، والصواب أن الوضوء بالمد على لفظ الاستفهام، كقوله تعالى: { آلله أذن لكم} .

وتعقبه البدر بن الدماميني بأن نقل كلام ابن السيد بقصد توجيه ما في البخاري به غلط، فإن كلام ابن السيد في حديث الموطأ وليس فيه واو إنما هو: "فقال له عمر: الوضوء أيضًا"؟ وهذا يمكن فيه المد بجعل همزة الاستفهام داخلة على همزة الوصل، وأما في حديث البخاري فالواو داخلة على همزة الوصل، فلا يمكن الإتيان بعدها بهمزة الاستفهام.
اهـ.

قلت: والظاهر أن البدر لم يطلع على رواية الحموي، والمستملي، قال: الوضوء، بحذف الواو كما ذكرته، وحينئذ فلا اعتراض.
والله أعلم.

وقوله: أيضًا منصوب على أنه مصدر من: آض يئيض، أي عاد ورجع، والمعنى: ألم يكفك أن فاتك فضل التبكير حتى أضفت إليه ترك الغسل المرغب فيه؟ ( و) الحال أن ( قد علمت أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يأمر) في رواية جويرية: كنّا نؤمر ( بالغسل) ؟ لمن يريد المجيء إلى الجمعة.

وفي حديث أبي هريرة في هذه القصة في الصحيحين: أن عمر قال: "ألم تسمع أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "إذا راح أحدكم إلى الجمعة فليغتسل".

ورواة حديث الباب ما بين بصري ومدني، وفيه رواية الابن عن الأب، وتابعي عن تابعي عن صحابي، والتحديث والعنعنة، وأخرجه الترمذي: في الصلاة.


هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :852 ... غــ :878 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدِ بنِ أسْمَاءَ قَالَ أخبرنَا جُوَيْرِيَةُ عنْ مالِكٍ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ سَالِمِ بنِ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ بَيْنَمَا هُوَ قائِمٌ فِي الخُطْبَةِ يَوْمَ الجُمْعَةِ إذْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ مِنْ أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنَاداهُ عُمَرُ أيَّةَ سَاعَةٍ هاذِهِ قَالَ إنِّي شُغِلْتُ فَلَمْ أنْقَلِبَ إلَى أهْلِي حَتَّى سَمِعْتُ التَّأذِينَ فَلَمْ أزِدْ أنْ تَوَضَّأتُ فَقَالَ والوضُوءُ أَيْضا وقَدْ عَلِمْتَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ يأمُرُ بالغُسْلِ ( الحَدِيث 878 طرفه فِي: 882) .


مطابقته للتَّرْجَمَة تفهم من قَوْله: ( وَالْوُضُوء أَيْضا) لِأَن مَعْنَاهُ: تركت فَضِيلَة الْغسْل واقتصرت على الْوضُوء أَيْضا.

ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: عبد الله بن مُحَمَّد بن أَسمَاء، بِفَتْح الْهمزَة وبالمد: الضبعِي، بِضَم الضَّاد الْمُعْجَمَة وفتخ الْبَاء الْمُوَحدَة: الْبَصْرِيّ ابْن أخي جوَيْرِية بن أَسمَاء، مَاتَ سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: جوَيْرِية بن أَسمَاء بن عبيد الضبعِي الْبَصْرِيّ، مَاتَ سنة ثَلَاث أَو أَربع وَتِسْعين وَمِائَة.
الثَّالِث: مَالك بن أنس.
الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ.
الْخَامِس: سَالم بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب.
السَّادِس: أَبوهُ عبد الله بن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ.
وَفِيه: رِوَايَة الرجل عَن ابْن أَخِيه.
وَفِيه: رِوَايَة الإبن عَن الْأَب.
وَفِيه: أَن الْإِثْنَيْنِ الْأَوَّلين من الروَاة والبقية مدنيون.

وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الصَّلَاة: عَن مُحَمَّد بن أبان حَدثنَا عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ ( ح) ، وَحدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن أخبرنَا عبد الله بن صَالح حَدثنِي اللَّيْث عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ بِهَذَا الحَدِيث، وروى مَالك هَذَا الحَدِيث عَن سَالم قَالَ: ( بَيْنَمَا عمر يخْطب يَوْم الْجُمُعَة) ، فَذكر الحَدِيث.
قَالَ أَبُو عِيسَى: سَأَلت مُحَمَّدًا عَن هَذَا فَقَالَ: الصَّحِيح حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه، قَالَ مُحَمَّد: وَقد رُوِيَ عَن مَالك أَيْضا عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه نَحْو هَذَا الحَدِيث.
انْتهى.
قلت: البُخَارِيّ أورد الحَدِيث الْمَذْكُور من رِوَايَة جوَيْرِية بن أَسمَاء عَن مَالك، وَهُوَ عِنْد رُوَاة ( الْمُوَطَّأ) : عَن مَالك لَيْسَ فِيهِ ذكر ابْن عمر، وَحكى الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن الْبَغَوِيّ، بعد أَن أخرجه من طَرِيق روح بن عبَادَة عَن مَالك، أَنه لم يذكر فِي هَذَا الحَدِيث أحد عَن مَالك عبد الله بن عمر غير روح بن عبَادَة وَجُوَيْرِية، وَقد تابعهما أَيْضا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، أخرجه أَحْمد بن حَنْبَل عَنهُ بِذكر: ابْن عمر.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( بَينا) أَصله: بَين، فأشبعت فَتْحة النُّون فَصَارَ: بَينا، وَرُبمَا يدخلهَا: مَا، فَيُقَال: بَيْنَمَا، وهما ظرفا زمَان بِمَعْنى المفاجأة، ويضافان إِلَى جملَة من فعل وفاعل ومبتدأ وَخبر، ويحتاجان إِلَى جَوَاب يتم بِهِ الْمَعْنى، وَجَوَاب: بَينا، هُنَا قَوْله: ( إِذا دخل رجل) ، والأفصح أَن يكون فِيهِ: إِذْ وَإِذا، وَفِي رِوَايَة يُونُس هَهُنَا: بَيْنَمَا، بِالْمِيم، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والأصيلي وكريمة: ( إِذْ دخل رجل) ، وَفِي رِوَايَة غَيرهم: ( إِذْ جَاءَ رجل) ، وَالرجل هُوَ: عُثْمَان بن عَفَّان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقد سَمَّاهُ بِهِ ابْن وهب وَابْن الْقَاسِم فِي روايتهما عَن مَالك فِي ( الْمُوَطَّأ) ، وَكَذَلِكَ سَمَّاهُ معمر فِي رِوَايَته عَن الزُّهْرِيّ، وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة ابْن وهب عَن أُسَامَة ابْن زيد عَن نَافِع عَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا..
     وَقَالَ  أَبُو عمر: لَا أعلم فِيهِ خلافًا غير ذَلِك.
قَوْله: ( من الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين) قَالَ الشّعبِيّ: هم من أدْرك بيعَة الرضْوَان، وَسَأَلَ قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب فَقَالَ: هم من صلى إِلَى الْقبْلَتَيْنِ.
قَالَ فِي ( الْكَشَّاف) : هم الَّذين شهدُوا بَدْرًا.
قَوْله: ( فناداه عمر) ، أَي: قَالَ لَهُ: يَا فلَان.
قَوْله: ( أَيَّة سَاعَة هَذِه) أَيَّة، بتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَهِي كلمة يستفهم بهَا، وأنث: أَيَّة، لأجل: سَاعَة.
فَإِن قلت: قد ذكرت فِي قَوْله تَعَالَى: { وَمَا تَدْرِي نفس بِأَيّ أَرض تَمُوت} ( لُقْمَان: 34) .
قلت: الْأَمْرَانِ جائزان، يُقَال: أَي امْرَأَة جاءتك، وأية امْرَأَة جاءتك.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: قرىء: بأية أَرض تَمُوت، وَشبه سِيبَوَيْهٍ تَأْنِيث: أَ، بتأنيث: كل، فِي قَوْلهم: كُلهنَّ، والساعة اسْم لجزء من الزَّمَان مَخْصُوص، وَيُطلق على جُزْء من أَرْبَعَة وَعشْرين جُزْءا هِيَ مَجْمُوع الْيَوْم وَاللَّيْلَة، وَيُطلق أَيْضا على جُزْء مَا غير مُقَدّر من الزَّمَان، وَلَا يتَحَقَّق.
وعَلى الْوَقْت الْحَاضِر والهندسي بقسم الْيَوْم على اثْنَي عشر قسما، وَكَذَا اللَّيْلَة طالا أم قصرا، فيسمونه: سَاعَة.
فَإِن قلت: مَا هَذَا الِاسْتِفْهَام؟ قلت: اسْتِفْهَام توبيخ وإنكار، فَكَأَنَّهُ يَقُول: لم تَأَخَّرت إِلَى هَذِه السَّاعَة؟ وَقد ورد التَّصْرِيح بالإنكار فِي رِوَايَة أبي هُرَيْرَة، فَقَالَ عمر: ( لم تحتبسون عَن الصَّلَاة؟) وَفِي رِوَايَة مُسلم: ( فَعرض بِهِ عمر، فَقَالَ: مَا بَال رجال يتأخرون بعد النداء؟) فَإِن قلت: هَل صدر هَذَا كُله عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ؟ قلت: الظَّاهِر ذَلِك، وَلَكِن حفظ بعض الروَاة مَا لم يحفظ الآخر.
فَإِن قلت: مَا كَانَ مُرَاد عمر من هَذِه الْمقَالة؟ قلت: التَّنْبِيه إِلَى سَاعَات التبكير الَّتِي وَقع فِيهَا التَّرْغِيب، لِأَنَّهَا إِذا انْقَضتْ طوت الْمَلَائِكَة الصُّحُف، كَمَا ورد فِي الحَدِيث.
فَإِن قلت: هَل فهم عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، هَذَا من عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ؟ قلت: نعم، فَلذَلِك بَادر إِلَى الِاعْتِذَار عَن التَّأْخِير بقوله: ( إِنِّي شغلت) إِلَى آخِره، وَهُوَ على صِيغَة الْمَجْهُول، وَقد بَين شغله فِي رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن مهْدي حَيْثُ قَالَ: انقلبت من السُّوق فَسمِعت النداء، وَالْمرَاد بِهِ الْأَذَان بَين يَدي الْخَطِيب.
قَوْله: ( فَلم أنقلب إِلَى أَهلِي) الانقلاب: الرُّجُوع من حَيْثُ جَاءَ، وَهُوَ انفعال من: قلبت الشَّيْء إِذا كببته أوردته.
قَوْله: ( حَتَّى سَمِعت التأذين) ، وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: ( النداء) ، وَهُوَ بِكَسْر النُّون أشهر من ضمهَا.
قَوْله: ( فَلم أَزْد أَن تَوَضَّأت) كلمة: أَن، هَذِه صلَة زيدت لتأكيد النَّفْي.
قَوْله: ( وَالْوُضُوء أَيْضا؟) جَاءَت الرِّوَايَة فِيهِ بِالْوَاو وحذفها، وبنصب الْوضُوء ورفعهما.
أما وَجه وجود الْوَاو فَهُوَ أَن يكون للْعَطْف على الْإِنْكَار الأول، وَهُوَ قَوْله: ( أَيَّة سَاعَة هَذِه؟) لِأَن معنى الْإِنْكَار: ألم يكفك أَن أخرت الْوَقْت وفوت فَضِيلَة السَّبق حَتَّى اتبعته بترك الْغسْل والقناعة بِالْوضُوءِ؟ فَتكون هَذِه الْجُمْلَة المبسوطة مدلولاً عَلَيْهَا بِتِلْكَ اللَّفْظَة..
     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: الْوَاو، عوض من همزَة الِاسْتِفْهَام، كَمَا قَرَأَ ابْن كثير: { قَالَ فِرْعَوْن وآمنتم بِهِ} ( الْأَعْرَاف: 123) .
وَأما وَجه حذف الْوَاو فَظَاهر، وَلَكِن يكون لفظ الْوضُوء بِالرَّفْع وَالنّصب.
أما وَجه الرّفْع فعلى أَنه مُبْتَدأ قد حذف خَبره، تَقْدِيره: الْوضُوء أَيْضا يقْتَصر عَلَيْهِ؟ وَيجوز أَن يكون خَبرا مَحْذُوف الْمُبْتَدَأ تَقْدِيره: كفايتك الْوضُوء أَيْضا؟ وَأما وَجه النصب فَهُوَ على إِضْمَار فعل التَّقْدِير: أتتوضأ الْوضُوء فَقَط؟ يَعْنِي: اقتصرت على الْوضُوء وَحده؟ قَوْله: ( أَيْضا) مَنْصُوب على أَنه مصدر من: آض يئيض، أَي: عَاد وَرجع.
قَالَ ابْن السّكيت: تَقول فعلته أَيْضا إِذا كنت قد فعلته بعد شَيْء آخر، كَأَنَّك أفدت بذكرهما الْجمع بَين الْأَمريْنِ أَو الْأُمُور.
قَوْله: ( وَقد علمت) جملَة حَالية أَي: وَالْحَال أَنَّك قد علمت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَأْمر بِالْغسْلِ لمن يُرِيد الْمَجِيء إِلَى الْجُمُعَة.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: الْقيام للخطبة وَأَنه من سننها وَأَنه على الْمِنْبَر.
وَفِيه: تفقد الإِمَام رَعيته وَأمره لَهُم بمصالح دينهم وإنكاره على من أخل بِالْفَضْلِ.
وَفِيه: مُوَاجهَة الإِمَام بالإنكار للتكبير ليرتدع من هُوَ دونه بذلك.
وَفِيه: أَن الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر فِي أثْنَاء الْخطْبَة لَا يُفْسِدهَا.
وَفِيه: الِاعْتِذَار إِلَى وُلَاة الْأُمُور.
وَفِيه: إِبَاحَة الشّغل وَالتَّصَرُّف يَوْم الْجُمُعَة قبل النداء، وَلَو أفْضى ذَلِك إِلَى ترك فَضِيلَة البكور إِلَى الْجُمُعَة، لِأَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لم يَأْمر بِرَفْع السُّوق بعد هَذِه الْقِصَّة، وَاسْتدلَّ بِهِ مَالك على أَن السُّوق لَا يمْنَع يَوْم الْجُمُعَة قبل النداء لكَونهَا كَانَت فِي زمن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَلكَون الذَّاهِب إِلَيْهَا مثل عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقد قُلْنَا: إِن وجوب السَّعْي وَحُرْمَة البيع وَالشِّرَاء بِالْأَذَانِ الَّذِي يُؤذن بَين يَدي الْمِنْبَر، لِأَنَّهُ هُوَ الأَصْل، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَأكْثر فُقَهَاء الْأَمْصَار.
ثمَّ اخْتلف الْعلمَاء فِي حُرْمَة البيع فِي ذَلِك الْوَقْت، فَعِنْدَ أبي حنيفَة وَأَصْحَابه وَالشَّافِعِيّ: يجوز البيع مَعَ الْكَرَاهَة، وَعند مَالك وَأحمد والظاهرية: البيع بَاطِل، وَقد عرف فِي الْفُرُوع.
وَفِيه: جَوَاز شُهُود الْفُضَلَاء السُّوق ومعاناة التَّجر.
وَفِيه: أَن فَضِيلَة التَّوَجُّه إِلَى الْجُمُعَة إِنَّمَا تحصل قبل التأذين، وَقد اسْتدلَّ بَعضهم بقوله: كَانَ يَأْمر بِالْغسْلِ، إِن الْغسْل يَوْم الْجُمُعَة وَاجِب، وَهَذَا الِاسْتِدْلَال ضَعِيف لِأَنَّهُ لَو كَانَ وَاجِبا لرجع عُثْمَان حِين كَلمه عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَو لرده عمر حِين لم يرجع، فَلَمَّا لم يرجع وَلم يُؤمر بِالرُّجُوعِ، ويحضرهما الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار، دلّ على أَنه لَيْسَ بِوَاجِب.
وَهَذِه قرينَة على أَن المُرَاد من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الحَدِيث الَّذِي فِيهِ: فليغتسل، لَيْسَ أَمر الْإِيجَاب، بل هُوَ للنَّدْب، وَكَذَا المُرَاد من قَوْله: وَاجِب، أَنه كالواجب، جمعا بَين الْأَدِلَّة.