هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
83 حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ بِمِنًى لِلنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ ، فَجَاءهُ رَجُلٌ فَقَالَ : لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ ؟ فَقَالَ : اذْبَحْ وَلاَ حَرَجَ فَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ : لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ ؟ قَالَ : ارْمِ وَلاَ حَرَجَ فَمَا سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلاَ أُخِّرَ إِلَّا قَالَ : افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
83 حدثنا إسماعيل ، قال : حدثني مالك ، عن ابن شهاب ، عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه ، فجاءه رجل فقال : لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح ؟ فقال : اذبح ولا حرج فجاء آخر فقال : لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي ؟ قال : ارم ولا حرج فما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء قدم ولا أخر إلا قال : افعل ولا حرج
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ بِمِنًى لِلنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ ، فَجَاءهُ رَجُلٌ فَقَالَ : لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ ؟ فَقَالَ : اذْبَحْ وَلاَ حَرَجَ فَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ : لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ ؟ قَالَ : ارْمِ وَلاَ حَرَجَ فَمَا سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلاَ أُخِّرَ إِلَّا قَالَ : افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ .

Narrated `Abdullah bin `Amr bin Al `Aas:

Allah's Messenger (ﷺ) stopped (for a while near the Jimar) at Mina during his last Hajj for the people and they were asking him questions. A man came and said, I forgot and got my head shaved before slaughtering the Hadi (sacrificing animal). The Prophet (ﷺ) said, There is no harm, go and do the slaughtering now. Then another person came and said, I forgot and slaughtered (the camel) before Rami (throwing of the pebbles) at the Jamra. The Prophet (ﷺ) said, Do the Rami now and there is no harm. The narrator added: So on that day, when the Prophet (ﷺ) was asked about anything (as regards the ceremonies of Hajj) performed before or after its due time, his reply was: Do it (now) and there is no harm.

":"ہم سے اسماعیل نے بیان کیا ، ان سے مالک نے ابن شہاب کے واسطے سے بیان کیا ، وہ عیسیٰ بن طلحہ بن عبیداللہ سے روایت کرتے ہیں ، وہ عبداللہ بن عمرو بن العاص سے نقل کرتے ہیں کہحجۃ الوداع میں رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم لوگوں کے مسائل دریافت کرنے کی وجہ سے منیٰ میں ٹھہر گئے ۔ تو ایک شخص آیا اور اس نے کہا کہ میں نے بےخبری میں ذبح کرنے سے پہلے سر منڈا لیا ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا ( اب ) ذبح کر لے اور کچھ حرج نہیں ۔ پھر دوسرا آدمی آیا ، اس نے کہا کہ میں نے بےخبری میں رمی کرنے سے پہلے قربانی کر لی ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا ( اب ) رمی کر لے ۔ ( اور پہلے کر دینے سے ) کچھ حرج نہیں ۔ ابن عمرو کہتے ہیں ( اس دن ) آپ صلی اللہ علیہ وسلم سے جس چیز کا بھی سوال ہوا ، جو کسی نے آگے اور پیچھے کر لی تھی ۔ تو آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے یہی فرمایا کہ اب کر لے اور کچھ حرج نہیں ۔

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [83] .

     قَوْلُهُ  حَدثنَا إِسْمَاعِيل هُوَ بن أَبِي أُوَيْسٍ .

     قَوْلُهُ  حَجَّةُ الْوَدَاعِ هُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا .

     قَوْلُهُ  لِلنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ هُوَ إِمَّا حَالٌ مِنْ فَاعِلِ وَقَفَ أَوْ مِنَ النَّاسِ أَوِ اسْتِئْنَافٌ بَيَانًا لِسَبَبِ الْوُقُوفِ .

     قَوْلُهُ  فَجَاءَ رَجُلٌ لَمْ أَعْرِفِ اسْمَ هَذَا السَّائِلِ وَلَا الَّذِي بَعْدَهُ فِي قَوْلِهِ فَجَاءَ آخَرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الصَّحَابِيَّ لَمْ يُسَمِّ أَحَدًا لِكَثْرَةِ مَنْ سَأَلَ إِذْ ذَاكَ وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي الْحَجِّ .

     قَوْلُهُ  وَلَا حَرَجَ أَيْ لَا شَيْء عَلَيْك مُطْلَقًا مِنَ الْإِثْمِ لَا فِي التَّرْتِيبِ وَلَا فِي تَرْكِ الْفِدْيَةِ هَذَا ظَاهِرُهُ.

     وَقَالَ  بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْمُرَادُ نَفْيُ الْإِثْمِ فَقَطْ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِكَفَّارَةٍ وَسَيَأْتِي مَبَاحِثُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَرِجَالُ هَذَا الْإِسْنَادِ كلهم مدنيون ( قَولُهُ بَابُ مَنْ أَجَابَ الْفُتْيَا بِإِشَارَةِ الْيَدِ أَوِ الرَّأْسِ) الْإِشَارَةُ بِالْيَدِ مُسْتَفَادَةٌ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْبَابِ أَوَّلًا وَهُمَا مَرْفُوعَانِ وَبِالرَّأْسِ مُسْتَفَادَةٌ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ فَقَطْ وَهُوَ مِنْ فِعْلِ عَائِشَةَ فَيَكُونُ مَوْقُوفًا لَكِنْ لَهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ لِأَنَّهَا كَانَتْ تُصَلِّي خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ فِي الصَّلَاةِ يَرَى مَنْ خَلْفَهُ فَيَدْخُلُ فِي التَّقْرِيرِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [83] حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَفَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمِنًى لِلنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ.
فَقَالَ: اذْبَحْ وَلاَ حَرَجَ.
فَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ.
قَالَ: ارْمِ وَلاَ حَرَجَ.
فَمَا سُئِلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ شَىْءٍ قُدِّمَ وَلاَ أُخِّرَ إِلاَّ قَالَ: افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ.
[الحديث أطرافه في: 124، 1736، 1737، 1738، 6665] .
وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي أُويس ابن أُخت الإمام مالك ( قال: حدّثني) بالإفراد ( مالك) بن أنس الإمام ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله) بضم العين مصغرًا القرشي التيمي التابعي، المتوفى سنة مائة ( عن عبد الله بن عمرو بن العاصي) بإثبات الياء بعد الصاد على الأفصح: ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقف في حجة الوداع) بفتح الواو اسم من ودع والفتح في حاء حجة هو الرواية ويجوز كسرها أي حال وقوفه ( بمنى) بالصرف وعدمه ( للناس) حال كونهم ( يسألونه) عليه الصلاة والسلام فهو حال من ضمير وقف، ويحتمل أن يكون من الناس أي وقف لهم حال كونهم سائلين منه، ويجوز أن يكون استئنافًا بيانًا لعلة الوقوف ( فجاءه رجل) قال في الفتح: لم أعرف أسمه، وفي رواية الأصيلي فجاء رجل ( فقال) : يا رسول الله ( لم أشعر) بضم العين أي لم أفطن ( فحلقت) رأسي ( قبل أن أذبح) الهدي، ( فقال) رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( اذبح ولا حرج) أي ولا إثم عليك ( فجاء آخر) غيره ( فقال) يا رسول الله ( لم أشعر فنحرت) هدْيي ( قبل أن أرمي) الجمرة ( قال) عليه الصلاة والسلام، وفي رواية أبي ذر فقال: ( ارم) الجمرة ( ولا حرج) عليك في ذلك ( فما سئل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن شيء) من أعمال يوم العيد الرمي والنحر والحلق والطواف ( قدّم ولا أخّر) بضم أولهما على صيغة المجهول، وفي الأوّل حذف أي لا قدّم ولا أخر لأنها لا تكون في الماضي إلا مكررة على الفصيح وحسن ذلك هنا أنه في سياق النفي كما في قوله تعالى: { وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} [الأحقاف: 9] ولمسلم ما سئل عن شيء قدّم أو أخّر ( إلا قال) عليه الصلاة والسلام للسائل: ( افعل) ذلك كما فعلته قبل أو متى شئت ( ولا حرج) عليكمطلقًا لا في الترتيب ولا في ترك الفدية.
وهذا مذهب إمامنا الشافعي وأحمد وعطاء وطاوس ومجاهد.
وقال مالك وأبو حنيفة: الترتيب واجب يجبر بدم لما روى ابن عباس أنه قال: من قدَّم شيئًا في حجه أو أخّره فليهرق لذلك دمًّا، وتأوّلوا الحديث أي لا إثم عليكم فيما فعلتموه من هذا لأنكم فعلتموه على الجهل منكم لا على القصد فأسقط عنهم الحرج وأعذرهم لأجل النسيان وعدم العلم، ويدل له قول السائل لم أشعر، ويؤيده أن في رواية علي عند الطحاوي بإسناد صحيح بلفظ: رميت وحلقت ونسيت أن أنحر، وفي الحديث جواز سؤال العالم راكبًا وماشيًا وواقفًا على كل حال ولا يعارض هذا بما روي عن مالك من كراهة ذكر العلم والسؤال عن الحديث في الطريق، لأن الموقف بمنى لا يعدّ من الطرقات لأنه موقف سُنّة وعبادة وذكر ووقت حاجة إلى التعلم خوف الفوات إما بالزمان أو بالمكان.
24 - باب مَنْ أَجَابَ الْفُتْيَا بِإِشَارَةِ الْيَدِ وَالرَّأْسِ هذا ( باب من أجاب الفتيا) أي في بيان المفتي الذي أجاب المستفتي فيما سأله عنه ( بإشارة اليد والرأس) وسقط لفظ باب للأصيلي.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [83] حدّثنا إِسْماعِيلُ قَالَ: حدّثني مالِكٌ عَن ابنِ شِهابٍ عنْ عِيَسى بن طَلْحَةَ بن عُبَيْدِ اللَّهِ عنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عَمْرِو بنِ العَاص أنّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقَفَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ بِمنى للنَّاس يَسْأَلُونَهُ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: لَمْ أشْعُرْ فَحَلقْتُ قَبْلَ أنْ أذْبَحَ { فَقَالَ: ( ادْبَحْ ولاَ حَرَجَ) فَجَاءَ آخرُ فَقَالَ: لَمْ أشْعُرْ فَنحَرْتُ قَبْلَ أنْ أرْميَ} قَالَ: ( ارْمِ وَلَا حَرجَ) فمَا سُئِلَ النبيُّ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنْ شَيْءٍ قُدِّمَ ولاَ أُخِّرَ إِلَّا قَالَ: ( افْعَلْ ولاَ حَرَجَ) .. مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِي الحَدِيث هُوَ الاستفتاء والإفتاء، والترجمة هِيَ الْفتيا.
بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة.
الأول: إِسْمَاعِيل بن أبي أويس، ابْن اخت مَالك.
الثَّانِي: مَالك بن أنس الإِمَام.
الثَّالِث: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ.
الرَّابِع: عِيسَى بن طَلْحَة ابْن عبيد اللَّه الْقرشِي التَّيْمِيّ تَابِعِيّ، ثِقَة من أفاضل أهل الْمَدِينَة وعقلائهم، أَخُو مُوسَى وَمُحَمّد، مَاتَ سنة مائَة، روى لَهُ الْجَمَاعَة.
الْخَامِس: عبد اللَّه بن عَمْرو بن الْعَاصِ، رَضِي الله عَنْهُمَا.
بَيَان لطائف أسناده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع وَصِيغَة الْإِفْرَاد والعنعنة.
وَمِنْهَا: أَن رُوَاته كلهم مدنيون.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ.
بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ هُنَا عَن إِسْمَاعِيل عَن مَالك، وَفِي الْعلم أَيْضا عَن أبي نعيم عَن عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة، وَفِي الْحَج عَن عبد اللَّه بن يُوسُف عَن مَالك، وَعَن إِسْحَاق عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد عَن أَبِيه عَن صَالح، وَعَن سعيد بن يحيى بن سعيد الْأمَوِي عَن أَبِيه عَن ابْن جريج، وَفِي النذور: وحَدثني عُثْمَان بن الْهَيْثَم عَن ابْن جريج، أربعتهم عَن الزُّهْرِيّ عَنهُ بِهِ.
وَأخرجه مُسلم فِي الْحَج عَن يحيى بن يحيى عَن مَالك بِهِ، وَعَن الْحسن بن عَليّ الْحلْوانِي عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بِهِ، وَعَن سعيد ابْن يحيى عَن أَبِيه، وَعَن عَليّ بن خشرم عَن عِيسَى بن يُونُس، وَعَن عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن بكر، ثَلَاثَتهمْ عَن ابْن جريج بِهِ، وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَعَن حَرْمَلَة بن يحيى عَن ابْن وهب عَن يُونُس، وَعَن ابْن عَمْرو عبد بن حميد كِلَاهُمَا عَن عبد الرازق عَن معمر، وَعَن مُحَمَّد بن عبد اللَّه بن قهزاد عَن عَليّ بن الْحسن عَن ابْن شَقِيق عَن ابْن الْمُبَارك عَن مُحَمَّد بن أبي حَفْصَة، أربعتهم عَن الزُّهْرِيّ بِهِ.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْحَج عَن القعْنبِي عَن مَالك بِهِ، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ أَيْضا عَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي وَابْن أبي عمر كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان بِهِ،.

     وَقَالَ : حسن صَحِيح.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ أَيْضا عَن قُتَيْبَة عَن سُفْيَان بِهِ، وَعَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي عَن غنْدر عَن معمر بِهِ، وَعَن عَمْرو بن عَليّ عَن يحيى بن سعيد عَن مَالك بِهِ، وَعَن أَحْمد بن عَمْرو بن السَّرْح عَن ابْن وهب عَن مَالك وَيُونُس بِهِ، وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ أَيْضا عَن عَليّ بن مُحَمَّد عَن سُفْيَان بِهِ مُخْتَصرا: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ( سُئِلَ عَمَّن ذبح قبل أَن يحلق أَو حلق قبل أَن يذبح؟ قَالَ: لَا حرج) .
وَقَالَ غَيره فَلَو خَالف وَقدم بَعْضهَا على بعض جَازَ، وَلَا إِثْم عَلَيْهِ وَلَا فديَة لهَذَا الحَدِيث، ولعموم وَقَوله: ( وَلَا حرج) ، وَهَذَا مَذْهَب عَطاء وَطَاوُس وَمُجاهد.
وَقَول أَحْمد وَإِسْحَاق، وَالْمَشْهُور من قَول الشَّافِعِي، وحملوا قَوْله تَعَالَى: { وَلَا تحلقوا رؤسكم حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله} ( الْبَقَرَة: 196) على الْمَكَان الَّذِي يَقع فِيهِ النَّحْر.
وَللشَّافِعِيّ قَول ضَعِيف أَنه إِذا قدم الْحلق على الرَّمْي وَالطّواف لزمَه الدَّم، بِنَاء على قَوْله الضَّعِيف عِنْد أَصْحَابه أَن الْحلق لَيْسَ بنسك.
قَالَ النَّوَوِيّ: وَبِهَذَا القَوْل قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك، ويروى عَن سعيد بن جُبَير وَالْحسن وَالنَّخَعِيّ وَقَتَادَة، وَرِوَايَة شَاذَّة عَن ابْن عَبَّاس: أَن من قدم بَعْضهَا على بعض لزمَه الدَّم..
     وَقَالَ  الْمَازرِيّ: لَا فديَة عَلَيْهِ عِنْد مَالك، يَعْنِي: فِي تَقْدِيم بَعْضهَا على بعض إلاَّ الْحلق على الرَّمْي فَعَلَيهِ الْفِدْيَة..
     وَقَالَ  عِيَاض: وَكَذَا إِذا قدم الطّواف للإفاضة على الرَّمْي عِنْده، فَقيل: يُجزئهُ، وَعَلِيهِ الْهَدْي.
وَقيل: لَا يُجزئهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ: إِذا رمى ثمَّ أَفَاضَ قبل أَن يحلق.
وَأَجْمعُوا على أَن من نحر قبل الرَّمْي لَا شَيْء عَلَيْهِ.
وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا فرق بَين الْعَامِد والساهي فِي وجوب الْفِدْيَة وَعدمهَا، وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي الْإِثْم وَعَدَمه عِنْد من منع التَّقْدِيم.
قلت: إِذا حلق قبل أَن يذبح فَعَلَيهِ دم عِنْد أبي حنيفَة، وَإِن كَانَ قَارنا فعلية دمان..
     وَقَالَ  زفر: إِذا حلق قبل أَن ينْحَر عَلَيْهِ ثَلَاثَة دِمَاء: دم للقران، وَدَمَانِ للحلق قبل النَّحْر..
     وَقَالَ  إِبْرَاهِيم: من حلق قبل أَن يذبح أهرق دَمًا..
     وَقَالَ  أَبُو عمر: لَا أعلم خلافًا فِيمَن نحر قبل أَن يَرْمِي أَنه لَا شَيْء عَلَيْهِ.
قَالَ: وَاخْتلفُوا فِيمَن أَفَاضَ قبل أَن يحلق بعد الرَّمْي، فَكَانَ ابْن عمر يَقُول: يرجع فيحلق أَو يقصر، ثمَّ يرجع إِلَى الْبَيْت فيفيض..
     وَقَالَ  عَطاء وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَسَائِر الْفُقَهَاء: يُجزئهُ الْإِفَاضَة ويحلق أَو يقصر، وَلَا شَيْء عَلَيْهِ.
قلت: احْتج الشَّافِعِي وَأحمد وَمن تبعهما فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ بِظَاهِر الحَدِيث الْمَذْكُور، فَإِن معنى قَوْله: ( وَلَا حرج) أَي: لَا شَيْء عَلَيْك مُطلقًا من الْإِثْم، لَا فِي ترك التَّرْتِيب وَلَا فِي ترك الْفِدْيَة، واحتجت الْحَنَفِيَّة فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ بِمَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، أَنه قَالَ: من قدم شَيْئا من حجه أَو اخره فليهرق لذَلِك دَمًا.
وَتَأْويل الحَدِيث الْمَذْكُور: لَا إِثْم عَلَيْكُم فِيمَا فعلتموه من هَذَا، لأنكم فعلتموه على الْجَهْل مِنْكُم، لَا الْقَصْد مِنْكُم خلاف السّنة.
وَكَانَت السّنة خلاف هَذَا، وَأسْقط عَنْهُم الْحَرج، وأعذرهم لأجل النسْيَان وَعدم الْعلم.
وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَول السَّائِل: فَلم أشعر، وَقد جَاءَ ذَلِك مُصَرحًا فِي حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله عَنهُ، أخرجه الطَّحَاوِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح: ( أَن رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، سَأَلَهُ رجل فِي حجَّته فَقَالَ: إِنِّي رميت وأفضت ونسيت فَلم احْلق.
قَالَ: فَاحْلِقْ وَلَا حرج.
ثمَّ جَاءَ رجل آخر فَقَالَ: إِنِّي رميت وحلقت ونسيت أَن أنحر.
فَقَالَ: انْحَرْ وَلَا حرج)
.
فَدلَّ ذَلِك على أَن الْحَرج الَّذِي رَفعه الله عَنْهُم، إِنَّمَا كَانَ لأجل نسيانهم ولجهلهم أَيْضا بِأَمْر الْمَنَاسِك، لَا لغير ذَلِك.
وَذَلِكَ أَن السَّائِلين كَانُوا نَاسا أعراباً لَا علم لَهُم بالمناسك، فأجابهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله: ( لَا حرج) يَعْنِي: فِيمَا فَعلْتُمْ بِالنِّسْيَانِ وبالجهل، لَا أَنه أَبَاحَ لَهُم ذَلِك فِيمَا بعد وَمِمَّا يُؤَيّد هَذَا ويؤكده قَول ابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا، الْمَذْكُور.
وَالْحَال أَنه أحد رُوَاة الحَدِيث الْمَذْكُور، فَلَو لم يكن معنى الحَدِيث عِنْده على مَا ذكرنَا لما قَالَ بِخِلَافِهِ.
وَمن الدَّلِيل على مَا ذكرنَا أَن ذَلِك كَانَ بِسَبَب جهلهم مَا رَوَاهُ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ، أخرجه الطَّحَاوِيّ قَالَ: ( سُئِلَ رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَهُوَ بَين الْجَمْرَتَيْن، عَن رجل حلق قبل أَن يَرْمِي.
قَالَ: لَا حرج.
وَعَن رجل ذبح قبل أَن يَرْمِي، قَالَ: لَا حرج، ثمَّ قَالَ: عباد اللَّه، وضع الله عز وَجل الْحَرج والضيق، وتعلموا مَنَاسِككُم فَإِنَّهَا من دينكُمْ)
.
قَالَ الطَّحَاوِيّ: أَفلا يرى إِلَى أَنه أَمرهم بتَعَلُّم مناسكهم لأَنهم كَانَ لَا يحسنونها، فَدلَّ ذَلِك أَن الْحَرج الَّذِي رَفعه الله عَنْهُم هُوَ لجهلهم بِأَمْر مناسكهم، لَا لغير ذَلِك.
فَإِن قلت: قد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات الصَّحِيحَة: وَلم يَأْمر بكفارة، قلت: يحْتَمل أَنه لم يَأْمر بهَا لأجل نِسْيَان السَّائِل، أَو أَمر بهَا وَذهل عَنهُ الرَّاوِي.
24 - ( بَاب مَنْ أجَاب الفُتْيا باشارَةِ اليَدِ والرَّأسِ) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الْمُفْتِي الَّذِي أجَاب المستفتي فِي فتياه بِإِشَارَة بِيَدِهِ أَو رَأسه.
وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهر.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ الْفُتْيَا)
هُوَ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِنْ.

.

قُلْتُ الْفَتْوَى فَتَحْتُهَا وَالْمَصَادِرُ الْآتِيَةُ بِوَزْنِ فُتْيَا قَلِيلَةٌ مِثْلُ تُقْيَا وَرُجْعَى .

     قَوْلُهُ  وَهُوَ أَيِ الْمُفْتِي وَمُرَادُهُ أَنَّ الْعَالِمَ يُجِيبُ سُؤَالَ الطَّالِبِ وَلَوْ كَانَ رَاكِبًا .

     قَوْلُهُ  عَلَى الدَّابَّةِ الْمُرَادُ بِهَا فِي اللُّغَةِ كُلُّ مَا مَشَى عَلَى الْأَرْضِ وَفِي الْعُرْفِ مَا يُرْكَبُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالتَّرْجَمَةِ وَبَعْضُ أَهْلِ الْعُرْفِ خَصَّهَا بِالْحِمَارِ فَإِنْ قِيلَ لَيْسَ فِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ ذِكْرُ الرُّكُوبِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ أَحَالَ بِهِ عَلَى الطَّرِيقِ الْأُخْرَى الَّتِي أَوْرَدَهَا فِي الْحَجِّ فَقَالَ كَانَ عَلَى نَاقَتِهِ تَرْجَمَ لَهُ بَابُ الْفُتْيَا عَلَى الدَّابَّةِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ فَأَوْرَدَ الْحَدِيثَ من طَرِيق مَالك عَن بن شِهَابٍ فَذَكَرَهُ كَالَّذِي هُنَا ثُمَّ مِنْ طَرِيقِ بن جُرَيْجٍ نَحْوَهُ ثُمَّ مِنْ طَرِيقِ صَالِحِ بْنِ كيسَان عَن بن شِهَابٍ بِلَفْظِ وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَاقَتِهِ قَالَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ.

     وَقَالَ  بَعْدَهُ تَابَعَهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ انْتَهَى وَرِوَايَةُ مَعْمَرٍ وَصَلَهَا أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَفِيهَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى عَلَى نَاقَتِهِ

[ قــ :83 ... غــ :83] .

     قَوْلُهُ  حَدثنَا إِسْمَاعِيل هُوَ بن أَبِي أُوَيْسٍ .

     قَوْلُهُ  حَجَّةُ الْوَدَاعِ هُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا .

     قَوْلُهُ  لِلنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ هُوَ إِمَّا حَالٌ مِنْ فَاعِلِ وَقَفَ أَوْ مِنَ النَّاسِ أَوِ اسْتِئْنَافٌ بَيَانًا لِسَبَبِ الْوُقُوفِ .

     قَوْلُهُ  فَجَاءَ رَجُلٌ لَمْ أَعْرِفِ اسْمَ هَذَا السَّائِلِ وَلَا الَّذِي بَعْدَهُ فِي قَوْلِهِ فَجَاءَ آخَرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الصَّحَابِيَّ لَمْ يُسَمِّ أَحَدًا لِكَثْرَةِ مَنْ سَأَلَ إِذْ ذَاكَ وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي الْحَجِّ .

     قَوْلُهُ  وَلَا حَرَجَ أَيْ لَا شَيْء عَلَيْك مُطْلَقًا مِنَ الْإِثْمِ لَا فِي التَّرْتِيبِ وَلَا فِي تَرْكِ الْفِدْيَةِ هَذَا ظَاهِرُهُ.

     وَقَالَ  بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْمُرَادُ نَفْيُ الْإِثْمِ فَقَطْ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِكَفَّارَةٍ وَسَيَأْتِي مَبَاحِثُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَرِجَالُ هَذَا الْإِسْنَادِ كلهم مدنيون

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب الْفُتْيَا وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا
( باب الفتيا) بضم الفاء ( وهو) أي العالم المفتي المجيب المستفتي عن سؤاله ( واقف) أي راكب ( على الدابّة) التي تركب، وفي بعض الروايات على ظهر الدابة ( وغيرها) سواء كان واقفًا على الأرض أو ماشيًا وعلى كل أحواله، وفي رواية أبوي ذر والوقت أو غيرها.


[ قــ :83 ... غــ : 83 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَفَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمِنًى لِلنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ.
فَقَالَ: اذْبَحْ وَلاَ حَرَجَ.
فَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ.
قَالَ: ارْمِ وَلاَ حَرَجَ.
فَمَا سُئِلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ شَىْءٍ قُدِّمَ وَلاَ أُخِّرَ إِلاَّ قَالَ: افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ.
[الحديث 83 - أطرافه في: 124، 1736، 1737، 1738، 6665] .

وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي أُويس ابن أُخت الإمام مالك ( قال: حدّثني) بالإفراد ( مالك) بن أنس الإمام ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله) بضم العين مصغرًا القرشي التيمي التابعي، المتوفى سنة مائة ( عن عبد الله بن عمرو بن العاصي) بإثبات الياء بعد الصاد على الأفصح:
( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقف في حجة الوداع) بفتح الواو اسم من ودع والفتح في حاء حجة هو
الرواية ويجوز كسرها أي حال وقوفه ( بمنى) بالصرف وعدمه ( للناس) حال كونهم ( يسألونه) عليه الصلاة والسلام فهو حال من ضمير وقف، ويحتمل أن يكون من الناس أي وقف لهم حال كونهم سائلين منه، ويجوز أن يكون استئنافًا بيانًا لعلة الوقوف ( فجاءه رجل) قال في الفتح: لم أعرف أسمه، وفي رواية الأصيلي فجاء رجل ( فقال) : يا رسول الله ( لم أشعر) بضم العين أي لم أفطن ( فحلقت) رأسي ( قبل أن أذبح) الهدي، ( فقال) رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( اذبح ولا حرج) أي ولا إثم عليك ( فجاء آخر) غيره ( فقال) يا رسول الله ( لم أشعر فنحرت) هدْيي ( قبل أن أرمي) الجمرة ( قال) عليه الصلاة والسلام، وفي رواية أبي ذر فقال: ( ارم) الجمرة ( ولا حرج) عليك في ذلك ( فما سئل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن شيء) من أعمال يوم العيد الرمي والنحر والحلق والطواف ( قدّم ولا أخّر) بضم أولهما على صيغة المجهول، وفي الأوّل حذف أي لا قدّم ولا أخر لأنها لا تكون في الماضي إلا مكررة على الفصيح وحسن ذلك هنا أنه في سياق النفي كما في قوله تعالى: { وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ}

[الأحقاف: 9] ولمسلم ما سئل عن شيء قدّم أو أخّر ( إلا قال) عليه الصلاة والسلام للسائل: ( افعل) ذلك كما فعلته قبل أو متى شئت ( ولا حرج) عليك مطلقًا لا في الترتيب ولا في ترك الفدية.
وهذا مذهب إمامنا الشافعي وأحمد وعطاء وطاوس ومجاهد.
وقال مالك وأبو حنيفة: الترتيب واجب يجبر بدم لما روى ابن عباس أنه قال: من قدَّم شيئًا في حجه أو أخّره فليهرق لذلك دمًّا، وتأوّلوا الحديث أي لا إثم عليكم فيما فعلتموه من هذا لأنكم فعلتموه على الجهل منكم لا على القصد فأسقط عنهم الحرج وأعذرهم لأجل النسيان وعدم العلم، ويدل له قول السائل لم أشعر، ويؤيده أن في رواية علي عند الطحاوي بإسناد صحيح بلفظ: رميت وحلقت ونسيت أن أنحر، وفي الحديث جواز سؤال العالم راكبًا وماشيًا وواقفًا على كل حال ولا يعارض هذا بما روي عن مالك من كراهة ذكر العلم والسؤال عن الحديث في الطريق، لأن الموقف بمنى لا يعدّ من الطرقات لأنه موقف سُنّة وعبادة وذكر ووقت حاجة إلى التعلم خوف الفوات إما بالزمان أو بالمكان.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ الفُتْيا وهْوَ واقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ وغَيْرها)

الْكَلَام فِيهِ على أَنْوَاع.
الأول: أَن الْبابُُ مَرْفُوع بِأَنَّهُ خير مُبْتَدأ مَحْذُوف مُضَاف إِلَى مَا بعده، وَفِيه حذف تَقْدِيره: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا يستفتى بِهِ الشَّخْص وَهُوَ وَاقِف، أَي: وَالْحَال أَنه وَاقِف على ظهر الدَّابَّة أَو غَيرهَا.
الثَّانِي: أَن الْفتيا، بِضَم الْفَاء: إسم، وَكَذَلِكَ الْفَتْوَى، وَهُوَ الْجَواب فِي الْحَادِثَة.
يُقَال: استفتيت الْفَقِيه فِي مَسْأَلَة فأفتاني، وتفاتوا إِلَى الْفَقِيه: ارتفعوا إِلَيْهِ فِي الْفتيا، وَفِي ( الْمُحكم) : أفتاه فِي الْأَمر أبانه لَهُ، والفتى والفتيا وَالْفَتْوَى مَا افتى بِهِ الْفَقِيه، الْفَتْح لأهل الْمَدِينَة..
     وَقَالَ  الشَّيْخ، قطب الدّين: الْفتيا اسْم، ثمَّ قَالَ: وَلم يَجِيء من المصادر على: فعلى، غير الْفتيا والرجعي وبقيا ولقيا.
قلت: فِيهِ نظران إحدهما: أَنه قَالَ أَولا: الْفتيا اسْم، ثمَّ قَالَ: مصدر.
الثَّانِي: أَنه قَالَ: لم يجىء من المصادر على فعلى، يَعْنِي بِضَم الْفَاء، غير هَذِه الْأَمْثِلَة الْأَرْبَعَة، وَقد جَاءَ: العذرى بِمَعْنى الْعذر، والعسرى بِمَعْنى الْعسر، واليسرى بِمَعْنى الْيُسْر، والعتبى: بِمَعْنى العتاب، وَالْحُسْنَى بِمَعْنى الْإِحْسَان، والشورى بِمَعْنى المشورة، والرغبى بِمَعْنى الرَّغْبَة، والنهبى بِمَعْنى الانتهاب، وزلفى بِمَعْنى التزلف، وَهُوَ التَّقَرُّب، والبشرى بِمَعْنى الْبشَارَة.
قَوْله: ( على ظهر الدَّابَّة) ، وَفِي بعض النّسخ: على الدَّابَّة، من دب على الأَرْض يدب دبيباً، وكل ماش على الأَرْض دَابَّة ودبيب، وَالدَّابَّة الَّتِي تركب، قَالَه فِي ( الْعبابُ) ..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: الدَّابَّة لُغَة: الْمَاشِيَة على الأَرْض، وَعرفا الْخَيل والبغل وَالْحمار،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَبَعض أهل الْعرف خصها بالحمار.
قلت: لَيْسَ كَمَا قَالَا، وَإِنَّمَا الدَّابَّة فِي الْعرف اسْم لذات الْأَرْبَع من الْحَيَوَان، وَلَكِن مُرَاد البُخَارِيّ مَا قَالَه الصغاني، وَهِي: الدَّابَّة الَّتِي تركب.
وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى جَوَاز سُؤال الْعَالم، وَإِن كَانَ مشتغلاً رَاكِبًا وماشياً وواقفاً وعَلى كل أَحْوَاله، وَلَو كَانَ فِي طَاعَة..
     وَقَالَ  بعض الشَّارِحين: وَلَيْسَ فِي الحَدِيث الَّذِي أخرجه فِي الْبابُُ لفظ الدَّابَّة ليطابق مَا بوب عَلَيْهِ.
وَأجَاب بَعضهم: بِأَنَّهُ أحَال بِهِ على الطَّرِيق الْأُخْرَى الَّتِي أوردهَا فِي الْحَج، فَقَالَ: كَانَ على نَاقَته.
قلت: بعد هَذَا الْجَواب كبعد الثرى من الثريا، وَكَيف يعْقد بابُُ بترجمة، ثمَّ يُحَال مَا يُطَابق ذَلِك على حَدِيث يَأْتِي فِي بابُُ آخر؟ وَيُمكن أَن يُجَاب: بِأَن بَين قَوْله: وَغَيرهَا، أَي: وَغير الدَّابَّة، وَبَين حَدِيث الْبابُُ مُطَابقَة، لِأَن مَا فِيهِ وَهُوَ قَوْله: ( وقف فِي حجَّة الْوَدَاع بمنى للنَّاس) ، أَعم من أَن يكون وُقُوفه على الأَرْض أَو على الدَّابَّة، وَيكون ذكر لفظ الدَّابَّة إِشَارَة إِلَى أَنه فِي حَدِيث الْبابُُ طَرِيق أُخْرَى فِيهَا ذكر الدَّابَّة، وَهِي قَوْله: كَانَ على نَاقَته.
الثَّالِث: وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِي الْبابُُ الأول هُوَ فضل الْعلم، وَالْمَذْكُور فِي هَذَا الْبابُُ هُوَ الْفتيا، وَهُوَ أَيْضا من الْعلم.



[ قــ :83 ... غــ :83 ]
- حدّثنا إِسْماعِيلُ قَالَ: حدّثني مالِكٌ عَن ابنِ شِهابٍ عنْ عِيَسى بن طَلْحَةَ بن عُبَيْدِ اللَّهِ عنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عَمْرِو بنِ العَاص أنّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقَفَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ بِمنى للنَّاس يَسْأَلُونَهُ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: لَمْ أشْعُرْ فَحَلقْتُ قَبْلَ أنْ أذْبَحَ { فَقَالَ: ( ادْبَحْ ولاَ حَرَجَ) فَجَاءَ آخرُ فَقَالَ: لَمْ أشْعُرْ فَنحَرْتُ قَبْلَ أنْ أرْميَ} قَالَ: ( ارْمِ وَلَا حَرجَ) فمَا سُئِلَ النبيُّ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنْ شَيْءٍ قُدِّمَ ولاَ أُخِّرَ إِلَّا قَالَ: ( افْعَلْ ولاَ حَرَجَ) ..
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْمَذْكُور فِي الحَدِيث هُوَ الاستفتاء والإفتاء، والترجمة هِيَ الْفتيا.

بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة.
الأول: إِسْمَاعِيل بن أبي أويس، ابْن اخت مَالك.
الثَّانِي: مَالك بن أنس الإِمَام.
الثَّالِث: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ.
الرَّابِع: عِيسَى بن طَلْحَة ابْن عبيد اللَّه الْقرشِي التَّيْمِيّ تَابِعِيّ، ثِقَة من أفاضل أهل الْمَدِينَة وعقلائهم، أَخُو مُوسَى وَمُحَمّد، مَاتَ سنة مائَة، روى لَهُ الْجَمَاعَة.
الْخَامِس: عبد اللَّه بن عَمْرو بن الْعَاصِ، رَضِي الله عَنْهُمَا.

بَيَان لطائف أسناده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع وَصِيغَة الْإِفْرَاد والعنعنة.
وَمِنْهَا: أَن رُوَاته كلهم مدنيون.
وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ هُنَا عَن إِسْمَاعِيل عَن مَالك، وَفِي الْعلم أَيْضا عَن أبي نعيم عَن عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة، وَفِي الْحَج عَن عبد اللَّه بن يُوسُف عَن مَالك، وَعَن إِسْحَاق عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد عَن أَبِيه عَن صَالح، وَعَن سعيد بن يحيى بن سعيد الْأمَوِي عَن أَبِيه عَن ابْن جريج، وَفِي النذور: وحَدثني عُثْمَان بن الْهَيْثَم عَن ابْن جريج، أربعتهم عَن الزُّهْرِيّ عَنهُ بِهِ.
وَأخرجه مُسلم فِي الْحَج عَن يحيى بن يحيى عَن مَالك بِهِ، وَعَن الْحسن بن عَليّ الْحلْوانِي عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بِهِ، وَعَن سعيد ابْن يحيى عَن أَبِيه، وَعَن عَليّ بن خشرم عَن عِيسَى بن يُونُس، وَعَن عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن بكر، ثَلَاثَتهمْ عَن ابْن جريج بِهِ، وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَزُهَيْر بن حَرْب كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَعَن حَرْمَلَة بن يحيى عَن ابْن وهب عَن يُونُس، وَعَن ابْن عَمْرو عبد بن حميد كِلَاهُمَا عَن عبد الرازق عَن معمر، وَعَن مُحَمَّد بن عبد اللَّه بن قهزاد عَن عَليّ بن الْحسن عَن ابْن شَقِيق عَن ابْن الْمُبَارك عَن مُحَمَّد بن أبي حَفْصَة، أربعتهم عَن الزُّهْرِيّ بِهِ.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْحَج عَن القعْنبِي عَن مَالك بِهِ، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ أَيْضا عَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي وَابْن أبي عمر كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان بِهِ،.

     وَقَالَ : حسن صَحِيح.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ أَيْضا عَن قُتَيْبَة عَن سُفْيَان بِهِ، وَعَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي عَن غنْدر عَن معمر بِهِ، وَعَن عَمْرو بن عَليّ عَن يحيى بن سعيد عَن مَالك بِهِ، وَعَن أَحْمد بن عَمْرو بن السَّرْح عَن ابْن وهب عَن مَالك وَيُونُس بِهِ، وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ أَيْضا عَن عَليّ بن مُحَمَّد عَن سُفْيَان بِهِ مُخْتَصرا: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ( سُئِلَ عَمَّن ذبح قبل أَن يحلق أَو حلق قبل أَن يذبح؟ قَالَ: لَا حرج) .
بَيَان اللُّغَات: قَوْله: ( العَاصِي) : الْجُمْهُور على كِتَابَته بِالْيَاءِ، وَهُوَ الفصيح عِنْد أهل الْعَرَبيَّة، وَيَقَع فِي كثير من الْكتب بحذفها، وَقد قرىء فِي السَّبع نَحوه { كالكبير المتعال} ( الرَّعْد: 9) و: { الداع} ( الْبَقَرَة: 86، وَالْقَمَر: 6 و 8) قَالَ الْكرْمَانِي: وَقيل: أجوف، وَجمعه الأعياض.
قلت: العَاصِي من الْعِصْيَان وَجمعه عصاة، كَالْقَاضِي يجمع على قُضَاة.
والأعياص جمع عيص، بِكَسْر الْعين: وَهُوَ الشّجر الْكثير الملتف..
     وَقَالَ  عمار: الْعيص من السدر والعوسج وَالسّلم من العصاة، كلهَا إِذا اجْتمع وتدانى والتف.
وَفِي ( الْعبابُ) : وَالْجمع عيصان وأعياص، وَفِيه: والأعياص من قُرَيْش أَوْلَاد أُميَّة بن عبد شمس الْأَكْبَر، وهم أَرْبَعَة: الْعَاصِ، وَأَبُو الْعَاصِ، والعيص وَأَبُو الْعيص..
     وَقَالَ  أَبُو عَمْرو: العيصان من معادن بِلَاد الْعَرَب.
قَوْله: ( فِي حجَّة الْوَدَاع) ، بِكَسْر الْحَاء وَفتحهَا، وَالْمَعْرُوف فِي الرِّوَايَة الْفَتْح، قَالَ الْجَوْهَرِي: الْحجَّة، بالكسرة: الْمرة الْوَاحِدَة، وَهُوَ من الشواذ، لِأَن الْقيَاس الْفَتْح.
وَفِي ( الْعبابُ) : الْحَج، بِالْكَسْرِ، الِاسْم.
وَالْحجّة: الْمرة الْوَاحِدَة، وَهَذَا من الشواذ.
قلت: يَعْنِي الْقيَاس فِي الْمرة الْفَتْح، قَالُوا.
المفعل للموضع، والمفعل للآلة.
والفعلة للمرة والفعلة للحالة.
وَالْحجّة أَيْضا: السّنة، وَالْجمع: الْحجَج.
وَذُو الْحجَّة: شهر الْحَج، وَالْجمع: ذَوَات الْحجَّة، كذوات الْقعدَة، وَلم يَقُولُوا: ذووا على واحده.
وَالْحجّة، أَيْضا: شحمة الْأذن، و: الْوَدَاع، بِفَتْح الْوَاو، اسْم التوديع: كالسلام بِمَعْنى التَّسْلِيم..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: جَازَ الْكسر بِأَن يكون من بابُُ المفاعلة، وَتَبعهُ على هَذَا بَعضهم، وَمَا أَظن هَذَا صَحِيحا لِأَنَّهُ بِالْكَسْرِ يتَغَيَّر الْمَعْنى، لِأَن الْمُوَادَعَة مَعْنَاهَا الْمُصَالحَة، وَكَذَا الْوَدَاع بِالْكَسْرِ، وَالْمعْنَى هُوَ التوديع، وَهُوَ عِنْد الرحيل مَعْرُوف، وَهُوَ تخليف الْمُسَافِر النَّاس خافضين وادعين وهم يودعونه إِذا سَافر تفاؤلاً بالدعة الَّتِي يصير إِلَيْهَا إِذا نقل، أَو يتركونه وسفره.
قَوْله: ( بمنى) ؛ هُوَ قَرْيَة بِالْقربِ من مَكَّة تذبح فِيهَا الْهَدَايَا، وترمى فِيهَا الجمرات، وَهُوَ مَقْصُور مُذَكّر مَصْرُوف.
قَوْله: ( لم أشعر) ، بِضَم الْعين، أَي: لم أعلم، أَي: لم افطنه.
يُقَال شعر يشْعر من بابُُ: نصر ينصر، شعرًا وشعرة وشعرى، بِالْكَسْرِ فِيهِنَّ، وشعرة وبالفتح، وشعوراً ومشعوراً ومشعورة.
قَالَ الصغاني: شَعرت بالشَّيْء أعلمت بِهِ، وفطنت لَهُ، وَمِنْه قَوْلهم: لَيْت شعري: مَعْنَاهُ: لَيْتَني أشعر، وَالشعر وَاحِد الْأَشْعَار.
قَوْله: ( وَلَا حرج) أَي: وَلَا إِثْم.
قَوْله: ( فنحرت) ، النَّحْر فِي اللبة مثل الذّبْح فِي الْحلق، وتستعمل بِمَعْنى الذَّبِيح.

بَيَان الْإِعْرَاب: قَوْله: ( وقف) ، جملَة فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهَا خبر: إِن.
قَوْله: ( بمنى) ، فِي مَحل النصب على الْحَال.
قَوْله: ( يسألونه) فِي مَحل النصب على الْحَال من الضَّمِير الَّذِي فِي: وقف، وَيجوز أَن يكون: من النَّاس، أَي: وقف لَهُم حَال كَونهم سائلين عَنهُ، وَيجوز أَن يكون استئنافاً بيانياً لعِلَّة الْوُقُوف.
قَوْله: ( فجَاء رجل) ، عطف على قَوْله: وقف.
قَوْله: ( فحلقت) الْفَاء فِيهِ سَبَبِيَّة، وَكَذَلِكَ الْفَاء فِي: فنحرت، كَأَنَّهُ جعل الْحلق والنحر كلا مِنْهُمَا مسبباً عَن عدم شعوره، كَأَنَّهُ يعْتَذر لتَقْصِيره.
قَوْله: ( قبل أَن أذبح) أَن: فِيهِ مَصْدَرِيَّة، أَي: قبل الذّبْح.
قَوْله: ( وَلَا حرج) ، كلمة: لَا، للنَّفْي.
وَقَوله: ( حرج) اسْمه، مَبْنِيّ على الْفَتْح، وَخَبره مَحْذُوف وَالتَّقْدِير: لَا حرج عَلَيْك قَوْله: ( فجَاء آخر) أَي: رجل آخر.
قَوْله: ( أَن ارمي) أَن: فِيهِ أَيْضا مَصْدَرِيَّة، أَي: قبل الرَّمْي.
قَوْله: ( فَمَا سُئِلَ) على صِيغَة الْمَجْهُول، و: النَّبِي، مفعول نَاب عَن الْفَاعِل، و: عَن شَيْء، يتَعَلَّق بالسؤال.
قَوْله: ( قدم) على صِيغَة الْمَجْهُول، جملَة فِي مَحل الْجَرّ لِأَنَّهَا صفة: لشَيْء.
قَوْله: ( وَلَا أُخر) أَيْضا على صِيغَة الْمَجْهُول، عطف على: قدم، وَالتَّقْدِير: لَا قدم وَلَا أخر، لِأَن الْكَلَام الفصيح قل مَا يَقع: لَا، الدَّاخِلَة على الْمَاضِي فِيهِ إلاَّ مكررة، وَحسن ذَلِك هُنَا لِأَنَّهُ وَقع فِي سِيَاق النَّفْي، وَنَظِيره قَوْله تَعَالَى: { وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم} ( الْأَحْقَاف: 9) وَفِي رِوَايَة مُسلم: ( مَا سُئِلَ عَن شَيْء قدم أَو أخر إلاَّ قَالَ: إفعل وَلَا حرج) .

بَيَان الْمعَانِي: فِيهِ: حذف المفاعيل من قَوْله: ( فحلقت) و ( أَن أذبح) و ( أذبح) و ( فنحرت) و ( أَن ارمي) و ( ارْمِ) للْعلم بهَا بِقَرِينَة الْمقَام.
قَوْله: ( عَن شَيْء) أَي، مِمَّا هُوَ من الْأَعْمَال يَوْم الْعِيد، وَهِي: الرَّمْي والنحر وَالْحلق وَالطّواف.
قَوْله: ( افْعَل وَلَا حرج) قَالَ القَاضِي: قيل: هَذَا إِبَاحَة لما فعل وَقدم، وإجازة لَهُ لَا أَمر بالعيادة، كَأَنَّهُ قَالَ: إفعل ذَلِك كَمَا فعلته قبل، أَو مَتى شِئْت وَلَا حرج عَلَيْك، لِأَن السُّؤَال إِنَّمَا كَانَ عَمَّا انْقَضى وَتمّ.

بَيَان استنباط الْأَحْكَام: الأول: فِيهِ جَوَاز سُؤال الْعَالم رَاكِبًا وماشياً وواقفاً.
الثَّانِي: فِيهِ جَوَاز الْجُلُوس على الدَّابَّة للضَّرُورَة بل للْحَاجة، كَمَا كَانَ جُلُوسه، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، عَلَيْهَا ليشرف على النَّاس، وَلَا يخفى عَلَيْهِم كَلَامه لَهُم.
الثَّالِث: فِي تَرْتِيب الْأَعْمَال الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث، هَل هُوَ سنة وَلَا شَيْء فِي تَركه، أَو وَاجِب يتَعَلَّق الدَّم بِتَرْكِهِ؟ فَإلَى الأول ذهب الشَّافِعِي وَأحمد، وَإِلَى الثَّانِي ذهب أَبُو حنيفَة وَمَالك..
     وَقَالَ  عِيَاض: أجمع الْعلمَاء على أَن سنة الْحَاج أَن يَرْمِي جَمْرَة الْعقبَة يَوْم النَّحْر، ثمَّ يطوف وَقَالَ غَيره فَلَو خَالف وَقدم بَعْضهَا على بعض جَازَ، وَلَا إِثْم عَلَيْهِ وَلَا فديَة لهَذَا الحَدِيث، ولعموم وَقَوله: ( وَلَا حرج) ، وَهَذَا مَذْهَب عَطاء وَطَاوُس وَمُجاهد.
وَقَول أَحْمد وَإِسْحَاق، وَالْمَشْهُور من قَول الشَّافِعِي، وحملوا قَوْله تَعَالَى: { وَلَا تحلقوا رؤسكم حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله} ( الْبَقَرَة: 196) على الْمَكَان الَّذِي يَقع فِيهِ النَّحْر.
وَللشَّافِعِيّ قَول ضَعِيف أَنه إِذا قدم الْحلق على الرَّمْي وَالطّواف لزمَه الدَّم، بِنَاء على قَوْله الضَّعِيف عِنْد أَصْحَابه أَن الْحلق لَيْسَ بنسك.
قَالَ النَّوَوِيّ: وَبِهَذَا القَوْل قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك، ويروى عَن سعيد بن جُبَير وَالْحسن وَالنَّخَعِيّ وَقَتَادَة، وَرِوَايَة شَاذَّة عَن ابْن عَبَّاس: أَن من قدم بَعْضهَا على بعض لزمَه الدَّم..
     وَقَالَ  الْمَازرِيّ: لَا فديَة عَلَيْهِ عِنْد مَالك، يَعْنِي: فِي تَقْدِيم بَعْضهَا على بعض إلاَّ الْحلق على الرَّمْي فَعَلَيهِ الْفِدْيَة..
     وَقَالَ  عِيَاض: وَكَذَا إِذا قدم الطّواف للإفاضة على الرَّمْي عِنْده، فَقيل: يُجزئهُ، وَعَلِيهِ الْهَدْي.
وَقيل: لَا يُجزئهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ: إِذا رمى ثمَّ أَفَاضَ قبل أَن يحلق.
وَأَجْمعُوا على أَن من نحر قبل الرَّمْي لَا شَيْء عَلَيْهِ.
وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا فرق بَين الْعَامِد والساهي فِي وجوب الْفِدْيَة وَعدمهَا، وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي الْإِثْم وَعَدَمه عِنْد من منع التَّقْدِيم.
قلت: إِذا حلق قبل أَن يذبح فَعَلَيهِ دم عِنْد أبي حنيفَة، وَإِن كَانَ قَارنا فعلية دمان..
     وَقَالَ  زفر: إِذا حلق قبل أَن ينْحَر عَلَيْهِ ثَلَاثَة دِمَاء: دم للقران، وَدَمَانِ للحلق قبل النَّحْر..
     وَقَالَ  إِبْرَاهِيم: من حلق قبل أَن يذبح أهرق دَمًا..
     وَقَالَ  أَبُو عمر: لَا أعلم خلافًا فِيمَن نحر قبل أَن يَرْمِي أَنه لَا شَيْء عَلَيْهِ.
قَالَ: وَاخْتلفُوا فِيمَن أَفَاضَ قبل أَن يحلق بعد الرَّمْي، فَكَانَ ابْن عمر يَقُول: يرجع فيحلق أَو يقصر، ثمَّ يرجع إِلَى الْبَيْت فيفيض..
     وَقَالَ  عَطاء وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَسَائِر الْفُقَهَاء: يُجزئهُ الْإِفَاضَة ويحلق أَو يقصر، وَلَا شَيْء عَلَيْهِ.
قلت: احْتج الشَّافِعِي وَأحمد وَمن تبعهما فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ بِظَاهِر الحَدِيث الْمَذْكُور، فَإِن معنى قَوْله: ( وَلَا حرج) أَي: لَا شَيْء عَلَيْك مُطلقًا من الْإِثْم، لَا فِي ترك التَّرْتِيب وَلَا فِي ترك الْفِدْيَة، واحتجت الْحَنَفِيَّة فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ بِمَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، أَنه قَالَ: من قدم شَيْئا من حجه أَو اخره فليهرق لذَلِك دَمًا.
وَتَأْويل الحَدِيث الْمَذْكُور: لَا إِثْم عَلَيْكُم فِيمَا فعلتموه من هَذَا، لأنكم فعلتموه على الْجَهْل مِنْكُم، لَا الْقَصْد مِنْكُم خلاف السّنة.
وَكَانَت السّنة خلاف هَذَا، وَأسْقط عَنْهُم الْحَرج، وأعذرهم لأجل النسْيَان وَعدم الْعلم.
وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَول السَّائِل: فَلم أشعر، وَقد جَاءَ ذَلِك مُصَرحًا فِي حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله عَنهُ، أخرجه الطَّحَاوِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح: ( أَن رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، سَأَلَهُ رجل فِي حجَّته فَقَالَ: إِنِّي رميت وأفضت ونسيت فَلم احْلق.
قَالَ: فَاحْلِقْ وَلَا حرج.
ثمَّ جَاءَ رجل آخر فَقَالَ: إِنِّي رميت وحلقت ونسيت أَن أنحر.
فَقَالَ: انْحَرْ وَلَا حرج)
.
فَدلَّ ذَلِك على أَن الْحَرج الَّذِي رَفعه الله عَنْهُم، إِنَّمَا كَانَ لأجل نسيانهم ولجهلهم أَيْضا بِأَمْر الْمَنَاسِك، لَا لغير ذَلِك.
وَذَلِكَ أَن السَّائِلين كَانُوا نَاسا أعراباً لَا علم لَهُم بالمناسك، فأجابهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله: ( لَا حرج) يَعْنِي: فِيمَا فَعلْتُمْ بِالنِّسْيَانِ وبالجهل، لَا أَنه أَبَاحَ لَهُم ذَلِك فِيمَا بعد وَمِمَّا يُؤَيّد هَذَا ويؤكده قَول ابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا، الْمَذْكُور.
وَالْحَال أَنه أحد رُوَاة الحَدِيث الْمَذْكُور، فَلَو لم يكن معنى الحَدِيث عِنْده على مَا ذكرنَا لما قَالَ بِخِلَافِهِ.
وَمن الدَّلِيل على مَا ذكرنَا أَن ذَلِك كَانَ بِسَبَب جهلهم مَا رَوَاهُ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ، أخرجه الطَّحَاوِيّ قَالَ: ( سُئِلَ رَسُول الله، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَهُوَ بَين الْجَمْرَتَيْن، عَن رجل حلق قبل أَن يَرْمِي.
قَالَ: لَا حرج.
وَعَن رجل ذبح قبل أَن يَرْمِي، قَالَ: لَا حرج، ثمَّ قَالَ: عباد اللَّه، وضع الله عز وَجل الْحَرج والضيق، وتعلموا مَنَاسِككُم فَإِنَّهَا من دينكُمْ)
.
قَالَ الطَّحَاوِيّ: أَفلا يرى إِلَى أَنه أَمرهم بتَعَلُّم مناسكهم لأَنهم كَانَ لَا يحسنونها، فَدلَّ ذَلِك أَن الْحَرج الَّذِي رَفعه الله عَنْهُم هُوَ لجهلهم بِأَمْر مناسكهم، لَا لغير ذَلِك.
فَإِن قلت: قد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات الصَّحِيحَة: وَلم يَأْمر بكفارة، قلت: يحْتَمل أَنه لم يَأْمر بهَا لأجل نِسْيَان السَّائِل، أَو أَمر بهَا وَذهل عَنهُ الرَّاوِي.