823 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلْيَدْرَأْهُ مَا اسْتَطَاعَ ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ |
823 حدثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه وليدرأه ما استطاع ، فإن أبى فليقاتله ، فإنما هو شيطان |
شرح الحديث من شرح النووى على مسلم
باب مَنْعِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي
[ سـ :823 ... بـ :505]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلْيَدْرَأْهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ
قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَلْيَدْرَأْ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ ؛ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ ) مَعْنَى ( يَدْرَأْ ) يَدْفَعْ ، وَهَذَا الْأَمْرُ بِالدَّفْعِ أَمْرُ نَدْبٍ ، وَهُوَ نَدْبٌ مُتَأَكِّدٌ ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْعُلَمَاءِ أَوْجَبَهُ ، بَلْ صَرَّحَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ بِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ غَيْرُ وَاجِبٍ .
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مُقَاتَلَتُهُ بِالسِّلَاحِ ، وَلَا مَا يُؤَدِّي إِلَى هَلَاكِهِ ، فَإِنْ دَفَعَهُ بِمَا يَحُوزُ فَهَلَكَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ ، وَهَلْ يَجِبُ دِيَتُهُ أَمْ يَكُونُ هَدَرًا؟ فِيهِ مَذْهَبَانِ لِلْعُلَمَاءِ ، وَهُمَا قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - .
قَالَ : وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ هَذَا كُلُّهُ لِمَنْ لَمْ يُفَرِّطْ فِي صَلَاتِهِ ، بَلِ احْتَاطَ وَصَلَّى إِلَى سُتْرَةٍ أَوْ فِي مَكَانٍ يَأْمَنُ الْمُرُورَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ ، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَلْيَدْفَعْ فِي نَحْرِهِ ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ قَالَ : وَكَذَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْمَشْيُ إِلَيْهِ مِنْ مَوْضِعِهِ لِيَرُدَّهُ ، وَإِنَّمَا يَدْفَعُهُ وَيَرُدُّهُ مِنْ مَوْقِفِهِ ، لِأَنَّ مَفْسَدَةَ الْمَشْيِ فِي صَلَاتِهِ أَعْظَمُ مِنْ مُرُورِهِ مِنْ بَعِيدٍ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُ قَدْرَ مَا تَنَالُهُ يَدُهُ مِنْ مَوْقِفِهِ ، وَلِهَذَا أُمِرَ بِالْقُرْبِ مِنْ سُتْرَتِهِ ، وَإِنَّمَا يَرُدُّهُ إِذَا كَانَ بَعِيدًا مِنْهُ بِالْإِشَارَةِ وَالتَّسْبِيحِ .
قَالَ : وَكَذَلِكَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا مَرَّ لَا يَرُدُّهُ لِئَلَّا يَصِيرَ مُرُورًا ثَانِيًا إِلَّا شَيْئًا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ يَرُدُّهُ وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ .
هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ، وَهُوَ كَلَامٌ نَفِيسٌ وَالَّذِي قَالَهُ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ يَرُدُّهُ إِذَا أَرَادَ الْمُرُورَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ بِأَسْهَلِ الْوُجُوهِ ، فَإِنْ أَبَى فَبِأَشَدِّهَا ، وَإِنْ أَدَّى إِلَى قَتْلِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالصَّائِلِ عَلَيْهِ لِأَخْذِ نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ ، وَقَدْ أَبَاحَ لَهُ الشَّرْعُ مُقَاتَلَتَهُ ، وَالْمُقَاتَلَةُ الْمُبَاحَةُ لَا ضَمَانَ فِيهَا .
قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ ) قَالَ الْقَاضِي : قِيلَ : مَعْنَاهُ إِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى مُرُورِهِ وَامْتِنَاعِهِ مِنَ الرُّجُوعِ الشَّيْطَانُ ، وَقِيلَ : مَعْنَاهُ يَفْعَلُ فِعْلَ الشَّيْطَانِ ؛ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ بَعِيدٌ مِنَ الْخَيْرِ وَقَبُولِ السُّنَّةِ ، وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِالشَّيْطَانِ الْقَرِينُ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ ( فَإِنَّ مَعَهُ الْقَرِينُ ) .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .